الصفحة 254

الباب الثاني والخمسون:

سورة الرحمن

{يَخْرُجُ مِنْهَا اللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجَانُ}(1)

1180/1 ـ عبد الله بن جعفر الحميري، باسناده عن أبي البختري، عن جعفر بن محمّد، عن أبيه، عن علي (عليه السلام) قال: {يَخْرُجُ مِنْهَا اللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجَانُ} قال: من ماء السماء ومن ماء البحر، فإذا اُمطرت فتحت الأصداف أفواهها في البحر، فيقع فيها من ماء المطر، فتخلق اللؤلؤة الصغيرة من القطرة الصغيرة، واللؤلؤة الكبيرة من القطرة الكبيرة(2).

{وَلَهُ الْجِوَارِ الْمُنْشِئَاتُ فِي الْبَحْرِ كَالاَْعْلاَمِ}(3)

1181/2 ـ الصدوق، باسناده، عن عليّ (عليه السلام) في قول الله تعالى: {وَلَهُ الْجِوَارِ الْمُنْشِئَاتُ فِي الْبَحْرِ كَالاَْعْلاَمِ} قال: السُفن(4).

____________

1 ـ الرحمن: 22.

2- تفسير البرهان 4: 266; تفسير نور الثقلين 5: 191.

3 ـ الرحمن: 24.

4- عيون أخبار الرضا (عليه السلام) 2: 66; تفسير البرهان 4: 266; البحار 93: 142.


الصفحة 255
1182/3 ـ عن عمير بن سعيد، قال: كنّا مع عليّ بن أبي طالب [ (عليه السلام) ] على شاطئ الفرات، إذ مرّت سفن تجري، فقال علي: {وَلَهُ الْجِوَارِ الْمُنْشِئَاتُ فِي الْبَحْرِ كَالاَْعْلاَمِ}(1).

{كُلَّ يَوْم هُوَ فِي شَأْن}(2)

1183/4 ـ محمّد بن الحسن، قال: أخبرنا جماعة، عن أبي المفضّل، قال: حدّثنا الفضل بن محمّد بن المسيّب أبو محمّد الشعراني البيهقي بجرجان، قال: حدّثنا هارون ابن عمرو بن عبد العزيز بن محمّد أبو موسى المجاشعي، قال: حدّثني محمّد بن جعفر ابن محمّد (عليه السلام) قال: حدّثنا أبي أبو عبد الله (عليه السلام) ، قال المجاشعي: وحدّثنا الرضا عليّ بن موسى (عليه السلام) ، عن أبيه موسى، عن أبيه أبي عبد الله جعفر بن محمّد، عن آبائه، عن علي (عليه السلام) قال: إنّ النبي (صلى الله عليه وآله) قال: قال الله تعالى: {كُلَّ يَوْم هُوَ فِي شَأْن} فإنّ من شأنه أن يغفر ذنباً، ويفرِّج كرباً، ويرفع قوماً ويضع آخرين(3).

{وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَان}(4)

1184/5 ـ عن أمير المؤمنين (عليه السلام) في قول الله عزّ وجلّ: {وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَان} قال: من علم أنّ الله يراه ويسمع ما يقوله ويفعله من خير أو شر فيحجزه عن ذلك القبيح من الأعمال، فذلك الذي خاف مقام ربّه ونهى النفس عن الهوى(5).

1185/6 ـ ابن طاووس (قدس سره)، نقلا عن تفسير محمّد بن العباس بن مروان، بإسناده

____________

1- كنز العمال 2: 517 ح4639; تفسير السيوطي 6: 143.

2 ـ الرحمن: 29.

3- أمالي الطوسي، المجلس 18: 251 ح1151; تفسير البرهان 4: 267.

4 ـ الرحمن: 46.

5- مستدرك الوسائل 2: 11 ح13012.


الصفحة 256
إلى جعفر بن محمّد، عن آبائه، عن أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب (عليه السلام) ، عن النبي (صلى الله عليه وآله) حديث طويل، وفيه يقول (صلى الله عليه وآله) مخاطباً للمقداد بعد أن ذكر شيعة علي (عليه السلام) وكرامتهم عند الله: فلا يزالوا يا مقداد ومحبّي عليّ بن أبي طالب في العطايا والمواهب، حتّى أنّ المقصّر من شيعته ليتمنّى في اُمنيته مثل جميع الدنيا منذ خلقها الله إلى يوم القيامة، قال لهم ربّهم تبارك وتعالى: لقد قصرتم في أمانيكم ورضيتم بدون ما يحق لكم، فانظروا إلى مواهب ربكم، فإذا بقباب وقصور في أعلى عليّين من الياقوت الأحمر والأخضر والأبيض والأصفر يزهو نورها، فلولا أنّه مسخّر إذا لتمعت الأبصار منها، فما كان من تلك القصور من الياقوت الأحمر مفروش بالسندس الأخضر، وما كان منها من الياقوت الأبيض فهو مفروش بالرباط الصفر مبثوبة بالزبرجد الأخضر والفضة البيضاء والذهب الأحمر، قواعدها وأركانها من الجوهر، ينور من أبوابها وأعراضها، نور شعاع الشمس عنده مثل الكوكب الدرّي في النهار المضيء، وإذا على باب كلّ قصر من تلك القصور {جَنَّتَانِ}، {مُدْهَامَّتَانِ}(1)، {فِيهِمَا عَيْنَانِ نَضَّاخَتَانِ}(2)، و {فِيهِمَا مِنْ كُلِّ فَاكِهَة زَوْجَانِ}(3)(4).

____________

1 ـ الرحمن: 64.

2 ـ الرحمن: 66.

3 ـ الرحمن: 52.

4 ـ سعد السعود: 110; تفسير نور الثقلين 5: 197.


الصفحة 257

الباب الثالث والخمسون:

سورة الواقعة

{يَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدَانٌ مُخَلَّدُونَ}(1)

1186/1 ـ عن أمير المؤمنين (عليه السلام) أنه قال: الولدان أولاد أهل الدنيا، لم يكن لهم حسنات يُثابون عليها، ولا سيّئات فيعاقبون عليها، فاُنزلوا هذه المنزلة(2).

{وَطَلْح مَنْضُود}(3)

1187/2 ـ عن علي [ (عليه السلام) ] أنّه قرأ عنده رجل {وَطَلْح مَنْضُود} فقال (عليه السلام) : ما شأن الطلح إنّما هو وطلع، كقوله: {وَنَخْل طَلْعُهَا هَضِيمٌ} فقيل له: ألا تغيّره؟ فقال: إنّ القرآن لا يهاج اليوم ولا يحرّك، رواه عنه ابنه الحسن (عليه السلام) وقيس بن سعد(4).

1188/3 ـ أخرج عبد الرزاق، والفريابي، وهنّاد، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن مردويه، عن عليّ بن أبي طالب (رضي الله عنه) في قوله: {وَطَلْح مَنْضُود} قال: هو

____________

1 ـ الواقعة: 17; الانسان: 19.

2- تأويل الآيات الظاهرة: 720; البحار 5: 291.

3 ـ الواقعة: 29.

4- كنز العمال 2: 519 ح4648; إحياء الإحياء 2: 262; تفسير السيوطي 6: 157.


الصفحة 258
الموز(1).

1189/4 ـ أخرج ابن جرير، وابن الأنباري في المصاحف، عن قيس بن عبّاد، قال: قرأت على عليّ {وَطَلْح مَنْضُود} فقال علي:

ما بال الطلح، أما تقرأ وطلع، ثمّ قال: وطلع نضيد، فقيل له: يا أمير المؤمنين: أنحكّها من المصاحف؟ فقال: لا يهاج القرآن اليوم(2).

{أَفَرَأَيْتُمْ مَا تُمْـنُونَ * ءَأَنْتُمْ تَخْلُقُونَهُ أَمْ نَحْنُ الْخَالِقُونَ}(3)

1190/5 ـ الحاكم النيسابوري، حدّثنا الاُستاذ الإمام أبو الوليد، ثنا أبو عبد الله البوشنجي، ثنا أحمد بن حنبل، ثنا عبد الرزاق، أنبأ معمّر، عن شدّاد بن جابان الصنعاني، عن حجر بن قيس المدري، قال: بتُّ عند أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب (رضي الله عنه) فسمعته وهو يصلّي من الليل يقرأ فمرّ بهذه الآية {أَفَرَأَيْتُمْ مَا تُمْـنُونَ * ءَأَنْتُمْ تَخْلُقُونَهُ أَمْ نَحْنُ الْخَالِقُونَ}قال: بل أنت يا ربّ ثلاثاً، ثمّ قرأ {أَفَرَأَيْتُمْ مَا تَحْرُثُونَ * ءَأَنْتُمْ تَزْرَعُونَهُ أَمْ نَحْنُ الزَّارِعُونَ}(4) قال: بل أنت يا ربّ بل أنت يا رب بل أنت يا رب، ثمّ قرأ {أَفَرَأَيْتُمُ الْمَاءَ الَّذِي تَشْرَبُونَ * ءَأَنْتُمْ أَنْزَلْـتُمُوهُ مِنَ الْمُزْنِ أَمْ نَحْنُ الْمُنْزِلُونَ}(5)قال: بل أنت يا ربّ ثلاثاً، ثمّ قرأ {أَفَرَأَيْتُمُ النَّارَ الَّتِي تُورُونَ * أَأَنْتُمْ أَنْشَأْتُمْ شَجَرَتَهَا أَمْ نَحْنُ الْمُنْشِئُونَ}(6) قال: بل أنت يا ربّ ثلاثاً(7).

____________

1 و 2- تفسير السيوطي 6: 157.

3 ـ الواقعة: 58-59.

4 ـ الواقعة: 63-64.

5 ـ الواقعة: 68-69.

6 ـ الواقعة: 71-72.

7- مستدرك الحاكم 2: 477; سنن البيهقي 2: 311; تفسير السيوطي 6: 160.


الصفحة 259

{وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ}(1)

1191/6 ـ عليّ بن إبراهيم، حدّثنا محمّد بن أحمد بن ثابت، قال: حدّثنا الحسن ابن محمّد بن سماعة، وأحمد بن الحسن القزاز، جميعاً، عن صالح بن خالد، عن ثابت ابن شريح، قال: حدّثني أبان بن تغلب، عن عبد الأعلى الثعلبي، ولا أراني قد سمعته إلاّ من عبد الأعلى، قال: حدّثني أبو عبد الرحمن السلمي، أنّ علياً (عليه السلام) قرأ بهم الواقعة وتجعلون شكركم أنّكم تكذّبون، فلمّا انصرف قال:

إنّي قد عرفت أنّه سيقول قائل لِمَ قرأ هكذا، قرأتها لأنّي قد سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقرأها كذلك، وكانوا إذا اُمطروا قالوا: مطرنا بنَوءِ كذا وكذا، فأنزل الله عليهم وتجعلون شكركم أنّكم تكذّبون(2).

1192/7 ـ عن علي [ (عليه السلام) ] قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم): {وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ} شكركم {أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ} تقولون: مطرنا بنوء كذا وكذا(3).

1193/8 ـ عن أبي عبد الرحمن السلمي، قال: قرأ علي [ (عليه السلام) ] الواقعة في الفجر، فقرأ "وتجعلون شكركم أنّكم تكذّبون" فلما انصرف قال: إنّي قد عرفت أنّه سيقول قائل لم قرأ كذا، إنّي سمعت رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يقرؤها كذلك، كانوا إذا مُطِروا قالوا: مطرنا بنوء كذا وكذا، فأنزل الله "وتجعلون شكركم أنّكم" إذا مُطرتم "تكذّبون"(4).

1194/9 ـ أحمد بن حنبل، حدّثنا أبو سعيد إسرائيل، حدّثنا عبد الأعلى، عن أبي عبد الرحمن السلمي، عن علي(رضي الله عنه)، عن النبي (صلى الله عليه وسلم) قال: {وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ} قال: شكركم مُطرنا بنوء كذا وكذا، وبنجم كذا وكذا(5).

____________

1 ـ الواقعة: 82.

2- تفسير القمي 2: 349; تفسير البرهان 4: 283; تفسير السيوطي 6: 163; تفسير نور الثقلين 5: 227.

3- كنز العمال 2: 518 ح4642.

4- كنز العمال 2: 518 ح4643.

5- مسند أحمد 2: 77.


الصفحة 260

الباب الرابع والخمسون:

سورة المجادلة

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَاجَيْتُمُ الرَّسُولَ فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَةً}(1)

1195/1 ـ عليّ بن إبراهيم، قال: حدّثنا عبد الرحمن بن محمّد الحسيني، قال: حدّثنا الحسين بن سعيد، قال: حدّثنا محمّد بن مروان، قال: حدّثنا عبيد بن حبش، قال: حدّثنا صباح، عن ليث بن أبي سليم، عن مجاهد، قال علي (عليه السلام) : إنّ في كتاب الله لآية ما عمل بها أحد قبلي ولا أحد يعمل بها بعدي، آية النجوى، كان لي دينار فبعته بعشرة دراهم، فجعلت اُقدّم بين يدي كلّ نجوى اُناجيها النبي (صلى الله عليه وآله) درهماً، قال: فنسختها {ءَأَشْفَقْتُمْ أَنْ تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَات ـ إلى قوله ـ وَاللهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ}(2)(3).

1196/2 ـ حدّثنا عليّ بن محمّد، قال: حدّثني الحبري، قال: حدّثنا مالك بن

____________

1- المجادلة: 12.

2- المجادلة: 13.

3- تفسير البرهان 4: 309; البحار 35: 379; كنز العمال 2: 521 ح4651; تفسير الرازي 29: 271; تفسير السيوطي 6: 185; تفسير القمي 2: 357.


الصفحة 261
إسماعيل، عن عبد السلام، عن ليث، عن مجاهد، قال: قال علي (عليه السلام) : آية من القرآن لم يعمل بها أحد قبلي، ولا يعمل بها أحد بعدي، اُنزلت آية النجوى، فكان عندي دينار فبعته بعشرة دراهم، فكنت إذا أردت أن اُناجي النبي (صلى الله عليه وآله) تصدّقت بدرهم حتّى فُنيت، ثمّ نَسَختْها الآية التي بعدها {فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا فَإِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ}(1)(2).

1197/3 ـ محمّد بن العباس، قال: حدّثنا عليّ بن عباس، عن محمّد بن مروان، عن إبراهيم بن الحكم بن ظهير، عن أبيه، عن السّدي، عن عبد خير، عن علي (عليه السلام) قال: كنت أوّل من ناجى رسول الله (صلى الله عليه وآله) كان عندي دينار فصرّفته بعشرة دراهم، وكلّمت رسول الله (صلى الله عليه وآله) عشر مرّات كلّما أردت أن اُناجيه تصدّقت بدرهم، فشقّ ذلك على أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وآله) ، فقال المنافقون: ما باله ما يبخس لابن عمّه، حتّى نسخها الله عزّ وجلّ فقال: {ءَأَشْفَقْتُمْ أَنْ تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَات}(3) إلى آخر الآية، ثمّ قال (عليه السلام) : فكنت أوّل من عمل بهذه الآية، وآخر من عمل بها، فلم يعمل بها أحد قبلي ولا بعدي(4).

1198/4 ـ ابن بابويه، قال: حدّثنا أحمد بن الحسن القطّان، ومحمّد بن أحمد السناني، وعليّ بن أحمد السناني، وعليّ بن أحمد بن موسى الدّقاق، والحسين بن إبراهيم بن أحمد بن هشام المكتب، وعلي بن عبد الله الورّاق ـ رضي الله عنهم ـ، قالوا: حدّثنا أبو العباس أحمد بن يحيى بن زكريّا القطّان، قال: حدّثنا بكر بن حبيب، قال: حدّثنا تميم بن بهلول، قال: حدّثنا سليمان بن حكيم، عن عمرو بن يزيد، عن مكحول، قال: قال أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب (عليه السلام) : لقد علم

____________

1 ـ المجادلة: 12.

2- تفسير الحبري: 320; شواهد التنزيل لقواعد التفضيل 2: 313 ح952.

3 ـ المجادلة: 13.

4- تأويل الآيات الظاهرة: 648; تفسير البرهان 4: 309; البحار 35: 380.


الصفحة 262
المستحفظون من أصحاب النبي (صلى الله عليه وآله) أنّه ليس فيهم رجل له منقبة إلاّ وقد شركته فيها وفضلته، ولي سبعون منقبة لم يشركني فيها أحد منهم، قلت: يا أمير المؤمنين فأخبرني بهنّ؟ فقال: إنّ أوّل منقبة ـ وذكر السبعين، وقال في ذلك: ـ وأمّا الرابعة والعشرون فإنّ الله عزّ وجلّ أنزل على رسوله {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَاجَيْتُمُ الرَّسُولَ فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَةً}(1) فكان لي دينار فبعته بعشرة دراهم، فكنت إذا ناجيت رسول الله (صلى الله عليه وآله) أتصدّق قبل ذلك بدرهم، ووالله ما فعل هذا أحد غيري من أصحابه قبلي ولا بعدي، فأنزل الله عزّ وجلّ {ءَأَشْفَقْتُمْ أَنْ تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَات فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا وَتَابَ اللهُ عَلَيْكُمْ}(2) الآية، فهل تكون التوبة إلاّ من ذنب كان(3).

1199/5 ـ شرف الدين النجفي، قال: ونقلت من مؤلَّف شيخنا أبي جعفر الطوسي، أنّه في جامع الترمذي وتفسير الثعلبي، بإسناده عن علقمة الأنماري، يرفعه إلى أمير المؤمنين صلوات الله عليه، قال: بي خفّف الله على هذه الاُمّة; لأنّ الله امتحن الصحابة بهذه الآية فتقاعسوا عن مناجات الرسول (صلى الله عليه وآله) ، وكان قد احتجب في منزله من مناجات كلّ أحد إلاّ من تصدّق بصدقة، وكان معي دينار فتصدّقت به، فكنت أنا سبب التوبة من الله على المسلمين، حين عملت بالآية، ولو لم يعمل بها أحد لنزل العذاب لامتناع الكلّ في العمل بها(4).

1200/6 ـ عن علي صلوات الله عليه أنّه ناجى رسول الله (صلى الله عليه وآله) عشر مرّات بعشر كلمات قدّمها عشر صدقات، فسأل في الاُولى: ما الوفاء؟ قال: التوحيد شهادة أن

____________

1 ـ المجادلة: 12.

2 ـ المجادلة: 13.

3- تفسير البرهان 4: 308; الخصال، باب السبعين 3: 572.

4- تأويل الآيات الظاهرة: 649; تفسير البرهان 4: 310; مناقب ابن شهر آشوب 2: 72; الجامع الصحيح (سنن الترمذي) 5: 406 ح3300.


الصفحة 263
لا إله إلاّ الله، ثمّ قال: وما الفساد؟ قال: الكفر والشرك بالله عزّ وجلّ، قال: وما الحق؟ قال: الإسلام والقرآن والولاية إذا انتهت إليك، قال: وما الحيلة؟ قال: ترك الحيلة، قال: وما عليّ؟ قال: طاعة الله وطاعة رسوله، قال: وكيف أدعو الله تعالى؟ قال: بالصدق واليقين، قال: وما أسأل الله تعالى؟ قال: العافية، قال: وماذا أصنع لنجاة نفسي؟ قال: كُل حلالا وقُل صدقاً، قال: وما السرور؟ قال: الجنّة، قال: وما الراحة؟ قال: لقاء الله تعالى، فلما فرغ نسخ حكم الآية(1).

1201/7 ـ عن علي (عليه السلام) قال: لما نزلت {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَاجَيْتُمُ الرَّسُولَ فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَةً} قال لي النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): ما ترى، ديناراً؟ قلت: لا يطيقونه، قال: فنصف دينار؟ فقلت: لا يطيقونه، قال: فكم؟ قلت: شعيرة، قال: إنّك لزهيد فنزلت {ءَأَشْفَقْتُمْ أَنْ تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَات} الآية، فبي خفف الله عن هذه الاُمّة(2).

1202/8 ـ عن علي بن أبي طالب (عليه السلام) ، أنّه قال: لما نزلت هذه الآية دعاني رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فقال: ما تقول في دينار؟ قلت: لا يطيقونه؟ قال: كم؟ قلت: حبّة أو شعيرة، قال: إنّك لزهيد(3).

____________

1- فرائد السمطين 1: 359 ح285; البحار 35: 383.

2- كنزل العمّال 2: 521 ح4652، تفسير السيوطي 6: 185.

3- تفسير الرازي 39: 273.


الصفحة 264

الباب الخامس والخمسون:

سورة الحشر

{مَا أَفَاءَ اللهُ عَلى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرى فَلِلّهِ وَلِلرَّسُولِ}(1)

1203/1 ـ عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن حمّاد بن عيسى، عن إبراهيم بن عمر اليماني، عن أبان بن أبي عيّاش، عن سليم بن قيس، قال: سمعت أمير المؤمنين (عليه السلام) يقول: نحن والله الذين عنى الله بذي القربى، الذين قرنهم الله بنفسه ونبيّه (صلى الله عليه وآله) فقال: {مَا أَفَاءَ اللهُ عَلى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرى فَلِلّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبى وَالْيَتَامى وَالْمَسَاكِينِ} منّا خاصّة، ولم يجعل لنا سهماً في الصدقة، أكرم الله نبيّه وأكرمنا أن يطعمنا أوساخ ما في أيدي الناس(2).

{وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا وَاتَّقُوا اللهَ}(3)

1204/2 ـ محمّد بن العباس، عن الحسن بن أحمد المالكي، عن محمّد بن عيسى،

____________

1 ـ الحشر: 7.

2- تفسير نور الثقلين 5: 277; الكافي 1: 538.

3 ـ الحشر: 7.


الصفحة 265
عن ابن أبي عمير، عن ابن أبي اُذينة، عن أبان بن أبي عيّاش، عن سليم بن قيس الهلالي، عن أمير المؤمنين (عليه السلام) أنه قال:

قوله عزّ وجلّ {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا وَاتَّقُوا اللهَ }وظلم آل محمّد، فإنّ الله شديد العقاب لمن ظلمهم(1).

1205/3 ـ عن سليم بن قيس الهلالي، عن أمير المؤمنين (عليه السلام) حديث طويل يقول فيه:

وإنّ أمر رسول الله (صلى الله عليه وآله) مثل القرآن ناسخ ومنسوخ، وخاصّ وعام، ومحكم ومتشابه، وقد يكون من رسول الله (صلى الله عليه وآله) الكلام له وجهان: كلام عام وكلام خاص، مثل القرآن، وقد قال الله تعالى في كتابه: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا} فيشتبه على من لم يعرف ولم يدر ما عنى الله به ورسوله(2).

{كَمَثَلِ الشَّيْطَانِ إِذْ قَالَ لِلاِْنْسَانِ اكْفُرْ فَلَمَّا كَفَرَ}(3)

1206/4 ـ الحاكم النيسابوري، أخبرنا أبو زكريا العنبري، ثنا محمّد بن عبد السلام، ثنا إسحاق، أنبأ عبد الرزاق، أنبأ الثوري، عن أبي إسحاق، عن حميد بن عبد الله السلولي، عن عليّ بن أبي طالب (رضي الله عنه) قال: كان راهب يتعبّد في صومعته، وامرأة زيّنت له نفسها، فوقع عليها، فحملت فجاءه الشيطان، فقال: اقتلها فإنّهم إن ظهروا عليك افتضحت، فقتلها فدفنها، فجاؤوه فأخذوه فذهبوا به، فبينما هم يمشون إذ جاءه الشيطان فقال: أنا الذي زيّنت لك فاسجد لي سجدة اُنجيك، فسجد له، فأنزل الله عزّ وجلّ {كَمَثَلِ الشَّيْطَانِ إِذْ قَالَ لِلاِْنْسَانِ اكْفُرْ فَلَمَّا كَفَرَ قَالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكَ }الآية(4).

____________

1- تأويل الآيات الظاهرة: 653; البحار 24: 222; تفسير البرهان 4: 316.

2- تفسير نور الثقلين 5: 284; الخصال، باب الأربعة: 257.

3 ـ الحشر: 16.

4- مستدرك الحاكم 2: 484; كنز العمال 2: 522 ح4654.


الصفحة 266

{لاَ يَسْتَوِي أَصْحَابُ النَّارِ وَأَصْحَابُ الْجَنَّةِ}(1)

1207/5 ـ روى أصحابنا بإسنادهم عن أمير المؤمنين (عليه السلام) :

أنّ رسول الله (صلى الله عليه وآله) تلا هذه الآية {لاَ يَسْتَوِي أَصْحَابُ النَّارِ وَأَصْحَابُ الْجَنَّةِ }الآية، فقال: أصحاب الجنة من أطاعني وسلّم لعليّ بن أبي طالب بعدي وأقرّ بولايته، وأصحاب النار من أنكر الولاية ونقض العهد وقاتله من بعدي(2).

____________

1 ـ الحشر: 20.

2- تأويل الآيات الظاهرة: 657; البحار 24: 261; عيون أخبار الرضا (عليه السلام) 1: 280; أمالي الطوسي: 363 ح762; تفسير البرهان 4: 319; بشارة المصطفى: 120.


الصفحة 267

الباب السادس والخمسون:

سورة الصف

{إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفّاً كَأَنَّهُمْ بُنْيَانٌ مَّرْصُوصٌ}(1)

1208/1 ـ في حديث مالك بن أعين، قال: حرّض أمير المؤمنين (عليه السلام) الناس بصفين فقال: إنّ الله عزّ وجلّ دلّكم، إلى أن قال (عليه السلام) : وقال جلّ جلاله: {إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفّاً كَأَنَّهُمْ بُنْيَانٌ مَّرْصُوصٌ} فسوّوا صفوفكم كالبنيان المرصوص، فقدّموا الدارع وأخّروا الحاسر، وعضّوا على النواجذ، فإنّه أنبا للسيوف على الهام، والتوُوا على أطراف الرماح فإنّه أمْوَر للأسنِّةَ، وغضّوا الأبصار فإنّه أربط للجأش وأسكن للقلوب، وأميتوا الأصوات فإنّه أطرد للفشل وأولى بالوقار، ولا تميلوا براياتكم ولا تزيلوها ولا تجعلوها إلاّ مع شجعانكم، فإنّ المانع للذمار والصابر عند نزول الحقائق هم أهل الحفاظ، الحديث(2).

____________

1 ـ الصف: 4.

2- الكافي 5: 39; تفسير نور الثقلين 5: 310.


الصفحة 268

{هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ}(1)

1209/2 ـ محمّد بن العباس، عن أحمد بن إدريس، عن عبد الله بن محمّد، عن صفوان بن يحيى، عن يعقوب بن شعيب، عن عمران بن ميثم، عن عباية بن ربعي، أنّه سمع أمير المؤمنين (عليه السلام) يقول: {هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ} أظهر ذلك بعد كلا، فلا والذي نفسي بيده حتّى لا تبقى قرية إلاّ ونودي فيها بشهادة أن لا إله إلاّ الله، وأنّ محمّداً رسول الله بكرةً وعشياً(2).

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلى تِجَارَة تُنْجِيكُمْ مِنْ عَذَاب أَلِيم}(3)

1210/3 ـ الحسن بن أبي الحسن الديلمي، رفعه إلى النوفلي، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال أمير المؤمنين (عليه السلام) : أنا التجارة المربحة المنجية من العذاب الأليم، التي دلّ عليها في كتابه فقال: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلى تِجَارَة تُنْجِيكُمْ مِنْ عَذَاب أَلِيم}(4).

____________

1 ـ الصف: 9.

2- تفسير البرهان 4: 329.

3 ـ الصف: 10.

4- تأويل الآيات الظاهرة: 664; البحار 24: 330; تفسير البرهان 4: 330.


الصفحة 269

الباب السابع والخمسون:

سورة الجمعة

{هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الاُْمِّيِّينَ رَسُولا مِنْهُمْ يَتْلُوا عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ}(1)

1211/1 ـ محمّد بن العباس، قال: حدّثنا محمّد بن القاسم، عن عبيد بن كثير، عن حسين بن نصر بن مزاحم، عن أبيه، عن أبان بن أبي عياش، عن سليم بن قيس، عن علي (عليه السلام) قال: نحن الذين بعث الله فينا رسولا يتلو علينا آياته ويزكّينا ويعلّمنا الكتاب والحكمة(2).

{قُلْ إِنَّ الْمَوْتَ الَّذِي تَفِرُّونَ مِنْهُ فَإِنَّهُ مُلاَقِيكُمْ}(3)

1212/2 ـ قال أمير المؤمنين (عليه السلام) : يا أيّها الناس كلّ امرء ملاق في فراره ما منه يفرّ، والأجلُ مَساق النفس إليه، والهرب منه موافاته(4).

____________

1 ـ الجمعة: 2.

2- تفسير البرهان 4: 332.

3 ـ الجمعة: 8.

4- تفسير البرهان 4: 333.


الصفحة 270

الباب الثامن والخمسون:

سورة التحريم

{قَدْ فَرَضَ اللهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ}(1)

1213/1 ـ أخرج ابن المنذر، وابن مردويه، من طريق علي (رضي الله عنه)، عن ابن عباس: {قَدْ فَرَضَ اللهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ}قال: أمر الله النبي والمؤمنين إذا حرّموا شيئاً ممّا أحلّ الله لهم أن يكفّروا أيمانهم بإطعام عشرة مساكين أو سكوتهم أو تحرير رقبة، وليس يدخل في ذلك الطلاق(2).

{وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ}(3)

1214/2 ـ عن علي [ (عليه السلام) ]، قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم): {وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ} قال: هو عليّ ابن أبي طالب(4).

____________

1 ـ التحريم: 2.

2- تفسير السيوطي 6: 241.

3 ـ التحريم: 4.

4- كنز العمال 2: 539 ح4675.


الصفحة 271

{قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً}(1)

1215/3 ـ الحاكم النيسابوري، أخبرنا أبو زكريا يحيى بن محمّد العنبري، ثنا محمّد بن عبد السلام، ثنا إسحاق، أنبأ عبد الرزاق، عن الثوري، عن منصور، عن ربعي، عن عليّ بن أبي طالب (رضي الله عنه) في قوله عزّ وجلّ: {قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً }قال: علّموا أنفسكم وأهليكم الخير (وأدّبوهم)(2).

____________

1 ـ التحريم: 6.

2- مستدرك الحاكم 2: 494; كنز العمال 2: 539 ح4676.