(2) أدعية السِرّ
1537/1 ـ رواية عن أبي جعفر الباقر (عليه السلام) ، عن أمير المؤمنين (عليه السلام) قال:
كان لرسول الله (صلى الله عليه وآله) سِرٌ لا يعلمه إلاّ قليل، فلمّا عثر عليه كان يقول، وأنا أقول: لعنة الله وملائكته وأنبيائه ورسله وصالح خلقه على مفشي سِرّ رسول الله (صلى الله عليه وآله) إلى غير ثقة، فاكتموا سرّ رسول الله، فإنّي سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول: يا علي إني والله ما اُحدّثك إلاّ ما سمعته اُذناي ووعاه قلبي ونظره بصري، إن لم يكن من الله فمن رسوله ـ يعني جبرئيل (عليه السلام) ـ فإيّاك يا علي أن تضيّع سرّي هذا فإني قد دعوت الله تعالى أن يذيق من أضاع سرّي هذا جراثيم جهنّم.
اعلم أنّ كثيراً من الناس وإن قلّ تعبّدهم إذا علموا ما أقول لك، كانوا في أشدّ العبادة وأفضل الاجتهاد، ولولا طغاة هذه الاُمّة لبثثت هذا السرّ، ولكن قد علمت أنّ الدين إذاً يضيع، وأحببت أن لا ينتهي ذلك إلاّ لثقة.
إني لمّا اُسري بي إلى السماء، فانتهيت إلى السماء السابعة، فتح لي بصري إلى فرجة في العرش تفور كفور القدر، فلمّا أردت الانصراف اُقعدتُ عند تلك الفرجة، ثمّ نوديت: يا محمّد إنّ ربّك يقرأ عليك السلام ويقول: أنت أكرم خلقه عليه، وعنده علم قد زواه عن جميع الأنبياء وجميع اُممهم غيرك وغير اُمّتك لمن ارتضيت لله منهم أن ينشروه لمن بعدهم لمن ارتضوا لله منهم أنّه لا يضرّهم بعدما أقول لك ذنب كان قبله، ولا مخافة تأتي من بعده، ولذلك أمرت بكتمانه لئلاّ يقول العالمون: حسبنا هذا من الطاعة.
____________
1- البحار 57: 37; مهج الدعوات: 106.
يا واسعاً بحسن عائدته، ويا ملبسنا فضل رحمته، ويا مهيباً لشدّة سلطانه، ويا راحماً بكل مكان ضريراً أصابه الضرّ فخرج إليك مستغيثاً بك آئباً إليك هائباً لك، يقول عملت سوءاً وظلمت نفسي ولمغفرتك خرجت إليك، أستجير بك في خروجي من النار، وبعزّ جلالك تجاوزت، فتجاوز يا كريم. وباسمك الذي تسمّيت به وجعلته في كل عظمتك ومع كل قدرتك وفي كل سلطانك، وصيّرته في قبضتك ونوّرته بكتابك، وألبسته وقاراً منك يا الله يا الله أطلب أن تمحو عنّي ما أتيتك به، وانزع بدني عن مثله فإنّي بك لا إله إلاّ أنت وباسمك الذي فيه تفصيل الاُمور كلّها مؤمن، هذا اعترافي لك فلا تخذلني، وهب لي عافية وانجني من الذنب العظيم هلكت فتلافني بحقّ حقوقك كلها يا كريم.
|
فإنّه لم يرد بما أمرتك به غيري، خلّصته من كبيرته تلك حتّى أغفرها له وأطهّره الى الأبد منها، لأني قد علمتك أسماء اُجيب بها الداعي.
يا محمّد ومن كثرت ذنوبه من اُمّتك فيما دون الكبائر حتّى يشهر بكثرتها ويمقت على أتباعها، فليعتمدني عند طلوع الفجر، أو قبل اُفول الشفق، ولينصب وجهه إليّ وليقل:
يا ربّ يا ربّ فلان بن فلان عبدك شديد حياؤه منك لتعرّضه لرحمتك، لإصراره على ما نهيت عنه من الذنب العظيم، يا عظيم إنّ عظيم ما أتيت به لا يعلمه غيرك، قد شمت بي فيه القريب والبعيد، |
وأسلمني فيه العدوّ والحبيب، وألقيت بيدي إليك طمعاً لأمر واحد، وطمعي ذلك في رحمتك، فارحمني يا ذا الرحمة الواسعة، وتلافني بالمغفرة والعصمة من الذنوب إني إليك متضرّع. أسألك باسمك الذي يزيل أقدام حملة عرشك ذكره، وترعد لسماعه أركان العرش إلى أسفل التخوم، إني أسألك بعزّ ذلك الاسم الذي ملأ كلّ شيء دونك، إلاّ رحمتني باستجارتي إليك باسمك هذا يا عظيم أتيتك لكذا وكذا ـ ويسمّي الأمر الذي أتى به ـ فاغفر لي تبعته وعافني من اشاعته بعد مقامي هذا يا رحيم.
|
فإنّه إذا قال ذلك بدّلت ذنوبه إحساناً، ورفعت دعاءه مستجاباً وغلبت له هواه.
يا محمّد ومن كان كافراً وأراد التوبة والايمان فليطّهر لي بدنه وثيابه، ثمّ ليستقبل قبلتي، وليضع حرّ جبينه لي بالسجود فإنّه ليس بيني وبينه حائل وليقل:
يا من تغشّى لباس النور الساطع الذي استضاء به أهل سماواته وأرضه، ويا من خزن رؤيته عن كلّ من هو دونه، وكذلك ينبغي لوجهه الذي عنت وجوه الملائكة المقرّبين له، إنّ الذي كنت لك فيه من عظمتك جاحداً أشدّ من كلّ نفاق، فاغفر لي جحودي، فإنّي أتيتك تائباً وها أنا ذا أعترف لك على نفسي بالفِرية عليك فإذا أمهلت لي في الكفر ثمّ خلّصتني منه، فطوّقني حبّ الايمان الذي أطلبه منك، بحقّ ما لك من الأسماء التي منعت من دونك علمها لعظم شأنها وشدّة جلالها، وبالاسم الواحد الذي لا يبلغ أحد صفة كُنههِ، وبحقّها كلها أجرني أن أعود إلى الكفر بك، سبحانك لا إله إلاّ أنت غفرانك إنّي كنت من الظالمين.
|
يا محمّد ومن كثرت همومه من اُمّتك فليدعني سرّاً وليقل:
يا جالي الأحزان، ويا موسّع الضيق، ويا أولى بخلقه من أنفسهم، ويا فاطر تلك النفوس وملهمها فجورها وتقويها، نزل بي يا فارج الهمّ همّ ضقت به ذرعاً وصدراً حتّى خشيت أن أكون غرض فتنة، يا الله وبذكرك تطمئنّ القلوب، يا مقلّب القلوب قلّب قلبي من الهموم إلى الرّوح والدعة، ولا تشغلني عن ذكرك بتركك ما بي من الهموم، إنّي إليك متضرّع. أسألك باسمك الذي لا يوصف إلاّ بالمعنى لكتمانك هو في غيوبك ذات النور، أجلِ بحقّه أحزاني، واشرح صدري بكشوط ما بي من الهمّ يا كريم.
|
فإنّه إذا قال ذلك تولّيته فجلوت همومه فلن تعود إليه أبداً.
يا محمّد ومن نزلت به قارعة من فقر في دنياه فأحبّ العافية منها فلينزل بي فيها وليقل:
يا مُحلّ كنوز أهل الغنى، ويا مغني أهل الفاقة من سعة تلك الكنوز بالعائدة إليهم والنظر لهم، يا الله لا يسمّى غيرك إلهاً، إنّما الآلهة كلّها معبودة دونك بالفِرية والكذب، لا إله إلاّ أنت، يا سادّ الفقر ويا جابر الضرّ، ويا عالم السرائر ارحم هربي إليك من فقري، أسألك باسمك الحال في غناك الذي لا يفتقر ذاكره أبداً، أن تُعيذني من لزوم فقر أنسى به الدين، أو بسوء غنًى أفتتن به عن الطاعة، بحقّ نور أسمائك كلها، أطلب إليك من رزقك كفافاً للدنيا تعصم به الدين لا أجد لي |
غيرك، مقادير الأرزاق عندك، فانفعني من قدرتك فيها بما تنزعُ به ما نزل بي من الفقر، يا غنيّ.
|
فإنّه إذا قال ذلك نزعت الفقر من قلبه وغشيّته الغنى وجعلته من أهل القناعة.
يا محمّد ومن نزلت به مصيبة في نفسه أو دينه أو دنياه أو أهله أو ماله، فأحبّ فرجها فلينزلها بي وليقل:
يا مُمتنّاً على أهل الصبر بتطوِيقكهم بالدعة التي أدخلتها عليهم بطاعتك، لا حول ولا قوّة إلاّ بك، فَدَحتني مصيبةٌ قد فتنتني وأعيتني المسالك للخروج منها، واضطرّني إليك الطمع فيها مع حسن الرجاء لك فيها، فهربت إليك بنفسي وانقطعت إليك لضري ورجوتك لدعائي، قد هلكت فأغثني وأجبر مصيبتي بجلاء كربها، وإدخالك الصبر عليّ فيها، فإنّك إن خلّيت بيني وبين ما أنا فيه هلكت، فلا صبر لي، يا ذا الاسم الجامع فيه عظيم الشؤون كلّها بحقك، وأغثني بتفريج مصيبتي عنّي يا كريم.
|
فإنّه إذا قال ذلك ألهمته الصبر وطوّقته الشكر، وفرّجت عنه مصيبته بجبرانها.
يا محمّد ومن خاف شيئاً دوني من كيد الأعداء واللصوص، فليقل في المكان الذي يخاف فيه.
يا آخذاً بنواصي خلقه، والسافع بها إلى قدره، والمنفذ فيها حكمه، وخالقها وجاعل قضائه له غالباً وكلهم ضعيف عند غلبته، وثقت بك يا سيدي عند قوّتهم، إني مكيود لضعفي ولقوّتك على من كادني، تعرّضت لك فسلّمني منهم، اللّهمّ فإن حلت بينهم وبيني فذلك أرجوه منك، وإن أسلمتني إليهم غيّروا ما بي من نعمك يا خير المنعمين، صلّ |
على محمّد وآل محمّد ولا تجعل تغيير نعمك على يد أحد سواك، ولا تغيّرها أنت بي، فقد ترى الذي يُراد بي، فحُل بيني وبين شرّهم بحقّ ما به تستجيب الدعاء، يا الله يا رب العالمين.
|
فإنّه إذا قال ذلك نصرته على أعدائه وحفظته.
يا محمّد ومن خاف شيئاً ممّا في الأرض من سبع أو هامة، فليقل في المكان الذي يخاف ذلك فيه:
يا ذارئ ما في الأرض كلها بعلمه، بعلمك يكون ما يكون مما ذرأت، لك السلطان على ما ذرأت، ولك السلطان القاهر على كلّ شيء دونك، يا عزيز يا منيع إني أعوذ بك وبقدرتك على كلّ شيء من كلّ شيء يضرّ من سبع أو هامة أو عارض من سائر الدواب، يا خالقها بفطرته، ادرأها عنّي واحجزها ولا تسلّطها عليّ، وعافني من شرّها وبأسها يا الله ذا العلم العظيم حُطني بحفظك من مخاوفي يا رحيم.
|
فإنّه إذا قال ذلك، لم تضرّه دوابّ الأرض التي تُرى والتي لا تُرى.
يا محمّد ومن خاف مما في الأرض جانّاً أو شيطاناً، فليقل حين يدخله الروع:
يا الله الإله الأكبر القاهر بقدرته جميع عباده، والمطاع لعظمته عند كلّ خليقته، الممضي مشيّته لسابق قدرته، أنت تكلاء ما خلقت بالليل والنهار ولا يمتنع من أردت به سوءاً بشيء دونك من ذلك السوء، ولا يحول أحد دونك بين أحد وما تريد به من الخير، كل ما يرى وما لا يرى في قبضتك، وجعلت قبائل الجنّ والشياطين يروننا ولا نراهم، وأنّا لكيدهم خائف، فآمنّي من شرّهم وبأسهم بحقّ سلطانك العزيز، يا عزيز.
|
يا محمّد ومن خاف سلطاناً أو أراد إليه طلب حاجة، فليقل حين يدخل عليه:
يا ممكّن هذا مما في يديه، ومسلّطه على كلّ من دونه، ومعرّضه في ذلك لامتحان دينه على كلّ من دونه، إنّه يسطو بمرحه فيما آتيته من الملك، ويجور فينا ويتجبّر بافتخاره بالذي ابتليته به من العظيم عند عبادك، أسألك أن تسلبه ما هو فيه أنت بقوّة لا امتناع منها عند إرادتك فيها، إني أمتنع من شرّ هذا بخيرك، وأعوذ من قوّته بقدرتك، اللّهمّ ادفعه عنّي وآمنّي من حذاري منه بحقّ وجهك وعظمتك يا عظيم.
|
يا محمّد فليقل إذا أراد طلب حاجة إليه:
يا مَن هو أولى بهذا من نفسه، ويا أقرب إليه من قلبه، ويا أعلم به من غيره، ويا رازقه ممّا هو في يديه مما احتاج إليه، إليك أطلب وبك أتشفّع لنجاح حاجتي، فخذ لي حين اُكلّمه بقلبه فأغلبه لي حتّى أبتزّ منه حوائجي كلها بلا امتناع منه، ولا مَنّ ولا ردّ ولا فظاظة، يا حيّاً في غنى لا تموت ولا تبلى، أمِت قلبه عن ردّي بلا قضاء الحاجة، واقضِ لي طلبتي في الذي قبله، وخذه لي في ذلك أخذ عزيز مقتدر، بحقّ قدرتك التي غلبت بها العالمين.
|
فإنّه إذا قال ذلك قضيت حاجته ولو كانت في نفس المطلوب إليه.
يا محمّد ومن همّ بأمرين فأحبّ أن أختار أرضاهما إليّ فألزمه إيّاه، وليقل حين يريد ذلك:
اللّهمّ اختر لي بعلمك ووفّقني بعلمك لرضاك ومحبّتك، اللّهمّ اختر لي بقدرتك وجنّبني بعزّتك مَقتِك وسخطك، اللّهمّ اختر لي فيما اُريد من |
هذين الأمرين ـ وتسمّيهما ـ أحبّهما إليك وأرضاهما لك وأقربهما منك، اللّهمّ إني أسألك بالقدرة التي زويت بها علم الأشياء عن جميع خلقك أن تصلّي على محمّد وآل محمّد، وأغلب بالي وهواي وسريرتي وعلانيتي بأخذك، واسفع بناصيتي إلى ما تراه لك رضًى ولي صلاحاً فيما أستخيرك فيه حتّى تلزمني من ذلك أمراً أرضى فيه بحكمك، وأتّكل فيه على قضاءك، واكتفي فيه بقدرتك، ولا تقلبني وهواي لهواك مخالف، ولا ما اُريد لما تُريد لي مجانب، أغلب بقدرتك التي تقضي بها ما أحببت بهواك هواي، ويسّرني لليسرى التي ترضى بها عن صاحبها، ولا تخذلني بعد تفويضي إليك أمري، برحمتك التي وسعت كلّ شيء، اللّهمّ أوقع خيرتك في قلبي وافتح قلبي للزومها يا كريم آمين.
|
فإنّه إذا قال ذلك اخترت له منافعه في العاجل والآجل.
يا محمّد ومَن أصابه معاريض بلاء من مرض فلينزل بي فيه وليقل:
يا مصحّ أبدان ملائكته، ويا مفرّغ تلك الأبدان لطاعته، ويا خالق الآدميين صحيحاً ومبتلى، ويا معرّض أهل السقم وأهل الصحّة للأجر والبليّة، ويا مداوي المرضى وشافيهم بطبّه، ويا مفرّج عن أهل البلاء بلاياهم وبجليل رحمته، قد نزل بي من الأمر ما رفضني فيه أقاربي وأهلي والصديق والبعيد، وما شمت بي فيه أعدائي، حتّى صِرت مذكوراً ببلائي في أفواه المخلوقين وأعيتني أقاويل أهل الأرض لقلّة علمهم بدواء دائي وطبّ دوائي في علمك عندك مثبت، صلّ على محمّد وآل محمّد وانفعني بطبّك فلا طبيب أرجى عندي |
منك، ولا حميم أشدّ تعطّفاً منك عليّ، قد غيّرت بليّتك نعمك عليّ فحوّل ذلك عني إلى الفرج والرخاء فإنّك إن لم تفعل لم أرجه من غيرك فانفعني بطبّك وداوني بدوائك يا رحيم.
|
فإنّه إذا قال ذلك صرفت عنه ضرّه وعافيته منه.
يا محمّد ومَن نزل به القحط من اُمّتك، فإني إنّما أبتلي بالقحط أهل الذنوب فليجأروا إليّ جميعاً، أو ليجأرَ إليّ جائرهم، وليقل:
يا معيننا على ديننا باحيائه أنفسنا بالذي نشر علينا من رزقه، نزل بنا أمر عظيم لا يقدر على تفريجه عنّا غير منزله، يا منزله عجز العباد عن فرجه، فقد أشرفت الأبدان على الهلاك، وإذا هلكت الأبدان هلك الدين، يا ديّان العباد ومدبّر اُمورهم بتقدير أرزاقهم، لا تحولنّ بيننا وبين رزقك، و هنّئنا ما أصبحنا فيه من كرامتك لك متعرّضين، قد اُصيب من لا ذنب له من خلقك بذنوبنا، فارحمنا بمن جعلته أهلا لذلك حين تُسأل به يا رحيم لا تحبس عن أهل الأرض ما في السماء، وانشر علينا رحمتك وابسط علينا كنفك وعد علينا بقبولك، وعافنا من الفتنة في الدين والدنيا، وشماتة القوم الكافرين، يا ذا النفع والضرّ إنّك إن أنجيتنا فبلا تقديم منّا لأعمال حسنة ولكن لإتمام ما بنا من الرحمة، وإن رددتنا فبلا ظلم منك لنا ولكن بجنايتنا، فاعفُ عنّا قبل انصرافنا واقلبنا بانجاح الحاجة يا عظيم.
|
فإنّه إن لم يُرد ممّا أمرتك أحداً غيري، حوّلت لأهل تلك البلدة بالشدة رخاء وبالخوف أمناً، وبالعسر يسراً، وذلك لأني قد علّمتك دعاء عظيماً.
يا محمّد ومَن أراد الخروج من أهله لحاجة أو سفر، فأحبّ أن أودّيه سالماً مع
بسم الله مخرجي وبإذنه خرجت، وقد علم قبل أن أخرج خروجي، وقد أحصى علمه ما في مخرجي ومرجعي، توكّلت على الإله الأكبر توكّل مفوّض إليه أمره ومستعين به على شؤنه، مستزيد من فضله، مبرئ نفسه من كلّ حول ومن كلّ قوّة إلاّ به، خروج ضرير خرج بضرّه إلى من يكشفه، وخروج فقير خرج بفقره إلى من يسدّه، وخروج عائل خرج بعيلته إلى من يغنيها، وخروج من ربّه أكبر ثقته وأعظم رجائه وأفضل اُمنيّته، الله ثقتي في جميع اُموري كلّها به فيها جميعاً أستعين، ولا شيء إلاّ ما شاء الله في علمه، أسأل الله خير المخرج والمدخل لا إله إلاّ هو إليه المصير.
|
فإنّه إذا قال ذلك وجّهت له في مدخله ومخرجه السرور، وأدّيته سالماً.
يا محمّد ومَن أراد من اُمّتك ألاّ يحول بين دعائه وبيني حائل، وأن اُجيبه لأيّ أمر شاء، عظيماً كان أو صغيراً في السرّ والعلانية، إليّ أو إلى غيري فليقل آخر دعائه:
يا الله المانع بقدرته خلقه، والمالك بها سلطانه، والمتسلّط بما في يديه كلّ مرجوّ دونك يخيب رجاء راجيه وراجيك مسرور لا يخيب، أسألك بكلّ رضًى لك من كلّ شيء أنت فيه، وبكلّ شيء تحب أن تذكر فيه، وبك يا الله فليس يعدلك شيء أن تصلّي على محمّد وآله، وأن تحوطني ووالديّ وولدي وإخواني وأخواتي ومالي بحفظك، وأن تقضي حاجتي في كذا وكذا.
|
فإنّه إذا قال ذلك قضيت حاجته قبل أن يزول من مكانه.
يا دالّنا على المنافع لأنفسنا من لزوم طاعته، ويا هادينا لعبادته التي جعلها سبيلا إلى درك رضاه، إنّما يفتح الخير وليّه، يا وليّ الخير قد أردت منك كذا وكذا ـ ويسمّي ذلك الأمر ـ ولم أجد إليه باب سبيل مفتوحاً ولا ناهج طريق واضح ولا تهيئة سبب تيسر، أعيتني فيه جميع أموري كلها في الموارد والمصادر، وأنت وليّ الفتح لي بذلك; لأنّك دللتني عليه فلا تحظره عنّي ولا تجبهني عنه برد، فليس يقدر عليه أحد غيرك، وليس عند أحد إلاّ عندك، أسألك بمفاتح غيوبك كلها وجلال علمك كله، وعظيم شؤنك كلها، إقرار عيني وإفراح قلبي، وتهنيتك إيّاي بإسباغ نعمك عليّ، تيسير قضاء حوائجي ونسخكها في حوائج من نخست حاجته مقضيّة، لا تقلبني بحقك عن اعتمادي لك إلاّ بها، فإنّك أنت الفتّاح بالخيرات، وأنت على كلّ شيء قدير، فيا فتّاح يا مدبّر هيّئ لي تيسير سببها وسهّل عليّ باب طريقها، وافتح لي من غناك باب مدخلها، ولينفعني جاري بك فيها يا رحيم.
|
فإنّه إذا قال ذلك فتحت له باب الخير برضاي عنه وجعلته لي وليّاً.
يا محمّد ومن أراد من اُمّتك أن اُعافيه من الغلّ والحسد والرياء والفجور، فليقل حين يسمع تأذين السحر:
يا مطفئ الأنوار بنوره، ويا مانع الأبصار من رؤيته، ويا محيّر القلوب في شأنه إنّك طاهر مطهّر يطهر بطهرتك من طهّرته بها، وليس من دونك أحد أحوج إلى تطهيرك إيّاه منّي لديني وبدني وقلبي، فأيّة |
حال كنت فيها مجانباً لك في الطاعة والهدى، فالزمني وإن كرهت حبّ طاعتك، بحقّ محل جلالك منك حتى أنال فضيلة الطُهرة منك لجميع شؤني، ربّ واجعل ما ظهر من طهرتك على بدني طهرة خير حتّى تطهّر به منّي ما اُكِنّ في صدري واُخفيه في نفسي، واجعلني على ذلك أحببت أم أكرهت واجعل محبّتي تابعةً لمحبّتك، واشغلني بنفسي عن كلّ من دونك شغلا يدوم فيه العمل بطاعتك، واشغل غيري عنّي للمعافاة من نفسي ومن جميع المخلوقين.
|
فإنّه إذا قال ذلك ألزمته حبّ أوليائي وبغض أعدائي، وكفيته كلّ الذي أكفي عبادي الصالحين.
يا محمّد ومن كانت له حاجة سرّاً، بالغة ما بلغت إليّ أو إلى غيري، فليدعني في جوف الليل خالياً، وليقل وهو على طهر:
يا الله ما أجد أحداً إلاّ وأنت رجاؤه ومن أرجى خلقك لك أنا يا الله، وليس شيء من خلقك إلاّ وهو واثق ومن أوثق خلقك بك أنا يا الله، وليس أحد من خلقك إلاّ وهو لك في حاجته معتمد وفي طلبته سائل، ومِن الحفهم سؤالا لك أنا، ومن أشدّهم اعتماداً لك أنا; لأني أمسيت شديداً ثقتي في طلبتي إليك وهي كذا وكذا ـ وسمّها ـ فإنّك إن قضيتها قُضيت، وإن لم تقضها فلا تُقضى أبداً، وقد لزمني من الأمر ما لابدّ لي منه، فلذلك طلبت إليك يا منفّذ أحكامه بإمضائها، امض قضاء حاجتي هذه بإثباتكها في غيوب الاجابة حتّى تقلبني بها منجحاً حيث كانت تغلب لي فيها أهواء جميع عبادك، وامنن عليّ بإمضائها وتيسيرها ونجاحها، فيسّرها لي فإنّي مضطرّ إلى قضائها، |
وقد علمت ذلك فاكشف ما بي من الضرّ بحقّك الذي تقضي به ما تريد.
|
فإنّه إذا قال ذلك قضيت حاجته قبل أن يزول، فليطب بذلك نفسه.
يا محمّد إنّ لي علماً أبلغ به من علمه رضاي مع طاعتي، وأغلب له هواه إلى محبّتي، فمن أراد ذلك فليقل:
يا مزيل قلوب المخلوقين عن هواهم إلى هواه، ويا قاصر أفئدة العباد لإمضاء القضاء بنفاذ القدر، ثبّت قلبي على طاعتك ومعرفتك وربوبيّتك، وأثبت في قضاءك وقدرك البركة في نفسي وأهلي ومالي في لوح الحفظ المحفوظ بحفظك يا حفيظ الحافظ حفظه، احفظني بالحفظ الذي جلعت من حفظته به محفوظاً، وصيّر شؤني كلها بمشيّتك في الطاعة لك منّي مؤاتية، وحبّب إليّ حبّ ما تحب من محبّتك إليّ في الدين والدنيا، أحيني على ذلك وتوفّني عليه واجعلني من أهله على كلّ حال أحببت أم كرهت يا رحيم.
|
فإنّه إذا قال ذلك لم أرِهِ في دينه فتنة، ولم اُكره إليه طاعتي ومرضاتي أبداً.
يا محمّد ومَن أحبّ من اُمّتك رحمتي وبركاتي ورضواني وتعطّفي وقبولي وولايتي وإجابتي، فليقل حين تزول الشمس أو يزول الليل:
اللّهمّ ربّنا لك الحمد كلّه جملته وتفصيله، كما استحمدت به إلى أهله الذين خلقتهم له، اللّهمّ ربّنا لك الحمد كلّه جملته وتفصيله كما استحمدت به إلى أهله الذين خلقتهم له، اللّهمّ ربّنا لك الحمد حمداً كما يحمدك من بالحمد رضيت عنه لشكر ما به من نعمك، اللّهمّ ربّنا لك الحمد كما رضيت به لنفسك وقضيت به على عبادك، حمداً مرغوباً فيه عند أهل الخوف منك لمهابتك، ومرهوباً عند أهل العزّة بك |