لسطواتك، ومشهوداً عند أهل الإنعام منك لإنعامك، سبحانك متكّبراً في منزلة تذبذبت أبصار الناظرين وتحيّرت عقولهم عن بلوغ علم جلالها، تباركت في منازلك كلّها، وتقدّست في الآلاء التي أنت فيها أهل الكبرياء، لا إله إلاّ أنت الكبير الأكبر، للفناء خلقتنا وأنت الكائن للبقاء فلا تفنى ولا نبقى، وأنت العالم بنا ونحن أهل الغرّةِ بك والغفلة عن شأنك، وأنت الذي لا تغفل بسنة ولا نوم، بحقك يا سيدي أجرني من تحويل ما أنعمت عليّ به في الدين والدنيا في أيام الدنيا يا كريم.
|
فإنّه إذا قال ذلك كفيته كلّ الذي أكفي عبادي الصالحين الحامدين الشاكرين.
يا محمّد ومن أراد من اُمّتك حفظي وكلائتي ومعونتي، فليقل عند صباحه ومسائه ونومه:
آمنت بربّي، وهو الله الذي لا إله إلاّ هو إله كلّ شيء ومنتهى كلّ علم ووارثه، وربّ كل ربّ، واُشهد الله على نفسي بالعبوديّة والذل والصغار، وأعترف بحسن صنائع الله إليّ، وأبوء على نفسي بقلّة الشكر، وأسأل الله في يومي هذا وفي ليلتي هذه بحقّ ما يراه له حقاً على ما يراه منّي له رضاً وإيماناً وإخلاصاً ورزقاً واسعاً ويقيناً خالصاً، بلا شك ولا ارتياب، حسبي إلهي من كلّ من هو دونه، والله وكيلي من كلّ من سواه، آمنت بسرّ علم الله كلّه وعلانيته، وأعوذ بما في علم الله كلّه من كلّ سوء ومن كلّ شرٍّ، سبحان العالم بما خلق اللطيف فيه المحصي له القادر عليه، ما شاء الله لا قوّة إلاّ بالله أستغفر الله وإليه المصير.
|
يا محمّد إنّ السحر لم يزل قديماً وليس يضرّ شيئاً إلاّ بإذني، فمن أحبّ أن يكون من أهل عافيتي من السحر فليقل:
اللّهمّ ربّ موسى وخاصّه بكلامه، وهازم من كاده بسحره بعصاه، ومعيدها بعد العود ثعباناً وملقفها إفك أهل الإفك، ومفسد عمل الساحرين ومبطل كيد أهل الفساد، من كادني بسحر أو بضرّ عامداً أو غير عامد، أعلمه أو لا أعلمه أخافه أو لا أخافه، فاقطع من أسباب السماوات عمله حتّى ترجعه عنّي غير نافذ ولا ضائر لي ولا شامت بي، إني أدرء بعظمتك في نحور الأعداء، فكن لي منهم مدافعاً أحسن مدافعة وأتمّها يا كريم.
|
فإنّه إذا قال ذلك لم يضرّه سحر ساحر، جنّي ولا إنسيّ أبداً.
يا محمّد ومن أراد من اُمّتك تُقبل الفرائض والنوافل منه، فليقل خلف كلّ فريضة أو تطوّع:
يا شارعاً لملائكته الدين القيّم ديناً راضياً به منهم لنفسه، ويا خالق من سِوى الملائكة من خلقه للابتلاء بدينه، ويا مستخصّاً من خلقه لدينه رسلا بدينه إلى من دونهم، ويا مجازي أهل الدين بما عملوا في الدين، اجعلني بحق اسمك الذي كل شيء من الخيرات منسوب إليه من أهل دينك المؤثر به بإلزامكهم حقّهُ، وتفريغك قلوبهم للرغبة في أداء حقّك فيه إليك، لا تجعل بحقّ اسمك الذي فيه تفصيل الاُمور كلّها شيئاً سوى دينك عندي أبين فضلا، ولا إليّ أشدّ تحبباً ولا بي لاصقاً، |
ولا أنا إليه منقطعاً، واغلب بالي وهواي وسريرتي وعلانيتي، واسفع بناصيتي إلى كلّ ما تراه لك منّي رضى من طاعتك في الدين.
|
فإنّه إذا قال ذلك تقبّلت منه النوافل والفرائض، وعصمته فيها من العُجب وحبّبت إليه طاعتي وذكري.
يا محمّد ومَن ملاءه هَمَّ دين من اُمّتك فلينزل بي وليقل:
يا مبتلي الفريقين أهل الفقر وأهل الغنى، وجازيهم بالصبر في الذي ابتليتهم به، ويا مزيّن حبّ المال عند عباده ومُلهِم الأنفس الشحّ والسخاء، ويا فاطر الخلق على الفظاظة واللين، غمّني دين فلان بن فلان، وفضحني بمنّه عليّ به، وأعياني باب طلبته إلاّ منك، يا خير مطلوب إليه الحوائج، يا مفرّج الأهاويل فرّج همّي وأهاويلي في الذي لزمني من دين فلان بتيسيركه لي من رزقك، فاقضه يا قدير ولا تهني بتأخير أدائه ولا بتضييقه عليّ، ويسّر لي أداءه فإنّي به مسترقّ، فافكك رقّي من سعتك التي لا تبيد ولا تغيض أبداً.
|
فإنّه إذا قال ذلك صرفت عنه صاحب الدين وأدّيته إليه عنه.
يا محمّد ومن أصابه بر وايع فأحبّ أن أتمّ عليه النعمة واُهنّئه الكرامة وأجعله وجيهاً عندي فليقل:
يا حاشي العزّ قلوب أهل التقوى، ويا متولّيهم بحسن سرائرهم، ويا مؤمّنهم بحسن تعبّدهم، أسألك بكلّ ما قد أبرمته إحصاء من كلّ شيء قد أتقنته علماً، أن تستجيب لي بتثبيت قلبي على الطمأنينة والايمان، وأن تولّيني من قبولك ما تبلغني به شدّة الرغبة في طاعتك حتّى لا اُبالي أحداً سواك ولا أخاف شيئاً من دونك يا رحيم.
|
يا محمّد قل للّذين يريدون التقرّب إليّ: اعلموا علم يقين أن هذا الكلام أفضل ما أنتم متقرّبون به إليّ بعد الفرائض، وذلك أن تقول:
اللّهمّ إنّه لم يمس أحد من خلقك أنت أحسن إليه صنيعاً، ولا له أدوم كرامة ولا عليه أبين فضلا، ولا به أشدّ ترفّقاً، ولا عليه أشدّ حيطة، ولا عليه أشدّ تعطّفاً منك عليّ، وإن كان جميع المخلوقين يعدّون من ذلك مثل تعديدي، فاشهد يا كافي الشهادة، بأني أشهدك بنيّة صدق بأنّ لك الفضل والطول في إنعامك عليّ مع قلّة شكري لك فيها، يا فاعل كلّ إرادته صلّ على محمّد وآله وطوّقني أماناً من حلول السخط فيه لقلّة الشكر، وأوجب لي زيادة من اتمام النعمة بسعة المغفرة، أنظرني خيرك، وصلّ على محمّد وآله ولا تقايسني بسريرتي، وامتحن قلبي لرضاك واجعل ما تقرّبت به إليك في دينك لك خالصاً ولا تجعله للزوم شبهة أو فخر أو رياء أو كبر يا كريم.
|
فإنّه إذا قال ذلك أحبّه أهل سماواتي وسمّوه الشكور.
يا محمّد ومن أراد من اُمّتك ألاّ يكون لأحد عليه سلطان بكفايتي إيّاه الشرور فليقل:
يا قابضاً على الملك لما دونه، ومانعاً من دونه نيل شيء من ملكه، يا مغني أهل التقوى باماطته الأذى في جميع الاُمور عنهم، لا تجعل ولايتي في الدين والدنيا إلى أحد سواك، واسفع بنواصي أهل الخير كلّهم إليّ حتّى أنال من خيرهم خيره، وكن لي عليهم في ذلك معيناً، وخُذ لي بنواصي أهل الشرّ كلهم، وكن لي منهم في ذلك حافظاً وعنّي |
مدافعاً ولي مانعاً حتّى أكون آمناً بأمانك لي بولايتك لي من شرّ من لا يؤمَن شره إلاّ بأمانك يا أرحم الراحمين.
|
فإنّه إذا قال ذلك لم يضرّه كيد كائد أبداً.
يا محمّد ومَن أراد من اُمّتك أن تربح تجارته، فليقل حين يبتدئ بها:
يا مربّي نفقات أهل التقوى ومضاعفها، ويا سائق الأرزاق شحاً إلى المخلوقين، ويا مفضّلنا بالأرزاق بعضنا على بعض، سقني ووجهني في تجارتي هذه إلى وجه غنى عاصم شكور آخذه بحسن شكر لتنفعني به وتنفع به مني، يا مربح تجارات العالمين بطاعته، سق لي في تجارتي هذه رزقاً ترزقني فيه حسن الصنع فيما ابتلتني به، وتمنعني فيه من الطغيان والقنوط، يا خير ناشر رزقه لا تشمت بي عدوّي بردّك دعائي بالخسران لي، وأسعدني بطلبتي منك وبدعائي إيّاك يا أرحم الراحمين.
|
فإنّه إذا قال ذلك أربحت تجارته وأربيتها له.
يا محمّد ومَن أراد من اُمّتك الأمان من بليّتي والإستجابة لدعوتي، فليقل حين يسمع تأذين المغرب:
يا مسلّط نقمه على أعدائه بالخذلان لهم في الدنيا والعذاب لهم في الآخرة، ويا موسعاً على أوليائه بعصمته إيّاهم في الدنيا وحسن عائدته، يا شديد النكال بالإنتقام، ويا حسن المجازات بالثواب ويا بارئ خلق الجنّة والنار وملزم أهلهما عملهما والعالم بمن يصير إلى جنّته وناره، يا هادي يا مضلّ يا كافي يا معافي يا معاقب، اهدني |
بهداك وعافني بمعافاتك من سكنى جهنم مع الشياطين، وارحمني فإنّك إن لم ترحمني كنت من الخاسرين، وأعذني من الخسران بدخول النار وحرمان الجنّة، بحقّ لا إله إلاّ أنت يا ذا الفضل العظيم.
|
فإنّه إذا قال ذلك تغمّدته في ذلك المقام الذي يقول فيه برحمتي.
يا محمّد ومن كان غائباً فأحبّ أن اُؤدّيه سالماً مع قضائي له الحاجة فليقل في غربته:
يا جامعاً بين أهل الجنة على تألّف من القلوب، وشدّة تواجد في المحبّة، ويا جامعاً بين طاعته وبين من خلقه لها، ويا مفرّجاً عن كلّ محزون، ويا موئل كل غريب، ويا راحمي في غربتي بحسن الحفظ والكلاءة والمعونة لي، ويا مفرّج ما بي من الضيق والحزن بالجمع بيني وبين أحبّتي، ويا مؤلّفاً بين الأحباب، لا تفجعني بانقطاع أوبة أهلي وولدي عنّي، ولا تفجع أهلي بانقطاع أوبتي عنهم، بكلّ مسائلك أدعوك فاستجب لي، فذلك دعائي إيّاك فارحمني يا أرحم الراحمين.
|
فإنّه إذا قال ذلك آنسته في غربته وحفظته في الأهل وأدّيته سالماً مع قضائي له الحاجة.
يا محمّد ومَن أراد من اُمّتك أن أرفع صلاته مضاعفة، فليقل خلف كلّ صلاة افترضت عليه، وهو رافع يديه آخر كلّ شيء:
يا مبدئ الأسرار ومبيّن الكتمان، وشارع الأحكام وذارئ الأنعام وخالق الأنام وفارض الطاعة وملزم الدين وموجب التعبّد، أسألك بحقّ تزكية كلّ صلاة زكّيتها، وبحقّ من زكّيتها له، وبحقّ من زكّيتها به |
أن تجعل صلاتي هذه زاكية متقبّلة بتقبلكها ورفعكها وتصييرك بها ديني زاكياً، وإلهامك قلبي حسن المحافظة عليها حتّى تجعلني من أهلها الذين ذكرتهم بالخشوع فيها، أنت وليّ الحمد كلّه، فلا إله إلاّ أنت، فلك الحمد كلّه بكلّ حمد أنت له وليّ وأنت وليّ التوحيد كلّه، فلا إله إلاّ أنت فلك التوحيد كلّه بكلّ توحيد أنت له وليّ، وأنت وليّ التهليل كلّه فلا إله إلاّ أنت فلك التهليل كلّه بكلّ تهليل أنت له وليّ، وأنت وليّ التسبيح كله فلا إله إلاّ أنت فلك التسبيح كلّه بكلّ تسبيح أنت له وليّ، وأنت وليّ التكبير كلّه، فلا إله إلاّ أنت فلك التكبير كلّه بكلّ تكبير أنت له وليّ، ربّ عُد عليّ في صلاتي هذه برفعكها زاكية متقبّلة إنّك أنت السميع العليم.
|
فإنّه إذا قال ذلك رفعت له صلاته مضاعفة في اللوح المحفوظ(1).
قال العلاّمة المجلسي (رحمه الله) أقول: وجدتُ في بعض كتب الاجازات إسناداً لأدعية السِرّ، وهو هذا: من خطّ السيد نظام الدين أحمد الشيرازي الفقير إلى الله الغني المغني أحمد ابن الحسن بن إبراهيم الحسني الحسيني، يروي عن عمّه ومخدومه عبد الملّة والدين إسماعيل، عن والده ومخدومه شرف الإسلام وعزّ المسلمين إبراهيم، عن شيخ شيوخ المحدّثين صدر الحق والدين إبراهيم بن محمّد بن المؤيّد، عن الشيخ السديد يوسف بن عليّ بن مطهّر الحلي، عن الشيخ الإمام مهذّب الدين أبي عبد الله الحسين بن الفرج النيلي، عن الشيخ المفيد أبي علي الحسن بن محمّد الطوسي، عن الشيخ الإمام أبي جعفر محمّد بن الحسن ابن عليّ الطوسي، عن الشيخ الإمام صدر الدين أيضاً، عن الإمام بدر الدين
____________
1- البلد الأمين، أدعية السرّ: 504-515; البحار 95: 306.
أقول: وهناك سند آخر للسيد الأجل عليّ بن طاووس، في كتاب فتح الأبواب في الاستخارات، لم نتعرّض له اكتفاءاً بهذا السند.
(3) دعاء بأسماء الله
1538/1 ـ ابن طاووس سليمان بن إبراهيم، عن موسى بن يزيد، عن أنس بن اُويس، عن عليّ بن أبي طالب (عليه السلام) قال:
قال النبي (صلى الله عليه وآله) : من دعا بهذا الدعاء (الأسماء) استجاب الله له، والذي بعثني بالحق نبيّاً لو دُعي بهذه الأسماء على صفائح الحديد لذابت، ولو دُعي بها على ماء جار لجمد حتّى يمشى عليه، ولو دُعي بها على مجنون لأفاق، ولو دُعي بها على إمرأة قد عسر ولدها عليها لسهّل الله عليها، ولو دعا بها رجل أربعين ليلة جمعة غفر الله له، ما بينه وبين الآدميين وبينه وبين ربّه، فقال سلمان الفارسي (رحمه الله): بأبي أنت
بسم الله الرحمن الرحيم اللّهمّ أنت الله وأنت الرحمن وأنت الرحيم الملك القدّوس السلام المؤمن المهيمن العزيز الجبّار المتكبّر، الأول الآخر الظاهر الباطن الحميد المجيد المبدئ المعيد، الودود الشهيد القديم العليّ العظيم العليم الصادق الرؤف الرحيم الشكور الغفور العزيز الحكيم. ذو القوّة المتين الرقيب الحفيظ، ذو الجلال والاكرام العظيم العليم، الغنيّ الوليّ الفتّاح المرتاح القابض الباسط العدل الوفيّ، الوليّ الحق المبين الخلاّق الرزّاق الوهّاب التوّاب الربّ الوكيل اللطيف الخبير السميع البصير الديّان المتعالي القريب المجيب الباعث الوارث الواسع الباقي، الحيّ الدائم الذي لا يموت، القيّوم النور الغفّار الواحد القهّار الأحد الصمد لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفواً أحداً. ذو الطول المقتدر علاّم الغيوب البديء البديع، القابض الباسط الداعي الظاهر المقيت المغيث الدافع (الرافع)، الضارّ النافع المعزّ المذلّ المطعم المنعم المهيمن المكرم المحسن المجمل الحنّان المفضل المحيي المميت الفعّال لما يريد، مالك الملك تؤتي الملك من تشاء وتنزع الملك ممن تشاء وتعزّ من تشاء وتذلّ من تشاء بيدك الخير إنّك على كلّ شيء قدير. تولج الليل في النهار وتولج النهار في الليل، وتخرج الحيّ من الميت |
وتخرج الميّت من الحيّ وترزق من تشاء بغير حساب، فالق الإصباح وفالق الحبّ والنوى، يسبّح له ما في السماوات والأرض وهو العزيز الحكيم، اللّهمّ ما قلت من قول أو حلفتُ من حِلف أو نذرتُ من نذر في يومي هذا وليلتي هذه فمشيّتك بين يدي ذلك كله ما شئتَ منه كان وما لم تشأ منه لم يكن، فادفع عنّي بحولك وقوّتك، فإنّه لا حول ولا قوّة إلاّ بالله العليّ العظيم. اللّهمّ بحقّ هذه الأسماء عندك صلّ على محمّد وآل محمّد واغفر لي وارحمني وتُب عليّ وتقبّل منّي، وأصلح لي شأني ويسّر اُموري ووسّع عليّ في رزقي وأغنني بكرم وجهك عن جميع خلقك، وصُن وجهي ويدي ولساني عن مسألة غيرك، واجعل لي من أمري فرجاً ومخرجاً فإنّك تعلم ولا أعلم وتقدر ولا أقدر وأنت على كلّ شيء قدير برحمتك يا أرحم الراحمين، وصلّى الله على سيّدنا سيّد المرسلين محمّد النبي وآله الطيّبين الطاهرين(1).
|
1539/2 ـ حدّثنا أبو القاسم عبد الله بن الحسين بن بالويه، ومحمّد بن عبد الله البيع الحافظ قالا: ثنا أبو جعفر محمّد بن سعيد، ثنا الحسين بن داود البلخي، ثنا شقيق بن إبراهيم البلخي، ثنا إبراهيم بن أدهم، عن موسى بن عبد الله، عن اُويس القرني، عن عمر بن الخطاب، عن عليّ ابن أبي طالب (عليه السلام) :عن النبي (صلى الله عليه وسلم) قال:
من دعا بهذه الأسماء استجاب الله له، ثمّ قال (صلى الله عليه وسلم): والذي بعثني بالحق من دعا بها ثمّ نام، بعث الله بكلّ حرف منها سبعمائة ألف من الروحانيين وجوههم أحسن من الشمس والقمر، سبعون ألفاً يستغفرون له ويدعون له ويكتبون له الحسنات
____________
1- مهج الدعوات: 92 ; البحار 95: 376.
اللّهمّ إنّك حيّ لا تموت، وخالق لا تغلب، وبصير لا ترتاب، ومجيب لا تسأم، وجبّار لا تظلِم، وعظيم لا تُرام، وعالم لا تُعلّم، وقويّ لا تضعف، وعظيم لا توصف، ووفيّ لا تخلِف، وعدل لا تحيف، وحكيم لا تجور، ومنيعٌ لا تقهر، ومعروف لا تنكر، ووكيل لا تخالف، وغالب لا تغلب، ووليّ لا تسام، وفرد لا تستشير، ووهّاب لا تملّ، وسريع لا تذهل، وجواد لا تبخل، وعزيز لا تذل، وحافظ لا تغفل، ودائم لا تفنى، وباق لا تبلى، وواحد لا تشبه، وغنيّ لا تنازع، يا كريم يا كريم يا كريم، الجواد المكرم، يا قدير المجيب المتعال، يا جليل الجليل المتجلل، يا سلام المؤمن المهيمن العزيز الوهّاب، الجبّار المتجبّر، يا طاهر الطهر المتطهّر، يا قادر القادر المقتدر، يا عزيز المعزّ المتعزّز، سبحانك إنّي كنت من الظالمين.
|
ثم ادعُ بما شئت يستجاب لك(1).
____________
1- حلية الأولياء 8: 55.
الباب الثامن:
في أدعية الإمام علي (عليه السلام) المشهورة
(1) الدعاء الذي (نقله نوف البكالي)
1540/1 ـ من الكتاب العتيق (للغروي)، قال نوف البكّالي: رأيت أمير المؤمنين (عليه السلام) مولّياً مبادراً، فقلت: أين تريد يا مولاي؟ فقال (عليه السلام) : دعني يانوف إنّ آمالي تقدّمني في المحبوب، فقلت: يا مولاي وما آمالك؟ قال: قد علمها المأمول واستغنيت عن تبيينها لغيره، وكفى بالعبد أدباً أن يشرك في نعمه وإربه غير ربّه، فقلت: يا أمير المؤمنين إني خائف على نفسي من الشره، والتطلّع إلى طمع من أطماع الدنيا، فقال لي: وأين أنت عن عصمة الخائفين وكهف العارفين؟ فقلت: دلّني عليه، قال: الله العليّ العظيم تصل أملك بحسن تفضلّه، وتقبل عليه بهمّك، وأعرض عن النازلة في قلبك، فإنّ أجلك بها فأنا الضامن من موردها، وانقطع إلى الله سبحانه فإنّه يقول: وعزّتي وجلالي لأقطعنّ أمل كل من يؤمّل غيري باليأس، ولأكسونّه ثوب المذلّة في الناس، ولأبعدنّه من قربي ولاُقطعنّه عن وصلي، ولاُخملنّ ذكره حين يرعى غيري، أيؤمّل ويله لشدائده غيري وكشف الشدائد
جعلت آمال عبادي متّصلة بي، وجعلت رجاءهم مذخوراً لهم عندي، وملأت سماواتي ممن لا يملّ تسبيحي، وأمرت ملائكتي أن لا يغلقوا الأبواب بيني وبين عبادي، ألم يعلم من فدحته نائبة من نوائبي أن لا يملك أحد كشفها إلاّ بإذني، فلم يعرض العبد بأمله عنّي وقد أعطيته ما لم يسألني وسأل غيري، أفتراني ابتدئ خلقي من غير مسألة ثمّ اُسئل فلا اُجيب سائلي؟ أبخيل أنا فيبخّلني عبدي، أوليس الآمال لا تنتهي إلاّ إليّ؟ فمن يقطعها دوني؟ وما عسى أن يؤمل المؤمّلون من سواي.
وعزّتي وجلالي لو جمعت آمال أهل الأرض والسماء ثمّ أعطيت كلّ واحد منهم، ما نقص من ملكي بعض عضو الذرّة، وكيف ينقص نائل أنا أفضته، يا بؤساً للقانطين من رحمتي، يا بؤساً لمن عصاني وتوثّب على محارمي ولم يراقبني واجترأ عليّ، ثمّ قال (عليه السلام) لي: يا نوف اُدع بهذا الدعاء:
إلهي إن حمدتك فبمواهبك، وإن مجدتك فبمرادك، وإن قدّستك فبقوّتك، وإن هلّلتك فبقدرتك، وإن نظرت فإلى رحمتك، وإن عضضت فعلى نعمتك.
إلهي إنّه من لم يشغله الولوع بذكرك ولم يزده السفر بقربك كانت حياته عليه ميتة وميتته عليه حسرة.
إلهي تاهت أبصار الناظرين إليك بسرائر القلوب، وطالعت أصغى السامعين لك نجيّات الصدور، فلم يلق أبصارهم ردٌّ دون ما يريدون، هتكت بينك وبينهم حجب الغفلة، فسكنوا في نورك وتنفسّوا بروحك، فصارت قلوبهم مغارساً لهيبتك، وأبصارهم ماكفاً لقدترك، وقرّبت أرواحهم من قدسك، فجالسوا اسمك بوقار المجالسة وخضوع المخاطبة، فأقبلت إليهم إقبال الشفيق، وأنصتّ لهم إنصات الرفيق، وأجبتهم إجابات الأحبّاء، وناجيتهم مناجاة الأخلاّء، فبلغ بي المحلّ الذي
إلهي ما أوحش طريقاً لا يكون رفيقي فيه أملي فيك، وأبعد سفراً لا يكون رجائي منه دليلي منك، خاب من اعتصم بحبل غيرك، وضعف ركن من استند إلى غير ركنك، فيا معلّم مؤمّليه الأمل فيذهب عنهم كآبة الوجل، لا تحرمني صالح العمل واكلأني كلاءة من فارقته الحيل، فكيف يلحق مؤمليك ذلّ الفقر وأنت الغنيّ عن مضارّ المذنبين.
إلهي وإنّ كلّ حلاوة منقطعة وحلاوة الايمان تزداد حلاوتها اتّصالا بك.
إلهي وإنّ قلبي قد بسط أمله فيك فأذقته من حلاوة بسطك إيّاه البلوغ لما أمّل، إنّك على كلّ شيء قدير.
إلهي أسألك مسألة المسكين الذي قد تحيّر في رجاه فلا يجد ملجأً ولا مسنداً يصل به إليك، ولا يستدلّ به عليك إلاّ بك وبأركانك ومقاماتك التي لا تعطيل لها منك، فأسألك باسمك الذي ظهرت له لخاصة أوليائك فوحّدوك وعرفوك فعبدوك بحقيقتك أن تعرّفني نفسك لأقرّ لك بربوبيّتك على حقيقة الايمان بك، ولا تجعلني يا إلهي ممن يعبد الاسم دون المعنى، والحظني بلحظة من لحظاتك تنوّر بها قلبي بمعرفتك خاصة ومعرفة أوليائك إنك على كلّ شيء قدير(1).
(2) دعاؤه (عليه السلام) يوم الهرير بصفين
1541/1 ـ ابن طاووس، روينا بإسنادنا إلى سعد بن عبد الله، في كتاب (الدعاء)، قال: حدّثني محمّد بن عبد الله المسمعي، عن عبد الله بن عبد الرحمن الأصمّ،
____________
1- البحار 94: 94.
اللّهمّ لا تحبّب إليّ ما أبغضت، ولا تبغّض إليّ ما أحببت، اللّهمّ إني أعوذ بك أن أرضى سخطك أو أسخط رضاك، أو أردّ قضاءك، أو أعدو قولك، أو أناصح أعدائك، أو أعدو أمرك فيهم، اللّهمّ ما كان من عمل أو قول يقرّبني من رضوانك ويباعدني من سخطك، فصبّرني له واحملني عليه يا أرحم الراحمين.
اللّهمّ إني أسألك لساناً ذاكراً وقلباً شاكراً ويقيناً صادقاً وايماناً خالصاً، وجسداً متواضعاً، وارزقني منك حباً وأدخل قلبي منك رعباً، اللّهمّ فإنّ ترحمني فقد حسن ظنّي بك، وإن تعذّبني فبظلمي وجوري وجرمي واسرافي على نفسي، فلا عذر لي إن اعتذرت ولا مكافات أحتسب بها، اللّهمّ إذا حضرت الآجال ونفدت الأيام، وكان لابدّ من لقائك، فأوجب لي من الجنّة منزلا يغبطني به الأوّلون والآخرون، لا حسرة بعدها ولا رفيق بعد رفيقها في أكرمها منزلا.
اللّهمّ ألبسني خشوع الايمان بالعزّ قبل خشوع الذلّ في النار، أثني عليك ربّ أحسن الثناء لأنّ بلائك عندي أحسن البلاء، اللّهمّ فأذقني من عونك وتأييدك وتوفيقك ورفدك، وارزقني شوقاً إلى لقائك ونصراً في نصرك حتى أجد حلاوة ذلك في قلبي، وأعزم لي على أرشد اُموري، فقد ترى موقفي وموقف أصحابي ولا يخفى عليك شيءٌ من أمري.
اللّهمّ إنّي أسألك النصر الذي نصرت به رسولك وفرّقت به بين الحقّ والباطل، حتّى أقمت به دينك وأفلجت به حجتك، يا من هو لي في كلّ مقام(1).
____________
1- مهج الدعوات: 98; البحار 94: 237.
(3) دعاء قبل رفع المصاحف يوم صفين
1542/1 ـ ابن طاووس، ذكر سعد بن عبد الله أنّ هذا الدعاء، دعا به عليّ (عليه السلام) قبل رفع المصاحف الشريفة، ثمّ قال ما معناه: إنّ إبليس صرخ صرخة سمعها بعض العسكر، يشير على معاوية وأصحابه برفع المصاحف للحيلة، فأجابه الخوارج لمعاوية إلى شبهاته فرفعوها، فاختلف أصحاب أمير المؤمنين علي (عليه السلام) كما اختلفوا في طاعة رسول الله (صلى الله عليه وآله) في حياته، فدعا (عليه السلام) فقال:
اللّهمّ إني أسألك العافية من جهد البلاء ومن شماتة الأعداء، اللّهمّ اغفر لي ذنبي وزَكّ عملي، واغسل خطاياي فإني ضعيف إلاّ ما قويت، واقسم لي حلماً تسدّ به باب الجهل، وعلماً تفرّج به الجهلات، ويقيناً تذهب به الشكّ عنّي، وفهماً تخرجني به من الفتن المعضلات، ونوراً أمشي به في الناس وأهتدي به في الظلمات، اللّهمّ أصلح سمعي وبصري وشعري وبشري وقلبي صلاحاً باقياً، تصلح بها ما بقي من جسدي، أسألك الراحة عند الموت والعفو عند الحساب.
اللّهمّ إني أسألك أيّ عمل كان أحبّ إليك وأقرب لديك أن تستعملني فيه أبداً، ثمّ لقنّي أشرف الأعمال عندك، وآتني فيه قوّة وصدقاً وجدّاً وعزماً منك ونشاطاً، ثمّ اجعلني أعمل ابتغاء وجهك ومعاشه فيما آتيت صالحي عبادك، ثمّ اجعلني لا أشتري به ثمناً قليلا ولا أبتغي به بدلا، ولا تغيّره في سرّاء ولا ضرّاء، ولا كسلا ولا نسياناً ولا رياء ولا سمعة، حتّى تتوفّاني عليه، وارزقني أشرف القتل في سبيلك، أنصرك وأنصر رسولك، اشتري الحياة الباقية بالدنيا، وأغنني بمرضاة من عندك.
اللّهمّ وأسألك قلباً سليماً ثابتاً حفيظاً منيباً يعرف المعروف فيتّبعه وينكر المنكر فيجتنبه، لا فاجراً ولا شقياً ولا مرتاباً، يا باسط اليدين بالرحمة، يا من
اللّهمّ اجعل النور في بصري واليقين في قلبي وخوفك في نفسي وذكرك على لساني، اللّهمّ اجعل رغبتي في مسألتي إيّاك رغبة أوليائك في مسائلهم، واجعل رهبتي إيّاك في استجارتي من عذابك رهبة أوليائك.
اللّهمّ واستعملني في مرضاتك وطاعتك عملا لا أترك شيئاً من مرضاتك وطاعتك، مخافة أحد من خلقك دونك.
اللّهمّ ما آتيتني من خير فاتني معه شكراً يحدث به لي ذكراً وأحسن لي به ذخراً، وما زويت عنّي من عطاء وآتيتني عنه غنى، فاجعل لي فيه أجراً وآتني عليه صبراً.
اللّهمّ سدّ فقري في الدنيا ولا تلهني عن عبادتك ولا تنسني ذكرك، ولا تقصّر رغبتي فيما عندك.
اللّهمّ إني أعوذ بك من الغمّ والحزن والعجز والكسل والجبن والبخل وسوء الخلق، وضَلَع الدين وغلبة الرجال وغلبة العدوّ، وتوالي الأيام، ومن شرّ ما يعمل الظالمون في الأرض، وبليّة لا أستطيع عليها صبرَاً، وأعوذ بك من كلّ شيء زحزح