قال ابن عباس (رضي الله عنه) ثمّ قال له (عليه السلام) : اُنظر ان حفظ لك، ولا تدعن قراءته يوماً واحداً، فإنّي أرجو أن توافي بلدك وقد أهلك الله عدوّك، فإنّي سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول: لو أنّ رجلا قرأ هذا الدعاء بنيّة صادقة وقلب خاشع، ثمّ أمر الجبال أن تسير معه لسارت، وعلى البحر لمشى عليه.
وخرج الرجل إلى بلاده، فورد كتابه على مولانا أمير المؤمنين (عليه السلام) بعد أربعين يوماً: أنّ الله قد أهلك عدوّه حتى أنّه لم يبق في ناحيته رجل، فقال أمير المؤمنين صلوات عليه وآله: قد علمت ذلك، ولقد علّمنيه رسول الله (صلى الله عليه وآله) وما استعسر عليّ أمر إلاّ أستيسر به(1).
(9) دعاء كميل بن زياد النخعي
1548/1 ـ الدعاء:
"اَللّـهُمَّ اِنِّي أَسْأَلُكَ بِرَحْمَتِكَ الَّتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْء وَبِقُوَّتِكَ الَّتِي قَهَرْتَ بِها كُلَّ شَيْء وَخَضَعَ لَها كُلُّ شَيْء وَذَلَّ لَها كُلُّ شَيْء وَبِجَبَرُوتِكَ الَّتِي غَلَبْتَ بِها كُلَّ شَيْء وَبِعِزَّتِكَ الَّتِي لا يَقُومُ لَها شَيْءٌ وَبِعَظَمَتِكَ الَّتِي مَلاََتْ كُلَّ شَيْء وَبِسُلْطانِكَ الَّذِي عَلا كُلَّ شَيْء وَبِوَجْهِكَ الْباقِي بَعْدَ فَنآءِ كُلِّ شَيْء وَبِأَسْمائِكَ الَّتِي مَلاََتْ أَرْكانَ كُلِّ شَيْء وَبِعِلْمِكَ الَّذِي أَحاطَ بِكُلِّشَىْء وَبِنُورِ وَجْهِكَ الَّذِي أَضآءَ لَهُ كُلُّ شيْء يا نُورُ يا |
____________
1- مهج الدعوات: 106; البحار 95: 240; دار السلام 1: 147.
قُدُّوسُ يا أَوَّلَ الاَْوَّلِينَ وَيا آخِرَ الاْخِرينَ اَللّـهُمَّ اغْفِرْ لِىَ الذُّنُوبَ الَّتِي تَهْتِكُ الْعِصَمَ اَللّـهُمَّ اغْفِـرْ لِىَ الذُّنُوبَ الَّتِي تُنْزِلُ النِّقَمَ اَللّـهُمَّ اغْفِرْ لِىَ الذُّنُوبَ الَّتِي تُغَيِّـرُ النِّعَمَ اَللّـهُمَّ اغْفِرْ لىَ الذُّنُوبَ الَّتِي تَحْبِسُ الدُّعآءَ اَللّـهُمَّ اغْفِرْ لِىَ الذُّنُوبَ الَّتِي تُنْزِلُ الْبَلاءَ اَللّـهُمَّ اغْفِرْ لِي كُلَّ ذَنْب أَذْنَبْتُهُ وَكُلَّ خَطيئَة أَخْطَاْتُها اَللّـهُمَّ اِنِّي أَتَقَرَّبُ اِلَيْكَ بِذِكْرِكَ وَأَسْتَشْفِعُ بِكَ اِلى نَفْسِكَ وَأَسْأَلُكَ بِجُودِكَ أَنْ تُدْنِيَنِي مِنْ قُرْبِكَ وَأَنْ تُوزِعَنِي شُكْرَكَ وَأَنْ تُلْهِمَنِي ذِكْرَكَ اَللّـهُمَّ اِنِّي أَسْأَلُكَ سُؤالَ خاضِع مُتَذَلِّل خاشِع أَنْ تُسامِحَنِي وَتَرْحَمَنِي وَتَجْعَلَنِي بِقِسْمِكَ راضِياً قانِعاً وَفِي جَميعِ الاَْحْوالِ مُتَواضِعاً اَللّـهُمَّ وَأَسْأَلُكَ سُؤالَ مَنِ اشْتَدَّتْ فاقَتُهُ وَأَنْزَلَ بِكَ عِنْدَ الشَّدآئِدِ حاجَتَهُ وَعَظُمَ فيما عِنْدَكَ رَغْبَتُهُ اَللّـهُمَّ عَظُمَ سُلْطانُكَ وَعَلا مَكانُكَ وَخَفِىَ مَكْرُكَ وَظَهَرَ أَمْرُكَ وَغَلَبَ قَهْرُكَ وَجَرَتْ قُدْرَتُكَ وَلا يُمْكِنُ الْفِرارُ مِنْ حُكُومَتِكَ اَللّـهُمَّ لا أَجِدُ لِذُنُوبِي غافِراً وَلا لِقَبائِحِي ساتِراً وَلا لِشَىْء مِنْ عَمَلِىَ الْقَبيحِ بِالْحَسَنِ مُبَدِّلاً غَيْرَكَ لا اِلـهَ اِلاّ أَنْتَ سُبْحانَكَ وَبِحَمْدِكَ ظَلَمْتُ نَفْسِي وَتَجَرَّأْتُ بِجَهْلِي وَسَكَنْتُ اِلى قَديمِ ذِكْرِكَ لِي وَمَنِّكَ عَلَىَّ اَللّـهُمَّ مَوْلاىَ كَمْ مِنْ قَبيح سَتَرْتَهُ وَكَمْ مِنْ فادِح مِنَ الْبَلاءِ أَقَلْتَهُ (أَمَلْتَهُ) وَكَمْ مِنْ عِثار وَقَيْتَهُ وَكَمْ مِنْ مَكْرُوه دَفَعْتَهُ وَكَمْ مِنْ ثَنآء جَميل لَسْتُ أَهْلاً لَهُ نَشَرْتَهُ اَللّـهُمَّ عَظُمَ بَلائِي وَأَفْرَطَ بِي سُوءُ حالِي وَقَصُرَتْ (قَصَّرَتْ) بِي أَعْمالِي وَقَعَدَتْ بِي أَغْلالِي وَحَبَسَنِي عَنْ نَفْعِي بُعْدُ أَمَلِي (آمالِي) وَخَدَعَتْنِى الدُّنْيا بِغُرُورِها وَنَفْسِي بِجِنايَتِها (بِخِيانَتِها) وَمِطالِي يا سَيِّدِي فَاَسْئَلُكَ بِعِزَّتِكَ أَنْ لا يَحْجُبَ عَنْكَ دُعآئِي سُوءُ عَمَلِي وَفِعالِي وَلا تَفْضَحْنِي بِخَفِىِّ مَا اطَّلَعْتَ |
عَلَيْهِ مِنْ سِرِّي وَلا تُعاجِلْنِي بِالْعُقُوبَةِ عَلى ما عَمِلْتُهُ فِي خَلَواتِي مِنْ سُوءِ فِعْلِي وَاِسآئَتِي وَدَوامِ تَفْريطِي وَجَهالَتِي وَكَثْرَةِ شَهَواتِي وَغَفْلَتِي وُ كُنِ اللّهُمَّ بِعِزَّتِكَ لِي فِي كُلِّ الاَْحْوالِ (فِي الاَْحْوالِ كُلِّها) رَؤُفاً وَعَلَىَّ فِي جَميعِ الاُْمُورِ عَطُوفاً اِلـهِي وَرَبِّي مَنْ لِي غَيْرُكَ أَسْأَلُهُ كَشْفَ ضُرِّي وَالنَّظَرَ فِي أَمْرِي اِلـهِي وَمَوْلاىَ أَجْرَيْتَ عَلَىَّ حُكْماً اتَّبَعْتُ فيهِ هَوى نَفْسِي وَلَمْ أَحْتَرِسْ فيهِ مِنْ تَزْيينِ عَدُوِّي فَغَرَّنِي بِما أَهْوى وَأَسْعَدَهُ عَلى ذلِكَ الْقَضآءُ فَتَجاوَزْتُ بِما جَرى عَلَىَّ مِنْ ذلِكَ بَعْضَ (مِنْ نَقْضِ) حُدُودِكَ وَخالَفْتُ بَعْضَ أَوامِرِكَ فَلَكَ الْحَمْدُ (اَلْحُجَّةُ) عَلىّ فِي جَميعِ ذلِكَ وَلا حُجَّةَ لِي فيما جَرى عَلَىَّ فيهِ قَضآؤُكَ وَأَلْزَمَنِي حُكْمُكَ وَبَلآؤُكَ وَقَدْ أَتَيْتُكَ يا اِلـهِي بَعْدَ تَقْصيرِي وَاِسْرافِي عَلى نَفْسِي مُعْتَذِراً نادِماً مُنْكَسِراً مُسْتَقيلاً مُسْتَغْفِراً مُنيباً مُقِرّاً مُذْعِناً مُعْتَرِفاً لا أَجِدُ مَفَرّاً مِمّا كانَ مِنِّي وَلا مَفْزَعاً أَتَوَجَّهُ اِلَيْهِ فِي أَمْرِي غَيْرَ قَبُولِكَ عُذْرِي وَاِدْخالِكَ اِيّاىَ فِي سَعَةِ (مِنْ) رَحْمَتِكَ اَللّـهُمَّ (اِلـهِي) فَاقْبَلْ عُذْرِي وَارْحَمْ شِدَّةَ ضُرِّي وَفُكَّنِي مِنْ شَدِّ وَثاقِي يا رَبِّ ارْحَمْ ضَعْفَ بَدَنِي وَرِقَّةَ جِلْدِي وَدِقَّةَ عَظْمِي يا مَنْ بَدَأَ خَلْقِي وَذِكْرِي وَتَرْبِيَتِي وَبِرِّي وَتَغْذِيَتِي هَبْنِي لاِبـْتِدآءِ كَرَمِكَ وَسالِفِ بِرِّكَ بِي يا اِلـهِي وَسَيِّدِي وَرَبِّي أَتُراكَ مُعَذِّبِي بِنارِكَ بَعْدَ تَوْحيدِكَ وَبَعْدَ مَا انْطَوى عَلَيْهِ قَلْبِي مِنْ مَعْرِفَتِكَ وَلَهِجَ بِهِ لِسانِي مِنْ ذِكْرِكَ وَاعْتَقَدَهُ ضَميرِي مِنْ حُبِّكَ وَبَعْدَ صِدْقِ اعْتِرافِي وَدُعآئِي خاضِعاً لِرُبُوبِيَّتِكَ هَيْهاتَ أَنْتَ أَكْرَمُ مِنْ أَنْ تُضَيِّعَ مَنْ رَبَّيْتَهُ أَوْ تُبْعِدَ (تُبَعِّدَ) مَنْ أَدْنَيْتَهُ أَوْ تُشَرِّدَ مَنْ آوَيْتَهُ أَوْ تُسَلِّمَ اِلَى الْبَلآءِ مَنْ كَفَيْتَهُ وَرَحِمْتَهُ وَلَيْتَ شِعْرِي يا سَيِّدِي وَاِلـهِي وَمَوْلاىَ أَتُسَلِّطُ النّارَ |
عَلى وُجُوه خَرَّتْ لِعَظَمَتِكَ ساجِدَةً وَعَلى أَلْسُن نَطَقَتْ بِتَوْحيدِكَ صادِقَةً وَبِشُكْرِكَ مادِحَةً وَعَلى قُلُوب اعْتَرَفَتْ بِاِلهِيَّتِكَ مُحَقِّقَةً وَعَلى ضَمآئِرَ حَوَتْ مِنَ الْعِلْمِ بِكَ حَتّى صارَتْ خاشِعَةً وَعَلى جَوارِحَ سَعَتْ اِلى أَوْطانِ تَعَبُّدِكَ طآئِعَةً وَأَشارَتْ بِاسْتِغْفارِكَ مُذْعِنَةً ما هكَذَا الظَّنُّ بِكَ وَلا اُخْبِرْنا بِفَضْلِكَ عَنْكَ يا كَريمُ يا رَبِّ وَأَنْتَ تَعْلَمُ ضَعْفِي عَنْ قَليل مِنْ بَلاءِ الدُّنْيا وَعُقُوباتِها وَما يَجْرِي فيها مِنَ الْمَكارِهِ عَلى أَهْلِها عَلى أَنَّ ذلِكَ بَلاءٌ وَمَكْرُوهٌ قَليلٌ مَكْثُهُ يَسيرٌ بَقآئُهُ قَصيرٌ مُدَّتُهُ فَكَيْفَ احْتِمالِي لِبَلاءِ الاْخِرَةِ وَجَليلِ (حُلُولِ) وُقُوعِ الْمَكارِهِ فيها وَهُوَ بَلاءٌ تَطُولُ مُدَّتُهُ وَيَدُومُ مَقامُهُ وَلا يُخَفَّفُ عَنْ أَهْلِهِ لاَِنَّهُ لا يَكُونُ اِلاّ عَنْ غَضَبِكَ وَاْنتِقامِكَ وَسَخَطِكَ وَهذا ما لا تَقُومُ لَهُ السَّمـواتُ وَالاَْرْضُ يا سَيِّدِِي فَكَيْفَ لِي (بِي) وَأَنَا عَبْدُكَ الضَّعيـفُ الـذَّليـلُ الْحَقيـرُ الْمِسْكيـنُ الْمُسْتَكينُ يا اِلـهِي وَرَبِّي وَسَيِّدِِي وَمَوْلاىَ لاَِىِّ الاُْمُورِ اِلَيْكَ أَشْكُو وَلِما مِنْها أَضِجُّ وَأَبْكِي لاَِليمِ الْعَذابِ وَشِدَّتِهِ أَمْ لِطُولِ الْبَلاءِ وَمُدَّتِهِ فَلَئِنْ صَيَّرْتَنِي لِلْعُقُوباتِ مَعَ أَعْدآئِكَ وَجَمَعْتَ بَيْنِي وَبَيْنَ أَهْلِ بَلائِكَ وَفَرَّقْتَ بَيْنِي وَبَيْنَ أَحِبّآئِكَ وَأَوْليآئِكَ فَهَبْنِي يا اِلـهِي وَسَيِّدِِي وَمَوْلاىَ وَرَبِّي صَبَرْتُ عَلى عَذابِكَ فَكَيْفَ أَصْبِرُ عَلى فِراقِكَ وَهَبْنِي (يا اِلـهِي) صَبَرْتُ عَلى حَرِّ نارِكَ فَكَيْفَ أَصْبِرُ عَنِ النَّظَرِ اِلى كَرامَتِكَ أَمْ كَيْفَ أَسْكُنُ فِى النّارِ وَرَجآئِي عَفْوُكَ فَبِعِزَّتِكَ يا سَيِّدِي وَمَوْلاىَ اُقْسِمُ صادِقاً لَئِنْ تَرَكْتَنِي ناطِقاً لاَِضِجَّنَّ اِلَيْكَ بَيْنَ أَهْلِها ضَجيجَ الاْمِلينَ (الاْلِمينَ) وَلاََصْرُخَنَّ اِلَيْكَ صُراخَ الْمَسْتَصْرِخينَ وَلاََبْكِيَنَّ عَلَيْكَ بُكآءَ الْفاقِدينَ وَلاَُنادِيَنَّكَ أَيْنَ كُنْتَ يا وَلِىَّ الْمُؤْمِنينَ يا |
غايَةَ امالِ الْعارِفينَ يا غِياثَ الْمُسْتَغيثينَ يا حَبيبَ قُلُوبِ الصّادِقينَ وَيا اِلـهَ الْعالَمينَ أَفَتُراكَ سُبْحانَكَ يا اِلـهِي وَبِحَمْدِكَ تَسْمَعُ فيها صَوْتَ عَبْد مُسْلِم سُجِنَ (يُسْجَنُ) فيها بِمُخالَفَتِهِ وَذاقَ طَعْمَ عَذابِها بِمَعْصِيَتِهِ وَحُبِسَ بَيْنَ أَطْباقِها بِجُرْمِهِ وَجَريرَتِهِ وَهُوَ يَضِجُّ اِلَيْكَ ضَجيجَ مُؤَمِّل لِرَحْمَتِكَ وَيُناديكَ بِلِسانِ أَهْلِ تَوْحيدِكَ وَيَتَوَسَّلُ اِلَيْكَ بِرُبُوبِيَّتِكَ يا مَوْلاىَ فَكَيْفَ يَبْقى فِى الْعَذابِ وَهُوَ يَرْجُو ما سَلَفَ مِنْ حِلْمِكَ أَمْ كَيْفَ تُؤْلِمُهُ النّارُ وَهُوَ يَأْمُلُ فَضْلَكَ وَرَحْمَتَكَ أَمْ كَيْفَ يُحْرِقُهُ لَهيبُها وَأَنْتَ تَسْمَعُ صَوْتَهُ وَتَرى مَكانَهُ أَمْ كَيْفَ يَشْتَمِلُ عَلَيْهِ زَفيرُها وَأَنْتَ تَعْلَمُ ضَعْفَهُ أَمْ كَيْفَ يَتَقَلْقَلُ بَيْنَ أَطْباقِها وَأَنْتَ تَعْلَمُ صِدْقَهُ أَمْ كَيْفَ تَزْجُرُهُ زَبانِيَتُها وَهُوَ يُناديكَ يا رَبَّهُ أَمْ كَيْفَ يَرْجُو فَضْلَكَ فِي عِتْقِهِ مِنْها فَتَتْرُكُهُ فيها هَيْهاتَ ما ذلِكَ الظَّنُ بِكَ وَلاَالْمَعْرُوفُ مِنْ فَضْلِكَ وَلا مُشْبِهٌ لِما عامَلْتَ بِهِ الْمُوَحِّدينَ مِنْ بِرِّكَ وَاِحْسانِكَ فَبِالْيَقينِ أَقْطَعُ لَوْ لا ما حَكَمْتَ بِهِ مِنْ تَعْذيبِ جاحِديكَ وَقَضَيْتَ بِهِ مِنْ اِخْلادِ مُعانِدِيكَ لَجَعَلْتَ النّارَ كُلَّها بَرْداً وَسَلاماً وَما كانَ (نَتْ) لاَِحَد فيها مَقَرّاً وَلا مُقاماً (مَقاماً) لكِنَّكَ تَقَدَّسَتْ أَسْمآؤُكَ أَقْسَمْتَ أَنْ تَمْلاََها مِنَ الْكافِرينَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنّاسِ أَجْمَعينَ وَأَنْ تُخَلِّدَ فيهَا الْمُعانِدينَ وَأَنْتَ جَلَّ ثَناؤُكَ قُلْتَ مُبْتَدِئاً وَتَطَوَّلْتَ بِالاِْنْعامِ مُتَكَرِّماً أَفَمَنْ كانَ مُؤْمِناً كَمَنْ كانَ فاسِقاً لا يَسْتَوُونَ اِلـهِي وَسَيِّدِي فَاَسْئَلُكَ بِالْقُدْرَةِ الَّتِي قَدَّرْتَها وَبِالْقَضِيَّةِ الَّتِي حَتَمْتَها وَحَكَمْتَها وَغَلَبْتَ مَنْ عَلَيْهِ أَجْرَيْتَها أَنْ تَهَبَ لِي فِي هذِهِ اللَّيْلَةِ وَفِي هذِهِ السّاعَةِ كُلَّ جُرْم أَجْرَمْتُهُ وَكُلَّ ذَنْب أَذْنَبْتُهُ وَكُلَّ قَبِيح أَسْرَرْتُهُ وَكُلَّ جَهْل عَمِلْتُهُ كَتَمْتُهُ أَوْ أَعْلَنْتُهُ أَخْفَيْتُهُ أَوْ أَظْهَرْتُهُ وَكُلَّ |
سَيِّئَة أَمَرْتَ بِاِثْباتِهَا الْكِرامَ الْكاتِبينَ الَّذينَ وَكَّلْتَهُمْ بِحِفْظِ ما يَكُونُ مِنِّي وَجَعَلْتَهُمْ شُهُوداً عَلَىَّ مَعَ جَوارِحِي وَكُنْتَ أَنْتَ الرَّقيبَ عَلَىَّ مِنْ وَرائِهِمْ وَالشّاهِدَ لِما خَفِىَ عَنْهُمْ وَبِرَحْمَتِكَ أَخْفَيْتَهُ وَبِفَضْلِكَ سَتَرْتَهُ وَأَنْ تُوَفِّرَ حَظِّي مِنْ كُلِّ خَيْر أَنْزَلْتَهُ (تُنَزِّلُهُ) أَوْ اِحْسان فَضَّلْتَهُ (تُفَضِّلُهُ) أَوْ بِرٍّ نَشَرْتَهُ (تَنْشُرُهُ) أَوْ رِزْق بَسَطْتَهُ (تَبْسُطُهُ) أَوْ ذَنْب تَغْفِرُهُ أَوْ خَطَأ تَسْتُرُهُ يا رَبِّ يا رَبِّ يا رَبِّ يا اِلـهِي وَسَيِّدِي وَمَوْلاىَ وَمالِكَ رِقِّي يا مَنْ بِيَدِهِ ناصِيَتِي يا عَليماً بِضُرِّي (بِفَقْرِي) وَمَسْكَنَتِي يا خَبيراً بِفَقْرِي وَفاقَتِي يا رَبِّ يا رَبِّ يا رَبِّ أَسْأَلُكَ بِحَقِّكَ وَقُدْسِكَ وَأَعْظَمِ صِفاتِكَ وَأَسْمائِكَ أَنْ تَجْعَلَ أَوْقاتِي مِنَ (فِى) اللَّيْلِ وَالنَّهارِ بِذِكْرِكَ مَعْمُورَةً وَبِخِدْمَتِكَ مَوْصُولَةً وَأَعْمالِي عِنْدَكَ مَقْبُولَةً حَتّى تَكُونَ أَعْمالِي وَأَوْرادِي (وَاِرادَتِي) كُلُّها وِرْداً واحِداً وَحالِي فِي خِدْمَتِكَ سَرْمَداً يا سَيِّدِي يا مَنْ عَلَيْهِ مُعَوَّلِي يا مَنْ اِلَيْهِ شَكَوْتُ أَحْوالِي يا رَبِّ يا رَبِّ يا رَبِّ قَوِّ عَلى خِدْمَتِكَ جَوارِحِي وَاشْدُدْ عَلَى الْعَزيمَةِ جَوانِحِي وَهَبْ لِىَ الْجِدَّ فِي خَشْيَتِكَ وَالدَّوامَ فِى الاِْتِّصالِ بِخِدْمَتِكَ حَتّى أَسْرَحَ اِلَيْكَ فِي مَيادينِ السّابِقينَ وَاُسْرِعَ اِلَيْكَ فِى الْبارِزينَ (الْمُبادِرينَ) وَأَشْتاقَ اِلى قُرْبِكَ فِى الْمُشْتاقينَ وَأَدْنُوَ مِنْكَ دُنُوَّ الُْمخْلِصينَ وَأَخافَكَ مَخافَةَ الْمُوقِنينَ وَأَجْتَمِعَ فِي جِوارِكَ مَعَ الْمُؤْمِنينَ اَللّـهُمَّ وَمَنْ أَرادَنِي بِسُوء فَاَرِدْهُ وَمَنْ كادَنِي فِكِدْهُ وَاجْعَلْنِي مِنْ أَحْسَنِ عَبيدِكَ نَصيباً عِنْدَكَ وَأَقْرَبِهِمْ مَنْزِلَةً مِنْكَ وَأَخَصِّهِمْ زُلْفَةً لَدَيْكَ فَاِنَّهُ لا يُنالُ ذلِكَ اِلاّ بِفَضْلِكَ وَجُدْ لِي بِجُودِكَ وَاعْطِفْ عَلَىَّ بِمَجْدِكَ وَاحْفَظْنِي بِرَحْمَتِكَ وَاجْعَلْ لِسانِي بِذِكْرِكَ لَهِجاً وَقَلْبِي بِحُبِّكَ مُتَيَّماً وَمُنَّ عَلَىَّ بِحُسْنِ اِجابَتِكَ وَأَقِلْنِي عَثْرَتِي وَاغْفِرْ |
زَلَّتِي فَاِنَّكَ قَضَيْتَ عَلى عِبادِكَ بِعِبادَتِكَ وَأَمَرْتَهُمْ بِدُعائِكَ وَضَمِنْتَ لَهُمُ الاِْجابَةَ فَاِلَيْكَ يارَبِّ نَصَبْتُ وَجْهِي وَاِلَيْكَ يا رَبِّ مَدَدْتُ يَدِي فَبِعِزَّتِكَ اسْتَجِبْ لِي دُعآئِي وَبَلِّغْنِي مُناىَ وَلا تَقْطَعْ مِنْ فَضْلِكَ رَجائِي وَاكْفِنِي شَرَّ الْجِنِّ وَالاِْنْسِ مِنْ أَعْدآئِي يا سَريعَ الرِّضا اِغْفِرْ لِمَنْ لا يَمْلِكُ اِلاَّ الدُّعآءَ فَاِنَّكَ فَعّالٌ لِما تَشآءُ يا مَنِ اسْمُهُ دَوآءٌ وَذِكْرُهُ شِفآءٌ وَطاعَتُهُ غِنىً اِرْحَمْ مَنْ رَأْسُ مالِهِ الرَّجآءُ وَسِلاحُهُ الْبُكآءُ يا سابِـغَ النِّعَمِ يا دافِعَ النِّقَمِ يا نُورَ الْمُسْتَوْحِشينَ فِي الظُّلَمِ يا عالِماً لا يُعَلَّمُ صَلِّ عَلى مُحَمَّد وَآلِ مُحَمَّد وَافْعَلْ بِي ما أَنْتَ أَهْلُهُ وَصَلَّى اللهُ عَلى رَسُولِهِ وَالاَْئِمَّةِ الْمَيامينَ مِنْ آلِهِ (أَهْلِهِ) وَسَلَّمَ تَسْليماً كَثيراً"(1)(2).
|
____________
1- أضواء على دعاء كميل: 85.
2 ـ التعريف بكميل:
ذكر عزّ الدين بحر العلوم في كتابه (أضواء على شرح دعاء كميل) ص85 ط1407 هـ ببغداد:
"يتمتع راوي الدعاء (كميل بن زياد بن نهيك النخعي، بشخصية عظيمة، وثقة عالية عند الإمام أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب (عليه السلام) ، فهو حامل سرّه كما يقول عنه علماء الرجال، وقد ترجموه وأطنبوا فيه، وذكروا أنه طالما كان أمير المؤمنين (عليه السلام) يردفه على راحلته، ويحدّثه باُمور لم يطّلع عليها أحداً غيره، ولهذا قالوا عنه: إنّه حامل سرّه.
وكان والياً له على (هيت) وهي بلدة تقع على الفرات من نواحي بغداد فوق الأنبار.
وربّما كان اختياره للهيت نظراً لما يتمتع به (كميل) من شجاعة وعلم، ومعرفة بتصريف الاُمور، ولما لهذه البلدة من موقعيّة استراتيجية في ذلك الزمان; لأنّ هيت تتصل ببادية الشام، وبذلك تشكّل حدوداً بين العراق وبين سوريا، والتي كانت دمشق عاصمتها مقرّاً لمعاوية بن أبي سفيان، وقد كانت بعض المدن الواقعة على الفرات ممّا يقع على هذا الخط تابعة لحكم معاوية، ومن الواضح أن وجود معاوية وامتداد نفوذه، كان يشكّل خطراً على الخلافة الإسلامية في عهد الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام) ، لذلك كان اختيار المترجم حافظاً لثغر العراق.
من هذه الجهة هو القائد المحنّك، والوالي العارف بإدارة البلاد.
ومع هذا فهو القائد الزاهد الورع، شهد مع أمير المؤمنين واقعة صفين.
=>
____________
<=
وقد روى عن كميل جماعة من التابعين (كما يقول ابن كثير الدمشقي) وفي مقام نسبته إلى الإمام أمير المؤمنين: اختلفت عبارات المؤمنين، فالبعض يعبّر عنه: تلميذ الإمام، والبعض يقول عنه بأنّه: من شيعته وخاصّته، وثالث كان يعرّفه بأنه من المفرطين في علي ممّن يروي عنه المعضلات، وقال عنه رابع: بأنه من أعاظم خواص أمير المؤمنين وأصحاب سرّه.
وقيل عنه: كان من كبار أصحاب أمير المؤمنين (عليه السلام) ، وولده الحسن السبط (عليه السلام) .
أمّا في مقام ترجمته وتعريفه فقد قيل عنه:
كان رجلا ركيناً، وكان له إدراك، وكان شريفاً مطاعاً في قومه، وكان من أجلاّء علماء وقته وعقلاء زمانه، ونسّاك عصره وفضلاء أوانه، وكان من رؤساء الشيعة، وذكر في جملة عبّاد أهل الكوفة، وقال ابن عمّار عنه: إنّه رافضي، وهو ثقة.
من هذا العرض لترجمته تظهر لنا شخصية هذا الرجل الثقة، وما كان يتمتع به من مؤهلات قلّما اجتمعت في غيره من الأعاظم.
وفي مجال الحديث، فقد قالت عنه مصادر الترجمة: بأنّه روى عن جماعة كان في مقدمتهم أمير المؤمنين وابن مسعود.
وقد نُقلت عنه وصايا عديدة أملاها عليه أمير المؤمنين (عليه السلام) .
روايته للدعاء:
ذكر السيد ابن طاووس في الإقبال عن دعاء كميل ما يلي:
"وما رويناه بإسنادنا إلى جدّي أبي جعفر الطوسي (رضي الله عنه) قال:
روي أنّ كميل بن زياد النخعي، رأى أمير المؤمنين (عليه السلام) ساجداً وهو يدعو بهذا الدعاء في ليلة النصف من شعبان.
قال السيد ابن طاووس: أقول: ووجدت في رواية اُخرى ما هذا لفظها: قال كميل بن زياد: كنت جالساً مع مولاي أمير المؤمنين (عليه السلام) في مسجد البصرة ومعه جماعة من أصحابه، فقال بعضهم: ما معنى قول الله عزّ وجلّ: (فِيهَا يفرق كُلُّ أَمْر حَكِيم) (الدخان/4)؟
قال (عليه السلام) : ليلة النصف من شعبان، والذي نفس علي بيده أنه ما من عبد إلاّ وجميع ما يجري عليه من خير وشر، مقسوم له في ليلة النصف من شعبان إلى آخر السنة في مثل تلك الليلة المقبلة، وما من عبد يحييها ويدعو بدعاء الخضر (عليه السلام) إلاّ اُجيب له، فلما انصرف طرقته ليلا، فقال (عليه السلام) : ما جاء بك يا كميل؟ قلت: يا أمير المؤمنين دعاء الخضر.
فقال: اجلس يا كميل، إذا حفظت هذا الدعاء فادعو به كلّ ليلة جمعة، أو في الشهر مرّة، أو في السنة مرّة، أو في عمرك مرّة، تكف وتنصر، وترزق، ولن تعدم المغفرة.
يا كميل أوجب لك طول الصحبة أن نجود لك بما سألت، ثمّ قال (عليه السلام) : اكتب "اللّهمّ اني أسألك برحمتك التي وسعت كلّ شيء" إلى آخر الدعاء.
=>
(10) دعاء أمير المؤمنين (عليه السلام) وهو مستقبل الركن اليماني
1549/1 ـ ابن طاووس، بإسنادنا إلى سعد بن عبد الله، من كتابه كتاب (فضل الدعاء)، قال: حدّثني الحسن بن علي بن عبد الله بن المغيرة الكوفي، عن أبيه، عن سيف بن عميرة، عن إبراهيم بن أبي يحيى، عن أبي عبد الله، عن أبيه، عن جدّه، عن عليّ، وعن رجل عنه، عن أبيه، عن فاطمة بنت رسول الله صلّى الله عليه وآله وعليها، وعن محمّد بن شهاب، عن سلمان، عن أمير المؤمنين (عليه السلام) ، وعن عطاء وعن أبي ذر، عن أمير المؤمنين (عليه السلام) ، وعن عاصم، عن عبد الرحمن السلمي، عن أمير المؤمنين (عليه السلام) ، وعن مجاهد نحو من ثلاثين رجلا كلهم، وكل هؤلاء يقولون: سمعنا أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب (عليه السلام) وهو مستقبل الركن اليماني وهو يقول: ها وربّ الكعبة، ثمّ جاز إلى الحجر الأسود فقال: ها وربّ الكعبة، حتّى مرّ بالأركان الأربعة وهو يقول: ها وربّ الكعبة، ثمّ قال: ها وربّ الكعبة، ها وربّ الأركان كلّها، ها وربّ المشاعر، ها وربّ هذه الحرمات، لقد سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول: هذا الحديث الذي اُحدّثكم به أنّه مكتوب في زبور داود، وفي توراة موسى وانجيل عيسى وقرآن محمّد (صلى الله عليه وآله) وعلى جميع الأنبياء والمرسلين، وفي ألف كتاب نزل من السماء إلى ألف نبيّ (عليهم السلام) أنّه قال: من قال:
لا إله إلاّ الله في علمه منتهى رضاه، لا إله إلاّ الله بعد علمه منتهى رضاه، لا إله إلاّ الله مع علمه منتهى رضاه، الله أكبر في علمه منتهى |
____________
<=
ولنا أن نقف مع نسبة الإمام (عليه السلام) لهذا الدعاء إلى الخضر (عليه السلام) وهو نبيّ من أنبياء الله فما هو المقصود؟
فهل أنّ الدعاء بنصوصه وألفاظه كان من إملاء الخضر وبيانه وقد حفظه الإمام (عليه السلام) منه؟ أمّا كيف حفظه، وكيف وصل إليه، فهذا أمر من الاُمور الغيبية وأملاه على كميل، أو أنّ مضامين الدعاء كان يدعو بها الخضر فاستحسنه الإمام (عليه السلام) وصاغه ببيانه وفصاحته الباهرة، فجاء بهذه النصوص.
ولعلّ هذا أقرب من الاحتمال السابق; لأنّ هذا الاُسلوب من البيان، وهذه الرقة في التعبير هما من مميزات آل بيت رسول الله (صلى الله عليه وآله) وفي مقدمتهم الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام) حيث نجد في مناجاتهم مع الله من رقة التعبير ورصانة التركيز ما لا نجده في كثير من أدعية غيرهم...".