الصفحة 514

محاسني، وبُليَ جسمي، وتقطّعت أوصالي، وتفرّقت أعضائي.

إلهي فارحمني، إلهي أفحَمتني ذنوبي، وانقطعت مقالتي، فلا حجة لي ولا عذرَ، فأنا المُقِرُّ بجرمي والمعترف بإساءتي، والأسيرُ بذنبي، والمرتهن بعملي، المُتهوّرُ في خطيئتي، المُتحيّر عن قصدي المنقطع بي.

إلهي فصلّ على محمّد وآل محمّد وارحمني برحمتك وتجاوز عنّي.

إلهي إن كان صَغُرَ في جنب طاعتك عملي، فقد كَبُرَ في جنب رجائك أملي.

إلهي كيف أنقلبُ بالخيبة من عندك محروماً، وكان ظنّي بجودك أن تقلُبني مرحوماً، كلاّ إنّي لم اُسلّط على حسن ظنّي بك قنوطَ ظنّ الآيسين، فلا تبطل صدق رجائي بك بين الأملين، إلهي إن كنّا مرحومين فإنّا نبكي على ما ضيّعناه في طاعتك ما تَستَوجبه، وإن كنّا محرومين فإنّا نبكي إذا فاتنا من جوارك ما نطلبه.

إلهي عظمَ جُرمي إذ كنتَ المبارزَ به، وكَبُرَ ذنبي إذ كنتَ المطالِبَ به، ألا إنّي إذا ذكرتُ كثرة ذنوبي وعظيمَ غُفرانك، وجدتُ الحاصلَ لي بينهما عَفْوَ رضوانك.

إلهي إن أوحشتني الخطايا من محاسن لُطفك فقد آنسني اليقينُ بمكارم عطفك.

إلهي إن أنامَتني الغفلةُ عن الإستعداد للقائك فقد أنبهتني المعرفةُ بكريم آلائك.

إلهي إن عَزَبَ لُبّي عن تقويم ما يصلِحني فما عَزَبَ إيقاني بنظرك لي فيما ينفعني.



الصفحة 515

إلهي جئتك ملهوفاً قد اُلبِستُ عدمي وفاقتي، وأقامني مقام الأذلّين بين يديك ذُلُّ حاجتي.

إلهي كرمتَ فأكرمني إن كنت من سؤالك، وجُد بمعروفكَ وأخلِطني بأهل نوالِكَ.

إلهي أصبحتُ على باب من أبواب منحك سائلا، وعن التعرّض لغيرك بالمسألة عادلا، وليس من جميل امتنانك أن تردّ سائلا ملهوفاً، ومضطرّاً لانتظار أمرك مألوفاً.

إلهي أقمتُ على قنطرة الأخطار، مَبلوّاً بالأعمال وبالإعتبار، فأنا الهالكُ إن لم تُعِن عليها بتخفيف الآصار.

إلهي أمِن أهل الشقاء خلقتني فاُطيل بكائي، أم من أهل السعادة فاُبشِّرَ رجائي.

إلهي لو لم تَهدني إلى الإسلام ما اهتديتُ، ولو لم تُطلِقُ لساني بدعائك ما دعوت، ولو لم ترزُقني الايمانَ بك ما آمنت، ولو لم تعرفني حلاوة نعمتك ما عرفتُ، ولو لم تُبيّن شديدَ عقابك ما استجرتُ.

إلهي إن أقعدَني التخلّف عن السبق مع الأبرار فقد أقاتدني الثقةُ بك على مَدارِج الأخيار.

إلهي نفساً أعززتَها بتأييد إيمانك، كيف تُذلُّها بين أطباق نيرانك.

إلهي لساناً كسوتَه من وحدانيّتك أنقى أثوابها، كيف تَهوي إليه من النار شعلاتُ التهابِها.

إلهي كلّ مكروب فإليك يلتجي وكلّ محزون فإيّاك يرتجي.

إلهي سمع العابدون بجزيل ثوابك فخشعوا، وسمع المذنبون بسعة



الصفحة 516

رحمتك فَقَنِعوا، وسمع المولّونَ عن القصدِ بجودك فرجعوا، وسمع المجرمون بسعة غفرانك فَطَمِعوا، حتّى ازدحمت عَصائِبُ العُصاة من عبادك ببابك، ووعجّ منهم إليك عجيج الضجيج بالدعاء في بلادك، ولكن أملٌ ساق صاحبَهُ إليك محتاجاً، ولكلّ قلبٌ تركه يا ربّ وجيف الخوف منك مُهتاجاً، فأنت المسؤولُ الذي لا تسودُ لديه وجوهُ المطالِب ولا يردّ نائِلهُ قاطعاتُ المَعاطِب.

إلهي إذا أخطأتُ طريق النظر لنفسي بما فيه كرامَتُها، فقد أصبت طريق الفزع إليك بما فيه سلامتُها.

إلهي إن كانت نفسي استَسعدَتني مُتمرّدةً على ما يرديها فقد استَسعَدتُها الآن بدعائك على ما يُنجيها.

إلهي إن قسطت في الحكم على نفسي بما فيه حَسرتُها فقد أقسطت في تَعريفي إيّاها من رحمتك أسباب رأفتها.

إلهي إن قَطَعني قلّة الزاد في المسير إليك فقد وصلتُهُ بذخائر ما أعددتُهُ من فضل تعويلي عليك.

إلهي إذا ذكرتُ رحمتك ضحكَت لها عيونُ وسائلي، وإذا ذكرتُ سخطك بكت له عيونُ مسائلي.

إلهي أدعوك دعاءَ من لم يَرجُ غيرك في دعائه، وأرجوك رجاء من لم يقصد غيرك في رجائه.

إلهي كيف أسكت بالإفحام لسانُ ضراعَتي وقد أقلقني ما أبهَمَ عليّ من مَصير عاقبتي.

إلهي قد علمتَ حاجةَ جِسمي إلى ما تكفّلتَ له من الرزق في حياتي،



الصفحة 517

وعرفتَ قِلّةَ استغنائي عنه في الجنّة بعد وفاتي، فيا مَن سَمَحَ لي به مُتفضّلا في العاجل، لا تمنعنيه يوم فاقتي إليه في الآجل.

إلهي إن عذّبتني فعبدٌ خلقتَهُ لما أردتَ فعذّبته، وإن رحمتني فعبدٌ ألفيته مسيئاً فأنجيتهُ.

إلهي لا إحتراسَ من الذنب إلاّ بعصمتك، ولا وُصولَ إلى عمل الخيرات إلاّ بمشيئتك، كيف لي بإفادةِ ما سلبتني فيه مشيئتك، وكيف لي بالاحتراس من الذنب ما لم تُدرِكني فيه عِصمتُك.

إلهي أنت دَللتني على سؤال الجنّة قبل معرفتها، فأقبلت النفس بعد العِرفان على مسألتها، أفتدلّ على خيرك السؤال ثمّ تمنعُهُ وأنت الكريم المحمود في كلّ ما تصنعُهُ، يا ذا الجلال والإكرام.

إلهي إن كنتُ غيرَ مستأهل لما أرجو من رحمتك، فأنتَ أهلٌ أن تجود على المذنبين بفضل سَعَتك.

إلهي نفسي قائمة بين يديك وقد أظلّها حسنُ توكّلها عليك، فاصنع بي ما أنت أهله وتغمّدني برحمتك.

إلهي إن كان دنا أجلي ولم يقرّبني منك عملي فقد جعلتُ الاعتراف بالذنب وسائل عِللي، فإن عفوتَ نحن أولى منك بذلك، وإن عذّبت فمن أعدَلُ منك في الحُكمِ هُنالك.

إلهي إنّك لم تزل بارّاً بي أيامَ حياتي فلا تقطع برّكَ بي بعد وفاتي.

إلهي كيف آيسُ من حسن نظرك بعدَ مماتي وأنتَ لم تُولِّني إلاّ الجميل في حياتي.

إلهي إنّ ذنوبي قد أخافتني ومحبّتي لك قد أجارَتني فتولَّ في أمري ما



الصفحة 518

أنت أهله، وعُد بفضلك على من غمرهُ جهلهُ، يا من لا تُخفى عليه خافية صلّ على محمّد وعلى آل محمّد واغفر لي ما خُفِيَ عن الناس من أمري.

إلهي ليس اعتذاري إليك اعتذارَ من يُستغنى عن قبول عُذره فاقبل عذري يا خير من اعتذر إليه المسيئون.

إلهي إنّك لو أردت إهانتي لم تهدني، ولو أردت فضيحتي لم تُعافني، فمتّعني بما له هَدَيتني، وأدِم لي ما به سترتَني.

إلهي لولا ما اقترفتُ من الذنوب ما خِفتُ عقابك، ولولا ما عرفتُ من كرمك ما رجوتُ ثوابك، وأنت أكرم الأكرمين بتحقيق آمال الآملين، وأرحم منِ استرحمَ في تجاوزه عن المذنبين.

إلهي نفسي تُمنيني بأنّك تغفِر لي فأكرِم بها اُمنيتي، فقد بشرت بعفوك وصِدقِ كرمك مُبشّراتُ تمنّيها، وهَب لي بجودك مُقصّراتِ تجنّيها.

إلهي ألقتني الحسناتُ بين جودك وكرمك، وألقتني السيّئاتُ بين عفوك ومغفرتك، وقد رجَوتُ أن لا يَضيعَ بين ذَين وذَين مُسيءٌ ومحسنٌ.

إلهي إذا شهدَ ليَ الايمانُ بتوحيدك، وانطلقَ لساني بتمجيدك، ودلّني القرآنُ على فضائل جودك، فكيف لا يبتَهِج رجائي بحسنِ موعدك.

إلهي تتابُعُ إحسانك يدُلّني على حُسن نظرك، فكيف يشقى امرؤ أوليته منك حسنَ النظر.

إلهي إن نظرت إليّ بالهلكة عيونُ سخطِكَ، فما نامت عن استنقاذي منها عيونُ رحمتك.



الصفحة 519

إلهي إن عرّضني ذنبي لعقابك فقد أدناني رجائي من ثوابك.

إلهي إن غفرتَ فبفضلك وإن عذّبت فبعدلك، فيا مَن لا يُرجى إلاّ فضلُهُ ولا يُخاف إلاّ عدلُهُ صلّ على محمّد وآل محمّد وامنُن عليّ بفضلك ولا تستقص عليّ عدلَكَ.

إلهي خلقتَ لي جسماً وجعلت لي فيه آلات أطيعك بها وأعصيك بها وأرضيك، وجعلتَ لي من نفسي داعياً إلى الشهوات، وأسكنتني داراً مُلئَت من الآفات، وقلتَ لي إزدَجِر، فبك أعتصمُ وبك أحترزُ، وأستوقِفُك لما يُرضيك، وأسألك فإنّ سؤالي لا يُحفيك.

إلهي لو عرفتُ اعتذاراً وتفضُّلا، هو أبلغ من الاعتراف به لأتيتهُ، فهَب لي ذنبي بالاعتراف ولا تردّني في طلبي بالخيبة عند الإنصراف.

إلهي كأني بنفسي قد اضطجعت في حُفرتها، وانصرف عنها المشيّعون من عشيرتها، وناداها من شفير القبر ذووا مودّتِها ورحمها، المُعادي لها في الحياة عند صَرعتها، ولم يَخف على الناظرين إليها ذُلُّ فاقتها، ولا على من قد رآها توسّدت الثرى عجزُ حيلتها، فقلتَ ملائكتي قريب نأى عنه الأقربون وبعيدٌ جَفاه الأهلون وخذله المؤمّلون ونزل بي قريباً، وأصبح في اللحدِ غريباً، وقد كان لي في دار الدنيا راعياً، ولنظري إليه في هذا اليوم راجياً، فتحسن عند ذلك ضيافتي، وتكونُ أشفقَ عليّ من أهلي وقرابتي.

إلهي سترت عليّ في الدنيا ذنوباً ولم تُظهِرها، فلا تفضحني يوم ألقاك على رؤوس العالمين، واسترها عليّ هناك يا أرحم الراحمين.

إلهي لو طبّقتُ ذنوبي بين السماء والأرض، وخَرَقتِ النجومَ وبلغت



الصفحة 520

أسفل الثرى ما ردّني اليأسُ عن توقّع غفرانك، ولا صَرَفني القنوطُ عن انتظار رضوانك.

إلهي سَعَت نفسي إليك لنفس تستوهبها، وفتحت أفواه أملها تستوجبها فهب لها ما سألَت وجُد لها ما طلبت فإنّك أكرمُ الأكرمين بتحقيق أمل الآملين.

إلهي قد أصبتُ من الذنوب ما عرفتَ، وأسرفتُ على نفسي بما قد علِمتَ، فاجعلني عبداً لك إمّا طائعاً أكرمتني، وإمّا عاصياً فرحمتني.

إلهي دعوتك بالدعاء الذي علّمتني فلا تحرمني من حبائِك الذي عرّفتني، فمن النعمة أن هديتني لحسن دعائك، ومن تمامِها أن توجبَ لي محمود جزائك.

إلهي انتظرتُ عفوك كما ينتظر المسيؤون، ولستُ أيئسُ من رحمتك التي يتوقّعها المحسنون.

إلهي جودُك بسطَ أملي، وشكرك قبل عملي، فصلّ على محمّد وعلى آل محمّد وبشّرني بلقائك، وأعظم رجائي لجزائك.

إلهي أنت الكريم الذي لا يخيبُ لديك أمل الآملينَ، ولا يبطُلُ عندك سبق السابقين.

إلهي إن كنت لم أستحقّ معروفك ولم أستوجبه فكن أنت أهل التفضّل به عليّ، فالكريم لم يضع معروفه عند كلّ من يَستوجبه.

إلهي مَسكَنتي لا يجبُرُها إلاّ عَطاؤك وأمنيتي لا يُغنيها إلاّ نعماؤك.

إلهي أستَوفِقُك لما يدنيني منك، وأعوذ بك مما يصرفُني عنك.

إلهي أحبُّ الاُمور إلى نفسي وأعوَدُها عليّ منفعةً ما أرشدتها



الصفحة 521

بهدايتك إليه ودللتها برحمتك عليه فاستعملها بذلك عنّي، إذ أنت أرحمُ بها منّي.

إلهي أرجوكَ رجاءَ مَن يخافُك، وأخاف خوفَ من يرجو ثوابك، فَقِني بالخوف شرّ ما أحذر، وأعطِني بالرجاء خيرَ ما اُحاذِر.

إلهي انتظرتُ عفوك كما ينتظرُ المذنبون، ولستُ آيِساً من رحمتك التي يتوقّعها المحسنون.

إلهي مددتُ إليك يداً بالذنوب مأسورة، وعيناً بالرجاء مَذرورةً، وحقيق لمن دَعاك بالنَدَم تذلُّلا أن تُجيبَ له بالكرم تفضُّلا.

إلهي إن عَرّضَتني ذنوبي لعقابك فقد أدناني رجائي من ثوابك.

إلهي لم اُسَلِّط على حسن ظنّي بك قُنُوط الآيسين، فلا تُبطل صدقَ رجائي بك بين الآمِلين.

إلهي إن انقرضت بغير ما أحببتُ من السعي أيامي، فبالإيمان أمضتها الماضياتُ من أعوامي.

إلهي إن أخطأتُ طريقَ النظر لنفسي بما فيه كرامتُها، فقد أصبتُ طريقَ الفزع إليك بما فيه سلامتُها.

إلهي ما أضيق الطريقَ على مَن لم تكن أنت دليله، وما أوحش المسلك على مَن لم تكن أنت أنيسُه.

إلهي إنهَمَلَت عبراتي حين ذكرتُ خطيآتي، وما لها لا تَنهَمِلُ ولا أدري ما يكونُ إليه مَصِيري، أو ماذا يهجِمُ علي عند بلاغي مَسيري، وأرى نفسي تُخاتِلني وأيامي تخادعني، وقد خَفقت فوق رأسي أجنحة الموت، ورَمَتني من قريب أعيُنُ الفَوت، فما عُذري وقد أوجسَ في مسامعي رافِعُ الصوت، لقد رجوتُ ممن ألبَسَني بين



الصفحة 522

الأحياء ثوب عافيته، أن يُعريني منه بين الأموات بجود رَأفتِهِ، ولقد رجوتُ حين تَولاّني باقي حياتي بإحسانه أن يُسعِفَني عند وفاتي بغُفرانه، يا أنيس كلّ غريب آنِس في القَبر وحشتي، ويا ثاني كلّ وحيد ارحم في القبر وحدتي، يا عالم السِرّ وأخفى، ويا كاشف الضُرّ والبلوى، كيف نظرك لي من بين ساكني الثرى، وكيف صُنعك بي في دار الوحشة والبلوى.

قد كنتَ بي لطيفاً أيامَ حياة الدنيا، يا أفضل المُنعمين في آلائه وأنعَمَ المُفضلينَ في نَعمائه، كثرت عندي أياديك فعجزتُ عن إحيائها، وضِقتُ ذرعاً في شكري لك بجزائها، فلك الحمد على ما أوليت ولك الشكرُ على ما أبليت، يا خير من دعاه داع، وأفضل من رجاه راج، بذمّة الإسلام أقبلت إليك، وبحرمة القرآن أعتمد عليك، وبمحمّد (صلى الله عليه وسلم)أتقرّب إليك، فصلّ على محمّد وعلى آل محمّد، واعرف لي ذمّتي التي بها رجوتُ قضاء حاجتي، واستعملني بطاعتك واختم لي بخير، واعتقني من النار وأسكنّي الجنّة، ولا تفضحني بسريرتي حيّاً ولا ميّتاً، وهب ليَ الذنوب التي بيني وبينك.

وأرضِ عبادك عنّي في مظالمهم قِبَلي، واجعلني ممّن رضيت عنه فحرّمته على النار والعذاب، وأصلح في كلّ اُموري التي دعوتك فيها في الآخرة والدنيا، يا حنّانُ يا منّان يا ذا الجلال والإكرام، يا حيُّ يا قيوم، يا مَن له الخلق والأمر، تباركت يا أحسن الخالقين، يا رحيم يا كريم يا قدير صلّ على محمّد وعلى آله الطيّبين، وعليه وعليهم السلام ورحمة الله وبركاته إنّه حميد مجيد(1).


____________

1- دستور معالم الحِكَم ومأثور مكارم الشِيَم للإمام القاضي: 158.


الصفحة 523

الباب العاشر:

في ما استجيب من دعائه (عليه السلام)


1566/1 ـ عن الأعثم، أنّ عليّاً (عليه السلام) رفع يده إلى السماء وهو يقول:

اللّهمّ إنّ طلحة بن عبد الله أعطاني صفقة يمينه طائعاً ثمّ نكث بيعتي، اللّهمّ فعاجله ولا تمهله، اللّهمّ وإنّ الزبير بن العوام قطع قرابتي ونكث عهدي وظاهر عدوّي، وهو يعلم أنّه ظالم لي، فاكفنيه كيف شئت وأنا شئت(1).

1567/2 ـ قال أمير المؤمنين (عليه السلام) :

ومن العجب انقيادهما لأبي بكر وعمر، وخلافهما عليّ، والله إنّهما يعلمان أنّي لست بدون رجل ممّن قد مضى، اللّهمّ فاحلل ما عقدا ولا تبرم ما أحكما في أنفسهما، وأرهما المساءة فيما قد عملا(2).

____________

1- مناقب ابن شهر آشوب، باب إجابة دعواته 2: 279; البحار 41: 206; الفتوح، في ذكر رسالة علي (عليه السلام) إلى عائشة 1: 472.

2- مناقب ابن شهر آشوب 2: 279; البحار 41: 206; تاريخ الطبري 3: 55.


الصفحة 524
1568/3 ـ (فضائل العشرة) و (أربعين الخطيب): روى زاذان أنّه كذّبه رجل في حديثه، فقال (عليه السلام) : أدعو عليك إن كنت كذّبتني أن يعمي الله بصرك؟ قال: نعم، فدعا عليه فلم ينصرف حتّى ذهب بصره(1).

1569/4 ـ جميع بن عمير، قال: إتّهم عليّ (عليه السلام) رجلا يقال له الغيرار (العيزار) يرفع أخباره إلى معاوية، فأنكر ذلك وجحد، فقال له (عليه السلام) : أتحلف بالله (يا هذا) أنّك ما فعلت؟ قال: نعم، وبدر فحلف، فقال له أمير المؤمنين (عليه السلام) : إن كنت كاذباً فأعمى الله بصرك، فما دارت الجمعة حتّى اُخرج أعمى يُقاد (قد أذهب الله بصره)(2).

1570/5 ـ عن جابر الأنصاري، أنّه استشهد أمير المؤمنين (عليه السلام) أنس بن مالك والبرّاء بن عازب والأشعث وخالد بن يزيد[على] قول النبي (صلى الله عليه وآله) : من كنت مولاه فعليٌّ مولاه فكتموا، فقال (عليه السلام) لأنس: لا أماتك الله حتى يبتليك ببرص لا تغطّيه العمامة، وقال للأشعث: لا أماتك الله حتّى يذهب بكريمتيك، وقال لخالد: لا أماتك الله إلاّ ميتة جاهلية، وقال للبرّاء: لا أماتك الله إلاّ حيث هاجرت.

قال جابر: والله لقد رأيت أنساً وقد ابتلي ببرص يغطّيه بالعمامة فما تستره، ورأيت الأشعث وقد ذهبت كريمتاه وهو يقول: الحمد لله الذي جعل دعاء أمير المؤمنين عليّ بالعماء في الدنيا ولم يدعُ عليّ في الآخرة فاُعذّب، وأمّا خالد فإنّه لما مات دفنوه في منزله، فسمعت بذلك كندة فجائت بالخيل والابل فعقرتها على باب منزله فمات ميتة جاهلية، وأمّا البرّاء فإنّه وليّ من جهة معاوية باليمن فمات بها(3).

1571/6 ـ الوليد بن الحارث وغيره، أنّه قال: إنّ عليّاً (عليه السلام) لما بلغه قتل بسر بن أرطاه من شيعته باليمن حين ولّي عليهم من جهة معاوية، قال: اللّهمّ إنّ بسراً باع

____________

1- مناقب ابن شهر آشوب 2: 279; البحار 41: 206; تاريخ ابن عساكر 3: 205 ح1257 ترجمة علي (عليه السلام) .

2- مناقب ابن شهر آشوب2: 279; إثبات الهداة 4: 576; كشف الغمة 1: 286.

3- مناقب ابن شهر آشوب 2: 279; وفي البحار 41: 206; تاريخ البلاذري 2: 157 ح169.


الصفحة 525
دينه بالدنيا فاسلبه دينه وعقله، فاختلط بسر، فكان يدعو بالسيف، فاتّخذ له سيفاً من خشب فكان يضرب به حتّى يغشى عليه، فإذا أفاق يقول: السيف، فلم يزل ذلك دأبه حتّى مات(1).

1572/7 ـ دعا علي (عليه السلام) على رجل في غزاة بني زبيد، وكان في وجهه خال، فتفشّى في وجهه حتّى اسودّ بها وجهه كلّه(2).

1573/8 ـ قال علي (عليه السلام) لرجل: إن كنت كاذباً فسلّط الله عليك غلام ثقيف، قالوا: وما غلام ثقيف؟ قال: غلام لا يدَع لله حرمة إلاّ انتهكها، وأدرك الرجل الحجاج فقتله(3).

1574/9 ـ حكم علي (عليه السلام) بحكم، فقال المحكوم عليه: ظلمت والله يا علي، فقال (عليه السلام) : إن كنت كاذباً فغيّر الله صورتك، فصار رأسه رأس خنزير(4).

1575/10 ـ ذكر الصاحب في (الرسالة الغرّاء): عن أبي العيناء، إنّه لقي جدّ أبي العيناء الأكبر أمير المؤمنين (عليه السلام) فأساء مخاطبته فدعا عليه وعلى أولاده بالعمى، فكلّ من عمى من أولاده فهو صحيح النسب(5).

1576/11 ـ دعا علي (عليه السلام) على وابصة بن معبد الجهني ـ وكان من أهل الصفة بالرقّة ـ لما قال له فتنتَ أهل العراق وجئت تفتن أهل الشام بالعمى والخرس والصمم وداء السوء، فأصابه في الحال والناس إلى اليوم يرجمون المنارة التي كان يؤذّن عليها(6).

1577/12 ـ أبو هاشم عبد الله بن محمّد بن الحنفية، أنّ علياً (عليه السلام) دعا على وُلد العباس بالشتات، فلم يروا بني اُمّ أبعد قبوراً منهم، فعبد الله بالمشرق، ومعبد

____________

1- مناقب ابن شهر آشوب 2: 280; البحار 41: 204; اثبات الهداة 4: 574; ارشاد القلوب: 228.

2 و 3 و 4 و 5 و 6- المناقب، باب إجابة دعواته 2: 280; البحار 41: 207.


الصفحة 526
بالمغرب، وقثم بمنفعة الرواح، وثمامة بالأرجوان، ومتمّم بالخازر(1).

1578/13 ـ (فضائل العشرة) و (خصائص العلوية): قال ابن مسكين: مررت أنا وخالي أبو اُمية على دار في دور حيّ من مراد، فقال: أترى هذه الدار؟ قلت: نعم، قال: فإنّ عليّاً (عليه السلام) مرّ بها وهم يبنونها فسقطت عليه قطعة فشجّته، فدعا أن لا يتمّ بناؤها، فما وضعت عليها لبنة، قال: فكنت تمرّ عليها لا تشبه الدور(2).

1579/14 ـ في حديث الطرماح بن عدي وصعصعة بن صوحان: إنّ أمير المؤمنين (عليه السلام) اختصم إليه خصمان فحكم لأحدهما على الآخر، فقال المحكوم عليه: ما حكمت بالسويّة ولا عدلت في الرعية، ولا قضيّتك عند الله بالمرضية، فقال أمير المؤمنين (عليه السلام) : إخسَ يا كلب، وكان في الحال يعوي(3).

1580/15 ـ لما قال علي (عليه السلام) :

ألا وإنّي أخو رسول الله (صلى الله عليه وآله) وابن عمّه ووارث علمه ومعدن سرّه وعيبة ذخره، ما يفوتني ما عمله رسول الله (صلى الله عليه وآله) ولا ما طلب ولا يعزب عليّ ما دبّ ودرج وما هبط وما عرج، وما غسق وانفرج، كلّ ذلك مشروح لمن سأل مكشوف لمن وعى، قال هلال بن نوفل الكندي في ذلك وتعمّق إلى أن قال: فكن يابن أبي طالب بحيث الحقائق، واحذر حلول البوائق، فقال أمير المؤمنين (عليه السلام) : هب إلى سقر، فوالله ما تمّ كلامه حتّى صار في صورة الغراب الأبقع ـ يعني الأبرص ـ(4).

1581/16 ـ عبد الله بن أبي رافع، سمعته ـ علياً ـ يقول (عليه السلام) :

اللّهمّ أرحني منهم، فرّق الله بيني وبينكم، أبدلني الله بهم خيراً منهم، وأبدلهم شرّاً منّي، فما كان إلاّ يومه حتى قتل(5).

1582/17 ـ ممّن دعا له علي (عليه السلام) اُمّ عبد الله بن جعفر، قالت: مررت بعلي (عليه السلام) وأنا

____________

1- مناقب ابن شهر آشوب، باب استجابة دعواته 2: 280; البحار 41: 207.

2 و 3 و 4 و 5- مناقب ابن شهر آشوب 2: 281; البحار 41: 208.


الصفحة 527
حبلى فدعاني فمسح على بطني وقال: اللّهمّ اجعله ذكراً ميموناً مباركاً، فولدت غلاماً(1).

1583/18 ـ وسمع ضريرٌ دعاء أمير المؤمنين (عليه السلام) :


اللّهمّ إنّي أسألك يا ربّ الأرواح الفانية، وربّ الأجساد البالية، أسألك بطاعة الأرواح الراجعة الى أجسادها، وبطاعة الأجساد الملتئمة إلى أعضائها، وبانشقاق القبور عن أهلها، وبدعوتك الصادقة فيهم، وأخذك بالحقّ بينهم، إذا برز الخلائق ينتظرون قضائك ويرون سلطانك ويخافون بطشك، ويرجون رحمتك، يوم لا يغني مولًى عن مولًى شيئاً وهم لا ينصرون إلاّ من رحم الله إنّه هو البرّ الرحيم.

أسألك يا رحمان أن تجعل النور في بصري واليقين في قلبي، وذكرك بالليل والنهار على لساني أبداً ما أبقيتني، إنّك على كلّ شيء قدير.


قال: فسمعها الأعمى وحفظها ورجع إلى بيته الذي يأويه، فتهطّر للصلاة وصلّى ثمّ دعا بها فلمّا بلغ إلى قوله: أن تجعل النور في بصري، إرتدّ الأعمى بصيراً بإذن الله(2).

1584/19 ـ روي أنّ قصّاباً كان يبيع اللحم من جارية إنسان، وكان يحيف عليها، فبكت وخرجت، فرأت عليّاً (عليه السلام) فشكته إليه فمشى معها نحوه، ودعاه إلى الانصاف في حقّها ويعظه ويقول له: ينبغي أن يكون الضعيف عندك بمنزلة القوي، فلا تظلم الجارية، ولم يكن القصّاب يعرف عليّاً، فرفع يده وقال: اُخرج أيُّها الرجل، فانصرف (عليه السلام) ولم يتكلّم بشيء، فقيل للقصّاب: هذا عليّ بن أبي طالب، فقطع يده

____________

1 و 2- مناقب ابن شهر آشوب 2: 286; البحار 41: 209.


الصفحة 528
وأخذها وخرج إلى أمير المؤمنين معتذراً، فدعا له (عليه السلام) فصلحت يده(1).

1585/20 ـ إسماعيل بن عمير، عن مسعر بن كدّام، عن طلحة بن عمير، قال: نشد علي (عليه السلام) الناس في قول النبي (صلى الله عليه وآله) : من كنت مولاه فعليٌّ مولاه، فشهد إثنا عشر رجلا من الأنصار، وأنس بن مالك في القوم لا يشهد، فقال له أمير المؤمنين (عليه السلام) : يا أنس! قال: لبّيك، قال: ما يمنعك أن تشهد وقد سمعت ما سمعوا؟ قال: يا أمير المؤمنين كبرت ونسيت! فقال أمير المؤمنين (عليه السلام) : اللّهمّ إن كان كاذباً فاضربه ببياض ـ أو بوضح ـ لا تواريه العمامة قال طلحة: فاُشهد بالله لقد رأيتها بيضاً بين عينيه(2).

1586/21 ـ روي أنّ عليّاً (عليه السلام) أتى الحسن البصري يتوضّأ في ساقيه، فقال له: أسبغ طهورك يا لفتي (كفتي)، قال: لقد قتلت بالأمس رجالا كانوا يسبغون الوضوء، قال: وإنّك لحزينٌ عليهم؟ قال: نعم، قال (عليه السلام) : فأطال الله حزنك، قال أيّوب السجستاني: فما رأينا الحسن قط إلاّ حزيناً كأنّه يرجع عن دفن حميم، أو خربندج ضلّ حماره، فقلت له في ذلك، فقال: عمل فيّ دعوة الرجل الصالح(3).


بيـان:

ولفتي بالنبطيّة الشيطان، وكانت اُمّه سمّته بذلك، ودعته في صغره، فلم يعرف ذلك أحد حتّى دعاه عليّ (عليه السلام) .


1587/22 ـ محمّد بن الحسن القصباني، عن إبراهيم بن محمّد بن مسلم الثقفي، قال: حدّثنا عبد الله بن بلخ المنقري، عن شريك، عن جابر، عن أبي حمزة اليشكري، عن قدامة الأودي، عن إسماعيل بن عبد الله الصلعي ـ وكانت له صحبة ـ قال: لمّا كثر الاختلاف بين أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وآله) وقتل عثمان بن عفّان، تخوّفت على نفسي

____________

1- البحار 41: 203، الخرائج 2: 759.

2- البحار 41: 204; إرشاد القلوب، باب استجابة دعائه: 228.

3- البحار 42: 143; الخرائج 2: 547.