الصفحة 529
الفتنة، فاعتزمت على اعتزال الناس، فتنحّيت إلى ساحل البحر، فأقمت فيه حيناً لا أدري ما فيه الناس معتزلا لأهل الهجر والأرجاف، فخرجت من بيتي لبعض حوائجي، وقد هدأ الليل ونام الناس، فاذا أنا برجل على ساحل البحر يناجي ربّه ويتضرّع إليه بصوت شجيٍّ وقلب حزين، فنضت إليه وأصغيت إليه من حيث لا يراني فسمعته يقول:


يا حسن الصحبة يا خليفة النبيين يا أرحم الراحمين، البديء البديع الذي ليس كمثله شيء، والدائم غير الغافل والحيّ الذي لا يموت، أنت كلّ يوم في شأن، أنت خليفة محمّد (صلى الله عليه وآله) وناصر محمّد ومفضّل محمّد، أنت الذي أسألك أن تنصر وصيّ محمّد وخليفة محمّد والقائم بالقسط بعد محمّد، اعطف عليه بنصر أو توفّاه برحمة.


قال: ثمّ رفع رأسه وقعد مقدار التشهد، ثمّ أنّه سلّم فيما أحسب تلقاء وجهه، ثمّ مضى فمشى على الماء، فناديته من خلفه: كلّمني يرحمك الله، فلم يلتفت وقال: الهادي خلفك فاسأله عن أمر دينك، قال: قلت: من هو يرحمك الله؟ قال: وصيّ محمّد (صلى الله عليه وآله) من بعده، فخرجت متوجّهاً إلى الكوفة، فأمسيت دونها فبتّ قريباً من الحيرة فلمّا أجنّني الليل إذ أنا برجل قد أقبل حتّى استتر برابية، ثمّ صفّ قدميه فأطال المناجاة، وكان فيما قال: اللّهمّ إني سرت فيهم بما أمرني رسولك وصفيّك فظلموني، فقتلت المنافقين كما أمرتني فجهلوني، وقد مللتهم وملّوني وأبغضتهم وأبغضوني، ولم تبق خلّة أنتظرها إلاّ المرادي، اللّهمّ فعجّل له الشقاء وتغمّدني بالسعادة.

اللّهمّ قد وعدني نبيّك أن تتوفاني إليك إذا سألتك، اللّهمّ وقد رغبت إليك في ذلك، ثمّ مضى فقفوته فدخل منزله، فإذا هو عليّ بن أبي طالب (عليه السلام) ، قال: فلم ألبث

الصفحة 530
إذ نادى المنادي بالصلاة، فخرج وتبعته حتّى دخل المسجد، فعمّمه ابن ملجم ـ لعنه الله ـ بالسيف(1).

1588/23 ـ عبدالله، وحدّثني مسعدة بن صدقة، قال: حدّثني جعفر بن محمّد (عليه السلام) ، عن أبيه، أنّ عليّاً (عليه السلام) كان يدعو على الخوارج فيقول في دعائه: اللّهمّ ربّ البيت المعمور والسقف المرفوع، والبحر المسجور والكتاب المسطور، أسألك الظفر على هؤلاء الذين نبذوا كتابك وراء ظهورهم، وفارقوا اُمّة محمّد (صلى الله عليه وآله) عتوّاً عليك(2).

1589/24 ـ روي أنّ أمير المؤمنين (عليه السلام) نظر إلى ظهر الكوفة، فقال: ما أحسن منظرك، وأطيب قعرك، اللّهمّ اجعل قبري بها(3).

1590/25 ـ عن عليّ بن زاذان، أنّ عليّاً حدّث حديثاً فكذبه رجل، فقال علي: أدعو عليك إن كنتُ صادقاً؟ قال: نعم، فدعا عليه فلم ينصرف حتّى ذهب بصره(4).

____________

1- مجموعة ورام 2: 2; البحار 42: 252، أعيان الشيعة 1: 442.

2- قرب الاسناد: 25 ح37; البحار 33: 381.

3- البحار 100: 232; ارشاد القلوب، في فضل المشهد الغري: 439.

4- الرياض النضرة 3: 201.


الصفحة 531

الصفحة 532


مبحث
الأحراز والعوذ





الصفحة 533

الصفحة 534

الباب الأول:

في ما يتعلق بالأحراز والعوذ


1591/1 ـ عن علي (عليه السلام) ، قال:

كان النبي (صلى الله عليه وسلم) يعوّذ الحسن والحسين بهؤلاء كلمات الله التامة: اُعيذكما بكلمات الله التامات من كل شيطان وهامّة، ومن كل عين لامّة(1).

1592/2 ـ عن الحارث، عن علي (عليه السلام) :

إنّ جبرئيل أتى النبي (صلى الله عليه وسلم) فوافقه مغتماً، فقال: يا محمّد ما هذا الغم الذي أراه في وجهك؟ قال: الحسن والحسين أصابتهما عين، قال: صدّق بالعين، فإنّ العين حقّ، أفلا عوذتهما بهؤلاء الكلمات، قال: وما هنّ يا جبرئيل؟ قال: قل اللّهمّ يا ذا السلطان العظيم ذا المنّ القديم ذا الرحمة الكريم، وهي الكلمات التامات والدعوات المستجابات، عاف الحسن والحسين من أنفس الجن وأعين الأنس، فقالها النبي(صلى الله عليه وسلم)فقاما يلعبان بين يديه، فقال النبي (صلى الله عليه وسلم): عوّذوا أنفسكم ونساءكم وأولادكم بهذا

____________

1- كنز العمال 10: 108 ح28547.


الصفحة 535
التعويذ فإنّه لم يتعوّذ المتعوّذون بمثله(1).

1593/3 ـ عبدالله باسناده، عن جعفر، عن أبيه، أنّ علياً (عليه السلام) سئل عن التعويذ يعلّق على الصبيان؟ فقال: علّقوا ما شئتم إذا كان فيه ذكر الله(2).

1594/4 ـ عن علي بن أبي طالب (عليه السلام) :

إنّ هذا الحرز كانت الأنبياء تحرز به من الفراعنة: {بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ قَالَ اخْسَئُوا فِيهَا وَلاَ تُكَلِّمُونِ}(3)، {إِنِّي أَعُوذُ بِالرَّحْمنِ مِنْكَ إِنْ كُنْتَ تَقِيّاً}(4)، أخذت بسمع الله وبصره وقوّته على أسماعكم وأبصاركم وقوّتكم يا معشر الجن والانس والشياطين والأعراب والسباع والهوام واللصوص مما يخاف ويحذر فلان بن فلان سترت بينه وبينكم بسترة النبوّة التي استتروا بها من سطوات الفراعنة، جبرئيل عن أيمانكم وميكائيل عن شمائلكم، ومحمّد (صلى الله عليه وسلم) أمامكم، والله تعالى من فوقكم يمنعكم من فلان بن فلان في نفسه وولده وأهله وشعره وبشره وماله وما عليه، وما معه وما تحته وما فوقه {وَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ جَعَلْنَا بَيْنَكَ وَبَيْنَ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِالاْخِرَةِ حِجَاباً مَسْتُوراً} إلى قوله: {وَنُفُوراً}(5)(6).

1595/5 ـ في رياض العلماء: كان رئيساً فاضلا كاملا، وفي نسخة هو الشيخ الرئيس الفاضل الكامل الامامي المعروف ولم أعلم اسمه ولا عصره ولا مذهبه، لكن الظاهر إنه شيعي اثنا عشري، وقد رأيت في أردبيل في كتاب هذه العبارة: قال أبو علي الطوسي إنّ الرئيس أبا البدر كتب هذه الأشكال ه ااا ممم ا= هـ ق اااا وذكر انّه سمع من ثقة أنّ عليّ بن أبي طالب (عليه السلام) وجدها على صخرة منقوشة، وأخبر أنها

____________

1- كنز العمال 10: 108 ح28546.

2- قرب الاسناد: 110 ح382; البحار 94: 192.

3- المؤمنون: 108.

4- مريم: 18.

5- الاسراء: 45.

6- كنز العمال 2: 666 ح5019; تفسير السيوطي 4: 186.


الصفحة 536
اسم الله الأعظم، وفسّرها (أي علي) بهذه الأبيات:


ثلاث عصى صففت بعد خاتمعلى رأسها مثل السنان المقوم
وميم طميس ابتر ثم سلمإلى كل مأمول وليس بسلم
وهاء شقيق ثم واو منكسكاُنبوب حجام وليس بمحجم
وأربعة مثل الأنامل صففتتشير إلى الخيرات من غير معصم
فذلك اسم الله جلّ جلالهإلى كلّ مخلوق فصيح وأعجم
فيا حامل الاسم الذي ليس مثلهتوقّ به كلّ المكاره تسلم

قال في الرياض: واشتهر في هذه الأعصار كتابة تلك الأشكال بعد آية {وَإِنْ يَكَادُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَيُزْلِقُونَكَ بِأَبْصَارِهِمْ لَمَّا سَمِعُوا الذِّكْرَ وَيَقُولُونَ إِنَّهُ لََمجْنُونٌ * وَمَا هُوَ إِلاَّ ذِكْرٌ لِلْعَالَمِينَ}(1) في جمعات أو آخر جمعة من شهر رمضان ويكتبون هذه الآية إحدى وأربعين مرّة لدفع العين والحفظ عن المكاره واشتهر بين الناس انتساب سند كتابة الأشكال المذكورة إلى الشيخ البهائي، ولعلّه ينقله عن هذا الرجل....

ونقل أيضاً عن أمير المؤمنين (عليه السلام) هذه الأبيات والطلسم:


خمس هاوات وخط فوق خطوصليب حوله أربع نقط
وهميزات إذا عددتهافهي سبع لم تجد فيها غلط
ثمّ هاء ثم واو بعدهاثمّ صاد ثم ميم في الوسط
تلك أسماءٌ عظيمٌ قدرُهافاحتفظ فيها وإياك الغلط
تشتفي الأسقام والداء الذيعجزت عنه الأطباء بالنمط

هـ هـ هـ هـ هـ // * ءءءءءءء هـ و ص م(2).

____________

1 ـ القلم: 51-52.

2- رياض العلماء 5: 418 في ترجمة الرئيس أبو البدر.


الصفحة 537
1596/6 ـ محمد بن يعقوب، عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن بعض أصحابه، عن القدّاح، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال أمير المؤمنين (عليه السلام) :

رَقي النبي (صلى الله عليه وآله) حسناً وحسيناً فقال: اُعيذكما بكلمات الله التامات وأسمائه الحسنى كلها عامّة من شرّ السامّة والهامّة، ومن شرّ كلّ عين لامّة، ومن شر حاسد إذا حسد، ثمّ التفت النبي (صلى الله عليه وآله) إلينا فقال: هكذا كان يعوّذ إبراهيم إسماعيل وإسحاقعليهما السلام(1).

1597/7 ـ الديلمي، عن علي:

إذا شجاك شيطان أو سلطان فقل: يا من يكفي من كلّ أحد، يا أحد من لا أحد له، يا سند من لا سند له، انقطع الرجاء إلاّ منك فكّني مما أنا فيه وأعنّي على ما أنا عليه، ممّا قد نزل بي بجاه وجهك الكريم، وبحقّ محمّد عليك آمين(2).

1598/8 ـ عن علي (عليه السلام) :

أنّ رسول الله (صلى الله عليه وآله) علّمه كلمات يقولها عند السلطان وعند كلّ شيء هاله، لا إله إلاّ الله الحليم الكريم، سبحان الله ربّ السماوات السبع وربّ العرش العظيم، والحمد لله ربّ العالمين، ويقول عندهنّ: اني أعوذ بك من شرّ عبادك(3).

____________

1- الكافي 2: 569; مستدرك الوسائل 4: 316 ح4771; دعائم الإسلام 2: 139; البحار 43: 306.

2- كنز العمال 2: 120 ح3425.

3- كنز العمال 2: 655 ح4996.


الصفحة 538

الباب الثاني:

في ما ورد عنه (عليه السلام) من أحراز وعوذ

(1) عوذة الأسماء

1599/1 ـ (مجموع الدعوات) لمحمّد بن هارون التلعكبري، عوذة الأسماء: كان أمير المؤمنين (عليه السلام) إذا فرغ من الاستغفار تعوّذ بها في كلّ يوم وتعرف بالخصلة:


أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم، وأعوذ بالله أن يحضرون، بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله ربّ العالمين، الرحمن الرحيم، مالك يوم الدين، إيّاك نعبد وإيّاك نستعين، اهدنا الصراط المستقيم، صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالّين.

اللّهمّ إيّاك نعبد ولا نعبد سواك، ونستعين بك فكفى بك معيناً، ونستكفيك فكفى بك كافياً وأميناً، ونعتصم بك فكفى بك عاصماً وضميناً، ونحترس بك من أعدائنا.

بسم الله الرحمن الرحيم، وبحولك يا ذا الجلال والاكرام، وبقوّتك يا ذا القدرة، وبمنعك يا ذا المنّة، وبسلطانك يا ذا السلطان، وبكفايتك يا ذا



الصفحة 539

الكفاية، واستتر منهم بكلماتك، واحتجب منهم بحجابك، وأتلو عليهم آياتك التي تطمئنّ بها قلوب أوليائك وتحول بينهم وبين أعدائك بمشيّتك، واقرأ عليهم ختم الله على قلوبهم وعلى سمعهم وعلى أبصارهم غشاوة ولهم عذاب عظيم، اُولئك الذين اشتروا الضلالة بالهدى فما ربحت تجارتهم وما كانوا مهتدين، ذهب الله بنورهم وتركهم في ظلمات لا يبصرون، صمّ بكم عمي فهم لا يرجعون، يكاد البرق يخطف أبصارهم كلّما أضاء لهم مشوا فيه وإذا أظلم عليهم قاموا، ولو شاء الله لذهب بسمعهم وأبصارهم اُولئك الذين اشتروا الضلالة بالهدى والعذاب بالمغفرة.

الله وليّ الذين آمنوا يخرجهم من الظلمات إلى النور والذين كفروا أولياؤهم الطاغوت يخرجونهم من النور إلى الظلمات، لا يقدرون على شيء ممّا كسبوا والله لا يهدي القوم الكافرين، والله لا يهدي القوم الظالمين، ومن يضلل الله فاُلئك هم الخاسرون، لهم قلوب لا يفقهون بها ولهم أعين لا يبصرون بها، ولهم آذان لا يسمعون بها، اُولئك كالأنعام بل أضلّ.

اُولئك هم الغافلون، ومن يضلل الله فلا هادي له ويذرهم في طغيانهم يعمهون، وإن تدعوهم إلى الهدى لا يسمعوا وتراهم ينظرون إليك ولا يبصرون، ومن فوقهم غواش إنّهم كانوا قوماً عمين، ومن بينهما حجاب صمّ بكم عمي فهم لا يعقلون، والله أركسهم بما كسبوا، أتريدون أن تهدوا من أضلّ الله ومن يضلل الله فن تجد له سبيلا، وقولهم قلوبنا غلف بل طبع الله عليها بكفرهم.

اللّهمّ يا الله، يا من لا يعلم أين هو وحيث هو إلاّ هو، يا ذا الجلال



الصفحة 540

والاكرام، أسألك باسمك العظيم أن تصلّي على محمّد وآل محمّد، وأن تطبع على قلوب أعدائي أن يبصروني، وأن تحرسني أن يفقهوني، أو يمكروا بي، فإنّها محرّمة عليهم أربعين سنة يتيهون في الأرض.

اللّهمّ إنّي استجرت بعزّتك فأجرني، واعتصمت بقدرتك فاعصمني، واستترت بحجابك فاسترني، وانتصرت بك فانصرني، وامتنعت بقوّتك فامنع عنّي أن يصلوا إليّ أو يظفروا بي أو يؤذوني أو يظهروا عليّ أو يقتلوني.

يا من إليه المنتهى بالاسم الذي احتجبت به من خلقك احجبني من عدوّي، بالاسم الذي امتنعت به أن يحاط بك علماً حيّرهم عنّي حتّى لا يلقوني ولا يروني، واضرب عليهم سرادق الظلمة، وحجب الحيرة، وكآبة الغمرة، وابتلهم بالبلاء، واخسأهم وأعمهم، واجعل كيدهم في تباب، وأوهن أمرهم، واجعل سعيهم في خسران، وطلبهم في خذلان، قل أرأيتم إن أخذ الله سمعكم وأبصاركم وختم على قلوبكم من إله غير الله يأتيكم به.

اللّهمّ بعزّتك وقدرتك وقوّتك، وباسمك وتمكّنك وسلطانك ومكانك وحجابك وجلالك وعلوّك وارتفاعك ودنوّك وقهرك وملكك وجودك وكرمك، صلّ على محمّد وآل محمّد، وخذ عنّي أسماع من يريدني بسوء، فلا يسمعوا لي حسّاً، وغشِّ عنّي أبصار من يرمقني فلا يروا لي شخصاً، واختم على قلوب من يفكّر فيّ حتّى لا يخطر لي في قلوبهم ذكر، وأخرس ألسنتهم عنّي حتّى لا ينطقوا، واغلل أيديهم حتّى لا يصلوا إليّ بسوء أبداً، وقيّد أرجلهم حتّى لا يقفوا لي أثراً أبداً، وأنسهم ذكري حتّى لا يعرفوا لي خبراً أبداً، ولا يروا لي منظراً



الصفحة 541

أبداً، بحقّ لا إله إلاّ أنت، يا رحمان يا رحيم، يا حيّ يا قيوم، ومن يتبدّل الكفر بالايمان فقد ضلّ سواء السبيل.

اللّهمّ بحقّ بسم الله الرحمن الرحيم، صلّ على محمّد وآل محمّد، وأضلل عنّي من يريدني بسوء حتّى لا يلقوني يا شديد القوى، واعلموا أنّ الله يحول بين المرء وقلبه، علّمنا يا ربّنا وآمنّا وصدّقنا فحل بحقّك على نفسك بيننا وبين أعدائنا ومن يطلبنا، واصرف قلوبهم عنّا، واطبع عليها أن يفقهونا، واغلل أيديهم أن يؤذونا، واعم أبصارهم أن يرونا.

يا ذا العزّة والسلطان والكبرياء والاحسان، يا حنّان يا منّان، وطبع على قلوبهم فهو لا يفقهون، وعلى آذانهم فهم لا يسمعون، كذلك يطبع الله على قلوب الكافرين.

اللّهمّ باسمك العظيم، وملكك الأوّل القديم، صلّ على محمّد وآل محمّد، واطبع على قلوب كلّ من يريدني بسوء، وأسألك أن تسدّ آذانهم، وتطمس على أعينهم، وفريقاً حقّ عليهم الضلالة انّهم اتّخذوا الشياطين أولياء من دون الله ويحسبون أنّهم مهتدون.

اللّهمّ يا من لا يعجزه شيء أراده، ولا يحول بينه وبينه حائل، ولا يمنعه مانع، ولا يفوته شيء طلبه أو أحبّه، خذ بقلوب من يريدنا بسوء، وارددهم عن مطلبنا، وغشِّ أبصارهم وعمّ عليهم مسلكنا، وصك أسماعهم واخف عنهم حسّنا، واكفنا أمر كلّ من يريدنا بسوء.

يا رفيع الدرجات يا ذا العرش، يا من يلقي الروح من أمره على من يشاء من عباده، ألق علينا ستراً من سترك، وعزّاً من نصرك، يا ربّ العالمين.



الصفحة 542

حتّى إذا جاءتهم رسلنا يتوفّونهم قالوا أينما كنتم تدعون من دون الله قالوا ضلّوا عنّا، اللّهمّ فلا تضلّنا واضلل عنّا من يريدنا بسوء، يا ذا النعم التي لا تحصى، قالت اُخراهم لأولاهم ربّنا هؤلاء أضلّونا.

اللّهمّ كما فتنت بعضهم ببعض صلّ على محمّد وآل محمّد، وافتن بعض أعدائنا ببعض، وأشغلهم عنّا حتّى يكونوا عنّا وعن مسلكنا ضالّين آمين ربّ العالمين.

قد خسروا أنفسهم وضلّ عنهم ما كانوا يفترون، وطبع على قلوبهم فهم لا يفقهون، وضلّلنا عليهم الغمام. اللّهمّ يا من ظلّل على بني إسرائيل الغمام بقدرته، صلّ على محمّد وآل محمّد، وظلّل علينا غماماً من سترك الحصين، وعزّاً من جودك المكين، يحول بيننا وبين أعدائنا يا أرحم الراحمين.

ومن يرد الله أن يضلّه يجعل صدره ضيقاً حرجاً كأنّما يصعد في السماء، اللّهمّ صلّ على محمّد وآله، وأضلل عنّا من يريدنا بسوء وضيّق صدورهم عن مطلبنا، واهو أفئدتهم عن لقائنا، وألق في قلوبهم الرعب عن اتّباعنا، وأغشِ على أعينهم أن يرونا.

يا لطيف يا خبير يا من يغشي الليل النهار صلّ على محمّد وآل محمّد، وغشِّ عنّا أبصار أعدائنا أن يرونا، واطبع على قلوبهم أن يفقهونا، وعلى آذانهم أن يسمعوا، يا من حما أهل الجنّة أن يسمعوا حسيس أهل النار، يا ملك يا غفّار.

ومن يضلل الله فما له من هاد اُولئك في ضلال بعيد، ويضلّ الله الظالمين ويفعل الله ما يشاء، لا يرتدّ إليهم طرفهم وأفئدتهم هواء، لعمرك انّهم



الصفحة 543

لفي سكرتهم يعمهون، بحقّ محمّد خاتم النبيّين صلّ على محمّد النبيّ وآله، واكفنا كلّ محذور يا أرحم الراحمين.

يا من كفى محمّداً المستهزئين، يا من كفى نوحاً ونجّاه من القوم الضالّين، يا من نجّى هوداً من القوم الظالمين، يا من نجّى إبراهيم من القوم الجاهلين، يا من نجّى موسى من القوم الطاغين، يا من نجّى صالحاً من القوم الجبّارين، يا من نجّى داود من القوم المعتدين، يا من نجّى سليمان من القوم الفاسقين، يا من نجّى يعقوب من الكرب العظيم، يا من نجّى يوسف من القوم الباغين، وآثره عليهم أجمعين، ما من جمع بينه وبين أهله وجعله من العالين، يا من نجّى نبيّه عيسى من القوم المفسدين، يا من نجّى محمّداً رسوله خير النبيّين من القوم المكذّبين، ونصره على أحزاب المشركين بفضله ورحمته إنّه وليّ المؤمنين آمين ربّ العالمين.

ذلك بأنّهم استحبّوا الحياة الدنيا على الآخرة وأنّ الله لا يهدي القوم الكافرين، اُولئك الذين طبع الله على قلوبهم وسمعهم وأبصارهم واُولئك هم الغافلون، وإذا قرأت القرآن جعلنا بينك وبين الذين لا يؤمنون بالآخرة حجاباً مستوراً، وجعلنا على قلوبهم أكِنّةً أن يفقهوه وفي آذانهم وقراً، وإذا ذكرت ربك في القرآن وحده ولّوا على أدبارهم نفوراً، فضلّوا فلا يستطيعون سبيلا، ومن يضلل الله فلن تجد له وليّاً مرشداً، ولا تطع من أغفلنا قلبه عن ذكرنا.

ومن أظلم ممّن ذكّر بآيات ربّه فأعرض عنها ونسي ما قدّمت يداه، إنّا جعلنا على قلوبهم أكنّة أن يفقهوه وفي آذانهم وقراً وإن تدعهم إلى الهدى فلن يهتدوا إذاً أبداً، الذين كانت أعينهم في غطاء عن ذكري



الصفحة 544

وكانوا لا يستطيعون سمعاً، فضربنا على آذانهم في الكهف سنين عدداً، ولكن تعمى القلوب التي في الصدور.

اللّهمّ أعمِ عنّي قلوب أعدائي وكلّ من يبغيني بسوء، ضربت بيني وبين أعدائي حجاب الحمد وآية الكرسي وستر ألم ذلك الكتاب لا ريب فيه هدىً للمتّقين، وكفاية ألم الله لا إله إلاّ هو الحيّ القيوم، وحفظ الله لا إله إلاّ هو الحيّ القيوم لا تأخذه سنة ولا نوم، وعزّ المص، وسور ألم ومنع المَرَأ، ودفع الر، وحياطة كهيعص، ورفعة طه، وعلوّ طس، وفلاح يس والقرآن الحكيم، وعلوّ الحواميم، وكنف حمعسق، وبركة تبارك، وبرهان قل هو الله أحد، وحرز المعوذتين، وأمان إنّا أنزلناه في ليلة القدر، حلت بذلك بيني وبين أعدائي، وضربت بيني وبينهم سوراً من عز الله وحجاب القرآن، وعزائم الآيات المحكمات والأسماء الحسنى البيّنات والحجج البالغات.

شاهت الوجوه فغلبوا هنالك وانقلبوا صاغرين، بل نقذف بالحقّ على الباطل فيدمغه فإذا هو زاهق، وجوه يومئذ عيها غبرة ترهقها قترة، صمّ بكم عميٌ فهم لا يرجعون، فسيكفيكهم الله وهو السميع العليم، ولا يزال الذين كفروا في مرية منه الذين هم في غمرة ساهون، بل قلوبهم في غمرة من هذا، إنّ الذين لا يؤمنون بالآخرة عن الصراط لناكبون.

اللّهمّ يا فعّالا لما يريد، أزل عنّي من يريدني بسوء، يا ذا النعم التي لا تُحصى يا أرحم الراحمين.

أو كظلمات في بحر لجّي يغشاه موج من فوقه موج سحاب ظلمات بعضها فوق بعض إذا أخرج يده لم يكد يراها، ومن لم يجعل الله له



الصفحة 545

نوراً فما له من نور، فظلّوا فلا يستطيعون سبيلا اُولئك شرّ مكاناً وأضلّ عن سواء السبيل، أم تحسب أنّ أكثرهم يسمعون أو يعقلون إن هم إلاّ كالأنعام بل هم أضلّ سبيلا.

يا من جعل بين البحرين برزخاً وحجراً محجوراً، اجعل بيني وبين أعدائي برزخاً وحجراً محجوراً وستراً منيعاً، يا ربّ يا ذا القوّة المتين، انّهم عن السمع لمعزولون، فصدّهم عن السبيل فهم لا يهتدون، ومن أضلّ ممّن اتّبع هواه بغير هدىً من الله إنّ الله لا يهدي القوم الظالمين، فعميت عليهم الأنبياء يومئذ فهم لا يتساءلون.

بحقّ آية الحمد المكتوبة على حجاب النور، لا إله إلاّ هو له الحمد في الاُولى والآخرة وله الحكم وإليه ترجعون، إنّ ربّكم الله الذي خلق السماوات والأرض في ستّة أيّام ثمّ استوى على العرش يغشي الليل النهار يطلبه حثيثاً والشمس والقمر والنجوم مسخّرات بأمره ألا له الخلق والأمر تبارك الله ربّ العالمين، ادعوا ربّكم تضرّعاً وخفيةً إنّه لا يحبّ المعتدين، ولا تفسدوا في الأرض بعد اصلاحها وادعوه خوفاً وطمعاً إنّ رحمة الله قريب من المحسنين.

بحقّ السورة المكتوبة على السماوات السبع وعلى الأرضين السبع قل هو الله أحد الله الصمد لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفواً أحد، يا مالك يا غفور اصرف عنّا كلّ محذور.

فمن يهدي من أضلّ الله وما لهم من ناصرين، ومن يضلل الله فما له من هاد اُولئك في ضلال بعيد، ويضلّ الله الظالمين ويفعل ما يشاء، ولا يرتدّ إليهم طرفهم وأفئدتهم هواء، لعمرك إنّهم لفي سكرتهم يعمهون.



الصفحة 546

اللّهمّ بحقّ محمّد خاتم النبيّين اكفنا كلّ محذور يا أرحم الراحمين، يا من كفى محمّداً المستهزئين، كذلك يطبع الله على قلوب الذين لا يعلمون، وحيل بينهم وبين ما يشتهون، كما فعل بأشياعهم من قبل إنّهم كانوا في شكّ مريب، وإن تدعوهم إلى الهدى لا يسمعوا وتراهم ينظرون إليك وهم لا يبصرون، فهي إلى الأذقان فهم مقمحون، وجعلنا من بين أيديهم سدّاً ومن خلفهم سداً فأغشيناهم فهم لا يبصرون، ولو نشاء لطمسنا على أعينهم فاستبقوا الصراط فأنّى يبصرون، إنّ الله لا يهدي من هو مسرف كذّاب، كذلك يطبع الله على قلب كلّ متكبّر جبّار، ومن يضلل الله فما له من هاد، فأعرض أكثرهم فهم لا يسمعون.

وقالوا قلوبنا في أكنّة ممّا تدعونا إليه وفي آذاننا وقر وهو عليهم عمىً، أفرأيت من اتّخذ إلهه هواه وأضلّه الله على علم وختم على سمعه وقلبه وجعل على بصره غشاوة فمن يهديه من بعد الله أفلا تذكّرون.

اللّهمّ إنّي أسألك بالآية التي أمرت عبدك عيسى بن مريم أن يدعو بها فاستجبت له، وأحيى الموتي وأبرء الأكمه والأبرص بإذنك، ونبّأ بالغيب من إلهامك وبفضلك ورأفتك ورحمتك، فلك الحمد ربّ السماوات والأرض ربّ العالمين، وله الكبرياء في السماوات والأرض وهو العزيز الحكيم، حل بيننا وبين أعدائنا وانصرنا عليهم يا سيّدنا ومولانا.

فطبع الله على قلوبهم فهم لا يفقهون، اُولئك الذين طبع الله على قلوبهم واتّبعوا أهواءهم، قُتل الخرّاصون الذين هم في غمرة ساهون، فضُرب بينهم بسور إنّ الله لا يهدي القوم الفاسقين.



الصفحة 547

ولكن المنافقين لا يفقهون، قلوب يومئذ راجفة وأبصارها خاشعة، ووجوه يومئذ عليها غبرة، كلاّ بل ران على قلوبهم ما كانوا يكسبون، ألم يجعل كيدهم في تضليل.

اللّهمّ يا من كفى أهل حرمه الفيل اكفنا كيد أعدائنا بسترك لنا، واسترنا بحجابك الحصين المنيع الحسن الجميل، وجد بحلمك على جهلي، وبغناك على فقري، وبعفوك على خطيئتي، إنّك على كلّ شيء قدير.

اللّهمّ صلّ على محمّد وآل محمّد، وافعل بي ما أنت أهله ولا تفعل بي ما أنا أهله، واستجب دعائي يا أرحم الراحمين، والحمد لله ربّ العالمين(1).


(2) عوذة للبواسير

1600/1 ـ عن علي (عليه السلام) :

قل عليها: يا جواد يا ماجد يا رحيم يا قريب، يا مجيب يا بارئ يا راحم، صلّ على محمّد وآله، واردُد عليّ نعمتك واكفني أمر وجعي(2).

(3) عوذة للصداع

1601/1 ـ محمّد بن جعفر البرسي، عن محمّد بن يحيى الأرمني، عن محمّد بن سنان النسائي، عن يونس بن ظبيان، عن المفضّل بن عمر، عن أبي عبد الله

____________

1- البحار 87: 11.

2- مصباح الكفعمي: 155; طبّ الأئمة: 32; البحار 95: 81.