2168/9 ـ وعنه، أخبرنا محمّد، أخبرنا محمّد، أخبرنا محمّد، حدّثنا حسن، حدّثني هارون بن أبي بردة، عن وهب بن وهب، عن جعفر بن محمّد، عن أبيه، عن جدّه، أنّ علياً (عليه السلام) كان يثنّي الاقامة كما يثنّي الأذان، وأخبرنا أنّه أذّن بلسانه في الصبح قال: حيّ على خير العمل(2).
2169/10 ـ عن الإمام علي (عليه السلام) أنّه قال: سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول: انّ خير أعمالكم الصلاة، وأمر بلالا أن يؤذّن حيّ على خير العمل.
تبيين:
نقلا عن كتاب (الإمام الصادق والمذاهب الأربعة) تحت عنوان ألفاظ الأذان: لا خلاف بين المسلمين بأنّ للأذان ـ وهو الإعلام بدخول وقت الصلاة ـ ألفاظاً مخصوصة، ولكن الخلاف في لفظتين وهما: "حيّ على خير العمل" بعد قول حيّ على الفلاح، كما يذهب إليه الشيعة. والثانية: قول الصلاة خير من النوم بعد قول حيّ على الفلاح. وصورة الأذان عند الشيعة بالاجماع: الله أكبر أربع مرّات، أشهد أن لا إله إلاّ الله مرّتان، وأشهد أنّ محمّداً رسول الله مرّتان، حيّ على الصلاة مرّتان، حيّ على الفلاح مرّتان، ثمّ حيّ على خير العمل مرّتان، ثمّ الله أكبر مرّتان، ثمّ لا إله إلاّ الله مرّتان.
|
____________
1- كتاب الأذان بحيّ على خير العمل: 51 ح90.
2- كتاب الأذان بحيّ على خير العمل: 52 ح92.
والاقامة كذلك إلاّ انّ فصولها مرّتان، وقول لا إله إلاّ الله في آخرها مرّة واحدة، ويزاد فيها بعد حيّ على خير العمل وقبل التكبيرات، قد قامت الصلاة مرّتان. ولا خلاف عند جميع المذاهب في ذلك إلاّ في أمرين: 1- تكرار الألفاظ في الأذان والاقامة، فمنهم من يوافق الشيعة في ذلك، ومنهم من يقول: بأنّ الأذان مرّتين، والاقامة مثلها، ومنهم من يقول: أنّ الأذان مرّتين والاقامة مرّة، وعند المالكية أنّ التكبير الأوّل في الأذان مرّتين. 2- كلمة حيّ على خير العمل كما تذهب الشيعة إلى وجوبها، وكلمة الصلاة خير من النوم، كما تذهب إليه بقية المذاهب، ولابدّ لنا من الاشارة هنا حول ذلك: أمّا كلمة "حيّ على خير العمل" فإنّ الثابت ـ من طريق أهل البيت (عليهم السلام) ـ أنّها جزء من الأذان والاقامة، وقد قال الإمام زين العابدين (عليه السلام): أنّه هو الأذان الأوّل ـ أي على عهد رسول الله (صلى الله عليه وآله) ـ كما أخرجه البيهقي في سننه الكبرى. وقال الإمام الباقر (عليه السلام): وكانت هذه الكلمة (حيّ على خير العمل) في الأذان، فأمر عمر بن الخطّاب أن يكفّوا عنها مخافة أن تثبط الناس عن الجهاد، وينكلوا عن الصلاة. (اُنظر البحر الزخار 1: 192) وحكى سعد الدين التفتازاني في حاشيته على شرح العضد: عن عمر أنّه كان يقول: ثلاث كنّ على عهد رسول الله (صلى الله عليه وآله) أنا اُحرّمهنّ وأنهى عنهنّ: متعة الحج، ومتعة النكاح، وحيّ على خير العمل. وروى البيهقي بسند صحيح عن ابن عمر أنّه كان يؤذّن بحيّ على خير العمل. وقال ابن حزم: وقد صحّ عن ابن عمر وأبي أمامة أنّه كانوا يقولون: حيّ على خير العمل. (اُنظر الحلّي 3: 160) وروى المحبّ الطبري في (أحكامه)، عن زيد بن أرقم: أنّه أذّن في حيّ على خير العمل.
|
وقال الشوكاني، نقلا عن كتاب (الأحكام): وقد صحّ لنا أنّ "حيّ على خير العمل" كانت على عهد رسول الله (صلى الله عليه وآله) يؤذّن بها، ولم تطرح إلاّ في زمان عمر، وهكذا قال الحسن بن يحيى. (اُنظر نيل الأوطار 2: 32) وروى محمّد بن منصور في كتابه (الجامع)، عن أبي محذور، أحد مؤذّني رسول الله (صلى الله عليه وآله) أنّه قال: أمرني رسول الله (صلى الله عليه وآله) أن أقول في الأذان: حيّ على خير العمل. وفي (الشفاء)، عن هذيل بن بلال المدائني، قال: سمعت ابن أبي محذور يقول: حيّ على خير العمل. (اُنظر البحر الزخار 1: 192) وقال برهان الدين الشافعي في (سيرته): ونقل عن ابن عمرو، عن عليّ بن الحسين أنّهما كانا يقولان: "حيّ على خير العمل"، بعد حيّ على الفلاح. (اُنظر السيرة 2: 105) والخلاصة أنّ الشيعة قد أجمعوا على لزوم الاتيان بلفظ حيّ على خير العمل لأنّها ثابتة على عهد الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله) وقد أمر أهل البيت (عليهم السلام) أتباعهم بذلك، فكانت شعارهم في جميع أدوار التاريخ. والأمر الثاني: هو كلمة "الصلاة خير من النوم"، والشيعة لا يجيزون ذلك، وذهب الشافعي في قوله الجديد إلى الكراهة. إذ من المعلوم أنّ هذه اللفظة لم تكن على عهد رسول الله (صلى الله عليه وآله) وأوّل من جعلها في الأذان عمر بن الخطّاب. جاء في موطّأ مالك: أنّ المؤذّن جاء عمر بن الخطّاب يؤذنه لصلاة الصبح فوجده نائماً، فقال (المؤذّن): الصلاة خير من النوم، فأمره عمر أن يجعلها في نداء الصبح. (اُنظر موطّأ مالك في هامش مصابيح السنّة للبغوي 1: 37) وقال الإمام علي (عليه السلام) عندما سمع ذلك: "لا تزيدوا في الأذان ما ليس منه"، وأمّا ما يدّعى من أنّ النبي (صلى الله عليه وآله) أمر بلالا أن يقول: الصلاة خير من النوم في الأذان فهو غير صحيح لا يقرّه التحقيق وذلك:
|
لأنّ الذي روى عن بلال ذلك، هو عبد الرحمن بن أبي ليلى وهذا غير صحيح، لأنّ ولادة عبد الرحمن كانت سنة 17 من الهجرة النبويّة. (اُنظر تهذيب الأسماء واللّغات لمحيّ الدين النووي 1: 304) وتوفّي سنة 84 هـ ووفاة بلال سنة 20 من الهجرة، فكيف يصحّ أن يروي عن بلال وعمره ثلاث سنين، هذا شيء غريب!! وادّعي أيضاً بأنّ بلالا أتى النبي (صلى الله عليه وآله) فوجده راقداً، فقال: "الصلاة خير من النوم". فقال النبي (صلى الله عليه وآله): ما أحسن هذا اجعله في أذانك. وهذا لا يصحّ أيضاً لأنّ الراوي هو عبد الرحمن بن زيد بن أسلم المتوفّي سنة 282، عن أبيه زيد بن أسلم، عن بلال، وعبد الرحمن ضعيف الحديث لا يعتمد عليه كما نصّ على ذلك أحمد، وابن المديني، والنسائي، وغيرهم. هذا من جهة، ومن جهة اُخرى أنّ زيداً لم يسمع من بلال، لأنّ ولادة زيد كانت سنة 66 هـ ووفاته سنة 126 هـ. (اُنظر تذكرة الحفّاظ للذهبي 1: 124; وتهذيب الأسماء واللغات للنووي 1: 200; والخلاصة للخزرجي: 131; وغيرها من كتب التراجم والرجال) فكيف يصحّ سماعه من بلال وهو لم يولد إلاّ بعد وفاة بلال بستّ وأربعين سنة؟! وعلى أيّ حال فإنّ المقطوع به أنّ التثويب لم يكن على عهد النبي (صلى الله عليه وآله) وانّ هذه الكلمة كانت في أيّام عمر، وبدون شكّ أنّ الأذان كان بأمر من الله ووحي أنزله على نبيّه (صلى الله عليه وآله). وأمّا ما يقال في أحداث الأذان بأنّه كان لرؤياً رآها عبد الله بن زيد، وعمر بن الخطّاب، فأقرّها النبي إلى غير ذلك، فهي اُمور بعيدة عن الواقع، ونحن في غنىً عن إعطاء صورة لرواة هذه الاُمور لنعرف مقدار الاعتماد عليهم، ومنهم عبد الله ابن خالد الواسطي وقد نصّ الحفّاظ على كذبه، وأقلّ صفاته أنّه رجل سوء كما قال يحيى بن معين.
|
وقد أنكر الحسين بن علي (عليه السلام) عندما سمع الناس يتحدّثون عن رؤيا عبد الله بن زيد في تشريع الأذان، فغضب وقال: الوحي ينزل على الرسول ويزعمون أنّه أخذ الأذان عن عبد الله بن زيد؟! والأذان وجه دينكم، ولقد سمعت أبي عليّ بن أبي طالب يقول: أهبط الله ملكاً عرج برسول الله (صلى الله عليه وآله) إلى السماء... الحديث. وكيف كان فقد اختلفت أقوال أئمّة المذاهب في كلمة "الصلام خير من النوم"، هل تقال في جميع الأوقات أم في وقت دون وقت؟ أم تقال للأمير دون غيره؟ ممّا يطول شرحه، انتهى(1).
|
2170/11 ـ الصدوق، عن أحمد بن محمّد الحاكم المقري، عن محمّد بن جعفر الجرجاني، عن محمّد بن الحسن الموصلي، عن محمّد بن عاصم الطريفي، عن عباس ابن يزيد، عن أبيه يزيد بن الحسن، عن موسى بن جعفر، عن آبائه، عن علي (عليه السلام) في حديث تفسير الأذان، أنّه قال فيه: الله أكبر الله أكبر الله أكبر، أشهد أنّ لا إله إلاّ الله أشهد أن لا إله إلاّ الله، أشهد أن لا إله إلاّ الله، أشهد أنّ محمّداً رسول الله، أشهد أنّ محمّداً رسول الله، حيّ على الصلاة حيّ على الصلاة، حيّ على الفلاح حيّ على الفلاح، الله أكبر الله أكبر لا إله إلاّ الله لا إله إلاّ الله، وذكر في الاقامة: قد قامت الصلاة(2).
(4) فيمن هو الأحق بالأذان والأحق بالاقامة
2171/1 ـ محمّد بن الحسن باسناده، عن أحمد بن محمّد، عن البرقي، عن النوفلي، عن السكوني، عن جعفر، عن أبيه، عن علي (عليه السلام) قال: آخر ما فارقت عليه حبيب
____________
1- البحر الزخار 1: 192; الإمام الصادق والمذاهب الأربعة، في الأذان والاقامة 3: 282.
2- وسائل الشيعة 4: 647; معاني الأخبار: 38; التوحيد للصدوق: 240.
2172/2 ـ قال علي (عليه السلام): قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): يؤمّكم أقرؤكم، ويؤذّن لكم خياركم(2).
2173/3 ـ كان علي (عليه السلام) يؤذّن ويقيم غيره، وكان يقيم وقد أذّن غيره(3).
2174/4 ـ محمّد، عن محمّد بن الحسين، عن محمّد بن عبد الله بن زرارة، عن عيسى بن عبد الله الهاشمي، عن أبيه، عن جدّه، عن علي (عليه السلام) قال: المؤذّن مؤتمن، والإمام ضامن(4).
2175/5 ـ محمّد بن عليّ بن محبوب، عن محمّد بن الحسين، عن الحسن بن علي، عن الحسين بن علوان، عن عمرو بن خالد، عن زيد بن علي، عن آبائه، عن علي (عليه السلام) قال: دخل رجلان المسجد وقد صلّى الناس، فقال لهما علي (عليه السلام): إن شئتما فليؤمّ أحدكما صاحبه، ولا يؤذّن ولا يقيم(5).
2176/6 ـ محمّد بن أحمد بن يحيى، عن بنان بن محمّد، عن أبيه، عن ابن المغيرة، عن السكوني، عن جعفر بن محمّد، عن أبيه، عن علي (عليه السلام) أنّه كان يقول: إذا دخل الرجل المسجد وقد صلّى أهله، فلا يؤذّننّ ولا يقيمنّ، ولا يتطوّع حتّى يبدأ بصلاة الفريضة، ولا يخرج منه إلى غيره حتّى يصلّي فيه(6).
2177/7 ـ أتى رجل أمير المؤمنين (عليه السلام) فقال: يا أمير المؤمنين والله إنّي لأُحبّك،
____________
1- من لا يحضره الفقيه 1: 283 ح870; وسائل الشيعة 4: 666; تهذيب الأحكام 2: 283.
2- من لا يحضره الفقيه 1: 285 ح880; وسائل الشيعة 4: 640.
3- من لا يحضره الفقيه 1: 291 ح902.
4- تهذيب الأحكام 2: 282.
5- تهذيب الأحكام 2: 281.
6- تهذيب الأحكام 3: 56.
2178/8 ـ عن علي (عليه السلام) أنّه قال: ليس على النساء أذان ولا إقامة(2).
2179/9 ـ الصدوق، عن أبي الحسن محمّد بن عليّ بن الشاه، عن أبي حامد أحمد ابن الحسين، عن أبي يزيد أحمد بن خالد الخالدي، عن محمّد بن أحمد بن صالح التميمي، عن أبيه، عن جدّه، قال: حدّثني أنس بن محمّد أبو مالك، عن جعفر بن محمّد، عن أبيه، عن جدّه عليّ بن أبي طالب (عليه السلام)، عن النبي (صلى الله عليه وآله)، أنّه قال في وصيّته له: يا علي ليس على النساء جمعة ولا جماعة، ولا أذان ولا إقامة، الخبر(3).
2180/10 ـ عن علي (عليه السلام): ليؤذّن لكم أفصحكم، وليؤمّكم أفقهكم(4).
2181/11 ـ البيهقي، أخبرنا أبو عبد الله الحافظ، أنبأ أبو بكر بن إسحاق، أنبأ محمّد ابن غالب، أنبأ أبو عمرو الحوضي وعمرو بن مرزوق ومسلم بن إبراهيم، قالوا: أنبأ شعبة، عن منصور، قال: سمعت هلال بن يساف يحدّث، عن أبي عبد الرحمن السلمي، عن علي (رضي الله عنه) قال: المؤذّن أملك بالأذان، والإمام أملك بالإقامة(5).
(5) في أن الأذان ترتيل والاقامة حدر
2182/1 ـ عليّ بن محمّد بن الحسن، قال: حدّثني سليمان بن إبراهيم بن عبيد، قال: حدّثني نصر بن مزاحم المنقري، قال: حدّثني إبراهيم بن الزبرقان التيمي،
____________
1- من لا يحضره الفقيه3: 178 ح3674; وسائل الشيعة 4: 666; تهذيب الأحكام 6: 376; الاستبصار 3: 65.
2- دعائم الإسلام 1: 146; البحار 84: 161.
3- الخصال، باب 19: 511; مستدرك الوسائل 4: 34 ح4116.
4- دعائم الإسلام 1: 147; البحار 84: 161.
5- سنن البيهقي 2: 19; كنز العمال 8: 353 ح23228.
2183/2 ـ عن الهجيع بن قيس، عن علي [ (عليه السلام) ] أنّه كان يقول: الأذان مثنىً مثنىً، والاقامة مثنىً مثنىً، ومرّ برجل يقيم مرّة مرّة، فقال: اجعلها مثنىً مثنىً لا اُمّ للآخر(2).
(6) في أن النبي (صلى الله عليه وآله) أخذ الأذان والاقامة عن الله تعالى
2184/1 ـ السيد فضل الله الراوندي، قال: قرأت بخطّ الشيخ الصالح محمّد بن أحمد بن محمّد بن الحسين بن مهرويه الكرمندي، قال: أخبرنا الشيخ الخطيب أحمد، قال (رضي الله عنه): وجدت بخطّ أحمد بن إبراهيم بن محمّد بن أبان، قال: أخبرني أحمد ابن محمّد بن عمر بن يونس اليماني، قال: حدّثني محمّد بن إبراهيم الأصحى الأصمعي، قال: حدّثني أبو الخطيب بن سليمان رضي الله عنهم، قال: أخبرني أبو جعفر محمّد بن علي بن الحسين بن عليّ بن أبي طالب، قال: قال أمير المؤمنين (عليه السلام):
كان لرسول الله (صلى الله عليه وآله) سرٌّ قلّما (قلّ من) عثر عليه، إلى أن ذكر عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) أنّه قال: لمّا اُسري بي فانتهيت إلى السماء السابعة، فتح لي بصري إلى فرجة في العرش تفور كفور القدر، فلمّا أردت الانصراف اُقعدت عند تلك الفرجة، ثمّ نوديت: يا محمّد إنّ ربّك عزّ وجلّ يقرئ عليك السلام، إلى أن قال: يا محمّد من أراد من اُمّتك الأمان من بليّتي والاستجابة لدعوتي فليقل حين يسمع تأذين المغرب: يا مسلّط نقمته على أعدائه بالخذلان لهم في الدنيا والعذاب لهم في الآخرة، ويا
____________
1- مسند زيد بن علي: 92.
2- كنز العمال 8: 353 ح23227.
2185/2 ـ صحيفة الرضا (عليه السلام)، عن آبائه، قال: قال عليّ بن أبي طالب: لما بدأ رسول الله (صلى الله عليه وآله) بتعليم الأذان أتى جبرئيل بالبراق فاستعصت عليه، فقال لها جبرئيل (ثمّ أتى بدابة يقال لها برقة فاستعصت، فقال لها جبرئيل): اسكني براقة فما ركبك أحد أكرم على الله منه فسكنت.
قال (صلى الله عليه وآله): فركبتها حتّى انتهيت إلى الحجاب الذي يلي الرحمن عزّ وجلّ، فخرج ملك من وراء الحجاب، فقال: الله أكبر الله أكبر، قال (صلى الله عليه وآله): قلت: يا جبرئيل من هذا الملك الكريم؟ قال جبرئيل: والذي أكرمك بالنبوّة ما رأيت هذا الملك قبل ساعتي هذه.
فقال الملك: الله أكبر الله أكبر، فنودي من وراء الحجاب: صدق عبدي أنا أكبر أنا أكبر، قال: فقال الملك: أشهد أن لا إله إلاّ الله، أشهد أن لا إله إلاّ الله، فنودي من وراء الحجاب: صدق عبدي لا إله إلاّ أنا لا إله إلاّ أنا، قال (صلى الله عليه وآله): فقال الملك: أشهد أنّ محمّداً رسول الله أشهد أنّ محمّداً رسول الله، فنودي من وراء الحجاب: صدق
____________
1- أدعية السر للراوندي: 1، 3، 47; مستدرك الوسائل 4: 54 ح4167.
2186/3 ـ عن زيد بن علي، عن آبائه، عن علي [ (عليه السلام) ]: أنّ رسول الله (صلى الله عليه وسلم) عُلّم الأذان ليلة اُسري به، وفُرضت عليه الصلاة(2).
2187/4 ـ عن جعفر بن محمّد، عن أبيه، عن جدّه، عن الحسين بن علي، عن علي (عليه السلام)، أنّه سئل عن قول الناس في الأذان أنّ السبب كان فيه رؤياً رآها عبد الله ابن زيد، فأخبر بها النبي (صلى الله عليه وآله) فأمر بالأذان، فقال الحسين (عليه السلام): الوحي يتنزّل على نبيّكم، وتزعمون أنّه أخذ الأذان عن عبد الله بن زيد، والأذان وجه دينكم، وغضب (عليه السلام) ثمّ قال: سمعت أبي عليّ بن أبي طالب (عليه السلام) يقول: أهبط الله عزّ وجلّ ملكاً حتّى عرج برسول الله (صلى الله عليه وآله) ـ وذكر حديث الاسراء بطوله، اختصرناه نحن هاهنا ـ، قال فيه: وبعث الله ملكاً لم يُر في السماء قبل ذلك الوقت ولا بعده، فأذّن مثنىً وأقام مثنىً، وذكر كيفية الأذان، وقال جبرئيل للنبي (صلى الله عليه وآله): يا محمّد هكذا أذِّن للصلاة(3).
____________
1- صحيفة الإمام الرضا (عليه السلام): 227 ح115; مستدرك الوسائل 4: 72 ح4190; البحار 84: 151; تفسير السيوطي 4: 154.
2- كنز العمال 12: 450 ح35354; تفسير السيوطي 4: 154.
3- دعائم الإسلام 1: 142; مستدرك الوسائل 4: 17 ح4062.
(7) معنى حروف الأذان والاقامة
2188/1 ـ عن أمير المؤمنين (عليه السلام) أنّه سأل النبي (صلى الله عليه وآله) عن تفسير الأذان، فقال (صلى الله عليه وآله): يا علي الأذان حجّة على اُمّتي، وتفسيره:
إذا قال المؤذّن: الله أكبر الله أكبر، فإنّه يقول: اللّهمّ أنت الشاهد على ما أقول، يا اُمّة محمّد قد حضرت الصلاة فتهيّئوا ودعوا عنكم شغل الدنيا.
وإذا قال: أشهد أن لا إله إلاّ الله، فإنّه يقول: يا اُمّة محمّد أشهد الله وأشهد ملائكته أنّي أخبرتكم بوقت الصلاة، فتفرّغوا لها.
وإذا قال: أشهد أنّ محمّداً رسول الله، فإنّه يقول: يعلم الله وتعلم ملائكته أنّي قد أخبرتكم بوقت الصلاة، فتفرّغوا لها فإنّها خير لكم.
وإذا قال: حيّ على الصلاة، فإنّه يقول: يا اُمّة محمّد دين قد أظهره الله لكم ورسوله فلا تضيّعوه، ولكن تعاهدوا يغفر الله لكم، تفرّغوا لصلاتكم فإنّها عماد دينكم.
وإذا قال: حيّ على الفلاح، فإنّه يقول: يا اُمّة محمّد قد فتح الله عليكم أبواب الرحمة، فقوموا وخذوا نصيبكم من الرحمة تربحوا الدنيا والآخرة.
وإذا قال: الله اكبر الله اكبر (حيّ على خير العمل)، فإنّه يقول: ترحّموا على أنفسكم فإنّه لا أعلم لكم عملا أفضل من هذه، فتفرّغوا لصلاتكم قبل الندامة.
وإذا قال: لا إله إلاّ الله، فإنّه يقول: يا اُمّة محمّد اعلموا أنّي جعلت أمانة سبع سماوات وسبع أرضين في أعناقكم، فإن شئتم فافعلوا وإن شئتم فادبروا، فمن أجابني فقد ربح ومن لم يجبني فلا يضرّني.
ثمّ قال: يا علي الأذان نور، فمن أجاب نجا، ومن عجز خسف (حنف)، وكنت له خصماً بين يدي الله تعالى، ومن كنت له خصماً فما أسوء حاله، وقال (صلى الله عليه وآله): إجابة
2189/2 ـ عن أحمد بن محمّد بن عبد الرحمن المروزي الحاكم المقري، قال: حدّثنا أبو عمرو محمّد بن جعفر المقري الجرجاني، قال: حدّثنا أبو بكر محمّد بن الحسن الموصلي ببغداد، قال: حدّثنا محمّد بن عاصم الطريفي، قال: حدّثنا أبو زيد عبّاس بن يزيد بن الحسن الجمّال مولى زيد بن علي، قال: أخبرني (أبي) يزيد بن الحسن، قال: حدّثني موسى بن جعفر بن محمّد، عن أبيه محمّد بن علي، عن أبيه عليّ بن الحسين، عن أبيه الحسين بن عليّ بن أبي طالب (عليه السلام) قال: كنّا جلوساً في المسجد إذ صعد المؤذّن المنارة، فقال: الله أكبر الله أكبر، فبكى أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب (عليه السلام) وبكينا لبكائه، فلمّا فرغ المؤذّن قال: أتدرون ما يقول المؤذّن؟ قلنا: الله ورسوله ووصيّه أعلم، قال: لو تعلمون ما يقول لضحكتم قليلا ولبكيتم كثيراً! فلقوله: الله أكبر معان كثيرة:
منها انّ قول المؤذّن: الله أكبر، يقع على قِدمه وأزليّته وأبديّته وعلمه وقوّته وقدرته وحلمه وكرمه وجوده وعطائه وكبريائه، فإذا قال المؤذّن: الله أكبر، فإنّه يقول: الله الذي له الخلق والأمر، وبمشيّته كان الخلق، ومنه كلّ شيء للخلق وإليه يرجع الخلق، وهو الأوّل قبل كلّ شيء لم يزل، والآخر بعد كلّ شيء لا يزال، والظاهر فوق كلّ شيء لا يدرك، والباطن دون كلّ شيء لا يحدّ، وهو الباقي وكلّ شيء دونه فان.
والمعنى الثاني: الله أكبر، أي العليم الخبير عليهم بما كان ويكون قبل أن يكون.
والثالث: الله أكبر، أي القادر على كلّ شيء يقدر على ما يشاء، القويّ لقدرته، المقتدر على خلقه، القويّ لذاته، قدرته قائمة على الأشياء كلّها، إذا قضى أمراً فإنّما يقول له كن فيكون.
____________
1- جامع الأخبار، باب الأذان: 171 ح405; مستدرك الوسائل 4: 55 ح4169; البحار 84: 153.
والوجه الآخر في معنى الله أكبر، أي الجواد جزيل العطاء، كريم الفعال.
والوجه الآخر: الله أكبر، فيه نفي صفته وكيفيّته، كأنّه يقول: الله أجلّ من أن يدرك الواصفون قدر صفته الذي هو موصوف به، وإنّما يصفه الواصفون على قدرهم لا على قدر عظمته وجلاله، تعالى الله أن يدرك الواصفون صفته علوّاً كبيراً.
والوجه الآخر: الله أكبر، كأنّه يقول: الله أعلى وأجل، وهو الغنيّ عن عباده، لا حاجة به إلى أعمال خلقه.
وأمّا قوله: أشهد أن لا إله إلاّ الله، فإعلام بأنّ الشهادة لا تجوز إلاّ بمعرفته من القلب، كأنّه يقول: أعلم أنّ لا معبود إلاّ الله عزّ وجلّ، وأنّ كلّ معبود باطل سوى الله عزّ وجلّ، وأقرّ بلساني بما في قلبي من العلم بأنّه لا إله إلاّ الله، وأشهد أنّه لا ملجأ من الله إلاّ إليه، ولا منجا من شرّ كلّ ذي شرّ وفتنة كلّ ذي فتنة إلاّ بالله.
وفي المرّة الثانية: أشهد أن لا إله إلاّ الله: معناه أشهد أن لا هادي إلاّ الله ولا دليل لي إلى الدين إلاّ الله، وأشهد الله بأنّي أشهد أن لا إله إلاّ الله، وأشهد أنّ سكّان السماوات والأرضين وما فيهنّ من الملائكة والناس أجمعين وما فيهنّ من الجبال والأشجار والدواب والوحوش وكلّ رطب ويابس، بأنّي أشهد أن لا خالق إلاّ الله ولا رازق ولا معبود ولا ضارّ ولا نافع ولا قابض ولا باسط ولا معطي، ولا مانع ولا ناصح ولا كافي ولا شافي ولا مقدّم ولا مؤخّر إلاّ الله، له الخلق والأمر وبيده الخير كلّه، تبارك الله ربّ العالمين.
وأمّا قوله: أشهد أنّ محمّداً رسول الله، يقول: اُشهد الله أنّه لا إله إلاّ الله، وأنّ
وفي المرّة الثانية: أشهد أنّ محمّداً رسول الله، يقول: أشهد أن لا حاجة لأحد (إلى أحد) إلاّ إلى الله الواحد القهّار، الغنيّ عن عباده والخلائق أجمعين، وأنّه أرسل محمّداً إلى الناس بشيراً ونذيراً وداعياً إلى الله باذنه وسراجاً منيراً، فمن أنكره وجحده ولم يؤمن به أدخله الله عزّ وجلّ نار جهنّم خالداً مخلّداً لا ينفكّ عنها أبداً.
وأما قوله: حيّ على الصلاة، أي هلمّوا إلى خير أعمالكم، ودعوة ربّكم، وسارعوا إلى مغفرة من ربّكم واطفاء ناركم التي أوقدتموها، وفكاك رقابكم التي رهنتموها، ليكفّر الله عنكم سيّئاتكم، ويغفر لكم ذنوبكم، ويبدّل سيّئاتكم حسنات، فإنّه ملك كريم، ذو الفضل العظيم، وقد أذن لنا معاشر المسلمين بالدخول في خدمته والتقدّم إلى بين يديه.
وفي المرّة الثانية: حيّ على الصلاة، أي قوموا إلى مناجاة الله ربّكم، وعرض حاجاتكم على ربّكم، وتوسّلوا إليه بكلامه، وتشفّعوا به وأكثروا من الذكر والقنوت والركوع والسجود والخضوع والخشوع، وارفعوا إليه حوائجكم فقد أذن لنا في ذلك.
وأمّا قوله: حيّ على الفلاح، فإنّه يقول: أقبلوا إلى بقاء لا فناء معه، ونجاة لا هلاك معها، وتعالوا إلى حياة لا موت معها، وإلى نعيم لا نفاد له، وإلى ملك لا زوال عنه، وإلى سرور لا حزن معه، وإلى اُنس لا وحشة معه، وإلى نور لا ظلمة معه، وإلى سعة لا ضيق معها، وإلى بهجة لا انقطاع لها، وإلى غنىً لا فاقة معه، وإلى صحة
وفي المرّة الثانية: حيّ على الفلاح، فإنّه يقول: سابقوا إلى دعوتكم إليه، وإلى جزيل الكرامة، وعظيم المنّة، وسَنِيِّ النعمة والفوز العظيم ونعيم الأبد، في جوار محمّد (صلى الله عليه وآله) في مقعد صدق عند مليك مقتدر.
وأمّا قول: الله أكبر، فإنّه يقول: الله أعلى وأجلّ من أن يعلم أحد من خلقه ما عنده من الكرامة لعبد أجابه وأطاعه، وأطاع أمره وعَبدهُ وعرف وعيده واشتغل به وبذكره، وأحبّه وآمن به وامطأنّ إليه ووثق به، وخافه ورجاه، واشتاق إليه ووافقه في حكمه وقضائه ورضي به.
وفي المرّة الثانية: الله أكبر، فإنّه يقول: الله أكبر وأعلى وأجلّ من أن يعلم أحد مبلغ كرامته لأوليائه وعقوبته لأعدائه ومبلغ عفوه وغفرانه، ونعمته لمن أجابه وأجاب رسوله، ومبلغ عذابه ونكاله وهوانه لمن أنكره وجحده.
وأمّا قوله: لا إله إلاّ الله، معناه لله الحجّة البالغة عليهم بالرسول والرسالة، والبيان والدعوة، وهو أجلّ من أن يكون لأحد منهم عليه حجّة، فمن أجابه فله النور والكرامة، ومن أنكره فإنّ الله غنيّ عن العالمين وهو أسرع الحاسبين.
ومعنى قد قامت الصلاة في الاقامة: أي حان وقت الزيارة والمناجاة، وقضاء الحوائج ودرك المنى والوصول إلى لله عزّ وجلّ وإلى كرامته وعفوه ورضوانه وغفرانه(1).
بيـان:
قال الصدوق: إنّما ترك الراوي لهذا الحديث ذكر "حيّ على خير العمل" للتقية.
|
____________
1- معاني الأخبار: 38; توحيد الصدوق، باب تفسير حروف الأذان والاقامة: 238; مستدرك الوسائل 4: 65 ح4187; البحار 84: 131; فلاح السائل: 144.