الصفحة 190

الباب الثاني عشر:

وصف الصلاة وأفعالها من فاتحتها إلى خاتمتها

(1) ما تصح الصلاة عليه

2300/1 ـ عن علي (عليه السلام)، أنّ رسول الله (صلى الله عليه وآله) صلّى على حصير(1).

(2) تقديم الصلاة على غيرها

2301/1 ـ عن أمير المؤمنين (عليه السلام) قال: كان رسول الله (صلى الله عليه وآله) لا يؤثر على الصلاة عشاءً ولا غيره، وكان إذا دخل وقتها كأنّه لا يعرف أهلا ولا حميماً(2).

(3) بعض آداب الصلاة وحدودها

2302/1 ـ الصدوق، باسناده عن علي (عليه السلام) قال: ليخشع الرجل في صلاته، فإنّ من خشع قلبه لله عزّ وجلّ خشعت جوارحه، فلا يعبث بشيء، اجلسوا في

____________

1- دعائم الإسلام 1: 178; مستدرك الوسائل 4: 5 ح4034; البحار 85: 157.

2- مجموعة ورّام 2: 78.


الصفحة 191
الركعتين حتّى تسكن جوارحكم ثمّ قوموا فإنّ ذلك من فعلنا، إذا قام أحدكم من الصلاة فليرجع يده حذاء صدره، وإذا كان أحدكم بين يدي الله جلّ جلاله فليتحرّى بصدره وليقم صلبه ولا ينحني، إذا فرغ أحدكم من الصلاة فليرفع يده إلى السماء ولينصب في الدعاء، لا ينفتل العبد من صلاته حتّى يسأل الله الجنّة ويستجير به من النار، ويسأله أن يزوجه من الحور العين، إذا قام أحدكم إلى صلاة فليصلّ صلاة مودّع، ولا يقطع الصلاة التبسم وتقطعها القهقهة، ليرفع الرجل الساجد مؤخّره في الفريضة إذا سجد، إذا صلّيت فأسمع نفسك القراءة والتكبير والتسبيح، إذا انفتلت من الصلاة فانفتل عن يمينك(1).

2303/2 ـ عليّ بن الحسين المرتضى، نقلا من تفسير النعماني، بإسناده عن علي (عليه السلام) في حديث قال: حدود الصلاة أربعة: معرفة الوقت، والتوجّه إلى القبلة، والركوع، والسجود، وهذه عوامّ في جميع الناس العالم والجاهل، وما يتّصل بها من جميع أفعال الصلاة والأذان والاقامة وغير ذلك، ولمّا علم الله سبحانه أنّ العباد لا يستطيعون أن يؤدّوا هذه الحدود كلّها على حقائقها، جعل فيها الفرائض وهي الأربعة المذكورة، وجعل ما فيها من هذه الأربعة المذكورة، من القراءة والدعاء والتسبيح والتكبير والأذان والاقامة وما شاكل ذلك سنّة واجبة، من أحبّها يعمل بها، فهذا ذكر حدود الصلاة(2).

2304/3 ـ البيهقي، أخبرنا أبو الحسن عليّ بن أحمد بن عبدان، أنبأ سليمان بن أحمد بن أيّوب الطبراني، ثنا عليّ بن عبد العزيز، ثنا أبو نعيم، عن الثوري، عن عبد الله بن محمّد بن عقيل، عن ابن الحنفية، عن علي (رضي الله عنه) رفعه إلى النبي (صلى الله عليه وسلم)قال: مفتاح الصلاة الطهور، واحرامها التكبير، واحلالها التسليم(3).

____________

1- الخصال، حديث الأربعمائة: 628; وسائل الشيعة 4: 683.

2- رسالة المحكم والمتشابه: 63; وسائل الشيعة 4: 684; البحار 84: 221.

3- سنن البيهقي 2: 15; حلية الأولياء 7: 124.


الصفحة 192
2305/4 ـ الصدوق، عن محمّد بن الحسن، عن محمّد بن يحيى العطار، عن محمّد ابن أحمد بن يحيى، عن موسى بن عمر، عن عبد الله بن المغيرة، عن الصباح المزني، عن أبي عبد الله، قال: قال أمير المؤمنين (عليه السلام): تكبيرات الصلاة خمس وتسعون تكبيرة في اليوم والليلة (للصلوات)، منها تكبيرة القنوت(1).

2306/5 ـ عن أمير المؤمنين (عليه السلام) قال: ألا إنّ للصلاة حدّاً كمضراب الجزّار متى تعدّى المفاصل كسر(2).

2307/6 ـ عن علي (عليه السلام) أنّه كان يقول إذا نهض من السجود للقيام: اللّهمّ بحولك وقوّتك أقوم وأقعد(3).

2308/7 ـ الحسين بن سعيد، عن فضالة، عن رفاعة بن موسى، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: كان علي (عليه السلام) إذا نهض من الركعتين الأوليين قال: بحولك وقوّتك أقوم وأقعد(4).

2309/8 ـ جعفر بن الحسن المحقّق الحلي، عن علي (عليه السلام) أنّه قال: اقرأ في الأولتين، وسبّح في الأخيرتين(5).

2310/9 ـ محمّد بن أحمد بن يحيى، عن محمّد بن عيسى، عن يوسف بن عقيل، عن محمّد بن قيس، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: كان أمير المؤمنين (عليه السلام) إذا صلّى يقرأ في الأولتين من صلاته الظهر سرّاً، ويسبّح في الأخيرتين من صلاته الظهر على نحو من صلاة العشاء، وكان يقرأ في الأولتين من صلاة العصر سرّاً ويسبّح في الأخيرتين

____________

1- الخصال، باب التسعون: 593; تهذيب الأحكام 2: 87; وسائل الشيعة 4: 720; البحار 84: 361.

2- مجموعة ورّام 1: 302.

3- دعائم الإسلام 1: 164; البحار 85: 184.

4- تهذيب الأحكام 2: 88; الاستبصار 1: 338.

5- المعتبر: 171; وسائل الشيعة 4: 792.


الصفحة 193
على نحو من صلاة العشاء، وكان يقول: أوّل صلاة أحدكم الركوع(1).

2311/10 ـ الصدوق، باسناده عن علي (عليه السلام) قال: إذا أصاب أحدكم الدابة وهو في صلاته، فليدفنها ويتفل (يثقل) عليها، أو يصيّرها في ثوبه حتّى ينصرف(2).

2312/11 ـ الصدوق، عن محمّد بن الحسن بن متيل، قال: حدّثنا محمّد بن الحسن، عن محمّد بن يحيى، عن طلحة بن زيد، عن جعفر بن محمّد، عن أبيه، عن علي (عليه السلام) قال: إنّ الإنسان إذا كان في الصلاة فإنّ جسده وثيابه وكلّ شيء حوله يسبّح(3).

2313/12 ـ وعنه، باسناده عن علي (عليه السلام) قال: لا يقومنّ أحدكم في الصلاة متكاسلا ولا ناعساً، ولا يفكرنّ في نفسه فإنّه بين يدي ربّه عزّ وجلّ، وإنّما للعبد من صلاته ما أقبل عليه منها بقلبه(4).

2314/13 ـ وعنه، عن أبيه، عن سعد بن عبد الله، عن محمّد بن عيسى اليقطيني، عن القاسم بن يحيى، عن جدّه الحسن بن راشد، عن أبي بصير ومحمّد بن مسلم، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، عن آبائه، قال: قال أمير المؤمنين (عليه السلام): إذا قال العبد في التشهد في الأخيرتين وهو جالس: أشهد أن لا إله إلاّ الله وحده لا شريك له، وأشهد أنّ محمّداً عبده ورسوله، وأنّ الساعة آتية لا ريب فيها، وأنّ الله يبعث من في القبور، ثمّ أحدث حدثاً فقد تمّت صلاته(5).


بيـان:

قال العلاّمة المجلسي في البحار: ظاهره وجوب التشهّد في الصلاة، أما وجوب الشهادتين عقيب كلّ ثنائية وفي آخرة الثلاثية والرباعية، فنقل الاجماع


____________

1- تهذيب الأحكام 2: 97; وسائل الشيعة 4: 793.

2- الخصال، حديث الأربعمائة: 622; وسائل الشيعة 4: 1273; البحار 84: 283.

3- علل الشرايع: 336; وسائل الشيعة3: 339; المناقب لابن شهر آشوب2: 377; مستدرك الوسائل3: 231 ح3453; البحار 83: 200.

4- الخصال، حديث الأربعمائة: 613; وسائل الشيعة 4: 687; البحار 84: 239.

5- الخصال، حديث الأربعمائة: 629; وسائل الشيعة 4: 1002; البحار 85: 283.


الصفحة 194

جماعة من الأصحاب، واقتصر الصدوق في المقنع على الشهادتين، ولم يذكر الصلاة على النبي وآله، ثمّ قال: وأدنى ما يجزئ من التشهّد شهادتان، أو يقول: بسم الله وبالله ثمّ يسلّم، وحكم في الذكرى بأنّه معارض باجماع الامامية، والوجوب أحوط وأقوى.

وأمّا وجوب الصلاة على النبيّ وآله في التشهّد فقد مرّ الكلام عليه، وربّما يستدلّ بهذا الخبر وأمثاله على عدم وجوبها، وفيه نظر، إذ عدم ناقضيّة الحدث بينها وبين الصلاة، لا يدلّ على عدم الجزئية، على أنّه لا ينافي الوجوب من حيث العموم بوجه، وأيضاً عدم التمامية أعمّ من البطلان، وما يدلّ عليه بحسب المفهوم من وجوب قوله: {وَأَنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ}(1) إلى آخره، فليس بمعتبر لمعارضته الاجماع، والأخبار الكثيرة المعتبرة.


2315/14 ـ عن علي [ (عليه السلام) ]: لا صلاة لمن لا تشهّد له(2).

2316/15 ـ عن علي [ (عليه السلام) ]: أنّه كان إذا تشهّد قال: بسم الله وبالله(3).

2317/16 ـ عماد الدين الطبري، عن أبي البقاء إبراهيم بن الحسين بن إبراهيم البصري، عن محمّد بن الحسن بن عتبة، عن محمّد بن الحسين بن أحمد، عن محمّد ابن وهبان الدّبيلي، عن عليّ بن أحمد بن كثير العسكري، عن أبي سلمة أحمد بن المفضّل الاصفهاني، عن أبي علي راشد بن علي بن وائل القرشي، عن عبد الله بن حفص المدني، عن محمّد بن إسحاق، عن سعيد بن زيد بن اُرطاة، عن كميل بن زياد، عن أمير المؤمنين (عليه السلام) أنّه قال:

يا كميل لا تغترّ بأقوام يصلّون فيطيلون ويصومون فيداومون، ويتصدّقون

____________

1- الحج: 7.

2- كنز العمال 7: 480 ح19875.

3- كنز العمال 8: 155 ح22357.


الصفحة 195
فيحسبون أنّهم موفّقون.

يا كميل اُقسم بالله لسمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول: إنّ الشيطان إذا حمل قوماً على الفواحش مثل الزنا وشرب الخمر والرياء وما أشبه ذلك من الخنا والمآثم، حبّب إليهم العبادة الشديدة والخشوع والركوع والخضوع والسجود، ثمّ حملهم على ولاية الأئمة الذين يدعون إلى النار ويوم القيامة لا يُنصرون.

يا كميل ليس الشأن أن تصلّي وتصوم وتتصدّق، إنّما الشأن أن تكون الصلاة فعلت بقلب نقي وعمل عند الله مرضيّ، وخشوع سويّ، إبقاء للحد فيها، الوصية(1).

2318/17 ـ في كتاب (اللؤلؤيات) في باب الخضوع، قال: كان عليّ بن أبي طالب (عليه السلام) إذا حضر وقت الصلاة يتزلزل ويتلوّن، فيقال له: ما لك يا أمير المؤمنين؟ فيقول: جاء وقت أمانة الله التي عرضها على السماوات والأرض (والجبال) فأبين أن يحملنها وأشفقن منها، وحملها الإنسان، فلا أدري أحسن أداء ما حُمّلت أم لا(2).

2319/18 ـ عن أبي الحسن الرضا (عليه السلام)، أنّ أمير المؤمنين (عليه السلام) كان يقول: طوبى لمن أخلص لله العبادة والدعاء ولم يشتغل قلبه بما تراه عيناه، ولا ينس ذكر الله بما تسمع اُذناه، ولم يحزن صدره بما اُعطي غيره(3).

2320/19 ـ (الجعفريات)، أخبرنا محمّد، حدّثني موسى، قال: حدّثنا أبي، عن أبيه، عن جدّه جعفر بن محمّد، عن أبيه، عن جدّه عليّ بن الحسين، عن أبيه، عن علي (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): تكتب الصلاة على أربعة أسهم: سهم منها إسباغ

____________

1- بشارة المصطفى: 28; مستدرك الوسائل4: 94 ح4219; البحار84: 229; جامع السعادات3: 330.

2- البحار 84: 248; جامع السعادات 3: 328.

3- رسائل الشهيد الثاني (في أسرار الصلاة): 108; البحار 84: 261.


الصفحة 196
الوضوء، وسهم منها الركوع، وسهم منها السجود، وسهم منها الخشوع، قيل: يا رسول الله وما الخشوع؟ قال: التواضع في الصلاة، وأن يقبل العبد بقلبه كلّه على ربّه عزّ وجلّ(1).

2321/20 ـ عن علي (عليه السلام)، عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال: من لم يتمّ وضوءه وركوعه وسجوده وخشوعه، فصلاته خداج ـ يعني ناقصة غير تامّة ـ(2).

2322/21 ـ عن علي (عليه السلام) أنّه قال: إذا تنخّم أحدكم وهو في الصلاة فليتنخم عن يساره إن وجد فُرجة، وإلاّ فليحفر له وليدفنه تحت رجليه(3).


بيـان:

يعني إذا وقف على الحصباء والرمل وما أشبه ذلك.


2323/22 ـ زيد بن علي، عن أبيه، عن جدّه، عن عليّ بن أبي طالب كرّم الله وجهه أنّه سأله رجل ما أفراط الصلاة؟ قال: إذا دخل وقت الذي بعدها(4).

2324/23 ـ عن علي (عليه السلام) أنّه قال: مثل الذي لا يتمّ صلاته كمثل حُبلى حملت حتّى إذا دنا نفاسها أسقطت، فلا هي ذات حمل ولا هي ذات ولد(5).

2325/24 ـ عن علي (عليه السلام)، عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) أنّه قال: أسرق السرّاق من سرق من صلاته ـ يعني لا يتمّ فرائضها ـ(6).

2326/25 ـ في رواية عبد الله بن ميمون القدّاح، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: أبصر عليّ بن أبي طالب (عليه السلام) رجلا ينقر بصلاته، فقال: منذ كم صلّيت بهذه الصلاة؟ فقال

____________

1- الجعفريات: 37; مستدرك الوسائل 1: 98 ح84.

2- دعائم الإسلام 1: 136; مستدرك الوسائل 3: 35 ح2953; البحار 84: 264.

3- دعائم الإسلام 1: 173; البحار 84: 307.

4- مسند زيد بن علي: 99.

5- دعائم الإسلام 1: 136; كنز العمال 7: 509 ح20006.

6- دعائم الإسلام 1: 135.


الصفحة 197
له الرجل: منذ كذا وكذا، فقال: مثلك عند الله كمثل الغراب إذا ما نقر، لو متّ متّ على غير ملّة أبي القاسم محمّد (صلى الله عليه وآله)، ثمّ قال علي (عليه السلام): إنّ أسرق الناس من سرق صلاته(1).

(4) معنى أفعال الصلاة وأذكارها

2327/1 ـ سأل رجل أمير المؤمنين (عليه السلام) فقال له: يا ابن عمّ خير خلق الله ما معنى السجدة الاُولى؟ قال: تأويلها: اللّهمّ إنّك منها خلقتنا ـ يعني الأرض ـ وتأويل رفع رأسك: ومنها أخرجتنا، والسجدة الثانية: وإليها تُعيدنا، ورفع رأسك: ومنها تخرجنا تارةً اُخرى(2).

2328/2 ـ سأل رجل أمير المؤمنين (عليه السلام) فقال: يا ابن عمّ خير خلق الله ما معنى مدّ عنقك في الركوع؟ فقال (عليه السلام): تأويله: آمنت بالله ولو ضربت عنقي(3).

2329/3 ـ قال رجل لأمير المؤمنين (عليه السلام): يا ابن عمّ خير خلق الله ما معنى رفع رجلك الُيمنى وطرحك اليُسرى في التشهّد؟ قال: تأويله: اللّهمّ أمت الباطل وأقم الحق، وقال: فما معنى قول الإمام: السلام عليكم؟ قال: إنّ الإمام يترجم عن الله عزّ وجلّ ويقول في ترجمته لأهل الجماعة: أمان لكم من عذاب الله يوم القيامة(4).

2330/4 ـ عن (العلل) لمحمّد بن عليّ بن إبراهيم، سئل أمير المؤمنين (عليه السلام) عن علّة قول الإمام: السلام عليكم، فقال: يترجم عن الله عزّ وجلّ فيقول في ترجمته: أمان

____________

1- محاسن البرقي 1: 161 ح232; وسائل الشيعة 3: 24; البحار 84: 242.

2- من لا يحضره الفقيه 1: 314 ح930; وسائل الشيعة 4: 946; جامع السعادات 3: 354; البحار 82: 271.

3- من لا يحضره الفقيه 1: 311 ح927; وسائل الشيعة 4: 942; علل الشرائع: 320.

4- من لا يحضره الفقيه 1: 320 ح945; وسائل الشيعة 4: 988.


الصفحة 198
لكم من عذابكم يوم القيامة، وأقلّ ما يجزي من السلام: السلام عليك أيّها النبيّ ورحمة الله وبركاته، وما زاد على ذلك ففيه الفضل، لقول الله عزّ وجلّ: {فَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْراً فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ}(1)(2).

2331/5 ـ المجلسي، وجدت بخطّ الشيخ محمّد بن عليّ الجبعي، نقلا من خطّ الشهيد ـ قدّس الله روحه ـ، قال: روى جابر بن عبد الله الأنصاري، قال: كنت مع مولانا أمير المؤمنين (عليه السلام) فرأى رجلا قائماً يصلّي فقال له: يا هذا أتعرف تأويل الصلاة؟ فقال: يا مولاي وهل للصلاة تأويل غير العبادة؟ فقال: إي والّذي بعث محمّداً (صلى الله عليه وآله) بالنبوّة، ما بعث الله نبيّه بأمر من الاُمور إلاّ وله تشابه وتأويل وتنزيل، وكلّ ذلك يدلّ على التعبّد، فقال له: علّمني ما هو يا مولاي؟

فقال: تأويل تكبيرتك الاُولى إلى إحرامك أن تخطر في نفسك إذا قلت: الله أكبر: من أن يوصف بقيام أو قعود، وفي الثانية: أن يوصف بحركة أو جمود، وفي الثالثة: أن يوصف بجسم أو يشبّه بشبه أو يُقاس بقياس، وتخطر في الرابعة: أن تحلّه الأعراض أو تؤلمه الأمراض، وتخطر في الخامسة: أن يوصف بجوهر أو عرض أو يحلّ شيئاً أو يحلّ فيه شيء، وتخطر في السادسة: أن يجوز على المحدثين من الزوال والانتقال، والتغيّر من حال إلى حال، وتخطر في السابعة: أن تحلّه الحواس الخمس.

ثمّ تأويل مدّ عنقك في الركوع، تخطر في نفسك: آمنت بك ولو ضربت عنقي، ثمّ تأويل رفع رأسك من الركوع إذا قلت: سمع الله لمن حمده الحمد لله ربّ العالمين، تأويله: الذي أخرجني من العدم إلى الوجود، وتأويل السجدة الاُولى أن تخطر في نفسك وأنت ساجد: منها خلقتني، ورفع رأسك تأويله: ومنها أخرجتني،

____________

1- البقرة: 184.

2- مستدرك الوسائل 5: 24 ح5274; البحار 85: 309; عيون أخبار الرضا (عليه السلام) الجزء الثاني، باب علل بعض الأحكام.


الصفحة 199
والسجدة الثانية: وفيها تُعيدني، ورفع رأسك تخطر بقلبك: ومنها تُخرجني تارةً اُخرى.

وتأويل قعودك على جانبك الأيسر ورفع رجلك اليمنى وطرحك على اليُسرى تخطر بقلبك: اللّهمّ إنّي أقمت الحقّ وأمتّ الباطل، وتأويل تشهّدك: تجديد الايمان ومعاودة الإسلام، والاقرار بالبعث بعد الموت، وتأويل قراءة التحيّات: تمجيد الربّ سبحانه، وتعظيمه عمّا قاله الظالمون ونعته الملحدون، وتأويل قولك:

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، ترحّم عن الله سبحانه، فمعناها: هذه أمان لكم من عذاب يوم القيامة.

ثمّ قال أمير المؤمنين: من لم يعلم تأويل صلاته هكذا، فهي خُداج ـ أي ناقصة ـ(1).

(5) استحباب الدعاء بالمأثور عند القيام للصلاة

2332/1 ـ محمّد بن يعقوب، عن محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن عليّ بن النعمان، عن بعض أصحابه، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: كان أمير المؤمنين (عليه السلام) يقول: من قال هذا القول كان مع محمّد وآل محمّد، إذا قام من قبل أن يستفتح الصلاة: اللّهمّ إنّي أتوجّه إليك بمحمّد وآل محمّد، واُقدّمهم بين يدي صلاتي، وأتقرّب بهم إليك، فاجعلني بهم وجيهاً في الدنيا والآخرة، ومن المقرّبين، مننت عليّ بمعرفتهم فاختم لي بطاعتهم ومعرفتهم وولايتهم فإنّها السعادة، اختم لي بها فإنّك على كلّ شيء قدير، ثمّ تصلّي فإذا انصرفت قلت: اللّهمّ اجعلني مع محمّد وآل

____________

1- البحار 84: 253; مستدرك الوسائل 4: 107 ح4252.


الصفحة 200
محمّد في كلّ عافية وبلاء، واجعلني مع محمّد وآل محمّد في كلّ مثوىً ومنقلب، اللّهمّ اجعل محياي محياهم ومماتي مماتهم، واجعلني معهم في المواطن كلّها، ولا تفرّق بيني وبينهم أبداً إنّك على كلّ شيء قدير(1).

2333/2 ـ الحسن بن أبي الحسن الديلمي، باسناده عن موسى بن جعفر، عن آبائه، عن أمير المؤمنين (عليه السلام) أنّه قال في جواب اليهودي، الذي سأله عن فضل النبي (صلى الله عليه وآله) على سائر الأنبياء (عليهم السلام)، فذكر اليهودي أنّ الله أسجد ملائكته لآدم (عليه السلام)، فقال (عليه السلام): وقد أعطى الله محمّداً (صلى الله عليه وآله) أفضل من ذلك، وهو أنّ الله صلّى عليه وأمر ملائكته أن يصلّوا عليه، وتعبّد جميع خلقه بالصلاة عليه إلى يوم القيامة، فقال جلّ ثناؤه: {إِنَّ اللهَ وَمَلاَئِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً}(2) فلا يصلّي عليه أحد في حياته ولا بعد وفاته إلاّ صلّى الله عليه بذلك عشراً وأعطاه من الحسنات عشراً بكلّ صلاة صلّى عليه، ولا يصلّي عليه أحد بعد وفاته إلاّ وهو يعلم بذلك ويردّ على المصلّي والمسلَّم مثل ذلك; لأنّ الله جلّ وعزّ جعل دعاء اُمّته فيما يسألون ربّهم جلّ ثناؤه موقوفاً على الاجابة حتّى يصلّوا عليه (صلى الله عليه وآله) فهذا أكبر وأعظم ممّا أعطى الله آدم، ثمّ ذكر (عليه السلام) في بيان ما فضّل الله به اُمّته (صلى الله عليه وآله)، ومنها أنّ الله جعل لمن صلّى على نبيّه عشر حسنات ومحا عنه عشر سيّئات، وردّ الله سبحانه عليه صلاته على النبي (صلى الله عليه وآله)(3).

2334/3 ـ عن علي (عليه السلام) قال: الصلاة على النبي وآله أمحق للخطايا من الماء للنار، والسلام على النبيّ وآله أفضل من عتق رقبات، وحبّ رسول الله (صلى الله عليه وآله) أفضل من مهج الأنفس، أو قال: ضرب السيوف في سبيل الله(4).

____________

1- الكافي 2: 544; وسائل الشيعة 4: 708; البحار 84: 380.

2- الأحزاب: 56.

3- ارشاد القلوب: 408; مستدرك الوسائل 5: 332 ح6020; البحار 94: 69.

4- جامع الأخبار: 158 ح374; مستدرك الوسائل 5: 336 ح6035; وسائل الشيعة 4: 1212; البحار 94: 65; ثواب الأعمال: 153.


الصفحة 201
2335/4 ـ (الجعفريات)، أخبرنا عبد الله بن محمّد، قال: أخبرنا محمّد بن محمّد، قال: حدّثني موسى بن إسماعيل، قال: حدّثنا أبي، عن أبيه، عن جدّه جعفر بن محمّد، عن أبيه، عن جدّه عليّ بن الحسين، عن أبيه، عن عليّ بن أبي طالب (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): ما من قوم اجتمعوا في مجلس، ولم يذكروا الله عزّ وجلّ ولم يصلّوا عليّ، إلاّ كان ذلك المجلس حسرة عليهم، فإن شاء أخذهم وإن شاء عفا عنهم(1).

2336/5 ـ وعنه بهذا الاسناد، عن عليّ بن أبي طالب (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): من ذكرت عنده ولم يصلّ عليّ خطئ طريق الجنّة(2).

2337/6 ـ محمّد بن عليّ بن الحسين، عن محمّد بن عمر الجعابي، عن الحسن بن عبد الله التميمي، عن أبيه، عن الرضا، عن آبائه، عن علي (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): من كان آخر كلامه الصلاة عليّ وعلى عليّ دخل الجنّة(3).

2338/7 ـ عليّ بن الحسين المرتضى، نقلا من تفسير النعماني باسناده، عن علي (عليه السلام)، عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال: لا تصلّوا عليّ صلاة مبتورة; بل صلّوا على أهل بيتي ولا تقطعوها فإنّ كلّ نسب وسبب يوم القيامة منقطع إلاّ نسبي(4).

2339/8 ـ (الجعفريات)، أخبرنا عبد الله بن محمّد، قال: أخبرنا محمّد بن محمّد، قال: حدّثني موسى بن إسماعيل، قال: حدّثنا أبي، عن أبيه، عن جدّه جعفر بن محمّد، عن أبيه، عن جدّه عليّ بن الحسين، عن أبيه، عن عليّ بن أبي طالب (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): صلاتكم عليّ مجوّزة لدعائكم، ومرضاة لربّكم، وزكاة

____________

1- الجعفريات: 215; مستدرك الوسائل 5: 351 ح6063.

2- الجعفريات: 215; مستدرك الوسائل 5: 352 ح6065.

3- عيون أخبار الرضا (عليه السلام) 2: 64; وسائل الشيعة 4: 1216.

4- رسالة المحكم والمتشابه: 31; وسائل الشيعة 4: 1222.


الصفحة 202
لأبدانكم(1).

2340/9 ـ أبو القاسم عليّ بن محمّد النخعي، قال: حدّثني سليمان بن إبراهيم المحاربي ـ جدّي أبو اُمّي ـ، قال: عدّهنّ في يدي نصر بن مزاحم، وقال نصر بن مزاحم: عدّهنّ في يدي إبراهيم بن الزبرقان، قال: عدّهنّ في يدي أبو خالد، وقال أبو خالد: عدّهنّ في يدي زيد بن علي (عليه السلام)، وقال زيد بن علي (عليه السلام): عدّهنّ في يدي عليّ بن الحسين (عليه السلام)، وقال عليّ بن الحسين (عليه السلام): عدّهنّ في يدي الحسين بن عليّ (عليه السلام)، وقال الحسين بن علي (عليه السلام): عدّهنّ في يدي أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب (عليه السلام)، وقال عليّ بن أبي طالب (عليه السلام): عدّهنّ في يدي رسول الله (صلى الله عليه وآله)، وقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): عدّهنّ في يدي جبريل (عليه السلام)، وقال جبريل (عليه السلام): هكذا نزلتُ بهنّ من عند ربّ العزّة عزّ وجلّ:

اللّهمّ صلّ على محمّد وعلى آل محمّد كما صلّيت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنّك حميد مجيد، وبارك على محمّد وعلى آل محمّد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنّك حميد مجيد، وترحّم على محمّد و على آل محمّد كما ترحّمت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنّك حميد مجيد، وتحنّن على محمّد وعلى آل محمّد كما تحنّنت على إبراهيم وآل إبراهيم إنّك حميد مجيد، وسلّم على محمّد وعلى آل محمّد كما سلّمت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنّك حميد مجيد، قال أبو خالد (رحمه الله): عدّهنّ بأصابع الكفّ مضمومة واحدة واحدة مع الإبهام(2).

2341/10 ـ زيد بن علي، عن أبيه، عن جدّه، عن علي (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): من صلّى عليّ صلاة صلّى الله عليه بها عشر صلوات، ومحا عنه عشر سيّئات

____________

1- الجعفريات: 215; مستدرك الوسائل 5: 328 ح6010.

2- مسند زيد بن علي: 429.


الصفحة 203
وأثبت له عشر حسنات، واستبق ملكاه الموكّلان به أيّهما يبلّغ روحي منه السلام(1).

2342/11 ـ وعنه، عن علي (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): أكثروا من الصلاة عليّ يوم الجمعة فإنّه يوم تتضاعف فيه الأعمال، واسألوا الله تعالى لي الدرجة الوسيلة في الجنّة، قيل: يا رسول الله وما الدرجة الوسيلة من الجنّة؟ قال: هي أعلى درجة في الجنّة لا ينالها إلاّ نبيّ، وأرجو أن أكون أنا هو(2).

(6) صلاة الصبي

2343/1 ـ (الجعفريات)، أخبرنا عبد الله، أخبرنا محمّد، حدّثني موسى، قال: حدّثنا أبي، عن أبيه، عن جدّه جعفر بن محمّد، عن أبيه، عن جدّه عليّ بن الحسين، عن أبيه، عن عليّ (عليه السلام) قال: تجب الصلاة على الصبيّ إذا عقل، والصوم إذا أطاق، والشهادة والحدّ إذا احتلم(3).

2344/2 ـ عن علي (عليه السلام) أنّه قال: إذا عقل الغلام وقرأ شيئاً من القرآن عُلّم الصلاة(4).

2345/3 ـ (الجعفريات)، أخبرنا عبد الله، أخبرنا محمّد، حدّثني موسى، قال: حدّثنا أبي، عن أبيه، عن جدّه جعفر بن محمّد، عن أبيه، عن علي (عليه السلام) أنّه قال لأبي بكر: إنّ الغلام إنّما يثغر في سبع سنين، ويحتلم في أربعة عشر سنة، ويستكمل طوله في أربع وعشرين، ويستكمل عقله في ثمان وعشرين سنة، فما كان بعد ذلك فإنّما هو

____________

1- مسند زيد بن علي: 155.

2- مسند زيد بن علي: 156.

3- الجعفريات: 51; مستدرك الوسائل 1: 85 ح42.

4- دعائم الإسلام 1: 193.


الصفحة 204
بالتجارب(1).

2346/4 ـ السيد فضل الله الراوندي، باسناده عن موسى بن جعفر، عن آبائه(عليهم السلام)قال: قال أمير المؤمنين (عليه السلام): قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): مُروا صبيانكم إذا كانوا أبناء ست (سبع) سنين، واضربوهم إذا كانوا أبناء سبع سنين، وفرّقوا بينهم في المضاجع إذا كانوا أبناء عشر سنين(2).

2347/5 ـ الصدوق، باسناده عن علي (عليه السلام) قال: علّموا صبيانكم الصلاة، وخذوهم بها إذا بلغوا ثمان سنين(3).

(7) الصلاة في السفينة

2348/1 ـ قال علي (عليه السلام): إذا ركبت في السفينة، وكانت تسير، فصلّ وأنت جالس، وإذا كانت واقفة فصلّ وأنت قائم(4).

2349/2 ـ الحسن بن علي الطوسي، عن أبيه، عن ابن الصلت، عن أبي عقدة، عن عبّاد، عن عمّه، عن أبيه، عن جابر، عن إبراهيم بن عبد الأعلى، عن سويد بن غفلة، عن علي (عليه السلام) قال: سألته عن صاحب السفينة أيقصّر الصلاة كلّها؟ قال: نعم إذا كانت (كنت) في سفر معيّن (مُمعن)، وقال: إذا صلّيت في السفينة فاثبت الصلاة إلى القبلة، فإذا استدارت فاثبت حيث أوجبت(5).

2350/3 ـ (الجعفريات)، أخبرنا محمّد، حدّثني موسى، حدّثنا أبي، عن أبيه، عن

____________

1- الجعفريات: 213; مستدرك الوسائل 1: 85 ح44.

2- مستدرك الوسائل 3: 18 ح2906; البحار 104: 50.

3- الخصال، حديث الأربعمائة: 626; وسائل الشيعة 3: 13.

4- من لا يحضره الفقيه 1: 459 ح1328; وسائل الشيعة 4: 705.

5- أمالي الطوسي، المجلس 12: 347 ح718; وسائل الشيعة 5: 554.