الصفحة 367
2896/10 ـ الخوارزمي باسناده، عن أحمد بن الحسين، أخبرنا أبو عبد الله الحافظ، أخبرنا أبو بكر بن أبي نصر الداربردي، بمرو، حدّثنا موسى بن يوسف، حدّثنا الحسين بن عيسى بن ميسرة، حدّثنا عبد الرحمن بن مغرا، حدّثنا أبو سعيد البقال، عن عمران بن مسلم، عن سويد بن غفلة، قال: دخلت على علي (عليه السلام) القصر، فوجدته جالساً وبين يديه صحفة فيها لبن جازر أجد ريحه من شدّة حموضته، وفي يده رغيف، أرى قشار الشعير في وجهه، وهو يكسر بيده أحياناً، فإذا غلبه كسره بركبته وطرحه فيه، فقال: اُدن فأصب من طعامنا هذا، فقلت: إنّي صائم، فقال: سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول: من منعه الصوم من طعام يشتهيه، كان حقّاً على الله أن يطعمه من طعام الجنّة ويسقيه من شرابها(1).

2897/11 ـ الصدوق، حدّثني محمّد بن الحسن، قال: حدّثني محمّد بن الحسن الصفّار، عن العباس بن معروف، عن محمّد بن سنان، عن طلحة بن يزيد، عن جعفر بن محمّد، عن أبيه، عن آبائه، عن علي (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): من صام يوماً تطوّعاً أدخله الله الجنّة(2).

2898/12 ـ عليّ بن الحسن بن فضّال، عن محمّد بن علي، عن محمّد بن يحيى، عن غياث بن إبراهيم، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، عن أبيه، عن أمير المؤمنين (عليه السلام) قال: ثلاث يذهبن البلغم ويزدن في الحفظ: السواك، والصوم، وقراءة القرآن(3).

2899/13 ـ عن علي [ (عليه السلام) ]: إنّ الله تبارك وتعالى أوحى إلى نبيّ من بني إسرائيل أن أخبر قومك أنّه ليس عبد يصوم يوماً ابتغاء وجهي إلاّ أصححت جسمه وأعظمت أجره(4).

____________

1- مناقب الخوارزمي: 118 ح130; مستدرك الوسائل 7: 363 ح8423; كشف الغمة 1: 163.

2- ثواب الأعمال: 52; من لا يحضره الفقيه 2: 86 ح1801; وسائل الشيعة 7: 292.

3- تهذيب الأحكام 4: 191; وسائل الشيعة 7: 292.

4- كنز العمال 8: 447 ح23587.


الصفحة 368
2900/14 ـ عن علي [ (عليه السلام) ]: من منعه الصيام عن الطعام والشراب يشتهيه، أطعمه الله من ثمار الجنّة وسقاه من شرابها(1).

2901/15 ـ عن عبد الله بن جعفر، عن الحسن بن ظريف، عن الحسين بن علوان، عن جعفر، عن أبيه، أنّ علياً (عليه السلام) كان ينعت صيام رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال: صام رسول الله (صلى الله عليه وآله) الدهر كلّه ما شاء الله، ثمّ ترك ذلك وصام صيام داود (عليه السلام) يوماً لله ويوماً له ما شاء الله، ثمّ ترك ذلك فصام الاثنين والخميس ما شاء الله، ثمّ ترك ذلك وصام البيض ثلاثة أيّام من كلّ شهر، فلم يزل ذلك صيامه حتّى قبضه الله إليه(2).

2902/16 ـ فيما أوصى به أمير المؤمنين (عليه السلام) عند وفاته: عليك بالصوم فإنّه زكاة البدن وجُنّة لأهله(3).

2903/17 ـ قال أمير المؤمنين (عليه السلام): لكلّ شيء زكاة، وزكاة البدن الصيام(4).

2904/18 ـ (الجعفريات)، أخبرنا محمّد، حدّثني موسى، حدّثنا أبي، عن أبيه، عن جدّه جعفر بن محمّد، عن أبيه، عن جدّه عليّ بن الحسين، عن أبيه، عن علي (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): وكّل الله تعالى ملائكته بالدعاء للصائمين(5).

2905/19 ـ وبهذا الاسناد، قال (عليه السلام): قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): نوم الصائم عبادة ونفسه تسبيح(6).

2906/20 ـ وبهذا الاسناد، قال (عليه السلام): قيل لرسول الله: ما الذي يباعد الشيطان منّا؟ قال: الصوم لله يسوّد وجهه، والصدقة تكسر ظهره، والحبّ في الله عزّ وجلّ

____________

1- كنز العمال 8: 456 ح23635.

2- قرب الاسناد: 89 ح299; وسائل الشيعة 7: 320; البحار 97: 95.

3- البحار 96: 248; أمالي الطوسي، المجلس الأول: 8 ح8.

4- نهج البلاغة: قصار الحكم 136; البحار 96: 255; فضائل الأشهر الثلاثة: 122 ح127.

5- الجعفريات: 58; مستدرك الوسائل 7: 497 ح8734.

6- الجعفريات: 58; مستدرك الوسائل 7: 497 ح8735.


الصفحة 369
والمواظبة على العمل تقطع دابره، والإستغفار يقطع وتينه(1).

2907/21 ـ الحسن بن أبي الحسن الديلمي، عن أمير المؤمنين (عليه السلام)، عن النبي (صلى الله عليه وآله) أنّه قال في ليلة المعراج: يا ربّ ما أوّل العبادة؟ قال: أوّل العبادة الصمت والصوم، قال: يا ربّ وما ميراث الصوم؟ قال: يورث الحكمة، والحكمة تورث المعرفة، والمعرفة تورث اليقين، فإذا استيقن العبد لا يبالي كيف أصبح بعسر أو بيسر، وإذا كان العبد في حالة الموت تقوم على رأسه ملائكة بيد كلّ ملك كأس من ماء الكوثر وكأس من الخمر يسقون روحه حتّى تذهب سكرته ومرارته، ويبشّرونه بالبشارة العظمى ويقولون له طبت وطاب مثواك، إنّك تقدم على العزيز الكريم الحبيب القريب، فتطير الروح من أيدي الملائكة، فتصعد إلى الله تعالى في أسرع من طرفة عين، ولا يبقى حجاب ولا ستر بينها وبين الله تعالى، والله عزّ وجلّ إليها مشتاق، وتجلس على عين عند العرش، ثمّ يقال لها: كيف تركت الدنيا؟ فتقول: إلهي وعزّتك وجلالك لا علم لي بالدنيا، أنا منذ خلقتني خائفة منك، فيقول الله: صدقت عبدي كنت بجسدك في الدنيا وروحك معي، فأنت بعيني سرّك وعلانيك، سل اُعطك وتمنّ عليّ فأكرمك، هذه جنّتي مباح فتسيح فيها، وهذا جواري فاسكنه، فتقول الروح: إلهي عرّفتني نفسك فاستغنيت بها عن جميع خلقك.

وعزّتك وجلالك لو كان رضاك في أن اُقطّع إرباً إرباً واُقتل سبعين قتلة بأشدّ ما يُقتل به الناس لكان رضاك أحبّ إليّ، كيف أعجب بنفسي وأنا ذليل إن لم تكرمني وأنا مغلوب إن لم تنصرني وأنا ضعيف إن لم تقوّني وأنا ميّت إن لم تحيني بذكرك، ولولا سترك لافتضحت أوّل مرّة عصيتك، إلهي كيف لا أطلب رضاك وقد أكملت عقلي حتّى عرفتك، وعرفت الحقّ من الباطل والأمر من النهي والعلم من

____________

1- الجعفريات: 58; مستدرك الوسائل 7: 497 ح8736; البحار 63: 264; نوادر الراوندي: 19.


الصفحة 370
الجهل والنور من الظلمة، فقال الله عزّ وجلّ: وعزّتي وجلالي لا أحجب بيني وبينك في وقت من الأوقات، كذلك أفعل بأحبّائي(1).

2908/22 ـ القطب الراوندي في (لبّ اللباب)، عن علي (عليه السلام) أنّه قال: حبّب إليّ الصوم بالصيف، وقرى الضعيف، والضرب في سبيل الله بالسيف(2).

2909/23 ـ عن علي (عليه السلام) أنّه قال: جاء عثمان بن مظعون إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله) فقال: يا رسول الله قد غلبني حديث النفس ولم أحدث شيئاً حتّى استأمرتك، قال: بِمَ حدَّثَتْك نفسك يا عثمان؟ قال: هممت أن أسيح في الأرض، قال: فلا تسيح في الأرض فإنّ سياحة اُمّتي المساجد، إلى أن قال: وهممت أن أجُبَّ نفسي، قال: يا عثمان ليس منّا من فعل ذلك بنفسه ولا بأحد، إنّ وَجاء اُمّتي الصيام، الخبر(3).

2910/24 ـ محمّد بن يعقوب، عن عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد، عن الحلبي، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال أمير المؤمنين (عليه السلام): صيام شهر الصبر وثلاثة أيّام من كلّ شهر يذهبن ببلابل الصدر، وصيام ثلاثة أيّام من كلّ شهر صيام الدهر، إنّ الله عزّ وجلّ يقول: {مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا}(4)(5).

____________

1- ارشاد القلوب: 203; مستدرك الوسائل 7: 500 ح8743.

2- مستدرك الوسائل 7: 505 ح8758.

3- دعائم الإسلام 2: 190; مستدرك الوسائل 7: 507 ح8763.

4- الأنعام: 160.

5- الكافي 4: 62; تفسير البرهان 1: 565; من لا يحضره الفقيه 2: 83 ح1789; إحياء الإحياء 2: 138; وسائل الشيعة 7: 310; تفسير العياشي 1: 386; البحار 96: 341; ثواب الأعمال: 80; أمالي الصدوق، المجلس 86: 470..


الصفحة 371

الباب الثاني:

في صوم شهر رمضان و فضله

2911/1 ـ الصدوق، حدّثنا الحسن بن محمّد بن سعيد الهاشمي، قال: حدّثنا فرات بن إبراهيم بن فرات الكوفي، قال: حدّثنا محمّد بن أحمد بن عليّ الهمداني، قال: حدّثنا الحسن بن عليّ المعروف بأبي علي الشامي، قال: حدّثنا عبد الله بن سعيد الزبرقاني، قال: حدّثنا عبد الواحد بن عتّاب، قال: حدّثنا عاصم بن سليمان، قال: حدّثنا خزيمي، عن الضحّاك، عن أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): شعبان شهري، ورمضان شهر الله عزّ وجلّ، فمن صام شهري كنت له شفيعاً يوم القيامة، ومن صام شهر الله عزّ وجلّ آنس الله وحشته في قبره ووصل وحدته وخرج من قبره مبيضّاً وجهه، آخذاً الكتاب بيمينه والخلد بيساره حتّى يقف بين يدي ربّه عزّ وجلّ، فيقول: عبدي، فيقول: لبّيك سيّدي، فيقول عزّوجلّ: صمت لي؟ قال: فيقول نعم يا سيّدي، فيقول تبارك وتعالى: خذوا بيد عبدي حتّى تأتوا به نبيّي، فاُوتي به فأقول له: صمت شهري؟ فيقول: نعم، فأقول

الصفحة 372
له: أنا أشفع لك اليوم، قال: فيقول الله تعالى: أمّا حقوقي فقد تركتها لعبدي، أمّا حقوق خلقي فمن عفا عنه فعليّ عوضه حتّى يرضى.

قال النبي (صلى الله عليه وآله): فآخذ بيده حتّى أنتهي به إلى الصراط فأجده زحفاً زلقاً لا تثبت عليه أقدام الخاطئين، فآخذه بيده فيقول لي صاحب الصراط: من هذا يا رسول الله؟ فأقول: هذا فلان باسمه من اُمّتي كان قد صام في الدنيا شهري ابتغاء شفاعتي، وصام شهر ربّه ابتغاء وعده، فيجوز الصراط بعفو الله عزّ وجلّ حتّى ينتهي إلى باب الجنّة، فاستفتح له، فيقول رضوان ذلك اليوم: اُمرنا أن نفتح اليوم لاُمّتك، ثمّ قال أمير المؤمنين (عليه السلام): صوموا شهر رسول الله (صلى الله عليه وآله) يكن لكم شفيعاً، وصوموا شهر الله تشربوا من الرحيق المختوم، ومن وصلها بشهر رمضان كتب له صوم شهرين متتابعين(1).

2912/2 ـ الصدوق، باسناده عن الحسين بن سعيد، عن الحسين بن علوان، عن عمرو بن شمر، عن عمرو بن خالد، عن زيد بن علي، عن آبائه، عن علي (عليه السلام) قال: لما حضر شهر رمضان قام رسول الله (صلى الله عليه وآله) فحمد الله وأثنى عليه ثمّ قال: أيّها الناس، كفاكم الله عدوّكم من الجنّ، وقال: اُدعوني أستجب لكم، ووعدكم الاجابة، ألا وقد وكّل الله عزّ وجلّ بكلّ شيطان مريد سبعة من ملائكته فليس بمحلول حتّى ينقضي شهركم هذا، ألا وأبواب السماء مفتّحة من أوّل ليلة منه، ألا والدعاء فيه مقبول(2).

2913/3 ـ ما رواه محمّد بن أبي القاسم الطبري في كتاب (بشارة المصطفى لشيعة المرتضى)، باسناده إلى الحسن بن عليّ بن فضّال، عن عليّ بن موسى الرضا، عن أبيه موسى بن جعفر، عن أبيه جعفر بن محمّد، عن أبيه محمّد بن علي، عن أبيه عليّ

____________

1- فضائل الأشهر الثلاثة: 64 ح46; البحار 97: 83.

2- ثواب الأعمال: 65; من لا يحضره الفقيه 2: 98 ح1837; وسائل الشيعة 7: 220; البحار 96: 372; كنز العمال 8: 583 ح24274.


الصفحة 373
ابن الحسين، عن أبيه السيّد الشهيد الحسين بن علي، عن أبيه سيّد الوصيّين أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب ـ صلوات الله عليه ـ قال: إنّ رسول الله (صلى الله عليه وآله) خطبنا ذات يوم فقال:

أيّها الناس إنّه قد أقبل إليكم شهر الله بالبركة والرحمة والمغفرة، شهر هو عند الله أفضل الشهور وأيّامه أفضل الأيّام ولياليه أفضل الليالي وساعاته أفضل الساعات، وهو شهر دعيتم فيه إلى ضيافة الله وجعلتم فيه من أهل كرامة الله، أنفساكم فيه تسبيح ونومكم فيه عبادة وعملكم فيه مقبول، ودعاؤكم فيه مستجاب، فاسألوا الله ربّكم بنيّات صادقة وقلوب طاهرة أن يوفّقكم الله لصيامه وتلاوة كتابه، فإنّ الشقي من حُرم غفران الله في هذا الشهر العظيم.

اُذكروا بجوعكم وعطشكم فيه جوع يوم القيامة وعطشه، وتصدّقوا على فقرائكم ومساكينكم، ووقّروا كباركم وارحموا صغاركم وصلوا أرحامكم واحفظوا ألسنتكم وغضّوا عمّا لا يحلّ النظر إليه أبصاركم، وعمّا لا يحلّ الاستماع إليه أسماعكم، وتحنّنوا على أيتام الناس يتحنّن على أيتامكم، وتوبوا إلى الله من ذنوبكم وارفعوا إليه أيديكم بالدعاء في أوقات صلواتكم فإنّها أفضل الساعات، ينظر الله عزّ وجلّ فيها بالرحمة إلى عباده ويجيبهم إذا ناجوه ويلبّيهم إذا نادوه ويستجيب لهم إذا دعوه.

أيّها الناس إنّ أنفسكم مرهونة بأعمالكم ففكّوها باستغفاركم، وظهوركم ثقيلة من أوزاركم فخفّفوا عنها بطول سجودكم، واعلموا أنّ الله عزّ وجلّ ذكره أقسم بعزّته أن لا يعذّب المصلّين والساجدين وأن لا يروّعهم بالنار يوم يقوم الناس لربّ العالمين.

أيّها الناس من فطّر منكم صائماً مؤمناً في هذا الشهر كان له بذلك عند الله عتق

الصفحة 374
رقبة ومغفرة لما مضى من ذنوبه، فقيل: يا رسول الله وليس كلّنا نقدر على ذلك، فقال (صلى الله عليه وآله): اتّقوا النار ولو بشقّ تمرة، اتّقوا النار ولو بشربة من ماء.

أيّها الناس من حسّن منكم في هذا الشهر خلقه كان له جواز على الصراط يوم تزلّ فيه الأقدام، ومن خفّف منكم في هذا الشهر عمّا ملكت يمينه خفّف الله عليه حسابه، ومن كفّ فيه شرّه كفّ الله عنه غضبه يوم يلقاه.

ومن أكرم فيه يتيماً أكرمه الله يوم يلقاه، ومن وصل فيه رحمه وصله الله برحمته يوم يلقاه، ومن قطع فيه رحمه قطع الله عنه رحمته يوم يلقاه، ومن تطوّع فيه بصلاة كتب الله له براءة من النار، ومن أدّى فيه فرضاً كان له ثواب من أدّى سبعين فريضة فيما سواه من الشهور، ومن أكثر فيه من الصلاة عليّ ثقّل الله ميزانه يوم تخفّ الموازين، ومن تلا فيه آية من القرآن كان له مثل أجر من ختم القرآن في غيره من الشهور.

أيّها الناس إنّ أبواب الجنان في هذا الشهر مفتّحة، فاسألوا ربّكم أن لا يغلقها عليكم، وأبواب النيران مغلّقة فاسألوا ربّكم أن لا يفتحها عليكم، والشياطين مغلولة فاسألوا ربّكم أن لا يسلّطها عليكم.

قال أمير المؤمنين (عليه السلام): فقمت وقلت: يا رسول الله ما أفضل الأعمال في هذا الشهر؟ فقال: يا أبا الحسن أفضل الأعمال في هذا الشهر الورع عن محارم الله عزّوجلّ، ثمّ بكى [ (صلى الله عليه وآله) ]، فقلت: يا رسول الله ما يبكيك؟ فقال: يا علي لما يستحلّ منك في هذا الشهر، كأنّي بك وأنت تصلّي لربّك وقد انبعث أشقى الأوّلين والآخرين شقيق عاقر ناقة ثمود فيضربك ضربة على قرنك تخضب بها لحيتك، قال أمير المؤمنين (عليه السلام): فقلت: يا رسول الله وذلك في سلامة من ديني؟ فقال (صلى الله عليه وآله): في سلامة من دينك.


الصفحة 375
ثمّ قال: يا علي من قتلك فقد قتلني ومن أبغضك فقد أبغضني، ومن سبّك فقد سبّني لأنّك منّي كنفسي روحك من روحي وطينتك من طينتي، إنّ الله عزّ وجلّ خلقني وإيّاك واصطفاني وإيّاك واختارني للنبوّة واختارك للإمامة، فمن أنكر إمامتك فقد أنكر نبوّتي.

يا علي أنت وصيّي وأبو ولدي وزوج ابنتي وخليفتي على اُمّتي في حياتي وبعد موتي، أمرك أمري ونهيك نهيي، اُقسم بالله الذي بعثني بالنبوّة وجعلني خير البريّة انّك حجّة الله على خلقه وأمينه على سرّه وخليفته في عباده(1).

2914/4 ـ الطوسي، أخبرنا جماعة، عن أبي المفضل، قال: حدّثنا الفضل بن محمّد ابن المسيب أبو محمّد البيهقي الشعراني، قال: حدّثنا هارون بن عمرو بن عبد العزيز ابن محمّد موسى المجاشعي، قال: حدّثنا محمّد بن جعفر بن محمّد (عليه السلام)، قال: حدّثنا أبي، عن آبائه، عن أمير المؤمنين (عليه السلام) قال في حديث: عليكم بصيام شهر رمضان فإنّ صيامه جُنّة حصينة من النار(2).

2915/5 ـ عن علي (عليه السلام) أنّه قال: صوم شهر رمضان جُنّة من النار(3).

2916/6 ـ القطب الراوندي في (لبّ اللباب)، عن علي (عليه السلام) أنّه قال: يُنطق الله جميع الأشياء بالثناء على صوّام شهر رمضان(4).

2917/7 ـ الراوندي، عن عبد الرحيم بن محمّد، عن محمّد بن علي، عن أبي

____________

1- اقبال ابن طاووس، باب فضل شهر رمضان: 2; روضة الواعظين، باب فضائل شهر رمضان: 345; وسائل الشيعة 7: 227; البحار 96: 356; فضائل الأشهر الثلاثة: 77 ح61; عيون أخبار الرضا (عليه السلام) 2: 295; أمالي الصدوق، المجلس 20: 84.

2- أمالي الطوسي، المجلس 18: 522 ح1157; البحار 96: 368.

3- دعائم الإسلام 1: 269; مستدرك الوسائل 7: 399 ح8521; البحار 96: 342; المجازات النبوية: 179 ح162; مسند أحمد 5: 231.

4- مستدرك الوسائل 7: 40 ح8523.


الصفحة 376
القاسم بن محمّد، عن أبي عبد الرحمن، عن إسحاق بن وهب، عن عبد الملك بن يزيد، عن أبي إسماعيل بن خالد، عن جعفر بن محمّد، عن أبيه، عن جدّه، عن عليّ ابن أبي طالب (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): من صام شهر رمضان فاجتنب فيه الحرام والبهتان، رضي الله عنه وأوجب له الجنان(1).

2918/8 ـ محمّد بن محمّد المفيد، قال: قال أمير المؤمنين صلوات الله عليه: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): من صام شهر رمضان إيماناً واحتساباً، وكفّ سمعه وبصره ولسانه عن الناس، قبل الله صومه وغفر له ما تقدّم من ذنبه وما تأخّر، وأعطاه ثواب الصابرين(2).

2919/9 ـ محمّد بن يعقوب، عن محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، ومحمّد بن الحسين، عن محمّد بن يحيى الخثعمي، عن غياث بن إبراهيم، عن أبي عبد الله، عن أبيه (عليهما السلام) قال: قال أمير المؤمنين (عليه السلام): لا تقولوا رمضان ولكن قولوا شهر رمضان، فإنّكم لا تدرون ما رمضان(3).

2920/10 ـ ابن طاووس، عن مولانا موسى بن جعفر (عليه السلام)، عن مولانا جعفر بن محمّد، عن مولانا محمّد بن علي، عن مولانا عليّ بن الحسين، عن مولانا الحسين، عن مولانا عليّ بن أبي طالب (عليه السلام) قال: لا تقولوا رمضان فإنّكم لا تدرون ما رمضان، فمن قاله فليتصدّق وليصم كفّارة لقوله، ولكن قولوا شهر رمضان كما قال الله تعالى: {شَهْرُ رَمَضَانَ}(4)(5).

____________

1- مستدرك الوسائل 7: 423 ح8587; البحار 96: 346.

2- المقنعة: 305; وسائل الشيعة 7: 118.

3- الكافي 4: 69; البحار 96: 377; فضائل الأشهر الثلاثة: 93 ح73; معاني الأخبار: 315.

4- البقرة: 185.

5- إقبال الأعمال، في فضائل شهر رمضان: 3; مستدرك الوسائل 7: 438 ح8609; البحار 96: 377; نوادر الراوندي: 47; الجعفريات: 59.


الصفحة 377

الباب الثالث:

في الأهلّة وما يتعلّق بها

2921/1 ـ عن علي (عليه السلام) أنّه قال: لا تفطروا إلاّ لتمام ثلاثين من رؤية الهلال، أو بشهادة شاهدين (عدلين) أنّهما رأياه(1).

2922/2 ـ محمّد بن يعقوب، عن عليّ بن السندي، عن حمّاد بن عيسى، عن شعيب بن يعقوب، عن جعفر، عن أبيه، أنّ علياً (عليه السلام) قال: لا اُجيز في الطلاق ولا في الهلال إلاّ رجلين(2).

2923/3 ـ الصدوق، في رواية الحلبي، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، أنّ علياً (عليه السلام) كان يقول: لا اُجيز في رؤية الهلال إلاّ شهادة عدلين(3).

2924/4 ـ محمّد بن يعقوب، عن عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد بن عثمان، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال أمير المؤمنين (عليه السلام): لا تجوز شهادة

____________

1- دعائم الإسلام 1: 280; مستدرك الوسائل 7: 404 ح8534.

2- تهذيب الأحكام 4: 317; وسائل الشيعة 7: 209.

3- من لا يحضره الفقيه 2: 124 ح1912، وسائل الشيعة 7: 209.


الصفحة 378
النساء في الهلال، ولا تجوز إلاّ شهادة رجلين عدلين(1).

2925/5 ـ محمّد بن يعقوب، عدّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن يعقوب ابن يزيد، عن محمّد بن إبراهيم النوفلي، عن الحسين بن المختار رفعه، قال: قال أمير المؤمنين (عليه السلام): إذا رأيت الهلال فلا تبرح وقل: اللّهمّ إنّي أسألك خير هذا الشهر وفتحه ونوره ونصره وبركته وطهوره ورزقه، وأسألك خير ما فيه وخير ما بعده، وأعوذ بك من شرّ ما فيه وشرّ ما بعده، اللّهمّ أدخله علينا بالأمن والايمان والسلامة والإسلام والبركة والتوفيق لما تحبّ وترضى(2).

2926/6 ـ كان من قول أمير المؤمنين (عليه السلام) عند رؤية الهلال: أيّها الخلق المطيع الدائب السريع المتردّد في فلك التدبير، المتصرّف في منازل التقدير، آمنت بمن نوّر بك الظّلم، وأضاء بك البُهم، وجعلك آية من آيات سلطانه، وامتهنك بالزيادة والنقصان، والطلوع والاُفول، والإنارة والكسوف، في كلّ ذلك له مطيع، وإلى إرادته سريع، سبحانه ما أحسن ما دبّر وأتقن ما صنع في ملكه، وجعلك الله هلال شهر حادث لأمر حادث، جعلك الله هلال أمن وإيمان وسلامة وإسلام، هلال أمن من العاهات، وسلامة من السيّئات، اللّهمّ اجعلنا أهدى من طلع عليه وأزكى من نظر إليه،وصلّى الله على محمّد النبيّوآله، اللّهمّ افعل بي كذا وكذا يا أرحم الراحمين(3).

2927/7 ـ محمّد بن يعقوب، عن أحمد بن محمّد ـ يعني العاصمي ـ، عن عليّ بن الحسين، عن عليّ بن أسباط، عن الحكم بن مسكين، عن عمرو بن شمر، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: كان أمير المؤمنين (عليه السلام) إذا أهلّ هلال شهر رمضان أقبل

____________

1- الكافي 4: 77; وسائل الشيعة 7: 207; تهذيب الأحكام 4: 180; من لا يحضره الفقيه 2: 124 ح1914.

2- الكافي 4: 76; من لا يحضره الفقيه 2: 100 ح1845; وسائل الشيعة 7: 235; البحار 96: 382; كنز العمال 8: 596 ح24310; تهذيب الأحكام 4: 197; دعائم الإسلام 1: 271.

3- من لا يحضره الفقيه 2: 101 ح1847.


الصفحة 379
إلى القبلة ثمّ قال: اللّهمّ أهلّه علينا بالأمن والايمان، والسلامة والإسلام، والعافية المجلّلة، اللّهمّ ارزقنا صيامه وقيامه وتلاوة القرآن فيه، اللّهمّ سلّمه وتسلّمه منّا وسلّمنا فيه(1).

2928/8 ـ الشيخ الطوسي، عن جماعة، عن أبي المفضّل، قال: حدّثنا أبو عبد الله جعفر بن محمّد بن جعفر بن الحسن العلوي الحسني، قال: حدّثنا عليّ بن الحسن بن علي بن عمر بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب (عليه السلام) العلوي، قال: حدّثني الحسين بن زيد بن علي، عن عمّه عمر بن علي، عن أبيه عليّ بن الحسين، عن محمّد ابن الحنفية، عن أبيه عليّ بن أبي طالب (عليه السلام) قال: كان النبي (صلى الله عليه وآله) إذا نظر إلى الهلال رفع يديه ثمّ قال: بسم الله اللّهمّ أهلّه علينا بالأمن والايمان، والسلامة والإسلام، ربّي وربّك الله(2).

2929/9 ـ السيد عليّ بن طاووس، عن محمّد بن الحنفيّة، عن أمير المؤمنين (عليه السلام) قال: كان رسول الله (صلى الله عليه وآله) إذا استهلّ هلال شهر رمضان استقبل القبلة بوجهه وقال: اللّهمّ أهله علينا بالأمن والايمان والسلامة والإسلام والعافية المجللة ودفاع الأسقام والرزق الواسع والعون على الصلاة والصيام وتلاوة القرآن اللّهمّ سلّمنا لشهر رمضان وتسلّمه منّا وسلّمنا فيه حتّى ينقضي عنّا شهر رمضان وقد عفوت عنّا وغفرت لنا ورحمتنا(3).

2930/10 ـ سئل أمير المؤمنين (عليه السلام) عن اليوم المشكوك فيه، فقال: لئن أصوم يوماً من شعبان أحبّ إليّ من أن أفطر يوماً من شهر رمضان(4).

____________

1- الكافي 4: 73; وسائل الشيعة 7: 234; تهذيب الأحكام 4: 197.

2- أمالي الطوسي، المجلس 17: 495 ح1084; وسائل الشيعة 7: 235.

3- اقبال الأعمال: 17; مستدرك الوسائل 7: 440 ح8614.

4- المقنع: 185; من لا يحضره الفقيه 2: 126 ح1922; وسائل الشيعة 7: 14; فضائل الأشهر الثلاثة: 63.


الصفحة 380
2931/11 ـ قال أمير المؤمنين (عليه السلام): لئن أفطر يوماً من شهر رمضان أحبّ إليّ من أن أصوم يوماً من شعبان اُزيده في شهر رمضان(1).

2932/12 ـ الحسين بن سعيد، عن يوسف بن عقيل، عن محمّد بن قيس، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: قال أمير المؤمنين (عليه السلام): إذا رأيتم الهلال فافطروا، أو شهد عليه عدل من المسلمين، وإذا لم تروا الهلال إلاّ من وسط النهار أو آخره فأتمّوا الصيام إلى الليل، فإن غُمّ عليكم فعدّوا ثلاثين ليلة ثمّ افطروا(2).

2933/13 ـ عن علي [ (عليه السلام) ] قال: إذا رأيتم الهلال أوّل النهار فافطروا(3).

2934/14 ـ الحسين بن سعيد، عن فضالة، عن سيف بن عميرة، عن إسحاق بن عمّار، عن أبي عبد الله (عليه السلام) أنّه قال: في كتاب علي (عليه السلام): صُم لرؤيته وافطر لرؤيته، وإيّاك والشكّ والظن، فإن خُفي عليكم فأتمّوا الشهر الأوّل ثلاثين(4).

2935/15 ـ أبو غالب الزراري، عن أحمد بن محمّد، عن محمّد بن غالب، عن عليّ ابن الحسن بن فضّال، عن محمّد بن أبي حمزة، عن أبي الصباح صبيح بن عبد الله، عن صبّار مولى أبي عبد الله (عليه السلام) قال: سألته عن الرجل يصوم تسعة وعشرين يوماً ويفطر للرؤية ويصوم للرؤية أيقضي يوماً؟ فقال: كان أمير المؤمنين (عليه السلام) يقول: لا إلاّ أن يجيء شاهدان عدلان فيشهدا أنّهما رأياه قبل ذلك بليلة فيقضي يوماً(5).

2936/16 ـ البيهقي، أخبرنا أبو الفتح هلال بن محمّد بن جعفر الحفار ببغداد، أنبأ الحسين بن يحيى، عن عياش القطان، ثنا إبراهيم بن محشر، ثنا هشيم، عن مجالد،

____________

1- من لا يحضره الفقيه 2: 126 ح1923، وسائل الشيعة 7: 17.

2- تهذيب الأحكام 4: 158; وسائل الشيعة 7: 191; الاستبصار 2: 64; من لا يحضره الفقيه 2: 123 ح1911.

3- كنز العمال 8: 594 ح24304.

4- تهذيب الأحكام 4: 158; وسائل الشيعة 7: 184; الاستبصار 2: 64.

5- تهذيب الأحكام 4: 165، وسائل الشيعة 7: 194.


الصفحة 381
عن الشعبي، عن علي (رضي الله عنه) انّه كان يخطب إذا حضر رمضان، إلى أن قال: ألا لا تقدموا الشهر، إذا رأيتم الهلال فصوموا، وإلا فافطروا، فإنّ غمّ عليكم فاكملوا العدّة(1).

2937/17 ـ محمّد بن الحسن، عن العباس بن موسى بإسناده، عن عليّ بن الحسن ابن فضّال، عن الحسين بن نصر، عن أبيه، عن أبي خالد الواسطي، عن أبي جعفر (عليه السلام)، عن أبيه، عن علي (عليه السلام) في حديث:

أنّ رسول الله (صلى الله عليه وآله) لمّا ثقل في مرضه قال: إنّ السنة اثنى عشر شهراً منها أربعة حُرم، قال: ثمّ قال بيده فذاك رجب مفرد، وذو القعدة وذو الحجّة والمحرّم، ثلاثة متواليات، ألا وهذا الشهر المفروض رمضان فصوموا لرؤيته وافطروا لرؤيته، فإذا خفي الشهر فأتمّوا العدّة شعبان ثلاثين يوماً، وصوموا الواحد وثلاثين، الحديث(2).

2938/18 ـ محمّد بن الحسن، عن أحمد بن محمّد، عن محمّد بن أبي غالب، عن عليّ بن الحسن الطاطري، عن محمّد بن زياد، عن إسحاق بن جرير، عن أبي عبد الله (عليه السلام)... قال: إنّ علياً (عليه السلام) صام عندكم تسعة وعشرين يوماً، فأتوه فقالوا: يا أمير المؤمنين قد رأينا الهلال، فقال: افطروا(3).

2939/19 ـ قال علي (عليه السلام): صُمنا مع رسول الله (صلى الله عليه وآله) تسعة وعشرين ولم نقضه (يقضه) ورآه تامّاً(4).

2940/20 ـ عن علي (عليه السلام) أنّه قال: إذا رأيتم الهلال أو رآه ذو عدل نهاراً فلا تفطروا حتّى تغرب الشمس، كان ذلك في أوّل (النهار) أو في آخره، وقال: لا تفطروا إلاّ لتمام

____________

1- سنن البيهقي 4: 209; كنز العمال 8: 582 ح24272.

2- وسائل الشيعة 7: 185; تفسير العياشي 2: 88; البحار 96: 301; تهذيب الأحكام 4: 161.

3- تهذيب الأحكام 4: 162; وسائل الشيعة 7: 189.

4- تفسير العياشي 2: 88; وسائل الشيعة 7: 193; تفسير البرهان 2: 124; البحار 96: 301.


الصفحة 382
الثلاثين يوماً من رؤية الهلال، أو بشهادة شاهدين أنّهما رأياه(1).

2941/21 ـ زيد بن علي، عن أبيه، عن جدّه، عن علي (عليه السلام) أنّ قوماً جاؤا فشهدوا أنّهم صاموا لرؤية الهلال وأنّهم قد أتمّوا ثلاثين، فقال علي (عليه السلام): إنّا لم نصم إلاّ ثمانية وعشرين يوماً، فدعا بهم ودعا بالمصحف فأنشدهم بالله وبما فيه من القرآن العظيم ما كذبوا، ثمّ أمر الناس فأفطروا وأمرهم بقضاء يوم، وأمر الناس أن يخرجوا من الغد إلى مصلاّهم، وذلك أنّهم شهدوا بعد الزوال(2).

2942/22 ـ الصدوق، حدّثنا أحمد بن محمّد بن يحيى العطّار، قال: حدّثنا سعد بن عبد الله، قال: حدّثنا أبي الجوزا المنبّه بن عبد الله، قال: حدّثنا الحسين بن علوان، عن عمرو بن ثابت بن هرمز الحدّاد، عن سعد بن ظريف، عن الأصبغ بن نباتة، قال: قال أمير المؤمنين (عليه السلام): يأتي على الناس زمان ترتفع فيه الفاحشة والتصنع، وتنتهك فيه المحارم ويعلن فيه الزنا، ويستحلّ فيه أموال اليتامى ويؤكل فيه الربا، ويُطفّف في المكاييل والموازين، ويستحلّ الخمر بالنبيذ والرشوة بالهدية والخيانة بالأمانة، ويتشبّه الرجال بالنساء والنساء بالرجال، ويستخفّ بحدود الصلاة، ويحج فيه لغير الله، فإذا كان ذلك الزمان انتفخت الأهلّة تارة حتّى يرى هلال ليلتين، وخفيت تارة حتّى يفطر شهر رمضان في أوّله ويُصام العيد في آخره، فالحذر الحذر حينئذ من أخذ الله على غفلة، فإنّ من وراء ذلك موت ذريع يختطف الناس اختطافاً، حتّى أنّ الرجل ليصبح سالماً ويمسي دفيناً، ويمسي حيّاً ويصبح ميّتاً، فإذا كان ذلك الزمان وجب التقدّم في الوصيّة قبل نزول البلية، ووجب تقديم الصلاة في أوّل وقتها خشية فوتها في آخر وقتها، فمن بلغ منكم ذلك الزمان فلا يبيتنّ ليلة إلاّ على طُهر وإن قدر أن لا يكون في جميع أحواله إلاّ طاهراً فليفعل فإنّه على وجل

____________

1- دعائم الإسلام 1: 280، مستدرك الوسائل 7: 404 ح8534.

2- مسند زيد بن علي: 211.


الصفحة 383
لا يدري متى يأتيه رسول الله لقبض روحه، وقد حذّرتكم إن حُذّرتم وعرّفتكم إن عرفتم ووعظتكم إن اتّعظتم، فاتّقوا الله في سرائركم وعلانيتكم، ولا تموتنّ إلاّ وأنتم مسلمون، {وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الاِْسْلام دِيناً فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الاْخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ}(1)(2).

____________

1- آل عمران: 85.

2- فضائل الأشهر الثلاثة: 91 ح70; البحار 96: 303.