مبحث
جهاد النفس
الباب الأول:
الحث على جهاد النفس
4529/1 ـ عن أمير المؤمنين (عليه السلام) أنّه قال: من نصب نفسه للناس إماماً، فعليه أن يبدأ بتعليم نفسه قبل تعليم غيره، وليكن تأديبه بسيرته قبل تأديبه بلسانه، ومعلّم نفسه ومؤدّبها أحقّ بالإجلال من معلّم الناس ومؤدّبهم(1).
4530/2 ـ (الجعفريات)، أخبرنا عبد الله، أخبرنا محمّد، حدّثني موسى، قال: حدّثنا أبي، عن أبيه، عن جدّه جعفر بن محمّد، عن أبيه، عن جدّه عليّ بن الحسين، عن أبيه، عن علي (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) : أفضل الجهاد من جاهد نفسه التي بين جنبيه(2).
4531/3 ـ من كتاب السيد ناصح الدين، عن أمير المؤمنين (عليه السلام) قال: النفس مجبولة على سوء الأدب، والعبد مأمور بملازمة حسن الأدب، والنفس تجري
____________
1- نهج البلاغة: قصار الحكم 73; وسائل الشيعة 11: 419.
2- الجعفريات: 78; معاني الأخبار: 160; مستدرك الوسائل 11: 137 ح12640.
4532/4 ـ عن عليّ بن الحسين، ومحمّد بن علي عليهما السلام: أنّهما ذكرا وصيّة أمير المؤمنين (عليه السلام) لولده وشيعته عند وفاته وهي طويلة وفيها: الله الله في الجهاد للأنفس، فهي أعدى العدوّ لكم، إنّه تبارك وتعالى قال: {إِنَّ النَّفْسَ لاََمَّارَةُ بِالْسُوءِ إلاّ مَا رَحِمَ رَبِّي}(2) وإنّ أوّل المعاصي تصديق النفس والركون إلى الهوى(3).
4533/5 ـ عن أمير المؤمنين (عليه السلام) أنّه قال: جهاد النفس مهر الجنّة(4).
4534/6 ـ قال علي (عليه السلام) : جهاد النفس ثمن الجنّة، فمن جاهدها ملكها وهي أكرم ثواب الله لمن عرفها، وقال (عليه السلام) : لا عدوّ أعدى على المرء من نفسه، وقال: لا عاجز أعجز عمّن أهمل نفسه فأهلكها(5).
4535/7 ـ الصدوق، حدّثنا الحسين بن أحمد بن إدريس، قال: حدّثنا أبي، قال: حدّثنا أحمد بن محمّد بن عيسى، قال: أخبرني محمّد بن يحيى الخزّاز، قال: حدّثني موسى بن إسماعيل، عن أبيه، عن موسى بن جعفر، عن أبيه، عن آبائه، عن أمير المؤمنين (عليه السلام) قال: إنّ رسول الله (صلى الله عليه وآله) بعث سريّة، فلمّا رجعوا، قال: مرحباً بقوم قضوا الجهاد الأصغر وبقي عليهم الجهاد الأكبر، قيل: يا رسول الله وما الجهاد الأكبر؟ فقال: جهاد النفس، ثمّ قال (صلى الله عليه وآله) : أفضل الجهاد من جاهد نفسه التي بين جنبيه(6).
____________
1- مشكاة الأنوار: 247; مستدرك الوسائل 11: 137 ح12642.
2- يوسف: 53.
3- دعائم الإسلام 2: 352; مستدرك الوسائل 11: 138 ح12644.
4- غرر الحكم: 242; مستدرك الوسائل 11: 139 ح12648.
5- غرر الحكم: 242; مستدرك الوسائل 11: 139 ح12649.
6- أمالي الصدوق، المجلس 72: 377; وسائل الشيعة 11: 124; معاني الأخبار: 160; البحار 70: 65; أربعين الشيخ البهائي، الحديث الحادي عشر: 201.
الباب الثاني:
استحباب اشتغال الإنسان بعيب نفسه عن عيب غيره
4536/1 ـ الحسن بن عليّ بن شعبة، عن أمير المؤمنين (عليه السلام) أنّه قال: لا تكن ممّن يرجو الآخرة بغير عمل، ويرجئ التوبة بطول الأمل، إلى أن قال: يستكثر من معصية غيره ما يستقلّ أكثر منه من نفسه، ويستكثر من طاعته ما يحتقر من غيره، يخاف على غيره بأدنى من ذنبه ويرجو لنفسه بأدنى من عمله، فهو على الناس طاعن ولنفسه مداهن(1).
4537/2 ـ عن أمير المؤمنين (عليه السلام) أنّه قال في وصيّته للحسين (عليه السلام) : واعلم أي بُني أنّه من أبصر عيب نفسه شغل عن عيب غيره، إلى أن قال: أي بني من نظر في عيوب الناس ورضي نفسه بها فذاك الأحمق بعينه(2).
4538/3 ـ عليّ بن إبراهيم، عن أمير المؤمنين (عليه السلام) أنّه قال: أيّها الناس طوبى لمن
____________
1- تحف العقول: 106; مستدرك الوسائل 11: 312 ح13131.
2- تحف العقول: 58; مستدرك الوسائل 11: 313 ح13133.
4539/4 ـ عن أمير المؤمنين (عليه السلام) أنّه قال: اشتغالك بمعائب نفسك يكفيك العار، وقال: الكيّس من كان غافلا عن غيره ولنفسه كثير التقاضي، وقال: أفضل الناس من شغلته معائبه عن عيوب الناس، وقال: أكبر العيب أن تعيب غيرك بما هو فيك، وقال: شرّ الناس من كان متتبّعاً لعيوب الناس عمياً عن معائبه، وقال: عجبت لمن ينكر عيوب الناس ونفسه أكثر شيء معاباً ولا يبصرها، وقال: عجبت لمن يتصدّى لصلاح الناس ونفسه أشدّ شيء فساداً فلا يصلحها ويتعاطى اصلاح غيره، وقال: كفى بالمرء شغلا بمعائبه عن معائب الناس، وقال: كفى بالمرء غباوة أن ينظر من عيوب الناس ما خفي عليه من عيوبه، وقال: كفى بالمرء جهلا أن يجهل عيوب نفسه ويطعن على الناس بما لا يستطيع التحوّل عنه، وقال: لينهك عن ذكر معائب الناس ما تعرف من معائبك، وقال: ليكفّ من علم منكم عن عيب غيره ما يعرف من عيب نفسه، وقال: من أبصر عيب نفسه لم يعب أحداً، وقال: من بحث عن عيوب الناس فليبدأ بنفسه، وقال: من أنكر عيوب الناس ورضيها لنفسه فذاك الأحمق، وقال: لا تتبعنّ عيوب الناس فإنّ لك من عيوبك إن عقلت ما يشغلك أن تعيب أحداً(2).
4540/5 ـ محمّد بن عليّ بن الحسين بإسناده، قال أمير المؤمنين (عليه السلام) في وصيته لابنه محمّد بن الحنفية (رضي الله عنه): يا بني لا تقل ما لا تعلم; بل لا تقل كلّ ما تعلم، فإنّ الله تبارك وتعالى قد فرض على جوارحك كلّها فرائض يحتجّ بها عليك يوم القيامة، ويسألك عنها وذكرها ووعظها وحذرها وأدبها ولم يتركها سدى، فقال الله عزّ وجلّ: {وَلا تَقْفُ ما لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤادَ كُلُّ اُولئِكَ كانَ عَنْهُ
____________
1- تفسير القمي 2: 70; مستدرك الوسائل 11: 314 ح13136.
2- مستدرك الوسائل 11: 314 ح13138; عن غرر الحكم ودرر الكلم.
ثمّ استعبدها بطاعته فقال عزّ وجلّ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ}(3) فهذه فريضة جامعة واجبة على الجوارح، وقال: {وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ للهِ فَلاَ تَدْعُوا مَعَ اللهِ أَحَداً}(4) ـ يعني المساجد الوجه واليدين والركبتين والإبهامين ـ، وقال عزّ وجلّ: {وَمَا كُنْتُمْ تَسْتَتِرُونَ أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْكُمْ سَمْعُكُمْ وَلاَ أَبْصَارُكُمْ وَلاَ جُلُودُكُمْ}(5) ـ يعني بالجلود الفروج ـ.
ثمّ خصّ كلّ جارحة من جوارحك بفرض، ونصّ عليها، ففرض على السمع أن لا يصغي إلى المعاصي، فقال عزّ وجلّ: {وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلاَ تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيث غَيْرِهِ}(6)، ثمّ استثنى عزّ وجلّ موضع النسيان فقال: {وَإِمَّا يُنْسِيَنَّكَ الشَّيْطَانُ فَلاَ تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرَى مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ}(7) وقال عزّ وجلّ: {فَبَشِّرْ عِبَادِ * الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحَسَنَهُ أُولئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللهُ وَأُولئِكَ هُمْ أُولُوا الاَْلْبَابِ}(8) وقال عزّ وجلّ: {وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَاماً}(9) وقال عزّ وجلّ: {وَإِذَا سَمِعُوا اللَّغْوَ
____________
1- الاسراء: 36.
2- النور: 15.
3- الحج: 77.
4- الجن: 18.
5- فصلت: 22.
6- النساء: 140.
7- الأنعام: 68.
8- الزمر: 17 و 18.
9- الفرقان: 72.
وفرض على البصر أن لا ينظر به إلى ما حرّم الله عليه، فقال عزّ وجلّ: {قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ}(2) فحرّم أن ينظر أحد إلى فرج غيره.
وفرض على اللسان الإقرار والتعبير عن القلب بما عقد عليه، فقال عزّ وجلّ: {قُولُوا آمَنَّا بِاللهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا}(3) الآية، وقال عزّ وجلّ: {وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْناً}(4).
وفرض على القلب وهو أمير الجوارح الذي به تعقل وتفهم وتصدر عن أمره ورأيه، فقال عزّ وجلّ: {إلاَّ مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالاِْيمَانِ}(5) الآية، وقال عزّوجلّ حين أخبر عن قوم أعطوا الايمان بأفواههم ولم تؤمن قلوبهم، فقال: {الَّذِينَ قَالُوا آمَنَّا بِأَفْوَاهِهِمْ وَلَمْ تُؤْمِنْ قُلُوبُهُمْ}(6) وقال عزّ وجلّ: {أَلاَ بِذِكْرِ اللهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ}(7)وقال عزّ وجلّ: {وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللهُ فَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ}(8).
وفرض على اليدين أن لا تمدّهما إلى ما حرّم الله عزّ وجلّ عليك، وأن تستعملهما بطاعته، فقال عزّ وجلّ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاَةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُؤُسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ}(9) وقال
____________
1- القصص: 55.
2- النور: 30.
3- البقرة: 136.
4- البقرة: 83.
5- النحل: 106.
6- المائدة: 41.
7- الرعد: 28.
8- البقرة: 284.
9- المائدة: 6.
وفرض على الرجلين أن تنقلهما في طاعته وأن لا تمشي بهما مشية عاص، فقال عزّ وجلّ: {وَلاَ تَمْشِ فِي الاَْرْضِ مَرَحاً إِنَّكَ لَنْ تَخْرِقَ الاَْرْضَ وَلَنْ تَبْلُغَ الْجِبَالَ طُولا * كُلَّ ذلِكَ كَانَ سَيِّئُهُ عِنْدَ رَبِّكَ مَكْرُوهاً}(2) وقال عزّ وجلّ: {الْيَوْمَ نَخْتِمُ عَلَى أَفْوَاهِهِمْ وَتُكَلِّمُنَا أَيْدِيهِمْ وَتَشْهَدُ أَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ}(3) فأخبر الله عنها أنّها تشهد على صاحبها يوم القيامة.
فهذا ما فرض الله على جوارحك، فاتّق الله يا بُني واستعملها بطاعته ورضوانه، وإيّاك أن يراك الله تعالى ذكره عند معصيته أو يفقدك عند طاعته فتكون من الخاسرين، وعليك بقراءة القرآن والعمل بما فيه ولزوم فرائضه وشرايعه وحلاله وحرامه وأمره ونهيه، والتهجّد به وتلاوته في ليلك ونهارك، فإنّه عهد من الله تبارك وتعالى إلى خلقه، فهو واجب على كلّ مسلم أن ينظر كلّ يوم في عهده ولو خمسين آية، واعلم أنّ درجات الجنّة على عدد آيات القرآن، فإذا كان يوم القيامة يُقال لقارئ القرآن: اقرأ وارقَ، فلا يكون في الجنّة بعد النبيّين والصدّيقين أرفع درجة منه(4).
____________
1- محمد: 4.
2- الاسراء: 37 و38.
3- يس: 65.
4- من لا يحضره الفقيه 2: 626 ح3215; وسائل الشيعة 11: 128.
الباب الثالث:
استحباب ذمّ النفس وتأديبها ومقتها
4541/1 ـ قال علي (عليه السلام) : إنّ نفسك لخدوع إن تثق بها يقتدك الشيطان إلى ارتكاب المحارم، إنّ النفس لأمّارة بالسوء والفحشاء فمن ائتمنها خانته ومن استنام إليها أهلكته، ومن رضي عنها أوردته شرّ الموارد، وإنّ المؤمن لا يمسي ولا يصبح إلاّ ونفسه ظنون عنده، فلا يزال زارياً عليها ومستزيداً إليها(1).
4542/2 ـ عن أمير المؤمنين (عليه السلام) أنّه قال: يا أسرى (اُسارى) الرغبة اقصروا، فإنّ المعرّج على الدنيا لا يروعه منها إلاّ صريف أنياب الحدثان، أيّها الناس تولّوا من أنفسكم تأديبها، واعدلوا بها عن ضراوة عاداتها(2).
4543/3 ـ الشيخ إبراهيم الكفعمي، عن مولانا العسكري، عن آبائه، عن أمير المؤمنين (عليه السلام) ، وذكر مناجاة طويلة عنه (عليه السلام) قال: ثمّ أقبل أمير المؤمنين (عليه السلام) على نفسه
____________
1- مستدرك الوسائل 11: 140 ح12650; عن غرر الحكم.
2- نهج البلاغة: قصار الحكم 359; وسائل الشيعة 11: 183.
أيّتها النفس اُخلطي ليلك ونهارك بالذاكرين لعلّك أن تسكني رياض الخلد مع المتّقين، وتشبّهي بنفوس قد أقرح السهر رقّة جفونها، ودامت في الخلوات شدّة حنينها، وأبكى المستمعين عولة أنينها، وألان قسوة الضمائر ضجّة رنينها، فإنّها نفوس قد باعت زينة الدنيا وآثرت الآخرة على الاُولى، اُولئك وفد الكرامة، يوم يخسر فيه المبطلون، ويحشر إلى ربّهم بالحسنى والسرور المتّقون(1).
4544/4 ـ عن أمير المؤمنين (عليه السلام) أنّه قال: رحم الله امرءاً ألجم نفسه عن معاصي الله بلجامها، وقادها إلى طاعة الله بزمامها، وقال: رحم الله امرءاً قمع نوازع نفسه إلى الهوى فصانها وقادها إلى طاعة الله بعنانها(2).
____________
1- البلد الأمين: 318; مستدرك الوسائل 11: 253 ح12914.
2- مستدرك الوسائل 11: 255 ح12917; عن غرر الحكم ودرر الكلم.
الباب الرابع:
في وجوب اصلاح النفس عند ميلها إلى الشرّ
4545/1 ـ (الجعفريات)، بإسناده عن جعفر بن محمّد، عن أبيه، عن جدّه عليّ بن الحسين، عن أبيه، قال: قال عليّ بن أبي طالب (عليه السلام) : أحمق الناس من حشى كتابه الترهات، إنّما كانت الحكماء والعلماء والأتقياء والأبرار، يكتبون بثلاثة ليس معهنّ رابع: من أحسن لله سريرته أحسن الله علانيته، ومن أصلح فيما بينه وبين الله أصلح الله تعالى فيما بينه وبين الناس، ومن كانت الآخرة همّه كفاه الله همّه من الدنيا(1).
4546/2 ـ وبهذا الاسناد، عن علي (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) : إن الإسلام بدأ غريباً وسيعود غريباً كما بدأ، فطوبى للغرباء، فقيل: ومن هم يا رسول الله؟ قال: الذين يصلحون إذا فسد الناس(2).
4547/3 ـ عن أمير المؤمنين (عليه السلام) أنّه قال: كلّما زاد علم الرجل زادت عنايته
____________
1- الجعفريات: 236; مستدرك الوسائل 11: 322 ح13155.
2- الجعفريات: 192; مستدرك الوسائل 11: 323 ح13156.
____________
1- مستدرك الوسائل 11: 323 ح13159; عن غرر الحكم ودرر الكلم.
الباب الخامس:
في وجوب محاسبة النفس كلّ يوم
4548/1 ـ عن أمير المؤمنين (عليه السلام) قال: جاهد نفسك وحاسبها محاسبة الشريك شريكه، وطالبها بحقوق الله مطالبة الخصم، وإنّ أسعد الناس من انتدب لمحاسبة نفسه، وعنه (عليه السلام) : حاسبوا أنفسكم قبل أن تُحاسبوا، ووازنوها قبل أن تُوزنوا، وحاسبوا أنفسكم بأعمالها وطالبوها بأداء المفروض عليها والآخذ من فنائها لبقائها، وعنه (عليه السلام) : من حاسب نفسه سعد، وقال: من حاسب نفسه ربح، وقال: من تعاهد نفسه بالمحاسبة أمن فيها المداهنة، وقال: من حاسب نفسه وقف على عيوبه وأحاط بذنوبه، واستقال الذنوب وأصلح العيوب، وقال: ما أحقّ الإنسان أن تكون ساعة لا يشغله شاغل يحاسب فيها نفسه فينظر فيما اكتسب لها وعليها في ليلها ونهارها، وقال: ثمرة المحاسبة صلاح النفس، وقال: ما المغبوط إلاّ من كانت همّته نفسه لا يغبها عن محاسبتها ومطالبتها ومجاهدتها(1).
____________
1- مستدرك الوسائل 12: 153 ح13761; عن غرر الحكم ودرر الكلم.
مبحث
فعل المعــروف
الباب الأول:
في المعروف وفضله
4549/1 ـ محمّد بن الحسين الرضي، عن أمير المؤمنين (عليه السلام) قال: فاعل الخير خير منه، وفاعل الشرّ شرّ منه(1).
4550/2 ـ وعنه، قال (عليه السلام) في قول الله عزّ وجلّ: {إِنَّ اللهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالاِْحْسَانِ }العدل الانصاف، والاحسان التفضّل(2).
4551/3 ـ عن أمير المؤمنين (عليه السلام) أنّه قال: إذا صُنع إليك معروف فاذكره، وقال: إذا صنعت معروفاً فانسه(3).
4552/4 ـ (الجعفريات)، أخبرنا عبد الله، أخبرنا محمّد، حدّثني موسى، قال: حدّثنا أبي، عن أبيه، عن جدّه جعفر بن محمّد، عن أبيه، عن جدّه عليّ بن الحسين، عن أبيه، عن عليّ بن أبي طالب (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) : لكلّ شيء أنف وأنف
____________
1- نهج البلاغة: قصار الحكم 32; وسائل الشيعة 11: 525.
2- نهج البلاغة: قصار الحكم 231; وسائل الشيعة 11: 525.
3- غرر الحكم: 390; مستدرك الوسائل 12: 361 ح14297.
4553/5 ـ عن أمير المؤمنين صلوات الله عليه أنّه قال: المعروف لا يتمّ إلاّ بثلاث: بتصغيره وتعجيله، وستره، فإنّك إذا صغّرته فقد عظّمته، وإذا عجّلته فقد هنأته، وإذا سترته فقد تممته، وقال: إذا صنعت معروفاً فاستره، وقال: إذا صنع إليك معروف فانشره، وقال: تعجيل المعروف ملاك المعروف(2).
4554/6 ـ قال أمير المؤمنين (عليه السلام) : من يبسط يده بالمعروف إذا وجده، يخلف الله له ما أنفق في دنياه، ويضاعف له في آخرته(3).
4555/7 ـ عن ابن عمر، قال: قال عليّ بن أبي طالب [(عليه السلام)]: ألا اُحدّثكم حديثاً حدّثني به رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فأنت له أهل؟ قلت: بلى، قال: حدّثني رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ، عن جبرئيل، عن ربّه عزّ وجلّ، أنّه قال: ما من قوم يكونون في حبرة إلاّ استتبعتها عبرة، وكلّ نعيم زائل إلاّ نعيم أهل الجنّة، وكلّ همّ منقطع إلاّ همّ أهل النار، فإذا عملت سيّئة فأتبعها حسنة تمحها محواً سريعاً، واكثر صنائع المعروف فإنّها تقي مصارع السوء، وما من عمل بعد أداء الفرائض أحبّ إلى الله تعالى من إدخال السرور على المؤمن، ثمّ قال: دونكهنّ يا ابن عمر(4).
4556/8 ـ عن علي [(عليه السلام)]، عن النبي (صلى الله عليه وسلم) ، عن الروح الأمين جبرئيل، عن الله عزّوجلّ، قال: يا محمّد أكثر من صنائع المعروف فإنّها تقي مصارع السوء، وما من عمل بعد الفرائض أحبّ إلى الله من إدخال السرور على المؤمن(5).
4557/9 ـ الشيخ الطوسي، أخبرنا جماعة، عن أبي المفضّل، قال: حدّثنا الحسين
____________
1- الجعفريات: 152; مستدرك الوسائل 12: 361 ح14300.
2- غرر الحكم: 388; مستدرك الوسائل 12: 362 ح14303.
3- جامع السعادات 2: 119، البحار 74: 121، الكافي 2: 154.
4- كنز العمال 6: 597 ح17047.
5- كنز العمال 6: 597 ح17048.
4558/10 ـ الصدوق، حدّثنا حمزة بن محمّد بن أحمد العلوي، قال: أخبرني عليّ ابن إبراهيم بن هاشم، عن أبيه، عن جعفر بن محمّد الأشعري، عن عبد الله بن ميمون القدّاح، عن أبي عبد الله، عن آبائه، عن علي (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) : كلّ معروف صدقة، والدالّ على الخير كفاعله، والله يحبّ إغاثة اللّهفان(2).
4559/11 ـ وعنه، حدّثنا أبو بكر محمّد بن أحمد بن الحسين بن يوسف بن زريق البغدادي، قال: حدّثني عليّ بن محمّد بن عيينة مولى الرشيد، قال: حدّثني دارم بن قبيصة بن نهشل بن مجمّع النهشلي الصغاني بسرّ من رأى، قال: حدّثنا عليّ بن موسى الرضا (عليه السلام) ، عن أبيه، عن جدّه، عن محمّد بن علي، عن أبيه، عن جدّه، عن علي (عليه السلام) ، عن النبي (صلى الله عليه وآله) قال: اصنع المعروف إلى أهله وإلى غير أهله، فإن كان أهله فهو أهله، وإن لم يكن أهله فأنت أهله(3).
4560/12 ـ قال أمير المؤمنين (عليه السلام) : التعلّل (العلل) زكاة البدن، والمعروف زكاة النعم، وكلّ نعمة أنيل منها المعروف فمأمونة السلب محصّنة من الغير(4).
____________
1- أمالي الطوسي، المجلس 16: 458 ح1023; البحار 96: 122.
2- الخصال، باب الثلاثة: 134، البحار 74: 409.
3- عيون أخبار الرضا (عليه السلام) 2: 68; وسائل الشيعة 11: 529; إحياء الإحياء 3: 364.
4- ارشاد القلوب للديلمي، باب الدعاء وبركته: 150; البحار 96: 136.
4562/14 ـ (الجعفريات)، أخبرنا عبد الله، أخبرنا محمّد، حدّثني موسى، قال: حدّثنا أبي، عن أبيه، عن جدّه جعفر بن محمّد، عن أبيه، عن جدّه عليّ بن الحسين، عن أبيه، عن عليّ بن أبي طالب (عليه السلام) أنّه كان يقول: إنّما المعروف زرع من أنمى الزرع، وكنز من أفضل الكنوز، فلا يزهدنّك في المعروف كفر من كفره ولا جحود من جحده، فإنّه قد يشركك عليه من لم يستمتع منك منه بشيء، وقد تصيب من شكر الشاكر ما أضاع منه العبد الجاحد(2).
4563/15 ـ (الجعفريات)، بإسناده عن جعفر بن محمّد، عن أبيه، عن جدّه عليّ بن الحسين، عن أبيه، عن عليّ بن أبي طالب (عليه السلام) أنّه قال: لا تستصغروا شيئاً من المعروف قدرتم على اصطناعه ايثاراً لما هو أكثر منه، فإنّ اليسير في حال الحاجة إليه أنفع لأهله من ذلك الكثير في حال الغناء عنه، واعمل لكلّ يوم بما فيه تُرشد(3).
4564/16 ـ وبهذا الاسناد، عن علي (عليه السلام) أنّه قال: من كفّ غضبه وبسط رضاه وبذل معروفه ووصل رحمه وأدّى أمانته جعله الله تعالى في نوره الأعظم يوم القيامة(4).
4565/17 ـ أبو القاسم الكوفي المعاصر للكليني في كتاب (الأخلاق)، عن أمير
____________
1- الجعفريات: 153; مستدرك الوسائل 12: 339 ح14227.
2- الجعفريات: 235; مستدرك الوسائل 12: 340 ح14229; كنز العمال 6: 583 ح17014.
3- الجعفريات: 233; مستدرك الوسائل 12: 340 ح14232.
4- الجعفريات: 167; مستدرك الوسائل 12: 341 ح14233.