مبحث
قصص الأنبياء (عليهم السلام) وسيرهم
الباب الأول:
في أحوال آدم (عليه السلام)
7896/1 ـ العياشي: عن محمد بن عيسى بن عبدالله العلوي، عن أبيه، عن جده، عن علي (عليه السلام) قال: الكلمات التي تلقاها آدم من ربه قال: يارب أسألك بحق محمد لما تبت عليّ، قال: وما علمك بمحمد؟ قال: رأيته في سرادقك الأعظم مكتوباً وأنا في الجنة(1).
7897/2 ـ الامام أبو محمد العسكري (عليه السلام)، قال علي بن الحسين: حدثني أبي، عن أبيه، عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال: ياعباد الله إن آدم لما رأى النور ساطعاً من صلبه، إذ كان الله تعالى نقل أشباحنا من ذروة العرش إلى ظهره، رأى النور، ولم يتبين الأشباح، فقال: يارب ما هذه الأنوار؟ قال الله عزّوجلّ: أنوار أشباح نقلتهم من أشرف بقاع عرشي إلى ظهرك، ولذلك أمرت الملائكة بالسجود لك، إذ كنت وعاءً لتلك الأشباح، فقال: آدم: يارب لو بيّنتها إليّ، فقال الله عزّوجلّ: أنظر ياآدم إلى ذروة العرش، فنظر آدم (عليه السلام) ووقع أنوار أشباحنا من ظهر آدم على ذروة العرش،
____________
1- تفسير العياشي 1:41، تفسير البرهان 1:87، البحار 11:187.
هؤلاء خيار خليقتي وكرائم بريتي، بهم آخذ، وبهم أعطي، وبهم أُعاقب، وبهم اُثيب، فتوسل إليّ بهم ياآدم، وإذا دهتك داهية، فاجعلهم إليّ شفعائَك، فاني آليت على نفسي قسماً حقاً أن لا اُخيّب بهم آملا، ولا أردّ بهم سائلا، فذلك حين زلت منه الخطيئة ودعا الله عزّوجلّ فتاب عليه وغفر له(1).
7898/3 ـ العياشي: عن الأصبغ بن نباتة، عن علي (عليه السلام)، قال: أتاه ابن الكواء، فقال: يا أمير المؤمنين أخبرني عن الله تبارك وتعالى هل كلم أحداً من ولد آدم قبل موسى (عليه السلام)؟ فقال علي (عليه السلام): قد كلم الله جميع خلقه برهم وفاجرهم، وردّوا عليه الجواب، فثقل ذلك على ابن الكواء ولم يعرفه، فقال له: كيف كان ذلك ياأمير المؤمنين؟ فقال له: أو ما تقرأ كتاب الله إذ يقول لنبيه: {وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلى}(2) فقد أسمعهم كلامه وردوا عليه الجواب كما تسمع في قول الله يابن الكوا {قَالُوا بَلى}فقال لهم:
إني أنا الله لا إله إلاّ أنا، وأنا الرحمن الرحيم؟ فاقروا له بالطاعة والربوبية، وميز
____________
1- تفسير الامام العسكري (عليه السلام): 219 ح102، البحار 11:149، تفسير البرهان 1:88، ينابيع المودة: 97، غاية المرام: 394.
2- الأعراف: 172.
7899/4 ـ (الجعفريات)، أخبرنا عبدالله بن محمد، قال: أخبرنا محمد بن محمد، قال: حدثني موسى بن إسماعيل، قال: حدثنا أبي، عن أبيه، عن جده جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جده علي بن الحسين، عن أبيه، عن علي بن أبي طالب (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): أهل الجنة ليس لهم كنى إلاّ آدم (عليه السلام) فإنه يكنى بأبي محمد توقيراً وتعظيماً(2).
7900/5 ـ الصدوق، حدثنا أحمد بن الحسن القطان، قال: حدثنا أبو سعيد الحسن بن علي بن الحسين السكّري، قال: حدثنا الحكم بن أسلم، قال: حدثنا ابن عُليه، عن الجريري، عن أبي الورد بن ثمامة، عن علي (عليه السلام) قال: سمع النبي (صلى الله عليه وآله) رجلا يقول لرجل: قبح الله وجهك ووجه من يشبهك، فقال (صلى الله عليه وآله): لا تقل هذا، فان الله خلق آدم على صورته(3).
7901/6 ـ الصدوق، حدثنا محمد بن علي ماجيلويه، قال: حدثني محمد بن يحيى العطار، قال: حدثني الحسين بن الحسن بن أبان، عن محمد بن أورمة، عن عمرو بن عثمان، عن المنقري، عن عمر بن ثابت، عن أبيه، عن حبة العرني، عن علي (عليه السلام) قال: إن الله عزّوجلّ خلق آدم (عليه السلام) من أديم الأرض، فمنه السباخ، ومنه الملح، ومنه الطيب، فكذلك في ذريته: الصالح، والطالح(4).
7902/7 ـ الطبرسي: باسناده عن أمير المؤمنين (عليه السلام) حديث طويل يقول فيه
____________
1- تفسير العياشي 2:41، تفسير البرهان 2:51، البحار 24:144، تفسير نور الثقلين 2:99.
2- الجعفريات: 190، مستدرك الوسائل 15:213 ح18035، تفسير السيوطي 1:62.
3- التوحيد: 152، البحار 4:12.
4- علل الشرائع: 83، البحار 5:239.
____________
1- طه: 121.
2- تفسير نور الثقلين 3:404، الاحتجاج 1:574 ح137، البحار 92:43.
الباب الثاني:
في أحوال يونس (عليه السلام)
7903/1 ـ علي بن إبراهيم القمي: سأل بعض اليهود أمير المؤمنين (عليه السلام) عن سجن طاف أقطار الأرض بصاحبه؟ فقال [(عليه السلام)] : يايهودي أما السجن الذي طاف أقطار الأرض بصاحبه، فانه الحوت الذي حبس يونس في بطنه، فدخل في بحر القلزم ثم خرج إلى بحر مصر ثم دخل في بحر طبرستان ثم خرج في دجلة الغورا، ثم مرت به تحت الأرض حتى لحقت بقارون، وكان قارون هلك في أيام موسى، ووكَّل الله به ملكاً يدخله في الأرض كل يوم قامة رجل، وكان يونس في بطن الحوت يسبح الله ويستغفره، فسمع قارون صوته فقال للملك الموكَّل به: أنظرني فاني أسمع كلام آدمي، فأوحى الله إلى الملك الموكَّل به انظره فأنظره، ثم قال قارون من أنت؟ قال يونس أنا المذنب الخاطىء يونس بن متى، قال: فما فعل الشديد الغضب لله موسى ابن عمران؟ قال: هيهات هلك، قال: فما فعل الرؤوف الرحيم على قومه هارون بن عمران؟ قال: هلك، قال: فما فعلت كلثم بنت عمران التي كانت سميت لي؟ قال:
7904/2 ـ العياشي: عن أبي عبيدة الحذاء، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: سمعته يقول: وجدنا في بعض كتب أمير المؤمنين (عليه السلام) قال: حدثني رسول الله (صلى الله عليه وآله) أن جبرئيل (عليه السلام) حدثه أن يونس بن متى (عليه السلام) بعثه الله إلى قومه وذكر حديثاً طويلا يذكر فيه ما فعل قوم يونس، وخروج يونس وتنوخا العابد من بينهم ونزول العذاب عليهم وكشفه عنهم وفيه: فلما رأى قوم يونس أن العذاب قد صرف عنهم، هبطوا إلى منازلهم من رؤوس الجبال، وضموا اليهم نساءهم وأولادهم وأموالهم، وحمدوا الله على ما صرف عنهم، وأصبح يونس وتنوخا يوم الخميس في موضعهما الذي كانا فيه، لا يشكان أن العذاب قد نزل بهم وأهلكهم جميعاً لما خفيت أصواتهم عنهما، فأقبلا ناحية القرية يوم الخميس مع طلوع الشمس ينظران إلى ما صار اليه القوم، فلما دنوا من القوم واستقبلتهم الحطابون والحمارة والرعاة بأعناقهم، ونظرا إلى أهل
____________
1- يونس: 98.
2- تفسير القمي 1:318، البحار 14:382، تفسير نور الثقلين 3:452.
7905/3 ـ محمد بن الحسن الصفار، حدثنا العباس بن معروف، عن سعدان بن مسلم، عن صباح المزني، عن الحارث بن حصيرة، عن حبة العوني، قال: قال أمير المؤمنين (عليه السلام): إن الله عرض ولايتي على أهل السماوات وعلى أهل الأرض، أقر بها من أقر،وأنكرها من أنكر،أنكرها يونس فحبسه الله في بطن الحوت حتى أقرّ بها(3).
تبيين:
المراد بالانكار عدم القبول التام وما يلزمه من الاستشفاع والتوسل بهم.
|
7906/4 ـ العياشي: عن أبي عبيدة الحذاء، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: سمعته يقول: وجدنا في بعض كتب أمير المؤمنين (عليه السلام) قال: حدثني رسول الله (صلى الله عليه وآله) أن جبرئيل (عليه السلام) حدثه أن يونس (عليه السلام) بعثه الله إلى قومه وهو ابن ثلاثين سنة، وكان رجلا تعتريه الحدّة، وكان قليل الصبر على قومه والمداراة لهم، عاجزاً عمّا حُمّل من ثقل حمل أوقار النبوة وأعلامها وانه تفسخ تحتها كما يتفسخ الجذع تحت حمله، وانه أقام فيهم يدعوهم إلى الايمان بالله والتصديق به واتباعه ثلاثاً وثلاثين سنة، فلم يؤمن به ولم يتبعه من قومه إلاّ رجلان: اسم أحدهما روبيل واسم الآخر تنوخا، وكان روبيل من أهل بيت العلم والنبوة والحكمة، وكان قديم الصحبة ليونس بن متى من قبل أن يبعثه الله بالنبوة، وكان تنوخا رجلا مستضعفاً عابداً زاهداً منهمكاً في العبادة،
____________
1- الأنبياء: 87.
2- تفسير العياشي 2:129، تفسير نور الثقلين 3:453، البحار 14:392، تفسير البرهان 2:200.
3- بصائر الدرجات: 95، البحار 14:391.
أنّ فيهم الحمل والجنين والطفل والشيخ الكبير والمرأة الضعيفة والمستضعف المهين، وأنا الحكم العدل، سبقت رحمتي غضبي لا اُعذب الصغار بذنوب الكبار من قومك، وهم يايونس عبادي وخلقي وبريتي في بلادي وفي عيلتي، أحب أن أتأناهم وأرفق بهم وأنتظر توبتهم، وإنما بعثتك إلى قومك لتكون حيطاً عليهم، تعطف عليهم لسخاء الرحمة الماسة منهم، وتأناهم برأفة النبوة، فاصبر معهم بأحلام الرسالة، وتكون لهم كهيئة الطبيب المداوي العالم بمداواة الدواء، فخرقت بهم ولم تستعمل قلوبهم بالرفق ولم تسسهم بسياسة المرسلين، ثم سألتني عن سوء نظرك العذاب لهم عند قلة الصبر منك، وعبدي نوح كان أصبر منك على قومه، وأحسن صحبة وأشد تأنياً في الصبر عندي، وأبلغ في العذر، فغضبت له حين غضب لي وأجبته حين دعاني.
فقال يونس: يارب إنما غضبت عليهم فيك، وإنما دعوت عليهم حين عصوك، فوعزتك لا أتعطف عليهم برأفة أبداً ولا أنظر اليهم بنصيحة شفيق بعد كفرهم وتكذيبهم إياي، وجحدهم نبوتي، فأنزل عليهم عذابك فانهم لا يؤمنون أبداً.
قال: فسر ذلك يونس ولم يسوءه ولم يدر ما عاقبته، وانطلق يونس إلى تنوخا العابد فأخبره بما أوصى الله اليه من نزول العذاب على قومه في ذلك اليوم، وقال له: انطلق حتى أعلمهم بما أوحى الله إليّ من نزول العذاب، فقال تنوخا: فدعهم في غمرتهم ومعصيتهم حتى يعذبهم الله، فقال له يونس: بلى نلقي روبيل فنشاوره فانه رجل عالم حكيم من أهل بيت النبوة، فانطلقا إلى روبيل فأخبره يونس بما أوحى الله اليه من نزول العذاب على قومه في شوال يوم الأربعاء في وسط الشهر بعد طلوع الشمس، فقال له: ما ترى انطلق بنا حتى أعلمهم، فقال له روبيل: ارجع إلى ربك رجعة نبي حكيم ورسول كريم، واسأله أن يصرف عنهم العذاب فانه غني عن عذابهم وهو يحب الرفق بعباده وما ذلك بأضر لك عنده، ولا أسوء لمنزلتك لديه، ولعلّ قومك بعد ما سمعت رأيت من كفرهم وجحودهم، يؤمنون يوماً فصابرهم وتأناهم، فقال له تنوخا: ويحك ياروبيل ما أشرت على يونس وأمرته به بعد كفرهم بالله وجحدهم لنبيه وتكذيبهم إياه وإخراجهم إياه من مساكنه، وما هموا به من رجمه، فقال روبيل لتنوخا: اسكت فانك رجل عابد لا علم لك.
ثم أقبل على يونس، فقال: أرأيت يايونس إذا أنزل الله العذاب على قومك أنزله فيهلكهم جميعاً أو يهلك بعضاً ويبقي بعضاً؟ فقال له يونس: بل يهلكهم الله
فقال له تنوخا: ويحك ياروبيل لقد قلت عظيماً يخبرك النبي المرسل أنّ الله أوحى اليه بأن العذاب ينزل عليهم فترد قول الله وتشك فيه وفي قول رسوله؟! إذهب فقد حبط عملك، فقال روبيل لتنوخا: لقد فشل رأيك، ثم أقبل على يونس فقال: أنزل الوحي والأمر من الله فيهم على ما أنزل عليك فيهم من إنزال العذاب عليهم، وقوله الحق، أرأيت إذا كان ذلك فهلك قومك كلهم وخربت قريتهم، أليس يمحو الله اسمك من النبوة وتبطل رسالتك وتكون كبعض ضعفاء الناس، ويهلك على يديك مائة ألف أو يزيدون من الناس، فأبى يونس أن يقبل وصيته. فانطلق ومعه تنوخا من القرية وتنحيّا عنهم غير بعيد، ورجع يونس إلى قومه فأخبرهم أن الله أوحى اليه أنه منزل العذاب عليكم يوم الأربعاء في شوال في وسط الشهر بعد طلوع الشمس، فردوا عليه فكذبوه وأخرجوه من قريتهم إخراجاً عنيفاً.
فخرج يونس ومعه تنوخا من القرية وتنحيّا عنهم غير بعيد وأقاما ينتظران العذاب، وأقام روبيل مع قومه في قريتهم حتى إذا دخل عليهم شوال صرخ روبيل بأعلى صوته في رأس الجبل إلى القوم أنا روبيل شفيق عليكم الرحيم بكم إلى ربه، قد أنكرتم عذاب الله، هذا شوال قد دخل عليكم وقد أخبركم يونس نبيكم ورسول ربكم أن الله أوحى اليه أن العذاب ينزل عليكم في شوال في وسط الشهر يوم الأربعاء بعد طلوع الشمس، ولن يخلف الله وعده رسله، فانظروا ما أنتم صانعون، فأفزعهم كلامه ووقع في قلوبهم تحقيق نزول العذاب، فأجفلوا نحو
فأجمع رأي القوم جميعاً على أن يفعلوا ما أشار به عليهم روبيل، فلما كان يوم الأربعاء الذي توقعوا فيه العذاب تنحى روبيل عن القرية حيث يسمع صراخهم ويرى العذاب إذا نزل، فلما طلع الفجر يوم الأربعاء فعل قوم يونس ما أمرهم روبيل به، فلما بزغت الشمس أقبلت ريح صفراء مظلمة مسرعة لها صرير وحفيف وهدير، فلما رأوها عجوا جميعاً بالصراخ والبكاء والتضرع إلى الله، وتابوا اليه واستغفروه، وصرخت الأطفال بأصواتها تطلب اُمهاتها، وعجت سخال البهائم تطلب الثدي، وعجت الأنعام تطلب الرعي، فلم يزالوا بذلك، ويونس وتنوخا يسمعان ضجيجهم (صيحتهم) وصراخهم ويدعوان الله عليهم بتغليظ العذاب عليهم، وروبيل في موضعه يسمع صراخهم وعجيجهم ويرى ما نزل وهو يدعو الله بكشف العذاب عنهم.
فهبط اسرافيل عليهم فنشر أجنحته فاستاق بها ذلك العذاب حتى ضرب به الجبال التي أوحى الله اليه أن يصرفه اليها، قال أبو جعفر (عليه السلام): وهي الجبال التي بناحية الموصل اليوم، فصارت حديداً إلى يوم القيامة، فلما رأى قوم يونس أن العذاب قد صرف عنهم، هبطوا إلى منازلهم من رؤوس الجبال، وضموا اليهم نساءهم وأولادهم وأموالهم، وحمدوا الله على ما صرف عنهم، وأصبح يونس وتنوخا يوم الخميس في موضعهما الذي كانا فيه لا يشكان أن العذاب قد نزل بهم وأهلكهم جميعاً، لما خفيت أصواتهم عنهما، فأقبلا ناحية القرية يوم الخميس مع طلوع الشمس ينظرون إلى ما صار اليه القوم، فلما دنوا من القوم واستقبلتهم الحطابون والحمارة والرعاة بأغنامهم، ونظروا إلى أهل القرية مطمئنين، قال يونس
فانطلق يونس هارباً على وجهه مغاضباً لربه ناحية بحر أيلة متنكراً فراراً من أن يراه أحد من قومه، فيقول له: ياكذاب، فلذلك قال الله: {وَذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغَاضِباً فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ}(1) الآية، ورجع تنوخا إلى القرية فلقي روبيل فقال له: ياتنوخا أي الرأيين كان أصوب وأحق أن يتبع رأيي أو رأيك؟ فقال له تنوخا: بل رأيك كان أصوب، ولقد كنت أشرت برأي الحكماء والعلماء، وقال له تنوخا: أما اني لم أزل أرى أني أفضل منك لزهدي وفضل عبادتي، حتى استبان فضلك بفضل علمك وما أعطاك الله ربك من الحكمة، مع أن التقوى أفضل من الزهد والعبادة بلا علم، فاصطحبا فلم يزالا مقيمين مع قومهما، ومضى يونس على وجهه مغاضباً لربه، فكان من قصته ما أخبر الله به في كتابه إلى قوله: {فَآمَنُوا فَمَتَّعْنَاهُمْ إِلى حِين}(2)(3).
7907/5 ـ أخرج ابن أبي شيبة في (المصنف) وعبد بن حميد، وابن مردويه، وابن عساكر، عن علي (رضي الله عنه) مرفوعاً: ليس لعبد أن يقول أنا خير من يونس بن متى، سبح الله في الظلمات(4).
____________
1- الأنبياء: 87.
2- الصّافات: 148.
3- تفسير العياشي 2:129، تفسير البرهان 2:200، البحار 14:392، تفسير نور الثقلين 5:397، تفسير الصافي 2:421 (يونس: 98).
4- تفسير السيوطي 4:334.
الباب الثالث:
في أحوال سليمان (عليه السلام)
7908/1 ـ علي بن إبراهيم القمي، حدثني أبي، عن أبي بصير، عن أبان، عن أبي حمزة، عن الأصبغ بن نباتة، عن أمير المؤمنين (عليه السلام) قال: خرج سليمان بن داود من بيت المقدس ومعه ثلاثمائة ألف كرسي عن يمينه عليها الانس، وثلاثمائة ألف كرسي عن يساره عليها الجن، وأمر الطير فأظلتهم، وأمر الريح فحملتهم حتى ورد ايوان كسرى في المدائن، ثم رجع فبات فاضطجع ثم غدا فانتهى إلى مدينة تركاوان، ثم أمر الريح فحملتهم حتى كادت أقدامهم يصيبها الماء، وسليمان على عمود منها، فقال بعضهم لبعض هل رأيتم ملكاً قط أعظم من هذا وسمعتم به؟! فقالوا: ما رأينا ولا سمعنا بمثله، فنادى ملك من السماء: ثواب تسبيحة واحدة في الله أعظم مما رأيتم(1).
7909/2 ـ الطبرسي: قال ابن عباس: سألت علياً (عليه السلام) عن هذه الآية: {رُدُّوهَا
____________
1- تفسير القمي 2:238، تفسير نور الثقلين 4:459، البحار 14:72.
7910/3 ـ عن علي بن أبي طالب (رضي الله عنه): إن الله أمر الملائكة الموكلين بالشمس حتى ردوها على سليمان حتى صلى العصر في وقتها(5).
____________
1- ص: 33.
2- ص: 34.
3- ص: 35.
4- تفسير مجمع البيان 4:475، البحار 14:103، تفسير القمي 2:235.
5- السيرة الحلبية 1:416.
الباب الرابع:
في أحوال يوسف (عليه السلام)
7911/1 ـ الصدوق، سأل الشامي أمير المؤمنين (عليه السلام) عن أكرم الناس نسباً؟ فقال (عليه السلام): صديق الله يوسف بن يعقوب إسرائيل الله ابن إسحاق ذبيح الله ابن إبراهيم خليل الله(1).
7912/2 ـ الراوندي: عن أمير المؤمنين (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): إن موسى لما أمر أن يقطع البحر فانتهى اليه وضربت وجوه الدواب فرجعت، فقال موسى: يارب ما لي؟ قال: ياموسى إنك عند قبر يوسف فاحمل عظامه، وقد استوى القبر بالأرض، فسأل موسى قومه: هل يدري أحد منكم أين هو؟ قالوا: عجوز لعلها تعلم.
فقال لها: هل تعلمين؟ قالت: نعم، قال: فدلينا عليه، قالت: لا والله حتى تعطيني ما أسألك، قال: ذلك لك، قالت: فإني أسألك أن أكون معك في الدرجة التي تكون
____________
1- عيون أخبار الرضا (عليه السلام) 1:245، البحار 12:284.
____________
1- الدعوات: 40 ح100، البحار 13:130، كنز العمال 11:516 ح32412.
الباب الخامس:
في أحوال شعيب (عليه السلام)
7913/1 ـ قطب الدين الراوندي، أخبرنا السيد علي بن أبي طالب السليقي (الصيقلي)، عن جعفر بن محمد بن العباس، عن ابن بابويه، حدثنا محمد بن علي ماجيلويه، حدثنا محمد بن يحيى العطار، عن الحسين بن الحسن بن أبان، عن محمد ابن اُرومة، عن بعض أصحابنا، عن سعيد بن جناح، عن أيوب بن راشد، رفعه إلى علي (عليه السلام) قال: قيل له ياأمير المؤمنين: حدثنا، قال: إن شعيباً النبي (عليه السلام) دعا قومه إلى الله حتى كبر سنه ورق عظمه، ثم غاب عنهم ما شاء الله، ثم عاد اليهم شاباً فدعاهم إلى الله، فقالوا: ما صدقناك شيخاً، فكيف نصدقك شاباً؟ وكان علي (عليه السلام) يكرر عليهم الحديث مراراً كثيرة(1).
____________
1- قصص الأنبياء (للراوندي): 145، البحار 12:385.
الباب السادس:
في أحوال موسى (عليه السلام) وهارون (عليه السلام)
7914/1 ـ عن علي [(عليه السلام)] قال: كتب الله الألواح لموسى، وهو يسمع صريف الأقلام في الألواح(1).
7915/2 ـ الطبرسي: روي عن علي بن أبي طالب (عليه السلام) أنه قال: إنما أخذتهم الرجفة ـ أي السبعين الذين خرجوا مع موسى للميقات ـ من أجل دعواهم على موسى قتل أخيه هارون; وذلك أن موسى وهارون وشبر وشبير ابني هارون انطلقوا إلى سفح جبل، فنام هارون على سرير فتوفاه الله، فلما مات دفنه موسى (عليه السلام)، فلما رجع إلى بني اسرائيل قالوا له: أين هارون؟ قال: توفاه الله، فقالوا: لا بل أنت قتلته، حسدتنا على خلقه ولينه، قال: فاختاروا من شئتم، فاختاروامنهم سبعين رجلا وذهب بهم، فلما انتهوا إلى القبر قال موسى: ياهارون أقُتِلتَ أم مت؟ فقال هارون: ما قتلني أحد. ولكن توفاني الله! فقالوا: لن تعصى بعد اليوم،
____________
1- كنز العمال 2:412 ح4379.
7916/3 ـ أخرج عبد بن حميد، وابن أبي الدنيا في كتاب (من عاش بعد الموت) وابن جرير، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن علي (رضي الله عنه) قال: لما حضر أجل هارون أوحى الله إلى موسى أن انطلق أنت وهارون وابن هارون إلى غار في الجبل، فأنا قابض روحه، فانطلق موسى وهارون وابن هارون، فلما انتهوا إلى الغار دخلوا فاذا سرير فاضطجع عليه موسى ثم قام عنه فقال: ما أحسن هذا المكان ياهارون، فاضطجع هارون فقبض روحه، فرجع موسى وابن هارون إلى بني اسرائيل حزينين، فقالوا له: أين هارون؟ قال: مات، قالوا: بل قتلته كنت تعلم أنا نحبه، فقال لهم موسى: ويلكم أقتل أخي وقد سألته الله وزيراً، ولو اني أردت قتله أكان ابنه يدعني، قالوا: بلى قتلته حسداً (حسدتناه)، قال: فاختاروا سبعين رجلا فانطلق بهم، فمرض رجلان في الطريق فخط عليهما خطاً، فانطلق موسى وابن هارون وابن اسرائيل حتى انتهوا إلى هارون، فقال: ياهارون من قتلك؟ قال: لم يقتلني أحد ولكني مت، قالوا: ما تقضي ياموسى ادع لنا ربك يجعلنا أنبياء، قال: فأخذتهم الرجفة فصعقوا وصعق الرجلان اللذان خلفوا، وقام موسى يدعو ربه لو شئت أهلكتهم من قبل وإياي، أي أتهلكنا بما فعل السفهاء منا، فأحياهم الله فرجعوا إلى قومهم أنبياء(2).
____________
1- تفسير مجمع البيان 2:484، البحار 13:205، كنز العمال 2:412 ح4381.
2- تفسير السيوطي 3:128.