الصفحة 73
وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أَنْتَ مَوْلاَنَا فَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ}(1) قال: ذلك لك يامحمد ولذريتك.

يامحمد، قلت: لبيك ربي وسعديك سيدي وإلهي، قال: أسألك عما أنا أعلم به منك، من خلفت في الأرض بعدك؟ قلت: خير أهلها أخي وابن عمي وناصر دينك والغاضب لمحارمك إذا استحلّت ولنبيك غضب النمر إذا غضب علي بن أبي طالب، قال: صدقت يامحمد إني اصطفيتك بالنبوة، وبعثتك بالرسالة، وامتحنت علياً بالشهادة على اُمتك، وجعلته حجة في الأرض معك وبعدك، وهو نور أوليائي، وولي من أطاعني، وهو الكلمة التي ألزمتها المتقين، يامحمد وزوجته فاطمة، فإنه وصيك ووارثك ووزيرك وغاسل عورتك وناصر دينك والمقتول على سنتي وسنتك، يقتله شقي هذه الاُمة.

قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): ثم إن ربي أمرني باُمور وأشياء، وأمرني أن أكتمها ولم يؤذن لي في إخبار أصحابي بها، ثم هوى بي الرفرف فإذا أنا بجبرئيل يتناولني منها حتى صرت إلى سدرة المنتهى، فوقف بي تحتها، ثم أدخلني جنة المأوى فرأيت مسكني ومسكنك ياعلي فيها، فبينما جبرئيل يكلمني إذ علاني نور من نور الله فنظرت من مثل خيط الابرة إلى ما كنت نظرت اليه في المرة الاُولى، فناداني ربي جلّ جلاله: يامحمد قلت: لبيك ربي وإلهي وسيدي، قال: سبقت رحمتي غضبي لك ولذريتك، أنت صفوتي من خلقي، وأنت أميني وحبيبي ورسولي، وعزتي وجلالي لو لقيني جميع خلقي يشكون فيك طرفة عين أو ينقصونك أو ينقصون صفوتي من ذريتك، لأدخلتهم ناري ولا اُبالي، يامحمد علي أمير المؤمنين وسيد المسلمين، وقائد الغرّ المحجلّين إلى جنات النعيم، وأبو السبطين سيدي شباب جنتي المقتولين بي ظلماً، ثم فرض عليّ الصلاة وما أراد تبارك وتعالى، وقد كنت قريباً منه في المرة

____________

1- البقرة: 285، 286.


الصفحة 74
الاُولى مثل ما بين كبد القوس إلى سيته، فذلك قوله تعالى: {قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنى}(1) من ذلك (2).

7964/17 ـ محمد بن الحسن الصفار، حدثنا العباس بن معروف، عن حماد بن عيسي، عن حريز، عن أبي بصير، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: سئل علي (عليه السلام) عن علم النبي (صلى الله عليه وآله) فقال: علم النبي علم جميع النبيين وعلم ما كان وعلم ما هو كائن إلى قيام الساعة، ثم قال: والذي نفسي بيده اني لأعلم علم النبي (صلى الله عليه وآله) وعلم ما كان وما هو كائن فيما بيني وبين قيام الساعة(3).

7965/18 ـ ذكر صاحب كتاب (شفاء الصدور) (في مختصره): عن علي بن أبي طالب (رضي الله عنه) عن النبي (صلى الله عليه وسلم) عن الله عزّوجلّ أنه قال: يامحمد وعزتي وجلالي لولاك ما خلقت أرضي ولا سمائي، ولا رفعت هذه الخضراء، ولا بسطت هذه الغبراء، وفي رواية عنه ولا خلقت سماءاً ولا أرضاً ولا طولا ولا عرضاً(4).

7966/19 ـ عن الطبرسي: روى عن موسى بن جعفر، عن أبيه، عن آبائه، عن الحسين بن علي (عليهم السلام) قال إن يهودياً من يهود الشام وأحبارهم قال لأمير المؤمنين (عليه السلام) فإن موسى (عليه السلام) قد اُعطي المن والسلوى، فهل فعل بمحمد نظير هذا؟ قال له علي (عليه السلام): لقد كان كذلك ومحمد (صلى الله عليه وآله) اُعطي ما هو أفضل من هذا، إن الله عزّوجلّ أحلّ له الغنائم ولاُمته، ولم تحل الغنائم لأحد قبله، فهذا أفضل من المن والسلوى(5).

7967/20 ـ عن الطبرسي: روى عن موسى بن جعفر، عن أبيه، عن آبائه، عن

____________

1- النجم: 9.

2- تأويل الآيات الظاهرة: 605، البحار 6:162.

3- بصائر الدرجات باب في علم الأئمة بما في السماوات والأرض: 147.

4- السيرة الحلبية 1:243.

5- تفسير نور الثقلين 5:64، الاحتجاج 1:518 ح127، البحار 10:39.


الصفحة 75
الحسين بن علي عليهما السلام قال: إن يهودياً من يهود الشام وأحبارهم قال لأمير المؤمنين (عليه السلام): هذا يوسف قاس من مرارة الغربة وحبس في السجن توقياً من المعصية، واُلقي في الجب وحيداً؟ قال له علي (عليه السلام) لقد كان ذلك ومحمد (صلى الله عليه وآله) قاسى مرارة الغربة وفراق الأهل والأولاد، مهاجراً من حرم الله تعالى واُمته، فلما رأى عزّوجلّ كآبته واستشعاره الحزن، أراه تبارك وتعالى اسمه رؤياً توازي رؤيا يوسف في تأويلها، وأبان للعالمين صدق تحقيقها فقال له: {لَقَدْ صَدَقَ اللهُ رَسُولَهُ الرُّؤْيَا بِالْحَقِّ لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِنْ شَاءَ اللهُ آمِنِينَ مُحَلِّقِينَ رُؤُوسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ لاَ تَخَافُونَ}(1)(2).

7968/21 ـ عن الطبرسي: روى موسى بن جعفر، عن أبيه، عن آبائه، عن الحسين ابن علي (عليهم السلام) قال: إن يهودياً من يهود الشام وأحبارهم قال لأمير المؤمنين (عليه السلام) فان موسى ناجاه الله عزّوجلّ على طور سيناء؟ قال علي (عليه السلام): لقد كان كذلك، ولقد أوحى الله عزّوجلّ إلى محمد (صلى الله عليه وآله) عند سدرة المنتهى، فمقامه في السماء محمود وعند منتهى العرش مذكور(3).

7969/22 ـ عن الطبرسي: روى عن موسى بن جعفر، عن أبيه، عن آبائه، عن الحسين بن علي (عليهم السلام) قال: إن يهودياً من يهود الشام وأحبارهم، قال لأمير المؤمنين (عليه السلام): فان نوحاً دعا ربه فهطلت السماء بماء منهمر، قال له علي (عليه السلام): لقد كان كذلك وكانت دعوته دعوة غضب، ومحمد (صلى الله عليه وآله) هطلت له السماء بماء منهمر رحمة، انه (صلى الله عليه وآله) لما هاجر إلى المدينة أتاه أهلها في يوم جمعة، فقالوا له: يا رسول الله احتبس المطر واصفر العود وتهافت الورق، فرفع يده المباركة إلى السماء حتى رأى بياض

____________

1- الفتح: 27.

2- تفسير نور الثقلين 5:75، الاحتجاج 1:508 ح127، البحار 10:34.

3- تفسير نور الثقلين 5:151، الاحتجاج 1:509 ح127، البحار 10:34.


الصفحة 76
أبطيه، وما يرى في السماء سحابة، فما برح حتى سقاهم الله، حتى أن الشاب المعجب بشبابه لتهمه نفسه في الرجوع إلى منزله فما يقدر من شدة السيل، فدام اسبوعاً، فأتوه في الجمعة الثانية فقالوا: يا رسول الله لقد تهدمت الجدر واحتبس الركب والسفر، فضحك (صلى الله عليه وآله) وقال: هذه سرعة ملالة ابن آدم، ثم قال: اللهم حوالينا ولا علينا، اللهم في اُصول الشيح ومراتع البقر، فرأي حول المدينة يقطر قطراً وما يقع بالمدينة قطرة لكرامته على الله عزّوجلّ(1).

7970/23 ـ عن الطبرسي: روي عن موسى بن جعفر، عن أبيه، عن آبائه، عن الحسين (عليهم السلام) أن أمير المؤمنين (عليه السلام) قال وقد ذكر النبي (صلى الله عليه وآله): أنه اُسري به من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى مسيرة شهر، وعرج به في ملكوت السماوات مسيرة خمسين ألف عام في أقل من ثلث ليلة، حتى انتهى إلى ساق العرش، الحديث(2).

7971/24 ـ عن الطبرسي: عن موسى بن جعفر، عن أبيه، عن آبائه، عن الحسين ابن علي(عليهم السلام) قال إن يهودياً من يهود الشام وأحبارهم قال لعلي (عليه السلام) هذا إدريس (عليه السلام) أعطاه الله عزّوجلّ مكاناً علياً؟ قال له علي (عليه السلام): لقد كان كذلك، ومحمد (صلى الله عليه وآله) اُعطي ما هو أفضل من هذا، إن الله جل ثناؤه قال فيه: {وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ}(3) فكفى بهذا من الله رفعة، قال له اليهودي: فقد ألقى الله على موسى محبة منه؟ قال له علي (عليه السلام): لقد كان كذلك وقد أعطى الله محمداً (صلى الله عليه وآله) ما هو أفضل من هذا، لقد ألقى الله عزّوجلّ عليه محبة منه، فمن هذا الذي يشركه في هذا الاسم إذ تم من الله عزّوجلّ به الشهادة، فلا تتم الشهادة إلاّ أن يقال: أشهد أن لا إله إلاّ الله وأشهد أن محمد رسول الله، ينادي على المنار، فلا يرفع صوت بذكر الله عزّوجلّ إلاّ رفع بذكر محمد (صلى الله عليه وآله) معه(4).

____________

1- تفسير نور الثقلين 5:180، الاحتجاج 1:501 ح127، البحار 10:31.

2- تفسير نور الثقلين 5:413، الاحتجاج 1:521 ح127، البحار 3:320.

3- الشرح: 4.

4- تفسير نور الثقلين 5:603، الاحتجاج 1:499 ح127، البحار 10:29.


الصفحة 77
7972/25 ـ الطبرسي: باسناده روى عن موسى بن جعفر، عن أبيه، عن آبائه، عن الحسين بن علي (عليهم السلام) قال: إن يهودياً من يهود الشام وأحبارهم قال لأمير المؤمنين (عليه السلام): فإن هذا إبراهيم جذّ أصنام قومه غضباً لله عزّوجلّ، قال له علي (عليه السلام): لقد كان كذلك، ومحمد (صلى الله عليه وآله) قد نكس عن الكعبة ثلاثمائة وستين صنماً ونفاها من جزيرة العرب وأذلّ من عبدها بالسيف(1).

7973/26 ـ الطبرسي: باسناده روى عن موسى بن جعفر، عن أبيه، عن آبائه، عن الحسين بن علي (عليهم السلام) قال: إن يهودياً من يهود الشام وأحبارهم قال لأمير المؤمنين (عليه السلام): فإنّ إبراهيم قد أسلمه قومه إلى الحريق، فصبر فجعل الله عزّوجلّ النار عليه برداً وسلاماً، فهل فُعِلَ بمحمّد شيئاً من ذلك؟ قال له أمير المؤمنين (عليه السلام): لقد كان كذلك، ومحمد (صلى الله عليه وآله) لما نزل بخيبر، سمته الخيبرية فصير الله السم في جوفه برداً وسلاماً إلى منتهى أجله، فالسم يحرق إذا استقر في الجوف كما أنّ النار تحرق، فهذا من قدرته لا تنكره(2).

7974/27 ـ الطبرسي: روى عن موسى بن جعفر، عن أبيه، عن آبائه، عن الحسن ابن علي (عليه السلام) قال: إن يهودياً من يهود الشام وأحبارهم قال لعلي (عليه السلام) فإن هذا موسى ابن عمران قد أرسله الله إلى فرعون وأراه الآية الكبرى، قال له علي (عليه السلام): لقد كان كذلك، ومحمد (صلى الله عليه وآله) أرسله الله إلى فراعنة شتى، مثل أبي جهل بن هشام، وعتبة بن ربيعة، وشيبة، وأبي البختري، والنضر بن الحرث، وأبي خلف، ومنبه ونبيه ابني الحجاج، وإلى الخمسة المستهزئين: الوليد بن المغيرة المخزومي، والعاص بن وائل السهمي، والأسود بن عبد يغوث، والأسود بن المطلب والحارث بن الطلاطلة، فأراهم الآيات في الآفاق وفي أنفسهم حتى يتبين لهم أنه الحق(3).

____________

1- تفسير نور الثقلين 3:433، الاحتجاج 1:506 ح127، البحار 10:32.

2- تفسير نور الثقلين: 3: 438، الاحتجاج 1: 506 ح 127، البحار 10: 33.

3- تفسير نور الثقلين 4:555، الاحتجاج 1:511 ح127، البحار 10:35.


الصفحة 78
7975/28 ـ عن علي [(عليه السلام)] عن النبي (صلى الله عليه وسلم): إن الله تعالى بعثني إلى كل أحمر وأسود، ونصرت بالرعب، وأُحِل لي الغنم، وجعلت لي الأرض مسجداً وطهوراً، واُعطيت الشفاعة للمذنبين من اُمتي يوم القيامة(1).

7976/29 ـ عن علي [(عليه السلام)] : في الجنة درجة تدعى الوسيلة، فاذا سألتم الله فسلوا لي الوسيلة، قالوا: يارسول الله من يسكن معك فيها؟ قال: علي وفاطمة والحسن والحسين(2).

7977/30 ـ الشيخ الطوسي، أخبرنا ابن الصلت، قال: أخبرنا ابن عقدة، قال: أخبرنا علي بن محمد بن علي العلوي، قال: حدثني جعفر بن محمد بن عيسى، قال: حدثنا عبيدالله بن علي، قال: حدثنا علي بن موسى، عن أبيه، عن جدّه، عن آبائه، عن علي (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): كل نسب وصهر منقطع يوم القيامة إلاّ نسبي وسببي(3).

7978/31 ـ المجلسي: ما رواه ابن بابويه مرفوعاً إلى عبدالله بن المبارك، عن جعفر ابن محمد، عن أبيه، عن جده أمير المؤمنين (عليه السلام) أنه قال: إن الله خلق نور محمد (صلى الله عليه وآله) قبل المخلوقات بأربعة عشر ألف سنة، وخلق معه اثني عشر حجاباً ـ والمراد بالحجاب الأئمة(4).

7979/32 ـ المجلسي: روى محمد بن بابويه مرفوعاً إلى عبدالله بن المبارك عن سفيان الثوري، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جده أمير المؤمنين (عليه السلام) أنه قال: إن الله خلق نور محمد (صلى الله عليه وآله) قبل خلق المخلوقات كلها باربعمائة ألف سنة وأربعة

____________

1- كنز العمال 11:415 ح31948.

2- كنز العمال 12:103 ح34195.

3- أمالي الطوسي المجلس 12:340 ح694، البحار 7:238، الفصول المهمة للحر العاملي: 126.

4- البحار 25:21.


الصفحة 79
وعشرين ألف سنة، وخلق منه اثني عشر حجاباً ـ والمراد بالحجب الأئمة (عليهم السلام)(1).

7980/33 ـ عن علي بن الحسين (رضي الله عنهما)، عن أبيه، عن جده أن النبي (صلى الله عليه وسلم)قال: كنت نوراً بين ربي قبل خلق آدم (عليه السلام) بأربعة عشر ألف عام(2).

7981/34 ـ الطبرسي: قال أمير المؤمنين (عليه السلام): وأما قوله: {وَاسْأَلْ مَنْ أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رُسُلِنَا}(3) فهذا من براهين نبينا (صلى الله عليه وآله) التي آتاه الله إياها، وأوجب به الحجة على سائر خلقه، لأنه لما ختم به الأنبياء، وجعله الله رسولا إلى جميع الاُمم، وسائر الملل، خصّه بالارتقاء إلى السماء عند المعراج، وجمع له يومئذ الأنبياء، فعلم منهم ما أرسلوا به، وحملوا من عزائم الله وآبائه وبراهينه، وأقروا أجمعين بفضله وفضل الأوصياء والحجج في الأرض من بعده، وفضل شيعة وصيه من المؤمنين والمؤمنات، الذين سلموا لأهل الفضل فضلهم، ولم يستكبروا عن أمرهم، وعرف من أطاعهم وعصاهم من اُممهم وسائر من مضى ومن غبر، أو تقدم أو تأخر(4).

____________

1- البحار 25:24.

2- السيرة الحلبية 1:49.

3- الزخرف: 45.

4- الاحتجاج 1:584 ح137، البحار 18:364.


الصفحة 80

الباب الثاني:

ما جاء في معاجزه (صلى الله عليه وآله)

7982/1 ـ عن أبي محمد الحسن العسكري (عليه السلام) أنه قال: قيل لأمير المؤمنين (عليه السلام): ياأمير المؤمنين هل كان لمحمد (صلى الله عليه وآله) آية مثل آية موسى (عليه السلام) في رفعه الجبل فوق رؤوس الممتنعين عن قبول ما اُمروا به؟

فقال أمير المؤمنين (عليه السلام): إي والذي بعثه بالحق نبياً، ما من آية كانت لأحد من الأنبياء، من لدن آدم إلى أن انتهى إلى محمد (صلى الله عليه وآله)، إلاّ وقد كان لمحمد مثلها أو أفضل منها، ولقد كان لرسول الله (صلى الله عليه وآله) نظير هذه الآية إلى آيات اُخر ظهرت له.

وذلك أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) لما أظهر بمكة دعوته، وأبان عن الله تعالى مراده، رمته العرب عن قِسِي عداوتها بضروب مكائدهم، ولقد قصدته يوماً لأني كنت أول الناس إسلاماً، بُعث يوم الاثنين وصليت معه يوم الثلاثاء، وبقيت معه اُصلي سبع سنين حتى دخل نفر في الاسلام وأيد الله تعالى دينه من بعد، فجاء قوم من المشركين فقالوا له: يامحمد تزعم أنك رسول رب العالمين، ثم إنك لا ترضى بذلك

الصفحة 81
حتى تزعم أنك سيدهم وأفضلهم، فلئن كنت نبياً فأتنا بآية كما تذكره من الأنبياء قبلك: مثل نوح النبي جاء بالغرق ونجا في سفينته مع المؤمنين، وإبراهيم الذي ذكرت أن النار جعلت عليه برداً وسلاماً، وموسى الذي زعمت أن الجبل رفع فوق رؤوس أصحابه حتى انقادوا لما دعاهم اليه صاغرين، داخرين، وعيسى الذي كان ينبئهم بما يأكلون وما يدخرون في بيوتهم، وصار هؤلاء المشركون فرقاً أربعة: هذه تقول أظهر لنا آية نوح، وهذه تقول: أظهر لنا آية موسى، وهذه تقول: أظهر لنا آية إبراهيم وهذه تقول: أظهر لنا آية عيسى.

فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): إنما أنا لكم نذير وبشير مبين، أتيتكم بآية مبينة، هذا القرآن الذي تعجزون أنتم والاُمم وسائر العرب عن معارضته، وهو بلغتكم، فهو حجة بينة عليكم، وما بعد ذلك فليس الاقتراح على ربي وما على الرسول إلاّ البلاغ المبين إلى المقرّين بحجة صدقه، وآية حقّه، وليس عليه أن يقترح بعد قيام الحجة على ربه ما يقترحه عليه المقترحون، الذين لا يعلمون هل الصلاح أو الفساد فيما يقترحون.

فجاءه جبرئيل (عليه السلام) فقال: يا محمد إن العلي الأعلى يقرأ عليك السلام، ويقول لك: إني سأظهر لهم هذه الآيات وانهم يكفرون بها إلاّ من أُعصمه منهم، ولكني اُريهم ذلك زيادة في الاعذار والايضاح لحججك، فقل لهؤلاء المقترحين لآية نوح (عليه السلام) امضوا إلى جبل أبي قبيس، فاذا بلغتم سفحه فسترون آية نوح، فاذا غشيكم الهلاك فاعتصموا بهذا وبطفلين يكونان بين يديه.

وقل للفريق الثاني المقترحين لآية إبراهيم (عليه السلام) امضوا إلى حيث تريدون من ظاهر مكة، فسترون آية إبراهيم في النار، فاذا غشيكم النار فسترون في الهواء امرأة قد أرسلت طرف خمارها فتعلقوا به، لتنجيكم من الهلكة، وترد عنكم النار.

وقل للفريق الثالث المقترحين لآية موسى امضوا إلى ظل الكعبة فسترون آية

الصفحة 82
موسى وسينجيكم هناك عمي حمزة.

وقل للفريق الرابع ورئيسهم أبو جهل، وأنت ياأبا جهل فاثبت عندي ليتصل بك أخبار هؤلاء الفرق الثلاث، فإن الآية التي اقترحتها أنت تكون بحضرتي. فقال أبو جهل للفرق الثلاث: قوموا فتفرقوا ليتبين لكم باطل قول محمد (صلى الله عليه وآله).

فذهب الفريق الأول إلى جبل أبي قبيس، والثاني صحراء ملساء، والثالث إلى ظل الكعبة ورأوا ما وعدهم الله عزّوجلّ، ورجعوا إلى النبي (صلى الله عليه وآله) مؤمنين، وكلما رجع فريق منهم اليه وأخبروه بما شاهدوا ألزمه رسول الله (صلى الله عليه وآله) الايمان بالله، فاستمهل أبو جهل إلى أن يجىء الفريق الآخر.

قال: فقال أمير المؤمنين (عليه السلام) فلما جاءت الفرقة الثالثة، وأخبروا بما شاهدوا عياناً، وهم مؤمنون بالله وبرسوله، قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): لأبي جهل هذه الفرقة الثالثة قد جاءتك وأخبرتك بما شاهدت، فقال أبو جهل: لا أدري أصدق هؤلاء أم كذبوا، أم حقق لهم ذلك أم خيل اليهم، فان رأيت أنا ما اقترحته عليك من نحو آيات عيسى بن مريم فقد لزمني الايمان بك، وإلاّ فليس يلزمني تصديق هؤلاء على كثرتهم. فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): ياأبا جهل فان كان لا يلزمك تصديق هؤلاء على كثرتهم وشدة تحصيلهم، فكيف تصدق بمآثر آبائك وأجدادك ومساوي أسلاف أعدائك، وكيف تصدق على الصين والعراق والشام إذا حُدّثت عنها، وهل المخبرون عن ذلك إلاّ دون هؤلاء المخبرين لك عن هذه الآيات مع سائر من شاهدها معهم من الجمع الكثيف الذين لا يجتمعون على باطل يتخرصونه، إلاّ إذا كان بأزائهم من يكذبهم ويخبر بضد أخبارهم، ألا وكل فرقة محجوجون بما شاهدوا، وأنت ياأبا جهل محجوج بما سمعت ممن شاهده.

ثم أخبره النبي (صلى الله عليه وآله) بما اقترح عليه من آيات عيسى، من أكله لما أكل، وادخاره في بيته لما ادخر من دجاجة مشوية، وإحياء الله تعالى إياها وإنطاقها بما فعل أبو

الصفحة 83
جهل وغير ذلك، على ما جاء به في هذا الخبر، فلم يصدقه أبو جهل في ذلك كله، بل كان يكذبه وينكر جميع ما كان النبي (صلى الله عليه وآله) يخبره به من ذلك. إلى أن قال النبي (صلى الله عليه وآله) لأبي جهل: أما كفاك ما شاهدت!؟ آمن لتكون آمناً من عذاب الله، قال أبو جهل: إني لأظن أن هذا تخييل وإيهام.

فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله) فهل تفرّق بين مشاهدتك لها وسماعك لكلامها؟ ـ يعني الدجاجة المشوية التي أنطقها الله له ـ وبين مشاهدتك لنفسك ولسائر قريش والعرب وسماعك كلامهم؟ قال أبو جهل: لا.

فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): فما يدريك إذاً أن جميع ما تشاهد وتحس بحواسك تخييل، فقال أبو جهل: ما هو تخييل، قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): ولا هذا تخييل، وإلاّ فكيف تصحح أنك ترى في العالم شيئاً أوثق منه؟ تمام الخبر(1).

7983/2 ـ عن موسى بن جعفر بن محمد، عن آبائه، عن علي (عليه السلام) قال:

إنّ النبي (صلى الله عليه وآله) لما هاجر إلى المدينة أتاه أهلها في يوم الجمعة، فقالوا: يا رسول الله احتبس القطر واصفرّ العود وتهافت الورق، فرفع يده المباركة حتّى رؤي بياض اُبطيه، وما ترى في السماء سحابة، فما برح حتّى سقاهم الله، حتّى أنّ الشاب المعجب بشبابه لتهمّه نفسه في الرجوع إلى منزله فما يقدر على ذلك من شدّة السيل، فدام اُسبوعاً، فأتوه في الجمعة الثانية فقالوا: يا رسول الله تهدّمت الدور واحتبس الركب والسفر، فضحك (صلى الله عليه وآله) وقال: هذه سرعة ملالة ابن آدم! ثمّ قال: اللّهمّ حوالينا ولا علينا، اللّهمّ في اُصول الشيح ومراتع البقع، فرئي حوالي المدينة المطر يقطر قطراً، وما يقع بالمدينة قطرة لكرامته على الله عزّ وجلّ(2).

7984/3 ـ الراوندي، عن ابن بابويه، حدثنا الحسن بن حمزة العلوي، حدثنا

____________

1- الاحتجاج 1:68 ح23، تفسير الامام العسكري (عليه السلام): 429، البحار 17:247، إثبات الهداة 2:12.

2- الاحتجاج 1: 502 ح127; اثبات الهداة 2: 36.


الصفحة 84
محمّد بن داود، حدثنا عبد الله بن أحمد بن محمّد الكوفي، حدثنا أبي سعيد سهل بن صالح العبّاسي، حدثنا إبراهيم بن عبد الأعلى، حدثنا موسى بن جعفر، عن آبائه(عليهم السلام) وساق الحديث عن عليّ (عليه السلام) في أجوبته عن مقالة اليهودي، إلى أن قال:

إنّ قتادة بن ربعي الأنصاري شهد وقعة اُحد فأصابته طعنة في عينه فبدرت حدقته فأخذها بيده، ثمّ أتى بها رسول الله (صلى الله عليه وآله) فقال: إنّ امرأتي الآن تبغضني، فأخذها رسول الله (صلى الله عليه وآله) من يده ثمّ وضعها مكانها، فلم تكُ تُعرف إلاّ بفضل حسنها على العين الاُخرى، ولقد بادر عبد الله بن عتيك فاُبينت يده، فجاء إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله) ليلا ومعه اليد المقطوعة، فمسح (صلى الله عليه وآله) عليها فاستوت يده(1).

7985/4 ـ الصدوق بن بابويه، قال: حدّثنا الحسين بن أحمد بن إدريس، عن أبيه، عن جعفر بن محمّد بن مالك، عن محمّد بن الحسين بن زياد، عن زياد بن المنذر، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، قال: قال علي (عليه السلام) لرسول الله (صلى الله عليه وآله): يا رسول الله أنّك لتُحبّ عقيلا؟ فقال: إي والله إنّي لاُحبّه حُبّين: حُبّاً له وحُبّاً لحبّ أبي طالب له، وإنّ ولده مقتول في محبّة ولدك فتدمع عليه عيون المؤمنين، وتصلّي عليه الملائكة المقرّبون، ثمّ بكى رسول الله (صلى الله عليه وآله) حتّى جرت دموعه على صدره، ثمّ قال: إلى الله أشكو ما تلقى عترتي من بعدي(2).

7986/5 ـ الصدوق بن بابويه، قال: حدّثنا محمّد بن إبراهيم الفارسي، عن أحمد ابن محمّد بن رميح النشوي، عن أحمد بن جعفر العقيلي، عن أحمد بن علي البلخي، عن محمّد بن علي الخزاعي، عن عبد الله بن جعفر الأزهري، عن أبيه، عن جعفر بن محمّد، عن آبائه، عن عليّ (عليه السلام) في حديث:

إنّ رجلا قال لرسول الله (صلى الله عليه وآله): كيف لي أن أعلم أنّ الله أرسلك؟ قال: فلم يبق

____________

1- قصص الأنبياء، باب معجزات الرسول: 310; البحار 20: 113.

2- أمالي الصدوق، المجلس 27: 111; اثبات الهداة 1: 528; البحار 22: 288.


الصفحة 85
بحضرتنا ذلك اليوم حجر ولا مدر ولا جبل ولا شجر إلاّ قال مكانه أشهد أن لا إله إلاّ الله وأنّ محمّداً عبده ورسوله(1).

7987/6 ـ عن عليّ بن أبي طالب (عليه السلام) أنّه قال:

قدم على رسول الله (صلى الله عليه وآله) حَبرٌ من أحبار اليهود، فقال: يا محمّد قد أرسلوني إليك قومي وقالوا: قد عهد إلينا موسى بن عمران فقال: إذا بعث بعدي نبيّ اسمه محمّد وهو عربي، فامضوا إليه واسألوه أن يخرج اليكم من جبل سبع نوق حمر الوبر سود الحدق، فإذا أخرج اليكم فسلّموا عليه وآمنوا به، واتّبعوا النور الذي اُنزل معه، وهو سيّد الأنبياء ووصيّه سيّد الأوصياء، فهو منه بمنزلة هارون منّي، فقال: الله أكبر قم بنا يا أخا اليهود، فخرج (صلى الله عليه وآله) والمسلمون حوله إلى ظاهر المدينة، وجاء إلى جبل وبسط البردة وصلّى ركعتين وتكلّم بكلام خفي، وإذا الجبل يصرّ صريراً عظيماً فانشقّ وسمع الناس حنين النوق، فقال اليهودي: أشهد أن لا إله إلاّ الله وأشهد أنّك محمّد رسول الله، الحديث(2).

7988/7 ـ عن موسى بن جعفر، عن أبيه، عن آبائه، عن الحسين بن علي (عليهم السلام) قال: إنّ يهودياً من يهود الشام وأحبارهم قال لأمير المؤمنين (عليه السلام): فإنّ هذا صالحاً أخرج الله له ناقة جعلها لقومه عبرة، قال علي (عليه السلام):

لقد كان كذلك، ومحمّد (صلى الله عليه وآله) اُعطي ما هو أفضل من ذلك، إنّ ناقة صالح لم تكلّم صالحاً ولا تناطقه ولم تشهد له بالنبوّة، ومحمّد (صلى الله عليه وآله) بينما نحن معه في بعض غزواته إذا هو ببعير قد دَنا ثمّ رغا فأنطقه الله عزّ وجلّ، ثمّ قال: يا رسول الله إنّ فلاناً استعملني حتّى كبرت ويريد نحري فأنا أستعيذ بك منه، فأرسل رسول الله (صلى الله عليه وآله) إلى صاحبه فاستوهبه منه فوهبه له وخلاّه، ولقد كنّا معه فإذا نحن بأعرابي معه ناقة يسوقها،

____________

1- اثبات الهداة 1: 551; التوحيد: 310.

2- الروضة في الفضائل: 19; اثبات الهداة 1: 520.


الصفحة 86
وقد استسلم للقطع لما زورَ عليه من الشهود، فنطقت الناقة فقالت: يا رسول الله إنّ فلاناً مني بريء وإنّ الشهود يشهدون عليه بالزور، وإنّ سارقي فلان اليهودي(1).

7989/8 ـ عن جابر، عن أمير المؤمنين (عليه السلام) قال:

خرجتُ أنا ورسول الله (صلى الله عليه وآله) إلى صحراء المدينة، فلمّا صرنا في الحدائق بين النخل، صاحت نخلة بنخلة هذا النبي المصطفى، وهذا الوصي المرتضى، ثمّ صاحت ثالثة برابعة: هذا موسى وهذا هارون، ثمّ صاحت خامسة بسادسة، هذا خاتم النبيين وهذا خاتم الوصيين، عند ذلك تبسّم النبي (صلى الله عليه وآله) وقال: أما سمعت يا أبا الحسن؟ قلت: بلى يا رسول الله، قال: ما تسمّي هذا النخل؟ قال: الله ورسوله أعلم، قال: فسمّها الصيحاني ألا إنّها صاحوا بفضلي وفضلك(2).

7990/9 ـ عن علي بن أبي طالب صلوات الله عليه قال:

دخلت السوق فابتعت لحماً بدرهم، وذرّة بدرهم، وأتيت به فاطمة (عليها السلام)، حتّى إذا فرغت من الخبز والطبخ، قالت: لو دعوت أبي، فأتيته وهو مضطجع وهو يقول: أعوذ بالله من الجوع ضجيعاً، فقلت له: يا رسول الله إنّ عندنا طعاماً، فقام واتّكأ عليّ ومضينا نحو فاطمة (عليها السلام)، فلمّا دخلنا قال: هلمّ طعامك يا فاطمة، فقدّمت إليه البرمة والقرص، فغطّى القرص وقال: اللّهمّ بارك لنا في طعامنا، ثمّ قال: أغرفي لعائشة فغرفت، ثمّ قال: أغرفي لاُمّ سلمة فغرفت، فما زالت تغرف حتّى وجّهت إلى نسائه التسع قرصة قرصة ومرقاً، ثمّ قال: أغرفي لابنيك وبعلك، ثمّ قال: أغرفي وكُلي وأهدي لجاراتك، ففعلت وبقي عندهم أيّاماً يأكلون(3).

7991/10 ـ قال أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب (عليه السلام) في حديث:

____________

1- الاحتجاج للطبرسي 1: 503 ح127; تفسير نور الثقلين 2: 46.

2- الروضة في الفضائل: 26; اثبات الهداة 1: 523.

3- اثبات الهداة 1: 469.


الصفحة 87
فتواطأت اليهود على قتله في طريقه على جبل حراء وهم سبعون رجلا، فعمدوا إلى سيوفهم فسمّوها، ثمّ قعدوا له ذات يوم غلس في طريقه على جبل حراء، فلما صعده (صلى الله عليه وآله) صعدوا إليه وسلّوا سيوفهم وهم سبعون رجلا من أشدّ اليهود وأجلدهم وذوي النجدة منهم، فلمّا أهووا بها إليه ليضربوه بها، التقى طرفا الجبل بينهم وبينه، فانضمّا وصار ذلك حائلا بينهم وبين محمّد (صلى الله عليه وآله) وانقطع طمعهم عن الوصول إليه بسيوفهم فغمدوها، فانفرج الطرفان بعد ما كانا انضمّا، فسلّوا بعد سيوفهم وقصدوه، فلمّا همّوا بإرسالها عليه انضمّ طرفا الجبل وحيل بينهم وبينه، فيغمدوها ثمّ ينفرجان فيسلّونها إلى أن بلغ ذروة الجبل، وكان ذلك سبعاً وأربعين مرّة، فصعدوا الجبل وداروا خلفه ليقصدوه بالقتل، فطال عليهم الطريق ومدّ الله عزّوجلّ الجبل وأبطأوا عنه حتّى فرغ رسول الله (صلى الله عليه وآله) من ذكره وثناءه على ربّه واعتباره بعبره، ثمّ انحدر عن الجبل فانحدروا خلفه ولحقوه وسلّوا سيوفهم عليه ليضربوه بها، فانضمّ طرفا الجبل وحال بينهم فغمدوها، ثمّ انفرج فسلّوها، ثمّ انضمّ فغمدوها، وكان ذلك سبعاً وأربعين مرّة كلّما انفرج سلّوها فإذا انضمّ غمدوها.

فلمّا كان في آخر مرّة وقد قارب رسول الله (صلى الله عليه وآله) القرار سلّوا سيوفهم عليه فانضمّ طرفا الجبل وضغطهم الجبل ورضّضهم وما زال يضغطهم حتّى ماتوا أجمعين، ثمّ نودي: يا محمّد اُنظر خلفك إلى بغاتك السوء ماذا صنع بهم ربّهم، فنظر فإذا طرفا الجبل ممّا يليه منضمّان فلمّا نظر انفرج الطرفان وسقط اُولئك القوم وسيوفهم بأيديهم، وقد هشمت وجوههم وظهورهم وجنوبهم وأفخاذهم وسوقهم وأرجلهم وخرّوا موتى تشخب أوداجهم دماً، وخرج رسول الله (صلى الله عليه وآله) من ذلك الموضع سالماً مكفيّاً مصوناً محفوظاً تناديه الجبال وما عليها من الأحجار والأشجار: هنيئاً لك يا محمّد نصرة الله عزّ وجلّ لك على أعدائك بنا وسينصرك الله إذا ظهر أمرك على جبابرة اُمّتك وعتاتهم بعليّ بن أبي طالب، وتسديده لإظهار

الصفحة 88
دينك وإعزازه وإكرام أوليائك وقمع أعدائك، وسيجعله تاليك وثانيك ونفسك التي بين جنبيك، وسمعك الذي به تسمع، وبصرك الذي به تبصر، ويدك التي بها تبطش، ورجلك التي عليها تعتمد، وسيقضي عنك ديونك، ويفي عنك عداتك، وسيكون جمال اُمّتك، وزين أهل ملّتك، وسيسعد ربك عزّ وجلّ به محبّيه، ويهلك به شانئيه(1).

7992/11 ـ عن أمير المؤمنين (عليه السلام) قال:

لمّا غزونا خيبر ومعنا من يهود فدك جماعة فلمّا أشرفنا على القاع إذا نحن بالوادي والماء يقلع الشجر ويدهده الجبال، قال: فقدّرنا الماء فإذا هو أربع عشرة قامة، فقال بعض الناس: يا رسول الله العدوّ من ورائنا والوادي قدّامنا، فنزل النبي (صلى الله عليه وآله) فسجد ودعا ثمّ قال: سيروا على اسم الله، قال: فعبرت الخيل والابل والرجال(2).

7993/12 ـ أبي محمّد العسكري، عن آبائه، عن علي (عليه السلام) قال:

إنّ النبيّ (صلى الله عليه وآله) أتاه ثقفي كان أطبّ العرب، فقال له: إن كان بك جنون داويتك؟ فقال له محمّد (صلى الله عليه وآله): أتحبّ أن اُريك آية تعلم بها غناي عن طبّك وحاجتك إلى طبّي؟ فقال: نعم، قال: أيّ آية تريد؟ قال: تدعو ذلك العذق وأشار الى نخلة سحوق، فدعاها فانقلع اُصولها من الأرض وهي تخدّ الأرض خدّاً حتّى وقفت بين يديه، فقال له: أكفاك؟ قال: لا، قال: فتريد ماذا؟ قال: تأمرها أن ترجع إلى حيث جاءت منه ولتستقرّ في مقرّها الذي انقلعت منه، فأمرها فرجعت واستقرّت في مقرّها(3).

7994/13 ـ أحمد بن الحسين البيهقي، عن أبي عبد الله الحافظ، عن أحمد بن عبد الله

____________

1- تفسير الإمام العسكري: 160; حلية الأبرار 1: 35; البحار 17: 313.

2- البحار 17: 365; مناقب ابن شهر آشوب، في اعجازه (صلى الله عليه وآله) 1: 132.

3- البحار 17: 371; الاحتجاج 2: 500 ح134.


الصفحة 89
المزني، عن يوسف بن موسى، عن عبّاد بن يعقوب، عن يوسف بن أبي نور، عن السديّ، عن عبّاد بن عبد الله، عن عليّ (عليه السلام) قال:

كُنّا مع رسول الله (صلى الله عليه وآله) بمكة، فخرج في بعض نواحيها فما استقبله شجر ولا جبل إلاّ وقال له: السلام عليك يا رسول الله(1).

7995/14 ـ المفيد، عن الجعابي، عن الحسن بن الهادي بن حمزة أبو علي، من أصل كتابه، عن الحسن بن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن محمّد بن سليمان الاصفهاني، عن عبد الرحمن الاصفهاني، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن عليّ (عليه السلام) قال:

دعاني النبي (صلى الله عليه وآله) وأنا أرمد العين، فتفل في عيني وشدّ العمامة على رأسي وقال: اللّهمّ أذهب عنه الحرّ والبرد، فما وجدت بعدها حرّاً ولا بردا(2).

7996/15 ـ عليّ بن إبراهيم بن هاشم، عن أبي عبد الله البرقي، عن خلف بن حمّاد، عن سعد بن الأسكاف، عن الأصبغ بن نباته، عن أمير المؤمنين (عليه السلام) في حديث قال:

إنّ رسول الله (صلى الله عليه وآله) لما تفل في عيني وأنا أرمد، قال: اللّهمّ أذهب عنه الحرّ والضرّ والبرد، وبصّره صديقه من عدوّه، فلم يصبني رمد بعد ولا حرّ ولا برد، وإنّي لأعرف صديقي من عدوّي(3).

7997/16 ـ الصدوق، عن أبيه، عن حبيب بن الحسن، عن محمّد بن عبد الحميد العطار، عن محمّد بن سنان، عن المفضّل بن عمر، عن الصادق، عن آبائه، عن علي (عليه السلام)، قال:

خرجنا مع النبي (صلى الله عليه وآله) في غزاة وعطش الناس، ولم يكن في المنزل ماء، وكان في

____________

1- البحار 17: 388; دلائل النبوّة 2: 146; أعلام الورى: 48.

2- أمالي الطوسي، مجلس 3: 89 ح137; أمالي المفيد، المجلس 38: 195; البحار 18: 4; اثبات الهداة 1: 568.

3- اثبات الهداة 1: 595; بصائر الدرجات، باب انّ الإمام يعرف شيعته من عدوّه: 410.