الصفحة 104

الباب الرابع:

ما جاء في سيرته (صلى الله عليه وآله)

8032/1 ـ الصدوق، حدّثنا الحسين بن أحمد بن إدريس، قال: حدّثنا أبي عيسى، قال: أخبرني محمّد بن يحيى الخزّاز، قال: حدّثني موسى بن إسماعيل، عن أبيه، عن موسى بن جعفر، عن أبيه، عن آبائه (عليهم السلام)، عن أمير المؤمنين (عليه السلام) قال:

إنّ يهودياً كان له على رسول الله (صلى الله عليه وآله) دنانير فتقاضاه، فقال له: يا يهودي ما عندي ما اُعطيك، فقال: فإنّي لا اُفارقك يا محمّد حتّى تقضيني، فقال: إذاً أجلس معك، فجلس (صلى الله عليه وآله) معه حتّى صلّى في ذلك الموضع الظهر والعصر والمغرب والعشاء الآخرة والغداة، وكان أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وآله) يتهدّدونه ويتواعدونه، فنظر رسول الله (صلى الله عليه وآله) إليهم فقال: ما الذي تصنعون به؟ فقالوا: يا رسول الله يهودي يحبسك؟ فقال (عليه السلام): لم يبعثني ربّي عزّ وجلّ بأن أظلم معاهداً ولا غيره، فلمّا علا النهار قال اليهودي: أشهد أن لا إله إلاّ الله وأشهد أنّ محمّداً عبده ورسوله، وشطر مالي في سبيل الله، أما والله ما فعلت بك الذي فعلت إلاّ لأنظر إلى نعتك في التوراة، فإنّي

الصفحة 105
قرأت في التوراة محمّد بن عبد الله مولده بمكّة ومهاجره بطيبة، وليس بفظٍّ ولا غليظ و لا سَخاب ولا متزيّن بالفحش ولا قول الخناء، وأنا أشهد أن لا إله إلاّ الله وأنّك رسول الله، وهذا مالي فاحكم فيه بما أنزل الله، وكان اليهودي كثير المال(1).

8033/2 ـ قال الحسين بن علي (عليه السلام): سألت أبي صلوات الله عليه عن مدخل رسول الله (صلى الله عليه وآله) فقال: كان دخوله لنفسه مأذوناً له في ذلك، فإذا أوى إلى منزله جزّأ دخوله ثلاثة أجزاء: جزء لله، وجزء لأهله، وجزء لنفسه، ثمّ جزّأ جزءه بينه وبين الناس، فيرد ذلك بالخاصة على العامة ولا يدّخر عنهم منه شيئاً، وكان من سيرته في جزء الاُمّة إيثار أهل الفضل بإذنه وقسمه على قدر فضلهم في الدين، فمنهم ذو الحاجة، ومنهم ذو الحاجتين، ومنهم ذو الحوائج، فيتشاغل بهم ويشغلهم في ما أصلحهم والاُمّة من مسألته عنهم، وبإخبارهم بالذي ينبغي ويقول، ليبلّغ الشاهد منكم الغائب، وأبلغوني حاجة من لا يقدر على إبلاغ حاجته، فإنّه مَن أبلغ سلطاناً حاجةَ من لا يقدر على إبلاغها ثبّت الله قدميه يوم القيامة، لا يذكر عنده إلاّ ذلك ولا يقبل من أحد عثرة، يدخلون روّاداً ولا يفترقون إلاّ عن ذواق، ويخرجون أدلّة (فقهاء).

قال: فسألته عن مخرج رسول الله (صلى الله عليه وآله) كيف كان يصنع فيه؟ فقال: كان رسول الله (صلى الله عليه وآله) يخزن لسانه إلاّ عمّا يعنيه، ويؤلّفهم ولا ينفّرهم، ويكرم كريم كلّ قوم ويولّيه عليهم، ويحذر الناس ويحترس منهم من غير أن يطوي عن أحد بشره ولا خلقه، ويتفقّد أصحابه، ويسأل الناس عمّا في الناس، ويحسّن الحسن ويقوّيه، ويقبّح القبيح ويهوّنه، معتدل الأمر غير مختلف، لا يغفل مخافة أن يغفلوا أو يملّوا (يميلوا) و (لكلّ حال عنده عتاد) لا يقصر عن الحق ولا يجوزه، الذين يلونه من الناس

____________

1- أمالي الصدوق، مجلس 71: 376; البحار 16: 216.


الصفحة 106
خيارهم، أفضلهم عنده أعمّهم نصيحة للمسلمين، وأعظمهم عنده منزلة أحسنهم مؤاساة ومؤازرة.

فسألته عن مجلسه؟ فقال: كان (صلى الله عليه وآله) لا يجلس ولا يقوم إلاّ على ذكر، ولا يوطن الأماكن وينهى عن إيطانها، وإذا انتهى إلى قوم جلس حيث ينتهي به المجلس ويأمر بذلك، ويعطي كلّ جلسائه نصيبه، ولا يحسب من جلسائه أنّ أحداً أكرم عليه منه، من جالسه صابره حتّى يكون هو المنصرف عنه، من سأله حاجة لم يرجع إلاّ بها أو بميسور من القول، قد وسع الناس منه خلقه وصار لهم أباً وصاروا عنده في الخلق (في الحق) سواءً، مجلسه مجلس حلم وحياء وصدق وأمانة، ولا ترتفع فيه الأصوات، ولا تؤبن فيه الحرم (أي لايعاب الناس في مجلسه ولا تنتهك الحرمات فيه) ولا تنثى فلتاته، متعادلين متواصلين فيه بالتقوى، متواضعين، يوقّرون الكبير ويرحمون الصغير ويؤثرون ذا الحاجة، ويحفظون الغريب.

فقلت: كيف كانت سيرته في جلسائه؟ فقال: كان دائم البشر سهل الخلق ليّن الجانب، ليس بفظٍّ ولا غليظ ولا صخّاب ولا فحّاش ولا عيّاب ولا مدّاح، يتغافل عمّا لا يشتهي، ولا يؤيس منه ولا يخيب فيه مؤمّليه، قد ترك نفسه من ثلاث: المراء، والإكثار، وما لا يعنيه، وترك الناس من ثلاث: كان لا يذمّ أحداً ولا يعيّره، ولا يطلب عثراته ولا عورته، ولا يتكلّم إلاّ في ما رجا ثوابه، إذا تكلّم أطرق جلساؤه كأنّما على رؤوسهم الطير، فإذا سكت تكلّموا، ولا يتنازعون عنده الحديث، من تكلّم أنصتوا له حتّى يفرغ، حديثهم عنده حديث أوّلهم، يضحك مما يضحكون منه، ويتعجّب ممّا يتعجّبون منه، ويصبر للغريب على الجفوة في مسألته ومنطقه حتّى أن كان أصحابه ليستجلبونهم، ويقول: إذا رأيتم طالب الحاجة يطلبها فارفدوه، ولا يقبل الثناء إلاّ من مكافئ، ولا يقطع على أحد كلامه حتّى يجوز

الصفحة 107
فيقطعه بنهي أو قيام.

قال: فسألته عن سكوت رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال: كان سكوته على أربع: على الحلم والحذر، والتقدير والتفكّر، فأمّا التقدير ففي تسوية النظر والإستماع بين الناس، وأمّا تفكّره ففيما يبقى أو يفنى، وجمع له الحلم في الصبر، فكان لا يغضبه شيء ولا يستفزّه، وجمع له الحذر في أربع: أخذه بالحسن ليقتدى به، وتركه القبيح لينتهي عنه، واجتهاده الرأي في صلاح اُمّته، والقيام فيما جمع لهم من خير الدنيا والآخرة(1).

8034/3 ـ الطبرسي: عن أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب (عليه السلام) قال: كان رسول الله (صلى الله عليه وآله) إذا رأى ما يحبّ قال: الحمد لله الذي بنعمته تتمّ الصالحات(2).

8035/4 ـ الطبرسي، نقلا من كتاب (النبوّة): عن علي (عليه السلام) قال:

ما صافح رسول الله (صلى الله عليه وآله) أحداً قط فنزع يده من يده حتّى يكون هو الذي ينزع يده، وما فاوضه أحد قط في حاجة أو حديث فانصرف حتّى يكون الرجل هو الذي ينصرف، وما نازعه أحد الحديث فيسكت حتّى يكون هو الذي يسكت، وما رُئيَ مقدّماً رجله بين يدي جليس له قط، ولا خيّر بين أمرين إلاّ أخذ بأشدّهما، وما انتصر لنفسه من مظلمة حتّى تُنتهك محارم الله فيكون حينئذ غضبه لله تبارك وتعالى، وما أكل مُتّكئاً قط حتّى فارق الدنيا، وما سُئل شيئاً قط فقال: لا، وما ردّ سائلا حاجة قط إلاّ بها أو بميسور من القول، وكان أخفّ الناس صلاة في تمام، وكان أقصر الناس خطبة وأقلّهم هذراً، وكان يُعرف بالريح الطيّب إذا أقبل، وكان إذا أكل من القوم كان أوّل من يبدأ وآخر من يرفع يده، وكان إذا أكل أكل ممّا يليه فإذا كان الرطب والتمر جالت يده، وإذا شرب شرب ثلاث أنفاس، وكان يمصّ الماء مصّاً ولا يعبّه عَبّاً، وكان يمينه لطعامه وشرابه وأخذه وعطائه، فكان لا يأخذ

____________

1- معاني الأخبار: 81; مكارم الأخلاق، باب وصف النبي (صلى الله عليه وآله): 13; طبقات ابن سعد 1: 423.

2- مكارم الأخلاق، باب وصف النبي (صلى الله عليه وآله): 19; البحار 16: 233.


الصفحة 108
إلاّ بيمينه ولا يعطي إلاّ بيمينه، وكان شماله لما سوى ذلك من بدنه، وكان يحبّ التيمّن في كل اُموره: في لبسه وتنعّله وترجّله، وكان إذا دعا دعا ثلاثاً، وإذا تكلّم تكلّم وتراً، وإذا استأذن استأذن ثلاثاً، وكان كلامه فصلا يتبيّنه كل من سمعه، وإذا تكلّم رؤى كالنور يخرج من بين ثناياه، وإذا رأيته قلت أفلج الثنيّتين وليس بأفلج، وكان نظره اللحظ بعينه، وكان لا يكلّم أحداً بشيء يكرهه، وكان إذا مشى كأنّما ينحطّ من صبب وكان يقول: إنّ خياركم أحسنكم أخلاقاً، وكان لا يذمّ ذواقاً ولا يمدحه، ولا يتنازع أصحابه الحديث عنده، وكان المحدّث عنه يقول: لم أرَ بعيني مثله قبله ولا بعده (صلى الله عليه وآله) (1).

8036/5 ـ الطبرس: عن موسى بن جعفر بن محمّد، عن آبائه، عن علي (عليه السلام) في حديث طويل، قال:

إنّ محمّداً (صلى الله عليه وآله) أطعم في الدنيا في حياته: بينما يتضوّرون جوعاً، فأتاه جبرئيل (عليه السلام) بجام من الجنّة فيه تحفة، فهلّل الجام وهلّلت التحفة، وسبّحا وكبّرا وحمدا، فناولها أهل بيته، ففعل الجام مثل ذلك، فهمّ أن يناولها بعض أصحابه فتناولها جبرئيل فقال له: كُلها فإنّها تحفة من الجنّة أتحفك الله بها، وأنّها لا تصلح إلاّ لنبيّ أو وصيّ نبيّ، فأكل منها وأكلنا معه وإنّي لأجد حلاوتها ساعتي هذه(2).

8037/6 ـ الصدوق، باسناده عن علي بن أبي طالب (عليه السلام): كنا مع النبي (صلى الله عليه وآله) في حفر الخندق إذ جاءته فاطمة ومعها كسرة خبز، فدفعتها إلى النبي، فقال النبي (صلى الله عليه وآله): ما هذه الكسرة؟ قالت: قرصاً خبزتها للحسن والحسين وجئتك منه بهذه الكسرة، فقال النبي (صلى الله عليه وآله): أما أنه أول طعام دخل فم أبيك منذ ثلاث(3).

____________

1- مكارم الأخلاق، باب وصف النبي (صلى الله عليه وآله): 23; البحار 16: 236.

2- الاحتجاج 1: 500 ح127; اثبات الهداة 2: 36.

3- عيون أخبار الرضا (عليه السلام) 2:40، ذخائر العقبى: 47، البحار 16:225، وسائل الشيعة 17:14، صحيفة الامام الرضا (عليه السلام): 237 ح141.


الصفحة 109
8038/7 ـ الصدوق، باسناده عن علي بن أبي طالب (عليه السلام) قال: كان النبي (صلى الله عليه وآله) لا يأكل الكليتين من غير أن يحرمهما، ويقول: لقربهما من البول(1).

8039/8 ـ الصدوق، باسناده عن علي (عليه السلام) قال: قال النبي (صلى الله عليه وآله): اُمرت أن اُقاتل الناس حتى يقولوا: لا إله إلاّ الله، فاذا قالوها فقد حرم عليّ دماؤهم وأموالهم(2).

8040/9 ـ الصدوق، باسناده عن علي (عليه السلام) قال: ما شبع النبي (صلى الله عليه وآله) من خبز بُر ثلاثة أيام حتى مضى لسبيله(3).

8041/10 ـ محمد بن يعقوب، عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن أبي عبدالله، عن محمد بن علي، عن عبيد بن يحيى الثوري العطار، عن محمد بن الحسين العلوي، عن أبيه، عن جده، عن علي (عليه السلام) قال: لما أمر الله عزّ وجلّ رسوله (صلى الله عليه وآله) ئبإظهار الإسلام وظهر الوحي، رأى قلة من المسلمين وكثرة من المشركين، فاهتمّ رسول الله (صلى الله عليه وآله) همّاً شديداً، فبعث الله عزّ وجلّ إليه جبرئيل (عليه السلام) بسدر من سدرة المنتهى، فغسل به رأسه فجلا به همّه(4).

8042/11 ـ قال ابن أبي الحديد: وأما رنة الشيطان فروى أحمد بن حنبل في مسنده عن علي بن أبي طالب (عليه السلام) قال: كنت مع رسول الله (صلى الله عليه وآله) صبيحة الليلة التي اُسري به فيها وهو بالحجر يصلي، فلما قضى صلاته وقضيت صلاتي سمعت رنة شديدة، فقلت: يارسول الله ما هذه الرنة؟ قال: ألا تعلم؟ هذه رنة الشيطان، علم اني اُسري بي الليلة إلى السماء فأيس من أن يعبد في هذه الأرض(5).

____________

1- عيون أخبار الرضا (عليه السلام) 2:41، البحار 66:36، صحيفة الرضا (عليه السلام) في المستدرك: 272 ح7، وسائل الشيعة 16:363، مستدرك الوسائل 16:17 ح189.

2- عيون أخبار الرضا (عليه السلام) 2:64، البحار 68:242.

3- عيون أخبار الرضا (عليه السلام) 2:64، البحار 16:220.

4- الكافي 6:505، البحار 18:213.

5- شرح النهج لابن أبي الحديد 3:254، البحار 18:223.


الصفحة 110
8043/12 ـ قال أميرالمؤمنين (عليه السلام):لقد سمعت رنة الشيطان حين نزل لوحي عليه (صلى الله عليه وآله)، فقلت يارسول الله ما هذه الرّنة؟ فقال: هذا الشيطان قد أيس من عبادته، إنك تسمع ما أسمع، وترى ما أرى، إلاّ أنك لست بنبي، ولكنك وزير وانك لعلى خير(1).

8044/13 ـ فرات، قال: حدثني أحمد بن جعفر معنعناً، عن علي (عليه السلام) قال: لما قدم وفد نجران على النبي (صلى الله عليه وآله) قدم فيهم ثلاثة من النصارى من كبارهم: العاقب، ويحسن (قيس)، والأسقف، فجاؤوا إلى اليهود وهم في بيت المدارس، فصاحوا بهم يااُخوة القردة والخنازير، هذا الرجل بين ظهرانيكم قد غلبكم أنزلوا الينا، فنزل اليهم ابن صوريا (منصوريا) اليهودي وكعب بن الأشرف اليهودي فقالوا لهم: احضروا غداً نمتحنه، قال: وكان النبي (صلى الله عليه وآله) إذا صلى الصبح قال: ههنا من الممتحنة أحد؟ فان وجد أحداً أجابه وإن لم يجد أحداً قرأ على أصحابه ما نزل عليه في تلك الليلة، فلما صلى الصبح جلسوا بين يديه، فقال له الأسقف: ياأبا القاسم فداك أبي موسى من أبوه؟ قال: عمران، قال: فيوسف من أبوه؟ قال: يعقوب، قال: فداك أبي واُمي من أبوك؟ قال: عبدالله بن عبدالمطلب، قال: فعيسى من أبوه؟ قال: فسكت النبي (صلى الله عليه وآله) وكان رسول الله (صلى الله عليه وآله) ربما احتاج إلى شيء من المنطق فينقض عليه جبرئيل (عليه السلام) من السماء السابعة فيصل له منطقه في أسرع من طرفة العين، فذاك قول الله تعالى: {وَمَا أَمْرُنَا إِلاَّ وَاحِدَةٌ كَلَمْح بِالْبَصَرِ}(2).

قال: فجاء جبرئيل (عليه السلام) فقال: هو روح الله وكلمته، فقال له الأسقف: يكون روح بلا جسد؟ قال: فسكت النبي (صلى الله عليه وآله) قال: فأوحى اليه الله: {إِنَّ مَثَلَ عِيسى عِنْدَ اللهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرَاب ثُمَّ قَالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ}(3) قال: فنزا الأسقف نزوة

____________

1- نهج البلاغة خطبة: 192، البحار 63:264.

2- القمر: 50.

3- آل عمران: 59.


الصفحة 111
إعظاماً لعيسى (عليه السلام) أن يقال له من تراب، ثم قال: ما نجد هذا يامحمد في التوراة ولا في الانجيل ولا في الزبور، ولا نجد هذا إلاّ عندك، قال: فأوحى الله اليه: {قُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ وَأَنْفُسَنَا وَأَنْفُسَكُمْ}(1) فقالوا: أنصفتنا ياأبا القاسم فمتى موعدك؟ قال: بالغداة إن شاء الله، قال: فانصرف اليهود وهم يقولون: لا إله إلاّ الله ما نبالي أيهما أهلك الله النصرانية أو الحنيفية إذا هلكوا غداً.

قال علي بن أبي طالب (عليه السلام) فلما صلى النبي (صلى الله عليه وآله) الصبح أخذ بيدي فجعلني بين يديه، وأخذ فاطمة (عليها السلام) فجلعها خلف ظهره، وأخذ الحسن والحسين فجعلهما عن يمينه وشماله، ثم برك لهم باركاً، فلما رأوه قد فعل ذلك ندموا وتآمروا فيما بينهم وقالوا: والله إنه لنبي ولئن باهلنا ليستجيبن الله له علينا فيهلكنا ولا ينجينا شيء منه إلاّ أن نستقيله، قال: فأقبلوا يستترون في خشب كان في المسجد حتى جلسوا بين يديه ثم قالوا: ياأبا القاسم أقلنا، قال: نعم قد أقلتكم، أما والذي بعثني بالحق لو باهلتكم ما ترك الله على ظهر الأرض نصرانياً ولانصرانية إلاّ أهلكه(2).

8045/14 ـ الشيخ الطوسي، أخبرنا ابن الصلت، عن ابن عقدة، قال: حدثنا عبدالملك الفحام، قال: حدثنا هارون بن عيسى، قال: حدثنا عبدالله بن إبراهيم، عن علي بن موسى، عن أبيه، عن أبي عبدالله، عن آبائه، عن علي (عليه السلام): أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) سافر إلى بدر في شهر رمضان، وفتح مكة في شهر رمضان(3).

8046/15 ـ الشيخ الطوسي، أخبرنا جماعة، عن أبي المفضل، قال: حدثني أحمد ابن عبيدالله بن عمار الثقفي الكاتب، قال: حدثنا علي بن محمد بن سليمان النوفلي، قال: حدثنا محمد بن الحارث بن بشير الزينبي، قال: حدثني القاسم بن الفضل بن

____________

1- آل عمران: 61.

2- تفسير فرات: 87 ح66، البحار 21:347.

3- أمالي الطوسي المجلس 12:342 ح701، البحار 21:116.


الصفحة 112
عميرة العبسي، عن عباد المنقري، عن أبي عبدالله جعفر بن محمد عليهما السلام، قال: حدثني أبي، عن أبيه، عن جده، عن علي بن أبي طالب (عليه السلام) قال: مرّ رسول الله (صلى الله عليه وآله) بظبية مربوطة بطنب فسطاط، فلما رأته أطلق الله عزّوجلّ لسانها فكلمته، فقالت: يارسول الله إني اُم خشفين عطشانين، وهذا ضرعي قد امتلأ لبناً، فخلني لأنطلق وأرضعهما ثم أعود فتربطني كما كنت، فقال لها رسول الله (صلى الله عليه وآله): وكيف وأنت ربيطة قوم وصيدهم؟ قالت: بلى يارسول الله أنا أجيىء فتربطني أنت بيدك كما كنت، فأخذ عليها موثقاً من الله لتعودّن، وخلى سبيلها، فلم تلبث إلاّ يسيراً حتى رجعت، وقد أفرغت ما في ضرعها، فربطها نبي الله كما كانت، ثم سأل (صلى الله عليه وآله) لمن هذا الصيد؟ فقيل له: هذه لبني فلان، فأتاهم النبي (صلى الله عليه وآله) وكان الذي اقتضها منهم منافقاً، فرجع عن نفاقه وحسن إسلامه، فكلمه النبي (صلى الله عليه وآله) في بيعها ليشتريها منه، قال: بلى اُخلي سبيلها فداك أبي واُمي يانبي الله، فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): لو أن البهائم يعلمون من الموت ما تعلمون أنتم ما أكلتم منها سميناً(1).

8047/16 ـ الشيخ الطوسي، أخبرنا جماعة، عن أبي المفضل، قال: حدثنا الفضل ابن محمد بن المسيب البيهقي الشعراني بجرجان، قال: حدثنا هارون بن عمرو بن عبدالعزيز بن محمد أبو موسى المجاشعي، قال: حدثنا محمد بن جعفر بن محمد (عليهم السلام)، قال: حدثنا أبو عبدالله، قال المجاشعي، وحدثنا الرضا علي بن موسى (عليه السلام)، عن أبيه، عن أبي عبدالله جعفر بن محمد، عن آبائه، عن علي (عليه السلام) قال: سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول: عليكم بسنتي، فعمل قليل في سنة خير من عمل كثير في بدعة(2).

8048/17 ـ الصدوق، حدثنا تميم بن عبدالله بن تميم القرشي، قال: حدثنا أبي، عن أحمد بن علي الأنصاري، عن عبدالسلام بن صالح الهروي، قال: سمعت أبا الحسن

____________

1- أمالي الطوسي المجلس 16:453 ح1011، البحار 17:398، إثبات الهداة 1:584.

2- أمالي الطوسي المجلس 18:522 ح1153، البحار 2:261.


الصفحة 113
الرضا (عليه السلام) يقول: ولقد حدثني أبي، عن آبائه، عن علي بن أبي طالب (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): لا تلبسوا لباس أعدائي، ولا تطعموا مطاعم أعدائي، ولا تسلكوا مسالك أعدائي، فتكونوا أعدائي كما هم أعدائي(1).


بيـان:

يشمل التشبه بهم بكل وجه، ويؤيد مضمون الحديث قول الفلاسفة الاجتماعيين كابن خلدون، وبغريزة أهل الورع والتقوى التي لا يحتمل أن تخطىء المتنفرة عن كل شعار وعمل مأخوذ من الكفار، وأما ابن خلدون فقد ذكر أن التشبه بالكفار دليل الضعف والذلة والتهيؤ لقبول حكومتهم، وتنبأ لأهل الأندلس ذلك حين رآهم يتزيون بزي النصارى وتحقق نبوته، وأما أهل التقوى فيتنزهون ممن يتزيا بزي الكفار ويحترزون منهم ويتنفرون أشد من تنفرهم لمرتكبي الفواحش والكبائر وشريبي الخمور وأمثالهم، وذلك لما ألهموا من أنهم آلة ذلّة المسلمين وعلامة وهن حكومة الدين، ويقاومون أمام كل جديد يأتي من جانب الكفار، وإن حسناً من وجه لأنه علامة الشر من وجه آخر.


8049/18 ـ السيد فضل الله الراوندي: باسناده عن علي (عليه السلام) قال: كان رسول الله (صلى الله عليه وآله) إذا نظر في المرآة، قال: الحمد لله الذي أكمل خلقي وأحسن صورتي، وزان مني ما شان من غيري، وهداني إلى الاسلام ومنّ عليّ بالنبوة(2).

8050/19 ـ (الجعفريات)، باسناده عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جده علي بن الحسين، عن أبيه، عن علي بن أبي طالب (عليه السلام) قال: بينما رسول الله (صلى الله عليه وآله) يمشي وأنا معه، إذ جماعة فقال: ما هذه الجماعة؟ فقالوا: مجنون يحيف، فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): هذا المبتلى، ولكن المجنون الذي يخطو بيديه، ويتبختر في مشيه، ويحرك منكبيه في

____________

1- عيون أخبار الرضا (عليه السلام) 2:23، وسائل الشيعة 17:290.

2- نوادر الراوندي: 12، مستدرك الوسائل 1:444 ح1117، الجعفريات: 186.


الصفحة 114
موكبه، يتمنى على الله جنّته، وهو مقيم على معصيته(1).

8051/20 ـ عن علي [(عليه السلام)] قال: قيل للنبي (صلى الله عليه وسلم): هل عبدت وثناً قط؟ قال: لا، قالوا: فهل شربت خمراً قط؟ قال: لا، وما زلت أعرف أن الذي هم عليه كفر، وما كنت أدري ما الكتاب ولا الايمان(2).

8052/21 ـ عن علي [(عليه السلام)] قال: كان رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يخطبنا فيذكرنا بأيام الله حتى يعرف ذلك في وجهه، وكأنه نذير قوم يصبحكم غدوة، وكان إذا كان قريب عهد بجبرئيل لم يتبسم ضاحكاً حتى يرتفع عنه(3).

8053/22 ـ ابن سعد: أخبرنا ابن عمر، حدثني عبدالله بن محمد، عن أبيه، عن عبيدالله بن أبي رافع، عن علي [(عليه السلام)] قال: لما خرج رسول الله (صلى الله عليه وسلم) إلى المدينة في الهجرة، أمرني أن اُقيم بعده حتى اُؤدي ودائع كانت عنده للناس ـ ولذا يسمي الأمين ـ فأقمت ثلاثاً فكنت أظهر، ما تغيبت يوماً واحداً، ثم خرجت فجعلت أتبع طريق رسول الله (صلى الله عليه وسلم) حتى قدمت بني عمرو بن عوف، ورسول الله (صلى الله عليه وسلم) مقيم (يقيم فيهم)، فنزلت على كلثوم بن الهِدم، وهنالك منزل رسول الله (صلى الله عليه وسلم)(4).

8054/23 ـ عن علي (رضي الله عنه): ما شئت أن أرى جبريل متعلقاً بأستار الكعبة وهو يقول: ياواحد، ياماجد، لا تزل عني نعمة أنعمت بها عليّ، إلاّ رأيته(5).

8055/24 ـ أخرج أبو نعيم، والبيهقي كلاهما في الدلائل، عن علي بن أبي طالب(رضي الله عنه) قال: لما أمر الله نبيه (صلى الله عليه وسلم) أن يعرض نفسه على قبائل العرب، خرج إلى منى، وأنا معه وأبو بكر، وكان أبو بكر رجلا نسابة، فوقف على منازلهم ومضاربهم

____________

1- الجعفريات: 172، مستدرك الوسائل 8:238 ح9344.

2- كنز العمال 12:406 ح35439، السيرة الحلبية 1:138.

3- كنز العمال 12:420 ح35469.

4- طبقات ابن سعد 3:22، تاريخ ابن عساكر ترجمة الامام علي (عليه السلام) 1:155.

5- الجامع الصغير للسيوطي 2:497 ح7921.


الصفحة 115
بمنى، فسلم عليهم وردوا السلام، وكان في القوم مفروق بن عمرو وهانئ بن قبيصة والمثنى بن حارثة والنعمان بن شريك، وكان أقرب القوم إلى أبي بكر مفروق، وكان مفروق قد غلب عليهم بياناً ولساناً، فالتفت إلى رسول الله (صلى الله عليه وسلم)فقال له: تدعو ياأخا قريش؟ فتقدم رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فجلس وقام أبو بكر يظله بثوبه، فقال النبي (صلى الله عليه وسلم): أدعوك إلى شهادة أن لا إله إلاّ الله وحده لا شريك له، وإني رسول الله، وأن تؤوني وتنصروني وتمنعوني حتى أؤدي حق الله الذي أمرني به، فان قريشاً قد تظاهرت على أمر الله وكذبت رسوله واستغنت بالباطل عن الحق والله هو الغني الحميد.

قال له: والام تدعو أيضاً ياأخا قريش؟ فتلا رسول الله (صلى الله عليه وسلم) {قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُم أَلاَّ تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً إلى قوله: تَعْقِلُونَ}(1) فقال له مفروق: والام تدعو أيضاً ياأخا قريش؟ فوالله ما هذا من كلام أهل الأرض ولو كان من كلامهم لعرفناه، فتلا رسول الله (صلى الله عليه وسلم) {إِنَّ اللهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالاِْحْسَانِ}(2) الآية، فقال له مفروق دعوت والله ياقرشي إلى مكارم الأخلاق ومحاسن الأعمال، ولقد أفِكَ قوم كذبوك وظاهروا عليك.

وقال هانئ بن قبيصة: قد سمعت مقالتك واستحسنت قولك ياأخا قريش ويعجبني ما تكلمت به، ثم قال لهم رسول الله (صلى الله عليه وسلم): إن لم تلبثوا إلاّ يسيراً حتى يمنحكم الله بلادهم وأموالهم ـ يعني أرض فارس وأنهار كسرى، ويفرشكم بناتهم، أتسبحون الله وتقدسونه، فقال له النعمان بن شريك: اللهم وإن ذلك لك ياأخا قريش؟ فتلا رسول الله (صلى الله عليه وسلم) {إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِداً وَمُبَشِّراً وَنَذِيراً * وَدَاعِياً إِلَى اللهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجاً مُنِيراً}(3) الآية، ثم نهض رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قابضاً على يد أبي بكر(4).

____________

1- الأنعام: 151.

2- النحل: 90.

3- الأحزاب: 45 ـ 46.

4- تفسير السيوطي 3:54.


الصفحة 116
8056/25 ـ ابن شهر آشوب: عن عمر بن علي، عن أبيه أمير المؤمنين (عليه السلام) قال: دعانا رسول الله (صلى الله عليه وآله) أنا وفاطمة والحسن والحسين ثم نادى بالصحفة فيها طعام كهيئة السكنجبين وكهيئة الزبيب الطائفي الكبار فأكلنا منه، فوقف سائل على الباب فقال له رسول الله (صلى الله عليه وآله): أخسأ، ثم قال: ارفع ما فضل، فقالت فاطمة (عليها السلام): يارسول الله لقد رأيتك اليوم صنعت شيئاً ما كنت تفعله؟ سأل سائل فقلت اخسأ ورفعت فضل الطعام، ولم أرك رفعت طعاماً قط! فقال (صلى الله عليه وآله): إن الطعام كان من طعام الجنة وإن السائل كان شيطاناً(1).

8057/26 ـ الراوندي: عن أمير المؤمنين (عليه السلام) قال: كان النبي (صلى الله عليه وآله) إذا سئل شيئاً فأراد أن يفعله قال: نعم، وإذا أراد أن لا يفعل سكت، وكان لا يقول لشيء لا، فأتاه أعرابي فسأله فسكت، ثم سأله فسكت، ثم سأله فسكت فقال (صلى الله عليه وآله): كهيئة المسترسل: ما شئت ياأعرابي؟ فقلنا ألان يسأل الجنة، فقال الأعرابي: أسألك راحلة ورحلها وزاداً، قال: لك ذلك، ثم قال (صلى الله عليه وآله): كم بين مسألة الأعرابي وعجوز بني اسرائيل، ثم قال: إن موسى لما أمر أن يقطع البحر، الحديث(2).

8058/27 ـ محمد بن الحسن الصفار، حدثنا محمد بن الحسين، عن موسى بن سعدان، عن عبدالله بن القاسم، عن صباح المزني، عن الحارث بن حصيرة، عن حبة بن حريز العرني، قال: سمعت علياً (عليه السلام) يقول: إن يوشع بن نون كان وصي موسى بن عمران، وكانت ألواح مو سى من زمرّد أخضر، فلما غضب موسى ألقى الألواح من يده، فمنها ما تكسّر ومنها ما بقي، ومنها ما ارتفع، فلما ذهب عن موسى الغضب قال يوشع بن نون: أعندك تبيان ما في الألواح؟ قال: نعم، فلم يزل يتوارثها

____________

1- مناقب ابن شهر آشوب باب أحواله مع إبليس وجنوده 2:251، البحار 37:102.

2- الدعوات: 40 ح100، البحار 22:294.


الصفحة 117
رهط من بعد رهط حتى وقعت في أيدي أربعة رهط من اليمن، وبعث الله محمداً (صلى الله عليه وآله) بتهامة وبلغهم الخبر، فقالوا: ما يقول هذا النبي (صلى الله عليه وآله)؟ قيل ينهى عن الخمر والزنا ويأمر بمحاسن الأخلاق وكرم الجوار، فقالوا: هذا أولى بما في أيدينا منا، فاتفقوا أن يأتوه في شهر كذا وكذا، فأوحى الله إلى جبرئيل إئت النبي (صلى الله عليه وآله) فأخبره، فأتاه فقال: إن فلاناً وفلاناً وفلاناً ورثوا ألواح موسى وهم يأتوك في شهر كذا وكذا في ليلة كذا وكذا، فسهر لهم تلك الليلة، فجاء الركب فدّقوا عليه الباب وهم يقولون يامحمد، قال: نعم يافلان بن فلان ويافلان بن فلان ويافلان بن فلان، ويافلان بن فلان أين الكتاب الذي توارثتموه من يوشع بن نون وصي موسى بن عمران؟ قالوا: نشهد أن لا إله إلاّ الله وحده لا شريك له وأنك محمد رسول الله، والله ما علم أحد قط منذ وقع عندنا قبلك، قال: فأخذه النبي (صلى الله عليه وآله) فاذا هو كتاب بالعبرانية دقيق فدفعه إليّ ووضعته عند رأسي، فأصبحت بالكتاب وهو كتاب بالعربية فيه علم ما خلق الله منذ قامت السماوات والأرض إلى أن تقوم الساعة فعلمت ذلك(1).

8059/28 ـ بريد بن أصرم، قال لنا عفان، ثنا جعفر بن سليمان، عن عتيبة، عن بريد بن أصرم: سمع علياً [(عليه السلام)] يقول: مات رجل من أهل الصفة، وترك ديناراً أو درهماً، فقال رسول الله (صلى الله عليه وسلم): صلوا على صاحبكم(2).

8060/29 ـ ابن شهر آشوب: عن أمير المؤمنين (عليه السلام): ولقد كنا معه ـ يعني النبي (صلى الله عليه وآله) فاذا نحن بأعرابي قد أتى بأعرابي وقال: إنه سرق ناقتي وهو يسوقها وقد استسلم للقطع لما زور عليه الشهود، فقالت الناقة: يارسول الله إن فلاناً مني بريء وإن الشهود شهدوا بالزور وإن سارقي فلان اليهودي(3).

____________

1- بصائر الدرجات باب كيفية وصول الألواح إلى محمد (صلى الله عليه وآله): 161، البحار 17:138، تفسير البرهان 2:37، تفسير نور الثقلين 2:75.

2- التاريخ الكبير 2:140.

3- مناقب ابن شهر آشوب باب كلام الحيوانات 1:97، البحار 10:31، الاحتجاج 1:503 ح127.


الصفحة 118
8061/30 ـ عن علي (رضي الله عنه): سئل كيف كان حبكم لرسول الله (صلى الله عليه وآله)؟ قال: كان والله أحب الينا من أموالنا، وآبائنا، واُمهاتنا، وأبنائنا، ومن برد الشراب على الظمأ(1).

8062/31 ـ عن علي (رضي الله عنه): إن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) رفع طرفه إلى السماء، فقال: تبارك خالقها، ورافعها، وممهدها، وطاويها طي السجل، ثم رمى ببصره إلى الأرض، فقال: تبارك خالقها، وواضعها وممهدها وطاحيها(2).

8063/32 ـ عن علي (رضي الله عنه): فما اعتدل به المنبر إلاّ قال أمام خطبته: أيها الناس اتقوا الله، فما خلق امرؤ عبثاً فيلهو، ولا ترك سدىً فيلغو، وما دنياه التي تحسنت له ابخلف من الآخرة التي قبحها سوء النظر عنده، وما المغرور الذي ظفر من الدنيا بأعلى همته، كالآخر الذي ظفر من الآخرة بأدنى سهمته(3).

8064/33 ـ عن الطبرسي: باسناده عن موسى بن جعفر، عن أبيه، عن آبائه، عن الحسين بن علي (عليهم السلام) قال: إن يهودياً من يهود الشام وأحبارهم، قال لعلي (عليه السلام) فإن آدم (عليه السلام) تاب الله عليه من خطيئته؟ قال له علي (عليه السلام): لقد كان كذلك، ومحمد (صلى الله عليه وآله) نزل فيه ما هو أكبر من هذا من غير ذنب أتى، قال الله عزّوجلّ: {لِيَغْفِرَ لَكَ اللهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ}(4) إن محمداً غير مواف يوم القيامة بوزر ولا مطلوب فيها بذنب، ولقد كان (صلى الله عليه وآله) يبكي حتى يغشى عليه، فقيل له: يارسول الله أليس الله قد غفر لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر؟ قال: بلى أفلا أكون عبداً شكوراً(5).

8065/34 ـ أبو داود، قال: حدثنا ابن فضالة، عن الحسن، قال: أخبرني الأحنف ابن قيس، قال: قال علي: إن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) لما صالح قريشاً، كتب هذا ما صالح عليه

____________

1- ربيع الأبرار 1:219.

2- ربيع الأبرار 1:99.

3- ربيع الأبرار 1:97.

4- الفتح: 2.

5- تفسير نور الثقلين 5:55، الاحتجاج 1:499 ح127، البحار 10:29.


الصفحة 119
محمد رسول الله، فقالوا: لو علمنا أنك رسول الله ما قاتلناك، فمحاه وكتب محمد بن عبدالله(1).

8066/35 ـ الحاكم النيسابوري، أخبرني أبو عبدالله أحمد بن قانع قاضي الحرمين ببغداد، ثنا أبو شعيب عبدالله بن الحسن الحراني، ثنا عبدالعزيز بن يحيى الخولاني، ثنا محمد بن سلمة الحراني، عن محمد بن إسحاق، عن أبان بن صالح، عن منصور ابن المعتمر، عن ربعي بن حراش، عن علي بن أبي طالب (رضي الله عنه) قال: خرج عبدان إلى رسول الله (صلى الله عليه وسلم)يوم الحديبية قبل الصلح، فكتب اليه مواليهم قالوا: يامحمد والله ما خرجوا اليك رغبة في دينك وإنما خرجوا هرباً من الرق، فقال ناس صدقوا يارسول الله ردهم اليهم، فغضب رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فقال: ما أراكم تنتهون يامعشر قريش حتى يبعث الله عليكم من يضرب رقابكم على هذا وأبى أن يردهم، فقال: هم عتقاء الله(2).

____________

1- مسند أبي داود: 26.

2- مستدرك الحاكم النيسابوري 2:125، سنن البيهقي 9:229.