الصفحة 156
فرغت من غسله(1).

8119/11 ـ عن عبد الله بن الحارث بن نوفل: أنّ عليّاً [(عليه السلام)] غسّل النبي (صلى الله عليه وآله) وعلى النبي قميص، وبيد علي خرقة يتّبع بها تحت القميص(2).

8120/12 ـ السيد علي بن طاووس وإبراهيم بن محمّد بإسنادهما إلى كتاب (الوصية) لعيسى الضرير، عن موسى بن جعفر (عليه السلام) قال: قال لي أبي، قال علي صلوات الله عليه:

لما قرأت صحيفة وصية رسول الله (صلى الله عليه وآله) فإذا فيها: يا علي غسّلني ولا يغسّلني غيرك، قال: فقلت لرسول الله (صلى الله عليه وآله): بأبي أنت واُمّي أنا أقوى على غسلك وحدي؟ قال: بذا أمرني جبرئيل، وبذلك أمره الله تبارك وتعالى، قال: فقلت له: فإن لم أقوِ على غسلك وحدي فأستعين بغيري يكون معي؟ فقال جبرئيل: يا محمّد قُل لعليّ (عليه السلام) إنّ ربّك يأمرك أن تغسّل ابن عمك، فإنّها السنّة لا يغسّل الأنبياء غير الأوصياء إنّما يغسّل كلّ نبيّ وصيّه من بعده، وهي من حجج الله لمحمد (صلى الله عليه وآله) على اُمّته فيما اجتمعوا عليه من قطيعة ما أمرهم به.

واعلم يا علي إنّ لك على غسلي أعواناً نعم الأعوان والاخوان، قال علي (عليه السلام): فقلت: يا رسول الله مَن هم بأبي أنت واُمّي؟ فقال: جبرئيل وميكائيل وإسرافيل، وملك الموت وإسماعيل صاحب سماء الدنيا أعوان لك، قال علي (عليه السلام): فخررت لله ساجداً وقلت: الحمد لله الذي جعل لي اخواناً وأعواناً هم اُمناء الله، ثمّ قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): أمسك هذه الصحيفة التي كتبها القوم وشرطوا فيها الشروط على قطيعتك وذهاب حقّك، وما قد أزمعوا عليه من الظلم، ويكون عندك لتُوافيني بها غداً وتحاجّهم بها.

____________

1- كنز العمال 7: 250 ح18784.

2- كنز العمال 7: 252 ح18787.


الصفحة 157
فقال علي (عليه السلام): غسّلت رسول الله أنا وحدي وهو في قميصه، فذهبت أنزع عنه القميص، فقال جبرئيل: يا علي لا تجرّد أخاك من قميصه فإنّ الله لم يجرّده، وتأيّد في الغسل فأنا اُشاركك في ابن عمك بأمر الله، فغسّلته بالروح والريحان والرحمة، والملائكة الكرام الأبرار الأخيار تشير لي وتمسك، واُكلّم ساعة بعد ساعة ولا اُقلّب منه عضواً إلاّ قُلّب لي، فلمّا فرغت من غسله وكفنِهِ وضعته على سريره وخرجت كما اُمرت، فاجتمع له من الملائكة ما سدّ الخافقين، فصلّى عليه ربّه والملائكة الكرام المقرّبون وحملة عرشه الكريم، وما سبّح لله ربّ العالمين، وأنفذت جميع ما اُمرت، ثمّ واريته في قبره فسمعت صارخاً يصرخ من خلفي: يا آل تيم ويا آل عدي يا آل اُمية وخلافتهم أئمّةً يدعون إلى النار ويوم القيامة لا ينصرون، اصبروا آل محمّد تؤجروا ولا تجزعوا فتؤزروا {مَنْ كَانَ يُرِيدُ حَرَثَ الاْخِرَةِ نَزِدْ لَهُ فِي حَرثِهِ وَمَنْ كَانَ يُرِيدُ حَرَثَ الدُّنْيَا نُؤْتِهِ مِنْهَا وَمَا لَهُ فِي الاْخِرَةِ مِنْ نَصِيب}(1)(2).

8121/13 ـ الحاكم النيسابوري، أخبرنا أبو عبد الله محمّد بن يعقوب، ثنا يحيى بن محمّد، ثنا مسدد، ثنا عبد الواحد بن زياد، ثنا معمّر، عن الزهري، عن سعيد بن المسيّب، قال: قال علي:

غسّلت رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فذهبت أنظر ما يكون من الميّت، فلم أر شيئاً، وكان طيباً (صلى الله عليه وسلم) حيّاً وميّتاً(3).

8122/14 ـ عن علي [(عليه السلام)] قال: كُفّن رسول الله (صلى الله عليه وآله) في ثلاثة أثواب من كُرسُف سحوليّة، ليس فيها قميص ولا عمامة(4).

____________

1- الشورى: 20.

2- الطرف: ط29، 33; البحار 22: 546; مصباح الأنوار: 273.

3- مستدرك الحاكم 1: 362; سنن البيهقي 3: 388; سيرة الحلبية 3: 476.

4- كنز العمال 7: 254 ح18793.


الصفحة 158
8123/15 ـ عن علي (عليه السلام): أنّه كُفِّنَ رسول الله (صلى الله عليه وآله) في ثلاثة أثواب: ثوبين صُحاريين له وثوب يُمنَه (يُمنيّة) وإزار وعمامة(1).

8124/16 ـ الشيخ المفيد، عن عليّ بن محمّد القرشي، عن عليّ بن الحسن بن فضّال، عن الحسين بن نصر، عن أبيه، عن أحمد بن عبد الله بن عبد الملك، عن عبد الرحمن المسعودي، عن عمر بن حريث الأنصاري، عن الحسين بن سلمة البناني، عن أبي خالد الكابلي، عن أبي جعفر محمّد بن علي الباقر عليهما السلام، قال: لمّا فرغ أمير المؤمنين (عليه السلام) من تغسيل النبي (صلى الله عليه وآله) وتكفينه وتحنيطه، أذن للناس وقال: ليدخل منكم عشرة عشرة ليصلّوا عليه، فدخلوا، وقام أمير المؤمنين (عليه السلام) بينه وبينهم، وقال: {إِنَّ اللهَ وَمَلاَئِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً}(2) وكان الناس يقولون كما يقول(3).

8125/17 ـ المفيد: سئل الباقر (عليه السلام) كيف كانت الصلاة على النبي (صلى الله عليه وآله)؟ فقال: لمّا غسّله أمير المؤمنين (عليه السلام) وكفّنه، سجّاه وأدخل عليه عشرة فداروا حوله، ثمّ وقف أمير المؤمنين (عليه السلام) في وسطهم فقال: {إِنَّ اللهَ وَمَلاَئِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً}(4) فيقول القوم مثل ما يقول، حتّى صلّى عليه أهل المدينة وأهل العوالي(5).

8126/18 ـ عن عبد الله بن محمّد بن عبد الله بن عمر بن عليّ بن أبي طالب، عن أبيه، عن جدّه، عن عليّ [(عليه السلام)] قال لمّا وضع رسول الله (صلى الله عليه وسلم) على السرير، قال: لا يقوم عليه أحد هو إمامكم حيّاً وميّتاً، فكان يدخل الناس رسلا رسلا فيصلّون عليه

____________

1- دعائم الإسلام 1: 231; مستدرك الوسائل 2: 206 ح1805; البحار 81: 333.

2- الأحزاب: 56.

3- أمالي المفيد، المجلس 4: 27; مستدرك الوسائل 2: 261 ح1915; البحار 81: 385.

4- الأحزاب: 56.

5- مستدرك الوسائل 2: 263; مناقب ابن شهر آشوب 1: 239.


الصفحة 159
صفّاً صفّاً ليس لهم إمام ويكبّرون، وعلي قائم بحيال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يقول: السلام عليك أيُّها النبيّ ورحمة الله وبركاته، اللّهمّ إنّا نشهد أن قد بلّغ ما نزّل إليه، ونصح لاُمّته وجاهد في سبيل الله حتّى أعزّ الله دينه وتمّت كلمته، اللّهمّ فاجعلنا ممّن يتّبع ما أنزل إليه، وثبّتنا بعده، واجمع بيننا وبينه، فيقول الناس آمين حتّى، صلّى عليه الرجال ثمّ النساء ثمّ الصبيان(1).

8127/19 ـ محمّد بن يعقوب، عن محمّد بن يحيى، عن سلمة بن الخطاب، عن عليّ ابن سيف، عن عمرو بن شمر، عن جابر، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: لما قبض النبي (صلى الله عليه وآله) صلّت عليه الملائكة والمهاجرون والأنصار فوجاً فوجاً، قال: وقال أمير المؤمنين (عليه السلام): سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول في صحّته و سلامته: إنّما اُنزلت هذه الآية في الصلاة عليّ بعد قبض الله لي: {إِنَّ اللهَ وَمَلاَئِكَتِهِ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً}(2)(3).

____________

1- كنز العمال 7: 254 ح18794; طبقات ابن سعد 2: 291.

2- الأحزاب: 56.

3- الكافي 1: 451.


الصفحة 160

الباب العاشر:

في مدفنه (صلى الله عليه وآله) وموضع قبره

8128/1 ـ عن عبد الله بن أبي بكر بن محمّد بن عمرو بن حزم، إنّ المغيرة بن شعبة ألقى في قبر النبي (صلى الله عليه وسلم) بعد أن خرجوا خاتمه لينزل فيه، فقال عليّ بن أبي طالب:

إنّما ألقيت خاتمك لكي تنزل فيه فيُقال نزل قبر النبي (صلى الله عليه وسلم)، والذي نفسي بيده لا تنزل فيه أبداً ومنعه(1).

8129/2 ـ عن عبد الله بن محمّد بن علي، عن أبيه، قال: قال عليّ بن أبي طالب [(عليه السلام)] :

لا يتحدّث الناس إنّك نزلت فيه، ولا يتحدّث الناس أنّ خاتمك في قبر النبي(صلى الله عليه وسلم)، ونزل علي و قد رأى موقعه، فتناوله فدفعه إليه(2).

8130/3 ـ قال ابن إسحاق: فحدّثني أبي إسحاق بن يسار، عن مقسم أبي القاسم

____________

1- كنز العمال 7: 258 ح1881; طبقات ابن سعد 2: 303.

2- كنز العمال 7: 258 ح18812.


الصفحة 161
مولى عبد الله بن الحرث بن نوفل، عن مولاه عبد الله بن الحرث، قال: اعتمرت مع عليّ بن أبي طالب رضوان الله عليه في زمان عمر أو زمان عثمان، فنزل على اُخته اُمّ هاني بنت أبي طالب، فلمّا فرغ من عمرته رجع، فسكبت له غسل، فاغتسل، فلمّا فرغ من غسله دخل عليه نفر من أهل العراق، فقالوا: يا أبا الحسن جئناك نسألك عن أمر نحبّ أن تخبرنا عنه؟ قال: أظنّ المغيرة بن شعبة يحدّثكم أنّه كان أحدث الناس عهداً برسول الله (صلى الله عليه وآله) قالوا: أجل، عن ذلك جئنا نسألك، قال: كذب، أحدث الناس عهداً برسول الله (صلى الله عليه وسلم) قثم بن عباس(1).

8131/4 ـ محمّد بن يعقوب، عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد، عن الحلبي، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: أتى العباس أمير المؤمنين (عليه السلام) فقال: يا علي انّ الناس قد اجتمعوا أن يدفنوا رسول الله (صلى الله عليه وآله) في بقيع المصلّى وأن يؤمّهم رجل منهم، فخرج أمير المؤمنين (عليه السلام) إلى الناس فقال: يا أيها الناس إنّ رسول الله (صلى الله عليه وآله) إمامٌ حيّاً وميّتاً، وقال: اني اُدفن في البقعة التي اُقبض فيها، ثمّ قام على الباب فصلّى عليه ثمّ أمر الناس عشرة عشرة يصلّون عليه ثمّ يخرجون(2).

8132/5 ـ محمد بن الحسن: لمّا قبض (صلى الله عليه وآله) اختلف أهل بيته ومَن حضر من أصحابه في الموضع الذي ينبغي أن يُدفن فيه، فقال بعضهم: يُدفن بالبقيع، وقال آخرون: يُدفن في صحن المسجد، فقال أمير المؤمنين (عليه السلام): إنّ الله لم يقبض نبيّه إلاّ في أطهر البقاع، فينبغي أن يُدفن في البقعة التي قُبض فيها، فاتّفقت الجماعة على قوله ودُفن في حجرته(3).

____________

1- سيرة ابن هشام 4: 315; السيرة الحلبية 3: 495.

2- الكافي 1: 451; دعائم الإسلام 1: 234; مستدرك الوسائل 2: 260 ح1912; البحار 22: 525.

3- تهذيب الأحكام 6: 2; كشف الغمة، في ذكر نسب النبي ومدّة حياته 1: 19; روضة الواعظين، في ذكر وفاته (صلى الله عليه وآله): 71; البحار 22: 525.


الصفحة 162
8133/6 ـ عبد الله بن جعفر، عن السندي بن محمّد، عن أبي البُختري، عن جعفر، عن أبيه، عن علي (عليه السلام):

إنّ قبر رسول الله (صلى الله عليه وآله) رفع من الأرض قدر شبر وأربع أصابع، ورشّ عليه الماء، قال: والسنة أن يُرَش على القبر الماء(1).

8134/7 ـ قال ابن السمعاني في الذيل، أنا أبو بكر هبة الله بن الفرج، أنا أبو القاسم يوسف بن محمّد بن يوسف الخطيب، أنا أبو القاسم عبد الرحمن بن عمرو ابن تميم المؤدّب، ثنا عليّ بن إبراهيم بن علان، أنا عليّ بن محمّد بن علي، ثنا أحمد بن الهيثم الطائي، حدّثنا أبي، عن أبيه، عن سلمة بن كهيل، عن أبي صادق، عن عليّ بن أبي طالب [(عليه السلام)] قال:

قدم علينا أعرابي بعد ما دفنّا رسول الله (صلى الله عليه وسلم) بثلاثة أيام، فرمى بنفسه على قبر النبي (صلى الله عليه وسلم) وحثا من ترابه على رأسه وقال: يا رسول الله قلت فسمعنا قولك، ووعيتَ عن الله فوعينا عنك، وكان فيما أنزل الله عليك: {وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جَاءُوكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللهَ تَوَّاباً رَحِيماً}(2) وقد ظلمت نفسي وجئتك تستغفر لي، فنودي من القبر: أنّه قد غُفِرَ لك(3).

____________

1- قرب الاسناد: 155 ح568; وسائل الشيعة 2: 858; البحار 22: 506.

2- النساء: 64.

3- كنز العمال 2: 385 ح4322.


الصفحة 163


مبحث
أحوال أمير المؤمنين (عليه السلام)





الصفحة 164

الصفحة 165

الباب الأول:

ما جاء في فضله (عليه السلام)

8135/1 ـ ابن ابي الحديد: قال له بعض أصحابه لقد أعطيت يا أمير المؤمنين علم الغيب، فضحك (عليه السلام) وقال للرجل ـ وكان كلبياً ـ: يا أخا كلب ليس هو بعلم غيب وإنّما هو تعلّم من أيّ علم، وإنّما علم الغيب علم الساعة وما عدّده الله سبحانه بقوله: {إِنَّ اللهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الاَْرْحَامِ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَداً وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْض تَمُوتُ}(1) فيعلم الله ما في الأرحام من ذكر واُنثى، وقبيح أو جميل، وسخيّ أو بخيل، وشقيّ أو سعيد، ومن يكون في النار حطباً، أو في الجنان للنبيين مرافقاً، فهذا علم الغيب الذي لا يعلمه إلاّ الله، وما سوى ذلك فعلمٌ علّمه الله نبيّه (صلى الله عليه وآله) فعلّمنيه ودعالي بأن يعيه صدري وتضطمّ عليه جوانحي(2).

____________

1- لقمان: 34.

2- شرح النهج لابن أبي الحديد 2: 361; مناقب ابن شهر آشوب، باب إخباره (عليه السلام) بالفتن والملاحم 2: 278; البحار 41: 335.


الصفحة 166
8136/2 ـ عن عمرو بن شمر، عن جابر، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: قال أمير المؤمنين (عليه السلام) يوم الشورى:

نشدتكم بالله هل فيكم أحد أعطاه رسول الله (صلى الله عليه وآله) حنوطاً من حنوط الجنّة، ثمّ قال: أقسمه ثلاثاً: ثلثاً لي تحنّطني به، وثلثاً لابنتي، وثلثاً لك، الخبر(1).

8137/3 ـ من كتاب إسماعيل بن أحمد البستي (من علماء المخالفين) قال: من أسمائه ـ يعني عليّاً ـ (عليه السلام): ما سمّاه جبرئيل بها... على ما رواه ابن مخلد، عن عليّ (عليه السلام) قال:

دخلت على رسول الله (صلى الله عليه وآله) فوجدته نائماً ورأسه في حجر دحية الكلبي، فسلّمت عليه، فقال دحية: وعليكم السلام يا أمير المؤمنين ويا فارس المسلمين، ويا قائد الغرّ المحجّلين وقاتل الناكثين والقاسطين والمارقين، وقال: إمام المتّقين، ثمّ قال لي: تعال خُذ رأس نبيّك في حجرك فأنت أحقّ بذلك، فلمّا دنوت من رسول الله (صلى الله عليه وآله) ووضعت رأسه في حجري لم أر دحية، ففتح رسول الله عينيه وقال: يا علي من كنت تُكلّم؟ قلت: دحية وقصصت عليه القصة، فقال لي: لم يكن دحية وإنّما هو جبرئيل أتاك ليعرّفك أنّ الله سمّاك بهذه الأسماء(2).

8138/4 ـ الصدوق، حدّثنا أبو محمّد عمّار بن الحسين (رضي الله عنه) قال: حدّثنا عليّ بن محمّد بن عصمة، قال: حدّثنا أحمد بن محمّد الطبري بمكة، قال: حدّثنا محمّد بن الفضل، عن محمّد بن عبد الملك بن أبي الشوارب القرشي، عن ابن سليمان، عن حميد الطويل، عن أنس بن مالك، قال: كنت عند علي بن أبي طالب في الشهر الذي اُصيب فيه ـ وهو شهر رمضان ـ فدعا إبنه الحسن (عليه السلام) ثمّ قال له: يا أبا محمّد إعلُ

____________

1- مستدرك الوسائل 2: 209 ح1814; الاحتجاج 1: 334 ح55.

2- مناقب ابن شهر آشوب، باب أنّه أمير المؤمنين 3: 54; البحار 37: 322; كشف اليقين، باب في مخاطبته بأمير المؤمنين: 271.


الصفحة 167
المنبر، فاحمد الله كثيراً وأثني عليه، واذكر جدّك رسول الله (صلى الله عليه وآله) بأحسن الذكر، وقل: لعن الله ولداً عقّ أبويه، لعن الله ولداً عقّ أبويه، لعن الله ولداً عقّ أبويه، لعن الله عبداً أبق من مواليه، لعن الله غنماً ضلّت عن الراعي، وانزل، فلمّا فرغ من خطبته ونزل اجتمع الناس إليه فقالوا: يا ابن أمير المؤمنين وابن بنت رسول الله نبّئنا الجواب، فقال: الجواب على أمير المؤمنين (عليه السلام)، فقال أمير المؤمنين (عليه السلام): إنّي كنت مع النبي (صلى الله عليه وآله) في صلاة صلاّها فضرب بيده الُيمنى إلى يدي الُيمنى فاجتذبها فضمّها إلى صدره ضماً شديداً، ثمّ قال لي: يا علي، قلت: لبّيك يا رسول الله، قال: أنا وأنت أبوا هذه الاُمّة فلعن الله من عقّنا، قل: آمين، قلت: آمين، ثمّ قال: أنا وأنت مَولَيا هذه الاُمّة فلعن الله من أبق عنّا، قل: آمين، قلت: آمين، ثمّ قال: أنا وأنت راعيا هذه الاُمّة فلعن الله من ضلّ عنّا، قل: آمين، قلت: آمين، قال أمير المؤمنين (عليه السلام): وسمعت قائلين يقولان معي: آمين، فقلت: يا رسول الله ومن القائلان معي آمين؟ قال: جبرئيل وميكائيل عليهما السلام(1).

8139/5 ـ الطوسي، جماعة، عن أبي المفضّل، عن الحسن بن عليّ بن زكريّا، عن أحمد بن عبيد الله، عن الربيع بن سيّار (يسار)، عن الأعمش، عن سالم بن أبي الجعد، رفعه إلى أبي ذر (رضي الله عنه) قال: قال أمير المؤمنين (عليه السلام) يوم الشورى:

هل فيكم أحد غسّل رسول الله (صلى الله عليه وآله) مع الملائكة المقرّبين بالروح والريحان، تقلبه لي الملائكة، وأنا أسمع قولهم وهم يقولون: استروا عورة نبيّكم ستركم الله، غيري؟ قالوا: لا، قال: فهل فيكم من كفّن رسول الله (صلى الله عليه وآله) ووضعه في حفرته، غيري؟ قالوا: لا، قال: فهل فيكم أحد بعث الله عزّ وجلّ إليه بالتعزية حيث قبض رسول الله وفاطمة تبكيه، إذ سمعنا حِسّاً على الباب وقائلا يقول نسمع صوته ولا نرى شخصه، وهو يقول: السلام عليكم أهل البيت ورحمة الله وبركاته،

____________

1- معاني الأخبار: 118; البحار 36: 5.


الصفحة 168
ربّكم عزّوجلّ يقرءكم السلام ويقول لكم: إنّ في الله خلفاً من كلّ مصيبة وعزاء من كلّ هالك، ودركاً من كلّ فوت، فتعزّوا بعزاء الله، واعلموا أنّ أهل الأرض يموتون، وأهل السماء لا يبقون، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وأنا في البيت وفاطمة والحسن والحسين أربعة لا خامس لنا إلاّ رسول الله مسجّى بيننا، غيرنا؟ قالوا: لا،...، قال: فهل فيكم أحد أعطاه رسول الله حنوطاً من حنوط الجنّة فقال: أقسم هذا ثلاثاً: ثُلثاً لي حنّطني به، وثلثاً لابنتي، وثلثاً لك، غيري؟ قالوا: لا، الخبر(1).

8140/6 ـ محمّد بن يعقوب، عن أحمد بن مهران، عن محمّد بن علي ومحمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد جميعاً، عن محمّد بن سنان، عن المفضّل بن عمر، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: كان أمير المؤمنين صلوات الله عليه كثيراً ما يقول: أنا قسيم الله بين الجنّة والنار، وأنا الفاروق الأكبر، وأنا صاحب العصا، ولقد أقرّت لي جميع الملائكة والروح، بمثل ما أقرّت لمحمّد (صلى الله عليه وآله) ولقد حُمّلت مثل حمولة محمّد ـ وهي حمولة الرب ـ، وإنّ رسول الله (صلى الله عليه وآله) يُدعى فيكسى ويستنطق، واُدعى فاُكس واُستنطق، فأنطق على حدّ منطقه، ولقد اُعطيتُ خصالا لم يعطهنّ أحد قبلي، علمت المنايا والبلايا والأنساب وفصل الخطاب، فلم يفتني ما سبقني، ولم يعزب عنّي ما غاب عنّي، اُبشّر بإذن الله واُؤَدّي عن الله عزّ وجلّ، كلّ ذلك من الله مكنّني فيه باذنه(2).

8141/7 ـ وعنه، قال أمير المؤمنين (عليه السلام):

أنا قسيم الله بين الجنّة والنار، لا يدخلها داخل إلاّ على حدّ قسمي، وأنا الفاروق الأكبر، وأنا الإمام لمن بعدي والمؤدّي عمّن كان قبلي، لا يتقدّمني أحد إلاّ أحمد (صلى الله عليه وآله) وإنّي وإيّاه لعلى سبيل واحد، إلاّ أنّه هو المدعوّ باسمه، ولقد اُعطيت الستّ:

____________

1- أمالي الطوسي، المجلس 20: 547 ح1168; البحار 22: 543.

2- الكافي 1: 197; علل الشرايع، باب 161: 164; البحار 25: 352; مصابيح الأنوار 1: 361; أمالي الطوسي ج8: 352/206; إرشاد القلوب للديلمي 2: 255.


الصفحة 169
علم المنايا والبلايا والوصايا وفصل الخطاب، وإنّي لصاحب الكرّات ودولة الدول، وإنّي لصاحب العصا والميسم والدابّة التي تكلّم الناس(1).

8142/8 ـ محمّد بن يعقوب، عن محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن محمّد بن أبي عمير، أو غيره، عن محمّد بن الفضيل، عن أبي حمزة، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: كان أمير المؤمنين (عليه السلام) يقول: ما لله عزّ وجلّ آية هي أكبر منّي، ولا لله من نبأ أعظم منّي(2).

8143/9 ـ عن جابر، عن أمير المؤمنين (عليه السلام) قال:

خرجتُ أنا ورسول الله (صلى الله عليه وآله) إلى صحراء المدينة، فلمّا صرنا في الحدائق بين النخل، صاحت نخلة بنخلة هذا النبي المصطفى، وهذا الوصي المرتضى، ثمّ صاحت ثالثة برابعة: هذا موسى وهذا هارون، ثمّ صاحت خامسة بسادسة، هذا خاتم النبيين وهذا خاتم الوصيين، عند ذلك تبسّم النبي (صلى الله عليه وآله) وقال: أما سمعت يا أبا الحسن؟ قلت: بلى يا رسول الله، قال: ما تسمى هذا النخل؟ قال: الله ورسوله أعلم، قال: فسمّها الصيحاني ألا إنّها صاحوا بفضلي وفضلك(3).

8144/10 ـ ابن شهر آشوب: عبدالله بن حكيم بن جبير، عن علي (عليه السلام) أنه قال للنبي (صلى الله عليه وآله): هل نقدر على رؤيتك في الجنة كلما أردنا؟ فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): إن لكل نبي رفيقاً وهو أول من يؤمن به من اُمته، فنزلت هذه الآية {فَأُولئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولئِكَ رَفِيقاً}(4)(5).

____________

1- الكافي 1: 198; تفسير البرهان 3: 209; البحار 25: 354; بصائر الدرجات 18: 435.

2- الكافي 1: 207.

3- الروضة في الفضائل: 26; اثبات الهداة 1: 523.

4- النساء: 69.

5- مناقب ابن شهر آشوب في مراكبه ومراقبه (عليه السلام) 3:231، البحار 39:222.


الصفحة 170
8145/11 ـ عن علي (رضي الله عنه): سئل كيف كان حبكم لرسول الله (صلى الله عليه وآله)؟ قال: كان والله أحب الينا من أموالنا، وآبائنا، واُمهاتنا، وأبنائنا، ومن برد الشراب على الظمأ(1).

8146/12 ـ الصدوق، حدّثنا أبي (قدس سره)، ومحمّد بن الحسن، قالا: حدّثنا سعد بن عبد الله، قال: حدّثنا يعقوب بن يزيد، عن حمّاد بن حسين، عن عمر بن اُذينة، عن أبان ابن أبي عياش، عن سليم بن قيس الهلالي، قال: رأيت علياً (عليه السلام) في مسجد رسول الله (صلى الله عليه وآله) في خلافة عثمان، وجماعة يتحدّثون ويتذاكرون العلم والفقه، فذكرنا قريشاً وشرفها وفضلها وسوابقها وهجرتها، وما قال فيها رسول الله (صلى الله عليه وآله) من الفضل مثل قوله: الأئمة من قريش، وقوله: الناس تبع لقريش، وقريش أئمة العرب، وقوله: لا تسبّوا قريشاً، وقوله: إنّ للقرشي قوّة رجلين من غيرهم، ـ وقوله: من أبغض قريشاً أبغضه الله، ـ وقوله: من أراد هوان قريش أهانه الله، وذكروا الأنصار وفضلها وسوابقها ونصرتها، وما أثنى الله تبارك وتعالى عليهم في كتابه، وما قال فيهم رسول الله (صلى الله عليه وآله) من الفضل، وذكروا ما قال في سعد بن عبادة وغسيل الملائكة، فلن يدعوا شيئاً من فضلهم حتى قال كل حيٍّ منّا فلان وفلان، وقالت قريش: منّا رسول الله، ومنّا جعفر، ومنّا حمزة، ومنّا عبيدة بن الحرث، وزيد بن حارثة، وأبوبكر، وعمر، وعثمان، وسعد، وأبو عبيدة، وسالم، وابن عوف، فلم يدعوا من الحيين أحداً من أهل السابقة إلاّ سمّوه، وفي الحلقة أكثر من مائتي رجل.

فمنهم عليّ بن أبي طالب (عليه السلام)، وسعد بن أبي وقّاص، وعبد الرحمن بن عوف، وطلحة، والزبير، وعمّار، والمقداد، وأبوذر، وهاشم بن عتبة، وابن عمر، والحسن والحسين عليهما السلام، وابن عباس، ومحمّد بن أبي بكر، وعبد الله بن جعفر، ومن الأنصار اُبيّ بن كعب، وزيد بن بن ثابت، وأبو أيّوب الأنصاري، وأبو الهيثم بن التّيهان،

____________

1- ربيع الأبرار 1:219.


الصفحة 171
ومحمّد بن سلمة، وقيس بن سعد بن عبادة، وجابر بن عبد الله، وأنس بن مالك، وزيد بن أرقم، وعبد الله بن أبي أوفى، وأبو ليلى ومعه إبنه عبد الرحمن قاعد بجنبه غلام صبيح الوجه أمرد.

فجاء أبو الحسن البصري ومعه إبنه الحسن غلام أمرد صبيح الوجه معتدل القامة، قال: فجعلت أنظر إليه وإلى عبد الرحمن بن أبي ليلى فلا أدري أيهما أجمل هيئة غير انّ الحسن أعظمهما وأطولهما فأكثر القوم في ذلك من بكرة إلى حين الزوال، وعثمان في داره لا يعلم بشيء مما هم فيه، وعليّ بن أبي طالب (عليه السلام) ساكت لا ينطق، لا هو ولا أحد من أهل بيته، فأقبل القوم عليه فقالوا: يا أبا الحسن ما يمنعك أن تتكلّم؟ فقال:

ما من الحيين إلاّ وقد ذكر فضلا وقال: حقاً، وأنا أسألكم يا معشر قريش والأنصار بمن أعطاكم الله عزّ وجلّ هذا الفضل أبأنفسكم وعشائركم وأهل بيوتاتكم أو بغيركم؟ قالوا: بل أعطانا الله ومنَّ علينا بمحمّد (صلى الله عليه وآله) وعشيرته لا بأنفسنا وعشائرنا ولا بأهل بيوتاتنا، قال: صدقتم يا معشر قريش والأنصار، ألستم تعلمون أنّ الذي نلتم به من خير الدنيا والآخرة منّا أهل البيت خاصة دون غيرهم، وأنّ ابن عمي رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال: إنّي وأهل بيتي كنّا نوراً يسعى بين يدي الله تبارك وتعالى قبل أن يخلق الله عزّ وجلّ آدم (عليه السلام) بأربعة عشر ألف سنة، فلما خلق آدم وضع ذلك النور في صلبه وأهبطه إلى الأرض، ثمّ حمله في السفينة في صلب نوح (عليه السلام) ثمّ قذف به في النار في صلب إبراهيم (عليه السلام)، ثمّ لم يزل الله عزّ وجلّ ينقلنا في الأصلاب الكريمة إلى الأرحام الطاهرة، ومن الأرحام الطاهرة في الأصلاب الكريمة من الآباء والاُمّهات لم يلتق واحد منهم على سفاح قط، فقال أهل السابقة والقدمة وأهل بدر وأهل اُحد: نعم قد سمعنا ذلك من رسول الله (صلى الله عليه وآله).


الصفحة 172
ثمّ قال: أنشدكم الله أتعلمون أنّ الله عزّ وجلّ فضّل في كتابه السابق على المسبوق في غير آية، وإنّي لم يسبقني الى الله عزّ وجلّ وإلى رسوله (صلى الله عليه وآله) أحد من هذه الاُمّة؟ قالوا: اللّهمّ نعم.

قال: فأنشدكم الله أتعلمون حيث نزلت {وَالسَّابِقُونَ الاَْوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالاَْنْصَارِ}(1) {وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ * اُولئِكَ الْمُقَرَّبُونَ}(2) سئل عنها رسول الله (صلى الله عليه وآله) فقال: أنزلها الله تعالى في الأنبياء وأوصيائهم، فأنا أفضل الأنبياء ورسله، وعليّ بن أبي طالب وصيي أفضل الأوصياء؟ قالوا: اللّهمّ نعم.

قال: فأنشدكم الله عزّ وجلّ أتعلمون حيث نزلت {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الاَْمْرِ مِنْكُمْ}(3) وحيث نزلت {إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ}(4) وحيث نزلت {وَلَمْ يَتَّخِذُوا مِنْ دُونِ اللهِ وَلاَ رَسُولِهِ وَلاَ الْمُؤْمِنِينَ وَلِيجَةً}(5).

قال الناس: يا رسول الله أهذه خاصّة في بعض المؤمنين أم عامّة لجميعهم؟ فأمر الله عزّ وجلّ نبيّه (صلى الله عليه وآله) أن يعلّمهم ولاة أمرهم، وأن يفسّر لهم من الولاية ما فسّر لهم من صلاتهم وزكاتهم وصومهم وحجّهم، فنصبني للناس بغدير خم، ثمّ خطب الناس فقال: أيّها الناس إنّ الله عزّ وجلّ أرسلني برسالة ضاق بها صدري، وظننت أنّ الناس مكذّبي، فأوعدني لاُبلغنّها أو ليعذّبني، ثمّ أمر فنودي الصلاة جامعة، ثمّ خطب الناس فقال: أيّها الناس أتعلمون أنّ الله عزّ وجلّ مولاي وأنا

____________

1- التوبة: 100.

2- الواقعة: 9-10.

3- النساء: 59.

4- المائدة: 55.

5- التوبة: 16.


الصفحة 173
مولى المؤمنين وأنا أولى بهم من أنفسهم؟ قالوا: بلى يا رسول الله، قال: قم يا علي، فقمت، فقال: من كنت مولاه فعليّ مولاه، اللّهمّ والِ مَن والاه وعادِ من عاداه، فقام سلمان فقال: يا رسول الله ولاؤه كماذا؟ فقال (صلى الله عليه وآله): ولاؤه كولائي من كنت أولى به من نفسه فعليّ أولى به من نفسه، فأنزل الله تبارك وتعالى {اَلْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الاِْسْلاَمَ دِيناً}(1) فكبّر رسول الله (صلى الله عليه وآله) وقال: الله أكبر تمام نبوّتي وتمام ديني دين الله عزّ وجلّ وولاية علي بعدي، فقام أبو بكر وعمر فقالا: يا رسول الله هذه الآيات خاصة لعلي؟ قال: بلى فيه وفي أوصيائي إلى يوم القيامة، قالا: يا رسول الله بيّنهم لنا؟ قال: علي أخي ووزيري ووارثي ووصيّي وخليفتي في اُمّتي ووليّ كلّ مؤمن بعدي، ثمّ إبني الحسن، ثمّ إبني الحسين، ثمّ تسعة من ولد الحسين واحد بعد واحد، القرآن معهم وهم مع القرآن لا يفارقونه ولا يفارقهم حتّى يردوا عليّ حوضي، فقالوا كلّهم: اللّهمّ نعم قد سمعنا ذلك كلّه وشهدنا كما قلت سواء، وقال بعضهم: قد حفظنا جل ما قلت ولم نحفظه كله، وهؤلاء الذين حفظوا أخبارنا وفضائلنا، فقال علي: صدقتم ليس كلّ الناس يستوون في الحفظ.

أنشدكم الله من حفظ ذلك من رسول الله (صلى الله عليه وآله) لما قام فأخبر به، فقام زيد بن أرقم، والبرّاء بن عازب، وسلمان، وأبو ذر، والمقداد، وعمّار بن ياسر فقالوا: نشهد لقد حفظنا قول رسول الله (صلى الله عليه وآله) وهو قائم على المنبر وأنت إلى جنبه وهو يقول: أيّها الناس إنّ الله أمرني أن أنصب لكم إمامكم والقائم فيكم بعدي ووصيّي وخليفتي والذي فرض الله عزّ وجلّ على المؤمنين في كتابه طاعته فقرنه بطاعته وطاعتي فأمركم بولايتي وولايته، فانّي راجعت ربي عزّ وجلّ خشية طعن أهل النفاق

____________

1- المائدة: 3.