الصفحة 283
علي بن أبي طالب (عليه السلام) قال: لما نزلت هذه الآية: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَاجَيْتُمُ الرَّسُولَ فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَةً}(1) قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): ما تقول؟ قال: دينار (في دينار)، قلت: لا يطيقونه، قال: فكم؟ قلت شعيرة، قال: إنك لزهيد، فنزل {أَأَشْفَقْتُمْ أَنْ تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَات}(2) فخفف الله عن هذه الاُمة بي، فلم ينزل في أحد قبلي ولا ينزل في أحد بعدي(3).

8380/7 ـ المفيد، عن عمر بن علي بن عمر بن يزيد، عن علي بن ميثم التمار، عمن حدثه، عن أمير المؤمنين (عليه السلام) أنه كان مع بعض أصحابه في مسجد الكوفة، فقال له رجل: بأبي أنت واُمي إني لأتعجب من هذه الدنيا في أيدي هؤلاء القوم وليست عندكم، فقال (عليه السلام): يافلان أترى نريد الدنيا فلا نعطاها؟ ثم قبض قبضة من الحصى فاذا هي جواهر، فقال: ما هذا؟ فقلت هذا من أجود الجواهر، فقال: لو أردنا لكان ولكن لا نريده، ثم رمى بالحصى فعادت كما كانت(4).

8381/8 ـ للسيد الرضي (رضي الله عنه): روي أن أمير المؤمنين (عليه السلام)، خطب الناس فقال: أيها الناس من عرف نسبي وإلاّ فأنا أُعرّفه نسبي، فقام إليه ابن الكوا، فقال: أنت علي بن أبي طالب بن عبدالمطلب بن هاشم، حتى بلغ إلى قصي بن كلاب، قال (عليه السلام): أو تعرف لي نسباً غير هذا؟ فقال: لا، فقال: إن أبي سمّاني زيداً باسم قصي، فأنا زيد ابن عبد مناف بن عامر بن عمرو بن المغيرة بن زيد بن كلاب، واسم أبي طالب عبد مناف، واسم عبدالمطلب عامر، قال الشاعر فيه:


قامت لتبكيه على قبرهمن لي من بعدك ياعامر

____________

1- المجادلة: 12.

2- المجادلة: 13.

3- تفسير فرات: 470 ح616، البحار 35:382.

4- الاختصاص: 271، بصائر الدرجات: 395، اثبات الهداة 4:591، البحار 41:254، الخرائج والجرائح 2:706، مدينة المعاجز 1:513 ح331.


الصفحة 284

تركتني في الدار ذا غربةقد ذلّ من ليس له ناصر

واسم هاشم عمرو، وفيه يقول الشاعر:


عمرو العلى هشم الثريد لقومهورجال مكة مسنتون عجاف

واسم عبد مناف المغيرة، قال الشاعر فيه وفي إخوانه:


إن المغيرات وأبناءهممن خير أحياء وأموات

يعني عبد مناف واُخوته وسماهم كلهم بالمغيرات; لأن فيهم المغيرة، ومثل هذا كثير في كلام العرب، وإسم قصيّ زيد قال الشاعر:


قصيّ أبوك كان يدعى مجمعاًبه جمع الله القبائل من فهر
وأنتم بنو زيد وزيد أبوكمبه زيدت البطحاء فخراً على فخر(1)

8382/9 ـ الطبرسي: عن ابن عباس أن علياً (عليه السلام) كان يقول في حياة رسول الله (صلى الله عليه وآله): إن الله يقول: {وَمَا مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلى أَعْقَابِكُمْ}(2)، والله لاننقلب على أعقابنا بعد أن هدانا الله، والله لئن مات أو قتل لاُقاتلن على ما قاتل عليه حتى أموت، لأني أخوه وابن عمه، ووارثه، فمن أحق به مني(3).

____________

1- خصائص الأئمة في ذكر أسماء آبائه: 68.

2- آل عمران: 144.

3- الاحتجاج 1:466 ح110، العمدة: 444 ح927، فضائل الصحابة 2:652 ح1110، أمالي الطوسي المجلس 18:502 ح1099، البحار 32:294، تفسير فرات: 96 ح80، تفسير البرهان 1:319، بشارة المصطفى: 208، مستدرك الحاكم 3:126، تفسير السيوطي 2:92، الرياض النضرة 2:141، تاريخ ابن عساكر في حياة الامام علي (عليه السلام) 1:130، نهج السعادة 1:27، ذخائر العقبى: 100، الغدير 3:113.


الصفحة 285
8383/10 ـ المفيد، قال: حدثني أحمد، عن أبيه محمد بن الحسن بن الوليد، عن محمد بن الصفار، عن العباس بن معروف، عن علي بن مهزيار، عن محمد بن سنان، عن أبي معاذ السدي، عن أبي أراكة، قال: صليت خلف أمير المؤمنين (عليه السلام) الفجر في مسجدكم هذا على يمينه، وكان عليه كآبة، ومكث حتى طلعت الشمس على حائط مسجدكم هذا قيد رمح وليس هو على ما هو اليوم.

ثم أقبل على الناس فقال: أما والله لقد كان أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وآله) وهم يكابدون هذا الليل يراوحون بين جباههم وركبهم كأن زفير النار في آذانهم، فاذا أصبحوا أصبحوا غبراً صفراً بين أعينهم شبه ركب المعزى، فاذا ذكر الله مادوا كما يميد الشجر في يوم الريح وانهملت أعينهم حتى تبتل ثيابهم، قال: ثم نهض وهو يقول: لكأنما بات القوم غافلين، ثم لم ير مفتراً حتى كان من أمر ابن ملجم (لعنه الله) ما كان(1).

8384/11 ـ الشيخ الطوسي، أخبرنا محمد بن محمد، قال: أخبرنا أبو عبدالله محمد ابن عمران المرزباني، قال: أخبرني الحسن بن علي، قال: حدثنا أحمد بن سعد، قال: حدثني الزبير بن بكار، قال: حدثنا علي بن محمد، قال: كان عمرو بن العاص يقول: في علي دعابة، فبلغ ذلك أمير المؤمنين (عليه السلام) فقال: زعم ابن النابغة أني تلعابة مزاحة ذو دعابة، اُعافس واُمارس، هيهات يمنع من العضاس والمراس ذكر الموت وخوف البعث والحساب، ومن كان له قلب، ففي هذا له واعظ وزاجر، وأما وشر القول الكذب، انه ليحدث فيكذب، ويعد فيخلف، فاذا كان يوم البأس فأي زاجر وآمر هو! ما لم تأخذ السيوف هام الرجال، فاذا كان ذلك فأعظم مكيدته في نفسه أن يمنح القوم أسته(2).

____________

1- أمالي المفيد المجلس 23:123، البحار 69:278، كتاب الزهد: 23 ح52، أعيان الشيعة 2:185.

2- أمالي الطوسي المجلس الخامس: 131 ح208، البحار 33:223.


الصفحة 286
8385/12 ـ الشيخ الطوسي: قال أمير المؤمنين (عليه السلام): الموت طالب ومطلوب، لا يعجزه المقيم، ولا يفوته الهارب، فقدّموا ولا تتكلموا فانه ليس عن الموت محيص، إنكم إن لم تقتلوا تموتوا، والذي نفس علي بيده لألف ضربة بالسيف على الرأس أهون من الموت على فراش(1).

8386/13 ـ عن علي [(عليه السلام)] قال: ما رمدت ولا صدعت منذ دفع رسول الله (صلى الله عليه وسلم) إليّ الراية يوم خيبر(2).

8387/14 ـ عن علي [(عليه السلام)] ما رمدت ولا صُدعِت منذ مسح رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وجهي وتفل في عيني يوم خيبر حين أعطاني الراية(3).

8388/15 ـ الدقاق، عن الصيرفي، عن عبيدالله بن موسى الحبال، عن محمد بن الحسين الخشاب، عن محمد بن محصن، عن ابن ظبيان، عن الصادق، عن آبائه (عليهم السلام) أن أمير المؤمنين (عليه السلام) قال في رسالته إلى سهل بن حنيف (رحمه الله) : والله ما قلعت باب خيبر ورميت به خلف ظهري أربعين ذراعاً بقوة جسدية، ولا حركة غذائية لكني اُيدت بقوة ملكوتية، ونفس بنور ربّها مضيئة، وأنا من أحمد كالضوء من الضوء، والله لو تظاهرت العرب على قتالي لما ولّيت، ولو أمكنتني الفرصة من رقابها لما أبقيت، ومن لم يبال متى حتفه عليه ساقط فجنانه في الملمات رابط(4).

8389/16 ـ الشيخ الطوسي، أخبرنا جماعة، عن أبي المفضل، قال: حدثنا أحمد بن محمد بن عيسى العرّاد، قال: حدثنا محمد بن عبدالجبار السدوسي، قال: حدثنا علي ابن الحسين بن عون بن أبي حرب بن أبي الأسود الدئلي، قال: حدثني أبي، عن

____________

1- أمالي الطوسي المجلس الثامن: 216 ح378، البحار 71:264، الارشاد: 127.

2- كنز العمال 12:420 ح35467.

3- كنز العمال 12:420 ح35468.

4- البحار 21:26، أمالي الصدوق المجلس 77:415، بشارة المصطفى: 191، روضة الواعظين، في فضائل أمير المؤمنين (عليه السلام): 127، سفينة البحار مادة خبر 1:374، إثبات الهداة 4:479.


الصفحة 287
أبيه، عن حرب بن أبي الأسود، عن أبيه أبي الأسود: إن رجلا سأل أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) عن سؤال، فبادر فدخل منزله ثم خرج فقال: أين السائل؟ فقال الرجل: ها أنا ذا ياأمير المؤمنين قال: ما مسألتك؟ قال: كيت وكيت، فأجابه عن سؤاله، فقيل: ياأمير المؤمنين، كنا عهدناك إذا سئلت عن المسألة كنت فيها كالسكة المحماة جواباً، فما بالك أبطأت اليوم عن جواب هذا الرجل حتى دخلت الحجرة ثم خرجت فأجبته؟ فقال (عليه السلام): كنت حاقناً، ولا رأي لحاقن ولا حازق، ثم أنشأ يقول:


إذا المشكلات تصدّين ليكشفت حقائقها بالنظر
وإن تبرّقت في مخيل الصوابعمياء لا يجتليها البصر
مقنعة بغيوب الاُموروضعت عليها صحيح الفكر
لساناً كشقشقة الأرحبيأو كالحسام اليماني (البتار) الذكر
وقلباً إذا استنطقته الهموموأربى عليها بواه دِرر
ولست بأمّعة في الرجالاُسائل هذا وذا ما الخبر
ولكني مدرّب الأصغرينأبيّن مع ما مضى ما غبر(1)

8390/17 ـ الشيخ الطوسي، أخبرنا جماعة، عن أبي المفضل، قال: حدثنا أبو جعفر محمد بن الحسين بن حفص الخثعمي، الأشناني، قال: حدثنا عباد بن يعقوب الأسدي، قال: أخبرنا علي بن هاشم بن البريد، عن أبيه، عن عبدالله بن مخارق، عن هاشم بن مساحق، عن أبيه: أنه شهد يوم الجمل، وأن الناس لما انهزموا اجتمع هو ونفر من قريش فيهم مروان، فقال بعضهم لبعض: والله لقد ظلمنا هذا الرجل ونكثنا بيعته على غير حدث كان منه، ثم لقد ظهر علينا فما رأينا رجلا كان أكرم

____________

1- أمالي الطوسي المجلس 18:514 ح1125، البحار 2:59، كنز العمال 10:303 ح2952.


الصفحة 288
سيرة ولا أحسن عفواً بعد رسول الله (صلى الله عليه وآله) منه، فتعالوا فندخل عليه ولنعتذر مما صنعنا، قال فدخلنا عليه، فلما ذهب متكلمنا يتكلم قال: انصتوا أكفكم، إنما أنا رجل منكم، فان قلت حقاً فصدقوني، وان قلت غير ذلك فردوه عليّ:

أنشدكم بالله أتعلمون أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) قبض وأنا أولى الناس به وبالناس؟ قالوا: اللهم نعم، قال: فبايعتم أبا بكر وعدلتم عني، فبايعت أبا بكر كما بايعتموه، وكرهت أن أشق عصا المسلمين، وأن اُفرق بين جماعتهم، ثم إن أبا بكر جعلها لعمر من بعده، وأنتم تعلمون أني أولى الناس برسول الله (صلى الله عليه وآله) وبالناس من بعده، فبايعت عمر كما بايعتموه، فوفيت له ببيعته حتى لما قتل جعلني سادس ستة، فدخلت حيث أدخلني، وكرهت أن اُفرق جماعة المسلمين وأشق عصاهم، فبايعتم عثمان فبايعته، ثم طعنتم على عثمان فقتلتموه، وأنا جالس في بيتي، ثم أتيتموني غير داع لكم ولا مستكره لأحد منكم، فبايعتموني كما بايعتم أبا بكر وعمر وعثمان، فما جعلكم أحق أن تفوا لأبي بكر وعمر وعثمان ببيعتهم منكم ببيعتي؟

قالوا: ياأمير المؤمنين، كن كما قال العبد الصالح: {لاَ تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ يَغْفِرُ اللهُ لَكُمْ وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ}(1) فقال (عليه السلام): كذلك أقول: يغفر الله لكم وهو أرحم الراحمين، مع أن فيكم رجلا لو بايعني بيده لنكث باسته، يعني مروان(2).

8391/18 ـ ابن أبي الحديد، قال: وروى الربيع بن زياد، قال: قدمت على عمر بمال من البحرين فصليت معه العشاء ثم سلمت عليه، قال: فقال: ما قدمت به؟ قال: خمسمائة ألف، قال: ويحك إنما قدمت بخمسين ألفاً، قلت: بلى بخمسمائة ألف، قال: كم يكون ذلك؟ قلت مائة ألف حتى عددت خمساً، فقال: إنك ناعس ارجع إلى بيتك

____________

1- يوسف: 92.

2- أمالي الطوسي المجلس 18:506 ح1109، البحار 32:262، كتاب الجمل للمفيد: 416، شرح الأخبار 1:392 ح333.


الصفحة 289
ثم أغد عليّ، فغدوت عليه، فقال: ما جئت به؟ قلت: هو ما قلت لك، قال: كم هو؟

قلت: خمسمائة ألف، قال: أطيب هو، قلت: نعم لا أعلم إلاّ ذلك، فاستشار الصحابة فيه فاُشير عليه بنصب الديوان فنصبه وقسم المال بين المسلمين، ففضلت عنده فضلة، فأصبح فجمع المهاجرين والأنصار فيهم علي بن أبي طالب [(عليه السلام)] وقال للناس: ما ترون في فضل فضل عندنا من هذا المال؟ فقال الناس: ياأمير المؤمنين إنا شغلناك بولاية أمورنا عن أهلك وتجارتك وضيعتك، فهو لك.

فالتفت إلى علي [(عليه السلام)] فقال: ما تقول أنت؟ قال: قد أشاروا عليك، قال: فقل أنت، فقال له: لِمَ تجعل يقينك ظناً، فلم يفهم عمر قوله، فقال: لتخرجن مما قلت، قال: أجل والله لأخرجن منه، أتذكر حين بعثك رسول الله (صلى الله عليه وآله) ساعياً فأتيت العباس بن عبدالمطلب فمنعك صدقته فكان بينكما شيء فجئتما إليّ وقلتما انطلق معنا إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله)، فجئنا اليه فوجدناه خاثراً فرجعنا، ثم غدونا عليه فوجدناه طيب النفس فأخبرته بالذي صنع العباس، فقال لك: ياعمر أما علمت أن عم الرجل صنو أبيه، فذكرنا له ما رأينا من خثوره في اليوم الأول وطيب نفسه في اليوم الثاني، فقال: إنكم أتيتم في اليوم الأول وقد بقي عندي من مال الصدقة ديناران فكان ما رأيتم من خثوري لذلك، وأتيتم في اليوم الثاني فقد وجهتها، فذاك الذي رأيتم من طيب نفسي، أشير عليك أن لا تأخذ من هذا الفضل شيئاً، وأن تفضّه على فقراء المسلمين، فقال عمر: صدقت والله لأشكرنّ لك الأولى والأخيرة(1).

8392/19 ـ ابن أبي الحديد، قال: نصر، وحدثنا عمر بن سعد، عن أزهر العبسي، عن النضر بن صالح، قال: كنت مع شريح بن هاني في غزوة سجستان فحدثني أن

____________

1- غاية المرام: 533، مسند أحمد 1:94، حلية الأولياء 4:382، شرح النهج لابن أبي الحديد 3:121.


الصفحة 290
علياً (عليه السلام) أوصاه بكلمات إلى عمرو بن العاص، وقال له: قل لعمرو إذا لقيته أن علياً يقول لك: إن أفضل الخلق عند الله من كان العمل بالحق أحب اليه وان نقصه، وإن أبعد الخلق من الله من كان العمل بالباطل أحب اليه وإن زاده، والله ياعمرو إنك لتعلم أين موضع الحق فلم تتجاهل؟ أفأن أوتيت طمعاً يسيراً صرت لله ولأوليائه عدواً، فكأنما قد اُوتيت مالا يزال عنك، فلا تكن للخائنين خصيماً، للمجرمين ظهيراً، أما اني أعلم أن يومك الذي أنت فيه نادم هو يوم وفاتك، وسوف تتمنى أنك لم تظهر لي عداوة ولم تأخذ على حكم الله رشوة.

قال شريح: فأبلغته يوم لقيته فتغمر، وقال: متى كنت قابلا مشورة علي أو منيباً إلى رأيه أو معتمداً بأمره، فقلت: وما يمنعك يابن النابغة أن تقبل من مولاك وسيد المسلمين بعد نبيهم مشورته، لقد كان من هو خير منك أبو بكر وعمر يستشيرانه ويعملان برأيه، فقال: إن مثلي لا يكلم مثلك، فقلت: بأي أبويك ترغب عن كلامي بأبيك الوشيظ أم باُمك النابغة، فقام من مكانه وقمت(1).

8393/20 ـ هلال بن مسلم الجحدري، قال: سمت جدي جرة أو قال: جوة، قال: شهدت علي بن أبي طالب (عليه السلام) وقد أُتي بمال عند المساء فقال: أقسموا هذا المال، فقالوا: مسينا ياأمير المؤمنين فأخره إلى غد، فقال لهم: تقبلوني إلى أن أعيش إلى غد، قالوا: وما ذلك بأيدينا، قال: فلا تؤخروه حتى تقسموه، فاُتي بشمع فقسموا ذلك المال من تحت ليلتهم(2).

8394/21 ـ روي أن أمير المؤمنين وضع درهماً على كفه ثم قال: أما أنك إن لم

____________

1- غاية المرام: 534، شرح النهج لابن أبي الحديد 1:198.

2- مجموعة ورام 2:173، أمالي الطوسي المجلس 14:404 ح904، البحار 41:107، مناقب ابن شهر آشوب باب مسابقته (عليه السلام) بالزهد 2:95.


الصفحة 291
تخرج عني لا تنفعني(1).

8395/22 ـ عن الأسود، وعلقمة قالا: دخلنا على أمير المؤمنين (عليه السلام) وبين يديه طبق من خوص عليه قرص أو قرصان من شعير، وإن أسطار النخالة لتبين في الخبز، وهو يكسر على ركبتيه ويأكل بملح جريش، فقلنا لجارية له سوداء اسمها فضة: ألا نخلت هذا الدقيق لأمير المؤمنين؟ فقالت: أيأكل هو المهنا ويكون الوزر في عنقي؟! فتبسم (عليه السلام) وقال: أنا أمرتها ألا تنخله، قلنا ولِمَ ياأمير المؤمنين؟ قال: ذلك لأجدر أن تذل النفس ويقتدي بي المؤمن، وألحق بأصحابي(2).

8396/23 ـ روي أن أمير المؤمنين (عليه السلام) دعا غلامه فلم يجبه، فدعاه ثانياً وثالثاً فلم يجبه، فقام اليه فرآه متضجعاً، فقال له: أما تسمع ياغلام؟ فقال: نعم، قال: فما حملك على ترك جوابي؟ قال: أمنت عقوبتك فتكاسلت، فقال (عليه السلام): إمض فأنت حر لوجه الله(3).

8397/24 ـ من كتاب الغريبين للهروي في حديث علي (عليه السلام): لنا حق إن نعطه نأخذه وإن نمنعه نركب أعجاز الابل وإن طال السرى(4).


بيـان:

قال القتيبي أعجاز الابل مآخرها، جمع عجز، وهو مركب صعب شاق، ومعناه إن مُنعنا حقنا ركبنا مركب المشقة صابرين عليه.


8398/25 ـ ورام بن أبي فراس، حدثني المقري محمد بن محمد الكمال، قال: أخبرنا الفضل بن سهل، قال: أخبرنا الخطيب أبو بكر التبريزي، قال: أخبرني أبو محمد عبدالله بن الحذاء، قال: أخبرنا محمد بن المظفر الحافظ، قال: حدثنا عبدالله ابن محمد بن عبدالعزيز، قال: حدثني جدي، قال: حدثنا علي بن صالح بياع

____________

1- مجموعة ورام 1:157.

2- مجموعة ورام 1:48.

3- مجموعة ورام 1:100.

4- مجموعة ورام 1:21.


الصفحة 292
الأكيسة، عمن حدثه، قال: رأيت علياً (عليه السلام) اشترى تمراً بدرهم، فحمله في ملحفته، فقيل له: ياأمير المؤمنين ألا نحمله عنك؟ فقال (عليه السلام): أبو العيال أحق بحمله(1).

8399/26 ـ قال زين العابدين (عليه السلام): ما اُصيب أمير المؤمنين (عليه السلام) بمصيبة إلاّ صلى في ذلك اليوم ألف ركعة، وتصدق على ستين مسكيناً، وصام ثلاثة أيام، وقال لأولاده: إذا أصبتم بمصيبة، فافعلوا بمثل ما أفعل، فاني رأيت رسول الله (صلى الله عليه وآله) هكذا يفعل، فاتبعوا سنة نبيكم(2).

8400/27 ـ فرات بن إبراهيم الكوفي، قال: حدثنا علي بن محمد بن علي بن أبي حفص الأعشى معنعناً: عن بن موسى بن عيسى الأنصاري، قال: كنت جالساً مع أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) بعد أن صلينا مع النبي (صلى الله عليه وآله) العصر بهفوات، فجاء رجل اليه فقال له: ياأبا الحسن قد قصدتك في حاجة لي اُريد أن تمضي معي فيها إلى صاحبها، فقال له: قل (قف) قال (فقال): إني ساكن في دار لرجل فيها نخلة وإنّه يهيج الريح فيسقط من ثمرها بلح وبسر ورطب وتمر، ويصعد الطير فيلقي منه، وأنا آكل منه ويأكلوا منه الصبيان من غير أن ننخسها بقصب أو نرميها بحجر، فأسأله أن يجعلني في حل.

قال (عليه السلام): انهض بنا، فنهضت معه، فجئنا إلى الرجل، فسلم عليه أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) فرحب به وفرح به وسرّ، وقال: فيما جئت ياأبا الحسن؟ قال: جئتك في حاجة، قال: تقضى إن شاء الله، قال: فما هي؟ قال: هذا الرجل ساكن في دار لك في موضع كذا وذكر أن فيها نخلة، وأنه يهيج الريح فيسقط منها بلح وبسر ورطب وتمر، ويصعد الطير فيلقي مثل ذلك من غير حجر يرميها أو قصبة ينخسها اُريد أن تجعله في حل، فتأبّى عن ذلك، وسأله ثانياً وأقبل يلح عليه في المسألة

____________

1- مجموعة ورام 1:23، البحار 73:207.

2- مستدرك الوسائل 7:546 ح8852، البحار 82:133، الدعوات في المستدركات 2:287 ح21.


الصفحة 293
ويتأبّى أن قال (عليه السلام): والله إني أضمن لك عند رسول الله (صلى الله عليه وآله) أن يبدلك بهذه النخلة حديقة في الجنة، فأبى عليه ورهقنا المساء، فقال له علي (عليه السلام) تبيعنيها بحديقتي فلانة؟ فقال له: نعم، قال: فأشهد لي عليك الله وموسى بن عيسى الأنصاري انك قد بعتها بهذه الدار، قال: نعم، أشهد الله وموسى بن عيسى إني قد بعتك هذه الحديقة بشجرها ونخلها وثمرها بهذه الدار، أليس قد بعتني هذه الدار بما فيها بهذه الحديقة، ولم يتوهم أنه يفعل، قال: نعم، أشهد الله وموسى بن عيسى على أني قد بعتك هذه الدار بهذه الحديقة، فالتفت علي (عليه السلام) إلى الرجل فقال له: قم فخذ الدار بارك الله لك وأنت في حل منها(1).

8401/28 ـ عن جبير، عن الشعبي، قال: قال علي [(عليه السلام)] : إني لأستحي من الله أن يكون ذنب أعظم من عفوي، أو جهل أعظم من حلمي، أو عورة لا يواريها ستري، أو خلة لا يسدها جودي(2).

8402/29 ـ عن محمد بن عمر بن علي بن أبي طالب، أنه قيل لعلي [(عليه السلام)] : ما لك أكثر أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وآله) حديثاً؟ فقال: إني كنت إذا سألته أنبأني، وإذا سكت ابتدأني(3).

8403/30 ـ عن عبدالله بن يحيى أن علياً [(عليه السلام)] اُتي يوم البصرة بذهب وفضة، فقال: أبيضي واصفري غرِّي غيري، غرِّي أهل الشام غداً إذا ظهروا عليك، فشق قوله ذلك على الناس، فذكر ذلك له، فأذن في الناس فدخلوا عليه فقال: إن خليلي(صلى الله عليه وسلم)قال: ياعلي إنك ستقدم على الله وشيعتك راضين مرضيين، ويقدم عليك

____________

1- تفسير فرات: 566 ح726، مستدرك الوسائل 13:364 ح15612، البحار 41:37.

2- كنز العمال 13:111 ح36364.

3- كنز العمال 13:128 ح36405، طبقات ابن سعد 2:338، الصواعق المحرقة: 189، تاريخ ابن عساكر ترجمة الامام علي (عليه السلام) 2:456.


الصفحة 294
عدوك غضاباً مقمحين، ثم جمع علي يده إلى عنقه يريهم الأقماح(1).

8404/31 ـ عن علي بن الأرقم، عن أبيه، قال: رأيت علي بن أبي طالب [(عليه السلام)] يعرض سيفاً له في رحبة الكوفة ويقول: من يشتري مني سيفي هذا والله لقد جلوت به غير مرة عن وجه رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ولو أن عندي ثمن أزار ما بعته(2).

8405/32 ـ ابن عساكر، أنبأنا يعقوب، أنبأنا أبو بكر الحميدي، أنبأنا سفيان، أنبأنا أبو حيان، عن مجمع التميمي، قال: خرج علي بن أبي طالب بسيفه إلى السوق، فقال من يشتري مني سيفي هذا، فلو كان عندي أربعة دراهم أشتري بها إزاراً ما بعته(3).

8406/33 ـ عن عنترة: قال: أتيت علياً [(عليه السلام)] يوماً، فجاء قنبر، فقال: ياأمير المؤمنين إنك رجل لا تُليق شيئاً، وإن لأهل بيتك في المال نصيباً، وقد خبأت لك خبيئة، قال: وما هي؟ قال: انطلق فانظر ما هي، قال: فأدخله بيتاً فيه باسنة (باسية) ـ قيل انها آلات القناع ـ مملوءة آنية ذهب وفضة مموهة بالذهب، فلما رآها علي [(عليه السلام)] قال: ثكلتك اُمك لقد أردت أن تدخل بيتي ناراً عظيمة، ثم جعل يزنها ويعطي كل عريف بحصته ثم قال:


هذا جنايي وخياره فيهوكل جان يده إلى فيه

ولا تغريني وغري غيري(4).

8407/34 ـ عن جعفر بن محمد، عن أبيه أن علياً [(عليه السلام)] اُتي بالمال، فأقعد بين يديه

____________

1- كنز العمال 13:156 ح36483، الصواعق المحرقة: 242.

2- كنز العمال 13:178 ح36531، الرياض النضرة 2:220، تاريخ ابن عساكر ترجمة الامام علي (عليه السلام) 3:237، حلية الأولياء 1:83.

3- تاريخ ابن عساكر ترجمة الإمام علي (عليه السلام) 3: 237.

4- كنز العمال 13:181 ح36544، تاريخ ابن عساكر ترجمة الامام علي (عليه السلام) 3:229.