الصفحة 295
الوزان والنقاد، فكوم كومة من ذهب وكومة من فضة، فقال: ياحمراء ويابيضاء احمري وابيضي وغري غيري.


هذا جناي وخياره فيهوكل جان يده إلى فيه(1).


8408/35 ـ عن علي بن أبي طالب (رضي الله عنه) قال: كنت إذا سمعت من رسول الله (صلى الله عليه وسلم)حديثاً نفعني الله منه بما شاء أن ينفعني، فاذا حدثني أحد من أصحابه استحلفته، فاذا حلف لي صدقته(2).

8409/36 ـ روي عن علي (رضي الله عنه) إنه دعا غلامه مرات فلم يجبه، فنظر فاذا هو بالباب فقال له: لِمَ لم تجبني؟ فقال: لثقتي بحلمك، وأمني من عقوبتك، فاستحسن جوابه وأعتقه(3).

8410/37 ـ الشيخ المفيد: لما توجه أمير المؤمنين (عليه السلام) إلى البصرة، نزل الربذة فلقيه بها آخر الحاج فاجتمعوا ليسمعوا كلامه وهو في خبائه، قال ابن عباس (رضي الله عنه): فأتيته فوجدته يخصف نعلا، فقلت له: نحن إلى أن تصلح أمرنا أحوج إلى ما تصنع، فلم يكلمني حتى فرغ من فعله، ثم ضمها إلى صاحبتها وقال لي: قومّهما، فقلت ليس لهما قيمة، قال: على ذاك، قلت كسر درهم، قال: والله لهما أحب إليّ من أمركم هذا إلاّ أن أُقيم حقاً أو أدفع باطلا، قلت: إن الحاج قد اجتمعوا ليسمعوا من كلامك فتأذن لي أن أتكلم فان كان حسناً كان منك وان كان غير ذلك كان مني؟ قال: لا أنا أتكلم، ثم وضع يده على صدري وكان شثن الكفين فألمني، ثم قام فأخذت بثوبه وقلت نشدتك الله والرحم، قال: لا تنشدني، ثم خرج فاجتمعوا عليه فحمد الله وأثنى عليه ثم قال:

____________

1- كنز العمال 13:182 ح36545.

2- تفسير الرازي 3:24.

3- تفسير الرازي 31:79.


الصفحة 296
أما بعد فإن الله تعالى بعث محمداً (صلى الله عليه وآله) وليس في العرب أحد يقرأ كتاباً ولا يدعي نبوة، فساق الناس إلى منجاتهم، أما والله ما زلت في ساقتها ما غيرت ولا بدلت ولا خنت حتى تولت بحذافيرها، ما لي ولقريش أما والله لقد قاتلتهم كافرين ولأقاتلنهم مفتونين، وإن مسيري هذا عن عهد إلي فيه، أما والله لأبقرن الباطل حتى يخرج الحق من خاصرته، وما تنقم منا قريش إلاّ أن الله اختارنا عليهم فأدخلناهم في حيزنا وأنشد:


وذنب لعمري شربك المحض خالصاًوأكلك بالزبد المقشرة التمرا
ونحن وهبناك العلاء ولم تكنعلياً وحطنا حولك الجرد والسمرا(1)

8411/38 ـ العياشي: عن سلمة بن كهيل، عمن حدثه، عن علي (عليه السلام) قال: لو استقامت لي الامرة وكسرت أو ثنيت لي الوسادة، لحكمت لأهل التوراة بما أنزل الله في التوراة حتى تذهب إلى الله أني قد حكمت بما أنزل الله فيها، ولحكمت لأهل الانجيل بما أنزل الله في الانجيل حتى تذهب إلى الله أني قد حكمت بما أنزل الله فيها، ولحكمت في أهل القرآن بما أنزل الله في القرآن حتى يذهب إلى الله اني قد حكمت بما أنزل الله فيه(2).

8412/39 ـ محمد بن الحسن الصفار، حدثنا عمران بن موسى، عن محمد بن الحسين، عن محمد بن عبدالله بن زرارة، عن عيسى بن عبدالله، عن أبيه، عن جدّه، عن أمير المؤمنين (عليه السلام) قال: جاء جبرئيل إلى النبي (صلى الله عليه وآله) فقال: يامحمد إن باليمن صنماً من حجارة مقعد من حديد فابعث اليه حتى يجاء به، قال: فبعثني النبي (صلى الله عليه وآله) إلى اليمن فجئت بالحديد، فدفعت إلى عمر الصيقل فضرب منه سيفين ذي الفقار ومخذماً،

____________

1- الارشاد باب كلمات (عليه السلام): 132، البحار 32:113.

2- تفسير العياشي 1:15، البحار 92:95، تفسير البرهان 1:17.


الصفحة 297
فتقلد رسول الله (صلى الله عليه وآله) مخذماً وقلدني ذي الفقار ثم إنه صار إلي بعد مخذم(1).

8413/40 ـ محمد بن الحسن الصفار، حدثنا أحمد بن الحسن بن علي بن فضال، عن علي بن أسباط يرفعه، إلى أمير المؤمنين (عليه السلام) قال: دخل أمير المؤمنين (عليه السلام) الحمام فسمع صوت الحسن والحسين عليهما السلام قد علا، فقال لهما: ما لكما فداكما أبي واُمي، فقالا: اتبعك هذا الفاجر، فظننا أنه يريد أن يضرّك، قال: دعاه والله ما أطلق إلاّ له(2).

8414/41 ـ ابن شهر آشوب: الأصبغ بن نباتة، قال علي (عليه السلام): دخلت بلادكم بأشمالي هذه، ورحلتي وراحلتي هاهي، فان أنا خرجت من بلادكم بغير ما دخلت فانني من الخائنين(3).

8415/42 ـ عن أبي عمرو بن العلاء، عن أبيه قال: خطب علي [(عليه السلام)] فقال: ياأيها الناس والله الذي لا إله إلاّ هو ما رزأت من مالكم قليلا ولا كثيراً، إلاّ هذه وأخرج قارورة من كُمّ قميصه فيها طيب، فقال: أهداها إليّ دهقان(4).

8416/43 ـ ابن شهر آشوب: يروى أن أمير المؤمنين (عليه السلام) كان في بعض حيطان فدك وفي يده مسحاة فهجمت عليه امرأة من أجمل النساء، فقالت: يابن أبي طالب إن تزوجتني أغنيك عن هذه المسحاة وأدلّك على خزائن الأرض ويكون لك الملك ما بقيت، قال لها: فمن أنت حتى أخطبك من أهلك؟ قالت: أنا الدنيا، فقال (عليه السلام): ارجعي فاطلبي زوجاً غيري فلست من شأني، وأقبل على مسحاته وأنشأ يقول:

____________

1- بصائر الدرجات باب إن الأئمة عندهم سلاح رسول الله: 206، البحار 26:211، فرائد السمطين 1:252.

2- بصائر الدرجات باب إن الأئمة يعرفون متى يموتون: 500، البحار 42:197.

3- مناقب ابن شهر آشوب باب المسابقة بالزهد والقناعة 2:98، البحار 40:325.

4- كنز العمال 13:168 ح36510، حلية الأولياء 1:81، تاريخ ابن عساكر ترجمة الامام علي (عليه السلام) 3:232.


الصفحة 298

لقد خاب من غرته دنياً دنيةوما هي أن غرت قروناً بباطل
أتتنا على زي العروس بثينةوزينتها في مثل تلك الشمائل
فقلت لها غري سواي فإننيعزوف عن الدنيا ولست بجاهل
وما أنا والدنيا وأن محمداًرهين بقفر بين تلك الجنادل
وهبها أتتني بالكنوز ودرّهاوأموال قارون وملك القبائل
أليس جميعاً للفناء مصيرناويطلب من خزانها بالطوائل
فغري سواي إنني غير راغبلما فيك من عز وملك ونائل
وقد قنعت نفسي بما قد رزقتهفشأنك يادنيا وأهل الغوائل
فإني أخاف الله يوم لقائهوأخشى عذاباً دائماً غير زائل(1)

8417/44 ـ وعنه: وفي (فضائل أحمد) رُؤي على علي (عليه السلام) أزار غليظ اشتراه بخمسة دراهم، ورُؤي عليه أزار مرقوع، فقيل له في ذلك: فقال (عليه السلام): يقتدي به المؤمنون، ويخشع له القلب، وتذل به النفس ويقصد به المبالغ. وفي رواية أشبه بشعار الصالحين، وفي رواية أحصن لفرجي، وفي رواية أبعد لي من الكبر وأجدر أن يقتدي به المسلم(2).

8418/45 ـ ابن شهر آشوب: عن العسكري (عليه السلام) في خبر طويل: أن رجلا وابنه وردا عليه، فقام اليهما وأجلسهما في صدر مجلسه وجلس بين أيديهما، ثم أمر بطعام فأحضر فأكلا منه، ثم أخذ الابريق ليصب على يد الرجل، فتمرغ الرجل في التراب فقال: ياأمير المؤمنين كيف الله يراني وأنت تصب على يدي!! قال: اُقعد واغسل فإن الله يراني أخاك الذي لا يتميز منك، ولا يتفضل عنك ويزيد بذلك في

____________

1- مناقب ابن شهر آشوب باب المسابقة بالزهد والقناعة 2:102، البحار 40:329.

2- مناقب ابن شهر آشوب باب المسابقة بالزهد والقناعة 2:96، البحار 40:323.


الصفحة 299
خدمه في الجنة مثل عشرة أضعاف عدد أهل الدنيا على حسب ذلك في مماليكه فيها، فقعد الرجل وغسل يده، فلما فرغ ناول الابريق محمد بن الحنفية وقال: يابني لو كان هذا الابن حضرني دون أبيه لصببت على يده، ولكن الله يأبى أن يسوي بين ابن وأبيه إذا جمعهما مكان، قد صبّ الأب على الأب، فليصب الابن على الابن(1).

8419/46 ـ ابن شهر آشوب: الفائق إنه بعث العباس بن عبدالمطلب وربيعة بن الحارث ابنيهما الفضل بن العباس وعبدالمطلب بن ربيعة يسألانه أن يستعملهما على الصدقات، فقال علي (عليه السلام): والله لا نستعمل منكم أحداً على الصدقة، فقال له ربيعة: هذا أمرك، نلت صهر رسول الله (صلى الله عليه وآله) فلم نحسدك عليه، فألقى علي رداءه ثم اضطجع عليه فقال: أنا أبو الحسن القرم والله لا أريم حتى يرجع اليكما ابناكما يحور ما بعثتما به، قال (صلى الله عليه وآله): إن هذه الصدقة أوساخ الناس وانها لا تحلّ لمحمد ولا لآل محمد(2).

8420/47 ـ ابن شهر آشوب: وقدم عليه عقيل، فقال (عليه السلام) للحسن: أكس عمك، فكساه قميصاً من قمصه ورداءاً من أرديته، فلما حضر العشاء فاذا هو خبز وملح، فقال عقيل: ليس ما أرى؟ فقال: أوليس هذا من نعمة الله فله الحمد كثيراً، فقال: أعطني ما أقضي به ديني وعجل سراحي حتى أرحل عنك، قال: فكم دينك ياأبا يزيد؟ قال: مائة ألف درهم، قال: والله ما هي عندي ولا أملكها، ولكن اصبر حتى يخرج عطائي فأواسيكه، ولولا أنه لابد للعيال من شيء لأعطيتك كله، فقال عقيل: بيت المال في يدك وأنت تسوفني إلى عطائك، وكم عطاؤك وما عسى يكون ولو أعطيتنيه كله، فقال: ما أنا وأنت فيه إلاّ بمنزلة رجل من المسلمين، وكانا يتكلمان

____________

1- مناقب ابن شهر آشوب باب المسابقة بالتواضع 2:105، تفسير الامام العسكري (عليه السلام): 325 ح173، البحار 72:117، الاحتجاج 2:517 ح340.

2- مناقب ابن شهر آشوب باب المسابقة بالعدل والأمانة 2:107، البحار 41:111.


الصفحة 300
فوق قصر الامارة مشرفين على صناديق أهل السوق، فقال له علي (عليه السلام): إن أبيت ياأبا يزيد ما أقول فانزل إلى بعض هذه الصناديق فاكسر أقفالها وخذ ما فيه، فقال: وما في هذه الصناديق؟ قال: فيها أموال التجار، قال: أتأمرني أن أكسر صناديق قد توكلوا على الله وجعلوا فيها أموالهم، فقال أمير المؤمنين (عليه السلام): أتأمرني أن أفتح بيت مال المسلمين فأعطيك أموالهم وقد توكلوا على الله وأقفلوا عليها، وإن شئت أخذت سيفي وأخذت سيفك وخرجنا إلى الحيرة فإن بها تجاراً مياسير فدخلنا على بعضهم فأخذنا ماله، فقال: أو سارق جئت؟ قال: تسرق من واحد خير من أن تسرق من المسلمين جميعاً، فقال له: أفتأذن لي أن أخرج إلى معاوية؟ فقال له: قد أذنت لك، قال: فأعني على سفري هذا، قال: ياحسن اعط عمك أربعمائة درهم، فخرج عقيل وهو يقول:


سيغنيني الذي أغناه عنيويقضي ديننا رب قريب

وذكر عمرو بن العاص: إن عقيلا لما سأل عطاه من بيت المال، قال له أمير المؤمنين (عليه السلام) تقيم إلى يوم الجمعة؟ فأقام، فلما صلى أمير المؤمنين (عليه السلام) الجمعة قال لعقيل: ما تقول فيمن خان هؤلاء أجمعين؟ قال: بئس الرجل ذاك قال: فأنت تأمرني أن أخون هؤلاء وأعطيك(1).

8421/48 ـ ابن شهر آشوب: عن اُم عثمان اُم ولد علي، قالت جئت علياً (عليه السلام) وبين يديه قرنفل مكتوب في الرحبة، فقلت: ياأمير المؤمنين هب لابنتي من هذا القرنفل قلادة، فقال (عليه السلام): هاك ذا ونفذ بيده إليّ درهماً، فانما هذا للمسلمين أولا، فاصبروا حتى يأتينا حظنا منه، فنهب لابنتك قلادة(2).

____________

1- مناقب ابن شهر آشوب باب المسابقة بالعدل والأمانة 2:108، البحار 41:113.

2- مناقب ابن شهر آشوب باب المسابقة بالعدل والأمانة 2:109، البحار 41:115.


الصفحة 301
8422/49 ـ وعنه: وقد سأله عبدالله بن زمعة مالا فقال (عليه السلام): إن هذا المال ليس لي ولا لك وإنما هو للمسلمين وجلب أسيافهم، فان شركتهم في حربهم كان لك مثل حظهم، وإلاّ فجناة أيديهم لا تكون لغير أفواههم(1).

8423/50 ـ وعنه: جاء اليه عاصم بن ميثم وهو يقسم مالا، فقال: ياأمير المؤمنين إني شيخ كبير مثقل، قال (عليه السلام): والله ما هو بكد يدي ولا بتراثي عن والدي، ولكنها أمانة أوعيتها، ثم قال (عليه السلام): رحم الله من أعان شيخاً كبيراً مثقلا(2).

8424/51 ـ وعنه: عن ابن مردويه أنه (عليه السلام) لما أقبل من اليمن تعجل إلى النبي (صلى الله عليه وآله) واستخلف على جنده الذين معه رجلا من أصحابه، فعمد ذلك الرجل فكسا كل رجل من القوم حلة من البزّ، الذي كان مع علي (عليه السلام) فلما دنا جيشه خرج علي ليتلقاهم فاذا هم عليهم الحلل، فقال (عليه السلام): ويلك ما هذا؟ قال: كسوتهم ليتجملوا به إذا قدموا في الناس، قال: ويلك من قبل أن ينتهي إلى رسول (صلى الله عليه وآله) قال: فانتزع الحلل من الناس وردها في البز وأظهر الجيش شكاية لما صنع بهم(3).

8425/52 ـ ابن شهر آشوب: من كلام (عليه السلام) لما ردّ على المسلمين من قطائع عثمان: والله لو وجدته قد تزوج به النساء وملك بن الاماء لرددته، فان في العدل سعة ومن ضاق عليه العدل فالجور علهى أضيق(4).

8426/53 ـ ابن شهر آشوب: في رواية عن أبي الهيثم بن التيهان، وعبدالله بن أبي رافع: إن طلحة والزبير جاءا إلى أمير المؤمنين (عليه السلام) وقالا: ليس كذلك كان يعطينا

____________

1- مناقب ابن شهر آشوب باب المسابقة بالعدل والأمانة 2:110، البحار 41:115.

2- مناقب ابن شهر آشوب باب المسابقة بالعدل والأمانة 2:110، البحار 41:115.

3- مناقب ابن شهر آشوب باب المسابقة بالعدل والأمانة 42:110، البحار 41:115.

4- مناقب ابن شهر آشوب باب المسابقة بالعدل والأمانة 2:110، البحار 41:116، نهج البلاغة خطبة:15.


الصفحة 302
عمر، قال: فما كان يعطيكما رسول الله (صلى الله عليه وآله)؟ فسكتا، قال: أليس كان رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقسم بالسوية بين المسلمين؟ قالا: نعم، قال: فسنة رسول الله (صلى الله عليه وآله) أولى بالاتباع عندكم أم سنة عمر؟ قالا: سنة رسول الله، ياأمير المؤمنين لنا سابقة وعناء وقرابة، قال: سابقتكما أسبق أم سابقتي؟ قالا: سابقتك، قال: فقرابتكما أم قرابتي؟ قالا: قرابتك، قال: فعناؤكما أعظم من عنائي؟ قالا: عناؤك، قال: فوالله ما أنا وأجيري هذا إلاّ بمنزلة واحدة وأومى بيده إلى الأجير(1).

8427/54 ـ ابن شهر آشوب: وسأله (عليه السلام) بعض مواليه مالا، فقال (عليه السلام): يخرج عطاي فاُقاسمكم، فقال لا أكتفي وخرج إلى معاوية فوصله، فكتب إلى أمير المؤمنين (عليه السلام) يخبره بما أصاب من المال، فكتب اليه أمير المؤمنين (عليه السلام): أما بعد فإن ما في يدك من المال قد كان له أهل قبلك وهو صائر إلى أهل بعدك، فانما لك ما مهدت لنفسك فآثر نفسك على أحوج ولدك، فانما أنت جامع لأحد رجلين: أما رجل عمل فيه بطاعة الله فسعد بما شقيت، وأما رجل عمل فيه بمعصية الله فشقى بما جمعت له، وليس من هذين أحد بأهل أن تؤثره على نفسك ولا تبرد له على ظهرك، فارج لما مضى رحمة الله، وثق لمن بقي برزق الله(2).

8428/55 ـ ابن شهر آشوب: قال أمير المؤمنين (عليه السلام): ما رأيت منذ بعث الله محمداً رخاءاً فالحمد لله، ولقد خفت صغيراً وجاهدت كبيراً، اُقاتل المشركين واُعادي المنافقين، حتى قبض الله نبيه فكانت الطامة الكبرى، فلم أزل محاذراً وجلا أخاف أن يكون ما لا يسعني فيه المقام، فلم أر بحمد الله إلاّ خيراً حتى مات عمر، فكانت أشياء ففعل الله ما شاء الله، ثم اُصيب فلان، فما زلت بعد فيما ترون دائباً أضرب

____________

1- مناقب ابن شهر آشوب باب المسابقة بالعدل والأمانة 2:110، البحار 41:116.

2- مناقب ابن شهر آشوب باب المسابقة بالعدل والأمانة 2:111، البحار 41:117، نهج البلاغة قصار الحكم: 416.


الصفحة 303
بسيفي صبياً حتى كنت شيخاً(1).

8429/56 ـ ابن شهر آشوب: لما صعد أبو بكر المنبر نزل مرقاة، فلما صعد عمر نزل مرقاة، فلما صعد عثمان نزل مرقاة، فلما صعد علي (عليه السلام) صعد إلى موضع يجلس عليه رسول الله (صلى الله عليه وآله) فسمع من الناس ضوضاء، فقال (عليه السلام): ما هذه الذي أسمعها؟ قالوا: لصعودك إلى موضع رسول الله (صلى الله عليه وآله) الذي لم يصعده الذي تقدمك، فقال: سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول: من قام مقامي ولم يعمل بعملي أكبه الله في النار، وأنا والله العامل بعمله الممتثل قوله الحاكم بحكمه، فلذلك قمت هنا، ثم ذكر في خطبته: معاشر الناس قمت مقام أخي وابن عمي لأنه أعلمني بسري وما يكون مني(2).

8430/57 ـ الحافظ أبو نعيم: حدثنا عبدالله بن محمد بن جعفر، ثنا إبراهيم بن محمد ابن الحارث، ثنا سلمة بن شبيب، ثنا أحمد بن أبي الحواري، قال: سمعت أبا الفرج يقول: قال علي بن أبي طالب [(عليه السلام)] : ما يسرني لو مت طفلا وأُدخلت الجنة ولم أكبر فأعرف ربي عزّوجلّ(3).

8431/58 ـ الحافظ أبو نعيم، حدثنا أحمد بن جعفر بن حمدان، حدثنا عبدالله بن أحمد بن حنبل، حدثني أبي، حدثني سفيان بن وكيع، ثنا أبو غسان، عن أبي داود المكفوف، عن عبدالله بن شريك، عن جده، عن علي بن أبي طالب [(عليه السلام)] : أنه اُتي بفالوذج، فوضع قدامه بين يديه، فقال: إنك طيب الريح حسن اللون طيب الطعم، لكن أكره أن أعوّد نفسي ما لم تعتده(4).

8432/59 ـ وعنه، حدثنا الحسن بن علي الوراق، حدثنا محمد بن أحمد بن عيسى،

____________

1- مناقب ابن شهر آشوب باب المسابقة باليقين والصبر 2:121، البحار 41:5.

2- مناقب ابن شهر آشوب باب الاستنابة والولاية 2:136، البحار 38:77.

3- حلية الأولياء 1:74، كنز العمال 13:151 ح36472.

4- حلية الأولياء 1:81، الرياض النضرة 2:213، كنز العمال 13:184 ح36549.


الصفحة 304
ثنا عمرو بن تميم، ثنا إسماعيل بن إبراهيم بن مهاجر، قال: سمعت عبدالملك بن عمير يقول: حدثني رجل من ثقيف أن علياً [(عليه السلام)] استعمله على عكبرا، قال: ولم يكن السواد يسكنه المصلون، وقال لي: إذا كان عند الظهر فرح إلي، فرحت اليه فلم أجد عنده حاجباً يحبسني عنه دونه، فوجدته جالساً وعنده قدح وكوز من ماء، فدعا بطينة (بظبية ولعله الصحيح والظبية جراب صغير) فقلت في نفسي: لقد منني حتى يخرج إليّ جوهراً ـ ولا أدري ما فيها ـ فاذا عليها خاتم، فكسر الخاتم فاذا فيها سويق، فأخرج منها فصب في القدح فصب عليه ماء فشرب وسقاني فلم أصبر، فقلت: ياأمير المؤمنين أتصنع هذا بالعراق، وطعام العراق أكثر من ذلك، قال: أما والله ما أختم عليه بخلا عليه ولكني ابتاع قدر ما يكفيني، فأخاف أن يغنى فيصنع من غيره، وإنما حفظي لذلك، وأكره أن أدخل بطني إلاّ طيباً(1).

8433/60 ـ وعنه، حدثنا محمد بن أحمد بن الحسن، ثنا عبدالله بن أحمد بن حنبل، ثنا علي بن حكيم، ثنا محمد بن علي، ثنا أبو القاسم البغوي، ثنا علي بن الجعد، قالا: ثنا شريك، عن عثمان بن أبي زرعة، عن زيد بن وهب، قال: قدم على علي [(عليه السلام)] وفد من أهل البصرة فيهم رجل من أهل الخوارج يقال له الجعد بن نعجة، فعاتب علياً [(عليه السلام)] في لبوسه، فقال علي: ما لك وللبوسي، إن لبوسي أبعد من الكبر وأجدر أن يقتدي بي المسلم(2).

8434/61 ـ وعنه، حدثنا أحمد بن جعفر بن حمدان، ثنا عبدالله بن أحمد بن حنبل، حدثني أبو عبدالله السلمي، ثنا إبراهيم بن عيينة، عن سفيان الثوري، عن عمرو بن قيس، قال: قيل لعلي أمير المؤمنين [(عليه السلام)] لِمَ لم ترقع قميصك؟ قال: يخشع القلب،

____________

1- حلية الأولياء 1:82، تاريخ ابن عساكر ترجمة الامام علي (عليه السلام) 3:247، الرياض النضرة 2:219.

2- حلية الأولياء 1:82، الرياض النضرة 2:218.


الصفحة 305
ويقتدي به المؤمن(1).

8435/62 ـ عن زيد بن وهب، قال: خرج علينا علي [(عليه السلام)] وعليه رداء وإزار قد رقعه بخرقة، فقيل له: فقال: إنما ألبس هذين الثوبين ليكون أبعد لي من الزهو، وخير لي في صلاتي وسنة للمؤمنين(2).

8436/63 ـ الحافظ أبو نعيم: حدثنا محمد بن أحمد بن الحسن، ثنا بشر بن موسى، ثنا محمد بن سعيد الاصبهاني، ثنا شريك، عن عاصم بن كليب، عن محمد بن كعب، قال: سمعت علياً [(عليه السلام)] يقول: لقد رأيتني أربط الحجر على بطني من شدة الجوع على عهد رسول الله (صلى الله عليه وسلم)، وإن صدقتي اليوم لأربعون ألف دينار(3).

8437/64 ـ وعنه، حدثنا أحمد بن جعفر بن سلم الختلي، ثنا أحمد بن علي الأبار، ثنا علي بن عبدالله بن معاوية بن ميسرة بن شريح القاضي، ثنا أبي، عن أبيه معاوية، عن ميسرة، عن شريح، قال: كنت مع علي [(عليه السلام)] في سوق الكوفة حتى انتهى إلى قاص يقص، فوقف عليه فقال: أيها القاص تقص ونحن قريب العهد، أما إني أسألك فان تخرج عما سألتك وإلاّ أدبتك، قال القاص: سل ياأمير المؤمنين عما شئت، فقال [(عليه السلام)] ما ثبات الايمان وزواله؟ فقال القاص: ثبات الايمان الورع، وزواله الطمع، قال علي [(عليه السلام)] : فمثلك يقص(4).

8438/65 ـ قال أبو عبيد الهروي: في حديث علي (عليه السلام) أنه شيع سرية أو جيشاً فقال: أعذبوا عن النساء(5).


بيـان:

يقول (عليه السلام): امنعوا أنفسكم عن ذكر النساء وشغل القلوب بهن، فان ذلك يكسركم عن الغزو، وكل من منعته شيئاً فقد أعذبته.


____________

1- حلية الأولياء 1:83، الرياض النضرة 2:213.

2- كنز العمال 13:185 ح36552.

3- حلية الأولياء 1:85، الرياض النضرة 2:208.

4- حلية الأولياء 4:136.

5- غريب الحديث 3:467.


الصفحة 306
8439/66 ـ ابن شهر آشوب: وسأله ابن الكواء كم بين السماء والأرض؟ فقال: (عليه السلام) دعوة مستجابة، قال: وما طعم الماء؟ قال: طعم الحياة،قال: وكم بين المشرق والمغرب؟ فقال: مسيرة يوم للشمس، قال: وما أخوان ولدا في يوم واحد وماتا في يوم واحد وعمر أحدهما خمسون ومائة سنة وعمر الآخر خمسون سنة؟ فقال (عليه السلام): ولد عزير وعزرة اُخوة؟ لان عزيراً أماته الله مائة سنة ثم بعثه، وعن بقعة ما طلعت عليها الشمس إلاّ لحظة واحدة؟ فقال (عليه السلام): ذلك البحر الذي فلقه الله لبني اسرائيل، وعن إنسان يأكل ويشرب ولا يتغوط؟ قال: ذلك الجنين، وعن شيء شرب وهو حي وأكل وهو ميت؟ فقال: عصا موسى شربت وهي في شجرتها غضة وأكلت لما التقفت حبال السحرة وعصيهم، وعن بقعة علت على الماء في أيام الطوفان؟ فقال: ذلك موضع الكعبة لأنها كانت ربوة، وعن مكذوب عليه ليس من الجن ولا من الانس؟ فقال: ذلك الذئب إذ كُذب عليه اُخوة يوسف، وعن من اُوحي اليه ليس من الجن ولا من الانس؟ فقال (عليه السلام): {وَأَوْحى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ}(1)... وقد مر(2).

8440/67 ـ ابن عساكر، أخبرنا أبو البركات عمر بن إبراهيم الزيدي، أنبأنا أبو الفرج محمد بن أحمد بن علان، قالا: أنبأنا أبو عبدالله محمد بن عبدالله بن الحسين الجعفي بالكوفة، أنبأنا علي بن محمد بن هارون الحميري، أنبأنا أبو كريب، أنبأنا أبو معاوية، عن الأعمش عن عمرو بن مرة، عن أبي، عن أبي البختري، عن علي [(عليه السلام)] ، قال: أتاه رجل فأثنى عليه، قال: وكان قد بلغه عنه قبل ذلك شيء، فقال

____________

1- النحل: 68.

2- مناقب ابن شهر آشوب باب قضاياه (عليه السلام) في خلافته 2:383، البحار 10:85.


الصفحة 307
له علي: ليس كما تقول وأنا فوق ما في نفسك(1).

8441/68 ـ وقف سائل عند علي (رضي الله عنه) فقال: لأحد ولده: قل لاُمك هاتي درهماً من ستة دراهم، فقالت: هي للدقيق، فقال: لا يصدق إيمان عبد حتى يكون ما في يد الله أوثق مما في يده فتصدق بالستة، ثم مر به رجل يبيع جملا، فاشتراه بمائة وأربعين وباعه بمائتين، فجاء بالستين إلى فاطمة، فقالت: ما هذا؟ قال: هذا ما وعدنا الله على لسان أبيك {مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا}(2)(3).

8442/69 ـ قال السيد الجزائري في مقاماته: وفي الرواية أنه سئل أمير المؤمنين (عليه السلام) عن صفاء لونه وبياض وجهه وحمرة جبينه، مع ما هو عليه من العبادة والمحبة، واصفرار وجوه العابدين؟ فقال (عليه السلام): انهم خلوا بحبيب لم يعرفوا حالهم لديه أراض أم ساخط، فلذلك كان القوم على وجل، وأما أنا فبلغت درجة يحبهم ويحبونه، فأنا آمن غير خائف(4).

8443/70 ـ قيل لأمير المؤمنين (عليه السلام) وهو على بغلة له في بعض الحروب: لو اتخذت الخيل ياأمير المؤمنين؟ فقال: أنا لا أفر عن من كر، واكر على من فر، فالبغلة تكفيني(5).

8444/71 ـ محمد بن الحسن الصفار، حدثنا محمد بن يحيى العطار، قال: حدثنا محمد بن الحسن الصفار، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن يعقوب بن يزيد، عن ابن أبي عمير، عن إبراهيم بن عبدالحميد، عن أبي حمزة الثمالي، عن أبي عبدالله (عليه السلام)

____________

1- تاريخ ابن عساكر ترجمة الامام علي (عليه السلام) 2:293، كنز العمال 13:180 ح36539.

2- الأنعام: 160.

3- ربيع الأبرار 2:9.

4- كشكول الميبدي: 57.

5- كشكول شيخ يوسف البحراني 2:185.