الصفحة 308
قال: قال علي (عليه السلام): لو ثنيت لي وسادة لحكمت بين أهل القرآن بالقرآن حتى يزهو إلى الله، ولحكمت بين أهل التوراة بالتوراة حتى يزهو إلى الله، ولحكمت بين أهل الانجيل بالانجيل حتى يزهو إلى الله، ولحكمت بين أهل الزبور بالزبور حتى يزهو إلى الله، ولولا آية في كتاب الله لأنبأتكم بما يكون حتى تقوم الساعة(1).

8445/72 ـ وعنه، حدثنا محمد بن الحسين، عن عبدالله بن حماد، عن أبي الجارود، عن الأصبغ بن نباتة، قال: قال أمير المؤمنين (عليه السلام): لو كسرت لي وسادة فقعدت عليها لقضيت بين أهل التوراة بتوراتهم وأهل الانجيل بانجيلهم وأهل الزبور بزبورهم، وأهل الفرقان بفرقانهم، بقضاء يصعد إلى الله يزهو، والله ما نزلت آية في كتاب الله في ليل أو نهار إلاّ وقد علمت فيمن نزلت، ولا ممن مرّ على رأسه المواسي من قريش إلاّ وقد نزلت فيه آية من كتاب تسوقه إلى الجنة أو إلى النار، فقام اليه رجل فقال: ياأمير المؤمنين ما الآية التي نزلت فيك؟ قال له: أما سمعت الله يقول: {أَفَمَنْ كَانَ عَلى بَيِّنَة مِنْ رَبِّهِ ويَتْلُوهُ شَاهِدٌ مِنْهُ}(2) قال: رسول الله (صلى الله عليه وآله) على بينة من ربه، وأنا شاهد له فيه وأتلوه معه(3).

8446/73 ـ محمد بن الحسن الصفار، حدثنا محمد بن حسان، ويعقوب بن إسحاق، عن أبي عمران الأرمني، عن محمد بن علي بن أسباط، عن يعقوب بن سالم، عن أبي الحسن العبدي، عن علي بن ميسرة، عن أبي أراكة، قال كنا مع علي (عليه السلام) بمسكن فحدثنا أن علياً ورث من رسول الله (صلى الله عليه وآله) السيف، وبعض يقول البغلة، وبعض يقول صحيفة في حمائل السيف، إذ خرج علي (عليه السلام) ونحن في حديثه،

____________

1- بصائر الدرجات باب قول أمير المؤمنين (عليه السلام) بأحكامه بما في التوراة والانجيل: 152، البحار 26:182.

2- هود: 17.

3- بصائر الدرجات باب قول أمير المؤمنين (عليه السلام) بأحكامه بما في التوراة والانجيل: 152، البحار 35:387، تفسير البرهان 2:212.


الصفحة 309
فقال: أيم الله لو انبسط ويؤذن لي لحدثتكم حتى يحول الحول لا أعيد حرفاً، وأيم الله إن عندي لصحف كثيرة قطايع رسول الله وأهل بيته وإن فيها لصيحفة يقال لها العبيطة، وما ورد على العرب أشد عليهم منها، وإن فيها لستين قبيلة من العرب مبهرجة ما لها في دين الله من نصيب(1).

8447/74 ـ محمد بن الحسن الصفار، حدثنا أبو القاسم، قال: حدثنا محمد بن يحيى العطار، قال: حدثنا محمد بن الحسن، قال: حدثنا أحمد بن علي بن الحكم، عن ربيع بن محمد المكي، عن سعد بن طريف، عن الأصبغ بن نباتة، قال: كان أمير المؤمنين (عليه السلام) إذا وقف الرجل بين يديه قال: يافلان استعدّ وأعدّ لنفسك ما تريد فانك تمرض في يوم كذا وكذا في ساعة كذا وكذا، وسبب مرضك كذا وكذا، وتموت في شهر كذا وكذا في يوم كذا وكذا في ساعة كذا وكذا(2).

8448/75 ـ أحمد بن أبي عبدالله البرقي، عن الحسن بن علي الوشاء، عن مثنى الحناط، قال: حدثني أحمد، عن رجل، عن ابن المغيرة، قال: سمعت علياً (عليه السلام) يقول: اتقوا الله ولا يخدعنكم إنسان، فانما ديني دين واحد، دين آدم الذي إرتضاه الله، وإنما أنا عبد مخلوق، ولا أملك لنفسي نفعاً ولا ضراً إلاّ ما شاء الله، وما أشاء إلاّ ما شاء الله(3).

8449/76 ـ المفيد، أخبرني أبو الحسن علي بن محمد، قال: حدثنا أحمد بن إبراهيم، قال: حدثنا أبو الحسن علي بن الحسن، قال: حدثنا الحسين بن نصر بن مزاحم، قال: حدثني أبي، قال: حدثنا أبو عبدالرحمن عبدالله بن عبدالملك، عن يحيى بن سلمة، عن أبيه سلمة بن كهيل، عن أبي صادق، قال: سمعت أمير المؤمنين علي بن

____________

1- بصائر الدرجات باب إن الأئمة عندهم الصحيفة الجامعة: 169، البحار 26:37.

2- بصائر الدرجات باب إن الأئمة يعرفون آجال شيعتهم: 282، البحار 26:145، إثبات الهداة 4:500، الخرائج والجرائح 2:707، مدينة المعاجز 2:174 ح478.

3- المحاسن 1:244 ح453، البحار 68:89.


الصفحة 310
أبي طالب (عليه السلام) يقول: ديني دين رسول الله (صلى الله عليه وآله) وحسبي حسب رسول الله، فمن تناول ديني وحسبي فقد تناول دين رسول الله وحسبه(1).

8450/77 ـ الحاكم النيسابوري، حدثني أبو قتيبة سالم بن الفضل الآدمي بمكة، ثنا محمد بن عثمان بن أبي شيبة، ثنا عمي أبو بكر، ثنا علي بن ثابت الدهان، ثنا الحكم ابن عبدالملك، عن الحارث بن حصيرة، عن أبي صادق، عن ربيعة بن ناجد، عن علي (رضي الله عنه) قال: دعاني رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فقال: ياعلي إن فيك من عيسى (عليه السلام) مثلا أبغضته اليهود حتى بهتوا اُمه، وأحبته النصارى حتى أنزلوه المنزلة التي ليس بها، قال: وقال علي: ألا وانه يهلك فيّ محب مطري يفرطني بما ليس فيّ، ومبغض مفتر يحمله شنأني على أن يبهتني، ألا واني لست بنبي ولا يوحى إليّ ولكني أعمل بكتاب الله وسنة نبيه (صلى الله عليه وآله وسلم) ما استطعت، فما أمرتكم به من طاعة الله تعالى فحق عليكم طاعتي فيما أحببتم أو كرهتم، وما أمرتكم بمعصية أنا وغيري فلا طاعة لأحد في معصية الله عزّوجلّ إنما الطاعة في المعروف(2).

8451/78 ـ ابن شهر آشوب: عن عبدالله بن يحيى الحضرمي، عن علي (عليه السلام) قال: كان لي من رسول الله (صلى الله عليه وآله) مدخلان: مدخلا بالليل ومدخلا بالنهار، وكنت إذا دخلت عليه وهو يصلي تنحنح لي(3).

8452/79 ـ أحمد بن حنبل: حدثنا أبو سعيد، حدثنا عبدالواحد بن زياد الثقفي، حدثنا عمارة بن القعقاع، عن الحرث بن يزيد العكلي، عن أبي زرعة، عن عبدالله ابن نجي، قال: قال علي [(عليه السلام)] : كانت لي ساعة في السّحر أدخل فيها على رسول

____________

1- أمالي المفيد المجلس العاشر: 60، البحار 39:313.

2- مستدرك الحاكم النيسابوري 3:123، مسند أحمد 1:160، تاريخ الخلفاء للسيوطي: 137، ذخائر العقبى: 92، تاريخ ابن عساكر ترجمة الامام علي (عليه السلام) 2:235.

3- مناقب ابن شهر آشوب باب الاختصاص برسول الله (صلى الله عليه وآله) 2: 227، البحار 38:304.


الصفحة 311
الله(صلى الله عليه وسلم) فان كان قائماً يصلي سبّح لي، فكان ذلك إذنه لي، وان لم يكن يصلي أذن لي(1).

8453/80 ـ محمد بن الحسين، عن محمد بن أسلم، عن ابن اُذينة، عن أبان، عن سليم بن قيس، عن أمير المؤمنين (عليه السلام) قال: كنت إذا سألت رسول الله (صلى الله عليه وآله) أجابني، وان فنيت مسائلي ابتدأني، فما نزلت عليه آية في ليل ولا نهار ولا سماء ولا أرض ولا دنيا ولا آخرة ولا جنة ولا نار ولا سهل ولا جبل ولا ضياء ولا ظلمة إلاّ أقرأنيها وأملاها عليّ وكتبتها بيدي، وعلّمني تأويلها وتفسيرها ومحكمها ومتشابهها، وخاصّها وعامها، وكيف نزلت وأين نزلت وفيمن اُنزلت إلى يوم القيامة، دعا الله لي أن يعطيني فهماً وحفظاً، فما نسيت آية من كتاب الله ولا على من اُنزلت إلاّ أملاه عليّ(2).

8454/81 ـ الحاكم النيسابوري، أخبرني أبو الحسن محمد بن أحمد بن هانئ العدل، ثنا الحسين بن الفضل، ثنا هوذة بن خليفة، ثنا عوف عن عبدالله بن عمرو ابن هند الجهني، قال: سمعت علياً (رضي الله عنه) يقول: كنت إذا سألت رسول الله (صلى الله عليه وسلم)أعطاني، وإذا سكت ابتدأني(3).

8455/82 ـ ابن عساكر، أخبرنا أبو الفرج غيث بن علي، أنبأنا أبو الفتح محمد بن الحسن بن محمد الأسد آبادي بقرائتي عليه بصور، أنبأنا أبو عبدالله الحسين بن محمد بن أحمد الحلبي البزاز المعدل بدمشق، أنبأنا أبو عبدالله أحمد بن عطاء البروذباري الصوفي املاءً بصور، أنبأنا أبو بكر محمد بن الحسين القنطري، أنبأنا علي بن أحمد بن محمد بن علي العلوي، حدثني أبي، عن أبيه، عن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب، عن أبيه، عن جده، عن أبيه علي بن أبي

____________

1- مسند أحمد 1:77.

2- بصائر الدرجات: 218، البحار 40:139.

3- مستدرك الحاكم النيسابوري 3:125، كنز العمال 13:120 ح36387، الرياض النضرة 2:193.


الصفحة 312
طالب [(عليه السلام)] ، قال: كنت أدخل على رسول الله (صلى الله عليه وآله) ليلا ونهاراً، وكنت إذا سألته أجابني، وإن سكت ابتدأني، وما نزلت عليه آية إلاّ قرأتها وعلمت تفسيرها وتأويلها، ودعا الله لي أن لا أنسى شيئاً علمني إياه، فما نسيت من حرام ولا حلال وأمر ونهي وطاعة ومعصية، ولقد وضع يده على صدري وقال: اللهم املأ قلبه علماً وفهماً وحكماً ونوراً، ثم قال لي: أخبرني ربي عزّوجلّ أنه قد استجاب لي فيك(1).

8456/83 ـ عن قيس، قال: دخل الأشعث بن قيس على علي [(عليه السلام)] في شيء فتهدده بالموت، فقال علي: بالموت تهددني، ما أبالي سقط عليّ أو سقطت عليه(2).

8457/84 ـ عن فضالة بن أبي فضالة الأنصاري، قال: خرجت مع أبي إلى ينبع عائداً علي بن أبي طالب [(عليه السلام)] وكان مريضاً بها حتى ثقل، فقال له أبي: ما يقيمك بهذا المنزل؟ ولو مت لم يلك إلاّ أعراب جهينة، احتمل حتى تأتي المدينة، فان أصابك أجلك وليك أصحابك وصلوا عليك ـ وكان أبو فضالة من أصحاب بدر ـ فقال علي [(عليه السلام)] : إني لست ميتاً من وجعي هذا، إن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) عهد إليّ أن لا أموت حتى أؤمّر ثم تختضب هذه ـ يعني لحيته ـ من دم هذه ـ يعني هامته(3).

8458/85 ـ قال علي (عليه السلام): ونشهد أن لا إله إلاّ الله وحده لا شريك له، وإن محمداً عبده ورسوله، شهادتين تصعدان القول، وترفعان العمل، لا يخف ميزان يوضعان فيه، ولا يثقل ميزان يرفعان منه(4).

8459/86 ـ قال علي (عليه السلام): وأشهد أن لا إله إلاّ الله، شهادة ممتحناً إخلاصها، معتقداً

____________

1- تاريخ ابن عساكر ترجمة الامام علي (عليه السلام) 2:485.

2- كنز العمال 13:130 ح36412.

3- كنز العمال 13:187 ح36556، الرياض النضرة 2:228.

4- ربيع الأبرار 2:327.


الصفحة 313
مصامّها، نتمسك بها أبداً ما أبقانا، وندخرها لأهاويل ما يلقانا(1).

8460/87 ـ دخل ضرار بن ضمرة الليثي على معاوية بن أبي سفيان، فقال له معاوية: صف لي علياً، فقال: أو لا تعفيني عن ذلك، فقال: لا أعفيك.

فقال: كان والله بعيد المدى شديد القوى، يقول فصلا ويحكم عدلا، يتفجر العلم من جوانبه وتنطق الحكمة من نواحيه، يستوحش من الدنيا وزهرتها ويستأنس بالليل ووحشته، كان والله غزير العبرة، طويل الفكرة، يقلب كفه ويخاطب نفسه ويناجي ربه، يعجبه من اللباس ما خشن ومن الطعام ما جشب، كان والله فينا كأحدنا يدنينا إذا أتيناه ويجيبنا إذا سألناه، وكنا مع دنوه منا وقربنا منه لا نكلمه لهيبته ولا ترفع أعيننا اليه لعظمته، فإن تبسم فعن (ظهر أسنانه) مثل اللؤلؤ المنظوم، يقرّب أهل الدين ويحب المساكين، لا يطمع القوي في باطله، ولا ييأس الضعيف من عدله، فأشهد بالله لقد رأيته في بعض مواقفه وقد أرخى الليل سدوله وغارت نجومه وهو قائم في محرابه قابض على لحيته يتململ تململ السليم (السقيم) ويبكي بكاء الحزين، فكأني ألآن أسمعه وهو يقول:

يادنيا يادنيا أبي تعرضت أم إليّ تشوقت هيهات هيهات غري غيري لا حاجة لي فيك قد طلقتك ثلاثاً لا رجعة لي فيك، فعمرك قصير وأملك حقير، آه آه من قلة الزاد وبعد السفر ووحشة الطريق وعظم المورد، فسالت دموع معاوية على لحيته فنشفها بكمه، واختنق القوم بالبكاء، ثم قال: كان والله أبو الحسن علي كذلك، فكيف صبرك عنه ياضرار؟ قال: صبر من ذبح ولدها على صدرها، فهي لا ترقى عبرتها ولا تسكن حرارتها، ثم قام فخرج وهو باك، فقال معاوية أما إنكم لو تفقدوني لما كان منكم من يثني عليّ مثل هذا الثناء، فقال بعض من كان حاضراً:


الصفحة 314
الصاحب على قدر صاحبه(1).

8461/88 ـ روي أن أمير المؤمنين (عليه السلام) إذا أتاه طالب حاجة قال له: اكتبها على الأرض فاني أكره أن أرى ذل السؤال في وجه السائل(2).

8462/89 ـ عن أمير المؤمنين (عليه السلام) وقد لقيه عند سيره إلى الشام دهاقين الأنبار فترجلوا له واشتدوا بين يديه، قال: ما هذا الذي صنعتموه؟ فقالوا: خُلُقٌ منا نعظم به اُمراءَنا، فقال: والله ما ينتفع بهذا اُمراؤكم! وإنكم لتشقون به على أنفسكم في دنياكم، وتشقون به في آخرتكم، فما أخسر المشقة وراءها العقاب، وأربح الدعة معها الأمان من النار(3).

____________

1- إرشاد القلوب باب عبادته ووصف ضرار: 218، البحار 41:120، حلية الأولياء 1:84، ربيع الأبرار 1:97، مناقب ابن شهر آشوب 2:124، الرياض النضرة 2:187، كنز الكراجكي: 270.

2- إرشاد القلوب باب السخاء والجود: 136، مستدرك الوسائل 7:238 ح8131.

3- نهج البلاغة قصار الحكم: 37، وسائل الشيعة 8:561، البحار 41:55.


الصفحة 315

الباب الثالث:

ما جاء في تاريخ حياته (عليه السلام)

8463/1 ـ محمد بن إسماعيل، قال: حدّثني الفضل بن شاذان، عن ابن أبي عمير، عن وهيب بن حفص، عن أبي بصير، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: جاء المهاجرون والأنصار وغيرهم بعد ذلك إلى على (عليه السلام) فقالوا له: أنت والله أمير المؤمنين وأنت والله أحق الناس وأولاهم بالنبي (صلى الله عليه وآله)، هلم يدك نبايعك فوالله لنموتن قدامك، فقال علي (عليه السلام): إن كنتم صادقين فاغدوا غداً عليّ محلقين، فحلق علي (عليه السلام) وحلق سلمان وحلق مقداد وحلق أبو ذر، ولم يحلق غيرهم، ثم انصرفوا فجاؤوا مرة اُخرى بعد ذلك، فقالوا له: أنت والله أمير المؤمنين وأنت أحق الناس وأولاهم بالنبي (صلى الله عليه وآله) هلم يدك نبايعك فحلفوا، فقال: إن كنتم صادقين فاغدوا عليّ محلقين، فما حلق إلاّ هؤلاء الثلاثة(1).

8464/2 ـ علي بن إبراهيم القمي: جاء رجل إلى أمير المؤمنين (عليه السلام) يوم الجمل

____________

1- رجال الكشي 1:38 ح18، البحار 28:236، روضة الواعظين: 282.


الصفحة 316
فقال: ياعلي على ما تقاتل أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وآله) ومن شهد أن لا إله إلاّ الله وأن محمداً رسول الله؟ فقال علي (عليه السلام): آية في كتاب الله أباحت لي قتالهم، قال: وما هي؟ قال: قوله تعالى: {تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلى بَعْض مِنْهُمْ مَنْ كَلَّمَ اللهُ وَرَفَعَ بَعْضَهُمْ دَرَجَات وَآتَيْنَا عِيسَى بْنَ مَرْيَمَ الْبَيِّنَاتِ وَأَيَّدْنَاهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ وَلَوْ شَاءَ اللهُ مَا اقْتَتَلَ الَّذِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَلكِنِ اخْتَلَفُوا فَمِنْهُمْ مَنْ آمَنَ وَمِنْهُمْ مَنْ كَفَرَ وَلَوْ شَاءَ اللهُ مَا اقْتَتَلُوا وَلكِنَّ اللهَ يَفْعَلُ مَا يُرِيدُ}(1) فقال الرجل: كفر والله القوم(2).

8465/3 ـ الطبرسي: عن الأصبغ بن نباتة، قال: كنت واقفاً مع أمير المؤمنين (عليه السلام) يوم الجمل، فجاء رجل حتى وقف بين يديه فقال: ياأمير المؤمنين كبّر القوم وكبرنا وهلل القوم وهللنا، وصلى القوم وصلينا، فعلى ما نقاتلهم فقال أمير المؤمنين (عليه السلام): على ما أنزل جل ذكره في كتابه، فقال: ياأمير المؤمنين ليس كل ما أنزل الله في كتابه أعلمه، فعلمنيه؟ فقال علي (عليه السلام): ما أنزل الله في سورة البقرة، فقال ياأمير المؤمنين ليس كل ما أنزل الله في سورة البقرة أعلمه، فعلمنيه؟ فقال علي (عليه السلام): هذه الآية: {تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلى بَعْض مِنْهُمْ مَنْ كَلَّمَ اللهُ وَرَفَعَ بَعْضَهُمْ دَرَجَات وَآتَيْنَا عِيسَى بْنَ مَرْيَمَ الْبَيِّنَاتِ وَأَيَّدْنَاهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ وَلَوْ شَاءَ اللهُ مَا اقْتَتَلَ الَّذِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَلكِنِ اخْتَلَفُوا فَمِنْهُمْ مَنْ آمَنَ وَمِنْهُمْ مَنْ كَفَرَ وَلَوْ شَاءَ اللهُ مَا اقْتَتَلُوا وَلكِنَّ اللهَ يَفْعَلُ مَا يُرِيدُ}(3) فنحن الذين آمنا وهم الذين كفروا، فقال الرجل: كفر القوم ورب الكعبة، ثم حمل فقاتل حتى قتل (رحمه الله) (4).

____________

1- البقرة: 253.

2- تفسير القمي 1:84، تفسير البرهان 1:239.

3- البقرة: 253.

4- الاحتجاج 1:398 ح84، البحار 32:202، تفسير الثقلين 1:211، أمالي المفيد المجلس 12:67، أمالي الطوسي المجلس 7:197 ح337، تفسير البرهان 1:239، تفسير العياشي 1:136، تفسير الصافي 1:280، بشارة المصطفى: 106.


الصفحة 317
8466/4 ـ نصر بن مزاحم، حدثنا عمر بن سعد، عن الحارث بن حصين (حصيرة) قال: دخل أبو زينب بن عوف على علي (عليه السلام) [وذلك لما أراد الخروج إلى صفين]فقال: ياأمير المؤمنين لئن كنا على الحق لأنت أهدانا سبيلا، وأعظمنا في الخير نصيباً، ولئن كنا على ضلالة انك لاثقلنا ظهراً وأعظمنا وزراً، أمرتنا بالمسير إلى هذا العدو، وقد قطعنا ما بيننا وبينهم من الولاية، وأظهرنا لهم العداوة، نريد بذلك ما يعلمه الله تعالى من طاعتك، وفي أنفسنا من ذلك ما فيها أليس الذي نحن عليه الحق المبين، والذي عليه عدونا هو الغي والحوب الكبير؟

فقال علي (عليه السلام): بلى شهدت أنك إن مضيت معنا ناصراً لدعوتنا، صحيح النية في نصرنا، قد قطعت منهم الولاية، وأظهرت لهم العداوة كما زعمت، فإنك ولي الله تسبح في رضوانه، وتركض في طاعته، فابشر أبا زينب.

وقال له عمار بن ياسر: أثبت أبا زينب ولا تشك في الأحزاب أعداء الله ورسوله، فقال أبو زينب ما أحب ان لي شاهدين من هذه الاُمة شهدا لي عما سألت من هذا الأمر الذي أهمني مكانكما.


بيـان:

وهذا الخبر يدل على شك كان منه فزال، وانه لم يكن له كثير معرفة بمقام أمير المؤمنين (عليه السلام) (1).


8467/5 ـ نصر بن الصباح البلخي، قال: حدثنا أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسين بن سعيد، عن إسماعيل بن بزيع، عن أبي الجارود، قال: قلت للأصبغ بن نباتة: ما كان منزلة هذا الرجل فيكم؟ قال: ما أدري ما تقول: إلاّ أن سيوفنا كانت على عواتقنا فمن أوصى اليه ضربناه بها، وكان يقول لنا: تشرطوا فوالله ما اشتراطكم لذهب ولا فضة وما اشتراطكم إلاّ للموت إن قوماً من قبلكم [من بني

____________

1- وقعة صفين: 100، أعيان الشيعة 3:523.


الصفحة 318
إسرائيل] تشارطوا بينهم فما مات أحد منهم حتى كان نبي قومه أو نبي قريته أو نبي نفسه، وإنكم بمنزلتهم غير أنكم لستم بأنبياء(1).

8468/6 ـ محمد بن الحسين، عن محمد بن جعفر، عن أحمد بن عبدالله قال: قال علي بن الحكم: أصحاب أمير المؤمنين (عليه السلام) الذين قال لهم: تشرَّطو فأنا اشارطكم على الجنة ولست اشارطكم على ذهب ولا فضة، ان نبينا (صلى الله عليه وآله) فيما مضى قال لأصحابه: تشرطوا فاني لست اشارطكم إلاّ على الجنة، وهم سلمان الفارسي، والمقداد، وأبو ذر الغفاري وعمار بن ياسر، وأبو ساسان وأبو عمرو الأنصاريان، وسهل ـ بدري ـ وعثمان ابنا حنيف الأنصاري، وجابر بن عبدالله الأنصاري(2).

8469/7 ـ محمد بن مسعود العياشي، وأبو عمرو بن عبدالعزيز، قالا: حدثنا محمد بن نصير، قال: حدثنا محمد بن عيسى، عن أبي الحسن العرني، عن غياث الهمداني، عن بشير بن عمرو الهمداني، قال: مر بنا أمير المؤمنين (عليه السلام) فقال: اكتبوا (اثبتوا) في هذه الشرطة، فوالله لا غناء لمن بعدهم إلاّ شرطة النار إلاّ من عمل بمثل أعمالهم(3).

8470/8 ـ عن جعفر بن محمد عليهما السلام أن علياً (عليه السلام) سُئل فقيل له: ما أفضل مناقبك ياأمير المؤمنين؟ فقال (عليه السلام): أفضل مناقبي ما ليس بي فيه صنع، وذكر مناقب كثيرة قال فيها: وان الله لما أنزل على رسوله براءة بعث بها أبا بكر إلى أهل مكة، فلما خرج وفصل نزل جبرئيل (عليه السلام) فقال: يامحمد، لا يبلغ عنك إلاّ علي، فدعاني رسول الله (صلى الله عليه وآله) وأمرني أن أركب ناقته العضباء وأن ألحق أبا بكر، فآخذها منه، فلحقته فقال: ما لي، أسخطةً من الله ورسوله؟ قلت: لا، إلاّ أنه نزل عليه أن لا يؤدي عنه إلاّ رجل

____________

1- رجال الكشي 1:19 ح8، البحار 42:150.

2- الاختصاص: 2.

3- رجال الكشي 1:20 ح9، الاختصاص: 2، البحار 42:151.


الصفحة 319
منه.

قال أبو عبدالله جعفر بن محمد (عليه السلام) فأخذها منه ومضى حتى وصل إلى مكة، فلما كان يوم النحر بعد الظهر قام بها فقرأ {بَرَاءَةٌ مِنَ اللهِ وَرَسُولِهِ إِلَى الَّذِينَ عَاهَدْتُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ * فَسِيحُوا فِي الاَْرْضِ أَرْبَعَةَ أَشْهُر}(1) عشرين من ذي الحجة ومحرم وصفر وشهر ربيع الأول، وعشراً من شهر ربيع الآخر، وقال: لا يطوف بالبيت عريان ولا عريانة، ولا مشرك ولا مشركة، ألا ومن كان له عهد عند رسول الله (صلى الله عليه وآله) فمدته هذه الأربعة الأشهر، وذكر باقي الحديث(2).

8471/9 ـ عن سليم بن قيس الهلالي، قال: التقى أمير المؤمنين (عليه السلام) بأهل البصرة يوم الجمل، نادى الزبير: ياأبا عبدالله أخرج إلي، فخرج الزبير ومعه طلحة، فقال لهما: والله إنكما لتعلمان وأُولوا العلم من آل محمد وعائشة بنت أبي بكر، أن كل أصحاب الجمل ملعونون على لسان محمد (صلى الله عليه وآله) وقد خاب من افترى.

قالا: كيف نكون ملعونين ونحن أصحاب بدر وأهل الجنة؟ فقال لهما علي (عليه السلام): لو علمت أنكم من أهل الجنة لما استحللت قتالكم، فقال له الزبير: أما سمعت حديث سعيد بن عمرو بن نفيل وهو يروي، أنه سمع من رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول: عشرة من قريش في الجنة؟ قال علي (عليه السلام): سمعت يحدث بذلك عثمان في خلافته، فقال له الزبير: أفتراه كذب على رسول الله (صلى الله عليه وآله)؟ فقال له علي (عليه السلام): لست أخبرك بشيء حتى تسميّهم، قال الزبير: أبو بكر، وعمر، وعثمان، وطلحة، والزبير، وعبدالرحمن بن عوف، وسعد بن أبي وقاص، وأبو عبيدة بن الجراح، وسعيد بن عمرو بن نفيل.

فقال له علي (عليه السلام): عددت تسعة فمن العاشر؟ قال له: أنت، قال علي (عليه السلام) قد

____________

1- التوبة: 1-2.

2- دعائم الاسلام 1:348، البحار 98:190.


الصفحة 320
أقررت أني من أهل الجنة، وأما ما ادعيت لنفسك وأصحابك فأنا به من الجاحدين الكافرين، قال له الزبير: أفتراه كذب على رسول الله (صلى الله عليه وآله)؟ قال: ما أراه كذب، ولكنه والله، اليقين.

فقال علي (عليه السلام): والله إن بعض من سميّته لفي تابوت في شعب في جبّ في أسفل درك من جهنم، على ذلك الجب صخرة إذا أراد الله أن يسعر جهنم رفع تلك الصخرة، سمعت ذلك من رسول الله (صلى الله عليه وآله) وإلاّ أظفرني الله بي وسفك دمي على يديك، وإلاّ أظفرني الله عليك وعلى أصحابك وسفك دماءكم على يدي، وعجل أرواحكم إلى النار، فرجع الزبير إلى أصحابه وهو يبكي(1).

8472/10 ـ الطبرسي: عن المبارك بن فضالة، عن رجل ذكره، قال: أتى رجل أمير المؤمنين (عليه السلام) بعد الجمل، فقال: ياأمير المؤمنين، رأيت في هذه الواقعة أمراً هالني من روح قد بانت، وجثة قد زالت، ونفس قد فاتت، لا أعرف فيهم مشركاً بالله تعالى، فالله الله ما يجللني من هذا! إن يك شراً فهذا يتلقى (نتلقى) بالتوبة، وإن يك خيراً ازددنا منه، أخبرني عن أمرك هذا الذي أنت عليه، أفتنة عرضت لك فأنت تنفح الناس بسيفك، أم شيء خصك به رسول الله (صلى الله عليه وآله)؟؟

فقال له (عليه السلام): إذن أخبرك، إذن أنبئك، إذن أحدثك، إن ناساً من المشركين أتوا رسول الله (صلى الله عليه وآله) وأسلموا، ثم قالوا: لأبي بكر: استأذن لنا على رسول الله (صلى الله عليه وآله) حتى نأتي قومنا فنأخذ أموالنا ثم نرجع، فدخل أبو بكر على رسول الله (صلى الله عليه وآله) فاستأذن لهم، فقال عمر: يارسول الله أنرجع من الاسلام إلى الكفر؟

فقال (صلى الله عليه وآله): وما علمك ياعمر أن ينطلقوا فيأتوا بمثلهم معهم من قومهم، ثم انهم أتوا أبا بكر في العام المقبل فسألوه أن يستأذن لهم على النبي (صلى الله عليه وآله) فاستأذن لهم، وعنده عمر فقال مثل قوله، فغضب رسول الله (صلى الله عليه وآله) ثم قال: والله ما أراكم تنتهون

____________

1- الاحتجاج 1:376 ح70، كتاب سليم بن قيس الهلالي: 173، البحار 32:197.


الصفحة 321
حتى يبعث الله عليكم رجلا من قريش يدعوكم إلى الله فتختلفون عنه اختلاف الغنم الشرد (الشرود).

فقال له أبو بكر: فداك أبي واُمي يارسول الله أنا هو؟ قال: لا، فقال عمر: أنا هو؟ قال: لا، قال عمر: فمن هو يارسول الله؟ فأومى إلي وأنا أخصف نعل رسول الله (صلى الله عليه وآله) وقال: هو خاصف النعل عندكما، ابن عمي، وأخي، وصاحبي، ومبرئ ذمتي، والمؤدي عني ديني وعداتي، والمبلغ عني رسالاتي، ومعلم الناس من بعدي، ومبينهم من تأويل القرآن ما لا يعلمون، فقال الرجل: اكتفي منك بهذا ياأمير المؤمنين ما بقيت، فكان ذلك الرجل أشد أصحاب علي (عليه السلام) فيما بعد على من خالفه(1).

8473/11 ـ الطبرسي: روي أن رجلا من أصحابه قام اليه فقال: إنك نهيتنا عن الحكومة ثم أمرتنا بها فما ندري أي الأمرين أرشد؟ فصفق (عليه السلام) إحدى يديه على الاُخرى ثم قال: هذا جزاء من ترك العقدة [أي الرأي والحزم، أي هذا جزاؤكم حيث تركتم الرأي الحازم الذي أمرتكم به فوقعتم في الحيرة والشك من جراء عنادكم واتباعكم أهواءكم]، أما والله لو أني حين أمرتكم بما أمرتكم به، حملتكم على المكروه الذي جعل الله فيه خيراً كثيراً، فان استقمتم هديتكم وإن اعوججتم قوّمتكم، وإن أبيتم تداركتكم لكانت الوثقى، ولكن بمن والى من اُريد أن اُداوي بكم وأنتم دائي؟ كناقش الشوكة بالشوكة وهو يعلم أن ضلعها معها، اللهم قد ملّت أطباء هذا الداء الدوي، وكلت النزعة بأشطان الرّكي(2).

8474/12 ـ الصدوق، حدثنا علي بن أحمد بن محمد بن عمران الدقاق، قال:

حدثنا محمد بن عبدالله الكوفي، قال: حدثنا محمد بن إسماعيل البرمكي، قال:

____________

1- الاحتجاج 1:399 ح85، البحار 32:224.

2- الاحتجاج 1:438، البحار 33:362، نهج البلاغة خطبة: 121.


الصفحة 322
حدثنا جعفر بن سليمان الجعفري، قال: حدثنا أبي، عن عبدالله بن الفضل الهاشمي، عن سعد الخفاف، عن الأصبغ بن نباتة، قال: لما وقف أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) على الخوارج ووعظهم وذكرهم وحذرهم القتال، قال لهم: ما تنقمون مني إلاّ أني أول من آمن بالله وبرسوله، فقالوا: أنت كذلك، ولكنك حكمت في دين الله أبا موسى الأشعري، فقال (عليه السلام): والله ما حكمت مخلوقاً، وإنما حكمت القرآن، ولولا أني غلبت على أمري وخولفت في رأيي لما رضيت أن تضع الحرب أوزارها بيني وبين حرب أهل الله حتى اُعلي كلمة الله وأنصر دين الله ولو كره الكافرون والجاهلون(1).

8475/13 ـ عن علي (عليه السلام) قال في وصيته لابن عباس، لما بعثه للاحتجاج على الخوارج: لا تخاصمهم بالقرآن، فإن القرآن حمّال ذو وجوه، تقول ويقولون، ولكن حاجّهم بالسنة، فانهم لن يجدوا عنها محيصاً(2).

8476/14 ـ الطبرسي: روى أن أمير المؤمنين (عليه السلام) كان جالساً في بعض مجالسه، بعد رجوعه من النهروان فجرى الكلام حتى قيل له: لِمَ لا حاربت أبا بكر وعمر كما حاربت طلحة والزبير ومعاوية؟

فقال علي (عليه السلام): اني كنت لم أزل مظلوماً مستأثراً على حقي، فقام اليه الأشعث ابن قيس فقال: ياأمير المؤمنين لِمَ لم تضرب بسيفك، ولم تطلب بحقك؟ فقال: ياأشعث، قد قلت قولا فاسمع الجواب وعِهِ، واستشعر الحجة، إن لي اُسوة بستة من الأنبياء صلوات الله عليهم أجمعين.

____________

1- التوحيد باب القرآن ما هو: 224، البحار 33:381.

2- نهج البلاغة كتاب: 77، البحار 2:245.


الصفحة 323
أولهم: نوح (عليه السلام) حيث قال: {أَنِّي مَغْلُوبٌ فَانْتَصِرْ}(1) فان قال قائل: انه قال هذا لغير خوف فقد كفر، وإلاّ فالوصي أعذر.

وثانيهم: لوط (عليه السلام) حيث قال: {لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً أَوْ آوِي إِلى رُكْن شَدِيد}(2)فان قال قائل: انه قال هذا لغير خوف فقد كفر، وإلاّ فالوصي أعذر.

وثالثهم: إبراهيم (عليه السلام) خليل الله حيث قال: {وَأَعْتَزِلُكُمْ وَمَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ}(3) فان قال قائل: إنه قال هذا لغير خوف فقد كفر، وإلاّ فالوصي أعذر.

ورابعهم: موسى (عليه السلام) حيث قال: {فَفَرَرْتُ مِنْكُمْ لَمَّا خِفْتُكُمْ}(4) فان قال قائل: قال هذا لغير خوف فقد كفر، وإلاّ فالوصي أعذر.

وخامسهم: أخوه هارون (عليه السلام) حيث قال: {ابْنَ أُمَّ إِنَّ الْقَوْمَ اسْتَضْعَفُونِي وَكَادُوا يَقْتُلُونَنِي}(5) فان قال قائل: انه قال هذا لغير خوف فقد كفر، وإلاّ فالوصي أعذر.

وسادسهم: أخي محمد خير البشر (صلى الله عليه وآله) حيث ذهب إلى الغار، ونومني على فراشه، فان قال قائل: إنه ذهب إلى الغار لغير خوف منه فقد كفر، وإلاّ فالوصي أعذر.

فقام اليه الناس بأجمعهم فقالوا: ياأمير المؤمنين قد علمنا أن القول قولك، ونحن المذنبون التائبون، وقد عذرك الله ورسوله والمؤمنون(6).

8477/15 ـ الطبرسي: عن إسحاق بن موسى، عن أبيه موسى بن جعفر، عن أبيه جعفر بن محمد، عن آبائه (عليهم السلام) قال: خطب أمير المؤمنين (عليه السلام) خطبة بالكوفة، فلما

____________

1- القمر: 10.

2- هود: 80.

3- مريم: 48.

4- الشعراء: 21.

5- الأعراف: 150.

6- الاحتجاج 1:446 ح103، مستدرك الوسائل 11:73 ح12459، تفسير نور الثقلين 5:177، علل الشرائع: 148، البحار 29:417.