الصفحة 357
النبي (صلى الله عليه وآله) الراية يوم خيبر إليّ، فما برحت حتى فتح الله عليّ يدي(1).

8551/89 ـ من الخصائص للطنزي: عن علي (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): نزلت عليّ النبوة يوم الاثنين، وصلى علي معي يوم الثلاثاء(2).

8552/90 ـ عن علي [(عليه السلام)] قال: بعث النبي(صلى الله عليه وسلم) يوم الاثنين وأسلمت يوم الثلاثاء(3).

8553/91 ـ ابن شهر آشوب: قيل لأمير المؤمنين (عليه السلام): في جلوسه عنهم، قال: اني ذكرت قول النبي (صلى الله عليه وآله) إن القوم إذا نقضوا أمرك واستبدوا بها دونك وعصوني فيك، فعليك بالصبر حتى ينزل الأمر، فانهم سيغدرون بك وأنت تعيش على ملتي وتقتل على سنتي، من أحبك أحبني ومن أبغضك أبغضني، وأن هذه ستخضب من هذا(4).

8554/92 ـ عن مالك بن الجون (الجويرث) قال: قام علي بن أبي طالب بالربذة، فقال: من أحب أن يلحقنا فليلحقنا، ومن أحب أن يرجع فليرجع مأذوناً له غير حرج، فقام الحسن بن علي (عليه السلام) فقال: ياأبة أو ياأمير المؤمنين لو كنت في جحر وكان للعرب فيك حاجة لاستخرجوك من جحرك، فقال: الحمد لله الذي يبتلي من يشاء بما يشاء، ويعافي من يشاء بما يشاء، أما والله لقد ضربت هذا الأمر ظهراً لبطن ـ أو ذنباً ورأساً ـ فوالله ان وجدت له إلاّ القتال أو الكفر بالله، يحلف بالله عليه، اجلس يابني ولا تحن عليّ حنين الجارية(5).

8555/93 ـ علي بن إبراهيم، حدثني أبي، عن ابن أبي عمير، عن ابن سنان، عن أبي عبدالله (عليه السلام) في قول الله عزّوجلّ: {وَيَقُولُونَ آمَنَّا بِاللهِ وَبِالرَّسُولِ وَأَطَعْنَا} إلى

____________

1- عيون أخبار الرضا (عليه السلام) 2:64، البحار 21:13.

2- كشف الغمة باب سبقه (عليه السلام) في الاسلام 1:85، البحار 38:246.

3- كنز العمال 13:128 ح36407.

4- مناقب ابن شهر آشوب فصل في مسائل وأجوبة 1:272.

5- الرياض النضرة 2:232، تاريخ ابن عساكر ترجمة الامام علي (عليه السلام) 3:176.


الصفحة 358
قوله: {وَمَا أُولئِكَ بِالْمُؤْمِنِينَ}(1) قال: نزلت هذه الآية في أمير المؤمنين وعثمان، وذلك أنه كان بينهما منازعة في حديقة، فقال أمير المؤمنين (عليه السلام): ترضى برسول الله (صلى الله عليه وآله)! فقال عبدالرحمن بن عوف لعثمان لا تحاكمه إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله) فانه يحكم له عليك، ولكن حاكمه إلى ابن شيبة اليهودي، فقال عثمان لأمير المؤمنين (عليه السلام): لا أرضى إلاّ بابن شيبة اليهودي، فقال ابن شيبة لعثمان: تأمنون محمداً على وحي السماء وتتهمونه في الأحكام؟ فأنزل الله على رسوله {وَإِذَا دُعُوْا إِلَى اللهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ} إلى قوله: {بَلْ أُولئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ}(2)(3).

8556/94 ـ عبدالله بن عدي، قال: شهدت الحكمين، ثم أتيت الكوفة وكان لي إلى علي (عليه السلام) حاجة، فلما دخلت عليه قال لي: مرحباً بك يابن اُم قبان، أزائراً جئتنا أم لحاجة؟ فقلت: كل جاء بي، جئت لحاجة وأحببت أن اُجدد بك عهداً، وسألته عن حديث فحدثني على أن لا اُحدث به أحداً.

فبينما أنا يوم في المسجد في الكوفة إذا علي (عليه السلام) متنكباً قرناً، فجعل يقول: الصلاة جامعة، وجلس على ا لمنبر واجتمع الناس، وجاء الأشعث بن قيس فجلس إلى جانب المنبر، فلما اجتمع الناس ورضي منهم، قام فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: أيها الناس انكم تزعمون ان عندي من رسول الله (صلى الله عليه وآله) ما ليس عند الناس، وانه ليس عندي إلاّ ما في قرني، ثم نكب كنانته فأخرج منها صحيفة فيها: المسلمون تتكافأ دماؤهم، وهم يد على من سواهم ألا لا يقتل مؤمن بكافر، ولا ذو عهد في عهده، ومن حدث حدثاً، أو آوى محدثاً فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين.

____________

1- النور: 47.

2- النور: 48 ـ 50.

3- تفسير القمي 2:107، البحار 22:98، تفسير البرهان 3:144، تفسير الصافي 3:442.


الصفحة 359
فقال له الأشعث بن قيس: هذه والله عليك لا لك دعها ترحل، فخفض (عليه السلام) اليه بصره فقال له: ما يدريك ما عليّ من ما لي، عليك لعنة الله ولعنة اللاعنين، حائك بن حائك، منافق بن زفر، والله لقد أسرك الاسلام مرة والكفر اُخرى فما ذاك بواحدة منها، حسبك وما لك، ثم رفع بصره إلي وقال:


أصبحت فرداً لراعي الضأن يلعب بيماذا يريبك مني راعي الضان

قلت: بأبي أنت واُمي قد كنت والله أحب أن أسمعها منك، قال: هو والله ذلك، فما قيل فيها بعدنا من مقالة ولا علقت منا جديداً ولا درساً(1).

8557/95 ـ المجلسي: من كتاب (الخرائج): روي أن تسعة اُخوة أو عشرة في حي من أحياء العرب، كانت لهم اُخت واحدة، فقالوا لها: كل ما يرزقنا الله نطرحه بين أيديك فلا ترغبي في التزويج، فحميتنا لا تحمل ذلك، فوافقتهم في ذلك ورضيت به وقعدت في خدمتهم، وهم يكرمونها، فحاضت يوماً، فلما طهرت أرادت الاغتسال وخرجت إلى عين ماء كان بقرب حيهم، فخرجت من الماء علقة فدخلت في جوفها وقد جلست في الماء، فمضت عليها أيام والعلقة تكبر في بطنها، وظنّ الاُخوة أنها حبلى وقد خانت، فأرادوا قتلها، فقال بعضهم: نرفع أمرها إلى أمير المؤمنين علي ابن أبي طالب (عليه السلام) فانه يتولى ذلك، فأخرجوها إلى حضرته وقالوا فيها ما ظنوا بها، فاستحضر (عليه السلام) طشتاً مملوءً بالحمأة وأمرها أن تقعد عليه، فلما أحسّت العلقة برائحة الحمأة نزلت من جوفها، فقالوا: ياعلي أنت ربنا العلي فإنك تعلم الغيب! فزبرهم وقال: إن رسول الله (صلى الله عليه وآله) أخبرنا بذلك عن الله بأن هذه الحادثة تقع في اليوم في هذا الشهر في هذه الساعة(2).

____________

1- كشكول شيخ يوسف البحراني 3:231.

2- البحار 40:242 لم نجده في كتاب الخرائج المطبوع.


الصفحة 360
8558/96 ـ عن أبي جحيفة قال: سمعت علياً [(عليه السلام)] على المنبر يقول: هلك فيّ رجلان: محب غال، ومبغض غال(1).

8559/97 ـ عن علي [(عليه السلام)] : يهلك فينا أهل البيت فريقان: محب مُطر، وباهت مفتر(2).

8560/98 ـ عن علي [(عليه السلام)] قال: ليحبني أقوام حتى يدخلوا النار في حبي، ويبغضوا أقوام حتى يدخلوا النار فيّ ببغضي(3).

8561/99 ـ عن عبيد بن شريك العامري، عن أبيه، قال: أُتي علي بن أبي طالب [(عليه السلام)] ، فقيل إن ههنا قوماً على باب المسجد يزعمون أنك ربهم، فدعاهم فقال لهم: ويلكم ما تقولون؟ قالوا: أنت ربنا وخالقنا ورازقنا، فقال: ويلكم إنما أنا عبد مثلكم، آكل الطعام كما تأكلون وأشرب مما تشربون، إن أطعته أثابني إن شاء، وإن عصيته خشيت أن يعذبني، فاتقوا الله وارجعوا، فأبوا فطردهم، فلما كان من الغد غدوا عليه، فجاء قنبر، فقال: والله رجعوا يقولون ذلك الكلام، فقال: أدخلهم عليّ، فقالوا له مثل ما قالوا: وقال لهم: مثل ما قال إلاّ أنه قال: إنكم ضالون مفتونون، فأبوا، فلما كان اليوم الثالث أتوه فقالوا له مثل ذاك القول، فقال: والله لئن قلتم لأقتلنكم بأخبث قتلة، فأبوا إلاّ أن يتموا على قولهم، فخدّ لهم اُخدوداً بين باب المسجد والقصر، وأوقد فيه ناراً، وقال: إني طارحكم فيها أو ترجعون، فأبوا، فقذف بهم فيها(4).

8562/100 ـ عن علي [(عليه السلام)] قال: يحبني قوم حتى يدخلهم حبي النار، ويبغضني قوم

____________

1- كنز العمال 11:324 ح31633.

2- كنز العمال 11:325 ح31641.

3- الرياض النضرة 2:195.

4- الرياض النضرة 2:195، ذخائر العقبى: 93.


الصفحة 361
حتى يدخلهم بغضي النار(1).

8563/101 ـ الصدوق، حدثنا أحمد بن يحيى المكتب، قال: حدثنا أحمد بن محمد الوراق، قال: حدثنا محمد بن إسماعيل بن أبان بن مهران، قال: حدثنا عبدالله بن أبي سعيد الوراق، قال: حدثنا فضيل بن عبدالوهاب، قال: حدثنا يونس بن أبي يعقوب العبدي، عن أبيه، عن قنبر مولى علي (عليه السلام) قال: دخلت مع علي بن أبي طالب (عليه السلام) على عثمان بن عفان، فأحب الخلوة فأومأ إلي علي (عليه السلام) بالتنحي فتنحيت، غير بعيد، فجعل عثمان يعاتب علياً (عليه السلام) وعلي مطرق، فأقبل عليه عثمان فقال: ما لك لا تقول؟ فقال: إن قلت لم أقل إلاّ ما تكره، وليس لك عندي إلاّ ما تحب(2).


بيـان:

قال المبرد: تأويل ذلك: إن قلت اعتددت عليك بمثل ما اعتددت به عليّ فيلذعك عتابي، وعندي أن لا أفعل وإن كنت عاتباً إلاّ ما تحب.


____________

1- كنز العمال 11:325 ح31642، تاريخ ابن عساكر ترجمة الامام علي (عليه السلام) 2:255.

2- معاني الأخبار: 308، البحار 41:49، مناقب ابن شهر آشوب 2:114.


الصفحة 362

الباب الرابع:

ما جاء في كراماته (عليه السلام)

8564/1 ـ ابن طاووس، وقفتُ في كتاب قد نقل عن الشيخ حسن بن الحسين بن طحال المقدادي... أنّ عمران بن شاهين من اُمراء العراق، عصى على عضد الدولة، فطلبه طلباً حثيثاً فهرب منه إلى المشهد ـ أي مشهد أمير المؤمنين ـ متخفياً، فرأى أمير المؤمنين (عليه السلام) في منامه وهو يقول: إنّ في غد يأتي فنّاخسرو إلى هاهنا فيخرجون من كان في هذا المقام، فتقف أنت هاهنا وأشار إلى زاوية من القبة، فإنّهم لا يرونك فسيدخل ويزور ويصلّي ويبتهل بالدعاء والقسم بمحمد وآله أن يظفره الله بك، فادنُ منه وقل له: أيها الملك من هذا الذي ألححت بالقسم بمحمد وآله أن يظفرك الله به؟

فسيقول: رجل شقّ عصاي ونازعني في ملكي وسلطاني، فقل له: ما لمن يظفرك به؟ فيقول: إن حتم عليّ بالعفو عنه عفوت عنه، فأعلمه بنفسك فإنّك تجد منه ما تريد. فكان كما قال له، فقال له: أنا عمران بن شاهين، قال: من أوقفك

الصفحة 363
هاهنا؟ قال له: هذا مولانا قال في منامي: غداً يحضر فناخسرو إلى هاهنا، وأعاد عليه القول، فقال له: بحقّه قال لك فناخسرو؟ قلت: إي وحقّه، فقال عضد الدولة: ما عرف أحد انّ اسمي فناخسرو إلاّ اُمّي والقابلة وأنا.

ثمّ خلع عليه خلع الوزارة وطلع من بين يديه إلى الكوفة، وكان عمران بن شاهين قد نذر عليه أنّه متى عفا عنه عضد الدولة أتى زيارة أمير المؤمنين (عليه السلام) حافياً حاسراً، فلمّا جنّه الليل خرج من الكوفة وحده، فرأى جدي عليّ بن طحال مولانا أمير المؤمنين (عليه السلام) في منامه وهو يقول: اُقعد اِفتح لوليي عمران بن شاهين الباب، فقعد وفتح الباب واذا بالشيخ قد أقبل فلمّا وصل قال: بسم الله مولانا، فقال: ومن أنا؟ فقال: عمران بن شاهين، قال: لست بعمران بن شاهين، فقال: بلى إنّ أمير المؤمنين أتاني في منامي وقال لي: افتح لوليي عمران بن شاهين، قال له: بحقّه هو قال لك؟ قال: إي وحقّه هو قال لي، فوقع على العتبة يقبّلها وأحاله عن ضامن السمك بستّين ديناراً، وكانت له زواريق تعمل في الماء في صيد السمك(1).

(أقول: وبنى الرواق المعروف برواق عمران في المشهدين الشريفين الغروي والحائري على مشرفهما السلام).

8565/2 ـ الصدوق، أبي (رحمه الله) قال: حدثني سعد بن عبدالله، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسين بن سعيد، عن أحمد بن عبدالله القزويني، عن الحسين بن المختار القلانسي، عن أبي بصير، عن عبدالواحد بن المختار الأنصاري، عن اُم المقدام الثقفية، قالت: قال لي جويرية بن مسهرة: قطعنا مع أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) جسر الصراة في وقت العصر، فقال (عليه السلام): إن هذه أرض معذبة لا ينبغي لنبي ولا وصي نبي أن يصلي فيها، فمن أراد منكم أن يصلي فيها فليصل، فتفرق الناس يمنة ويسرة يصلون، فقلت: أنا والله لأقلدن هذا الرجل صلاتي اليوم

____________

1- فرحة الغري: 147; سفينة البحار 2: 274.


الصفحة 364
ولا اُصلي حتى يصلي، فسرنا وجعلت الشمس تسفل وجعل يدخلني من ذلك أمر عظيم حتى وجبت الشمس وقطعنا الأرض، فقال: ياجويرة أذِّن، فقلت: تقول أذّن وقد غابت الشمس، فقال: أذّن فأذنت، ثم قال لي: أقم فأقمت فلما قلت قد قامت الصلاة رأيت شفتيه يتحركان وسمعت كلاماً ما كأنه كلام العبرانية، فارتفعت الشمس حتى صارت في مثل وقتها في العصر، فصلى فلما انصرفنا هوت إلى مكانها واشتبكت النجوم، فقلت أنا أشهد أنك وصي رسول الله (صلى الله عليه وآله) فقال: ياجوية أما سمعت الله عزّوجلّ يقول: {فَسَبِّحْ بِاسمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ}(1) فقلت بلى، قال: فاني سألت الله باسمه العظيم فردّها عليّ(2).

8566/3 ـ محمد بن يعقوب، عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن موسى بن جعفر، عن عمرو بن سعيد، عن الحسن بن صدقة، عن عمار بن موسى، قال: دخلت أنا وأبو عبدالله (عليه السلام) مسجد الفضيخ فقال: ياعمار ترى هذه الوهدة؟ قلت: نعم، قال: كانت امرأة جعفر التي خلّف عليها أمير المؤمنين (عليه السلام) قاعدة في هذا الموضع ومعها ابناها من جعفر، فبكت، فقال لها إبناها: ما يبكيك يااُمة؟ قالت: بكيت لأمير المؤمنين (عليه السلام) فقالا لها: تبكين لأمير المؤمنين ولا تبكين لأبينا؟ قالت: ليس هذا لهذا ولكن ذكرت حديثاً حدثني به أمير المؤمنين (عليه السلام) في هذا الموضع فأبكاني، قالا: وما هو؟ قالت: كنت أنا وأمير المؤمنين (عليه السلام) في هذا المسجد، فقال لي: ترين هذه الوهدة؟ قلت: نعم، قال: كنت أنا ورسول الله (صلى الله عليه وآله) قاعدين فيها إذ وضع رأسه في حجري ثم خفق حتى غط وحضرت صلاة العصر فكرهت أن أحرّك رأسه عن فخذي فأكن قد أذّيت رسول الله (صلى الله عليه وآله) حتى ذهب الوقت وفاتت، فانتبه

____________

1- الواقعة: 96.

2- علل الشرائع: 352، وسائل الشيعة 3:469، بصائر الدرجات: 237، البحار 41:168، إثبات الهداة 4:445، فضائل ابن شاذان: 68.


الصفحة 365
رسول الله (صلى الله عليه وآله) فقال: ياعلي صليت؟ قلت: لا، قال: ولم ذاك؟ قلت: كرهت أن أُوذيك، قال: فقام واستقبل القبلة ومدّ يديه كلتيهما وقال: اللهم رّدّ الشمس إلى وقتها حتى يصلّي علي، فرجعت الشمس إلى وقت الصلاة حتى صليت العصر، ثم انقضّت انقضاض الكوكب(1).

8567/4 ـ محمد بن الحسن الصفار، حدثنا إبراهيم بن هاشم، عن عمرو بن عثمان، عن إبراهيم بن أيوب، عن عمرو بن شمر، عن جابر، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: بينا أمير المؤمنين (عليه السلام) على المنبر إذ أقبل ثعبان من ناحية باب من أبواب المسجد، فهمَّ الناس أن يقتلوه فأرسل اليهم أمير المؤمنين (عليه السلام) أن كفوّا فكفّوا، وأقبل الثعبان ينساب حتى انتهى إلى المنبر فتطاول وسلّم على أمير المؤمنين (عليه السلام) فأشار أمير المؤمنين بيده فنظر الناس والثعبان في أصل المنبر حتى فرغ أمير المؤمنين (عليه السلام) من خطبته ثم أقبل عليه فقال له: من أنت؟ قال أنا عمرو بن عثمان خليفتك على الجنّ وإن أبي مات وأوصاني أن آتيك فأستطلع رأيك فقد أتيتك ياأمير المؤمنين فما تأمرني به؟ فقال له أمير المؤمنين (عليه السلام): أوصيك بتقوى الله وأن تنصرف فتقوم مقام أبيك في الجنّ فانك خليفتي عليهم، قال: فودّع أمير المؤمنين وانصرف فهو خليفته على الجن(2).

8568/5 ـ الطبرسي: ما رواه نقلة الأخبار من حديث الثعبان والرواية فيه: أنه كان (عليه السلام) يخطب ذات يوم على منبر الكوفة إذ ظهر ثعبان من جانب المنبر، فجعل يرقى ثم دنا من المنبر فارتاع لذلك الناس وهموا بقصده ودفعه عنه، فأومأ اليهم بالكف عنه، فلما صار إلى المرقاة التي كان أمير المؤمنين (عليه السلام) قائماً عليها انحنى إلى

____________

1- الكافي 4:561، البحار 100:216، إثبات الهداة 1:436، غاية المرام: 629.

2- بصائر الدرجات باب في الأئمة (عليهم السلام) وان الجن تسألهم: 117، البحار 39:163، الكافي 1:396، مناقب ابن شهر آشوب باب أحواله (عليه السلام) مع إبليس 2:251، إثبات الهداة 4:439، الفصول المهمة (للحر العاملي): 150، مدينة المعاجز 1:137 ح76.


الصفحة 366
الثعبان وتطاول الثعبان اليه حتى التقم اُذنه وسكت الناس وتحيروا لذلك، فنق نقيقاً سمعه كثير منهم، ثم إنّه زال عن مكانه وأمير المؤمنين (عليه السلام) يحرك شفتيه والثعبان كالمصغي اليه ثم انساب فكأن الأرض ابتلعته وعاد أمير المؤمنين إلى خطبته فلما فرغ منها ونزل اجتمع الناس يسألونه عن حال الثعبان؟ فقال: إنما هو حاكم من حكام الجن التبست عليه قضية فصار إلي يستفتيني عنها فأفهمته إياها فدعا إلي بخير وانصرف(1).

8569/6 ـ محمد بن أبي القاسم الطبري، بإسناده، قال: حدثنا ثونا، عن المرضية، عن العباس بن محمد، عن سلام بن سالم، عن جابر الجعفي، عن جعفر بن محمد (عليه السلام) قال: بينا علي بن أبي طالب (عليه السلام) على منبر الكوفة، إذ أقبل عليه ثعبان من آخر المسجد، فوثب اليه الناس بنعالهم، فقال لهم (عليه السلام): مهلا يرحمكم الله فانها مأمورة فكف الناس عنها، فأقبل الثعبان إلى علي (عليه السلام) حتى وضع فاه على اُذن علي، فقال له: ما شاء الله أن يقول، ثم إن الثعبان نزل وتبعه علي، فقال الناس: ياأمير المؤمنين ألا تخبرنا بمقالة هذا الثعبان؟ فقال: نعم انه رسول الجن قال: أنا وصي الجن ورسولهم اليك يقول الجن لو أن الانس أحبوك كحبنا إياك وأطاعوك كطاعتنا لما عذب الله أحداً من الانس بالنار(2).

8570/7 ـ الديلمي: عن الحارث الأعور، قال: بينما أمير المؤمنين (عليه السلام) يخطب على الناس يوم الجمعة في مسجد الكوفة إذ أقبل أفعى من ناحية باب الفيل رأسه أعظم من رأس البعير يهوي نحو المنبر، فانفرق الناس فرقتين في جانبي المسجد خوفاً، فجاء حتى صعد المنبر ثم تطاول إلى اُذن أمير المؤمنين (عليه السلام) فأصغى اليه باُذنه وأقبل

____________

1- أعلام الورى: 181، روضة الواعظين: 119، إثبات الهداة 4:466، البحار 39:178، الارشاد: 183.

2- بشارة المصطفى: 164، البحار 39:249.


الصفحة 367
اليه يساره ملياً، ثم نزل، فلما بلغ باب أمير المؤمنين الذي يسمونه باب الفيل، انقطع أثره وغاب فلم يبق مؤمن ولا مؤمنة إلاّ قال: هذا من عجائب أمير المؤمنين (عليه السلام) ولم يبق منافق إلاّ قال: هذا من سحره، وقال أمير المؤمنين (عليه السلام): أيها الناس لست بساحر، وهذا الذي رأيتموه وصي محمد (صلى الله عليه وآله) على الجن وأنا وصيه على الجن والانس، وهذا يطيعني أكثر مما تطيعونني، وهو خليفتي فيهم، فقد وقع بين الجن ملحمة تهادروا فيها الدماء لا يعلمون ما المخرج منها ولا ما الحكم فيها، وقد أتاني سائلا عن الجواب في ذلك فأجبته عنه بالحق، وهذا المثال الذي تمثل لكم به أراد أن يريكم فضلي عليكم الذي هو أعلم به منكم(1).

8571/8 ـ محمد بن الحسن الصفار، علي بن إبراهيم الجعفري، عن أبي العباس، عن محمد بن سليمان الحذاء البصري، عن رجل، عن الحسين بن الحسن أبي الحسن البصري، قال: لما فتح أمير المؤمنين (عليه السلام) البصرة قال: من يدلنا على دار ربيع ابن حكم؟ فقال له: الحسين بن الحسن أبي الحسن أنا ياأمير المؤمنين، قال: وكنت يومئذ غلاماً قد أيفع، قال: فدخل منزله ـ والحديث طويل ـ ثم خرج (عليه السلام) وتبعه الناس فلما أجاز إلى الجبانة واكتنفه الناس، فخطّ بسوطه خطة فأخرج ديناراً، ثم خط خطة اُخرى فأخرج ديناراً حتى أخرج ثلاثين ديناراً فقلّبها في يده حتى أبصره الناس ثم ردّها وغرسها بابهامه ثم قال: ليأتك (ليليك) بعدي محسن أو مسيء، ثم ركب بغلة رسول الله (صلى الله عليه وآله) وانصرف إلى منزله، وأخذنا العلامة في موضع فحفرنا حتى بلغنا الرسخ فلم نصب شيئاً، فقيل للحسن ياأبا سعيد ما ترى ذلك من أمير المؤمنين (عليه السلام)؟ فقال: أمّا أنا فلا أدري أن كنوز الأرض

____________

1- إرشاد القلوب: 278، الثاقب في المناقب: 248 ح213، الهداية الكبرى: 152، مدينة المعاجز 1:141 ح80، إثبات الوصية: 129، الخرائج والجرائح 1:189، إثبات الهداة 2:404.


الصفحة 368
تستر إلاّ بمثله(1).

8572/9 ـ عن الحارث الأعور الهمداني، قال: كنا مع أمير المؤمنين (عليه السلام) بالكناس إذ أقبل أسد يهوي من البرية فتضعضعنا له وانتهى إلى أمير المؤمنين (عليه السلام) فطرح نفسه بين يديه خاضعاً ذليلا، فقال له أمير المؤمنين (عليه السلام): ارجع ولا تدخلن دار هجرتي، وبلغ عني ذلك جميعاً السباع وما أطاعني، فاذا عصوا الله فيّ وخلعوا طاعتي فقد حكمتكم فيهم، قال: فلم تزل جميع السباع تتجافى عن الكوفة وجميع ما حولها إلى أن قبض أمير المؤمنين (عليه السلام) (2).

8573/10 ـ روي مرفوعاً عن مالك الأشتر (رحمه الله) قال: دخلت على أمير المؤمنين (عليه السلام) في ليلة مظلمة فقلت: السلام عليك ياأمير المؤمنين ورحمة الله وبركاته، فقال: وعليك السلام، ما الذي أدخلك عليّ في هذه الساعة يامالك؟ فقلت: حبّك ياأمير المؤمنين وشوقي اليك، فقال: صدقت والله يا مالك فهل رأيت ببابي أحداً في هذه الليلة المظلمة؟ قلت: نعم ياأمير المؤمنين رأيت ثلاثة نفر، فقام أمير المؤمنين (عليه السلام) فخرج وخرجنا معه، فاذا بالباب رجل مكفوف ورجل زَمِن، ورجل أبرص، فقال أمير المؤمنين (عليه السلام): ما تصنعون ببابي في هذا الوقت فقالوا: جئناك ياأمير المؤمنين لتشفينا مما بنا، فمسح (عليه السلام) عليهم جميعاً، فقاموا من غير عمىً ولا زمانه ولا برص(3).

8574/11 ـ ابن شهر آشوب: الحارث الأعور، قال: خرجنا مع أمير المؤمنين (عليه السلام)

____________

1- بصائر الدرجات باب إن الأئمة اعطوا خزائن الأرض: 395، البحار 41:255، إثبات الهداة 4:511، مدينة المعاجز 1:512 ح330، الاختصاص: 271.

2- إرشاد القلوب: 277، البحار 41:231، اثبات الهداة 5:53، الخرائج والجرائح 1:191، الثاقب في المناقب: 250 ح216، الهداية: 152.

3- إرشاد القلوب: 284، البحار 41:195، مدينة المعاجز 2:74 ح407، الهداية الكبرى: 160، الخرائج والجرائح 1:196، الثاقب في المناقب: 204 ح181.


الصفحة 369
حتى انتهينا إلى العاقول فاذا هو بأصل شجرة قد وقع عنها لحاها وبقي عودها، فضربها (عليه السلام) بيده ثم قال: ارجعي لي باذن الله خضراء نضرة مثمرة، فاذا هي تهتز بأغصانها حملها الكمثرى، فقطعنا منه وأكلنا وحملنا معنا، فلما كان من الغد غدونا اليها فاذا نحن بها خضراء فاذا فيها الكمثرى(1).

8575/12 ـ عن علي [(عليه السلام)] قال: كنا بخيبر سهر رسول الله (صلى الله عليه وسلم) في قتال المشركين، فلما كان من الغد وكان مع صلاة العصر، فوضع رأسه في حجري فنام فاستثقل فلم يستيقظ حتى غربت الشمس، فلما استيقظ مع غروب الشمس، قلت: يارسول الله ما صليت صلاة العصر كراهية اُوقظك من نومك، فرفع رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يده وقال: اللهم إن عبدك تصدق بنفسه على نبيك فأردد عليه شروقها، فرأيتها في الحال في قوت العصر بيضاء نقية حتى قمت ثم توضأت ثم صليت ثم غابت(2).

8576/13 ـ الشيخ الطوسي، عن الفحام، عن المنصوري، عن عمّ أبيه، قال: حدثني الامام علي بن محمد عليهما السلام باسناده عن الباقر، عن جابر، قال: كنت أماشي أمير المؤمنين (عليه السلام) على الفرات، إذ خرجت موجة عظيمة فغطته حتى استتر عني، ثم انحسرت عنه ولا رطوبة عليه، فوجمت لذلك وتعجبّت، وسألته عنه، فقال: ورأيت ذلك؟ قال: قلت: نعم، قال: انما الملك الموكل بالماء خرج فسلّم علي واعتنقني(3).

8577/14 ـ محمد بن الحسن الصفار، حدثنا عبدالله بن محمد، عمن رواه، عن محمد بن عبدالكريم، عن عبدالله بن عبدالرحمن، عن أبان بن عثمان، عن زرارة، عن

____________

1- مناقب ابن شهر آشوب باب طاعة الجمادات له (عليه السلام) 2:327، إثبات الهداة 4:504، البحار 41:248، بصائر الدرجات: 274، مدينة المعاجز 1:361 ح230، الثاقب في المناقب: 246 ح211، الخرائج والجرائح 1:218، إثبات الوصية: 116، إرشاد القلوب: 278، الهداية (للحضيني): 153.

2- كنز العمال 12:349 ح35353.

3- أمالي الطوسي المجلس 11:298 ح585، البحار 39:109، بشارة المصطفى: 192.


الصفحة 370
أبي عبدالله (عليه السلام) قال: قال أمير المؤمنين (عليه السلام) لابن عباس: إن الله علمنا منطق الطير كما علمه سليمان بن داود منطق كل دابة في برّ أو بحر(1).

8578/15 ـ محمد بن الحسن الصفار، حدثنا أحمد بن موسى، عن أحمد بن محمد المعروف بغزّال، عن محمد بن عمر الجرجاني، يرفعه إلى عبدالرحمن بن أحمد السلماني، عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) قال: دعاني رسول الله (صلى الله عليه وآله) فوجهني إلى اليمن لأصلح بينهم، فقلت له: يارسول الله إنهم قوم كثير وأنا شاب حدث، فقال لي: ياعلي إذا صرت بأعلى عقبة فيق فنادي بأعلى صوتك ياشجر يامدر ياثرى محمد رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقرؤكم السلام، قال: فمضيت فلما صرت بأعلى عقبة فيق أشرفت على اليمن فاذا هم بأسرهم مقبلون نحوي مشرعون أسنتهم متنكبون قسيهم شاهرون سلاحهم، فناديت بأعلى صوتي: ياشجر يامدر ياثرى محمد يقرءكم السلام، قال: فلم تبق شجرة ولا مدرة ولا ثرى إلاّ ارتجت بصوت واحد وعلى محمد رسول الله (صلى الله عليه وآله) وعليك السلام فاضطربت قوائم القوم وارتعدت ركبهم ووقع السلاح من أيديهم وأقبلوا مسرعين فأصلحت بينهم وانصرفت(2).

8579/16 ـ ابن شهر آشوب: عن أبي إسحاق السبيعي والحارث الأعور: رأينا شيخاً باكياً وهو يقول: أشرفت على المائة وما رأيت العدل إلاّ ساعة، فسئل عن ذلك، فقال: أنا حجر الحميري وكنت يهودياً ابتاع الطعام، قدمت يوماً نحو الكوفة فلما صرت (سرت) بالقبة بالمسجد فقدت طمري، فدخلت الكوفة إلى الأشتر

____________

1- بصائر الدرجات باب إن الأئمة يعرفون منطق الطير: 363، تفسير البرهان 3:204، البحار 27:264.

2- بصائر الدرجات باب إن الأئمة كلمهم غير الحيوانات: 521، قصص الأنبياء: 285، فرائد السمطين 1:67، روضة الواعظين: 116، الخرائج والجرائح 2:492، البحار 17:371، أمالي الصدوق المجلس 40:185، مدينة المعاجز 1:417 ح276، الثاقب في المناقب: 68 ح50، مختصر البصائر: 13، إثبات الهداة 1:530.


الصفحة 371
فوجهني إلى أمير المؤمنين (عليه السلام) فلما رآني قال: ياأخا اليهود إن عندنا علم المنايا والبلايا ما كان وما يكون، أخبرك أم تخبرني بماذا جئت؟ فقلت: بل تخبرني، فقال: اختلست الجن مالك في القبة فما تشاء، قلت: إن تفضلت عليّ آمنت بك، قال: فانطلق معي حتى أتى القبة وصلى ركعتين ودعا بدعاء وقرأ {يُرْسَلُ عَلَيْكُمْ شُوَاظٌ مِنْ نَار وَنُحَاسٌ فَلاَ تَنْتَصِرَانِ}(1) الآية، ثم ياعبدالله ما هذا العبث والله ما على هذا بايعتموني وعاهدتموني يامشعر الجن، فرأيت مالي يخرج من القبة، فقلت: أشهد أن لا إله إلاّ الله، وأشهد أن محمداً رسول الله، وأشهد أن علياً ولي الله، ثم إني لما قدمت الآن وجدته مقتولا(2).

8580/17 ـ روى السيد المحدث الجزائري في (الأنوار) باسناده إلى سلمان الفارسي (رحمه الله) قال يوماً لأمير المؤمنين (عليه السلام) بعد موت عمر بن الخطاب: ياأمير المؤمنين اني حزين من فوت رسول الله (صلى الله عليه وآله) إلى هذا اليوم وأريد أن تروحني هذا اليوم وتريني من كراماتك عليّ ما يزيل عني هذا الغم. فقال علي (عليه السلام): عليّ بالبغلتين اللتين من رسول الله (صلى الله عليه وآله)، فلما اُتي بهما ركب هو و احدة وركب سلمان الاُخرى، قال سلمان: فلما خرجنا من المدينة فاذا لكل بغلة جناحان فطارا في الهواء وارتفعا فتعجبت غاية التعجب، فقال: ياسلمان هل ترى المدينة؟ فقلت أما المدينة فلا ولكن أرى آثار الأرض، فأشار إلى البغلتين فارتفعا في الجو لحظة فنظرت ولم أر شيئاً في الأرض وإذا أنا أسمع أصوات التسبيح والتهليل، فقلت: ياأمير المؤمنين الله اكبر ان ههنا بلاداً قد وصلنا اليها؟ فقال: ياسلمان هذه أصوات الملائكة بالتسبيح والتهليل وهذه هي سماء الدنيا فقد وصلنا اليها، فأشار إلى البغلتين فحرك شفتيه

____________

1- الرحمن: 35.

2- مناقب ابن شهر آشوب باب انقياد الحيوانات له (عليه السلام) 2:306، البحار 39:189، الهداية للحضيني: 126، مدينة المعاجز 1:303 ح190، إرشاد القلوب: 274، نوادر المعجزات: 58، إثبات الوصية: 115.


الصفحة 372
فانحطتا طائرتين نحو الأرض، وكان وقوعهما على بحر عريض كثير الأمواج كأن أمواجه الجبال، فنظر إلى ذلك البحر مولانا أمير المؤمنين (عليه السلام) فسكنت أمواجه، فنزل (عليه السلام) ومشى على وجه الماء، ونزلت أنا والبغلتان تمشيان خلفنا، فلما خرجنا من ذلك البحر فاذا هو تتلاطم أمواجه كهيئة الاُولى.

فقلت: ياسيدي ياأمير المؤمنين ما هذا البحر؟ فقال (عليه السلام): هذا البحر الذي أغرق (الله) فيه فرعون وقومه فهو يضطرب خوفاً من الله تعالى من ذلك اليوم إلى يوم القيامة، فلما نظرت اليه خاف مني فسكن، وهاهو رجع إلى حالته الاُولى، قال سلمان: فلما خرجنا من ذلك البحر ومشينا رأيت جداراً أبيضاً مرتفعاً في الهواء ليس يُدرك أوله ولا آخره، فلما قربنا اليه فاذا هو جدار من ياقوت أو نحوه، وإذا بباب عظيم فلما دنا منه أمير المؤمنين (عليه السلام) انفتح فدخلنا، فرأيت أشجاراً وأنهاراً وبيوتاً ومنازل عالية، فوقها غرف، وإذا في تلك البستان أنهار من خمر وأنهار من لبن وأنهار من عسل وإذا فيها أولاد وبنات وكلما وصفه الله تعالى بالجنة على لسان نبيه (صلى الله عليه وآله) رأيت فيها، فرأيت أولاداً وبناتاً أقبلوا إلى أمير المؤمنين يقبلون أياديه وأقدامه، فجلس على كرسي ووقف الأولاد والبنات حوله.

فقالوا: ياأمير المؤمنين ما هذا الهجران الذي هجرتنا هذه سبعة أيام ما رأيناك فيها ياأمير المؤمنين، فقلت: ياأمير المؤمنين ما هذه المنازل في هذا المكان؟ فقال: ياسلمان هذه منازل شيعتنا بعد الموت، تريد ياسلمان أن تنظر إلى منزلك؟ فقلت: نعم، فأمر واحداً فأخذ بي إلى منزل عال مبني من الياقوت والزبرجد واللؤلؤ وفيه كلما تشتهيه الأنفس، فأخذت رمانة من ثماره وأتيت اليه، فقلت: ياأمير المؤمنين هذا منزلي ولا أخرج منه، فقال (عليه السلام) ياسلمان هذا منزلك بعد الموت وهذه منازل شيعتنا بعد الموت، وهذه جنة الدنيا تأتي اليها شيعتنا بعد الموت، فيتنعمون بها إلى يوم القيامة حتى ينتقلوا منها إلى جنة الآخرة.


الصفحة 373
فقال (عليه السلام): ياسلمان تعال حتى نخرج فلما خرج وودعه أهل تلك الجنة، فخرجنا فانغلق الباب فمشينا فقال (عليه السلام) ياسلمان أتحب أن اُريك صاحبك؟ فقلت نعم، الخبر(1).

8581/18 ـ محمد بن الحسن الصفار، حدثنا عبدالله بن محمد، عمن رواه، عن محمد بن عبدالكريم، عن عبدالله بن عبدالرحمن، عن أبان بن عثمان، عن زرارة، عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال: قال أمير المؤمنين (عليه السلام) لابن عباس: إن الله علمنا منطق الطير كما علمه سليمان بن داود منطق كل دابة في برّ أو بحر(2).

8582/19 ـ الشيخ الطوسي، أخبرني محمد بن محمد، قال: حدثنا أبو الحسن علي ابن بلال المهلبي، قال: حدثني إسماعيل بن علي بن عبدالله البربري الخزاعي، قال: حدثني أبي، قال: حدثني عيسى بن حميد الطائي، قال: حدثنا أبي حميد بن عيسى، قال: سمعت أبا الحسن علي بن الحسين بن علي بن الحسين يقول: سمعت أبي يقول: سمعت أبا جعفر محمد بن محمد بن علي بن الحسين (عليهم السلام) يقول: إن أمير المؤمنين (عليه السلام) لما رجع من وقعة الخوارج، اجتاز بالزوراء، فقال للناس: إنها الزوراء فسيروا وجنبوا عنها فان الخسف أسرع اليها من الوتد في النخالة، فلما أتى موضعاً من أرضها، قال: ما هذه الأرض؟ قيل: أرض بحرا، فقال: أرض سباخ جنبوا ويمّنوا.

فلما أتى يمنة السواد فإذا هو براهب في صومعة له، فقال له: ياراهب أنزل ههنا؟ فقال له الراهب: لا تنزل هذه الأرض بجيشك قال: ولِمَ؟ قال: لأنه لا ينزلها إلاّ نبي أو وصي نبي بجيشه، يقاتل في سبيل الله عزّوجلّ، هكذا نجد في كتبنا.

____________

1- نفس الرحمن في أحوال سلمان: 84.

2- بصائر الدرجات باب إن الأئمة يعرفون منطق الطير: 363، تفسير البرهان 3:204، البحار 27:264.


الصفحة 374
فقال له أمير المؤمنين (عليه السلام): فأنا وصي سيّد الأنبياء، وسيد الأوصياء، فقال له الراهب: فأنت إذن أصلع قريش ووصي محمد (صلى الله عليه وآله).

فقال له أمير المؤمنين: أنا ذلك، فنزل الراهب اليه، فقال: خذ عليّ شرائع الاسلام، إني وجدت في الانجيل نعتك، وانك تنزل أرض براثا بيت مريم وأرض عيسى (عليه السلام).

فقال أمير المؤمنين (عليه السلام): قف ولا تخبرنا بشيء، ثم أتى موضعاً فقال: الكِزوا هذه فالكزه برجله فانبجست عين خوّارة، فقال: هذه عين مريم التي انبعقت لها، ثم قال: اكشفوا ههنا على سبعة عشر ذراعاً، فكشف فإذا بصخرة بيضاء فقال علي (عليه السلام): على هذه وضعت مريم عيسى من عاتقها وصلت ههنا، فنصب أمير المؤمنين (عليه السلام) الصخرة وصلّى اليها، وأقام هناك أربعة أيام يتم الصلاة، وجعل الحرم في خيمة من الموضع على دعوة، ثم قال: أرض براثا هذا بيت مريم (عليها السلام)، هذا الموضع المقدس صلى فيه الأنبياء(1).

8583/20 ـ الشيخ المفيد: وروى نقلة الآثار واشتهر في أهل الكوفة لاستفاضته بينهم وانتشر الخبر به إلى من عداهم من أهل البلاد فأثبته العلماء من كلام الحيتان له في فرات الكوفة، وذلك أنهم رووا أن الماء طغى في الفرات وزاد حتى أشفق أهل الكوفة من الغرق، ففزعوا إلى أمير المؤمنين (عليه السلام) فركب بغلة رسول الله (صلى الله عليه وآله) وخرج والناس معه حتى أتى شاطىء الفرات، ونزل وأسبغ الوضوء وصلى منفرداً بنفسه والناس يرونه ثم دعى بدعوات سمعها أكثرهم ثم تقدم إلى الفرات متوكئاً على قضيب بيده حتى ضرب به صفحة الماء، وقال: انقص باذن الله ومشيته، فغاض الماء

____________

1- أمالي الطوسي المجلس السابع: 199 ح340، البحار 14:211، كشف الغمة 2:19، مستدرك الوسائل 3:429 ح3932، الخرائج والجرائح 2:552.