نقشنا ودّ إخوان الصفاء | بأقلام الهباء على الهواء |
فكلهم ذباب في ذباب | حياتهم وفاة للحياء(1) |
8707/17 ـ وعنه، أخبرنا أبو غالب ابن البناء، أنبأنا أبو محمد الجوهري، أنشدني بعض أصحاب الحديث، قال: كتبت عن علي ابن الطوسي قال: أنشدونا لعلي بن أبي طالب [(عليه السلام)] أنه أنشد:
حقيق بالتواضع من يموت | ويكفي المرء من دنياه قوت |
فما للمرء يصبح ذا هموم | وحرص ليس يدركه النعوت |
صنيع مليكنا حسن جميل | وما أرزاقنا عنا تفوت |
فياهذا سترحل عن قليل | إلى قوم كلامهم السكوت(2) |
8708/18 ـ وعنه، أخبرنا أبو بكر محمد بن عبيدالله بن نصر المجلد، أنبأنا أبو القاسم عبدالواحد بن علي بن محمد بن فهد العلاف قراءة عليه، أنبأنا عبيدالله بن أحمد إجازة، أنبأنا محمد بن العباس بن حيويه، أنشدنا أبو بكر محمد بن خلف المحوبي، أنشدني محمد بن علي بن عبيدالله لأمير المؤمنين علي بن أبي طالب [(عليه السلام)] :
الصبر من كرم الطبيعة | والمن مفسدة الصنيعة |
والحق أمنع جانباً | من قلة الجبل المنيعة |
والشر أسرع جرية | من جرية الماء السريعة |
ترك التعاهد للصديق | يكون داعية الفظيعة(3) |
8709/19 ـ وعنه، أخبرنا أبو سعيد محمد بن إبراهيم بن أحمد العزي، أنبأنا أبو
____________
1- تاريخ ابن عساكر ترجمة الامام علي (عليه السلام) 3:306.
2- تاريخ ابن عساكر ترجمة الامام علي (عليه السلام) 3:3:307.
3- تاريخ ابن عساكر ترجمة الامام علي (عليه السلام) 3:307.
لئن كنت محتاجاً إلى الحلم إنني | إلى الجهل في بعض الأحايين أحوج |
وما كنت أرضى عنك خدناً وصاحباً | ولكنني أرضى به حين أحوج |
ولي فرس للحلم بالحلم ملجم | ولي فرس للجهل بالجهل مسرج |
فمن شاء تقويمي فاني مقوم | ومن شاء تعويجي فاني معوج(1) |
8710/20 ـ وعنه، أنشدنا أبو القاسم زاهر بن طاهر، أنشدنا أبو بكر البيهقي، أنشدنا أبو عبدالرحمان السلمي، أنشدنا الحسين بن يحيى الشافعي، أنشدنا السكري، أنشدنا الحسن بن علي البصري، أنشدنا عمر بن مدرك لعلي بن أبي طالب (عليه السلام):
اصبر على مضض الادلاج بالسحر | وبالرواح إلى الحاجات بالبكر |
لا تعجزن ولا يعجزك مطلبه | فالنجح يتلف بين العجز والضجر |
إني رأيت وفي الأيام تجربة | للصبر عاقبة محمودة الأثر |
فقل من جد في شيء يطالبه | فاستصحب الصبر إلاّ فاز بالظفر(2) |
8711/21 ـ إبراهيم بن محمد الجويني، أنبأنا عن جدي شيخ الاسلام جمال السنة أبي عبدالله محمد بن حمويه الجويني، الشيخ الامام العدل أبو طالب علي بن أنجب ابن عبيدالله، عن أبي أحمد علي بن علي بن سكينة اجازة عنه، إجازة عن القاضي الامام فخر الاسلام أبي المحاسن عبدالواحد بن إسماعيل الروياني، املاءً سنة ثمان
____________
1- تاريخ ابن عساكر ترجمة الامام علي (عليه السلام) 3:307.
2- تاريخ ابن عساكر ترجمة الامام علي (عليه السلام) 3:308.
عش مؤسراً إن شئت أو معسراً | لابدّ في الدنيا من الغم |
وقال (عليه السلام):
وعيشك بالهمّ مقرونة | فلا تقطع الدهر إلاّ بهم |
حلاوة دنياك مسمومة | فلا تأكل الشهد إلاّ بسم |
محامدك اليوم مذمومة | فلا تكسب الحمد إلاّ بذم |
إذا تمّ أمر بدا نقصه | توقّع زوالا إذا قيل تم |
إذا كنت في نعمه فارعها | فإن المعاصي تزيل النعم |
وداوم عليها بشكر الاله | فإن الاله سريع النقم(1) |
8712/22 ـ وعنه، أنبأنا الشيخ الامام أبو الفضل عبدالله بن محمود بن مودود الحنفي، قال: أنبأنا الشيخ عبدالمجيب بن أبي القاسم بن زهير، قال: أنبأنا الحافظ أبو الفضل محمد بن ناصر بن محمد بن علي السلامي إجازة، قال: أنبأنا الشريف الكامل نقيب النقباء طراد بن محمد العباسي قراءة عليه، قال: أنبأنا أبو بكر محمد ابن أحمد بن وصيف قراءة عليه، قال: أنبأنا محمد بن عبدالله بن إبراهيم، قال: حدثنا محمد بن يونس، قال: حدثنا محمد بن روح الرقاشي، قال: حدثنا بدل بن المحبر، قال: حدثنا شعبة، عن أبي إسحاق، عن عاصم بن ضمرة، قال: سمعت علي
____________
1- فرائد السمطين 1:418.
وكن معدناً للحلم واصفح عن الأذى | فإنك لاق ما عملت وسامع |
وأحبب إذا أحببت حباً مقارباً | فانك لا تدري متى الحب نافع |
وأبغض إذا أبغضت بعضاً مقارباً | فانك لا تدري متى الحب راجع(1) |
8713/23 ـ من كلام أمير المؤمنين (عليه السلام) وهو منظوم:
توقوا النساء فإن النساء | نقصن حظوظاً وعقلا ودينا |
وكل به جاء نص الكتاب | فأوضح فيه دليلا مبينا |
فأما الدليل لنقص الحظوظ | فإرثهن نصف إرث البنينا |
ونصف العقول فاجزاؤهن | بنصف الشهادة في الشاهدينا |
وحسبك من نقص أديانهن | ما لست تزداد فيه يقينا |
فوات الصلاة وترك الصيام | في مدة الحيض حيناً فحينا |
فلا تطيعوهن يوماً فقد | تكون الندامة منه سنينا(2) |
____________
1- فرائد السمطين 1:419.
2- المخلاة (للبهائي): 100.
الباب الحادي عشر:
ماجاء في قصار حِكَمه (عليه السلام)
8714/1 ـ الطبري: حدثنا اسماعيل بن موسى الفزاري، قال: أخبرنا شريك، عن أبي اسحاق، عن سعيد بن ذي حدان، عن علي قال: سمى الله الحرب خدعة على لسان رسول الله (صلى الله عليه وسلم) أو على لسان محمد (صلى الله عليه وسلم)(1).
8715/2 ـ عن علي (رضي الله عنه): ذروا العارفين المحدثين من اُمتي، لا تنزلوهم الجنة ولا النار، حتى يكون الله الذي يقضي فيهم يوم القيامة(2).
8716/3 ـ عن علي (رضي الله عنه): علم الباطن سر من أسرار الله عزّوجلّ، وحكم من حكم الله يقذفه في قلوب من يشاء من عباده(3).
8717/4 ـ الشيخ الطوسي، باسناده عن زيد بن علي، عن أبيه، قال: قال علي (عليه السلام): لايكن حبك كلفاً، ولا بغضك تلفاً، أحبب حبيبك هوناً ما، وابغض بغيضك هوناً
____________
1- تهحفب الآثار (مسند علي) 4:118.
2- الجامع الصغير للسيوطي 1:664 ح4324.
3- الجامع الصغير للسيوطي 2:160 ح5473.
8718/5 ـ الشيخ الطوسي، باسناده عن زيد بن علي، عن أبيه، قال: سئل علي بن أبي طالب (عليه السلام) من أفصح الناس؟ قال: المجيب المسكت عند بديهة السؤال(2).
8719/6 ـ عن أمير المؤمنين (عليه السلام) قال: توقوا البرد في أوله، وتلقّوه في آخره، فانه يفعل بالأبدان كما يفعله بالأشجار، أوله يُحرق، وآخره يُورق(3).
تبيين:
هذه مسألة طبيعية قد ذكرها الحكماء قالوا: لِمَ كان تأثير الخريف في الأبدان وتوليد الأمراض كالزكام والسعال وغيرها أكثر من تأثير الربيع، مع أنهما جميعاً فصلا الاعتدال؟ وأجابوا بأن برد الخريف يفجأ الانسان وهو معتاد للحر بالصيف، فينكأ فيه ويسدّ مسام دماغه، لأن البرد يكثف ويسد المسام فيكون كمن دخل من موضع شديد الحرارة إلى خيش بارد، فأما المنتقل من الشتاء إلى فصل الربيع فانه لا يكاد برد الربيع يؤذيه ذلك الأذى; لأنه قد اعتاد جسمه برد الشتاء فلا يصادف من برد الربيع إلاّ ما قد اعتاد ما هو أكثر منه فلا يظهر لبرد الربيع تأثير في مزاجه. وأما لِمَ أورقت الأشجار وأزهرت في الربيع دون الخريف، فلما في الربيع من الكيفيتين واللتين هما منبع النمو والنفس النباتية، وهما الحرارة والرطوبة، والخريف خال من هاتين الكيفيتين ومستبدل بهما ضدهما، وهما البرودة واليبس المنافيان للنشؤ وحياة الحيوان والنبات.
|
8720/7 ـ قال (عليه السلام): اجتنب الدواء ما احتمل بدنك الداء، فاذا لم يحتمل الداء
____________
1- أمالي الطوسي المجلس 40:703 ح1505، البحار 74:178.
2- أمالي الطوسي المجلس 40:703 ح1506، البحار 2:55.
3- نهج البلاغة قصار الحكم: 128، وسائل الشيعة 5:161، طب الأئمة: 4، ربيع الأبرار 1:156، البحار 62:271.
تبيين:
وهذه أيضاً حكمة طبية أثبتها العلم الحديث، حيث إدخال الدواء لأبسط الأسباب لا يبقي للجسم مقاومته على المرض; لأن للانسان إمكانية الدفاع عن نفسه فيلزمنا تنشطيهما، فاذا التمسنا الدواء كلياً تقاعس الجسم عن أداء واجبه، فلا يستعمل الدواء إلاّ عند استعصاء الداء. ثم إن المواد الصيدلانية غريبة عن الجسم مما قد تسبب ترسبات وردود فعل غير مستحسنة، وأخيراً قد يدخل إلى الجسم بسبب خطأ الفحص دواء ليس بحاجة له(1).
|
8721/8 ـ الشيخ الطوسي، أخبرنا محمد بن محمد، قال: أخبرنا أبو الحسن علي ابن خالد المراغي، قال: حدثنا أبو صالح فيض العجلي، قال: حدثنا أبي، قال: حدثنا عبدالعظيم بن عبدالله الحسني، قال: حدثنا أبو جعفر محمد بن علي بن موسى، عن أبيه، عن آبائه، عن أمير المؤمنين (عليه السلام) قال: بعثني رسول الله (صلى الله عليه وآله) إلى اليمن فقال وهو يوصيني: ياعلي ما حار من استخار، ولا ندم من استشار، الخبر(2).
8722/9 ـ محمد بن يعقوب، عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفلي، عن السكوني، عن أبي عبد الله (عليه السلام) أن علياً (عليه السلام) كان يقول: لقاء الاخوان مغنم جسيم وإن قلوا(3).
8723/10 ـ ابن عقدة، عن جعفر بن عبدالله المحمدي، عن يزيد بن إسحاق، عن مخول، عن فرات بن أحنف، عن ابن نباتة، قال: سمعت أمير المؤمنين (عليه السلام) على منبر الكوفة يقول: أيها الناس أنا أنف الهدى وعيناه، أيها الناس لا تستوحشوا في طريق الهدى لقلة من سلكه، إن الناس اجتمعوا على مائدة قليل شبعها لكثير
____________
1- فقه الامام الرضا (عليه السلام) باب الطب: 340، البحار 62:260.
2- أمالي الطوسي المجلس الخامس: 136 ح220، وسائل الشيعة 5:216، البحار 91:225.
3- الكافي 2:179، البحار 74:350، وسائل الشيعة 8:410.
8724/11 ـ قال أمير المؤمنين (عليه السلام): من كان على يقين فأصابه شك فليمض على يقينه فإن اليقين لا يدفع بالشك(4).
8725/12 ـ روى إسحاق بن عمار، عن الصادق (عليه السلام) أن علياً (عليه السلام) كان يقول: أبهموا ما أبهمه الله(5).
8726/13 ـ محمد بن الحسين الرضي، باسناده عن أمير المؤمنين (عليه السلام) في وصيته لمحمد بن الحنفية قال: من استقبل وجوه الآراء عرف مواقع الخطأ، ومن تورط في الاُمور غير ناظر في العواقب فقد تعرض لمفظعات النوائب، والتدبير قبل العمل يؤمنك من الندم، والعاقل من وعظته التجارب، وفي التجارب علم مستأنف، وفي تقلب الأحوال، علم جواهر الرجال(6).
8727/14 ـ قال أمير المؤمنين (عليه السلام): الحق جديد وإن طالت عليه الأيام، والباطل مخذول وإن نصره أقوام(7).
____________
1- القمر: 29 ـ 30.
2- الشمس: 14 ـ 15.
3- الغيبة (للنعماني): 152، البحار 2:266، تفسير البرهان 4:260.
4- الارشاد باب كلامه في وصف الانسان: 159، البحار 2:272، مستدرك الوسائل 1:228 ح433.
5- عوالي اللئالي 1:132، البحار 2:272.
6- وسائل الشيعة 11:223، نهج البلاغة قصار الحكم: 173، 331.
7- وسائل الشيعة 17:345.
8729/16 ـ ورام بن أبي فراس: محمد بن عجلان مولى الباقر (عليه السلام) قال: سمعت مولاي أبا الحسن علي بن محمد بن الرضا يذكر، عن آبائه، عن جعفر بن محمد (عليه السلام) قال: قال أمير المؤمنين (عليه السلام): من أصبح والآخرة همه استغنى بغير مال، واستأنس بغير أهل وعزّ، بغير عشيرة(2).
8730/17 ـ سئل أمير المؤمنين (عليه السلام) من العظيم الشقاء؟ قال: رجل ترك الدنيا للدنيا ففاتته الدنيا وخسر الآخرة، ورجل تعبد واجتهد وصام رياءً للناس فذاك حرم لذّات الدنيا من دنيانا ولحقه التعب الذي لو كان به مخلصاً لاستحق ثوابه، فورد الآخرة وهو يظن أنه قد عمل ما يثقل به ميزانه فيجده هباءً منثوراً.
قيل: فمن أعظم الناس حسرة؟ قال: من رأى ما له في ميزان غيره فأدخله الله به النار، وأدخل ورّاثه به الجنة، قيل: وكيف يكون هذا؟ قال: كما حدثني بعض اخواننا عن رجل دخل اليه وهو يسوق فقال له: يافلان ما تقول في مائة ألف في هذا الصندوق ما أديت منها زكاة قط ولا وصلت منها رحماً قط، قال: قلت فعلام جمعتها؟ قال: لجفوة السلطان ومكاثرة العشيرة وتخوف الفقر على العيال ولروعة الزمان، قال: ثم لم يخرج من عنده حتى فاضت نفسه، ثم قال علي (عليه السلام): الحمد لله الذي أخرجه منها عليماً بباطل جمعها فأوعاها وشدها فأوكاها، فقطع فيها المفاوز والقفار ولجج البحار، أيها الواقف لا تخدع كما خدع صويحبك بالأمس، إن من أشد الناس حسرة يوم القيامة من رأى ما له في ميزان غيره، أدخل الله به الجنة وأدخل هذا به النار(3).
____________
1- نهج البلاغة قصار الحكم: 96، مجموعة ورام 1:24، البحار 71:189.
2- مجموعة ورام 2:71، أمالي الطوسي المجلس 24:580 ح1198، البحار 70:318.
3- مجموعة ورام 2:95، البحار 103:14، عدة الداعي: 117.
8732/19 ـ الصدوق، حدثنا محمد بن علي ماجيلويه، قال: حدثني عمي محمد بن أبي القاسم، عن أحمد بن أبي عبدالله البرقي، عن أبيه، عن وهب بن وهب، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن آبائه، عن علي (عليه السلام) أنه قال: حقيقة السعادة، أن يختم الرجل عمله بالسعادة، وحقيقة الشقاء أن يختم المرء عمله بالشقاء(2).
8733/20 ـ قال أمير المؤمنين (عليه السلام) كم مستدرج بالاحسان اليه، ومغرور بالستر عليه، ومفتون بحسن القول فيه، وما ابتلى الله سبحانه أحداً بمثل الاملاء له(3).
8734/21 ـ قال أمير المؤمنين (عليه السلام): أيها الناس، ليركم الله من النعمة وجلين، كما يراكم من النقمة فرقين، إنه من وسّع عليه في ذات يده، فلم ير ذلك استدراجاً فقد أَمن مخوفاً، ومن ضيق عليه في ذات يده فلم ير ذلك اختياراً فقد ضيّع مأمولا(4).
8735/22 ـ قال أمير المؤمنين (عليه السلام): قد بُصّرتم إن أبصرتم، وقد هُديتم إن اهتديتم، وأُسمعتم إن استمعتم(5).
8736/23 ـ قال أمير المؤمنين (عليه السلام): اعلموا عباد الله، إن عليكم رصداً من أنفسكم، وعيوناً من جوارحكم، وحُفاظ صدق يحفظون أعمالكم وعدد أنفاسكم، لا تستركم منهم ظلمة ليل داج، ولا يكنكم منهم باب ذو رتاج وان غدا من اليوم قريب(6).
____________
1- مجموعة ورام 2:252، المحاسن 1:387 ح861، البحار 70:178.
2- الخصال باب الواحد: 5، البحار 5:154، معاني الأخبار: 345.
3- نهج البلاغة قصار الحكم: 116، البحار 5:220.
4- نهج البلاغة قصار الحكم: 358، البحار 5:220.
5- نهج البلاغة قصار الحكم: 157، البحار 5:305.
6- نهج البلاغة خطبة: 157، البحار 5:322.