الباب الثاني والعشرون:
في حجر بن عدي
8989/1 ـ عن عبدالله بن زرين الغافقي، قال: سمعت علي بن أبي طالب [(عليه السلام)]يقول: ياأهل العراق، سيقتل منكم سبعة نفر بعذر، مثلهم كمثل أصحاب الأخدود، فقتل حجر وأصحابه(1).
____________
1- كنز العمال 12:405 ح35437.
الباب الثالث والعشرون:
في الوليد بن عقبة
8990/1 ـ أحمد بن حنبل (قال عبدالله بن أحمد) حدثني نصر بن علي، وعبيدالله ابن عمر، قالا: حدثنا عبدالله بن داود، عن نعيم بن حكيم، عن أبي مريم، عن علي[(عليه السلام)] أن امرأة الوليد بن عقبة أتت النبي (صلى الله عليه وسلم) فقالت: يارسول الله إن الوليد يضربها، وقال نصر بن علي في حديثه: تشكوه، قال: قولي له قد أجارني، قال علي: فلم تلبث إلاّ يسيراً حتى رجعت، فقالت: ما زادني إلاّ ضرباً، فأخذ هدبة من ثوبه فدفعها إليها، وقال: قولي له: إن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قد أجارني، فلم تلبث إلاّ يسيراً حتى رجعت، فقالت: ما زادني إلاّ ضرباً، فرفع يديه وقال: اللهم عليك الوليد أَثِمَ بي، مرتين(1).
____________
1- مسند أحمد 1:151.
الباب الرابع والعشرون:
في شريح القاضي
8991/1 ـ الحافظ أبو نعيم: حدثنا محمد بن أحمد، ثنا محمد بن عثمان بن أبي شيبة، ثنا عبدالله بن محمد بن سالم، ثنا إبراهيم بن يوسف، عن أبيه، عن أبي إسحاق، عن هبيرة، سمع علياً [(عليه السلام)] يقول: ياأيها الناس يأتوني فقهاؤكم يسألوني وأسألهم، فلما كان من الغد غدونا اليه حتى امتلأت الرحبة، فجعل يسألهم ما كذا، ما كذا، ويسألونه ياأمير المؤمنين ما كذا فيخبرهم، حتى ارتفع النهار وتصدّعوا غير شريح جاث على ركبتيه لا يسأله عن شيء إلاّ قال: كذا وكذا ولا يسأله شريح عن شيء إلاّ أخبره به، فسمعت علياً [(عليه السلام)] يقول: قم ياشريح فأنت أقضى العرب(1).
____________
1- حلية الأولياء 4:134.
الباب الخامس والعشرون:
في سلمان الفارسي
8992/1 ـ روى جعفر ـ غلام عبدالله بن بكير ـ عن عبدالله بن محمد بن نهيك، عن النصيبي، عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال: قال أمير المؤمنين (عليه السلام): ياسلمان اذهب إلى فاطمة (عليها السلام) فقل لها تتحفك من تحف الجنة، فذهب اليها سلمان فاذا بين يديها ثلاث سلال، فقال لها: يابنت رسول أتحفيني قالت: هذه ثلاث سلال جائتني بها ثلاث وصائف، فسألتهن عن أسمائهن؟ فقالت واحدة: أنا سلمى لسلمان، وقالت الاُخرى: أنا ذرة لأبي ذر، وقالت الاُخرى: أنا مقدودة للمقداد، ثم قبضت فناولتني، فما مررت بملأ إلاّ فلأوا طيباً لريحها(1).
8993/2 ـ الصدوق، حدثنا القاضي محمد بن عمر بن محمد بن سالم بن البراء الحافظ البغدادي، قال: حدثنا الحسن بن عبدالله بن محمد بن علي بن العباس الرازي، قال: حدثني، أبي قال: حدثني سيدي علي بن موسى الرضا، عن آبائه (عليهم السلام)
____________
1- رجال الكشي 1:39 ح19، روضة الواعظين باب فضائل صحابة النبي: 282، البحار 22:352.
8994/3 ـ الحافظ أبو نعيم: حدثنا سليمان بن أحمد، ثنا علي بن عبدالعزيز، ثنا أبو غسان مالك بن اسماعيل، ثنا حبان بن علي، ثنا عبدالملك بن جريج، عن أبي حرب ابن أبي الأسود، عن أبيه، وعن رجل، عن زاذان الكندي، قالا: كنا عند علي ـ رضي الله تعالى عنه ـ ذات يوم، فوافق الناس منه طيب نفس ومزاح، فقالوا: ياأمير المؤمنين حدثنا عن أصحابك، قال: عن أي أصحابي؟ قالوا: عن أصحاب محمد(صلى الله عليه وسلم)قال: كل أصحاب محمد (صلى الله عليه وسلم) أصحابي فعن أيهم؟ قالوا: عن الذين رأيناك تلطفهم بذكرك، والصلاة عليهم دون القوم، حدثنا عن سلمان، قال: من لكم بمثل لقمان الحكيم؟ ذاك امرؤ منا والينا أهل البيت، أدرك العلم الأول والعلم الآخر، وقرأ الكتاب الأول والكتاب الآخر، بحر لا ينزف(2).
8995/4 ـ محمد بن مسعود، قال: حدثني محمد بن يزداد الرازي، عن محمد بن علي الحداد، عن مسعدة بن صدقة، عن جعفر، عن أبيه عليهما السلام قال: ذكرت التقية يوماً عند علي (عليه السلام) فقال: أن لو علم أبو ذر ما في قلب سلمان لقتله، وقد آخا رسول الله (صلى الله عليه وآله) بينهما، فما ظنك بسائر الناس(3).
8996/5 ـ محمد بن علي، قال: حدثني محمد بن موسى بن المتوكل، قال: حدثني عبدالله بن جعفر، قال: حدثني أحمد بن محمد، عن أبيه، قال: حدثني أبو أحمد الأزدي، عن أبان الأحمر، عن أبان بن تغلب، قال: حدثني سعد الخفاف، عن الأصبغ بن نباتة، قال: سألت أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) عن سلمان
____________
1- الخصال باب الخمسة: 303، البحار 22:324.
2- حلية الأولياء 1:187.
3- رجال الكشي: 69 ح40، في الكافي وبصائر الدرجات الحديث عن علي بن الحسين عليهما السلام.
فقال الأعرابي: يارسول الله ما ظننت أن يبلغ من فعل سلمان ما ذكرت، أليس كان مجوسياً ثم أسلم؟ فقال النبي (صلى الله عليه وآله): ياأعرابي أخاطبك عن ربي وتقاولني، إن سلمان ما كان مجوسياً ولكنه كان مظهراً للشرك مضمراً للايمان، ياأعرابي أما سمعت الله عزّوجلّ يقول: {فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُوْنَ حَتَى يُحَكِّمُوْكَ فِيْما شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لاَ يَجِدُواْ فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُواْ تَسْلِيْماً}(1) أما سمعت الله عزّوجلّ يقول: {مَا آتَاكُمُ الرَّسُوْلُ فَخُذُوْهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَإنْتَهُواْ}(2).
ياأعرابي خذ ما آتيتك وكن من الشاكرين ولا تجحد فتكون من المعذبين، وسلم لرسول الله قوله تكن من الآمنين(3).
8997/6 ـ روي أن أمير المؤمنين (عليه السلام) دخل المسجد بالمدينة غداة يوم، وقال:
____________
1- النساء: 65.
2- الحشر: 7.
3- الاختصاص: 221، البحار 22:347، نفس الرحمن في فضائل سلمان الباب الثاني: 33.
8998/7 ـ ابن شهر آشوب: روى حبيب بن حسن العتكي، عن جابر الأنصاري، قال: صلى بنا أمير المؤمنين (عليه السلام) صلاة الصبح ثم أقبل علينا فقال: معاشر الناس أعظم الله أجركم في أخيكم سلمان، فقالوا: في ذلك، فلبس عمامة رسول الله (صلى الله عليه وآله) ودرأ عنه وأخذ قضيبه وسيفه وركب على العضباء، وقال لقنبر: عدّ عشراً، قال: ففعلت فاذا نحن على باب سلمان.
قال زاذان: فما أدرك سلمان الوفاة فقلت له: من المغسّل لك؟ قال: من غسلّ رسول الله (صلى الله عليه وآله)، فقلت: انك في المدائن وهو بالمدينة، فقال: يازاذان إذا شددت لحيتي تسمع الوجبة، فلما شددت لحيته سمعت الوجبة وأدركت الباب، فاذا أنا بأمير المؤمنين (عليه السلام) فقال: يازاذان قضى أبو عبدالله سلمان؟ قلت: نعم ياسيدي، فدخل وكشف الرداء عن وجهه فتبسم سلمان إلى أمير المؤمنين (عليه السلام) فقال له: مرحباً، ياأبا عبدالله إذا لقيت رسول الله فقل له ما مرّ على أخيك من قومك، ثم أخذ في تجهيزه فلما صلى عليه كنا نسمع من أمير المؤمنين (عليه السلام) تكبيراً شديداً، وكنت رأيت معه رجلين، فقال: أحدهما جعفر أخي والآخر الخضر عليهما السلام، ومع كل واحد منهما
____________
1- نفس الرحمان في فضائل سلمان باب16 في وفاته: 153، البحار 22:368، دار السلام 1:62، سفينة البحار مادة (سلم) 1:646، اثبات الهداة 4:551.
8999/8 ـ جبريل بن أحمد، قال: حدثني أبو سعيد الادمي سهل بن زياد، عن منخّل، عن جابر، عن أبي جعفر (عليه السلام)، عن أمير المؤمنين (عليه السلام) أنه قال لأبي ذر: إن سلمان باب الله في الأرض من عرفه كان مؤمناً ومن أنكره كان كافراً، وإن سلمان منا أهل البيت(2).
9000/9 ـ ابن سعد: أخبرنا محمد بن عبدالله الأسدي، قال: حدثنا مسعر، عن عمرو بن مرة، عن أبي البختري، قال: سئل علي (رضي الله عنه) عن سلمان، فقال: أُوتي العلم الأول والعلم الآخر، لا يدرك ما عنده(3).
9001/10 ـ الصدوق: حدثنا أبي (رحمه الله) قال: حدثنا محمد بن يحيى العطار; وأحمد بن إدريس جميعاً، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن محمد بن علي بن مهزيار، عن أبيه، عمن ذكره، عن موسى بن جعفر عليهما السلام قال: قلت: ياابن رسول الله ألا تخبرنا كيف كان إسلام سلمان الفارسي؟ قال: نعم حدثني أبي صلوات الله عليه أن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب صلوات الله عليه وسلمان الفارسي وأبا ذر وجماعة من قريش كانوا مجتمعين عند قبر النبي (صلى الله عليه وآله) فقال أمير المؤمنين (عليه السلام) لسلمان: ياأبا عبدالله ألا تخبرنا بمبدء أمرك؟ فقال سلمان: والله ياأمير المؤمنين لو أن غيرك سألني ما أخبرته.
أنا كنت رجلا من أهل شيراز من أبناء الدهاقين، وكنت عزيزاً على والديّ، فبينا أنا سائر مع أبي في عيد لهم، إذا أنا بصومعة، وإذا فيها رجل ينادي أشهد أن لا
____________
1- مناقب ابن شهر آشوب باب معجزاته (عليه السلام) 2:301، البحار 22:372، اثبات الهداة 5:53، الصراط المستقيم 1:205، نخب المناقب لآل أبي طالب فصل في معجزاته في نفسه، نفس الرحمن في فضائل سلمان باب16 في وفاته: 153.
2- رجال الكشي 1:59 ح33، نفس الرحمن في فضائل سلمان الباب الثاني: 32، البحار 22:373.
3- طبقات ابن سعد 4:85.
قال: فصعقت صعقة وزادني شدة، قال: فعلم بذلك أبي وأمي فأخذوني وجعلوني في بئر عميقة، وقالوا لي: إن رجعت وإلاّ قتلناك، فقلت لهم: افعلوا بي ما شئتم، حبّ محمد لا يذهب من صدري، قال سلمان: ما كنت أعرف العربية قبل قرائتي الكتاب، ولقد فهمني الله العربية من ذلك اليوم، قال: فبقيت في البئر فجعلوا ينزلون في البئر إلي قرصاً صغاراً.
قال: فلما طال أمري رفعت يدي إلى السماء فقلت: يارب انك حببت محمداً ووصيه الي فبحق وسيلته عجِّل فرجي وأرحني ممّا أنا فيه. فأتاني آت عليه ثياب بيض قال: قم ياروزبة فأخذ بيدي وأتى بي إلى الصومعة فأنشأت أقول: أشهد أن لا إله إلاّ الله، وأن عيسى روح الله، وأن محمداً حبيب الله، فأشرف عليّ الديراني فقال: أنت روزبة؟ فقلت: نعم، فقال: اصعد فأصعدني اليه، وخدمته حولين كاملين، فلما حضرته الوفاة قال: إني ميت، فقلت له: فعلى من تخلّفني؟ فقال: لا أعرف أحداً يقول بمقالتي هذه إلاّ راهباً بأنطاكية، فاذا لقيته فاقرأه مني السلام وادفع اليه هذا اللوح، وناولني لوحاً، فلما مات غسلته وكفنته ودفنته وأخذت
قال: فلما أرادوا أن يأكلوا شدّوا على شاة فقتلوها بالضرب، ثم جعلوا بعضها كباباً وبعضها شواءً، فامتنعت من الأكل، فقالوا: كل، فقلت: اني غلام ديراني وإن الديرانيين لا يأكلون اللحم، فضربوني وكادوا يقتلونني، فقال بعضهم: أمسكوا عنه حتى يأتيكم شرابكم فانه لا يشرب فلما أتوا بالشراب، قالوا: اشرب، فقلت: اني غلام ديراني وإن الديرانيين لا يشربون الخمر، فشدّوا عليّ وأرادوا قتلي، فقلت لهم: ياقوم لا تضربوني ولا تقتلوني فإني أقرّ لكم بالعبودية، فأقررت لواحد منهم، فأخرجني وباعني بثلاثمائة درهم من رجل يهودي، قال: فسألني عن قصتي فأخبرته وقلت له: ليس لي ذنب إلاّ أني أحببت محمداً ووصيه، فقال اليهودي: وإني لأبغضك وأبغض محمداً، ثم أخرجني إلى خارج داره وإذا رمل كثير على بابه،
قال: فبقيت في ذلك الحائط ما شاء الله، فبينما أنا ذات في الحائط إذا أنا بسبعة رهط قد أقبلوا تظلهم غمامة، فقلت في نفسي والله ما هؤلاء كلهم أنبياء وإن فيهم نبياً، قال: فأقبلوا حتى دخلوا الحائط والغمامة تسير معهم، فلما دخلوا إذا فيهم رسول الله (صلى الله عليه وآله) وأمير المؤمنين وأبو ذر والمقداد وعقيل بن أبي طالب وحمزة بن عبدالمطلب وزيد بن حارثة، فدخلوا الحائط فجعلوا يتناولون من حشف النخل، ورسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول لهم: كلوا الحشف ولا تفسدوا على القوم شيئاً، فدخلت على مولاتي، فقلت لها: يامولاتي هبي لي طبقاً من رطب، فقالت: لك ستة أطباق، قال: فجئت فحملت طبقاً من رطب، فقلت في نفسي: إن كان فيهم نبي لا يأكل الصدقة، ويأكل الهدية، فوضعته بين يديه، فقلت: هذه صدقة فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): كلوا وأمسك رسول الله (صلى الله عليه وآله) وأمير المؤمنين وعقيل بن أبي طالب وحمزة بن عبدالمطلب، وقال لزيد: مدّ يدك وكل، فقلت في نفسي هذه علامة، فدخلت إلى مولاتي، فقلت لها: هبي لي طبقاً آخر، فقالت: لك ستة أطباق، قال: جئت فحملت طبقاً من رطب فوضعته بين يديه فقلت: هذه هدية، فمد يده وقال: بسم الله كلوا ومدّ القوم جميعاً أيديهم فأكلوا، فقلت في نفسي هذه أيضاً علامة، قال: فبينا أنا أدور خلفه إذ حانت
9002/11 ـ الصدوق، باسناده عن علي (عليه السلام) قال: قال النبي (صلى الله عليه وآله): سلمان منا أهل البيت(2).
9003/12 ـ الصدوق: حدثنا أبو الحسن محمد بن علي بن الشاه المروزي بمرو الرود في داره، قال: حدثنا أبو بكر بن عبدالله النيسابوري، قال: حدثنا أبو القاسم
____________
1- اكمال الدين باب خبر سلمان: 161، البحار 22:255، روضة الواعظين في ذكر سلمان: 218، تفسير الرحمن في فضائل سلمان الباب الأول:4.
2- عيون أخبار الرضا (عليه السلام) 2:64، البحار 22:326.
9004/13 ـ فرات بن ابراهيم بن فرات الكوفي فيما نزل في أهل البيت (عليهم السلام) في سورة البقرة، قال: حدثني علي بن محمد الزهري، قال: حدثني القاسم بن اسماعيل الأنباري، قال: حدثني حفص بن عاصم; ونصر بن مزاحم; وعبدالله بن المغيرة، عن محمد بن مروان السدي، قال: حدثني أبان بن أبي عياش، عن سليم بن قيس، قال: خرج علي بن أبي طالب (عليه السلام) ونحن قعود في المسجد بعد رجوعه من صفين وقبل يوم النهروان، فقعد (علي) واحتوشناه، فقال له رجل: ياأمير المؤمنين أخبرنا عن (من) أصحابك؟ فقال: (عليه السلام): سل، فذكر قصة طويلة وقال:
إني سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول في كلام له طويل: إن الله أمرني بحب أربعة رجال من أصحابي وأمرني أن أحبهم، والجنة تشتاق اليهم، فقيل: من هم يارسول الله؟ فقال: علي بن أبي طالب، ثم سكت، فقالوا: من هم يارسول الله؟ فقال: علي، ثم
____________
1- عيون أخبار الرضا (عليه السلام) 2:32، نفس الرحمن في فضائل سلمان باب الثالث: 42، البحار 22:326.
ثم أقبل الينا أمير المؤمنين (عليه السلام) وقال: سلوني قبل أن تفقدوني، فوالذي فلق الحبة وبرئ النسمة إني لأعلم بالتوراة من أهل التوراة، وإني لأعلم بالأنجيل من أهل الانجيل، واني لأعلم بالقرآن من أهل القرآن، والذي فلق الحبة وبرئ النسمة ما من فئة تبلغ ثمانين رجل إلى يوم القيامة إلاّ وأنا عارف بقائدها وسائقها، وسلوني عن القرآن فان في القرآن بيان كل شي ئ، فيه علم الأولين والآخرين، وإن القرآن لم يدع لقائل مقالا {وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيْلَهُ إِلاَّ اللهُ وَالرَّاسِخُوْنَ فِي الْعِلْمِ}(1) ليس بواحد ورسول الله (صلى الله عليه وآله) منهم أعلمه (علمه) الله إياه فعلمنيه رسول الله (صلى الله عليه وآله) ثم لا يزال في عقبنا إلى يوم القيامة، ثم قرأ أمير المؤمنين (عليه السلام) {وَبَقِيَّةٌ مِمَّا تَرَكَ آلُ مُوْسَى وَآلُ هَارُوْنَ}(2) وأنا من رسول الله (صلى الله عليه وآله) بمنزلة هارون من موسى والعلم في عقبنا إلى أن القوم الساعة(3).
____________
1- آل عمران: 7.
2- البقرة: 248.
3- تفسير الفرات: 67 ح38، نفس الرحمن في فضائل سلمان الباب الثالث: 43، البحار 26:63.
الباب السادس والعشرون:
في زيد بن حارثة
9005/1 ـ الامام العسكري (عليه السلام) قال أمير المؤمنين (عليه السلام): لقد بعث رسول الله (صلى الله عليه وآله) جيشاً ذات يوم إلى قوم من أشداء الكفار، فأبطأ عليه خبرهم، وتعلق قلبه بهم، وقال: ليت لنا من يتعرف أخبارهم، ويأتينا بأنبائهم، بينا هو قائل هذا، إذ جائه البشير بأنهم قد ظفروا بأعدائهم واستولوا عليهم، وصيّروهم بين قتيل وجريح وأسير، وانتهبوا أموالهم، وسبوا ذراريهم وعيالهم.
فلما قرب القوم من المدينة، خرج اليهم رسول الله (صلى الله عليه وآله) بأصحابه يتلقاهم، فلما لقيهم، ورئيسهم زيد بن حارثة، وكان قد أمره عليهم، فلما رأى زيد رسول الله (صلى الله عليه وآله) نزل عن ناقته وجاء إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله) وقبّل رجله، ثم قبّل يده، فأخذه رسول الله وقبل رأسه، ثم نزل إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله) عبدالله بن رواحة فقبل رجله ويده وضمّه رسول الله (صلى الله عليه وآله) إلى نفسه، ثم نزل قيس بن عاصم المنقري فقبّل يده ورجله، وضمه رسول الله (صلى الله عليه وآله) ثم نزل اليه سائر الجيش ووقفوا يصلون عليه ورد عليهم رسول الله
وكان معهم من اُسراء القوم وذراريهم وعيالاتهم وأموالهم من الذهب والفضة وصنوف الأمتعة شيء عظيم.
فقالوا: يارسول الله لو علمت كيف حالنا لعظم تعجبك، فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): لم أكن أعلم ذلك حتى عرفنيه الآن جبرئيل (عليه السلام) وما كنت أعلم شيئاً من كتابه ودينه أيضاً حتى علمنيه ربي، قال الله عزّوجلّ: {وَكَذلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحاً مِنْ أَمْرِنَا مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلاَ الاِْيمَانَ} إلى قوله: {صِرَاط مُسْتَقِيم}(1) ولكن حدثوا بذلك إخوانكم المؤمنين لأصدقكم، فقد أخبرني جبرئيل (عليه السلام) بصدقكم.
فقالوا: يارسول الله، إنا لما قربنا من العدو بعثنا عيناً لنا ليعرف أخبارهم وعددهم لنا، فرجع الينا يخبرنا أنهم قدر ألف رجل وكنا ألفي رجل، وإذا القوم قد خرجوا إلى ظاهر بلدهم في ألف رجل، وتركوا في البلد ثلاثة آلاف يوهموننا أنهم ألف، وأخبرنا صاحبنا أنهم يقولون فيما بينهم، نحن ألف وهم ألفان ولسنا نطيق مكافحتهم، وليس لنا إلاّ التحصن في البلد حتى تضيق صدورهم من منازلتنا فينصرفوا عنا، فتجرأنا بذلك عليهم، وزحفنا اليهم، فدخلوا بلدهم وأغلقوا دوننا بابه، فقصدنا ننازلهم، فلما جن علينا الليل، وصرنا إلى نصفه، فتحوا باب بلدهم ونحن غارّون نائمون ما كان فينا منتبه إلاّ أربعة نفر: زيد بن حارثة في جانب من جوانب عسكرنا يصلي ويقرأ القرآن، وعبدالله بن رواحة في جانب آخر يصلي ويقرأ القرآن، وقتادة بن النعمان في جانب آخر يصلي ويقرأ القرآن، وقيس بن عاصم في جانب آخر يصلي ويقرأ القرآن.
فخرجوا في الليلة الظلماء الدامسة، ورشقونا بنبالهم، وكان ذلك بلدهم، وهم
____________
1- الشورى: 52.
فأبصرناهم وعموا عنا، ففرقنا زيد عليهم حتى أحطنا بهم ونحن نبصرهم، وهم لا يبصروننا، ونحن بصراء، وهم عميان، فوضعنا عليهم السيوف فصاروا بين قتيل وجريح وأسير، ودخلنا بلدهم فاشتملنا على الذراري والعيال والأثاث والأموال، وهذه عيالاتهم وذراريهم، وهذه أموالهم، وما رأينا يارسول الله أعجب من تلك الأنوار من أفواه هؤلاء القوم، التي عادت الظلمة على أعدائنا حتى مُكِنا منهم.
فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): قولوا الحمد لله رب العالمين على ما فضلكم به من شهر شعبان، هذه كانت ليلة غرة شعبان، وقد انسلخ عنهم الشهر الحرام، وهذه الأنوار بأعمال اخوانكم هؤلاء في غرة شعبان، أسلفوا بها أنواراً في ليلتها قبل أن تقع منهم الأعمال.
قالوا: يارسول الله وما تلك الأعمال لنثاب عليها؟ قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): أما قيس بن عاصم المنقري، فانه أمر بمعروف في يوم غرة شعبان، وقد نهى عن منكر، ودل على خير، فلذلك قدم له النور في بارحة يومه عند قراءته القرآن، وأما قتادة ابن النعمان، فإنه قضى ديناً كان عليه في يوم غرة شعبان، فلذلك أسلفه الله النور في بارحة يومه، وأما عبدالله بن رواحة، فانه كان براً بوالديه، فكثرت غنيمته في هذه
فقال عبدالله: ما كنت أعلم بغيها عليكما، وكراهيتكما لها، ولو كنت علمت ذلك لأبنتها من نفسي، ولكني قد أبنتها الآن لتأمنا ما تحذران، فما كنت بالذي أحب من تكرهان، فلذلك أسلفه الله النور الذي رأيتم، وأما زيد بن حارثة الذي كان يخرج من فيه نور أضوء من الشمس الطالعة، وهو سيد القوم وأفضلهم، فلقد علم الله ما يكون منه، فاختاره وفضله على علمه بما يكون منه، انه في اليوم الذي ولي هذهالليلة التي كان فيها ظفر المؤمنين بالشمس الطالعة من فيه، جاءه رجل من منافقي عسكره يريد التضريب بينه وبين علي بن أبي طالب (عليه السلام) وإفساد ما بينهما، فقال له: بخ بخ لك أصبحت لا نظير لك في أهل بيت رسول الله (صلى الله عليه وآله) وصحابته، هذا بلاؤك، وهذا الذي شاهدنا نورك، فقال له زيد: ياعبدالله اتق الله، ولا تفرط في المقال، ولا ترفعني فوق قدري، فانك لله بذلك مخالف وبه كافر، واني ان تلقيت مقالتك هذه بالقبول لكنت كذلك، ياعبدالله ألا اُحدثك بما كان في أوائل الاسلام وما بعده، حتى دخل رسول الله (صلى الله عليه وآله) المدينة وزوجه فاطمة (عليها السلام) وولد له الحسن والحسين عليهما السلام! قال: بلى.
قال: إن رسول الله (صلى الله عليه وآله) كان لي شديد المحبة حتى تبناني لذلك، فكنت اُدعى زيد بن محمد إلى أن ولد لعلي الحسن والحسين عليهما السلام فكرهت ذلك لأجلهما، وقلت لمن كان يدعوني أحب أن تدعوني زيداً مولى رسول الله (صلى الله عليه وآله) فاني أكره أن اُضاهي الحسن والحسين عليهما السلام، فلم يزل ذلك حتى صدق الله ظني، وأنزل على محمد (صلى الله عليه وآله) {مَا جَعَلَ اللهُ لِرَجُل مِنْ قَلْبَيْنِ فِي جَوْفِهِ} يعني قلباً يحب محمد وآله ويعظمهم، وقلباً يعظّم به غيرهم كتعظيمهم، أو قلباً يحب به أعداءهم، بل من أحب أعدائهم فهو
فما زال الناس يقولون لي هذا وأكرهه، حتى أعاد رسول الله (صلى الله عليه وآله) المؤاخاة بينه وبين علي بن أبي طالب (عليه السلام) ثم قال زيد: ياعبدالله إن زيداً مولى علي بن أبي طالب كما هو مولى رسول الله (صلى الله عليه وآله)، فلا تجعله نظيره، ولا ترفعه فوق قدره، فتكون كالنصارى لما رفعوا عيسى (عليه السلام) فوق قدره، فكفروا بالله العظيم.
قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): فلذلك فضل الله زيداً بما رأيتم، وشرفه بما شاهدتم، والذي بعثني بالحق نبياً إن الذي أعدّه الله لزيد في الآخرة ليصغر في جنبه ما شاهدتم في الدنيا من نوره، إنه ليأتي يوم القيامة ونوره يسير أمامه وخلفه ويمينه ويساره وفوقه وتحته، من كل جانب مسيرة (مأتي) ألف سنة(2).
____________
1- الأحزاب: 4 ـ 6.
2- تفسير الامام العسكري (عليه السلام) 2:637، البحار 22:79.
الباب السابع والعشرون:
في عبد الله بن مسعود
9006/1 ـ الطبري: حدثني عبيد بن اسماعيل الهباري، وابن المثنى، قالا: حدثنا بن فضيل، عن مغيرة، عن اُم موسى، قالت: سمعت علياً يقول: أمر النبي (صلى الله عليه وسلم) عبدالله بن مسعود أن يصعد شجرة، وأن يأتيه منها بشيء، فنظر أصحابه إلى ساق عبدالله حين صعد الشجرة، فضحكوا من حموشة ساقيه، فقال النبي (صلى الله عليه وسلم): ما تضحكون؟ لرجل عند الله أثقل في الميزان يوم القيامة من أحد(1).
____________
1- تهذيب الآثار (مسند علي) 4:162.
الباب الثامن والعشرون:
في عبد الله بن الحضرمي
9007/1 ـ روي عن أمير المؤمنين (عليه السلام) أنه قال لعبدالله بن يحيى الحضرمي يوم الجمل: أبشر يابن يحيى فانك وأبوك من شرطة الخميس حقاً، لقد أخبرني رسول الله (صلى الله عليه وآله) باسمك واسم أبيك في شرطة الخميس، والله سماكم شرطة الخميس على لسان نبيه(1).
____________
1- رجال الكشي 1:24 ح10، الاختصاص: 7، البحار 42:151، خلاصة الأقوال في معرفة الرجال (رجال العلامة): 104.