الصفحة 408
إلى بستان البرني (البرّي) ـ موضع في صحن الكوفة ـ ومعه أصحابه، فجلس تحت نخلة، ثمّ أمر بنخلة، فلقطت فأنزل منها رطب، فوضع بين أيديهم، فقال رشيد الهجري: يا أمير المؤمنين ما أطيب هذا الرطب! فقال (عليه السلام): يا رشيد أما أنّك تُصلب على جذعها، فقال رشيد: فكنت أختلف إليها طرفي النهار أسقيها، ومضى أمير المؤمنين (عليه السلام)، قال (رشيد): فجئتها يوماً وقد قطع سعفها، قلت: اقترب أجلي، ثمّ جئت يوماً آخر فإذا (.....) ثمّ جئت يوماً آخر فإذا النصف الآخر قد جعل زرنوقاً يستقى عليه الماء، فقلت: ما كذبني خليلي فأتاني العريف فقال: أجب الأمير، فأتيته، فلمّا دخلت القصر إذ الخشب ملقى، وإذا فيه الزرنوق، فجئت حتّى ضربت الزُرنوق برجلي ثمّ قلت: لك غُذيت ولي أنبتّ، ثمّ اُدخلت إلى عبيد الله بن زياد، فقال: هات من كذب صاحبك، فقلت: والله ما أنا بكذّاب ولا هو، ولقد أخبرني أنّك تقطع يديّ ورجليّ ولساني، فقال: إذاً والله نكذّبه إقطعوا يده ورجله وأخرجوه، فلمّا حُمل الى أهله أقبل يحدّث الناس بالعظايم وهو يقول: سلوني فإنّ للقوم عندي طلبة لم يقضوها، فدخل رجل على ابن زياد فقال له: ما صنعت قطعت يده ورجله وهو يحدّث الناس بالعظايم، قال: ردّوه وقد انتهى إلى بابه، فردّوه فأمر بقطع لسانه وأمر بصلبه(1).

(6) حجر بن عدي ومقتله

9305/1 ـ الكشي، عن يعقوب بن شيبة، قال: حدّثنا ابن عيينة، قال: حدّثنا طاووس، عن أبيه، قال: أنبأنا حجر بن عدي قال: قال لي علي (عليه السلام): كيف تصنع

____________

1- اختيار معرفة الرجال 1: 291; البحار 42: 137; روضة الواعظين، في ذكر مناقب أصحاب الأئمة وفضائل الشيعة 2: 287.


الصفحة 409
أنت إذا ضُربتَ واُمرت بلعني؟ قلت له: كيف أصنع؟ قال: العنّي ولا تبرأ منّي فإنّي على دين الله، قال: ولقد ضربه محمّد بن يوسف وأمره أن يلعن عليّاً، وأقامه على باب مسجد صنعاء، قال: فقال: إنّ الأمير أمرني أن ألعن عليّاً فالعنوه لعنه الله، فرأيت مجواذاً من الناس إلاّ رجلا فهمها، وسلم(1).

(7) المختار بن عبيدة الثقفي وثورته

9306/1 ـ الإمام أبو محمّد العسكري (عليه السلام)، قال: قال أمير المؤمنين (عليه السلام): فكما أنّ بعض (بني) إسرائيل أطاعوا فاُكرموا، وبعضهم عصوا فعذّبوا، فكذلك تكونون أنتم، قالوا: فمن العصاة يا أمير المؤمنين؟ قال: الذين اُمروا بتعظيمنا أهل البيت، وتعظيم حقوقنا، فخانوا وخالفوا ذلك، وعصوا وجحدوا حقوقنا واستخفّوا بها، وقتلوا أولاد رسول الله (صلى الله عليه وآله) الذين اُمروا بإكرامهم ومحبّتهم، قالوا: يا أمير المؤمنين إنّ ذلك لكائن؟ قال: بلى خبراً حقاً، وأمراً كائناً، سيقتلون ولدي هذين الحسن والحسين (عليهما السلام).

ثمّ قال أمير المؤمنين (عليه السلام): وسيصيب (أكثر) الذين ظلموا رجزاً في الدنيا بسيوف بعض من يسلّط الله تعالى للانتقام بما كانوا يفسقون، كما أصاب بني إسرائيل الرجز، قيل: ومن هو؟ قال: غلام من ثقيف يقال له المختار بن عبيدة...، وما للكافرين والفاسقين عند الله أعظم وأوفى، وأما المطيعون لنا فسيغفر الله ذنوبهم، فيزيدهم إحساناً إلى إحسانهم، قالوا: يا أمير المؤمنين ومن المطيعين لكم؟ قال: الذين يوحّدون ربّهم، ويصفونه بما يليق به من الصفات، ويؤمنون بمحمد نبيّه،

____________

1- اختيار معرفة الرجال 1: 319; البحار 39: 324; مناقب ابن شهر آشوب، باب إخباره (عليه السلام) بالغيب 2: 269; اثبات الهداة 5: 8; الصواعق المحرقة: 77.


الصفحة 410
ويطيعون الله في إتيان فرائضه وترك محارمه، ويحيون أوقاتهم بذكره، وبالصلاة على نبيّه محمّد وآله الطاهرين، ويتّقون (ينفون) على أنفسهم الشحّ والبخل، ويؤدّون كلما فرض عليهم من الزكوات ولا يمنعونها(1).

____________

1- تفسير الإمام العسكري: 547 ح327.328; مدينة المعاجز: 306 باب معاجزه (عليه السلام) ; البحار 45: 329; مستدرك الوسائل 11: 257 ح12921.


الصفحة 411

الباب الرابع:

في إخباره بدفن الرضا (عليه السلام) في خراسان

9307/1 ـ الصدوق، روى النعمان بن سعد، عن أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب صلوات الله عليه أنّه قال:

سيقتل رجل من ولدي بأرض خراسان، بالسمّ ظلماً، اسمه اسمي، واسم أبيه اسم ابن عمران موسى (عليه السلام)، ألا فمن زاره في غربته غفر الله عزّ وجلّ ذنوبه ما تقدّم منها وما تأخّر، ولو كانت مثل عدد النجوم وقطر الأمطار وورق الشجر(1).

9308/2 ـ وعنه، حدّثنا محمّد بن إبراهيم بن إسحاق الطالقاني، قال: حدّثنا عبد العزيز بن يحيى، قال: حدّثنا محمّد بن زكريّا، قال: حدّثنا جعفر بن محمّد، عن أبيه، عن آبائه، عن أمير المؤمنين عليّ (عليه السلام) قال:

____________

1- أمالي الصدوق، مجلس 25: 104; من لا يحضره الفقيه 2: 584 ح3188; وسائل الشيعة 10: 435; البحار 49: 286; احياء الاحياء 4: 48; اثبات الهداة 4: 447; مدينة المعاجز، باب معاجز أمير المؤمنين 3: 39 ح703; جامع الأخبار، باب زيارة عليّ بن موسى الرضا: 90 ح143; عيون أخبار الرضا، في ذكر زيارة الرضا (عليه السلام) 2: 258.


الصفحة 412
قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): سيدفن بضعة منّي بأرض خراسان، لا يزورها مؤمن إلاّ أوجب الله عزّ وجلّ له الجنّة، وحرّم جسده على النار(1).

9309/3 ـ وعنه، عن الهمداني، عن عليّ بن إبراهيم، عن اليقطيني، عن محمّد بن سليمان المصري، عن أبيه، عن إبراهيم بن أبي حجر، عن قبيصة، عن جابر الجعفي، عن أبي جعفر (عليه السلام)، عن أبيه، عن جدّه، عن أمير المؤمنين (عليه السلام) قال:

قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): ستدفن بضعةٌ مني بخراسان، ما زارها مكروب إلاّ نفّس الله كربته، ولا مذنب إلاّ غفر الله ذنوبه(2).

____________

1- عيون أخبار الرضا، في ذكر ثواب زيارة الرضا (عليه السلام) 2: 255; جامع الأخبار، باب زيارة الرضا (عليه السلام): 92 ح148.

2- أمالي الصدوق، مجلس 25: 104; البحار 102: 33; جامع الأخبار، باب زيارة عليّ بن موسى الرضا: 89 ح140; عيون أخبار الرضا، في ذكر زيارة الرضا (عليه السلام) 2: 257.


الصفحة 413

الباب الخامس:

في إخباره (عليه السلام) عن مصير عدد من أعدائه

(1) إخباره (عليه السلام) عن معاوية وبني اُمية

9310/1 ـ عن زيد بن وهب الجهني، عن أبي الحسن (عليه السلام) في حديث: أنّ أمير المؤمنين صلوات الله عليه قال له:

يا حسن كيف بك إذا رأيت أباك قتيلا؟ أم كيف بك إذا ولي هذا الأمر بنو اُميّة؟ وأميرها الرحب البلعوم، الواسع الاعفاج، يأكل ولا يشبع، يموت وليس له في السماء ناصر، ولا في الأرض عاذر، ثمّ يستولي على غربها وشرقها، تدين له العباد، ويطول ملكه، يستنّ بسنن أهل البدع والضلال، ويميت الحق وسنّة رسول الله (صلى الله عليه وآله)، يقسم المال في أهل ولايته، ويمنعه من هو أحقّ به، ويُذلّ في ملكه المؤمن، ويقوي في سلطانه الفاسق، ويجعل المال بين أنصاره دولا، ويتّخذ عباد الله خولا، ويدرس في سلطانه الحق، ويظهر الباطل، ويلعن الصالحون، ويقتل من ناواه على الحق، ويدين من والاه على الباطل(1).

____________

1- الاحتجاج 2: 70 ح158; اثبات الهداة 4: 532.


الصفحة 414
9311/2 ـ عن سليم بن قيس، عن أمير المؤمنين (عليه السلام) في حديث طويل:

أما إنّ معاوية وابنه سيليانها بعد عثمان، ثمّ يليها سبعة من ولد الحكم بن أبي العاص، واحداً بعد واحداً، تكمله اثنا عشر إمام ضلالة، وهم الذين رأى رسول الله (صلى الله عليه وآله) على منبره، يردّون الاُمّة على أدبارهم القهقرى، عشرة منهم من بني اُميّة، ورجلان أسّسا ذلك لهم، وعليهما أوزار هذه الاُمّة إلى يوم القيامة(1).

9312/3 ـ من كلام له (عليه السلام) في بني اُميّة:

والله لا يزالون حتّى لا يدعوا (يتركوا) لله محرّماً إلاّ استحلّوه، ولا عقداً إلاّ حلّوه، حتّى لا يبقى بيت مدَر ولا وبر إلاّ دخله ظلمهم ونبا به سوء رعيهم (رعيتهم)، وحتّى يقوم الباكيان يبكيان، باك لدينه، وباك يبكي (يشكي) لدنياه، وحتّى تكون نصرة أحدكم من أحدهم كنصرة العبد من سيّده، إذا شهد أطاعه، وإذا غاب اغتابه(2).

9313/4 ـ من كلام له (عليه السلام) فيهم:

أما والذي نفسي بيده، ليظهرنّ هؤلاء القوم عليكم، ليس لأنّهم أولى بالحقّ منكم ولكن لإسراعهم إلى باطل صاحبهم (باطلهم)، وإبطاءكم عن حقّ صاحبكم، الحديث(3).

9314/5 ـ من كلام له (عليه السلام) في مروان بن الحكم:

أما إنّ له إمرة كلعقة الكلب أنفه، وهو أبو الأكبش الأربعة، وستلقى الاُمّة منه ومن ولده يوماً (موتاً) أحمر(4).

____________

1- الاحتجاج 1: 359 ح56; اثبات الهداة 4: 525; كتاب سليم بن قيس: 69; كمال الدين 1: 274; فرائد السمطين 1: 312; شرح قصيدة الحميري العينية لمؤلفه ميرزا محمّد رضا: 68.

2- نهج البلاغة: خطبة 98; اثبات الهداة 4: 518.

3- نهج البلاغة: خطبة 97; اثبات الهداة 4: 518.

4- نهج البلاغة: خطبة 73; اثبات الهداة 4: 516.


الصفحة 415
9315/6 ـ قال علي (عليه السلام): أما أنّه سيليكم من بعدي ولاة لا يرضون منكم بهذا فيعذّبونكم بالسياط والحديد، إنّه من عذّب الناس في الدنيا عذّبه الله في الآخرة وآية ذلك أنّه يأتيكم صاحب اليمن حتّى يحلّ بين أظهركم، فيأخذ العمّال، وعمّال العمّال، رجل يقال له يوسف بن عمر، فكان كما قال (عليه السلام) (1).

9316/7 ـ قال علي (عليه السلام) لأهل الكوفة مشيراً إلى معاوية:

أما أنّه سيظهر عليكم بعدي رجل رحب البلعوم مندحق البطن يأكل ما يجد، ويطلب ما لا يجد، فاقتلوه ولن تقتلوه، ألا وإنّه سيأمركم بسبّي والبراءة منّي، أمّا السبّ فسبّوني فإنّه لي زكاة ولكم نجاة، وأمّا البراءة فلا تتبرّوا منّي فإنّي وُلِدتُ على الفطرة وسبقت إلى الإسلام والهجرة(2).

9317/8 ـ ابن طاووس، حدّثنا هشيم، عن العوام بن حوشب، عن أبي صادق، عن علي (عليه السلام) قال: إنّ معاوية سيظهر عليكم، قالوا: فلِمَ نقاتل إذاً؟ قال: لابدّ للناس من أمير برّاً وفاجراً(3).

9318/9 ـ وعنه، حدّثنا ابن وهب، عن حرملة بن عمران، عن سعيد بن سالم، عن أبي سالم الحبشاني، أنّه سمع علياً (عليه السلام) يقول: الأمر لهم ـ يعني بني اُميّة ـ حتّى يقتلوا قتيلهم ويتنافسوا بينهم، فإذا كانت ذلك بعث الله عليهم أقواماً من المشرق فقتلوهم بدداً وأحصوهم عدداً، والله لا يملكون سنة إلاّ ملكنا سنتين، ولا يملكون سنتين إلاّ ملكنا أربعاً(4).

9319/10 ـ وعنه، حدّثنا عبد الرزاق، عن معمّر، عن أيوب، عن ابن سيرين، عن

____________

1- اعلام الورى، في اخبار الأمير بالغيب: 175; اثبات الهداة 4: 537.

2- اعلام الورى، باب الملاحم الواقعة; مناقب ابن شهر آشوب، باب إخباره (عليه السلام) بالفتن والملاحم 2: 272; البحار 39: 325; اثبات الهداة 4: 514; نهج البلاغة: الخطبة 57.

3- الملاحم والفتن لعليّ بن طاووس: 25.

4- الملاحم والفتن لعليّ بن طاووس: 28.


الصفحة 416
عبيدة، قال: سمعت علياً يقول: لا يزال هؤلاء آخذين بنبج هذا الأمر ما لم يختلفوا بينهم، فإذا اختلفوا خرجت منهم فلم تعد إليهم إلى يوم القيامة ـ يعني بني اُميّة ـ(1).

9320/11 ـ وعنه، عن الشعبي، عن سفيان بن أبي ليلى، أنّه أتى الحسن بن علي (عليه السلام) بالمدينة حين انصرف من عند معاوية، فوجده بفناء داره، فلمّا انتهى إليه قال: السلام عليك يا أمير المؤمنين، فقال: أنزل يا سفيان ولا تعجل، كيف قلت يا سفيان؟ قال: قلت: السلام عليك يا أمير المؤمنين، قال: وما ذكرك لهذا؟ فذكرت الذي كان من تركه للقتال ورجوعه إلى المدينة، قال: يا سفيان حملني عليه أنّي سمعت علياً (عليه السلام) يقول: لا تذهب الليالي ولا الأيام حتّى تجمع هذه الاُمّة على رجل واسع السرب ضخم البلعوم، يأكل ولا يشبع، لا يموت حتّى لا يكون له في الأرض عاذر ولا في السماء ناصر، وانّه لمعاوية(2).

9321/12 ـ وعنه، عن عتّاب بن جعفر، عن الرزاق بن همام، عن أبيه، عن مينا، قال: سمع علي (عليه السلام) ضوضاء، فقال: ما هذا؟ قالوا: هلك معاوية، قال: كلاّ والذي نفسي بيده لا يموت حتّى يجتمع هذا الأمر في يده هكذا وأشار ثلاثة وتسعين، فقيل لعلي (عليه السلام): فعلى ما تقاتله؟ قال: أبلي عذراً فيما بيني وبين الله عزّ وجلّ(3).

9322/13 ـ النضر بن شميل، عن عوف بن مروان الأصفر، قال: قدم راكب من الشام، وعلي بالكوفة، فنعى معاوية، فاُدخل على عليّ (عليه السلام) فقال له علي: أنت شهدت موته؟ قال: نعم، وحثوته عليه، قال: إنّه كاذب، قيل: وما يدريك يا أمير المؤمنين إنّه كاذب؟ قال: إنّه لا يموت حتّى يعمل كذا وكذا أعمالا عملها في سلطانه،

____________

1- الملاحم والفتن لعليّ بن طاووس: 28.

2- الملاحم والفتن لعليّ بن طاووس: 99.

3- الملاحم والفتن لابن طاووس: 100; مناقب ابن شهر آشوب، في إخباره (عليه السلام) بالغيب 2: 259; البحار 41: 298; الخرائج والجرائح 1: 198.


الصفحة 417
فقيل له: فلم تقاتله وأنت تعلم هذا؟ قال: للحجة(1).

(2) طلحة والزبير

9323/1 ـ قال علي (عليه السلام) لابن عباس يخبره (عن طلحة والزبير) حين استئذناه في العمرة: اني أذنت لهما مع علمي بما انطويا عليه من الغدر، فاستظهرت بالله عليهما، وإنّ الله سيردّ كيدهما ويظفرني بهما، وكان كما قال(2).

9324/2 ـ عن ابن عباس قال: كنت قاعداً عند علي (عليه السلام) حين دخل عليه طلحة والزبير، فاستأذناه في العمرة فأبى أن يأذن لهما، فقال: قد اعتمرتما، فأعادا عليه الكلام فأذن لهما، ثمّ التفت إليّ فقال: ما يريدان العمرة وإنّما يريدان الغدرة، قلت: فلا تأذن لهما، فردّهما، ثمّ قال: والله ما تريدان العمرة وما تريدان إلاّ نكثاً لبيعتكما، وفرقة لاُمّتكما، فحلفا له، فأذن لهما، ثمّ التفت اليّ فقال: والله ما يريدان العمرة، قلت: فلِمَ أذنتَ لهما؟ قال: حلفا لي بالله، قال: فخرجا إلى مكة ودخلا على عائشة، فلم يزالا بها حتّى أخرجاها(3).

9325/3 ـ قال علي (عليه السلام) لطلحة والزبير، وقد استأذناه في الخروج إلى العمرة: والله ما تريدان العمرة وإنّما تريدان البصرة، وفي رواية: إنّماتريدان الفتنة، وقال (عليه السلام): لقد دخلا بوجه فاجر وخرجا بوجه غادر، ولا ألقاهما إلاّ في كتيبة، وأخلق بهما أن يقتلا، وفي رواية أبي الهيثم بن التّيهان، وعبد الله بن أبي رافع: ولقد اُنبئت بأمركما، واُريت مصارعكما فانطلقا وهو يقول وهما يسمعان: {فَمَنْ نَكَثَ فَإِنَّمَا يَنْكُثُ عَلَى

____________

1- مناقب ابن شهر آشوب، في إخباره (عليه السلام) بالغيب 2: 259; البحار 41: 304.

2- الخرائج والجرائح 1: 199، البحار 41: 299.

3- الاحتجاج 1: 373 ح67; البحار 32: 97; اثبات الهداة 4: 526.


الصفحة 418
نَفْسِهِ}(1)(2).

9326/4 ـ ابن طاووس، عن أبي بكر بن عياش، عن الأحلج بن عبد الله الكندي، عن أبيه، عن ابن عباس، قال: أقبلنا من المدينة ونحن سبعمائة راكب، فإنا لنسير ذات يوم إذ قال بعض القوم: إنا أكلة رأس أين نسير إلى قوم كلهم يقاتل عن دم عثمان، فانتشر الكلام فيهم، قال ابن عباس: فأتيت علياً (عليه السلام) وقلت: ألا ترى أنّ الناس قد فشا فيهم هذا الكلام إنّما نحن أكلة رأس أين نسير إلى مائة ألف كلهم يقاتل عن دم عثمان، فخطب الناس عند ذلك فقال في خطبته: والذي نفسي بيده ليقتلنّ طلحة والزبير، وليهزمنّ أهل البصرة، وليخرجنّ اليكم من أهل الكوفة خمسة آلاف وستمائة أو خمسمائة (وشكّ الأحلج)، قال: فسرنا فوالله لكذلك نسير إذ نظرت إلى سواد قد أقبل وإلى رجل قد شخص، فقلت: لو استقبلت هذا الرجل، فاستقبلته فسألته كم أنتم؟ قال: خمسة آلاف وستمائة رجل، قال: فإذا رجلان قد برزا فسألتهما فأخبرانا بذلك(3).

9327/5 ـ المفيد،أخبرني أبوبكر محمّد بن عمرالجعابي،قال: حدّثنا أبو العباس أحمد بن محمّد بن سعيد الهمداني، قال: حدّثنا أبو عوانة موسى بن يوسف بن أسد، وقال: حدّثنا عبد السلام بن عاصم، قال: حدّثنا إسحاق بن إسماعيل حبويه، قال: حدّثنا عمرو بن أبي قيس، عن ميسرة بن حبيب، عن المنهال بن عمرو، قال: أخبرني رجل من بني تميم، قال: كنّا مع أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) بذي قار ونحن نرى أنّا سنختطف في يومنا، فسمعته يقول: والله لتظهرنّ على هذه الفرقة، ولتقتلنّ هذين الرجلين ـ يعني طلحة والزبير ـ ولنستبيحنّ عسكرهما. قال

____________

1- الفتح: 10.

2- مناقب ابن شهر آشوب، باب إخباره (عليه السلام) بالغيب 2: 262.

3- الملاحم والفتن لابن طاووس: 102.


الصفحة 419
التميمي: فأتيت عبد الله بن عباس فقلت له: أما ترى إلى ابن عمك وما يقول: فقال: لا تعجل حتّى ننتظر ما يكون، فلما كان من أمر البصرة ما كان أتيته، فقلت: لا أرى ابن عمك إلاّ صدق في مقاله، فقال: ويحك إنّا كنّا نتحدّث أصحابُ محمّد (صلى الله عليه وآله) أنّ النبيّ عهد إليه ثمانين عهداً لم يعهد شيء منها إلى أحد غيره، فلعلّ هذا ممّا عهد إليه(1).

(3) عمرو بن حريث وأصحابه

9328/1 ـ العياشي: عن عمرو بن أبي المقدام، عن أبيه، عن رجل من الأنصار، قال: خرجت أنا والأشعث وجرير البجلي، حتى إذا كنّا بظهر الكوفة بالغرس، مرّ بنا ضبّ، فقال الأشعث وجرير: السلام عليك يا أمير المؤمنين خلافاً على عليّ بن أبي طالب (عليه السلام)، فلما خرج الأنصاري قال لعلي (عليه السلام)، فقال علي: دعهما فهو إمامهما يوم القيامة، أما تسمع إلى الله وهو يقول: {نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى}(2)(3).

9329/2 ـ الصدوق، حدّثنا جعفر بن محمّد بن مسرور، قال: حدّثنا الحسين بن محمّد بن عامر، عن المعلّى بن محمّد البصري، عن بسطام بن مرّة، عن إسحاق بن حسّان، عن الهيثم بن واقِد، عن عليّ بن الحسين العبدي، عن سعد بن طريف، عن الأصبغ بن نباتة، قال: أمرنا أمير المؤمنين (عليه السلام) بالمسير إلى المدائن من الكوفة، فسرنا يوم الأحد وتخلّف عمرو بن حريث في سبعة نفر، فخرجوا إلى مكان بالحيرة يسمّى الخورنق، فقالوا: نتنزّه فإذا كان يوم الأربعاء خرجنا فلحقنا

____________

1- أمالي المفيد، المجلس 39: 205; اثبات الهداة 4: 490; أمالي الطوسي، مجلس 4: 113 ح173.

2- النساء: 115.

3- تفسير العياشي 1: 275; البرهان 1: 415; البحار 9: 637.


الصفحة 420
عليّاً (عليه السلام) قبل أن يجمع، فبينما هم يتغذّون إذ خرج عليهم ضبّ فصادوه، فأخذه عمرو بن حريث فنصب كفّه وقال: بايعوا هذا أمير المؤمنين، فبايعه السبعة وعمرو ثامنهم، وارتحلوا ليلة الأربعاء فقدموا المدائن يوم الجمعة، وأمير المؤمنين (عليه السلام) يخطب ولم يفارق بعضهم بعضاً، وكانوا جميعاً حتّى نزلوا على باب المسجد، فلمّا دخلوا نظر إليهم أمير المؤمنين فقال: يا أيّها الناس إنّ رسول الله (صلى الله عليه وآله) أسرّ إليّ ألف حديث في كلّ حديث ألف باب لكلّ باب ألف مفتاح، وإنّي سمعت الله عزّ وجلّ يقول: {يَوْمَ نَدْعُوا كُلَّ أُنَاس بِإمَامِهِمْ}(1) وإنّي اُقسم لكم بالله ليبعثنّ يوم القيامة ثمانية نفر يدعون بإمامهم وهو ضبّ، ولو شئت أن اُسمّيهم لفعلت، قال: فلقد رأيت عمرو بن حريث قد سقط كما تسقط السعفة حياءً ولؤماً(2).

9330/3 ـ روي مرفوعاً إلى أبي حمزة الثمالي، عن أبي جعفر الباقر (عليه السلام) قال: لما أراد أمير المؤمنين (عليه السلام) أن يسير الى الخوارج بالنهروان، واستنفر أهل الكوفة وأمرهم أن يعسكروا بالمدائن، فتخلّف عنهم شبث بن ربعي والأشعث بن قيس الكندي وجرير بن عبدالله البجلي وعمرو بن حريث، فقالوا: يا أمير المؤمنين أتأذن لنا إلى أن نقضي حوائجنا ونصنع ما نريد ثمّ نلحق بك، فقال (عليه السلام) لهم: فعلتموها سوءة لكم من مشائخ، والله ما لكم تتخلّفون عنها حاجة ولكنّكم تتّخذون سفرة وتخرجون إلى النزهة، فتأمرون وتجلسون وتنظرون في منظر تتنحّون عن الجادة، وتبسط سفرتكم بين أيديكم فتأكلون من طعامكم، ويمرّ ضبٌّ فتأمرون غلمانكم فيصطادونه لكم ويأتونكم به، فتخلعوني وتبايعون الضبّ وتجعلونه إمامكم دوني، واعلموا أنّي سمعت أخي رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول: إذا كان يوم القيامة نادى مناد ليخلو

____________

1- الاسراء: 71.

2- الخصال، باب أنّ رسول الله علّم عليّاً باب يفتح له ألف باب: 644; الاختصاص: 283; مناقب ابن شهر آشوب، في إخباره (عليه السلام) بالغيب 2: 260; تفسير البرهان 2: 431; البحار 41: 286.


الصفحة 421
كلّ قوم بمن كانوا يأتمّون به في الحياة الدنيا فمن أقبح وجوهاً منكم وأنتم تحيلون أخا رسول الله (صلى الله عليه وآله) وابن عمّه وصهره، وتنقضون ميثاقه الذي أخذه الله ورسوله عليكم، وتحشرون يوم القيامة وإمامكم ضبّ، وهو قول الله عزّ وجلّ: {يَوْمَ نَدْعُو كُلَّ أُنَاس بِإِمَامِهِمْ}(1).

فقالوا: والله يا أمير المؤمنين ما نريد إلاّ أن نقضي حوائجنا ونلحق بك، فولّى عنهم وهو يقول: عليكم الدمار والبوار، والله ما يكون إلاّ ما قلت لكم وما قلت إلاّ حقاً، ومضى أمير المؤمنين (عليه السلام) حتّى إذا صار بالمدائن، خرج (القوم) إلى الخورنق وهيّؤوا طعاماً في سفرة وبسطوها في الموضع وجلسوا يأكلون ويشربون الخمر، فمرّ بهم ضبّ فأمروا غلمانهم فاصطادوه وأتوهم به فخلعوا أمير المؤمنين (عليه السلام) وبايعوه وبسط لهم الضبّ يده فقالوا: أنت والله إمامنا ما بيعتنا لك ولعليّ بن أبي طالب إلاّ واحدة، وإنّك لأحبّ إلينا منه، فكان كما قال أمير المؤمنين (عليه السلام) وكان القوم كما قال الله تعالى: {بِئْسَ لِلظَّالِمِينَ بَدَلا}(2) ثمّ لحقوا به فقال لهم لما وردوا عليه: فعلتم يا أعداء الله وأعداء رسوله وأعداء أمير المؤمنين ما أخبرتكم به، فقالوا: لا يا أمير المؤمنين ما فعلنا، فقال: والله ليبعثنّكم الله مع إمامكم، قالوا: قد أفلحنا يا أمير المؤمنين إذا بعثنا الله معك، فقال: كيف تكونون معي وقد خلعتموني وبايعتم الضبّ، والله لكأني أنظر اليكم يوم القيامة والضبّ يسوقكم إلى النار، فحلفوا له بالله ما فعلنا ولا خلعناك ولا بايعنا الضبّ، فلمّا رأوه يكذّبهم ولا يقبل منهم أقرّوا له وقالوا: اغفر لنا ذنوبنا، قال: والله لا غفرت لكم ذنوبكم وقد اخترتم مسخاً مسخه الله وجعله آيةً للعالمين، وكذّبتم رسول الله (صلى الله عليه وآله) وقد حدّثني بحديثكم عن جبرئيل (عليه السلام) عن الله سبحانه، فبُعداً لكم وسُحقاً، ثمّ قال: لئن كان مع رسول الله (صلى الله عليه وآله)

____________

1- الاسراء: 71.

2- الكهف: 50.


الصفحة 422
منافقون فإنّ معي منافقون وأنتم هم، أما والله يا شبث بن ربعي وأنت يا عمرو بن حريث ومحمّد إبنك وأنت يا أشعث بن قيس لتقتلنّ إبني الحسين (عليه السلام)، هكذا حدّثني حبيبي رسول الله (صلى الله عليه وآله)، فالويل لمن رسول الله خصمه وفاطمة بنت محمّد.

فلمّا قتل الحسين بن علي كان شبث بن ربعي وعمرو بن حريث ومحمّد بن الأشعث، فيمن سار إليه من الكوفة وقاتلوه بكربلا حتّى قتلوه(1).

(4) الأشعث بن قيس الكندي

9331/1 ـ روي عن الحسن بن علي (عليه السلام) في خبران: أنّ الأشعث بن قيس الكندي، بنى في داره مئذنة، فكان يرقى إليها إذا سمع الأذان في أوقات الصلاة في مسجد جامع الكوفة، فيصيح من على مئذنته: يا رجل إنّك لكاذب ساحر، وكان أبي يسمّيه عنق النار، وفي رواية: عرف النار، فيسأل عن ذلك، فقال: إنّ الأشعث إذا حضرته الوفاة دخل عليه عنق من النار ممدودة من السماء فتحرقه فلا يدفن إلاّ وهو فحمة سوداء.

فلمّا توفّي نظر سائر من حضر إلى النار وقد دخلت عليه كالعنق الممدود حتّى أحرقته وهو يصيح ويدعو بالويل والثبور(2).

9332/2 ـ روي أنّه لما حضرت الحسن (عليه السلام) الوفاة، قال لأخيه الحسين (عليه السلام): إنّ جعدة لعنها الله ولعن أباها وجدّها، فإنّ أباها قد خالف أمير المؤمنين (عليه السلام) وقعد عنه بالكوفة بعد الرجوع من صفين، مقالياً (مغالياً) منحرفاً لطاعته بعد أن خلعه بالكوفة من الامامة، ولا يجتمع معه في جماعة ولا لأحد من شيعته ولا يصلّي

____________

1- إرشاد القلوب 3: 277; اثبات الهداة 4: 482 مع اختلاف يسير في الألفاظ; مدينة المعاجز 3: 168 ح815; الخرائج والجرائح 1: 225; البحار 33: 384.

2- مناقب ابن شهر آشوب، باب إخباره (عليه السلام) بالغيب 2: 363; البحار 41: 306.


الصفحة 423
عليهم، منذ سمع أمير المؤمنين (عليه السلام) على منبره، وهو يقول في خطبته: ويح الفراخ فراخ آل محمّد (صلى الله عليه وآله) وريحانتيه وقرّة عينيه إبني هذا الحسين (عليه السلام) من إبنك الذي من صلبك، وهو مع ذلك متمرّد جبّار، يملك بعد أبيه.

فقام إليه أبو صحن الأحنف بن قيس التميمي، فقال له: يا أمير المؤمنين، ما اسمه؟ قال: نعم، يزيد بن معاوية ويؤمّر على قتل الحسين (عليه السلام) عبيد الله بن زياد على الجيش السائر إلى إبني من الكوفة، فتكون وقعتهم بنهر كربلا في غربي الكوفة (الفرات)، فكأني أنظر مناخ ركابهم وحطّ رحالهم، وإحاطة جيش أهل الكوفة بهم، وأغماد سيوفهم ورماحهم وقسيتهم في جيوشهم (جسومهم) ودمائهم ولحومهم، وسبي أولادي وذراري رسول الله (صلى الله عليه وآله)، وحملهم على شرس الأقتاب، وقتل الشيوخ والكهول والشباب والأطفال.

فقام الأشعث بن قيس على قدميه وقال: ما ادّعى رسول الله (صلى الله عليه وآله) ما تدّعيه من العلم من أين لك هذا؟

فقال له أمير المؤمنين (عليه السلام): ويلك يا عين (عنق) النار إبنك محمّد والله من قوّادهم إي والله وشمر بن ذي الجوشن، وشبث بن ربعي، وعمرو بن الحجاج الزبيدي، وعمرو بن حريث، فأسرع الأشعث في قطع الكلام، فقال: يا ابن أبي طالب، أفهمني ما تقول حتّى اُجيبك.

فقال: ويلك هو ما سمعت يا أشعث.

فقال: يا ابن أبي طالب ما يساوي كلامك عندي تمرتين، وولّى وقام الناس على أقدامهم ومدّوا أعينهم إلى أمير المؤمنين (عليه السلام) ليأذن لهم في قتله.

فقال لهم: مهلا رحمكم الله والله إنّي لأقدر على هلاكه منكم، ولابدّ أن تحقّ كلمة العذاب على الكافرين.

ومضى الأشعث لعنه الله فتشاغل في بنيان حيلة بالكوفة، وبنى في داره مبنية