الصفحة 424
(مئذنة) عالية، فكان إذا ارتفعت أصوات مؤذّني أمير المؤمنين (عليه السلام) في جامع الكوفة صعد الأشعث بن قيس لعنه الله مبنيته (مأذنته) فنادى نحو المسجد يريد أمير المؤمنين (عليه السلام): يا رجل، (وما هي) وهو حتم إنّك ساحر كذّاب. فاجتاز أمير المؤمنين (عليه السلام) في جماعة من أصحابه بخطّة الأشعث بن قيس لعنه الله وهو على ذروة بنيانه، فلمّا بصر بأمير المؤمنين أعرض بوجهه، فقال له (عليه السلام): ويلك يا أشعث حسبك ما أعدّ الله لك من عنق النار.

فقال له أصحابه: يا أمير المؤمنين ما معنى عنق النار؟

قال: إنّ الأشعث إذا حضرته الوفاة دخلت عليه عنق من نار ممدودة حتّى تصل إليه، وعشيرته ينظرون إليه فتبتلعه، فإذا خرجت به عنق النار لم يجدوه في مضجعه، فيأخذون عليهم أبوابهم، ويكتمون أمرهم، ويقولون: لا تقرّون بما رأيتم فيشمت بكم عليّ بن أبي طالب.

فقالوا: يا أمير المؤمنين وما تصنع به عنق النار بعد ذلك؟

قال أمير المؤمنين (عليه السلام): يكون حيّاً (فيها) معذّباً إلى أن تورده النار في الآخرة.

فقالوا: يا أمير المؤمنين وكيف عجّلت له النار في الدنيا؟

فقال: لأنّه كان لا يخاف الله ويخاف النار، فعذّبه الله بالذي يخاف منه.

فقالوا: يا أمير المؤمنين وأين تكون عنق النار هذه؟

قال: في هذه الدنيا والأشعث فيها تورده على كلّ مؤمن، فتقذفه بين يديه، فيراه بصورته ويدعوه الأشعث ويستجيره، ويقول: أيها العبد الصالح اُدع لي ربّك يخرجني من هذه النار التي جعلها الله عذابي في الدنيا ويعذّبني بها في الآخرة (إلاّ) ببغضي عليّ بن أبي طالب وشكّي في محمّد.

فيقول له المؤمن: لا أخرجك الله تعالى منها لا في الدنيا ولا في الآخرة، اي والله وتقذفه عند عشيرته وأهله ممّن شكّ أنّ عنق النار أخذته، حتّى يناجيهم ويناجونه

الصفحة 425
ويقولون له: قل لنا بما صرت معذّباً بهذه النار؟ فيقول لهم: بشكّي في محمّد، وبغضي لعليّ بن أبي طالب وكراهتي بيعته، وخلافي عليه، وخلعي بيعته، ومبايعتي لضبّ دونه، فيلعنونه، ويتبرّأون منه ويقولون له: ما نحبّ أن نصير إلى ما صرت إليه(1).

(5) الخوارج

9333/1 ـ عن أبي مجلّد في خبر أنّه قال (عليه السلام) في الخوارج مخاطباً لأصحابه: والله لا يقتل منكم عشرة، وفي رواية: ولا ينفلت منهم عشرة، ولا يهلك منّا عشرة، فقتل من أصحابه تسعة، وانفلت منهم تسعة: اثنان إلى سجستان، واثنان إلى عمان، واثنان إلى بلاد الجزيرة، واثنان إلى اليمن، وواحد إلى موزن.

والخوارج من هذه المواضع منهم، وقال الأعثم: المقتولون من أصحاب أمير المؤمنين (عليه السلام): رويبة بن وبر العجلي، وسعد بن خالد السبيعي، وعبد الله بن حمّاد الأرحبي، والفيّاض بن خليل الأزدي، وكيسوم بن سلمة الجُهني، وعبيد بن عبيد الخولاني، وجُميح بن جشم الكندي، وضَبَّ بن عاصم الأسدي(2).

9334/2 ـ من كلام له (عليه السلام) كلّم به الخوارج:

أما إنّكم ستلقون بعدي ذلا شاملا، وسيفاً قاطعاً، وأثرة يتّخذها الظالمون فيكم سنّة(3).

9335/3 ـ قال علي (عليه السلام) لمّا عزم على حرب الخوارج، فقيل له: إنّ القوم قد عبروا جسر النهروان، قال: مصارعهم دون النطفة، والله لا يفلت منهم عشرة، ولا تقتل

____________

1- هداية الحضيبي: 37; مدينة المعاجز، باب معاجز أمير المؤمنين (عليه السلام) 3: 196 ح826.

2- مناقب ابن شهر آشوب، باب إخباره (عليه السلام) بالغيب 2: 263.

3- نهج البلاغة: خطبة 58; اثبات الهداة 4: 515.


الصفحة 426
(يهلك) منكم عشرة ـ يعني بالنطفة ماء النهر ـ(1).

9336/4 ـ قال علي (عليه السلام) لمّا قتل الخوارج، فقيل له: يا أمير المؤمنين هلك القوم بأجمعهم، فقال: كلاّ والله، إنّهم نطف في أصلاب الرجال، وقرارات النساء، كلّما نجم منهم قرن قُطع، حتّى يكون آخرهم لصوصاً سلاّبين(2).

9337/5 ـ من كلام له (عليه السلام) للخوارج، وذكر كلاماً من جملته:

سيهلك فيّ صنفان: محبّ مفرط يذهب به الحبّ إلى غير الحق، ومبغض مفرط يذهب به البغض إلى غير الحق، وخير الناس فيّ حالا النمط الأوسط(3).

9338/6 ـ قال أمير المؤمنين (عليه السلام) وهو متوجّه إلى قتال الخوارج: لولا أني أخاف أن تتكّلوا وتتركوا العمل، لأخبرتكم بما قضاه الله على لسان نبيّه (صلى الله عليه وآله) فيمن قاتل هؤلاء القوم مستبصراً بضلالتهم، وأنّ فيهم لرجلا يقال له ذو الثدية له ثدي كثدي المرأة، وهم شرّ الخلق والخليقة، وقاتلهم أقرب الخلق إلى الله وسيلة، ولم يكن المخدج معروفاً في القوم، فلما قتلوا جعل (عليه السلام) يطلبه في القتلى ويقول: والله ما كذبت ولا كذّبت، حتّى وجد في القوم وشقّ قميصه وكان على كتفه سلعة كثدي المرأة عليها شعرات إذا جُذبت انجذب كتفه معها، وإذا تركت رجع كتفه إلى موضعه، فلما وجده كبّر وقال: إنّ في هذا عبرةٌ لمن استبصر(4).

9339/7 ـ الحاكم النيسابوري، أخبرنا أبو الحسين أحمد بن عثمان بن يحيى المقري ببغداد، وأبو أحمد بكر بن محمّد بن حمدان الصيرفي بمرو، (قالا) ثنا أبو قلابة الرقاشي، ثنا عبد الصمد بن عبد الوارث بن سعيد، حدّثني أبي، حدّثنا يزيد بن

____________

1- نهج البلاغة: خطبة 59; اثبات الهداة 4: 515.

2- نهج البلاغة: خطبة 60; اثبات الهداة 4: 515.

3- نهج البلاغة: خطبة 127; اثبات الهداة 4: 520.

4- ارشاد المفيد: 167; البحار 41: 283.


الصفحة 427
صالح، أنّ أبا الوضيء عباد بن نسيب، حدّثه أنّه قال: كنّا في مسيرنا عامدين إلى الكوفة مع أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب (رضي الله عنه)، فلمّا بلغنا مسيرة ليلتين أو ثلاث من حروراء، شذّ منّا ناس، فذكرنا لعلي، فقال: لا يهولنّكم أمرهم فإنّهم سيرجعون، فنزلنا فلما كان من الغد شذّ مثلي من شذّ، فذكرنا ذلك لعلي، فقال: لا يهولنّكم أمرهم فإنّ أمرهم يسير، وقال علي (رضي الله عنه): لا تبدؤوهم بقتال حتّى يكونوا هم الذين يبدؤوكم، فجثوا على ركبهم واتّقينا بترسنا، فجعلوا يناولونا بالنشاب والسهام، ثمّ انهم دنوا منّا فأسندوا لنا الرماح، ثمّ تناولونا بالسيوف حتّى همّوا أن يضعوا السيوف فينا، فخرج إليهم رجل من عبد القيس يقال له صعصعة بن صوحان فنادى ثلاثاً، فقالوا: ما تشاء؟ فقال: أذكّركم الله أن تخرجوا بأرض تكون مسبة على أهل الأرض، وأذكّركم الله أن تمرقوا من الدين مروق السهم من الرمية، فلما رأيناهم قد وضعوا فينا السيوف، قال علي (رضي الله عنه): انهضوا على بركة الله تعالى، فما كان إلاّ فواق من نهار حتّى ضجعنا من ضجعنا وهرب من هرب.

فحمد الله علي (رضي الله عنه) فقال: إنّ خليلي (صلى الله عليه وسلم) أخبرني أنّ قائد هؤلاء رجل مخدج اليد على حلمة ثديه شعيرات كأنّهن ذنب يربوع، فالتمسوه، فالتمسوه فلم يجدوه، فأتيناه فقلنا: إنّا لم نجده، فقال: التمسوه فوالله ما كذبت ولاكذُبت، فما زلنا نلتمسه حتّى جاء علي بنفسه إلى آخر المعركة التي كانت لهم، فما زال يقول: اقلبوا ذا اقلبوا ذا حتّى جاء رجل من أهل الكوفة، فقال: ها هو ذا، فقال علي: الله أكبر والله لا يأتيكم أحد يخبركم من أبوه ملك، فجعل الناس يقولون: هذا ملك هذا ملك، يقول علي: ابن من؟ يقولون: لا ندري، فجاء رجل من أهل الكوفة، فقال: أنا أعلم الناس بهذا، كنت أروض مهرة لفلان بن فلان شيخ من بني فلان، واضع على ظهرها جوالق سهلة أقبل بها وأدبر، إذ نفرت المهرة فناداني، فقال: يا غلام انظر فإنّ المهرة

الصفحة 428
قد نفرت، فقلت: إنّي لأرى خيالا كأنّه غراب أو شاة، إذ أشرف هذا علينا، فقال: من الرجل؟ فقال: رجل من أهل اليمامة، قال: وما جاء بك شاحباً غبراً؟ قال:

جئت أعبد الله في مصلّى الكوفة، فأخذ بيده ما لنا رابع إلاّ الله حتّى انطلق به إلى البيت، فقال لامرأته: إنّ الله تعالى قد ساق إليك خيراً، قالت: والله اني إليه لفقيرة فما ذلك؟ قال: هذا رجل شعث شاحب كما ترين جاء من اليمامة ليعبد الله في مصلّى الكوفة، فكان يعبد الله فيه ويدعو الناس إليه حتّى اجتمع الناس إليه.

فقال علي: أما أنّ خليلي (صلى الله عليه وسلم) أخبرني أنّهم ثلاثة أخوة من الجنّ هذا أكبرهم، والثاني له جمع كثير، والثالث فيه ضعف(1).

9340/8 ـ أمر علي بطلب المخدج، فطلبوه، فلم يقدروا عليه، فقام علي وعليه أثر الحزن لفقد المخدج، فانتهى إلى قتلى بعضهم فوق بعض، فقال: افرجوا، ففرجوا يميناً وشمالا واستخرجوه، فقال علي (رضي الله عنه): الله أكبر، ما كذبت على محمّد، وانّه لنا قص اليد ليس فيها عظم، طرفها حلمة مثل ثدي المرأة، عليها خمس شعرات أو سبع، رؤوسها معقفة، ثمّ قال: ائتوني به، فنظر إلى عضده، فإذا لحم مجتمع على منكبه كثدي المرأة عليه شعرات سود إذا مدّت اللحمة امتدت حتى تحاذي بطن يده الاُخرى، ثمّ تترك فتعود إلى منكبه، فثنى رجله ونزل وخرّ لله ساجداً.

ثمّ ركب ومرّ وهم صرعى، فقال: لقد صرعكم من غرّكم، قيل: ومن غرّهم؟ قال: الشيطان وأنفس السوء، فقال أصحابه: قد قطع الله دابرهم إلى آخر الدهر، فقال: كلاّ والذي نفسي بيده انّهم لفي أصلاب الرجال وأرحام النساء لا تخرج خارجة إلاّ خرجت بعدها مثلها حتّى تخرج خارجة بين الفرات ودجلة مع رجل

____________

1- مستدرك الحاكم 4: 531; مناقب ابن شهر آشوب، باب اخباره (عليه السلام) بالغيب 2: 262.


الصفحة 429
يقال له الأسمط يخرج إليه رجل منّا أهل البيت فيقتلهم ولا يخرج بعدها خارجة إلى يوم القيامة...(1).

9341/9 ـ المفيد، روى أصحاب السيرة في حديثهم عن جندب بن عبد الله الأزدي، قال: شهدت مع علي (عليه السلام) الجمل وصفين لا أشكّ في قتال من قاتله، حتّى نزلت النهروان، فداخلني شكّ في قتال القوم، وقلت: قرّاؤنا وخيارنا نقتلهم إنّ هذا الأمر عظيم، فخرجت غدوة أمشي ومعي أداوة ماء حتّى برزت من الصفوف فركزت رمحي ووضعت ترسي إليه واستترت من الشمس، فاني لجالس حتّى ورد عليّ أمير المؤمنين (عليه السلام) فقال لي: يا أخا الأزد أمعك طهور؟ قلت: نعم، فناولته الأداوة فمضى حتّى لم أره، ثمّ أقبل وقد تطهّر، فجلس في ظلّ الترس، وإذا فارس يسأل عنه، فقلت: يا أمير المؤمنين هذا فارس يريدك، قال: فأشر إليه فأشرت إليه فجاء فقال: يا أمير المؤمنين قد عبر القوم وقد قطعوا النهر، فقال: كلاّ ما عبروا، فقال: بلى والله لقد فعلوا، (قال: كلاّ ما فعلوا،) قال: إنّه لكذبك إذ جاء آخر فقال: يا أمير المؤمنين قد عبر القوم، قال: كلاّ ما عبروا، قال: والله ما جئتك حتّى رأيت الرايات في ذلك الجانب والأثقال، قال: والله ما فعلوا وانّه لمصرعهم ومهراق دمائهم، ثمّ نهض ونهضت معه، وقلت في نفسي: الحمد لله الذي بصّرني هذا الرجل وعرّفني أمره، هذا أحد الرجلين: أما رجل كذّاب جريء، أو على بيّنة من ربّه وعهد من نبيّه، اللّهمّ انّي أعطيك عهداً تسألني عنه يوم القيامة، إن أنا وجدت القوم قد عبروا أن أكون أول من يقاتله وأول من يطعن بالرمح في عينه، وإن كان القوم لم يعبروا أن اُقيم على المناجزة والقتال، فدفعنا إلى الصفوف فوجدنا الرايات والأثقال كما هي، قال: فأخذ بقفائي ودفعني، ثمّ قال: يا أخا الأزد أتبيّن لك الأمر؟

____________

1- مروج الذهب 2: 406.


الصفحة 430
قلت: أجل يا أمير المؤمنين، فقال: شأنك بعدوّك، فقتلت رجلا من القوم ثمّ قتلت آخر، ثمّ اختلفت أنا ورجل آخر أضربه ويضربني فوقعنا جميعاً، فاحتملني أصحابي وأفقت حين أفقت وقد فرغ من القوم(1).

(6) القرامطة

9342/1 ـ أخبر (عليه السلام) عن القرامطة، وأنّهم ينقلون الحجر الأسود من الكعبة وينصبونه بالكوفة، وأشار إلى السارية التي ينصب فيها، فقال: ينتحلون لنا الحبّ والهوى، ويضمرون لنا البغض والقلى، وآية ذلك قتلهم ورّاثنا، وهجرهم أجداثنا، قال (عليه السلام) ـ وهو يشير إلى السارية التي كان يستند إليها في مسجد الكوفة ـ: كأنّي بالحجر الأسود منصوباً هاهنا برهة، ويحهم أنّ فضيلته ليست في نفسه بل في موضعه، والله يمكث هاهنا برهة ثمّ هاهنا برهة ـ وأشار الى البحرين ـ ثمّ يعود إلى مأواه واُمّ مثواه(2).

(7) دولة آل بويه

9343/1 ـ قال علي (عليه السلام): يخرج من ديلمان بنو الصياد، وقوله فيهم: ثمّ يستشري أمرهم حتّى يملكوا الزوراء ويخلعوا الخلفاء، فقال له قائل: فكم مدّتهم يا أمير المؤمنين؟ فقال: مائة أو تزيد قليلا، وقوله فيهم: والمترف في الأجذم يقتله ابن عمه على دجلة(3).

____________

1- ارشاد المفيد: 167; البحار 41: 284.

2- البحار 40: 191; اثبات الهداة 5: 55; شرح النهج لابن أبي الحديد 2: 556.

3- الكنى والألقاب للقمي، في ترجمة عضد الدولة 2: 472.


الصفحة 431

(8) الحجاج الثقفي

9344/1 ـ إنّ الأشعث بن قيس استأذن على عليّ (عليه السلام) فردّه قنبر، فأدمى أنفه، فخرج علي (عليه السلام) فقال: ما لي ولك يا أشعث أما والله لو بعبد ثقيف تمرّست لاقشعرّت شعيرات أستك، قال: ومَن غلام ثقيف؟ قال: غلام يليهم لا يبقى من العرب إلاّ أدخلهم الذلّ، قال: كم يلي؟ قال: عشرين إن بلغها. قال الراوي فولّي الحجاج سنة خمس وسبعين ومات سنة تسعين(1).


بيـان:

أقول: في سنة خمس وسبعين ولّي عبد الملك الحجاج على العراق، لكن في ثلاث ولاّه الجيش لقتال عبد الله بن الزبير، وكان والياً على العراق إلى سنة خمس وتسعين، فكانت ولايته تمام العشرين كما ذكره (عليه السلام) فلعلّ الخمس سقطت من النسّاخ، ولعلّ قوله: (إن بلغها) للتبهيم لئلاّ يغترّ الملعون بذلك، أو لنقص أشهر عن العشرين.


9345/2 ـ أخبر (عليه السلام) عن ولاية الحجاج بن يوسف الثقفي، وبما سيحلّ بالعراق من بلوائه، فقال (عليه السلام): أما والله ليسلطنّ عليكم غلام ثقيف الذيّال الميّال، يأكل خضرتكم ويذيب شحمتكم، إيه أبا وذحة(2).

9346/3 ـ قال علي (عليه السلام) في الحجاج: وسيليكم بعدي ولاة يعذّبونكم بالسياط والحديد، وسيليكم غلام ثقيف أخفش وجعبوب، يقتلان ويظلمان وقليل ما يمكثان(3).

9347/4 ـ عن عثمان بن سعيد، عن يحيى التيمي، عن الأعمش، عن إسماعيل بن رجاء، قال: قام أعشى باهلة (همدان) ـ وهو يومئذ غلام حدث ـ إلى علي (عليه السلام) وهو

____________

1- الخرائج والجرائح 1: 199; البحار 41: 299.

2- شرح النهج لابن أبي الحديد 2: 257.

3- شرح النهج لابن أبي الحديد 2: 133.


الصفحة 432
يخطب ويذكر الملاحم، فقال: يا أمير المؤمنين ما أشبه هذا الحديث بحديث خرافة؟ فقال علي (عليه السلام): إن كنت آثماً فيما قلت يا غلام فرماك الله بغلام ثقيف، ثمّ سكت، فقام رجال فقالوا: ومن غلام ثقيف يا أمير المؤمنين؟ قال: غلام يملك بلدتكم هذه لا يترك لله حرمة إلاّ انتهكها، يضرب عنق هذا الغلام بسيفه، فقالوا: كم يملك يا أمير المؤمنين؟ قال: عشرين إن بلغها، قالوا: فيقتل قتلا أم يموت موتاً؟ قال: بل يموت حتف أنفه بداء البطن، يثقب سريره لكثرة ما يخرج من جوفه، قال إسماعيل بن رجاء: فوالله لقد رأيت بعينيّ أعشى باهلة وقد أحضر في جملة الأسرى الذين أسروا من جيش عبد الرحمن بن محمّد بن الأشعث بين يدي الحجاج، فقرّعه ووَبَّخَه واستنشده شعره الذي يحرّض فيه عبد الرحمن على الحرب، ثمّ ضرب عنقه في هذا المجلس(1).

____________

1- شرح النهج لابن أبي الحديد 1: 209; البحار 41: 341.


الصفحة 433

الباب السادس:

في أخبار آخر الزمان

9348/1 ـ الصدوق، حدّثنا محمّد بن علي ماجيلويه، قال: حدّثنا عمّي محمّد بن أبي القاسم، عن محمّد بن علي الكوفي، عن محمّد بن أبي عمير، عن عمرو بن اُذينة، قال أبو عبد الله (عليه السلام): قال أبي (عليه السلام): قال أمير المؤمنين (عليه السلام): يخرج ابن آكلة الأكباد من الوادي اليابس، وهو رجل ربعة، وحش الوجه، ضخم الهامة، بوجهه أثر جدري، إذا رأيته حسبته أعور، اسمه عثمان وأبو عنبسة، وهو من ولد أبي سفيان، حتّى يأتي أرض ذات قرار ومعين (يعني الكوفة كما جاءت به الأخبار) فيستوي على منبرها(1).

9349/2 ـ ابن طاووس، رأيت في كرّاس بخطّ الولد المذكور، أنّ مولانا علياً (عليه السلام) ذكر في خطبة له: ألا وكم يجري قبل ذلك في العالم من اُعجوبات، وكم تظهر فيه من آيات لا مرية فيها، وهي مراكز العلامات: كنفور بني قنطورا وملكهم بالعراق

____________

1- إكمال الدين، الباب 57: 651; البحار 52: 205; اثبات الهداة 7: 397.


الصفحة 434
وأطراف الشامات، وتلعّبهم بالاخوان والأخوات من المستورين والمستورات(1).

9350/3 ـ ابن طاووس، فيما ذكره نعيم بن حمّاد، ومن حديث الترك والزنج، حدّثنا نعيم، عن الوليد بن مسلم، ورشيد بن أبي قتيل، عن أبي مروان، عن عليّ بن أبي طالب (عليه السلام) قال:

إذا رأيتم الرايات السود فالزموا الأرض ولا تحرّكوا أيديكم ولا أرجلكم، حتّى يظهر قوم صغار لا يؤبه لهم، قلوبهم كزبر الحديد أصحاب الدولة، لا يفون بعهد ولا ميثاق، يدعون إلى الحقّ وليسوا من أهله، أسمائهم الكنى ونسبهم الغري، شعورهم مرخاة كشعور النساء حتّى يختلفوا فيما بينهم، ثمّ يؤتي الله الحقّ من يشاء(2).

9351/4 ـ ابن طاووس، فيما ذكره نعيم، قال: حدّثنا عبد القدّوس، عن ابن عيّاش، قال: حدّثني بعض أهل العلم، عن محمّد بن جعفر، عن علي بن أبي طالب (عليه السلام) قال: يكتب السفياني إلى الذي دخل الكوفة بخيله بعدما يعركها عرك الأديب، يأمره بالمسير إلى الحجاز، فيسير إلى المدينة فيضع السيف في قريش فيقتل منهم ومن الأنصار أربعمائة رجل، ويبقر البطون ويقتل الولدان، ويقتل أخوين من قريش رجلا واُخته يقال لهما محمّد وفاطمة ويصلبهما على باب المسجد بالمدينة(3).

9352/5 ـ وعنه، قال: حدّثنا نعيم، حدّثنا الوليد، ورشدي، عن أبي لهيعة، عن أبي قبيل، عن أبي رومان، عن علي (عليه السلام) قال: يبعث السفياني بجيش إلى المدينة فيأخذون من قدروا عليه من آل محمّد (صلى الله عليه وآله)، ويقتل من بني هاشم رجالا ونساءً

____________

1- الملاحم والفتن لابن طاووس: 179.

2- الملاحم والفتن لابن طاووس: 31.

3- الملاحم والفتن لابن طاووس: 51.


الصفحة 435
فعند ذلك يهرب المهدي والمستنصر من المدينة إلى مكة، فيبعث في طلبهما وقد لحقا بحرم الله وأمنه(1).

9353/6 ـ وعنه، فيما ذكره نعيم، قال: حدّثنا نعيم، قال: حدّثنا الوليد، ورشدي، عن أبي لهيعة، عن أبي قبيل، عن ابن رومان، عن علي (عليه السلام) قال: بعد الخسف ينادي مناد من السماء أنّ الحق في آل محمّد (صلى الله عليه وآله) في أول النهار، ثمّ ينادي مناد في آخر النهار أنّ الحق في ولد عيسى، وذلك نخوة من الشيطان(2).

9354/7 ـ الطوسي، أخبرنا جماعة، عن أبي المفضّل الشيباني، عن أبي نعيم نصر ابن عصام بن المغيرة العمري، عن أبي يوسف يعقوب بن نعيم عمرو بن قرقارة الكاتب، عن أحمد بن محمّد الأسدي، عن محمّد بن أحمد، عن إسماعيل بن عباس، عن مهاجر بن حكيم، عن معاوية بن سعيد، عن أبي جعفر محمّد بن علي قال: قال لي عليّ بن أبي طالب (عليه السلام): إذا اختلف رمحان بالشام فهو آية من آيات الله تعالى، قيل: ثمّ مَه؟ قال: ثمّ رجفة تكون بالشام يهلك فيها مائة ألف، يجعله الله رحمةً للمؤمنين وعذاباً على الكافرين، فإذا كان ذلك فانظروا إلى أصحاب البراذين الشهب، والرايات الصفر، تقبل من المغرب حتّى تحلّ بالشام، فإذا كان ذلك فانتظروا خسفاً بقرية من قُرى الشام يقال لها خرشنا، فإذا كان ذلك فانتظروا ابن آكلة الأكباد بوادي اليابس (المراد به السفياني)(3).

9355/8 ـ عن محمّد بن الحنفية، إنّ عليّ بن أبي طالب قال يوماً في مجلسه: والله لقد علمت لتقتلنّني ولتخلفنّني، ولتكفون إكفاء الإناء بما فيه، وما يمنع أشقاها أن يخضب هذه ـ يعني لحيته ـ بدم من فود هذه ـ يعني هامته ـ فوالله إنّ ذلك لفي عهد

____________

1- الملاحم والفتن لابن طاووس: 51.

2- الملاحم والفتن لابن طاووس: 56.

3- غيبة الطوسي، علامات ظهور الحجة: 461 ح476; البحار 52: 216; غيبة النعماني، باب 18: 305; الخرائج والجرائح 3: 1151; منتخب الأثر: 29.


الصفحة 436
رسول الله (صلى الله عليه وسلم) إليّ، وليدالننَّ عليكم هؤلاء القوم باجتماعهم على أهل باطلهم وتفرّقكم على أهل حقكم، حتّى يملكوا الزمان الطويل فيستحلّوا الدم الحرام، والفرج الحرام، والخمر الحرام، والمال الحرام، فلا يبقى بيتٌ من بيوت المسلمين إلاّ دخلت عليهم مظلمتهم.

فيا ويح بني اُميّة من ابن أمتهم، يقتل زنديقهم، ويسير خليفتهم في الأسواق، فإذا كان كذلك ضرب الله بعضهم ببعض، والذي فلق الحبة وبرأ النسمة لا يزال ملك بني اُمّية ثابتاً لهم حتّى يملك زنديقهم، فإذا قتلوه وملك ابن أمتهم خمسة أشهر، ألقى الله بأسهم بينهم، فيخربون بيوتهم بأيديهم وأيدي المؤمنين، وتعطّل الثغور، وتهراق الدماء، وتقع الشحناء في العالم والهرج سبعة أشهر، فإذا قُتل زنديقهم فالويل ثمّ الويل للناس في ذلك الزمان، يُسلّط بعض بني هاشم على بعض حتّى من الغيرة تغير خمسة نفر على الملك كما يتغاير الفتيان على المرأة الحسناء، فمنهم الهارب والمشؤم، ومنهم السناط الخليع يبايعه جُلّ أهل الشام، ثمّ يسير إليه حماز الجزيرة من مدينة الأوثان، فيقاتله الخليع ويغلب على الخزائن، فيقاتله من دمشق إلى حرّان.

ويعمل عمل الجبابرة الاُولى، فيغضب الله من السماء لكلّ عمله، فيبعث عليه فتى من قبل المشرق يدعو إلى أهل بيت النبي (صلى الله عليه وسلم) هم أصحاب الرايات السود المستضعفون، فيعزّهم الله وينزل عليهم النصر، فلا يقاتلهم أحد إلاّ هزموه، ويسير الجيش القحطاني حتّى يستخرجوا الخليفة وهو كاره خائف، فيسير معه تسعة آلاف من الملائكة، معه راية النصر، وفتى اليمن في نحر حمّاز الجزيرة على شاطئ نهر، فيلتقي هو وسفّاح بني هاشم فيهزمون الحماز ويهزمون جيشه ويغرقونهم في النهر، فيسير الحمّاز حتّى يبلغ حرّان فيتبعونه فينهزم منهم، فيأخذ على المدائن التي هي بالشام على شاطئ البحر حتّى ينتهي (إلى) البحرين، ويسير السفّاح وفتى اليمن

الصفحة 437
حتّى ينزلوا دمشق فيفتحونها أسرع من التماع البرق ويهدمون سورها، ثمّ يبني ويعمّر ويساعدهم عليها رجل من بني هاشم اسمه اسم نبيّ، فيفتحونها من الباب الشرقي قبل أن يمضي من اليوم الثاني أربع ساعات، فيدخلها سبعون ألف سيف مسلول بأيدي أصحاب الرايات السود، شعارهم أمِت أمِت، أكثر قتلاها فيما يلي المشرق، والفتى في طلب الحمّاز فيدركانه فيقتلانه من وراء البحرين من المعرّتين واليمن، ويكمّل الله للخليفة سلطانه، ثمّ يثور سميان أحدهما بالشام والآخر بمكة، فيهلك صاحب المسجد الحرام ويقبل حتّى تلقى جموعه جموع صاحب الشام فيهزمونه(1).

9356/9 ـ ابن طاووس، قال: حدّثنا أبو سهل، قال: حدّثنا محمّد بن عبد المؤمن، قال: حدّثنا أحمد بن محمّد بن غالب، قال: أخبرنا هدية بن عبد الوهاب، عن عبد الحميد، عن عبد الله بن عبد العزيز، قال: قال لي عليّ بن أبي طالب (عليه السلام) وخطب بالكوفة فقال: أيّها الناس الزموا الأرض من بعدي، وإيّاكم والشذاذ من آل محمّد، فإنّه يخرج شذاذ آل محمّد فلا يرون ما يحبّون لعصيانهم أمري ونبذهم عهدي، وتخرج راية من ولد الحسين تظهر بالكوفة، بدعامة الاُميّة، ويشمل الناس البلاء ويبتلي الله خير الخلق، حتّى يميز الخبيث من الطيّب، ويتبرأ الناس بعضهم من بعض، ويطول ذلك حتّى يفرّج الله برجل من آل محمّد، ومن خرج من ولدي فعمل بغير عملي وسار بغير سيرتي فأنا منه بريء، وكل من خرج من ولدي قبل المهدي فإنّما هو جزور، وإيّاكم والدجالين من ولد فاطمة فإنّ من ولد فاطمة دجّالين، ويخرج دجّال من دجلة البصرة وليس منّي وهو مقدّمة الدجّالين كلّهم(2).

9357/10 ـ ابن طاووس، قال: فيما نذكره من كتاب (الفتن) للسليلي، قال: حدّثنا

____________

1- كنز العمال 14: 595 ح39680.

2- الملاحم والفتن لابن طاووس: 110.


الصفحة 438
عمر بن عبد الوهاب، قال: حدّثنا أبو بكر محمّد بن عبد المؤمن، قال: حدّثنا أحمد ابن محمّد بن غالب، قال: حدّثنا الخليل بن سالم البزاز، قال: حدّثني عمي العلاء بن رشيد، قال: حدّثنا عبد الواحد بن زيد، عن الحسن، عمّن أخبره، أنّ عليّ بن أبي طالب (عليه السلام) قال لابن عباس:

يا ابن عباس قد سمعت أشياء مختلفة ولكن حدّث أنت رضي الله عنك، قال: نعم، قال: أول فتنة من المائتين إمارة الصبيان، وتجارات كثيرة وربح قليل، ثمّ موت العلماء والصالحين، ثمّ قحط شديد، ثمّ الجور وقتل أهل بيتي الظمأ بالزوراء، ثمّ الشقاق ونفاق الملوك، وملك العجم، فإذا ملكتكم الترك فعليكم بأطراف البلاد وسواحل البحار، والهرب الهرب، ثمّ تكون في سنة خمسين ومائتين وخمس وثلاث فتن البلاد: فتنة بمصر الويل لمصر، والثانية بالكوفة، والثالثة بالبصرة، وهلاك البصرة من رجل ينتدب لها لا أصل له ولا فرع، فيصير الناس فرقتين: فرقة معه وفرقة عليه، فيمكث فيدوم عليهم سنين، ثمّ يولّى عليكم خليفة فظّ غليظ يسمّى في السماء القتّال، وفي الأرض الجبّار، فيسفك الدماء ثمّ يمزج الدماء بالماء فلا يقدر على شربه، ويهجم عليهم الأعراب، وعند هجوم الأعراب يقتل الخليفة، فيفشو الجور والفجور بين الناس، وتجيئكم رايات متتابعات كأنّهنّ نظام منظومات انقطعن فتتابعن، فإذا قتل الخليفة الذي عليكم فتوقّعوا خروج آل أبي سفيان وإمارته عند هلال مصر وعند هلال مصر خسف بالبصرة، خسف بكلاها وبأرجاها، وخسفان آخران بسوقها ومسجدها معها، ثمّ بعد ذلك طوفان الماء فمن نجا من السيف لم ينج من الماء، إلاّ من سكن ضواحيها وترك باطنها، وبمصر ثلاث خسوف وستّ زلازل وقذف من السماء، ثمّ بعد ذلك الكوفة ويكون السفياني بالشام، فإذا صار جيشه بالكوفة توقّع لخبر آل محمّد (صلى الله عليه وآله) تحت الكعبة فيتمنّى

الصفحة 439
الأحياء عند ذلك أنّ أمواتهم في الحياة، يملؤها عدلا كما ملئت جوراً(1).

9358/11 ـ ابن طاووس، قال: حدّثنا عمر، قال: حدّثنا محمّد، قال: حدّثنا أحمد، قال: حدّثنا محمّد بن القاسم، عن محمّد بن عبد الله، عن جعفر بن محمّد (عليه السلام) أنّه قال: إنّ لنا بالبصرة وقعة عظيمة، وقد قال أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب (عليه السلام): وذكر ما جرى حديث عليّ بن محمّد صاحب الزنج وغيره، ثمّ قال: ويعود دار الملك إلى الزوراء وتصير الاُمور شورى من غلب على شيء فعله، فعند ذلك خروج السفياني، فيركب في الأرض تسعة أشهر يسومهم سوء العذاب، فويل لمصر وويل للزوراء، وويل للكوفة، والويل لواسط، كأنّي أنظر إلى واسط وما فيها مخبر بخبر، وعند ذلك خروج السفياني، ويقلّ الطعام ويقحط الناس، ويقّل المطر فلا أرض تنبت ولا سماء تنزل، ثمّ يخرج المهدي الهادي المهتدي الذي يأخذ الراية من يد عيسى بن مريم، ثمّ خروج الدجال من بعد ذلك، يخرج الدجّال من ميسان نواحي البصرة ليأتي سفوان ويأتي سنام فيسحرهما، يسحر الناس فيكونان كالثريد وما هما بثريد من الجوع والقحط إنّ ذلك لشديد، ثمّ طلوع الشمس من مغربها إلى قيام الساعة أربعين عاماً، والله أعلم ما وراء ذلك(2).

9359/12 ـ أسند الصادق (عليه السلام) إلى آبائه، أنّ علياً (عليه السلام) قال: إذا وقعت النار في حجازكم وجرى الماء في نجفكم، فتوقعوا ظهور قائمكم(3).

9360/13 ـ الحاكم النيسابوري، أخبرني محمّد بن المؤمل، ثنا الفضل بن محمّد الشعراني، ثنا نعيم بن حمّاد، ثنا الوليد ورشدين (قالا)، ثنا ابن لهيعة، عن أبي قبيل، عن أبي رومان، عن عليّ بن أبي طالب (رضي الله عنه) قال: يظهر السفياني على الشام، ثمّ

____________

1- الملاحم والفتن لابن طاووس: 113.

2- الملاحم والفتن لابن طاووس: 120.

3- الصراط المستقيم 2: 258; اثبات الهداة 7: 157.