الصفحة 440
يكون بينهم وقعة بقرقيسا حتّى تشبع طير السماء وسباع الأرض من جيفهم، ثمّ ينفتق عليه فتق من خلفهم، فتقبل طائفة منهم حتى يدخلوا أرض خراسان، وتقبل خيل السفياني في طلب أهل خراسان ويقتلون شيعة آل محمّد (صلى الله عليه وسلم) بالكوفة، ثمّ يخرج أهل خراسان في طلب المهدي(1).

9361/14 ـ محمّد بن إبراهيم النعماني، أخبرنا علي بن أحمد، عن عبيد الله بن موسى العلوي، قال: حدّثنا محمّد، عن عبد الله بن محمّد بن خالد، عن الحسن بن مبارك، عن أبي إسحاق الهمداني، عن الحارث الهمداني، عن عليّ أمير المؤمنين (عليه السلام) انّه قال: المهدي أقبل جعد، بخدّه خال، يكون مبدأه من قبل المشرق، وإذا كان ذلك خرج السفياني، فيملك قدر حمل امرأة تسعة أشهر، يخرج بالشام فينقاد له أهل الشام إلاّ طوائف من المقيمين على الحقّ يعصمهم الله عن الخروج معه، ويأتي المدينة بجيش جرّار حتّى إذا انتهى إلى بيداء المدينة خسف الله به، وذلك قول الله عزّ وجلّ في كتابه: {وَلَوْ تَرَى إِذْ فَزِعُوا فَلاَ فَوْتَ وَأُخِذُوا مِنْ مَّكَان قَرِيب}(2)(3).

9362/15 ـ الصدوق، باسناده عن علي (عليه السلام) قال: قال النبي (صلى الله عليه وآله): إن اُمتي ستغدر بك بعدي، ويتبع ذلك برها وفاجرها(4).

9363/16 ـ الحاكم النيسابوري، حدثنا أبو حفص عمر بن أحمد الجمحي بمكة، ثنا علي بن عبدالعزيز، ثنا عمرو بن عون، ثنا هشيم، عن إسماعيل بن سالم، عن أبي إدريس الأودي، عن علي (رضي الله عنه) قال: إن مما عهد إلي النبي (صلى الله عليه وسلم) أن الاُمة ستغدر بي بعده(5).

____________

1- مستدرك الحاكم 4: 501.

2- سبأ: 51.

3- غيبة النعماني، باب 18، ما جاء في السفياني: 304; تفسير البرهان 3: 354; البحار 52: 252.

4- عيون أخبار الرضا (عليه السلام) 2:67، اثبات الهداة 1:496، البحار 28:50.

5- مستدرك الحاكم 3:140.


الصفحة 441
9364/17 ـ فرات بن إبراهيم الكوفي، قال: حدثنا الحسين بن سعيد معنعناً: عن علي (عليه السلام) قال: من أراد أن يسأل عن أمرنا وأمر القوم، فإنا وأشياعنا يوم خلق الله السماوات والأرض على سنة موسى وأشياعه، وإن عدونا وأشياعه يوم خلق الله السماوات والأرض على سنة فرعون وأشياعه، فليقرأ هؤلاء الآيات من أول السورة [القصص] إلى قوله: {يَحْذَرُونَ} وإني أقسم بالله الذي فلق الحبة وبرأ النسمة الذي أنزل الكتاب على محمد (صلى الله عليه وآله) صدقاً وعدلا ليعطفن عليكم هؤلاء عطف الضروس على ولدها(1).

9365/18 ـ عن علي [(عليه السلام)] قال: يقتل في آخر الزمان كل علي وأبي علي، وكل حسن وأبي حسن، وذلك إذا أفرطوا فيّ كلما أفرطت النصارى في عيسى بن مريم، فانثالوا على ولدي فأطاعوهم طلباً للدنيا(2).

____________

1- تفسير فرات: 313 ح420.

2- كنز العمال 11:323 ح31632.


الصفحة 442

الصفحة 443


مبحث
الأماكن والبلدان





الصفحة 444

الصفحة 445

ما جاء عنه (عليه السلام) في الأماكن والبلدان وأهلها

(1) البصرة

9366/1 ـ روى كمال الدين ميثم البحراني مرسلا: أنه لما فرغ أمير المؤمنين (عليه السلام) من أمر الحرب لأهل الجمل، أمر منادياً ينادي في أهل البصرة إن الصلاة الجامعة لثلاثة أيام من غد إن شاء الله ولا عذر لمن تخلف إلاّ من حجة أو علة فلا تجعلوا على أنفسكم سبيلا، فلما كان اليوم الذي اجتمعوا فيه، خرج (عليه السلام) فصلى بالناس الغداة في المسجد الجامع، فلما قضى صلاته قام فاسند ظهره إلى حائط القبلة عن يمين المصلى فخطب الناس، فحمد الله وأثنى عليه بما هو أهله، وصلى على النبي (صلى الله عليه وآله) واستغفر للمؤمنين والمؤمنات والمسلمين والمسلمات ثم قال: ياأهل البصرة، إن الله لم يجعل لأحد من أمصار المسلمين خطة شرف ولا كرم إلاّ وقد جعل فيكم أفضل ذلك وزادكم من فضله بمنه ما ليس لهم، أنتم أقوم الناس قبلة، قبلتكم على المقام حيث يقوم الامام بمكة، وقارؤكم أقراء الناس، وزاهدكم أزهد الناس، وعابدكم أعبد الناس، وتاجركم أتجر الناس، وأصدقكم في تجارته، ومتصدقكم أكرم الناس

الصفحة 446
صدقة، وغنيكم أشد الناس بذلا وتواضعاً، وشريفكم أحسن الناس خلقاً، وأنتم أكرم الناس جواراً وأقلهم تكلفاً لما لا يعنيه، وأحرصهم على الصلاة جماعة، ثمرتكم أكثر الثمار، وأموالكم أكثر الأموال، وصغاركم أكيس الأولاد، ونساؤكم أقنع الناس وأحسنهن تبعلا، سخر لكم الماء يغدو عليكم ويروح صلاحاً لمعاشكم، والبحر سبباً لكثرة أموالكم، فلو صبرتم واستقمتم لكانت شجرة طوبى لكم مقبلا وظلا ظليلا(1).

9367/2 ـ ابن ميثم: في فصل يتضمّن حال غرق البصرة، فعند فراغه (عليه السلام) من ذلك الفصل، قام إليه الأحنف بن قيس فقال له: يا أمير المؤمنين ومتى يكون ذلك؟ قال: يا أبا بحر إنّك لن تدرك ذلك الزمان وإنّ بينك وبينه لقروناً ولكن ليبلغ الشاهد منكم الغائب عنكم، لكي يبلّغوا اخوانهم إذا هم رأوا البصرة قد تحوّلت أخصاصها دوراً وآجامها قصوراً، فالهرب الهرب، فإنهّ لا بصيرة لكم يومئذ، ثمّ التفت عن يمينه فقال: كم بينكم وبين الإبلّة؟ فقال له المنذر بن الجارود: فداك أبي واُمّي أربعة فراسخ، قال له: صدقت فوالذي بعث محمّداً وأكرمه بالنبوّة وخصّه بالرسالة وعجّل بروحه الى الجنّة، لقد سمعت منه كما تسمعون منّي، أن قال: يا علي هل علمت أنّ بين التي تسمّى البصرة والتي تسمّى الإبلّة أربعة فراسخ، وقد يكون في التي تسمّى الإبلّة موضع أصحاب القشور، يقتل في ذلك الموضع من اُمّتي سبعون ألفاً، شهيدهم يومئذ بمنزلة شهداء بدر، فقال له المنذر: يا أمير المؤمنين ومَن يقتلهم فداك أبي واُمّي؟ قال: يقتلهم اخوان الجنّ، وهم أجيل كأنّهم الشياطين، سود ألوانهم، منتنة أرواحهم، شديد كلبهم، قليل سلبهم، طوبى لمن قتلهم وطوبى لمن قتلوه، ينفر لجهادهم في ذلك الزمان قوم هم أذلّة عند المتكبّرين من أهل ذلك الزمان مجهولون في الأرض معروفون في السماء، تبكي عليهم السماء وسكّانها

____________

1- شرح النهج لابن ميثم 1:289، 3:16، البحار 32: 253، سفينة البحار في مادة (بصر)1: 48.


الصفحة 447
والأرض وسكّانها.

ثمّ هملت عيناه بالبكاء، ثمّ قال: ويحك يا بصرة ويلك يا بصرة من جيش لا رهج له ولا حسّ، قال له المنذر: يا أمير المؤمنين وما الذي يصيبهم من قبل الغرق مما ذكرت، وما الويح وما الويل؟ فقال: هما بابان: فالويح باب الرّحمة، والويل باب العذاب، يا ابن الجارود نعم ثارات عظيمة منها عصبة يقتل بعضها بعضاً، ومنها فتنة تكون بها خراب منازل وخراب ديار وانتهاك أموال وقتل رجال وسبي نساء يذبحن ذبحاً، يا ويل أمرهنّ حديث عجب: منها أن يستحلّ بها الدجّال الأكبر الأعور الممسوح العين اليمنى والاُخرى كأنّهنّ ممزوجة بالدم لكأنّهما في الحمرة علقة، نأتئ الحدقة كهيئة حبّة العنب الطافية على الماء، فيتبعه من أهلها عدّة، من قتل بالإبلّة من الشهداء أناجيلهم في صدورهم، يقتل من يقتل ويهرب من يهرب، ثمّ رجف ثمّ قذف ثمّ خسف ثمّ مسخ ثمّ الجوع الأغبر (الأكبر) ثمّ الموت الأحمر وهو الغرق.

يا منذر إنّ للبصرة ثلاثة أسماء سوى البصرة في الزبر الأول لا يعلمها إلاّ العلماء: منها الخريبة، ومنها تدمر، ومنها المؤتفكة، يا منذر والذي فلق الحبة وبرئ النسمة لو أشاء لأخبرتكم بخراب العرصات عرصة عرصة متى تخرب ومتى تعمر بعد خرابها إلى يوم القيامة، وإنّ عندي من ذلك علماً جمّاً وإن تسألوني تجدوني به عالماً لا أخطئ منه علماً ولا وافياً، ولقد استودعت علم القرون الاُولى وما كائن إلى يوم القيامة، قال: فقام إليه رجل فقال: يا أمير المؤمنين أخبرني مَن أهل الجماعة ومَن أهل الفرقة ومَن أهل السنّة ومن أهل البدعة؟ فقال: ويحك إذا سألتني فافهم عنّي ولا عليك أن لا تسأل أحداً بعدي، أما أهل الجماعة فأنا ومن اتّبعني وإن قلّوا وذلك الحقّ عن أمر الله وأمر رسوله، وأما أهل الفرقة فالمخالفون لي ولمن اتّبعني وإن كثروا، وأما أهل السنّة فالمتمسّكون بما سنّه الله ورسوله لا العاملون برأيهم

الصفحة 448
وأهوائهم وإن كثروا.

وقد مضى الفوج الأول وبقيت أفواج وعلى الله قصمها واستيصالها عن جديد الأرض وبالله التوفيق(1).

9368/3 ـ تنبّأ علي (عليه السلام) عن غرق البصرة وهلاك من بها، بقوله: وأيم الله لتغرقنّ بلدتكم حتّى كأني أنظر إلى مسجدها كجؤجؤ سفينة أو نعامة جاثمة(2).

9369/4 ـ أخبر علي (عليه السلام) عن هلاك البصرة بالزنج، فقال مخاطباً الأحنف بن قيس: يا أحنف كأني به وقد سار بالجيش الذي لا يكون له غبار ولا لَجَبٌ ولا قعقعة لُجُم ولا حمحمة خيل، يثيرون الأرض بأقدامهم كأنها أقدام النعام، ويل لسككم العامرة والدور المزخرفة التي لها أجنحة كأجنحة النسور، وخراطيم كخراطيم الفيلة، من اُولئك الذين لا يندب قتيلهم ولا يُفقد غائبهم، أنا كابّ الدنيا لوجهها وقادرها بقدرها وناظرها بعينها(3).

9370/5 ـ أخبر علي (عليه السلام) عن هلاك البصرة بالتتر، فقال: كأنّي أراهم قوماً كأنّ وجوههم المِـجّانُ المُطرقة يلبسون السَرَقَ والديباج، ويعتقبون الخيل العِتاق، ويكون هناك استحرار قتل حتّى يمشي المجروح على المقتول، ويكون المُفلِت أقلّ من المأسور(4).

9371/6 ـ لما صعد عليّ بن أبي طالب (رضي الله عنه) منبرها خطب، وقال في آخر خطبته: يا أهل البصرة، يا بقايا ثمود، ويا جند المرأة ويا أتباع البهيمة، دعا فاتبعتم وعقر فانهزمتم، أما اني أقول لا رغبةً فيكم ولا رهبةً منكم، غير انّي سمعت رسول الله (صلى الله عليه وسلم)

____________

1- شرح النهج لابن ميثم، في ضمن حوادث البصرة، في شرح خطبة الملاحم 3: 15.

2- شرح النهج لابن أبي الحديد 1: 83.

3- شرح النهج لابن أبي الحديد 2: 310; مناقب ابن شهر آشوب، باب إخباره بالفتن والملاحم 2: 272; البحار 41: 334; اثبات الهداة 4: 520.

4- شرح النهج لابن أبي الحديد 2: 310; البحار 41: 335.


الصفحة 449
يقول: أرضٌ يقال لها البصرة أقوم الأرضين قبلة، قارؤها أقرأ الناس، وعابدها أعبد الناس، ومتصدّقها أكثر الناس صدقة، وتاجرها أعظم الناس تجارة، منها إلى قرية يقال لها الإبلة أربع فراسخ، يستشهد عند مسجدها سبعون ألفاً، الشهيد منهم كالشهيد في يوم بدر(1).

9372/7 ـ علي بن إبراهيم القمي: قول أمير المؤمنين (عليه السلام) [لأهل البصرة] ياأهل البصرة، وياأهل المؤتفكة، ياجند المرأة وأتباع البهيمة، رغافاً جبتم، وعُقِر فهربتم، ماؤكم زعاق، وأحلامكم رِقاق، وفيكم ختم النفاق، ولعنتم على لسان سبعين نبياً، إن رسول الله (صلى الله عليه وآله) أخبرني أن جبرئيل (عليه السلام) أخبره أنه طوى له الأرض فرأى البصرة أقرب الأرضين من الماء وأبعدها من السماء، وفيها تسعة أعشار الشر والداء العضال، المقيم فيها مذنب، والخارج منها متدارك برحمة، وقد ائتفكت بأهلها مرتين، وعلى الله تمام الثالثة، وتمام الثالثة في الرجعة(2).

9373/8 ـ ابن أبي الحديد: روى يونس بن أرقم، عن يزيد بن أرقم، عن أبي ناجية مولى اُم هانىء، قال: كنت عند علي (عليه السلام) فأتاه رجل عليه زي السفر، فقال ياأمير المؤمنين إني أتيتك من بلدة ما رأيت لك بها محباً، قال: من أين أتيت؟ قال: من البصرة، قال: أما إنهم لو يستطيعون أن يحبوني لأحبوني، إني وشيعتي في ميثاق الله لا يزاد فينا رجل ولا ينقص إلى يوم القيامة(3).

9374/9 ـ عن علي (عليه السلام) أنه قال: إن رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال يوماً: وليس معه غيري: ياعلي إن جبرئيل الروح الأمين حملني على منكبه الأيمن حتى أراني الأرض ومن عليها، وأعطاني أقاليدها وعلمني ما فيها وما قد كان على ظهرها وما يكون إلى

____________

1- تاريخ مدينة البصرة لعبد الله بن عيسى بن إسماعيل البصري: 58.

2- تفسير القمي 2:339، البحار 32:226.

3- شرح النهج لابن أبي الحديد الجزء الرابع 1:368.


الصفحة 450
يوم القيامة ولم يكبر ذلك عليّ كما لم يكبر على أبي آدم، علّمه الأسماء ولم يعلّمه الملائكة المقربون، واني رأيت بقعة على شاطىء البحر تسمى البصرة فاذا هي أبعد الأرض من السماء وأقربها من الماء، وانها لأسرع الأرض خراباً وأخبثها تراباً وأشدها عذاباً، ولقد خسف بها في القرون الخالية مراراً، وليأتين عليها زمان، وإن لكم ياأهل البصرة وما حولكم من القرى من الماء ليوماً عظيماً بلاؤه، واني لأعرف موضع منفجرة من قريتكم هذه، ثم اُمور قبل ذلك تدهمكم عظيمة أخفيت عنكم وعلمناها، فمن خرج عنها عند دنو غرقها فبرحمة الله سبقت له، ومن بقي فيها غير مرابط بها فبذنبه وما لله بظلام للعبيد(1).

(2) مسجد براثا

9375/1 ـ ابن شهر آشوب: الحارث بن الأعور، وعمرو بن سعد الحريث (أو حريث)، وأبو أيوب عن أمير المؤمنين (عليه السلام) أنه لما رجع من وقعة الخوارج، نزل يمنى السواد، فقال له راهب: لا ينزل ههنا إلاّ وصي نبي يقاتل في سبيل الله، فقال علي (عليه السلام): فأنا سيد الأوصياء وصي سيد الأنبياء، قال: فاذاً أنت أصلع قريش وصي محمد، خذ عليّ الاسلام، اني وجدت في الانجيل نعتك وأنت تنزل مسجد براثا بيت مريم وأرض عيسى، قال أمير المؤمنين (عليه السلام): فاجلس ياحباب، قال هذه دلالة اُخرى، ثم قال (عليه السلام): فانزل ياحباب من هذه الصومعة وابن هذا الدير مسجداً، فبنى الدير مسجداً ولحق بأمير المؤمنين (عليه السلام) إلى الكوفة، فلم يزل بها مقيماً حتى قتل أمير المؤمنين (عليه السلام)، فعاد حباب إلى مسجده ببراثا.

وفي رواية أن الراهب قال: قرأت أنه يصلي في هذا الموضع ايليا وصي

____________

1- شرح النهج لابن ميثم 1:293، البحار 32:257.


الصفحة 451
البارقليطا محمد نبي الاُميين الخاتم لمن سبقه من أنبياء الله ورسله (في كلام كثير) فمن أدركه فليتبع النور الذي جاء به، ألا وانه تغرس في آخر الأيام بهذه البقعة شجرة لا تفسد ثمرتها.

وفي رواية زاذان، قال أمير المؤمنين (عليه السلام): من أين شربك؟ قال: من دجلة، قال: ولم لم تحفر عيناً تشرب منها؟ قال: قد حفرتها وخرجت مالحة، قال: فاحتفر الآن بئراً اُخرى، فاحتفر فخرج ماؤها عذباً، فقال: ياحباب ليكن شربك من ههنا، ولا يزال هذا المسجد معموراً فاذا خربوه وقطعوا نخله حلت بهم ـ أو قال بالناس ـ داهية.

وفي رواية محمد بن القيس: فأتى أمير المؤمنين (عليه السلام) موضعاً من تلك الملبة فركلها برجله فانبجست عين خرارة، فقال: هذه عين مريم، ثم قال (عليه السلام): فاحتفروا ههنا سبعة عشراً ذراعاً، فاحتفروا فاذا صخرة بيضاء فقال: ههنا وضعت مريم عيسى من عاتقها وصلت ههنا، فنصب أمير المؤمنين (عليه السلام) الصخرة وصلى اليها وأقام هناك أربعة أيام.

وروي أن أمير المؤمنين (عليه السلام) صاح فقال: يابئر ـ بالعبراني ـ أقرب إلي، فلما عبر إلى المسجد وكان فيه عوسج وشوك عظيم فانتضى سيفه وكسح ذلك كله، قال: إن ههنا قبر نبي من أنبياء الله فأمر الشمس أن ارجعي، وكان معه ثلاثة عشر رجلا من أصحابه، فأقام القبلة بخط الاستواء وصلى اليها(1).

9376/2 ـ ابن طاووس، وجدنا ذلك بخط المحدث الاخباري محمد بن المشهدي، باسناده عن محمد بن القاسم، عن أحمد بن محمد، عن مشايخه، عن سليمان بن الأعمش، عن جابر بن عبدالله الأنصاري، قال: حدثني أنس بن مالك ـ وكان خادم رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال:

____________

1- مناقب ابن شهر آشوب باب في اخباره بالغيب 2:264، البحار 38:50.


الصفحة 452
لما رجع أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) من قتال أهل النهروان نزل براثا وكان بها راهب في قلايته وكان اسمه الحباب، فلما سمع الراهب الصيحة والعسكر أشرف من قلايته إلى الأرض، فنظر إلى عسكر أمير المؤمنين (عليه السلام) فاستفظع ذلك ونزل مبادراً، فقال: من هذا ومن رئيس هذا العسكر؟ فقيل له: هذا أمير المؤمنين (عليه السلام) وقد رجع من قتال أهل النهروان.

فجاء الحباب مبادراً يتخطى الناس حتى وقف على أمير المؤمنين (عليه السلام) فقال: السلام عليك ياأمير المؤمنين حقاً حقاً، فقال له [(عليه السلام)]: وما عملك بأني أمير المؤمنين حقاً حقاً؟ فقال له: بذلك أخبرنا علماؤنا وأحبارنا.

فقال له [(عليه السلام)]: ياحباب، فقال له الراهب: وما علمك باسمي؟ فقال [(عليه السلام)]: أعلمني بذلك حبيبي رسول الله (صلى الله عليه وآله) فقال له حباب: مدّ يدك لاُبايعك، فأنا أشهد أن لا إله إلاّ الله وأن محمداً رسول الله (صلى الله عليه وآله)، وانك علي بن أبي طالب وصيه.

فقال له أمير المؤمنين (عليه السلام) وأين تأوي؟ فقال: أكون في قلاية لي ههنا، فقال له أمير المؤمنين (عليه السلام) بعد يومك هذا لا تسكن فيها، ولكن ابنِ ههنا مسجداً وسمه باسم بانيه، فبناه رجل اسمه براثا، فسمي المسجد ببراثا باسم الباني له.

ثم قال [(عليه السلام)]: ومن أين تشرب ياحباب؟ فقال: ياأمير المؤمنين، من دجلة ههنا، قال: فلم لا تحفر ههنا عيناً أو بئراً؟ فقال له: ياأمير المؤمنين، كلما حفرنا بئراً وجدناها مالحة غير عذبة، فقال له أمير المؤمنين (عليه السلام): احفر ههنا بئراً، فحفر فخرجت عليهم صخرة لم يستطيعوا قلعها، فقلعها أمير المؤمنين (عليه السلام)، فانقلعت عن عين أحلى من الشهد وألذّ من الزبد، فقال له: ياحباب يكون شربك من هذه العين.

أما أنه ياحباب ستبنى إلى جنب مسجدك هذا مدينة، وتكثر الجبابرة فيها، ويعظم البلاء حتى أنه ليركب فيها كل ليلة جمعة سبعون ألف فرج حرام، فاذا عظم بلاؤهم سدّوا على مسجدك بقنطرة ثم وابنه مرتين ثم وابنه لا يهدمه إلاّ كافر فاذا

الصفحة 453
فعلوا ذلك منعوا الحج ثلاث سنين واحترقت خضرهم وسلط الله عليهم رجلا من أهل السفح لا يدخل بلداً إلاّ أهلكه وأهلك أهله.

ثم ليعد عليهم مرة اُخرى، ثم يأخذهم القمط والغلاء ثلاث سنين حتى يبلغ بهم الجهد، ثم يعود عليهم، ثم يدخل البصرة فلا يدع فيها قائمة إلاّ سخطها وأهلكها وأهلك أهلها، وذلك إذا عمرت الخربة وبني فيها مسجد جامع، فعند ذلك يكون هلاك أهل البصرة، ثم يدخل مدينة بناها الحجاج يقال لها واسط فيفعل مثل ذلك، ثم يتوجه نحو بغداد فيدخلها عفواً، ثم يلتجئ الناس إلى الكوفة، ولا يكون بلداً من الكوفة إلاّ تشوش له الأمر (يستوثق الأمر له).

ثم يخرج هو والذي أدخله بغداد نحو قبري لينبشه فيتلقاها السفياني فيهزمهما ثم يقتلهما، ويوجه جيش نحو الكوفة فيستعبد بعض أهلها، ويجيئ رجل من أهل الكوفة فيلجئهم إلى سور فمن لجأ اليها أمِنَ.

ويدخل جيش السفياني إلى الكوفة فلا يدعون أحداً إلاّ قتلوه، وإن الرجل منهم ليمر بالدرة المطروحة العظيمة فلا يتعرض لها، ويرى الصبي الصغير فيلحقه فيقتله.

فعند ذلك ياحباب يتوقع بعدها، هيهات هيهات اُمور عظام وفتن كقطع الليل المظلم، فاحفظ عني ما أقول لك ياحباب.


تبيين:

قال الفيروزآبادي: القلى رؤوس الجبال، والفطو السوق الشديد، قال المجلسي(رحمه الله) إعلم أن النسخة كانت سقيمة، فأوردت الخبر كما وجدته(1).


9377/3 ـ محمد بن علي بن الحسين: روي عن جابر بن عبدالله الأنصاري أن أمير المؤمنين (عليه السلام) سأل الديراني الذي كان في مسجد براثا وأسلم على يديه، من صلى ههنا؟ قال: صلى عيسى بن مريم (عليه السلام) واُمه، فقال له (عليه السلام): أفأخبرك من صلى

____________

1- اليقين باب 157:421، البحار 52:217.


الصفحة 454
ههنا، قال: نعم، قال: الخليل (عليه السلام) (1).

9378/4 ـ الشيخ الطوسي، أخبرنا محمد بن محمد، قال: حدثنا أبو الحسن علي ابن بلال المهلبي، قال: حدثني إسماعيل بن علي بن عبدالرحمن بن بري الخزاعي، قال: حدثني أبي قال: حدثني عيسى بن حميد الطائي، قال: حدثني أبي حميد بن قيس، قال سمعت أبا الحسن علي بن الحسين بن علي بن الحسين، عن أبيه، عن أبي جعفر محمد بن علي بن الحسين، عن أمير المؤمنين (عليه السلام) في حديث نزوله براثا إنه أتى موضعاً فقال: ألكِزوا هذا، فألكزه برجله (عليه السلام) فانبجست عين خرّارة، فقال: هذه عين مريم التي انبعقت لها(2).

(3) الكوفة

9379/1 ـ روى جابر الجعفي، عن الباقر (عليه السلام) قال: خرج علي (عليه السلام) بأصحابه إلى ظهر الكوفة وقال: أرأيتم إن قلت لكم لا تذهب الأيام حتّى يحفر هاهنا نهر يجري فيه الماء ما قلتم، أكنتم مصدّقي فيما قلت؟ قالوا: يا أمير المؤمنين ويكون هذا؟ قال: إي والله لكأني أنظر إلى نهر في هذا الموضع، وقد جرى فيه الماء وجرت فيه السفن، وانتفع به، فكان كما قال (عليه السلام) (3).

9380/2 ـ عن أمير المؤمنين (عليه السلام) وقد ذكر الكوفة قال: كأنّي بكِ يا كوفة تُمدِّين مدّ الأديمِ العكاظيِّ، تعركين بالنوازلِ، وتركبين بالزلازل، وإنّي لأعلم أنّه ما أراد بك جبّارٌ سوءاً إلاّ ابتلاه الله بشاغل، ورماه بقاتل(4).

____________

1- من لا يحضره الفقيه 1:232 ح698، البحار 14:257.

2- أمالي الطوسي المجلس السابع: 199 ح340، إثبات الهداة 4:493، البحار 14:210.

3- الخرائج والجرائح 2: 754; اثبات الهداة 4: 554; البحار 41: 283.

4- نهج البلاغة: خطبة 47; البحار 60: 209; مستدرك الوسائل 10: 203 ح11854.


الصفحة 455
9381/3 ـ عن علي بن الحكم، عن الربيع بن محمّد المسلي، عن سعد بن ظريف، عن الأصبغ بن نباتة، قال: قال أمير المؤمنين (عليه السلام) في حديث له حتّى انتهى إلى مسجد الكوفة، وكان مبنيّاً بخزف ودنان وطين، فقال: ويل لمن هدمك، وويل لمن سهّل هدمك، وويل لبانيك بالمطبوخ المغيّر قبلة نوح، طوبى لمن شهد هدمك مع قائم أهل بيتي، اُولئك خيار الاُمّة مع أبرار العترة(1).

9382/4 ـ قال علي (عليه السلام): ويحك يا كوفان ما أطيب هواءك وأعذب تربتك، الخارج منك بذنب، والداخل إليك برحمة، لا تذهب الأيام والليالي حتّى يجيء إليك كل مؤمن، ويبغض المقام بك كل فاجر، وتعمرين حتّى أنّ الرجل من أهلك ليبكر الجمعة فلا يلحقها من بُعد المسافة(2).

9383/5 ـ روى أبو عبد الله محمّد بن علي بن الحسن بن عبد الرحمن العلوي الحسيني بإسناد رفعه إلى عقبة بن علقمة أبي الجنوب، قال: اشترى أمير المؤمنين علي (عليه السلام) ما بين الخورنق إلى الحيرة إلى الكوفة من الدهاقين بأربعين ألف درهم، وأشهد على شرائه، قال: فقيل له: يا أمير المؤمنين تشتري هذا بهذا المال وليس تنبت قط، فقال: سمعت من رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول: كوفان يرد أولها على آخرها، يحشر من ظهرهاسبعون ألفاًيدخلون الجنّة بغيرحساب،واشتهيت أن يحشروافي ملكي(3).

قال السيد: أقول: هذا الحديث فيه إيناس بما نحن بصدده، وذلك أن ذكره ظهر الكوفة إشارة إلى ما خرج عن الخندق وهي عمارة أهلها إلى اليوم، وانّما اشترى أمير المؤمنين (عليه السلام) ما خرج عن العمارة إلى حيث ذكروا الكوفة مصرّت سنة سبع عشرة من الهجرة ونزلها سعد في محرمها، وأمير المؤمنين دخلها سنة ستّ وثلاثين،

____________

1- غيبة الطوسي: 473 ح495; اثبات الهداة 7: 35; البحار 52: 332.

2- الإمام علي رجل الإسلام المخلّد: 166.

3- فرحة الغري، الباب 2: 29; فضل الكوفة وفضل أهلها: 45.


الصفحة 456
فدلّ على أنّه اشترى ما خرج عن الكوفة الممصّرة، فدفنه بملكه أولى وهو إشارة إلى دفن الناس عنده، وكيف يدفن بالجامع ولا يجوز أو بالقصر وهو عمارة الملوك، ولم يكن داخلا في الشراء لأنّه معمور من قبل.

9384/6 ـ فيما ذكره نعيم، قال: حدّثنا ابن وهب، عن حرملة بن عمران، عن سعيد بن سالم الحبشاني، قال: سمعت علياً (عليه السلام) بالكوفة، يقول: إنّي اُقاتل عن حقٍّ ليقوم، وان يقوم والأمر لهم(1).

9385/7 ـ الشيخ الطوسي، حدثنا محمد بن محمد، قال: أخبرني أبو الحسن علي ابن محمد الكاتب، قال: أخبرني الحسن بن علي بن عبدالكريم، قال: حدثنا أبو إسحاق إبراهيم بن محمد الثقفي، قال: حدثنا إبراهيم بن ميمون، قال: حدثنا مصعب بن سلام، عن سعد بن طريف، عن الأصبغ بن نباتة، قال: كان أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) يصلي عند الاسطوانة السابعة من باب الفيل، إذ أقبل عليه رجل، عليه بردان أخضران وله عقيصتان سوداوان، أبيض اللحية، فلما سلّم أمير المؤمنين من صلاته أكبّ عليه فقبل رأسه، ثم أخذ بيده فأخرجه من باب كندة، قال: فخرجنا مسرعين خلفهما ولم نأمن عليه، فاستقبلنا (عليه السلام) في جاز سوخ كندة، قد أقبل راجعاً، فقال: ما لكم؟ فقلنا: لم نأمن عليك من هذا الفارس، فقال: هذا أخي الخضر، ألم تروا حيث أكب عليّ، قلنا: بلى، فقال: لي إنه قد قال لي: إنك في مدرة لا يريدها جبار بسوء إلاّ قصمه الله، واحذر النار فخرجت معه لاُشيعه لأنه أراد الظهر(2).

9386/8 ـ أن أمير المؤمنين (عليه السلام) اضطجع في نجف الكوفة على الحصى، فقال له قنبر يامولاي ألا أفرش لك ثوبي تحتك؟ فقال: لا إن هي إلاّ تربة مؤمن أو مزاحمته

____________

1- الملاحم والفتن لابن طاووس: 24.

2- أمالي الطوسي المجلس الثاني: 51 ح67، البحار 39:130.


الصفحة 457
في مجلسه، فقال: يابن نباتة إن في هذا الظهر أرواح كل مؤمن ومؤمنة في قوالب من نور على منابر من نور(1).

9387/9 ـ السيد غياث الدين عبدالكريم بن أحمد بن طاووس الحسين، في رواية المهلبي، قال: حدثنا سلامة، قال: حدثنا محمد بن جعفر المؤدب، عن محمد بن أحمد بن بجيل، عن يعقوب بن زيد، عن علي بن اسباط، عن أحمد بن حباب، قال: نظر أمير المؤمنين (عليه السلام) إلى ظهر الكوفة فقال: ما أحسن ظهرك وأطيب قعرك اللهم اجعل قبري بها(2).

9388/10 ـ أبو عبدالله محمد بن علي الحسن بن عبدالرحمان العلوي الحسيني، أخبرنا محمد، قال: محمد بن عبدالله الجعفي، قال: إسحاق بن محمد المقرئ موسى بني هاشم، قال: إسحاق بن يحيى العنزي، قال: الحسن بن موسى، قال العباس بن عامر، عن أبي عبدالرحمن الشكري، عن عقبة بن علقمة أبي الجنوب، قال: اشترى أمير المؤمنين علي (عليه السلام) ما بين الخورنق إلى الحيرة إلى الكوفة من الدهاقين، وفي خبر آخر ما بين النجف إلى الحيرة إلى الكوفة من الدهاقين بأربعين ألف درهم، وأشهد على شرائه، قال: فقلت له: ياأمير المؤمنين تشتري هذا بهذا المال وليس نبت خطا؟ فقال: سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله): كوفان كوفان يرد أولها على آخرها، يحشر من ظهرها سبعون ألفاً يدخلون الجنة بغير حساب، فاشتهيت أن يحشروا من ملكي(3).

(4) الشام

9389/1 ـ قطب الراوندي، عن الصدوق، عن ابن ماجيلويه، حدثنا محمد بن

____________

1- المحتضر: 4، البحار 6:237، مشارق أنوار اليقين: 142.

2- فرحة الغري: 31، البحار 42:216، إثبات الهداة 5:2، إرشاد القلوب: 439، معالم الزلفى: 122.

3- فضل الكوفة: 41 ح6، فرحة الغري الباب الثاني: 29، وسائل الشيعة 2:833، البحار 100:331.