الصفحة 110
الرَّحِيمُ}(1) وأنا أستغفرك وأتوب إليك.

وقلت تباركت وتعاليت: {وَمَا مَنَعَ النَّاسَ أَنْ يُؤْمِنُوا إِذْ جَاءَهُمُ الْهُدى وَيَسْتَغْفِرُوا رَبَّهُمْ}(2) وأنا أستغفرك وأتوب إليك.

وَيَسْتَغْفِرُونَ لِمَنْ فِي الاَْرْضِ أَلاَ إِنَّ اللهَ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ}(3) وأنا أستغفرك وأتوب إليك.

وقلت تباركت وتعاليت: {فَاعْلَمْ أَنَّهُ لاَ إِلهَ إِلاَّ اللهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَاللهُ يَعْلَمُ مُتَقَلَّبَكُمْ وَمَثْوَاكُمْ}(4) وأنا أستغفرك وأتوب إليك.

وقلت تباركت وتعاليت: {سَيَقُولُ لَكَ الْـمُخَلَّفُونَ مِنَ الاَْعْرَابِ شَغَلَتْنَا أَمْوَالُنَا وَأَهْلُونَا فَاسْتَغْفِرْ لَنَا}(5) وأنا أستغفرك وأتوب إليك.

وقلت تباركت وتعاليت: {حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللهِ وَحْدَهُ إِلاَّ قَوْلَ إِبْرَاهِيمَ لاَِبِيهِ لاََسْتَغْفِرَنَّ لَكَ وَمَا أَمْلِكُ لَكَ مِنَ اللهِ مِنْ شَيْء رَبَّنَا عَلَيْكَ تَوَكَّلْنَا وَإِلَيْكَ أَنَبْنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ}(6) وأنا أستغفرك وأتوب إليك.

وقلت تباركت وتعاليت: {وَلاَ يَعْصِينَكَ فِي مَعْرُوف فَبَايِعْهُنَّ وَاسْتَغْفِرْ لَهُنَّ اللهَ إِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ}(7) وأنا أستغفرك وأتوب إليك.

وقلت تباركت وتعاليت: {وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا يَسْتَغْفِرْ لَكُمْ رَسُولُ اللهِ

____________

1- يوسف: 98.

2- الكهف: 55.

3- الشورى: 5.

4- محمّد: 19.

5- الفتح: 11.

6- الممتحنة: 4.

7- الممتحنة: 12.


الصفحة 111
لَوَّوْا رُؤُسَهُمْ وَرَأَيْتَهُمْ يَصُدُّونَ وَهُمْ مُسْتَكْبِرُونَ}(1) وأنا أستغفرك وأتوب إليك.

وقلت تباركت وتعاليت: {سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَسْتَغْفَرْتَ لَهُمْ أَمْ لَمْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ لَنْ يَغْفِرَ اللهُ لَهُمْ}(2) وأنا أستغفرك وأتوب إليك.

وقلت تباركت وتعاليت: {اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّاراً}(3) وأنا أستغفرك وأتوب إليك.

وقلت تباركت وتعاليت: {هُوَ خَيْراً وَأَعْظَمَ أَجْراً وَاسْتَغْفِرُوا اللهَ إِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ}(4) وأنا أستغفرك وأتوب إليك.

وقلت تباركت وتعاليت: {فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوّاباً}(5) وأنا أستغفرك وأتوب إليك(6).

10628/32- عن عليّ بن ربيعة، قال: حملني علي (رضي الله عنه) خلفه، ثمّ سار بي إلى جانب الحرّة، ثمّ رفع رأسه إلى السماء فقال: اللّهمّ اغفر لي ذنوبي إنّه لا يغفر الذنوب أحد غيرك، ثمّ التفت إليّ فضحك، فقلت: يا أمير المؤمنين إستغفارك ربّك والتفاتك إليّ تضحك؟ فقال: حملني رسول الله (صلى الله عليه وسلم) خلفه، ثمّ سار بي إلى جانب الحرّة، ثمّ رفع رأسه إلى السماء فقال: اللّهمّ اغفر لي ذنوبي فإنّه لا يغفر الذنوب أحد غيرك، ثمّ التفت إليّ فضحك، فقلت: يا رسول الله استغفارك ربّك والتفاتك إليّ تضحك؟ قال: ضحكت لضحك ربّي لعجبه لعبده، إنّه يعلم أنّه لا يغفر الذنوب أحد غيره(7).

____________

1- المنافقون: 5.

2- المنافقون: 6.

3- نوح: 10.

4- المزمل: 20.

5- النصر: 3.

6- البلد الأمين: 36; البحار 87: 282; مصباح الكفعمي: 58.

7- كنز العمال 2: 257 ح3964.


الصفحة 112
10629/33- أبو علي المحسن بن أبي القاسم التنوخي، عن بعض الشيعة، قال: انّ أعرابياً قصد أمير المؤمنين علياً (رضي الله عنه)فقال: إنّي لذو محن فعلّمني شيئاً أنتفع به، فقال: يا أعرابي إنّ للمحن أوقاتاً ولها غايات، فاجتهاد العبد في محنته قبل إزالة الله تعالى إيّاها يكون زيادة فيها لقوله تعالى: {إِنْ أَرَادَنِيَ اللهُ بِضُرٍّ هَلْ هُنَّ كَاشِفَاتُ ضُرِّهِ أَوْ أَرَادَنِي بِرَحْمَة هَلْ هُنَّ مُمْسِكَاتُ رَحْمَتِهِ قُلْ حَسْبِيَ اللهُ عَلَيْهِ يَتَوَكَّلِ الْمُتَوَكِّلُونَ}(1) لكن استعن بالله واصبر واكثر من الاستغفار فإنّ الله عزّ وجلّ وعد الصابرين خيراً كثيراً، وقال: {اِسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّاراً * يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَاراً}(2)فانصرف الرجل، فقال أمير المؤمنين كرّم الله وجهه:


إذا لم يكن عونٌ من الله للفتىفأكثر ما يجني عليه اجتهاده(3)

10630/34- الشيخ المفيد: حدثني أبو جعفر عمر بن محمد بن علي الصيرفي المعروف بابن الزيات، قال: حدثنا أبو علي محمد بن همام الاسكافي، قال: حدثنا جعفر بن محمد بن مالك، قال: حدثنا أحمد بن سلامة الغنوي، قال: حدثنا محمد بن الحسين العامري، قال: حدثنا أبو معمر، عن أبي بكر بن أبي عياش، عن النجيع العقيلي، قال: حدثني الحسن بن علي، عن أبيه (عليه السلام) أنه قال له فيما أوصاه لما حضرته الوفاة: ثم اني أوصيك ياحسن، وكفى بك وصياً، بما أوصاني به رسول الله (صلى الله عليه وآله)، فاذا كان ذلك يابني ألزم بيتك، وابك على خطيئتك، ولا تكن الدنيا أكبر همك(4).

____________

1- الزمر: 38.

2- نوح: 10-11.

3- الفرج بعد الشدّة: 44.

4- أمالي المفيد المجلس 26:137، أمالي الطوسي المجلس الأول: 7 ح8، البحار 42:202، مستدرك الوسائل 11:383 ح13319.


الصفحة 113

الباب الخامس:

في التوبة

10631/1- الصدوق، عن محمّد بن الحسن، قال: حدّثني محمّد بن الحسن الصفّار، عن محمّد بن الحسين بن أبي الخطّاب، عن عليّ بن أسباط، عن يحيى بن بشير، عن المسعودي، قال: قال أمير المؤمنين (عليه السلام): من تاب تاب الله عليه، وأمرت جوارحه أن تستر عليه، وبقاع الأرض أن تكتم عليه، وأنسيت الحفظة ما كانت كتبت (تكتب) عليه(1).

10632/2- قال علي (عليه السلام): باب التوبة مفتوح لمن أرادها، فتوبوا إلى الله توبة نصوحاً عسى ربّكم أن يكفّر عنكم سيّئاتكم، وأوفوا بالعهد إذا عاهدتم، فما زالت نعمة ولا نضارة عيش إلاّ بذنوب اجترحوا، إنّ الله ليس بظلاّم للعبيد، ولو أنّهم استقبلوا ذلك بالدعاء والإنابة لم تزل، ولو أنّهم إذا نزلت بهم النقم وزالت عنهم النعم، فزعوا إلى الله عزّ وجلّ بصدق نيّاتهم ولم يهنوا ولم يسرفوا، لأصلح الله لهم كلّ

____________

1- ثواب الأعمال: 179; وسائل الشيعة 11: 359; البحار 6: 28.


الصفحة 114
فاسد ولردّ عليهم كلّ صالح(1).

10633/3- قال علي (عليه السلام): ترك الخطيئة أيسر من طلب التوبة، وكم من شهوة ساعة أورثت حزناً طويلا، والموت فضح الدنيا ولم يترك لذي لبٍّ فرحاً(2).

10634/4- (الجعفريات)، أخبرنا محمّد، حدّثني موسى، قال: حدّثنا أبي، عن أبيه، عن جدّه جعفر بن محمّد، عن أبيه، عن جدّه عليّ بن الحسين، عن أبيه، عن عليّ بن أبي طالب (عليه السلام) قال: بينما رسول الله (صلى الله عليه وآله) ذات يوم على جبل من جبال تهامة والمسلمون حوله، إذ أقبل شيخ وبيده عصا، فنظر إليه رسول الله (صلى الله عليه وآله) فقال: مشية الجنّ ونغمتهم وعجبهم، فأتى فسلّم، فردّ رسول الله (صلى الله عليه وآله) فقال له: من أنت؟ فقال: أنا هامة بن الهيم بن لا قيس بن إبليس، إلى أن قال: قال هامة: فقلت: يا نوح إنّني ممّن شرك في دم العبد الصالح الشهيد السعيد هابيل بن آدم، هل تدري عند ربّك من توبة؟

قال: نعم يا هام همّ بخير وافعله قبل الحسرة والندامة، إنّي وجدت فيما أنزل الله تبارك وتعالى عليّ أنّه ليس من عبد عمل ذنباً كائناً ما كان وبالغاً ما بلغ، ثمّ تاب إلاّ تاب الله تعالى عليه، فقم الساعة فاغتسل وخرّ لله ساجداً، ففعلت ما أمرني، إذ نادى مناد من السماء: ارفع رأسك قبلت توبتك، فخررت لله ساجداً حولا، الخبر(3).

10635/5- محمّد بن يعقوب، عن محمّد بن علي بن معمّر، عن محمّد بن علي بن عكاية، عن الحسن بن النصر الفهري، عن أبي عمرو الأوزاعي، عن عمرو بن شمر، عن جابر بن يزيد، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: قال أمير المؤمنين (عليه السلام) في خطبة طويلة:

____________

1- الخصال، حديث الأربعمائة: 624; البحار 73: 350.

2- احياء الاحياء 7: 96.

3- الجعفريات: 175; مستدرك الوسائل 2: 513 ح2597.


الصفحة 115
لا شفيع أنجح من التوبة(1).

10636/6- في وصيّة أمير المؤمنين (عليه السلام) للحسن (عليه السلام): وإن قارفت سيّئة فعجّل نحوها بالتوبة(2).

10637/7- عن أمير المؤمنين (عليه السلام) أنّه قال: التوبة تستنزل الرحمة، وقال: التوبة تطهّر القلوب وتغسل الذنوب، وقال: الذنوب الداء والدواء الاستغفار والشفاء أن لا تعود، وقال: ثمرة التوبة استدراك فوارط النفس، وقال: حسن التوبة يمحو الحوبة، وقال: مسوّف نفسه بالتوبة من هجوم الأجل على أعظم الحظر، وقال: يسير التوبة والاستغفار يمحّص المعاصي والإصرار(3).

10638/8- عن أمير المؤمنين (عليه السلام) أنّه قال: التوبة ندم بالقلب، واستغفار باللسان، وترك بالجوارح، وإضمار أن لا يعود(4).

10639/9- قال علي (عليه السلام): وقد قيل له: فإن عاد؟ قال: يغفر الله له ويتوب مراراً، قيل: إلى متى؟ قال: حتّى يكون الشيطان هو المحسور(5).

10640/10- عن علي (عليه السلام) أنّه قال: ما من عبد يذنب إلاّ أجّله الله سبع ساعات فإن تاب لم يكتب عليه ذنب(6).

10641/11- (الجعفريات)، أخبرنا محمّد، حدّثني موسى، حدّثنا أبي، عن أبيه، عن جدّه جعفر بن محمّد، عن أبيه، عن جدّه عليّ بن الحسين، عن أبيه، عن عليّ بن أبي طالب (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): إنّ الله عزّ وجلّ يبسط يديه عند كلّ فجر

____________

1- الكافي 8: 19; مستدرك الوسائل 12: 127 ح13701; البحار 6: 19; تحف العقول، في عهد الأمير للأشتر: 93; أمالي الصدوق، مجلس 52: 264; نهج البلاغة: قصار الحكم 371.

2- مستدرك الوسائل 12: 127 ح13703; البحار 77: 208.

3- غرر الحكم: 194-196; مستدرك الوسائل 12: 129 ح13707.

4- غرر الحكم: 194; مستدرك الوسائل 12: 137 ح13715.

5- تفسير التبيان للطوسي 3: 146; البحار 6: 15.

6- مستدرك الوسائل 12: 124 ح13692.


الصفحة 116
لمذنب الليل هل يتوب فيغفر له، ويبسط يديه عند مغرب الشمس لمذنب النهار هل يتوب فيغفر له(1).

10642/12- الصدوق، باسناده عن أمير المؤمنين (عليه السلام) قال: توبوا إلى الله عزّ وجلّ وادخلوا في محبّته، فإنّ الله يحبّ التوّابين ويحبّ المتطهّرين، والمؤمن توّاب(2).

10643/13- قال علي (عليه السلام) لرجل سأله أن يعظه: لا تكن ممّن يرجو الآخرة بغير عمل، ويُرجئُ التوبة بطول الأمل، وساق الكلام إلى أن قال (عليه السلام): إن عرضت له شهوة أسلف المعصية، وسوّف التوبة(3).

10644/14- عن علي [(عليه السلام)]: الفقراء أصدقاء الله، والمرضى أحبّاء الله، فمن مات على التوبة فله الجنّة، فتوبوا ولا تيأسوا، فإنّ باب التوبة مفتوح من قبل المغرب لا ينسدّ حتّى تطلع الشمس منه(4).

10645/15- عن علي [(عليه السلام)]: مكتوب حول العرش قبل أن تخلق الدنيا بأربعة آلاف عام: وإنّي لغفّار لمن تاب وآمن وعمل صالحاً ثمّ اهتدى(5).

10646/16- الديلمي عن علي [(عليه السلام)]: يوحي الله إلى الحفظة الكرام البررة، لا تكتبوا على عبدي عند ضجره شيئاً(6).

10647/17- عن علي [(عليه السلام)]: إذا أُتي على العبد أربعون سنة يجب عليه أن يخاف الله ويحذره(7).

10648/18- عن علي [(عليه السلام)] قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) لمّا اُري إبراهيم ملكوت

____________

1- الجعفريات: 228; مستدرك الوسائل 5: 201 ح5691.

2- الخصال، حديث الأربعمائة: 646; البحار 6: 21.

3- نهج البلاغة: قصار الحكم 150; البحار 6: 37.

4- كنز العمال 4: 222 ح10256.

5- كنز العمال 4: 228 ح10287.

6- كنز العمال 4: 235 ح10320.

7- كنز العمال 4: 238 ح10329.


الصفحة 117
السماوات والأرض، أشرف على رجل على معصية من معاصي الله فدعا عليه فهلك، ثمّ أشرف على آخر فذهب يدعو عليه، فأوحى الله إليه أن: يا إبراهيم إنّك رجل مستجاب الدعوة، فلا تدعو على عبادي فإنّهم منّي على ثلاث: أمّا أن يتوب فأتوب عليه، وأمّا أن اُخرج من صلبه نسمة تملأ الأرض بالتسبيح، وأمّا أن أقبضه إليّ، فإن شئت عفوت وإن شئت عاقبت(1).

10649/19- عن علي (عليه السلام) أنّه قال: لو وجدت مؤمناً على فاحشة لسترت بثوبي هذا (أو قال بثوبه) فرفعه بيديه جميعاً، إنّ التوبة فيما بين المؤمن وبين الله(2).

10650/20- عن جابر: أنّ أعرابياً دخل مسجد رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وقال: اللّهمّ إنّي أستغفرك وأتوب إليك وكبّر، فلمّا فرغ من صلاته قال له علي (عليه السلام): يا هذا إنّ سرعة اللسان بالاستغفار توبة الكذّابين، فتوبتك تحتاج إلى توبة، فقال: يا أمير المؤمنين وما التوبة؟ فقال: أسمّ يقع على ستّة أشياء: على الماضي من الذنوب الندامة، ولتضييع الفرائض الإعادة، وردّ المظالم، وإذابة النفس في الطاعة كما ربّيتها في المعصية، وإذاقة النفس مرارة الطاعة كما أذقتها حلاوة المعصية، والبكاء بدل ضحك ضحكته(3).

10651/21- عن علي [(عليه السلام)] قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم): إن أصحاب الكبائر من موحدي الاُمم كلها الذين ماتوا على كبائرهم غير نادمين ولا تائبين، من دخل منهم جهنم، لا تزرق عيونهم ولا تسود وجوههم، ولا يقرنون بالشياطين، ولا يغلون بالسلاسل، ولا يجرعون الحميم، ولا يلبسون القطران، حرم الله أجسادهم على الخلود من أجل التوحيد وصورهم على النار من أجل السجود، فمنهم من

____________

1- كنز العمال 4: 269 ح10449.

2- دعائم الإسلام 2: 446.

3- تفسير الرازي 27: 168.


الصفحة 118
تأخذه النار إلى قدميه، ومنهم من تأخذه النار إلى عقبيه، ومنهم من تأخذه النار إلى فخذيه، ومنهم من تأخذه النار إلى حجزته، ومنهم من تأخذه النار إلى عنقه على قدر ذنوبهم وأعمالهم، ومنهم من يمكث فيها شهراً ثم يخرج منها، ومنهم من يمكث فيها سنة ثم يخرج منها، ومنهم أطولهم فيها مكثاً بقدر الدنيا منذ يوم خلقت إلى أن تفنى، فاذا أراد أن يخرجهم منها قالت اليهود والنصارى ومن في النار من أهل الأديان والأوثان لمن في النار من أهل التوحيد آمنتم بالله وكتبه ورسله فنحن وأنتم اليوم في النار سواء، فيغضب لهم غضباً لم يغضبه لشيء فيما مضى، فيخرجهم إلى عين بين الجنة والصراط فينبتون فيها نبات الطراثيث في حميل السيل ثم يدخلون الجنة مكتوب في جباههم هؤلاء الجهنميون عتقاء الرحمان، فيمكثون في الجنة ما ئشاء الله أن يمكثوا ثم يسألون الله أن يمحو ذلك الاسم عنهم، فيبعث الله ملكاً فيمحوه، ثم يبعث الله ملائكة معهم مسامير من نار فيطبقونها على من بقي فيها، يسمرونها بتلك المسامير فينساهم الله على عرشه ويشتغل عنهم أهل الجنة بنعيمهم ولذاتهم، وذلك قوله تعالى: {رُبَّمَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ كَانُوا مُسْلِمِينَ}(1)(2).

10652/22- العياشي: عن مسعدة بن صدقة، عن أبي جعفر محمد بن علي، عن أبيه، عن جده (عليهم السلام) قال: قال أمير المؤمنين (عليه السلام): إن الناس يوشكون أن ينقطع بهم العمل، ويسد عليهم باب التوبة، فلا ينفع نفساً إيمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيراً(3).

10653/23- (الجعفريات)، بإسناده عن جعفر بن محمّد، عن أبيه، عن جدّه عليّ بن الحسين، عن أبيه، عن عليّ بن أبي طالب (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): أربعة من

____________

1- الحجر: 2.

2- كنز العمال 3: 832 ح8887، تفسير السيوطي 4:92.

3- تفسير العياشي 1:384، تفسير البرهان 1:564، البحار 6:212.


الصفحة 119
علامة الشقاء: جمود العين، وقسوة القلب، وشدّة الحرص في طلب الدنيا، والإصرار على الذنب(1).

10654/24- عن أمير المؤمنين (عليه السلام) أنّه قال: أعظم الذنوب ذنب أصرّ عليه صاحبه، وقال: عجبت لمن علم شدّة انتقام الله وهو مقيم على الإصرار، وقال: الإصرار أعظم حوبة، وقال: الإصرار يجلب النقمة، وقال: المعاودة للذنب إصرار، وقال: إيّاك والإصرار فإنّه من أكبر الكبائر وأعظم الجرائم، إيّاك والمجاهرة بالفجور فإنّها من أشدّ المآثم، وقال: أعظم الذنوب عند الله ذنب أصرّ عليه عامله، وقال: من أصرّ على ذنبه اجترى على سَخطِ ربّه(2).

____________

1- الجعفريات: 168; مستدرك الوسائل 11: 366 ح13277.

2- غرر الحكم: 187، 462; مستدرك الوسائل 11: 368 ح13283.


الصفحة 120

الباب السادس:

في الصبر

10655/1- الصدوق، باسناده عن أمير المؤمنين (عليه السلام) قال: انتظروا الفرج ولا تيأسوا من روح الله، فإن أحبّ الأعمال إلى الله عزّ وجلّ انتظار الفرج(1).

10656/2- وعنه، باسناده عن أمير المؤمنين (عليه السلام) قال: مزاولة قلع الجبال أيسر من مزاولة ملك مؤجّل، واستعينوا بالله، واصبروا إنّ الأرض لله يورثها من يشاء من عباده والعاقبة للمتّقين، لا تعاجلوا الأمر قبل بلوغه فتندموا، ولا يطولنّ عليكم الأمد فتقسوا قلوبكم(2).

10657/3- محمّد بن يعقوب، عن عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن جعفر بن الأشعري، عن عبد الله بن ميمون، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: دخل أمير المؤمنين (عليه السلام) المسجد فإذا هو برجل على باب المسجد كئيب حزين، فقال له أمير المؤمنين: وما

____________

1- الخصال، حديث الأربعمائة: 616; البحار 52: 123.

2- الخصال، حديث الأربعمائة: 617; البحار 52: 123.


الصفحة 121
بالك؟ قال: يا أمير المؤمنين اُصبت بأبي واُمّي وأخي واُختي وأخشى أن أكون قد وجلت، فقال أمير المؤمنين (عليه السلام): عليك بتقوى الله والصبر تقدم عليه غداً، والصبر في الاُمور بمنزلة الرأس من الجسد فإذا فارق الرأس الجسد فسد الجسد، وإذا فارق الصبر الاُمور فسدت الاُمور(1).

10658/4- وعنه، عن محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن ابن سنان، عن أبي الجارود، عن الأصبغ، قال: قال أمير المؤمنين (عليه السلام): الصبر صبران: صبر عند المصيبة حسن جميل وأحسن من ذلك الصبر عند ما حرّم الله عزّ وجلّ عليك، والذكر ذكران: ذكر الله عزّ وجلّ عند المصيبة، وأفضل من ذلك ذكر الله عند ما حرّم الله عليك فيكون حاجزاً(2).

10659/5- وعنه، عن محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، قال: أخبرني يحيى بن سليم الطائفي، قال: أخبرني عمرو بن شمر اليماني، يرفع الحديث إلى عليّ (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): الصبر ثلاثة: صبر عند المصيبة، وصبر على الطاعة، وصبر عن المعصية، فمن صبر على المصيبة حتّى يردّها بحسن عزائها كتب الله له ثلاثمائة درجة ما بين الدرجة الى الدرجة كما ما بين السماء إلى الأرض، ومن صبر على الطاعة كتب الله له ستمائة درجة ما بين الدرجة إلى الدرجة كما بين تخوم الأرض إلى العرش، ومن صبر عن المعصية كتب الله له تسعمائة درجة ما بين الدرجة إلى الدرجة كما بين تخوم الأرض إلى العرش(3).

10660/6- قال أمير المؤمنين (عليه السلام): إنّا وجدنا الصبر على طاعة الله أيسر من الصبر

____________

1- الكافي 2: 90; وسائل الشيعة 2: 902; البحار 42: 188.

2- الكافي 2: 90; مستدرك الوسائل 5: 292 ح5890; جامع السعادات 3: 290; البحار 71: 75.

3- الكافي 2: 91; وسائل الشيعة 11: 187; مجموعة ورّام، باب الصبر 1: 40; تفسير البرهان 2: 290; البحار 82: 139; شرح الصحيفة السجادية 2: 137; الجامع الصغير للسيوطي 2: 114 ح5137.


الصفحة 122
على عذابه، وقال: اصبروا على عمل لا غنى لكم عن ثوابه، واصبروا على عمل لا طاقة لكم على عقابه، وحقيقة الصبر تجرّع الغصص عند المصائب واحتمال البلايا والرزايا، وغاية الصبر أن لا يفرّق بين النعمة والمحنة، ويرجّح المحنة على النعمة للعلم بحسن عاقبتها، والتصبر السكون عند البلاء مع تحمّل أثقال المحنة عند عظمها(1).

10661/7- عن أمير المؤمنين (عليه السلام) أنّه قال: ينزل الصبر على قدر المصيبة، ومن ضرب يده على فخذه عند مصيبته حبط عمله (أجره)(2).

10662/8- عن أمير المؤمنين (عليه السلام) أنّه قال: الصبر صبران: صبر على ما تكره، وصبر على ما تحبّ، (ثمّ قال: إنّ وليّ محمّد من أطاع الله وإن بعدت لحمته، وإنّ عدوّ محمّد من عصى الله وإن قربت قرابته)(3).

10663/9- محمّد بن عليّ بن الحسين، باسناده عن أمير المؤمنين (عليه السلام) في وصيّته لمحمّد بن الحنفية قال: ألِق عند وارِدات الهموم بعزائم الصبر، عوّد نفسك الصبر فنعم الخلق الصبر، واحملها على ما أصابك من أهوال الدنيا وهمومها(4).

10664/10- عن أمير المؤمنين (عليه السلام) أنّه قال: لا يعدم الصبر (الصبور) الظفر وإن طال به الزمان(5).

10665/11- قال علي (عليه السلام): الصبر يناضل الحِدَثانَ، والجزع من أعوان الزمان(6).

10666/12- الصدوق، عن أحمد بن عيسى العلوي الحسيني، قال: حدّثنا محمّد بن

____________

1- ارشاد القلوب، باب الصبر 1: 126.

2- نهج البلاغة: قصار الحكم 144; وسائل الشيعة 2: 914; البحار 82: 135.

3- نهج البلاغة: قصار الحكم 55، 96; وسائل الشيعة 11: 188.

4- من لا يحضره الفقيه 4: 386 ح5834; وسائل الشيعة 11: 208.

5- نهج البلاغة: قصار الحكم 153; وسائل الشيعة 11: 209.

6- نهج البلاغة: قصار الحكم 211; وسائل الشيعة 11: 209.


الصفحة 123
إبراهيم بن أسباط، قال: حدّثنا أحمد بن محمّد بن زياد القطان، قال: حدّثنا أبو الطيب أحمد بن محمّد بن عبد الله، قال: حدّثني عيسى بن جعفر العلوي العمري، عن آبائه، عن عمرو بن علي، عن أبيه عليّ بن أبي طالب (عليه السلام): إنّ النبيّ (صلى الله عليه وآله) قال: علامة الصابر في ثلاث: أوّلها أن لا يكسل، والثانية أن لا يضجر، والثالثة أن لا يشكو من ربّه تعالى; لأنّه إذا كسل فقد ضيّع الحق، وإذا ضجر لم يؤدّ الشكر، وإن شكا من ربّه عزّ وجلّ فقد عصاه(1).

10667/13- أبو علي محمّد بن همام، عن أمير المؤمنين (عليه السلام) أنّه قال: إنّ للنكبات غايات لابدّ أن تنتهي إليها، فإذا اُحكم على أحدكم بها فليطاطئ لها ويصبر حتّى تجوز، فإنّ إعمال الحيلة فيها عند إقبالها زائد في مكروهها(2).

10668/14- عن أمير المؤمنين (عليه السلام) قال: إنّ من ورائكم قوماً يلقون فيّ من الأذى والتشديد والقتل والتنكيل ما لم يلقه أحد في الاُمم السابقة، ألا وإنّ الصابر منهم الموقن بي العارف فضل ما يؤتى إليه فيّ لمعي في درجة واحدة، ثمّ تنفّس الصعداء فقال: آه آه على تلك الأنفس الزاكية والقلوب الرضية المرضية اُولئك أخلاّئي هم منّي وأنا منهمّ(3).

10669/15- أمير المؤمنين (عليه السلام): اصبر على عمل لا غنى لك عن ثوابه، ومن عمل لا طاقة لك عن عقابه، اصبر لحكم من لا معوّل إلاّ عليه، ولا مفزع إلاّ إليه، المحنة إذا تلقّيت بالرضى والصبر كانت نعمة دائمة، والنعمة إذا خلت من الشكر كانت محنة لازمة(4).

____________

1- علل الشرايع، باب 253: 498; وسائل الشيعة 11: 320; البحار 71: 86.

2- التمحيص: 64 ح147; مستدرك الوسائل 2: 424 ح2355; البحار 71: 95.

3- مشكاة الأنوار: 275; مستدرك الوسائل 11: 284 ح13023.

4- مجموعة ورّام، باب الصبر 1: 41.


الصفحة 124
10670/16- قال أمير المؤمنين (عليه السلام): عليك بالصبر فبه يأخذ العاقل وإليه يرجع الجاهل(1).

10671/17- وقف أمير المؤمنين على قوم قد اُصيبوا بموت رجل منهم فقال لهم: إن تجزعوا فحقّ الرحم بلغتم وحقّ الله ضيّعتم، وإن تصبروا فحقّ الله أدّيتم وحقّ الرحم بلغتم(2).

10672/18- عن أمير المؤمنين (عليه السلام) قال: من اُصيب بمصيبة فأحدث استرجاعاً وإن تقادم عهدها كتب الله له من الأجر مثله يوم اُصيب(3).

10673/19- عن ميمون القدّاح، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال علي (عليه السلام): ما اُحبّ أنّ لي بالرضاء في موضع القضاء (جمّ) حُمرَ النعم(4).

10674/20- عن موسى بن جعفر، عن أبيه، عن آبائه، عن الحسين بن علي في حديث طويل في أسئلة اليهودي الشامي عن أمير المؤمنين (عليه السلام) إلى أن قال:

قال له اليهودي: فإنّ يعقوب قد صبر على فراق ولده حتّى كاد يحرض من الحزن.

قال له عليّ (عليه السلام): لقد كان كذلك، وكان حزن يعقوب حزناً بعده تلاقي، ومحمّد (صلى الله عليه وآله) قبض ولده إبراهيم قرّة عينه في حياة منه، فخصّه بالاختيار (بالاختبار) ليعظم له الإدّخار، فقال (صلى الله عليه وآله): تحزن النفس ويجزع القلب، وإنّا عليك يا إبراهيم لمحزونون، ولا نقول ما يسخط الربّ، في كلّ ذلك يؤثر الرضى عن الله عزّ ذكره

____________

1- مجموعة ورّام، باب الصبر 1: 41.

2- مستدرك الوسائل (لا يوجد بالأصل).

3- مجمع البيان 1: 238; مستدرك الوسائل 2: 407 ح2315.

4- المحيص: 65 ح152; مستدرك الوسائل 2: 413 ح2335.