نحن بن ضبة أعداء عـــلي | ذاك الذي يعرف فينا بالوصي |
وفارس الخيل على عهد النبي | ما أنا عن فضل عـلي بالعمي |
وقال سعيد بن قيس الهمداني يوم الجمل، وكان في عسكر علي (عليه السلام):
أية حرب أضرمت نيرانــها | وكسرت يوم الوغى مرانـها |
قل للوصي أقبلت قحطانهــا | فادع بها تكفيكها همدانهــا |
وقال زياد بن لبيد الأنصاري يوم الجمل، وكان من أصحاب علي (عليه السلام):
كيف ترى الأنصارفي يوم الكلب | إنا اناس لا نبالي من عطـب |
ولا نبالي في الوصي من غضب | وإنما الأنصار جدلاً لعــب |
هذا علي وابن عبد المطلــب | ننصره اليوم على من قد كذب |
وستأتي أبيات حجر بن عدي أيضاً:
يا وصي النبي قد أجلت الحـر | ب الاعادي وسارت الأضعان |
واستقامت لك الأمر سوى الشام | وفي الشام يظهر الإذعــان |
وقال خزيمة أيضاً في يوم الجمل:
أعائش خلي عن علي وعيبـه | بما ليس فيه إنما أنت والـــده |
وصي رسول الله من دون أهله | وأنت على ما كان من ذاك شاهده |
وقال ابن بديل بن ورقاء الخزاعي يوم الجمل أيضاً:
يا قوم للخطة العظمى التي حدثت | حرب الوصي وما للحرب من آسي |
الفاصل الحكم بالتقوى إذا ضربت | تلك القبائل أخماساً لأســــداس |
وقال عمرو بن أحيحة يوم الجمل، في خطبة الحسن بن علي (عليه السلام) بعد خطبة عبد الله بن الزبير:
حسن الخير يا شبيه أبيـــــه | قمت فينا مقام خير خطيــــب |
إلى ان قال:
وأبى الله أن يقوم بما قــــام | به ابن الوصي، وابن النجيــب |
ان شخصاً بين النبي لك الخيـر | وبين الوصي غير مشــــوب |
وقال زحر بن قيس الجعفي يوم الجمل أيضاً:
أضربكم حتى تقروا لعلـــي | خير قريش كلها بعد النبــــي |
من زانه الله وسماه الوصــي | إن الولي حافظ ظهر الولـــي |
ذكر هذه الأشعار والأراجيز بأجمعها أبو مخنف، لوط بن يحيى، في كتاب: وقعة الجمل. وأبو مخنف من المحدثين، وممن يرى صحة الإمامة بالاختيار، وليس من الشيعة ولا معدوداً من رجالها.
قال زحر بن قيس الجعفي [ونسبها في موضع آخر إلى جرير بن عبد الله البجلي](1):
فصلى الإله على أحمـــد | رسول المليك تمام النعـــم |
رسول المليك ومن بعــده | خليفتنا القائم المدعـــــم |
علياً عنيت وصي النبــي | نجالد عنه غواة الأمــــم |
قال نصر: ومن الشعر المنسوب إلى الأشعث بن قيس:
أتانا الرسول رسول الإمام | فسرّ بمقدمه المسلمونــــا |
رسول الوصي وصي النبي | له السبق والفضل في المؤمنينا |
ومن الشعر المنسوب إلى الأشعث أيضاً:
أتانا الرسول رسول الوصي | علي المهذب من هاشـــم |
وزير النبي وذو صهــره | وخير البرية والعالــــم |
____________
(1) راجع: شرح نهج البلاغة، ط دار مكتبة الحياة ج1 ص553.
وقال جرير بن عبد الله البجلي شعراً، بعث به إلى شرحبيل بن السمط، من أصحاب معاوية، وقد جاء فيه:
مقال ابن هند في علي عضيهة | ولله في صدر ابن أبي طالب أجل |
وما كان إلا لازماً قعر بيتــه | إلى أن أتى عثمان في بيته الأجل |
وصي رسول الله من دون أهله | وفارسه الحامي به يضرب المثل |
وقال النعمان بن عجلان الأنصاري:
كيف التفرق والوصي أمامنـا | لا كيف إلا حيرة وتخــــاذلا |
لا تغبنن عقولكم لا خير فـي | من لم يكن عند البلابل عاقــلا |
وذروا معاوية الغويّ وتابعـوا | دين الوصي لتحمدوه آجــــلا |
وقال عبد الرحمن بن ذؤيب الأسلمي
ألا ابلغ شرحبيل بن حــرب | فما لك لا تهش إلا الضـــراب |
فإن تسلم وتبق الدهر يومــا | نزرك بجحفل عدد التــــراب |
يقودهم الوصي إليك حتــى | يردك عن ضلال وارتيــــاب |
ويقول المغيرة بن الحارث بن عبد المطلب:
فيكم وصي رسول الله قائدكم | وصهره وكتاب الله قد نشــــرا |
ويقول عبد الله بن العباس بن عبد المطلب:
وصي رسول الله من دون أهله | وفارسه إن قيل: هل من منـــازل |
قال المعتزلي: «والأشعار التي تتضمن هذه اللفظة كثيرة جداً، ولكننا ذكرنا منها ها هنا بعض ما قيل في هذين الحزبين. فأما ما عداهما، فإنه يجل عن الحصر، ويعظم عن الإحصاء والعدد. ولولا خوف الملالة والإضجار، لذكرنا من ذلك ما يملأ أوراقاً كثيرة»(1).
____________
(1) جميع ما تقدم قد ذكره المعتزلي في شرح نهج البلاغة، ط دار مكتبة الحياة ط سنة 1963 ج1 ص128 و133 والبحار ج38 ص20 و26 عنه..
قال عبد الله بن أبي سفيان بن الحارث بن عبد المطلب، مجيباً للوليد بن عقبة بن أبي معيط:
وإن ولي الأمر بعد محمـــد | علي وفي كل المواطن صاحبــه |
وصي رسول الله حقاً وصنـوه | وأول من صلى، ومن لان جانبـه |
وقال خزيمة بن ثابت في هذا:
وصي رسول الله من دون أهله | وفارسه مذ كان في سالف الزمـن |
وأول من صلى من الناس كلهم | سوى خيرة النسوان والله ذو منن(1) |
وقال زفر بن بن يزيد بن حذيفة الأسدي:
فحوطوا علياً وانصروه فإنـه | وصي وفي الإســلام أول أول(2) |
وقال النعمان بن العجلان، مخاطباً عمرو بن العاص، وذلك بعد بيعة السقيفة، في جملة قصيدة له:
وكان هوانا في علي وإنــه | لأهل لها يا عمرو من حيث لا تدري |
فذاك بعون الله يدعو إلى الهدى | وينهى عن الفحشاء والبغي والنكـر |
وصي النبي المصطفى وابن عمه | وقاتل فرسان الضلالة والكفــر(3) |
وقال حسان بن ثابت:
____________
(1) شرح نهج البلاغة ج4 ص227 و228 ط دار مكتبة الحياة سنة 1964.
(2) المصدر السابق ج4 ص228.
(3) المصدر السابق ج2 ص280.
ألست أخاه في الهدى ووصيه | وأعلم منهم بالكتاب وبالسنن(1) |
وقال حجر بن عدي الكندي في يوم الجمل أيضاً:
يا ربنا سلم لنا عليـــــا | سلم لنا المهذب التقيــــا |
المؤمن المسترشد الرضيــا | واجعله هادي أمة مهديـــا |
احفظه رب حفظك النبيــا | لا خطل الرأي ولا غبيــا |
فإنه كان لنا وليــــــا | ثم ارتضاه بعده وصيـا(2) |
وقال المنذر بن أبي خميصة الوداعي مخاطباً علياً:
ليس منا من لم يكن لك في الله | ولياً يا ذا الولا والوصية(3) |
بل إن علياً أمير المؤمنيين (عليه السلام) نفسه قد ذكر الوصية له في الشعر، فقال: في أمر بيع عمرو بن العاص دينه لمعاوية:
يا عجبا! لقد سمعت منكــرا | كذبا على الله يشيب الشعــرا |
يسترق السمع ويغشى البصرا | ما كان يرضى أحمد لو أخبـرا |
أن يقرنوا وصيه والأبتــرا | شاني الرسول واللعين الأخزرا |
كلاهما في جنه قد عسكـرا | قد باع هذا دينه فأفجــــرا |
من ذا بدنيا بيعه قد خسـرا | بملك مصران أصاب الظفـرا |
الخ.. (4)
واللافت هنا: أن ابن أبي الحديد نفسه قد قرر هذه الوصاية في شعره، فقال:
____________
(1) المصدر السابق ج2 ص283.
(2) المصدر السابق ج2 ص828 وج1 ص129 و130.
(3) المصدر السابق ج2 ص828.
(4) المصدر السابق ج1 ص324 و132.
وخير خلق الله بعد المصطفى | أعظمهم يوم الفخار شرفــا |
السيد المعظم الوصــــي | بعل البتول المرتضى علـي |
وابناه، الخ.. (1).
ولو أردنا استقصاء ذلك في مصادره لاحتجنا إلى وقت طويل ولنتج عن ذلك ما يملأ عشرات الصفحات..
أما في غير الشعر، فالأمر أعظم وأعظم.. ولعل ما ذكرناه يكفي لمن ألقى السمع وهو شهيد.
بذرة «الخوارج» متى كانت:
إن الظهور السافر للخوارج، وإن كان قد حصل في صفين، في حادثة رفع المصاحف، ثم التحكيم.. ولكن الحقيقة هي أن قلوبهم قد تغيرت قبل هذا الوقت، وبالذات في حرب الجمل، حيث فاجأهم موقف علي (عليه السلام) تجاه السبي والغنائم في تلك الحرب.
بل يمكن القول: إن ذلك قد بدأ منذ توليه (عليه السلام) للخلافة، حينما خالف سيرة عمر بن الخطاب ـ المعظم عندهم جداً ـ في العطاء، حيث ساوى بين الناس، ولم يفضل أحداً على أحد، فاعترضوا عليه. وكان هذا الأمر مما طالبوه به في حرب الجمل، فقالوا له: أعطنا سنة العمرين(2). فأبى (عليه السلام) إلا أن يعطيهم سنة رسول الله (صلى الله عليه وآله) وسلم.
____________
(1) المصدر السابق ج3 ص645.
(2) قد تقدم هذا النص ومصادره في فصل سابق فراجع.