الصفحة 108
ام لصافي المدام من مزة الطعمعارا مشمولة اسقاها
حاش لله لست اطمع نفسيآخر العمر باتباع هواها
بل بكائي لذكر من خصها اللهتعالى بلطفه واجتباها
وحباها بالسيدين الزكيينالامامين منه حين حباها
ولفكري في (الصاحبين) اللذيناستحسنا ظلمها وما راعياها
منعا بعلها من العهدوالعقد وكان المنيب والأواها
واستبدا بامرة دبراهاقبل دفن النبي وانتهزاها
وأتت (فاطمة)تطالب بالارث من المصطفى فما ورثاها
ليت شعري لم خولفت سنن القرآن فيها والله قد ابداها
رضي الناس اذ تلوها بما لميرض فيها النبي حين تلاها
نسخت آية المواريث منهاام هما بعد فرضها بدلاها
ام ترى آية المودة لم تأت بود الزهراء في قرباها
ثم قالا أبوك جاء بهذاحجة من عنادهم نصباها
قال للانبياء حكم بان لايورثوا في القديم وانتهزاها
أفبنت النبي لم تر إن كان نبي الهدى بذلك فاها
بضعة من محمد خالفت ماقال حاشا مولاتنا حاشاها


الصفحة 109
سمعته يقول ذاك وجاءتتطلب الارث ضلة وسفاها
هي كانت لله أتقى وكانتافضل الخلق عفة ونزاها
أو تقول النبي قدخالف القرآن ويح الاخبار ممن رواها
سل بابطال قولهم سورة النملوسل مريم التي قبل طاها
فهما ينبئان عن ارث يحيىوسليمان من اراد انبتاها
ثم قالت فنحلة لي من والدي المصطفى فلم ينحلاها
فاقامت بها شهودا فقالوابعلها شاهد لها وابناها
لم يجيزوا شهادة ابني رسول الله هادي الانام إذ ناصباها
لم يكن صادق علي ولا فاطمة عندهم ولا ولداها
كان اتقى لله منهم عتيققبح القائل المحال وشاها
جرعاها من بعد والدها الغيظمرارا فبئس ما جرعاها
أهل بيت لم يعرفوا سنن الجور التباسا عليهم واشتباها
ليت شعري ما كان ضرهماالحفظ لعهد النبي لو حفظاها
كان اكرام خاتم الرسل الهادي البشير النذير لو اكرماها
ان فعل الجميل لم يأتياهوحسان الاخلاق ما اعتمداها
ولو ابتيع ذاك بالثمن الغالي لما ضاع في اتباع هواها


الصفحة 110
اترى المسلمين كانوا يلومونهما في العطاء لو اعطياها
كان تحت الخضراء بنت نبيصادق ناطق أمين سواها
بنت من أم من حليلة منويل من سن ظلمها وأذاها
ذاك ينبيك عن حقود صدورفاعتبرها بالفكر حين تراها
قل لنا ايها المجادل في القول عن الغاصبين إذ غصباها
أهما ما تعمداها كما قلتبظلم كلا ولا اهتضماها
فلماذا اذ جهزت للقاءالله عند الممات لم يحضراها
شيعت نعشها ملائكة الرحمنرفقا بها وما شيعاها
كان زهدا في أجرها أمعنادا لأبيها النبي لم يتبعاها
ام لان البتول اوصت بان لايشهدا دفنها فما شهداها
ام ابوها اسر ذاك اليهافاطاعت بنت النبي اباها
كيفما شئت قل كفاك فهذيفرية قد بلغت اقصى مداها
اغضباها واغضبا عند ذاكالله رب السماء اذ اغضباها
وكذا اخبر النبي بان اللهيرضى سبحانه لرضاها
لا نبي الهدى اطيع ولافاطمة أكرمت ولا حسناها
وحقوق الوصي ضيع منهاما تسامى في فضله وتناهى
تلك كانت حزازة ليس تبرىحين ردا عنها وقد خطباها


الصفحة 111
وغدا يلتقون والله يجزيكل نفس بغيها وهداها
فعلى ذلك الاساس بنت صاحبة الهودج المشوم بناها
وبذاك اقتدت امية لمااظهرت حقدها على مولاها
لعنته بالشام سبعين عامالعن الله كهلها وفتاها
ذكروا مصرع المشائخ في بدر وقد ضمخ (الوصي) لحاها
وباحد من بعد بدر ودأتعس فيها معاطسا وجباها
فاستجادت له السيوف بصفينوجرت يوم الطفوف قناها
لو تمكنت بالطفوف مدى الدهر لقبلت تربها وثراها
ادركت ثارها امية بالنار غدا في معادها تصلاها
اشكر الله انني اتوالىعترة المصطفى واشني عداها
ناطقا بالصواب لا ارهب الأعداء في حبهم ولا اخشاها
نح بها أيها (الخدوعي)واعلمان انشادك الذي انشاها
لك معنى في النوح ليس يضاهىوهي تاج للشعر في معناها
قلتها للثواب والله يعطي الأجر فيها من قالها ورواها
مظهرا فضلهم بعزمة نفسبلغت في ودادهم منتهاها
فاستمعها من شاعر (علوي)(حسني)في فضله لا يضاهى
سادة الخلق قومه غير شكثم بطحاء مكة مأواها


الصفحة 112
[13] وله رحمه الله في مدحها:

هي للقبيل عقيلةومليكة هي للعقول
هي للنبي وللوصيوللزكي وللقتيل
مقرونة في عصمةعنكل مذموم وبيل
هي لبوة نبويةمجوبة في خير غيل
سكن لحيدرة وحيدرة هزبر للرسول
من ذين قرت عيشهفي مشبلين وفي شبول
كفوين من نسب قصيرمستنير مستطيل
بحرين ملتقيين ليس لكل بحر من عديل
كل يفيض معينهبعذوبة من سلسبيل
جلت حليلة حيدرو لم يكنه عن حليل
سبقت بحلبة كل فضلكل ذي فضل نبيل
صعدت محلقة فصوب كل عقل للنزول
وصلت لحد لم يصلهكل ذي شرف جليل
هي رحمة للمسلمينورحمة للمستنيل
وشفيعة مرضيةلله في يوم مهول
شخصت به مقل وفربه خليل عن خليل
هل غير بنت محمد:للخلق من ظل ظليل


الصفحة 113

الصفحة 114

الشيخ مغامس الحلي

توهجت الحوزة النجفية في دور تأسيسها الثالث على يد المقدس الاردبيلي (ره) المتوفى سنة 993 هـ، بعد أفول المدرسة الحلية التي أسسها المحقق الحلي. واستمرت حتى وفاة فخر المحققين ابن العلامة الحلي سنة 771 هـ وطبيعي لم تتوقف المدرسة الحلية عن الابداع بل استمرت عطاءاتها الفقهية لتضيف إلى نشاطاتها العلمية ابداعاً أدبياً رائعاً إمتلك الحس الفقهي وأضاف إلى مهمته العلمية مهمة أدبية تتصدى للدفاع عن المذهب ومبادئه الحقة، فبرز فقهاء شعراء وظّفوا طاقاتهم الأدبية وملكاتهم العلمية لاثبات

الصفحة 115
المبادىء الحقة والمحافظة على مسلّمات المذهب وضروراته.

إن أهم من مثّل هذه المدرسة الأدبية شاعرنا الفقيه الشيخ مغامس الحلي البحراني، كما عبّر عنه الشيخ عبد الوهاب بن الشيخ محمد علي الطريحي ـ أخو فخر الدين الطريحي صاحب المنتخب ـ فلقبّه بالبحراني، اشارة الى نزوحه من البحرين إلى الحلة لينتهل من مناهلها العلمية وليكون أحد علمائها المبرّزين، وقد عبّر عنه العلامة الاميني في غديره بأنه: خطيب أديب وابن خطيب أديب.

إن ما يميز شاعرنا هو التزامه بنهج "أدبي وعظي" فلم يتعرض خلال قصائده إلى الغزل أو التشبيب، ووصفه العلامة الشيخ محمد علي اليعقوبي بالورع قائلا: لم يتعرض في اوائل قصائده للغزل أو التشبيب أو سقت الطلول والاعطان والبكاء على الدمن ومنازل الاحباب كعادة غيره، مما يدل على أن الرجل كان يتورع عن ذكر ذلك كله، وانما يستهل قصائده بذكر الشيب ونعي الشباب، والوعظ والتحذير من الدنيا ومكرها، وتصرّف الليالي وغدرها ثم يتخلص إلى الرثاء(1).

توفي أواخر سنة 900 هـ، وترك قصائد في الوعظ والارشاد ليتخلص إلى رثاء العترة الطاهرة والتي أبرزها مظلومية السيدة الزهراء التي جعلها عنواناً لمظلومية الآل الطيبين.

____________

1- راجع في ترجمته البابليات للشيخ محمد علي اليعقوبي 1: 132 دار البيان.


الصفحة 116
[14] قال في قصيدته:

كيف السلو والخطوب تنوبومصائب الدنيا عليك تصوب
إن البقاء على اختلاف طبايعورجاي أن ينجو الفتى لعجيب
والدهر أطوار وليس لأهلهأن فكروا في حاله نصيب
ليس اللبيب من استقر بعيشهإن المفكر في الأمور لبيب
يا غافلا والموت ليس بغافلعش ما تشاء فانك المطلوب
أبرزت لهوك إذ زمانك مقبلزاه وإذ غصن الشباب رطيب
فمن النصير من الخطوب إذ أنتوعلا على شرخ الشباب مشيب
عمل الفتى من علمه مكتوبةحتى الممات وعمره مكتوب
فتراه يكدح في المعاش ورزقهفي الخلق أحداث لها وخطوب
من سُرفيها ساءه من صرفهاريب له طول الزمان قريب
عصفت بخير الخلق آل محمدصر شآمية لها وصبوب
أما النبي فخانه من قومهفي أقربيه محاكم وصحيب
من بعد ما ردوا عليه وصالهحتى كأن مقاله مكذوب
ونسوا رعاية أحمد في حيدرفي "خم" وهو وزيره المصحوب
فاقام فيهم برهة حتى قضىفي الفرض وهو بغضبهم مغضوب
والطهر فاطمة زوى ميراثهاشر الانام ودمعها مسكوب


الصفحة 117
من بعد ما رمت الجنين بضربةفقضت وحقها مغصوب
وسليلها الهادي سقته جعيدةسماً له سبط الفؤاد لهيب
وجرى من الجفن الغريق بمائهدمع على قتل الحسين صبيب
يا يومه ما كان أقبح منظراًوأمر طعماً انه لعصيب
بأبي الامام المستظام بكربلا.يدعو وليس لما يقول مجيب
بأبي الوحيد وماله من راحميشكو الظما والماء منه قريب
بأبي الحبيب إلى النبي محمدومحمد عند الإله حبيب
يا كربلا أفيك يقتل جهرةسبط المطهر أن ذا لعجيب(1)

إلى آخر القصيدة.

____________

1- المنتخب الطريحي للشيخ فخر الدين الطريحي: 292.


الصفحة 118

الحر العاملي

في القرن العاشر الهجري، ليس وحدها المدرسة النجفية قد احتلت مكانتها العلمية وذاع صيتها في افاق العالم الإسلامي، وليس المدرسة الحلية التي انتجتها المدرسة النجفية قد تألقت في الجانب الأدبي فضلا عن الجانب العلمي، فان مدرسة العامليين التي هي نتاج المدرستين والتي أسسها الشهيد الأول قد تربعت على قمة الابداع العلمي مثلما هي تتربع على قمة جبل عامل لتظل بعطاءها على مدرسة أهل الشام من جهة ومعاهد القدس من جهة أخرى، ثم تمتد إلى مصر الأزهر وجماعة الحرمين، فتُهيّمن على مدارس

الصفحة 119
المذاهب الإسلامية لتستمد الأخيرة منها رواء العلم ومنابع العطاء، وتشهد بذلك الحواضر العالم الإسلامي حتى "إن علماء الشيعة في جبل عامل يبلغون نحو الخمس من علماء الشيعة في جميع الاقطار، مع أن بلادهم أقل من عُشر عُشر بلاد الشيعة"(1).

هذه هي الحالة العلمية العاملية، عطاء زاخر وابداع مستمر، وإذا كانت المدرسة العاملية قد تعهدت في نشر علوم آل البيت (عليهم السلام) فانها تلتزم كذلك بالدفاع عن ثوابت المذهب وضروراته فالمدرسة العاملية تواجه خروقات فكرية كثيرة، وروادها كأهل الثغور يرابطون في تلك البلاد التي تفتح أفاقها على مدارس اسلامية أخرى، وإذا كان الأمر كذلك، فإن العامليين قد وطّنوا أنفسهم على التصدي للدفاع عن قضية آل البيت (عليهم السلام)، وكانت الوسيلة الاكثر تأثيراً في عصر توهّج فيه الأدب العربي كانت القصيدة الشعرية هي الرائدة في طليعة الدفاع عن حقوق آل البيت (عليهم السلام) ومظلوميتهم، ونبغ العامليون العاميون في الغرض الأدبي كما هو نبوغهم في العلوم الفقهية والأغرض الكلامية، وكان الحر العاملي في طليعة هؤلاء الذين بذلوا أنفسهم للدفاع عن حقوق آل البيت (عليهم السلام)وتشييد دعائم قضيتهم. ففي سنة 1033 هـ ولد الحر العاملي وسط أسرته العلمية التي ضمت والده العلامة الشيخ حسن وعمه الشيخ محمد وجده لأمه العلامة الشيخ عبد السلام بن محمد بن الحسين الحر، وقال والده الشيخ علي بن محمود المشغري العاملي. وهم أساتذته فيما بعد تتلمذ عليهم وأخذ منهم، ولم يقتصر على مشيخة أهله، فإن العلامة الشيخ زين الدين بن محمد بن الحسن بن الشهيد الثاني،

____________

1- راجع أمل الآمل للشيخ الحر العاملي.


الصفحة 120
والعلامة الشيخ حسين بن الحسن بن يونس بن ظهير الدين والعلامة السيد حسن الحسيني العاملي والعلامة الشيخ عبد الله الحر فوشي والمولى محمد الطاهر بن محمد الحسين الشيرازي كان قد انتهل من نميرهم، وليس هؤلاء وحدهم فان صاحب البحار العلامة المجلسي أستاذه الاكبر في الحديث كان له الأثر الاكبر في بناء شخصه العلمي و "مدرسته الحديثية".

وكما أن الحر العاملي قد أخذ عن جهابذة العلم في عصره، فإن عطاءه الزاخر قد ترجمه تلامذته اللذين هم بحق فحول عصرهم، ومنهم يستفاد مدى فضله وعظمته، فالعلامة الشيخ مصطفى بن عبد الواحد بن سيار الحويزي والعلامة الشيخ محمد رضا نجل المترجم له، والعلامة الشيخ حسن ولده الأخر والعلامة الشيخ محمد بن محمد باقر الحسيني الاعرجي المختاري، والعلامة السيد محمد بن محمد بديع الرضوي والمولى محمد فاضل بن محمد مهدي المشهدي، والعلامة محمد تقي بن عبد الوهاب الاسترابادي المشهدي والعلامة محمد تقي الدهخور أقاني، العلامة السيد محمد بن أحمد الحسيني الجيلاني إلى غير ذلك ممن لهم الأثر في تحقيق النهضة العلمية الإسلامية أنذاك، ولعل ما تركه من آثاره العلمية تدل على عظمته العلمية والأدبية واليك بعضها:

الجواهر السنية في الاحاديث القدسية.

الصحيفة الثانية السجادية.

وسائل الشيعة إلى تحصيل مسائل الشريفة، وهو أشهر كتبه بل أشهر كتب الحديث عند الشيعة أودع فيه أخبار الأحكام الشرعية.


الصفحة 121
هداية الأمه إلى احكام الأئمة.

فهرس وسائل الشيعة وسماه "من لا يحضره الامام".

كتاب اثبات الهداة بالنصوص والمعجزات.

كتاب الفصول المهمة في أصول الأئمة.

كتاب امل الأمل في علماء جبل عامل.

تنزيه المعصوم عن السهو والنسيان.

في اثبات وجوب صلاة الجمعة عيناً

نزهة الاسماء في الاجماع.

إلى غير ذلك من الكتب وقد بلغت أكثر من اثني وخمسين كتاباً

اشتهر بالنظم والشعر، وهو من المكثيرين، وأكثره في المسائل العلمية ومناقب العترة ومصائبهم والاخلاقيات(1).

ولعل ارجوزته في السيدة الزهراء (عليها السلام) تُنبئك عن شاعريته وذوقه الأدبي.

أرخ في أرجوزته هذه حياة السيدة الزهراء (عليها السلام) وما جرى عليها من المصائب ولعل مقطوعته الأدبية هذه تعتبر من أهم الوثائق التاريخية التي تثبت ما جرى على آل البيت (عليهم السلام) عموماً والسيدة الزهراء خصوصاً.

____________

1- راجع فى ذلك سجع البلابل في ترجمة صاحب الوسائل للسيد شهاب الدين المرعشي مقدمة لكتاب اثبات الهداة للحر العاملي دار الكتب الإسلامية طهران.


الصفحة 122
إن أهمية هذه المقطوعة تتأتى من محّدث فقيه أخذ عنه أخبار الاحكام أصولها وفروعها، حتى أن الفقيه اليوم يُرجِع أكثر استنباطاته إلى أصول الحر العاملي في كتابه وسائل الشيعة، وإذا كان الأمر كذلك فان شهادة الحر العاملي المظلومية الزهراء (عليها السلام) واسقاط المحسن شهادة تكاد ترقى إلى الحس والوجدان، فان وجدانياته التي ترجمها إلى مقطوعة رائعة تؤكد على واقعية الحدث وحقيقته.

فقد صدرت المقطوعة عن احاسيسه الناشئة عن مسلّماته في هذا المجال، فان الفقيه لا يعقد فصلا أدبياً خاصاً وينشأ قصيدته لترف ثقافي، وانما هو التكليف الشرعي الذي يقدمه على أساس اطروحته الأدبية فالذي يسوّغ لنا الأخذ بما في كتاب "وسائل الشيعة" سوّغ لنا الأخذ بما جرى على السيده الزهراء (عليها السلام) عن طريق الحر العاملي، فانها شهادة ترقى إلى الحس والمشاهدة والوجدان.


الصفحة 123
[15] واليك ارجوزته الادبية:

وولدت فاطمة الزهراءالبضعة الزكية الحوراء
بمكة الغراء يوم الجمعةفي ملك يزدجر مبدى السمعه
وذاك قبل رجب بعشروقيل قبله بنصف شهر
لخمس من مبعث النبيالمصطفى المكرّم الزكي
وقد رووا فما لقونا قبلهبخمسة ومن رواه أبله
وعند هذا عمرها عشروناثم ثماني كملت سنينا
وفيهما عشر سنين خلفوالخبر الأخير فيه ضعف
جاءت كمريم ومن لمريمابما حوت من منتم ومنتهى
بنت النبي المصطفى المختارأم الهداة السادة الأبرار
زاهدة عابدة عليمةتقية نقية كريمة
أما المدايح التي جاءت لهاوقد أبانت فضلها ونبلها
فهي كثيرة فليست تحصىولو بذلت الجهد أو تستقصى
من الإله والنبي وعليوولده في فضل بنت المرسل
معصومة تأت عن الذنوببرية من جملة العيوب
من أهل بيت المصطفى بالنصقد برعت بفضلها المختص
وشاركت يوم الكساء والعبافي المجد بعلا وبنين وأبا


الصفحة 124
وهي لعمري أمجد الأناموأشرف الاماجد الكرام
من كأبيها بين آباء الورىومثل مجد بعلها ليس يرى
وولدها ناهيك من أولادأزكى العباد أشرف العبّاد
لو فاخرت لم تر من مفاخريقدر أن يفوه بالمفاخر
من ذا الذي يفاخر البتولاومن حوى كما حوت تفضيلا
يؤذي النبي كل ما يؤذيهانصٌ جليلٌ فدع التمويها
طلقت الدنيا كفعل بعلهاواشتغلت عنها بحسن فعلها
لا تعرف اللذات والتنعماوالحلى واللبس علا وكرما
وقولها دون النساء حجةيوضح للمسترشد المحجة
أنصح أهل دهرها وأبلغونعمة الله عليها أسبغ
مامن علا وشرف إلاّ لهاقد أعطيت كمالها كمالها
مظلومة صابرة محتسبةإلى الكمال والعلى منتسبة
قد صبرت طوعاً على أذاهاواستبشرت بالموت إذ أتاها
ومثلها من الممات يجزعإذ هي في سن الشباب ترتع
جاء إلى خديجة إذ ولدتأربعة من النساء قد بدت
فيهن مريم البتول العذراإذ النساء قد أرتها هجرا
قلن لها اخترت اليتيم المعدماقالت بل المعظم المكرما


الصفحة 125
تقبلتها مريم لما أتتناهيك من فضيلة قد ثبتت
وجاءها من بعدها اثنتا عشرحوراء قد فقن محاسن البشر
غسلن فاطماً بماء الجنةفكان مما تتقيه جنة
ألقابها البتول والزهراءوالطهر والصديقة الحوراء
سيدة النساء والمباركةليست بفضل مجدها مشاركة
وبضعة طاهرة زكيةرضية زاكية مرضية
عديلة لمريم محدّثةلكل مجد وعُلى مورّثة
وقد روت كنيتها أم أيمناأم الأئمة الهداة الأمنا
أم الحسين المجتبى أم الحسنفاسمع إلى جمع وتعداد حسن
خص بها من دون غيره علىلقد غدا له بها فخر على
وفخرها به لعمري أعظموما عسى في مثل هذا ينظم
خطبها أكابر الصحابةكلٌ دعا السعد فما أجابه
وكم لقد عودي فيها وحسدممن أرادها سواه واضطهد
نسبها أعرف من أن يذكرافقد غدا من كل شيء أشهرا
وكان عمرها من الاعوامثمان عشر ومن الايام
خمسة عشر في حديث صدقهوقول من تبعه وصدّقه
وقيل بل تزيد أيضاً عشرامن السنين قيل بل وأخرى


الصفحة 126
ثمان أعوام قبيل الهجرهوبعد ذاك مع أبيها عشره
وبعدها مختلف كم يومهاعاشت فدع عنك المرا واللوّما
خمسٌ وسبعون وأربعوناخمسٌ وتسعون أو التسعونا
أو نصف حول فاعتبر أقوالهموانظر وحقق أيها أقوى لهم
وانظر إلى ميلادهم ثم احسبثم أجبر النفس وتمم نصب
وليها الله الذي زوجهابالمرتضى وبالتقى توجها
فيا لها من شاهد بفضلهاوفضل خير الاوصياء بعلها
لم يتول الله تزويج أحدمن خلقه إلاّ ثلاثة فقد
تزويج آدم بحوا امتهوزينب من النبي خيرته
وفاطم الزهراء بالامامخير الانام كاسر الاصنام
أولادها الخمس الحسين والحسنوزينبٌ من أم كلثوم أسن
وأسقطت بمحسن يوم عمروفتحه الباب كما قد اشتهر
ونالها بعد النبي إذ مضىوانقاد طوعاً راضيا عن القضا
لذاك ما يوجع كل قلبويستهان منه كل خطب
حزن وذل واضطهاد ظالمووحشة لاحت على العالم
إذ منعت مما أبوها قد تركوزادها غصب العوالي وفدك
وقيل إن ابن أبي قحافهلما أتته ترتجي انصافه