ام لصافي المدام من مزة الطعم | عارا مشمولة اسقاها |
حاش لله لست اطمع نفسي | آخر العمر باتباع هواها |
بل بكائي لذكر من خصها الله | تعالى بلطفه واجتباها |
وحباها بالسيدين الزكيين | الامامين منه حين حباها |
ولفكري في (الصاحبين) اللذين | استحسنا ظلمها وما راعياها |
منعا بعلها من العهد | والعقد وكان المنيب والأواها |
واستبدا بامرة دبراها | قبل دفن النبي وانتهزاها |
وأتت (فاطمة)تطالب بالار | ث من المصطفى فما ورثاها |
ليت شعري لم خولفت سنن القر | آن فيها والله قد ابداها |
رضي الناس اذ تلوها بما لم | يرض فيها النبي حين تلاها |
نسخت آية المواريث منها | ام هما بعد فرضها بدلاها |
ام ترى آية المودة لم تأ | ت بود الزهراء في قرباها |
ثم قالا أبوك جاء بهذا | حجة من عنادهم نصباها |
قال للانبياء حكم بان لا | يورثوا في القديم وانتهزاها |
أفبنت النبي لم تر إن كا | ن نبي الهدى بذلك فاها |
بضعة من محمد خالفت ما | قال حاشا مولاتنا حاشاها |
سمعته يقول ذاك وجاءت | تطلب الارث ضلة وسفاها |
هي كانت لله أتقى وكانت | افضل الخلق عفة ونزاها |
أو تقول النبي قدخالف القر | آن ويح الاخبار ممن رواها |
سل بابطال قولهم سورة النمل | وسل مريم التي قبل طاها |
فهما ينبئان عن ارث يحيى | وسليمان من اراد انبتاها |
ثم قالت فنحلة لي من وا | لدي المصطفى فلم ينحلاها |
فاقامت بها شهودا فقالوا | بعلها شاهد لها وابناها |
لم يجيزوا شهادة ابني رسو | ل الله هادي الانام إذ ناصباها |
لم يكن صادق علي ولا فا | طمة عندهم ولا ولداها |
كان اتقى لله منهم عتيق | قبح القائل المحال وشاها |
جرعاها من بعد والدها الغيظ | مرارا فبئس ما جرعاها |
أهل بيت لم يعرفوا سنن الجو | ر التباسا عليهم واشتباها |
ليت شعري ما كان ضرهما | الحفظ لعهد النبي لو حفظاها |
كان اكرام خاتم الرسل الها | دي البشير النذير لو اكرماها |
ان فعل الجميل لم يأتياه | وحسان الاخلاق ما اعتمداها |
ولو ابتيع ذاك بالثمن الغا | لي لما ضاع في اتباع هواها |
اترى المسلمين كانوا يلومو | نهما في العطاء لو اعطياها |
كان تحت الخضراء بنت نبي | صادق ناطق أمين سواها |
بنت من أم من حليلة من | ويل من سن ظلمها وأذاها |
ذاك ينبيك عن حقود صدور | فاعتبرها بالفكر حين تراها |
قل لنا ايها المجادل في القو | ل عن الغاصبين إذ غصباها |
أهما ما تعمداها كما قلت | بظلم كلا ولا اهتضماها |
فلماذا اذ جهزت للقاء | الله عند الممات لم يحضراها |
شيعت نعشها ملائكة الرحمن | رفقا بها وما شيعاها |
كان زهدا في أجرها أم | عنادا لأبيها النبي لم يتبعاها |
ام لان البتول اوصت بان لا | يشهدا دفنها فما شهداها |
ام ابوها اسر ذاك اليها | فاطاعت بنت النبي اباها |
كيفما شئت قل كفاك فهذي | فرية قد بلغت اقصى مداها |
اغضباها واغضبا عند ذاك | الله رب السماء اذ اغضباها |
وكذا اخبر النبي بان الله | يرضى سبحانه لرضاها |
لا نبي الهدى اطيع ولا | فاطمة أكرمت ولا حسناها |
وحقوق الوصي ضيع منها | ما تسامى في فضله وتناهى |
تلك كانت حزازة ليس تبرى | حين ردا عنها وقد خطباها |
وغدا يلتقون والله يجزي | كل نفس بغيها وهداها |
فعلى ذلك الاساس بنت صا | حبة الهودج المشوم بناها |
وبذاك اقتدت امية لما | اظهرت حقدها على مولاها |
لعنته بالشام سبعين عاما | لعن الله كهلها وفتاها |
ذكروا مصرع المشائخ في بد | ر وقد ضمخ (الوصي) لحاها |
وباحد من بعد بدر ود | أتعس فيها معاطسا وجباها |
فاستجادت له السيوف بصفين | وجرت يوم الطفوف قناها |
لو تمكنت بالطفوف مدى الد | هر لقبلت تربها وثراها |
ادركت ثارها امية بالنا | ر غدا في معادها تصلاها |
اشكر الله انني اتوالى | عترة المصطفى واشني عداها |
ناطقا بالصواب لا ارهب الأ | عداء في حبهم ولا اخشاها |
نح بها أيها (الخدوعي)واعلم | ان انشادك الذي انشاها |
لك معنى في النوح ليس يضاهى | وهي تاج للشعر في معناها |
قلتها للثواب والله يعطي الأ | جر فيها من قالها ورواها |
مظهرا فضلهم بعزمة نفس | بلغت في ودادهم منتهاها |
فاستمعها من شاعر (علوي) | (حسني)في فضله لا يضاهى |
سادة الخلق قومه غير شك | ثم بطحاء مكة مأواها |
هي للقبيل عقيلة | ومليكة هي للعقول |
هي للنبي وللوصي | وللزكي وللقتيل |
مقرونة في عصمة | عنكل مذموم وبيل |
هي لبوة نبوية | مجوبة في خير غيل |
سكن لحيدرة وحي | درة هزبر للرسول |
من ذين قرت عيشه | في مشبلين وفي شبول |
كفوين من نسب قصير | مستنير مستطيل |
بحرين ملتقيين ليس | لكل بحر من عديل |
كل يفيض معينه | بعذوبة من سلسبيل |
جلت حليلة حيدر | و لم يكنه عن حليل |
سبقت بحلبة كل فضل | كل ذي فضل نبيل |
صعدت محلقة فصو | ب كل عقل للنزول |
وصلت لحد لم يصله | كل ذي شرف جليل |
هي رحمة للمسلمين | ورحمة للمستنيل |
وشفيعة مرضية | لله في يوم مهول |
شخصت به مقل وفر | به خليل عن خليل |
هل غير بنت محمد: | للخلق من ظل ظليل |
الشيخ مغامس الحلي
توهجت الحوزة النجفية في دور تأسيسها الثالث على يد المقدس الاردبيلي (ره) المتوفى سنة 993 هـ، بعد أفول المدرسة الحلية التي أسسها المحقق الحلي. واستمرت حتى وفاة فخر المحققين ابن العلامة الحلي سنة 771 هـ وطبيعي لم تتوقف المدرسة الحلية عن الابداع بل استمرت عطاءاتها الفقهية لتضيف إلى نشاطاتها العلمية ابداعاً أدبياً رائعاً إمتلك الحس الفقهي وأضاف إلى مهمته العلمية مهمة أدبية تتصدى للدفاع عن المذهب ومبادئه الحقة، فبرز فقهاء شعراء وظّفوا طاقاتهم الأدبية وملكاتهم العلمية لاثبات
إن أهم من مثّل هذه المدرسة الأدبية شاعرنا الفقيه الشيخ مغامس الحلي البحراني، كما عبّر عنه الشيخ عبد الوهاب بن الشيخ محمد علي الطريحي ـ أخو فخر الدين الطريحي صاحب المنتخب ـ فلقبّه بالبحراني، اشارة الى نزوحه من البحرين إلى الحلة لينتهل من مناهلها العلمية وليكون أحد علمائها المبرّزين، وقد عبّر عنه العلامة الاميني في غديره بأنه: خطيب أديب وابن خطيب أديب.
إن ما يميز شاعرنا هو التزامه بنهج "أدبي وعظي" فلم يتعرض خلال قصائده إلى الغزل أو التشبيب، ووصفه العلامة الشيخ محمد علي اليعقوبي بالورع قائلا: لم يتعرض في اوائل قصائده للغزل أو التشبيب أو سقت الطلول والاعطان والبكاء على الدمن ومنازل الاحباب كعادة غيره، مما يدل على أن الرجل كان يتورع عن ذكر ذلك كله، وانما يستهل قصائده بذكر الشيب ونعي الشباب، والوعظ والتحذير من الدنيا ومكرها، وتصرّف الليالي وغدرها ثم يتخلص إلى الرثاء(1).
توفي أواخر سنة 900 هـ، وترك قصائد في الوعظ والارشاد ليتخلص إلى رثاء العترة الطاهرة والتي أبرزها مظلومية السيدة الزهراء التي جعلها عنواناً لمظلومية الآل الطيبين.
____________
1- راجع في ترجمته البابليات للشيخ محمد علي اليعقوبي 1: 132 دار البيان.
كيف السلو والخطوب تنوب | ومصائب الدنيا عليك تصوب |
إن البقاء على اختلاف طبايع | ورجاي أن ينجو الفتى لعجيب |
والدهر أطوار وليس لأهله | أن فكروا في حاله نصيب |
ليس اللبيب من استقر بعيشه | إن المفكر في الأمور لبيب |
يا غافلا والموت ليس بغافل | عش ما تشاء فانك المطلوب |
أبرزت لهوك إذ زمانك مقبل | زاه وإذ غصن الشباب رطيب |
فمن النصير من الخطوب إذ أنت | وعلا على شرخ الشباب مشيب |
عمل الفتى من علمه مكتوبة | حتى الممات وعمره مكتوب |
فتراه يكدح في المعاش ورزقه | في الخلق أحداث لها وخطوب |
من سُرفيها ساءه من صرفها | ريب له طول الزمان قريب |
عصفت بخير الخلق آل محمد | صر شآمية لها وصبوب |
أما النبي فخانه من قومه | في أقربيه محاكم وصحيب |
من بعد ما ردوا عليه وصاله | حتى كأن مقاله مكذوب |
ونسوا رعاية أحمد في حيدر | في "خم" وهو وزيره المصحوب |
فاقام فيهم برهة حتى قضى | في الفرض وهو بغضبهم مغضوب |
والطهر فاطمة زوى ميراثها | شر الانام ودمعها مسكوب |
من بعد ما رمت الجنين بضربة | فقضت وحقها مغصوب |
وسليلها الهادي سقته جعيدة | سماً له سبط الفؤاد لهيب |
وجرى من الجفن الغريق بمائه | دمع على قتل الحسين صبيب |
يا يومه ما كان أقبح منظراً | وأمر طعماً انه لعصيب |
بأبي الامام المستظام بكربلا. | يدعو وليس لما يقول مجيب |
بأبي الوحيد وماله من راحم | يشكو الظما والماء منه قريب |
بأبي الحبيب إلى النبي محمد | ومحمد عند الإله حبيب |
يا كربلا أفيك يقتل جهرة | سبط المطهر أن ذا لعجيب(1) |
إلى آخر القصيدة.
____________
1- المنتخب الطريحي للشيخ فخر الدين الطريحي: 292.
الحر العاملي
في القرن العاشر الهجري، ليس وحدها المدرسة النجفية قد احتلت مكانتها العلمية وذاع صيتها في افاق العالم الإسلامي، وليس المدرسة الحلية التي انتجتها المدرسة النجفية قد تألقت في الجانب الأدبي فضلا عن الجانب العلمي، فان مدرسة العامليين التي هي نتاج المدرستين والتي أسسها الشهيد الأول قد تربعت على قمة الابداع العلمي مثلما هي تتربع على قمة جبل عامل لتظل بعطاءها على مدرسة أهل الشام من جهة ومعاهد القدس من جهة أخرى، ثم تمتد إلى مصر الأزهر وجماعة الحرمين، فتُهيّمن على مدارس
هذه هي الحالة العلمية العاملية، عطاء زاخر وابداع مستمر، وإذا كانت المدرسة العاملية قد تعهدت في نشر علوم آل البيت (عليهم السلام) فانها تلتزم كذلك بالدفاع عن ثوابت المذهب وضروراته فالمدرسة العاملية تواجه خروقات فكرية كثيرة، وروادها كأهل الثغور يرابطون في تلك البلاد التي تفتح أفاقها على مدارس اسلامية أخرى، وإذا كان الأمر كذلك، فإن العامليين قد وطّنوا أنفسهم على التصدي للدفاع عن قضية آل البيت (عليهم السلام)، وكانت الوسيلة الاكثر تأثيراً في عصر توهّج فيه الأدب العربي كانت القصيدة الشعرية هي الرائدة في طليعة الدفاع عن حقوق آل البيت (عليهم السلام) ومظلوميتهم، ونبغ العامليون العاميون في الغرض الأدبي كما هو نبوغهم في العلوم الفقهية والأغرض الكلامية، وكان الحر العاملي في طليعة هؤلاء الذين بذلوا أنفسهم للدفاع عن حقوق آل البيت (عليهم السلام)وتشييد دعائم قضيتهم. ففي سنة 1033 هـ ولد الحر العاملي وسط أسرته العلمية التي ضمت والده العلامة الشيخ حسن وعمه الشيخ محمد وجده لأمه العلامة الشيخ عبد السلام بن محمد بن الحسين الحر، وقال والده الشيخ علي بن محمود المشغري العاملي. وهم أساتذته فيما بعد تتلمذ عليهم وأخذ منهم، ولم يقتصر على مشيخة أهله، فإن العلامة الشيخ زين الدين بن محمد بن الحسن بن الشهيد الثاني،
____________
1- راجع أمل الآمل للشيخ الحر العاملي.
وكما أن الحر العاملي قد أخذ عن جهابذة العلم في عصره، فإن عطاءه الزاخر قد ترجمه تلامذته اللذين هم بحق فحول عصرهم، ومنهم يستفاد مدى فضله وعظمته، فالعلامة الشيخ مصطفى بن عبد الواحد بن سيار الحويزي والعلامة الشيخ محمد رضا نجل المترجم له، والعلامة الشيخ حسن ولده الأخر والعلامة الشيخ محمد بن محمد باقر الحسيني الاعرجي المختاري، والعلامة السيد محمد بن محمد بديع الرضوي والمولى محمد فاضل بن محمد مهدي المشهدي، والعلامة محمد تقي بن عبد الوهاب الاسترابادي المشهدي والعلامة محمد تقي الدهخور أقاني، العلامة السيد محمد بن أحمد الحسيني الجيلاني إلى غير ذلك ممن لهم الأثر في تحقيق النهضة العلمية الإسلامية أنذاك، ولعل ما تركه من آثاره العلمية تدل على عظمته العلمية والأدبية واليك بعضها:
الجواهر السنية في الاحاديث القدسية.
الصحيفة الثانية السجادية.
وسائل الشيعة إلى تحصيل مسائل الشريفة، وهو أشهر كتبه بل أشهر كتب الحديث عند الشيعة أودع فيه أخبار الأحكام الشرعية.
فهرس وسائل الشيعة وسماه "من لا يحضره الامام".
كتاب اثبات الهداة بالنصوص والمعجزات.
كتاب الفصول المهمة في أصول الأئمة.
كتاب امل الأمل في علماء جبل عامل.
تنزيه المعصوم عن السهو والنسيان.
في اثبات وجوب صلاة الجمعة عيناً
نزهة الاسماء في الاجماع.
إلى غير ذلك من الكتب وقد بلغت أكثر من اثني وخمسين كتاباً
اشتهر بالنظم والشعر، وهو من المكثيرين، وأكثره في المسائل العلمية ومناقب العترة ومصائبهم والاخلاقيات(1).
ولعل ارجوزته في السيدة الزهراء (عليها السلام) تُنبئك عن شاعريته وذوقه الأدبي.
أرخ في أرجوزته هذه حياة السيدة الزهراء (عليها السلام) وما جرى عليها من المصائب ولعل مقطوعته الأدبية هذه تعتبر من أهم الوثائق التاريخية التي تثبت ما جرى على آل البيت (عليهم السلام) عموماً والسيدة الزهراء خصوصاً.
____________
1- راجع فى ذلك سجع البلابل في ترجمة صاحب الوسائل للسيد شهاب الدين المرعشي مقدمة لكتاب اثبات الهداة للحر العاملي دار الكتب الإسلامية طهران.
فقد صدرت المقطوعة عن احاسيسه الناشئة عن مسلّماته في هذا المجال، فان الفقيه لا يعقد فصلا أدبياً خاصاً وينشأ قصيدته لترف ثقافي، وانما هو التكليف الشرعي الذي يقدمه على أساس اطروحته الأدبية فالذي يسوّغ لنا الأخذ بما في كتاب "وسائل الشيعة" سوّغ لنا الأخذ بما جرى على السيده الزهراء (عليها السلام) عن طريق الحر العاملي، فانها شهادة ترقى إلى الحس والمشاهدة والوجدان.
وولدت فاطمة الزهراء | البضعة الزكية الحوراء |
بمكة الغراء يوم الجمعة | في ملك يزدجر مبدى السمعه |
وذاك قبل رجب بعشر | وقيل قبله بنصف شهر |
لخمس من مبعث النبي | المصطفى المكرّم الزكي |
وقد رووا فما لقونا قبله | بخمسة ومن رواه أبله |
وعند هذا عمرها عشرونا | ثم ثماني كملت سنينا |
وفيهما عشر سنين خلف | والخبر الأخير فيه ضعف |
جاءت كمريم ومن لمريما | بما حوت من منتم ومنتهى |
بنت النبي المصطفى المختار | أم الهداة السادة الأبرار |
زاهدة عابدة عليمة | تقية نقية كريمة |
أما المدايح التي جاءت لها | وقد أبانت فضلها ونبلها |
فهي كثيرة فليست تحصى | ولو بذلت الجهد أو تستقصى |
من الإله والنبي وعلي | وولده في فضل بنت المرسل |
معصومة تأت عن الذنوب | برية من جملة العيوب |
من أهل بيت المصطفى بالنص | قد برعت بفضلها المختص |
وشاركت يوم الكساء والعبا | في المجد بعلا وبنين وأبا |
وهي لعمري أمجد الأنام | وأشرف الاماجد الكرام |
من كأبيها بين آباء الورى | ومثل مجد بعلها ليس يرى |
وولدها ناهيك من أولاد | أزكى العباد أشرف العبّاد |
لو فاخرت لم تر من مفاخر | يقدر أن يفوه بالمفاخر |
من ذا الذي يفاخر البتولا | ومن حوى كما حوت تفضيلا |
يؤذي النبي كل ما يؤذيها | نصٌ جليلٌ فدع التمويها |
طلقت الدنيا كفعل بعلها | واشتغلت عنها بحسن فعلها |
لا تعرف اللذات والتنعما | والحلى واللبس علا وكرما |
وقولها دون النساء حجة | يوضح للمسترشد المحجة |
أنصح أهل دهرها وأبلغ | ونعمة الله عليها أسبغ |
مامن علا وشرف إلاّ لها | قد أعطيت كمالها كمالها |
مظلومة صابرة محتسبة | إلى الكمال والعلى منتسبة |
قد صبرت طوعاً على أذاها | واستبشرت بالموت إذ أتاها |
ومثلها من الممات يجزع | إذ هي في سن الشباب ترتع |
جاء إلى خديجة إذ ولدت | أربعة من النساء قد بدت |
فيهن مريم البتول العذرا | إذ النساء قد أرتها هجرا |
قلن لها اخترت اليتيم المعدما | قالت بل المعظم المكرما |
تقبلتها مريم لما أتت | ناهيك من فضيلة قد ثبتت |
وجاءها من بعدها اثنتا عشر | حوراء قد فقن محاسن البشر |
غسلن فاطماً بماء الجنة | فكان مما تتقيه جنة |
ألقابها البتول والزهراء | والطهر والصديقة الحوراء |
سيدة النساء والمباركة | ليست بفضل مجدها مشاركة |
وبضعة طاهرة زكية | رضية زاكية مرضية |
عديلة لمريم محدّثة | لكل مجد وعُلى مورّثة |
وقد روت كنيتها أم أيمنا | أم الأئمة الهداة الأمنا |
أم الحسين المجتبى أم الحسن | فاسمع إلى جمع وتعداد حسن |
خص بها من دون غيره على | لقد غدا له بها فخر على |
وفخرها به لعمري أعظم | وما عسى في مثل هذا ينظم |
خطبها أكابر الصحابة | كلٌ دعا السعد فما أجابه |
وكم لقد عودي فيها وحسد | ممن أرادها سواه واضطهد |
نسبها أعرف من أن يذكرا | فقد غدا من كل شيء أشهرا |
وكان عمرها من الاعوام | ثمان عشر ومن الايام |
خمسة عشر في حديث صدقه | وقول من تبعه وصدّقه |
وقيل بل تزيد أيضاً عشرا | من السنين قيل بل وأخرى |
ثمان أعوام قبيل الهجره | وبعد ذاك مع أبيها عشره |
وبعدها مختلف كم يومها | عاشت فدع عنك المرا واللوّما |
خمسٌ وسبعون وأربعونا | خمسٌ وتسعون أو التسعونا |
أو نصف حول فاعتبر أقوالهم | وانظر وحقق أيها أقوى لهم |
وانظر إلى ميلادهم ثم احسب | ثم أجبر النفس وتمم نصب |
وليها الله الذي زوجها | بالمرتضى وبالتقى توجها |
فيا لها من شاهد بفضلها | وفضل خير الاوصياء بعلها |
لم يتول الله تزويج أحد | من خلقه إلاّ ثلاثة فقد |
تزويج آدم بحوا امته | وزينب من النبي خيرته |
وفاطم الزهراء بالامام | خير الانام كاسر الاصنام |
أولادها الخمس الحسين والحسن | وزينبٌ من أم كلثوم أسن |
وأسقطت بمحسن يوم عمر | وفتحه الباب كما قد اشتهر |
ونالها بعد النبي إذ مضى | وانقاد طوعاً راضيا عن القضا |
لذاك ما يوجع كل قلب | ويستهان منه كل خطب |
حزن وذل واضطهاد ظالم | ووحشة لاحت على العالم |
إذ منعت مما أبوها قد ترك | وزادها غصب العوالي وفدك |
وقيل إن ابن أبي قحافه | لما أتته ترتجي انصافه |