الصفحة 127
ثم أقامت الشهود كتبالها كتاباً شافياً وما أبى
ثم رآها في طريقها عمرفأخذ الكتاب منها وبقر
قالت بقرتها الإله يبقريطنك فاستهون ذاك عمر
فانظر إلى دعائها المجابما دونه لله من حجاب
وفاتها في صحبة الاثنينثالث شهر جاءها بالبين
وهو جمادي الثان من بعد عشرسنين من هجرة سيد البشر
سببه قيل حضور الأجلوقيل من ضربة ذاك الرجل(1)
إذ سقطت لوقتها جنينهاولم تزل تبدى له أنينها
وقيل في حادي وعشري رجبتوفيت نجيبة المنتجب
ودفنها ليلا له أسبابوليس في ثبوته ارتياب(2)

إلى آخر ارجوزته الشريفة.

____________

1- لا يعني من لفظه "قيل" تضعيفه للقول أو إشعاره بتردده أن شهادتها صلوات الله عليها كانت من ضربة الرجل، كيف وقد قال قبل قليل:

وأسقطت بمحسن يوم عمروفتحه الباب كما قد اشتهر

ثم يأتي البيت الذي يتلو كلمة لفظة "قيل" قوله:

إذ سقطت لوقتها جنينهاولم تزل تبدي له حنينها

بل أكد أن الاسقاط هو قول المشهور وموافقته للمشهور غير خفية. فلاحظ.

2- تراجم أعلام النساء للعلامة الشيخ محمد حسين الاعلمي الحائري 2: 313 وما يعدها.


الصفحة 128

آية الله
الحجة السيد مهدي بحر العلوم

إذا كان المرء ينتسب الى قرن من الزمان، فان السيد بحر العلوم ينتسب اليه الزمان، وإذا كان أحد ينتسب إلى مدرسة تحقيقية تعريفاً، فان السيد بحر العلوم تنتسب اليه المدارس التحقيقية تخليداً.

في حدودِ العقد السادسِ من القرن الهجري الثاني عشر، ينهضُ السيد مهدي بحر العلوم بأعباء زعامةِ الحوزة العلمية، وفي خضمِّ مهامه القياديةِ يبعثُ النهضة العلمية النجفية لتُهيّمن بتجديداتها على كافة المدارس

الصفحة 129
الإسلامية، وتخضع لها حواضر الأمة الإسلامية العلمية على مختلف مذاهبها، فتأخذ الحاضرة العلمية النجفية قِيادَ التجديد، وزِمامَ مبادرةِ النهضة لتشمل تلك المدارس الأدبيةِ التي باتت ناطقاً باسم التشكيلة السياسية أو العقائدية المنتمية اليها، والمدرسة الأدبية الامامية تُشكّل النهضة الرشيدة في مجال الاصلاح، فالأدب العربي يمر بانتكاساته الفكرية، ويصّير إلى غرض فني يتسلى به الشاعر، وتُترفُ به المناسبات والمحافل، وتحيل التوجهات السياسية أغراض الأدب وأهدافه، إلى مغامرات فكرية تثقيفية تتقلبُ عندها موازناتُ التاريخِ، وتُمسخُ الاحداث الإسلامية الى وحدات قصصية فارغة المحتوى مجرّدةَ الهدف، والأدبُ الملتزم ينحسرُ مَدّهُ إلى حيث الزوايا الخافتة التي لن تنالها سطوة الانظمة الحاكمة، وفي جو هذا الارهاب الفكري ينطلق الأدب الملتزم من عقالِ لتبعثه الحوزة العلمية أدباً اصلاحياً، ومحاولات تجديدية يقودها السيد بحر العلوم، ويترجم وجهات نظر الطائفة الإمامية ومبتنياتها العقائدية بأروع مقطوعات أدبية، وكأن قصائده الشعرية كانت إيذاناً ببدء عهد أدبي جديد تتم فيه قراءة التاريخ وتُستقرأ أحداثه، وكانت لمأساة الزهراء (عليها السلام) أثرا كبيراً في تحريك هذا الجو الفكري الراكد الذي اعتاد على تقليدية مجريات التاريخ الحاكمي، وسيكون الحديث عن هذه المأساة نقطة التحول في تجديد ادراك الأمة وتفهمها لذاتها الضائعة في خضم هذا التيه الفكري.

كتب صاحب الاعيان ترجمته بقوله(1).

السيد مهدي ويقال مهدي ابن السيد مرتضى بن السيد محمد الحسيني

____________

1- راجع في ترجمته أعيان الشيعة للسيد محسن الأمين 10: 158.


الصفحة 130
البروجردي المعروف ببحر العلوم الطباطبائي من نسل ابراهيم الملقب "طباطبا" من ذرية الحسن المثنى.

ولد بكربلاء ليلة الجمعة في شوال سنة 1155 وتوفي بالنجف الغروي سنة 1212 هـ ودفن قريباً من قبر الشيخ الطوسي وقبره مشهور.

قرأ على أبيه وعلى الشيخ يوسف البحراني وعلى الوحيد البهبهاني الأغا محمد باقر وهو أبرز أساتيذه وعلى الشيخ مهدي الفتوني العاملي والشيخ محمد تقي الدروقي.

تلمذ عليه جماعة منهم الشيخ جعفر صاحب كشف الغطاء والسيد جواد صاحب مفتاح الكرامة وابن عمه السيد حسين ابن السيد أبي الحسن موسى الحسيني العاملي والشيخ عبد النبي القزويني وغيرهم من مؤلفاته: 1 ـ المصابيح في الفقه ثلاثة مجلدات، 2 ـ الفوائد في الاصول، 3 ـ مشكاة الهداية لم يخرج منه الا الطهارة، 4 ـ كتاب الرجال، 5 ـ الدرة النجفية ارجوزته المشهورة، 6 ـ رسالة في العصير العنبي، 7 ـ رسالة في العصير الزبيبي، 8 ـ رسالة في معرفة الباري تعالى، 9 ـ شرح الوافية، 10 ـ ورسالة مناظرته ليهود في ذي الكفل، 11 ـ تحفة الكرام في تاريخ مكة وبيت الله الحرام، 12 ـ مناسك الحج.. إلى آخر مؤلفاته وقد بلغت أكثر من عشرين مؤلفاً.


الصفحة 131
[16] قال في قصيدة رداً على مروان بن أبي حفصة وقد ذم فيها علياً (عليه السلام)، وخلص فيها إلى مأساة الزهراء (عليها السلام) واسقاط المحسن فقال:

ألا عدِّ عن ذكرى بثينة أو جهلفما ذكرها عندي يمرُ ولا يحلي
ولا أطربتني البيض غير صحائفمحبرة بالفضل ما برحت شغلي

إلى قوله:

عليٌ أبونا كان كالطهر جدناله ماله إلاّ النبوة من فضل
وذو الفضل محسود لذي الجهل والعمىلذا حسد الهادي النبي أبوجهل

ثم يقول:

وزوّجه المختار بضعته ومالها غيره في الناس من كفو عدل
و أنّ إله العرش ربَّ العلى قضىبذا وتولى الأمر والعقد من قبلي
وكم خاطب قد ردَّ فيها ولم يجبوكم طالب صهراً وما كان بالأهل
ولولا علي ما استجيبت لخاطبولا كانت الزهراء تزفُ إلى بعل


الصفحة 132
فأعظم بزوجين الاله ارتضاهماجليلين جلا عن شبيه وعن مثل

إلى قوله:

وما ضرّ شأن المرتضى ظلمهم لهولا فلتة منهم وشورى ذوي خذل
ولا ضره جهل ابن قيس وقد هوىودلاه ابن العاص في المدحض الزل
وقد بان عجز الاشعري وضعفهوما كان بالمرضي والحكم العدل
نهاهم عن التحكيم والحكم بالهوىفلم ينتهوا حتى رأوا آية الجهل
أيعزل منصوب الإله بعزلهمإذا فلهم عزل النبيين والرسل
وما شأن شأن المجتبى سبط أحمدمصالحة الباغي الغوي على ذحل
فقد صالح المختار من صالح ابنهوصد عن البيت الحرام إلى الحل
وقد قال في السبطين قولا جهلتممعانيه لكن قد وعاه ذوو الفضل


الصفحة 133
امامان ان قاما وان قعدا فمايضرهما خذلان منهم بالخذل
لئن كنتم أنكرتم حسن ما أتىبه الحسن الاخلاف والخيم والعقل
لفي مثلها ذم الذميم محمداعلى صلحه كفار مكة من قبل
ولولاهم ما كان شورى ونعثلولا جهل والقاسطون ذو الدخل
ولا كان مخضوباً علي بضربةلأشقى الانام الكافر الفاجر الوغل
ولا سيئت الزهراء ولا ابتز حقهاولا دفنت سرا ولا يقتل الطفل
ولا جنح السبط الزكي ابن أحمدلسلم ابن حرب حرب كل أخي فضل
ولا كان بالطف الحسين مجدلاولا رأسه للشام يهدى الى النزل
زعمتم بني العباس عقدة أمرهاوما صلحوا للعقد يوما ولا الحل


الصفحة 134
وجدهم قد كان أفضل منهمفلا دخل الشورى ولا عد للفضل
لقد ظلموا العباس ان كان أهلهاوان لم يكن أهلا فما الولد بالأهل
فما بالكم صيّرتموها لولدهوأثبتوا للفرع ما ليس للاصل


الصفحة 135

الحسن بن علي الهبل اليماني
أمير شعراء اليمن

لم تكن اليمن الإسلامية قد انعزلتْ عن تاريخ أمتها وواقعها، بل عاشت اليمنُ في خضمِّ هذا التاريخ الهائج بالوقائع، والمائج بالأحداث، ولم تكن اليمنُ قد ابتعدت عن التاريخ الإسلامي الذي استعرض واقعَ الأمةِ المتمثل في حياة رجالها الذين مثّلوا حقبة زمنية تاريخية مهمة، فقد جمعت هذه الفترات جميع التيارات الاسلامية المختلفة وقدّمت صوراً متناقضة مهمة في المواقف، متغايرةً في الاتجاه، واستطاعت الأمة من خلال ذلك أن تقوم بعملية فرز

الصفحة 136
رشيدة تحكي عن وعيها ونضوجها ليس على المستوى الديني فحسب بل على المستوى الاخلاقي الناضج والانساني الرشيد، ولم تكن الأمة أن تحيد عن هذه الملحمة الفاضلة، لولا الظروف السياسية الحاكمية التي تسحق كل مبادئها الجليلة وتتعدى لتخترق مرتكزاتها التاريخية، بل تتسلل في الخفاء لتجُهِزَ على كل مبتنياتها ومسلماتها. هكذا كانت اليمن، فمن بحبوحة ولاء لآل البيت الاطهار (عليهم السلام) إلى ميدان هائج بالافكار الخليطة والآراء الهجينة فرضتها هذه الظروف السياسية المتسلطة على اليمن الإسلامي يوم كانت من أهم مناطق الولاء العلوي، ولم يكن الشعب اليمني بعيداً عن هذه المؤامرات التي تستهدف مبادءه وأصوله، بل كان اليمنيون قوامون على عقيدتهم أحرار في مبادئهم وتوجهاتهم، لذا فان أمير شعرائهم "الحسن بن علي المعروف بالهبل اليمني" قد مثّل شريحة اليمن الواعية، ومجاميع أمتها المؤمنة وكان لسان حال هذا الجمهور الرافض لكل التوجهات الخارجة عن اطار آل البيت (عليهم السلام)، والمستهدفة لتاريخها المجيد وخطها المشرق.

كانت قراءة أمير شعراء اليمن الواعية للتاريخ الإسلامي قد أنجبت مشاريع أدبية واعية تمثّل وعي الأمة اليمنية ونضوجها في معرفة مجريات الحدث الإسلامي، فقراءة لمقطوعاته الفاطمية تُعطي صورة واضحة عن تمسّك اليمن الإسلامي بقضية آل البيت (عليهم السلام) وحقوقهم المهتضمة، وتنعى على التاريخ المبرمج الذي حاول اخفاء هذه الحقائق الجلية، فخرجت من بين هذا وذاك ما سطّرته ملحمة يمنية واحدة فقط تمثّل شريحة الأمة الواعية، وتندد بالمحاولات التثقيفية المبرمجة التي حاولت ابعاد الأمة اليمنية عن الواقع الإسلامي الرشيد.


الصفحة 137
[17] قال في احدى ملاحمه الأدبية:

ملكتم فؤاداً ليس يدخله العدل،فذكر سواكم كلّما مر لا يحلو
يؤنبني في حبكم كل فارغولي بهواكم عن ملامتهم شغل
وماذا عسى تجدي الملامةُ في الوىلمن لا له في الحب لب ولا عقل؟

لئن فرضوا مني السلو جهالة،فحبكم عندي، هو الفرض والنفل،
أأسلو ولا صبغ المشيب بعارضييلوح، ولا صبغ الشبيبة منحل؟

ولو في سواكم "أهل بيت محمد"غرامي لكان العذل عندي هو العدل،
حملت هواكم في زمان شبيبتي،وقد كنت طفلا والغرام بكم طفل،
فيا عاذلي في حب آل محمدرويدك إنّي عنهم قطّ لا أسلو،
أأسلو هوى قوم قضى باجتبائهم،وتفضيلهم بين الورى العقل والنقل،


الصفحة 138
أُولئِك أبناء النبي محمد،فقل ما تشا فيهم، فإنك لا تغلو،
فروع تسامت، أصلها سيد الورى،و"حيدرة"، يا حبذا الفرع والأصل،
تفانوا على إظهار دين أبيهمكراماً، ولا جبن لديهم، ولا بخل،
إلى الله أشكو عصبة قد تحاملواعليهم، ودانوا بالأباطيل واعتلوا،
يرومون إطفاءً لأنوارِ فضلهم،وما برحت أنوار فضلهم تعلو
هموغصبوا حق الوصي جهالةوما جهلوا ما فيه لكنهم ضلوا
وهم أَنكروا في شأنه بعد "أحمد"من النص أمراً ليس ينكره العقل،
وقد نوه "المختار" "طه" بذكرهوقال لهم: هذا الخليفة والأهل!

وولاهُ في يوم "الغدير" ولايةًعلى الخلق طرَّا ماله أبداً عزل،


الصفحة 139
ونص عليه بالامامة دونهم.،ولو لم يكن نصا لقدمه الفضل،
أليس أخاه، والمواسي بنفسهإذا ما التقى يوم الوغى الخيل والرجل؟

أما كان أدناهم إليه قرابةً،وأكثرهم علماً، إذا عظم الجهل؟

"أما كان أوفاهم إذا قال ـ ذمة،وأعظمهم حلماً، إذا زلت النعل"؟

وأفصحهم عند التلاحي، وخيرهمنوالا إذا ما شيم ناثله الجزل،
يحجون "أنصار" الإله: بأنناقرابته، منا به اتصل الحبل،
وهل كانت "الأصحاب أدنى قرابة،وأقرب رحما لو عقلتم؟ أم الأهل؟

وهم أخذوا بعد النبي محمدمن "ابنته" ما كان أنحلها قبل!

تمالوا عليها غاصبين لحقهاوقالوا: معاذ الله أن تورث الرسل!


الصفحة 140
وحكمهم لا شك في ذاك باطل،وكيف يصح الفرع والأصل مختل؟

أليس أمير المؤمنين هو الذيله دونهم في ذلك العقد والحلُ؟

وهم قتلوا من آل أحمد سادةًكراماً بهم يستدفع الضر والأزل!

سقوا كل أرض من دماء رقابهموشيعتهم، حتى ارتوى الحزن والسهل،
فصبراً "بني المختار، إنّ أمامنالموقف عدل عنده يقع الفصل،
وعندي لمن عاداكم نصل مقولإذا ما انبرى يوماً يحاذره النصل(1)

[18] وقال أيضاً:

أيغنيك دمع أنت في الربع ساكبهوقد رحلت غزلانه ورباربه؟

تهون أمر الحب، مدعيا له..؟وما الحب أهل أن يهون جانبه!؟

____________

1- ديوان الهبل أمير شعراء اليمن تحقيق أحمد بن محمد الشامي الدار اليمنية للنشر والتوزيع.


الصفحة 141
لكل محب كأس هجر، وفرقة،فإن تصدق الدعوى فإنك شاربه،
عجبت لصب يستلذ معاشه،وقد ذهبت أحبابه وحبائبه!

فلا حب مهما لم يبت وهو في الهوىقريح المآقي ذاهل القلب ذاهبه،
"ومكتئب يشكو الزمان وقد غدتمشارقه مسلوكةً ومغاربه"،
وملتزم الأوطان يشكو همومه،وقد ضمنت تفريجهن ركائبه،
فشق أديم الخافقين مجرداًمن العزم سيفاً لا تكل مضاربه،
وحسبك أدراع من الصبر، إنهالتحمد في جلى الخطوب عواقبه،
فأي لئيم ما الزمان مسالمله، وكريم ما الزمان محاربه؟

فلا كان من دهر به قد تسودتعلى الأسد في آجامهن ثعالبه،


الصفحة 142
كفى بالنبي المصطفى وبآله،فهل بعدهم تصفو لحر مشاربه؟

دعا كل باغ في الأنام ومعتدإلى حربهم، والدهر جم عجائبه،
فكم غادر أبدى السخائم واغتدتتنوشهم أظفاره ومخالبه،
سيلقون يوم الحشر غب فعالهم،وكل امرء يجزى بما هو كاسبه،
أهين "أبو السبطين" فيهم و "فاطم"،وأهمل من حق القرابة واجبه،
تجاروا على ظلم "الوصي"، وربماتجارى على الرحمن من لا يراقبه،
ولم يرجعوا ميراث بنت "محمد"،وقد يرجع المغصوب من هو غاصبه،
فما كان أدنى ما أذوها، بأخذ ماأبوها لها دون البرية واهبه،
أقاموا ابا بكر اماماً وزحزحتإلى الناس عن آل النبي مناصبه


الصفحة 143
أما لو درى "يوم السقيفة" ما جنىلشابت من الأمر الفظيع ذوائبه،
أغير "علي" كان بعد "محمد"له كاهل المجد الأثيل وغاربه؟

ومن بعد "طه" كان أولى بإرثهأأصحابه؟ قولوا لنا: أم أقاربه؟

وشتان بين البيعتين لمنصف..إذا أُعطي الإنصاف من هو طالبه،
فبيعة هذا أحكم الله عقدها،وبيعة ذاكم، فلتة قال صاحبه..،
فلا تدعوا إجماع أمة "أحمد"فأكثر ممن شاهد الأمر غائبه،
وقام دِلام بعدهُ غير نازلعن المركب الصعب الذي هو راكبه
وقام ابن عفّان يجرّ ذيولهافأوّدت به أحداثه ومثالبه
وقام "ابن حرب" بعدهم فتضعضعت، قوى الدين، وانهدت لذاك جوانبه،
فقاد إلى حرب "الوصي" كتائباًولم تغنه عند النزال كتائبه،


الصفحة 144
وما زال حتى جرع "الحسن" الردى،ودبت إليه بالسموم عقاربه،
وما أنس لا أنس الشهيد "بكربلاء"،وهيهات، إني ما حييت لنادبه،!

سبوا بعد قتل "ابن النبي" حريمه..وما بليت تحت التراب ترائبه!؟

وبات "يزيد" في سرور، ولو درىبما قد جرى قامت عليه نوادبه،
وحسبك من "زيد" فخاراً وسؤدداًتزاحم هامات النجوم مناكبه،
مضى في رجال صالحين تحكمت..عوالي "هشام" فيهم وقواضبه،
و "يحي بن زيد" جللوه بقسطلمن النفع تهمي بالمنون سحائبه..

وصاحب "فخ" صبحته وقومهعساكر "موسى" جهرة وعصائبه،
وكم قتلوا من آل "أحمد" سيداً،إماماً زكت أعراقه ومناقبه،


الصفحة 145
فلم لا تمور الأرض حزناً؟ وكيف لامن الفلك الدوار تهوي كواكبه؟

وكل مصاب نال آل "محمد"فليس سوى يوم "السقيفة" جالبه،
فقل لأخي تيم وصاحبه ألارويد كمالن يعجز الله هاربه
أيبطل ذحل والنبي وليه؟ويهمل وتر.. والمهيمن طالبه!؟

فهذا اعتقادي ما حييت، ومذهبيإذا اضطربت "بالناصبي" مذاهبه.

[19] وله أيضاً:

قد آن أن تلوي العنان وتقصراأوما كفاك الشيب ويحك منذرا؟

كم ذا يعيد لك الصبا مر الصبامهما سرى، والبرق وهنا إن شرى؟

حتما لا ينفك قلبك دائماًلهوى الغواني مورداً، أو مصدرا؟

والام يعذلك المناصح مشفقاًفتقول: دعني ليس إلا ما ترى؟


الصفحة 146
وإلى متى تزداد من مقل الظباوخدودهن تدلها، وتحيرا..؟

ولكم تذوب تشوقاً، وصبابةًوتظل تجري من عيونك أنهرا؟

أضحى "حديث غدير" دمعك شهرةًيحكي "حديث غدير خم" في الورى.!

أكرم به من منزل في ظلهنصب المهيمن للامامة "حيدرا"!

نص "النبي" بها إذا عن أمرهفي "حيدر" نصا جليَّا نيرا.،
إذ قام في لفح الهجيرة رافعاًيده، لأمر ما، أقام وهجرا..!

صنو النبي "محمد"، ووصيه،وأبو سليليه "شبير" و "شبرا"،
من ذا سواهُ من البرية كلّهازكى بخاتمه، ومد الخنصرا؟

من غيره ردت له شمس الضحى،وكفاه فضلا في الأنام، ومفخرا؟


الصفحة 147
من قام في ذات الإله مجاهداً،ولحصد أعداءِ الإله مشمرا.؟

من نام فوق فراش "طه" غيرهمزملا في بردِهِ مدثرا..؟

من قط في "بدر" رؤوس حماتهاحتى علا بدر اليقين، وأسفرا؟

من قد في "أحد" ورود كماتهاإذ قهر الأسد الكمي، وأدبرا؟

من في "حنين" كان ليث نزالهاوالصيد قد رجعت هناك إلى الورى؟

من كان فاتح "خيبر" إذ أدبرتعنها "الثلاثة" سل بلالك "خيبرا"؟

من ذا بها المختار أعطاه "اللّوا"هل كان ذلك "حيدراً"؟ أم "حبترا"؟

أفهل بقى عذر لمن عرف الهدىثم انثنى عن نهجه، وتغيرا.؟

لا يبعد الرحمن إلا عصبةضلت، وأخطأت السبيل الأنورا!


الصفحة 148
نبذوا كتاب الله خلف ظهورهم،ليخالفوا النص الجلي الأظهرا،
والله لو تركوا "الإمامة" حيثماجعلت لما قرعت "أمية" منبرا!

بل أهملوا نص الولاية وأرتدواحلل الأمامة نخوة وتجبرا
واحتال في يوم الخميس دلامهمفي دفع تأكيد الوصاية واجترا
إذ قال جهلا أنما هو هاجرحاشى لعقل محمد أن يهجرا
تباً لكم أكذا يقال لأحمدَحاشاه من ذاك الكلام المفترا
يا جاهلا ما احدثوا في الدين سليوم السقيفة ما الذي فيه جرا
نقضوا العهود وأخروا من قدم الــهادي النبي وقدموا من أخرا
سلبوا الوصيَّ من الأمامة قابهرَدَّاه خير المرسلين وأزرا