الصفحة 149
جعلوه "رابعهم" وكان مقدماًفيهم، ومأموراً، وكان مؤمرا،
وتعمدوا من غصب نحلة "فاطم"،وسهامها الموروث أمراً منكرا!

يا من يريد الحق، أنصت واستمعقولي، وكن أبداً له متدبرا،
إربأ بنفسك، أن تضل عن الهدى،وتظل في تيه الهوى متحيرا،
أنا ناصح لك، إن قبلت نصيحتي،خل الضلال، وخذ بحجزة "حيدرا"،
من لم يكن يأتي الصراط لدى القضا"بجوازه" من "حيدر"، لن يعبرا!

"واليته"، و "برئت" من أعدائه،إذ، "لا ولاء" يكون من دون "البرا"!

قل، "للنواصب": قد منيتم من شبافكري بمشحوذ الجوانب، أبترا،
كم ذا.. إلى أبناء "أحمد" لم يزل..ظلماً يدب ضريركم دب الضرى؟


الصفحة 150
أنا من أبا.. لي بغض آل محمدمجد أناف على منيفات الذرى!

أخوالي الغر الأكارم "هاشم"وإذا ذكرت الأصل، أذكر "حميرا"،
غرس نما في المجدِ، أورق غصنهبواداد أبناء النبي، وأثمرا..!

شرفي العظيم، ومفخري، أنّي لهمعبد، وحق بمثل ذا.. أن أفخرا.!

لن يعتريني في اقتفاء طريقهمريب يصد عن اليقين ولا امترى..

هذي عقيدتي التي ألقى بهاريب الأنام إذا أتيت المحشرا.!

إني رجوت رضى الإله بحبهم،وجعلته لي عندهم أقوى العرى
يا أيها الغادي المجد بجسرةيطوي السباسب رائحاً ومبكرا،
جز بالغري، مسلماً متواضعاً،ولحر وجهك في ثراه معفرا،
حيث الإمـامـة، والوصـاية، والـوزارة، والـهدى، لا شك فيه ولا مـرا،


الصفحة 151
والمم بقبر فيه سيدة النسا،بأبي وأمي، ما أبر وأطهرا!

قبّل ثراها عن محب قلبه..ما انفك جاحم حزنه متسعرا،
متلهف غضبان مما نالها،لا يستطيع تجلّداً، وتصبرا،
ذهبت بنحلتها البغاةُ واظهرواسراً لعمري كان قدماً مضمرا
وأفض إلى نجل النبي محمد،والسبط من ريحانته الأكبرا،
من طلّق الدنيا ثلاثاً، واغتدىللضرة الأخرى عليها مؤثرا،
مستلماً، إذ خانه أصحابه،وعراه من خذلانهم، ما قد عرا..

واستعجل الرحمن "ابن هند" موته،فسقاه كأساً للمنية أعفرا..

وقل التحية من "سميّك" من غدابكم يرجي ذنبه أن يغفرا،
و "بكربلا" عرج، فإن "بكربلا"رمماً منعن عيوننا طعم الكرى،


الصفحة 152
حيث الّذي حزنت لمصرعه السما،وبكت لمقتله نجيعاً أحمرا..!

فإذا بلغت السؤل من هذا وذا،وقضيت حقّا للزيارة أكبرا،
عج "بالكناسة" باكياً لمصارعغر تذوب لها النفوس تحسرا،
مهما نسيت فلست أنسى مصرعاً"لأبي الحسين" الدهر حتى أقبرا!

[20] وله أيضاً:

إن قيل: من خير الورىبعد النبي المرسل؟

ومن المواسي، والمواخي، والموالي، والولي؟

ومن الذي في الروع عنأعدائه لم ينكل؟

إن قيل: من ذا حاز هدي المكرمات؟ فقل: "علي"،
خير البرية، و "الإمام" البر، بالنص الجلي،
قد نصها فيه "رسول الله"، عن أمر العلي،
"يوم الغدير"بمحفل،أعظم به من محفل،!

فثنته عنها عصبةً،جاءت بأمر معضل،
وأتت بشنعاء المخازي عارها لا يُغسل


الصفحة 153
وتعاتقت ظلما علىتقديم غير الأفضل
إني لأبرىء من عتييق والدلام ونعثل
يا رب بوِّئهم غداًدرك الجحيم الاسفل

[21] وقال أيضاً:

من ترى غير "علي"كان صنواً للنبي؟

من ترى، من بعدخير الأنبيا... خير وصي؟

من ترى، فاز "بخم"بالفخار الأبدي؟

من ترى ولاه خيرالرسل عن أمر العليِّ
من ترى، كان إمامالخلق بالنص الجلّيِّ؟

من ترى، السابق فيدين القديم الأزلي؟

من ترى قاتل عمرو،ذي الثبات العامري؟

من ترى آسر عمرو،عند إحجام الكمي
من ترى ردت له الشمسفتىً... غير علي؟

من تراه.. حاط دين"المصطفى" بالمشرفي؟

أبه الملّة حيطت؟أم "بتيم" و "عدي"؟

قل لنا، فالأمرإن أنصفتنا.. غير خفي..،


الصفحة 154

الصفحة 155

الشيخ
كاظم الأزري

كانت بغداد الأدبية تعج بثقافات اسلامية وغير اسلامية، شاركت في تأسيس الحاضرة الأدبية البغدادية، وتشكّلت من هذه الاتجاهات الأدبية المتعددة رؤية أدبية بغدادية غير واضحة، ولعل فيها من عدم الالتزام ما عبّر عن ظرفها الاجتماعي والسياسي المعاش يوم ذاك وقدّم على أساس ذلك أخلاقياته وتوجهاته.

في خضم هذه التيارات الثقافية المتعاكسة، ينشأ تيار شعري ملتزم يعبّر

الصفحة 156
في الوسط الأدبي البغدادي عن اطروحة أدبية جدّية لعلها كانت قادمة من الحوزة الأدبية النجفية، ومتأثرة بالتيار الحلي الأدبي، فالحدود الأدبية المحيطة بالحاضرة الأدبية البغدادية ـ كما هي حدودها الجغرافية الطبيعية ـ تتأثر بها من حيث الفكرة والمضمون والاطروحة، وتؤثر هي فيها من حيث الغرض الفني الجديد القادم من ثقافات أدبية أخرى.

تزّعم هذا التيار الأدبي البغدادي الملتزم شيخ شعرائها ومبدعها، الشيخ كاظم الأزري الذي حقق في قصيدته الازرية المعروفة تقدماً أدبياً رائعاً ملتزماً فرض نفسه على التيارات الأدبية الأخرى، وسجّل حضوره في المحافل الأدبية على أنه مبدع فني، وأديب ملتزم.

استطاع الشيخ الأزري أن يسجّل لواقعة الزهراء (عليها السلام) حضورها التاريخي الممتاز وعبّر في قصيدته هذه عن الهاجس الذي يعيشه كل شيعي قرأ ذاته في مأساة الزهراء، وقرأ تاريخه في وقائعها المظلومة المضطهدة، لذا جاءت القصيدة تعبيراً صادقاً لمكنون الشخصية الشيعية الثائرة المجاهدة.


الصفحة 157
[22] وقوله من قصيدته الفاطمية:

تركوا عَهد أحمد في أخيهوأذاقوا البتول ما أشجاها
وهي العروة الّتي ليس ينجوغير مستعصم بحبل ولاها
لم ير الله للرسالة أجراًغير حفظ الزهراء في قرباها
يوم جاءت ياللمصاب إليهمومن الوجد ما أطال بكاها
فدعت واشتكت إلى الله شكوىوالرواسي تهتزُّ من شكواها
فاطمأنّت لها القلوب وكادتأن تزول الأحقاد ممّن حواها
تعظ القوم في أتمّ خطابحكت المصطفى به وحكاها
أيُّها القوم راقبوا الله فينانحن من روضة الجليل جناها
نحن من بارىء السماوات سرٌّلو كرهنا وجودها ما براها


الصفحة 158
بل بآثارنا ولطف رضاناسطح الأرض والسماء بناها
وبأضوائنا الّتي ليس تخبوحوت الشهب ما حوت من سناها
واعلموا أنّنا مشاعر دين الــله فيكم فأكرموا مثواها
ولنا من خزائن الغيب فيضترِد المهتدون منه هداها
إن تروموا الجنان فهي مناللــه إلينا هديّة أهداها
هي دار لنا ونحن ذووهالا يرى غير حزبنا مرآها
وكذاك الجحيم سجن عداناحسبهم يوم حشرهم سكناها
أيُّها الناس أيُّ بنت نبيّعن مواريثها أبوها زواها
كيف يزوي عنّي تراثيَ زاوبأحاديث من لدنه ادّعاها


الصفحة 159
هذه الكتب فاسألوها تروهابالمواريث ناطقاً فحواها
وبمعنى "يوصيكم الله"أمرشامل للعباد في قرباها
كيف لم يوصنا بذلك مولانا وتلكم من دوننا أوصاها
هل رآنا لا نستحقُّ اهتداءواستحقّت هي الهدى فهداها
أم تراه أضلّنا في البرايابعد علم لكي نصيب خطاها
مالكم قد منعتمونا حقوقاًأوجب الله في الكتاب أداها
قد سلبتم من الخلافة خوداًكان منّا قناعها ورداها
وسبيتم من الهدى ذات خدرعزّ يوماً على النبيّ سباها
هذه البردة الّتي غضب اللهعلى كلّ من سوانا ارتداها


الصفحة 160
فخذوها مقرونة بشنارغير محمودة لكم عقباها
ولأيّ الاُمور تدفن سرّاًبضعة المصطفى ويعفى ثراها
فمضت وهي أعظم الناس وجدافي فم الدهر غصّة من جواها
وثوت لا يرى لها الناس مثوىأيُّ قدس يضمُّه مثواها

[23] وقد خمّس القصيدة الشاعر الفذ الشيخ جابر الكاظمي رحمه الله، واليك بعض تخميساته.

ليس أولى بالأمر ألاّ وليٌّللبرايا والنص فيه جليٌّ
كنزُ فضل من كلّ علم مليٌّإي وحقّ الإسلام لولا عليٌّ

ما قضاها فتى ولا أفتاها

كلُّ علم أعيى الورى لم يُبِنهُغيرُ ندب عِلمُ الغُيوب لدُنهُ
مُذ أضاءت شمسُ الفضائلَ عنهُقد أطلَّت على العوالِم منهُ

حكمةَ اللهِ لم يَسعها فضاها

هو بعدَ النبيّ أوَّلُ فِعلفاضَ من مصدرِ الجلال بنُبل
فَلكٌ مُشرِقٌ بنيّر عقلتتجَّلى بهِ مُنيراتُ فضل


الصفحة 161

كالدّراري سيّارةٌ في سماها

فيءٌ آلِ الهُدى قد اقتسموهُوعليهم شيخُ الخَنا قدَّموهُ
فوحقّ الحقّ الذي حُرِمُوهُلم يذُوقوا الهُدى ولو طَعموهُ

عرَفوا للنبيّ قدراً وجاها

مُذ دعى للهدى أجابتُ دُعاهُألسنٌ والقلوبُ تأبى نِداهُ
هم وإن وافقتِ شفاها شِفاهُصاحَبوهُ ونافقوا في هواهُ

فهو أولى جحيمها ولَظاها

بايعوا كلَّ ذي ضَلال سفيهوتخطّوا من الرّشادِ لتيه
أشقياءٌ والابنُ مثلُ أبيهنقضوا عهدَ أحمد في أخيه

وأذاقوا البتولَ ما أشجاها

منهم أغضبَ البتولةَ عِلجُإذ أتتهُ تراثها منه ترجو
فأبى الرّجسُ إذ رآها تعجُّوهي العُروةُ التي ليس ينجو

غيرُ مُستعصم بحبلِ ولاِها

أرسلُ اللهُ سيّد الرُّسل طُرّاًبالهُدى والشيطانُ يُعبَد جهراً
ومُذ الحقُّ شقَّ للبعثِ فجراًلم يَرَ اللهُ للرّسالةِ أجراً

غير حِفظ الوِداد في قُرباها


الصفحة 162
لم تزل بعد أحمد الطَّهر عَبرىبغُموم من ذلك الرّجس تترى
ويلُ عِلج بها استخفَّ وأدرىلست أدري إذُ روّعت وهي حسرى

عانَد القوم بعلها وأباها

مُذ أُضيمت من بعدهِ أىَّ ضيملم يزل حُزنهُ لديها كَغيم
جُرّعت من سِمامِ سام وأيميوم جاءت إلى عدىٍّ وتيم

ومن الوجدِ ما أطال بُكاها

قد أغاظوا لسَّيد الرَّسل صِنواًحين رضّوا من فاطم الطُّهر عُضواً
ولكَم بَثَّت المهيمن شكَوىفدعَت واشتكت إلى اللهِ شجواً

والرّواسي تهتزُّ من شكواها

ثمّ عادت بخطبة وأعادتكلماتِ لها الرّواسخُ مادت
وبكت واشتكت بحُزن ونادتفاطمأنّت لها القلُوبَ وكادت

أن تزولَ الأحقاد ممن حواها

حاججتهم بسنَّة وكتابِأفلجتهم بحكمة وصوابِ
حين جاءت وقلبُها بالتهابِتعِظُ القومَ في أتمّ خطابِ

حكت المصطفى به وحكاها


الصفحة 163
ولخطبِ الخِطاب أبدت حَنيناًمَلأَ الدّهر رنّةً وأنيناً
وأسىً أيقظَ النبيِّ الأميناأيُّها القومُ راقبوا الله فينا

نحنُ من روضةِ الجليلِ جَناها

حُبُّنا دِينُ الحقِّ والبُغض كفرٌووِلانا يوم القيامةِ ذُخرٌ
وبه في الجنانِ كم شِيدَ قصرٌنحنُ من بارىءِ السماوات سرٌّ

لو كرِهنا وجُودَها ما بَراها

وبنا اللهُ أكمل الإيماناولنا زيَّن الإلهُ الجنانا
ولأعدائنا بَرى النِّيرانابل بآثارِنا ولُطفِ رِضانا

سَطح الارضَ والسَّماءَ بناها

مَن تنحَّى عنّا فللغيِّ يَصبووالذي عن طريقنا حادَ يكبو
فِبنا يرضى اللهُ والخيرُ يربووبأضوائنا التي ليس تخبو

حوت الشُهب ما حوت من سناها

فِحمانا للوحي أكرمُ منزلوعُلانا للدّين أعظمُ مَوئل
وهُدانا للمهتدى خيرُ معقِلواعلموا أننا مشاعرُ دينِ الـ

لهِ فيكم فاكرُموا مثوانا

فإلى فضلنا لدى الحشر أيضٌولَدينا في جنّةِ الخُلد حوضٌ
ولنا في النعيم أزهَرُ روضٌولنا من خزائن الغيبِ فيضٌ


الصفحة 164

ترِدُ المهتدون منهُ هُداها

إنّ رب السَّماء إلينا تجلّىوحبانا أمر الجنان وولّي
وبها خصَّ من بنا قد تولّىإن ترُوُموا اجنان فهي من اللّـ

ه الينا هديّة أهداها

بل وِلانا الجنانُ لا تدعوهاوالرّضا أُمُّ روضها وأبوها
فاصحبوا حُبَّنا ومنّا خُذوهاهي دارٌ لنا ونحن ذووُها

لا يرى غيرُ حزبنا مَرآها

خُلِقت للذي إلى الحقِّ دانالا لِمن خان عهدَنا وجَفانا
فجنانُ النّعيم مهَرُ ولاِناوكذاك الجحيمُ سجنُ عِدانا

حسبُهم يومَ حشرهم سُكناها

ليت شِعري وفي الحشا أيُّ كيّلا يُداوى وأيُّ داءِ دويِّ
وأسىً قد طوى الأسى أيَّ طيٍّأيُّها الناسُ أيُّ بنت نبيٍّ

عن مواريثها أبوها زواها

أفهَل منكم بحقٍّ حقيقٌوبنصري منكم يقومُ وثيقٌ
فيراني والدّمعُ منّي عقيقٌكيف يَزوي عني تُراثي عتيقٌ

بأحاديث من لدُنهُ افتراها

أنكروا النصَّ في أُمُور أتَوهاو وصايا الإلهِ فينا أبَوها
فالأحاديثُ إن علينا افترَوهاهذه الكُتب فاسألوها تَروها

بالمواريثِ ناطقّا فَحواها