وما هذه الدنيا بدار استراحة | وتحصيل لذات لغير البهائم |
على قدر بُعد المرء منها ابتعاده | عن الروح واللذات ضرية لازم |
ألم تر آل الله كيف تراكمت | عليهم صروف الدهر أي تراكم |
أما شرقت بنت النبي بريقها | وجرعها الأعداء طعم العلاقم |
أما عصرت بين الجدار وبابها | أما نبت المسمار في ثدى فاطم |
أما أسقوطها لا رعى الله قومها | جنين حشاها محسناً يالهاشم |
أما روعت بالسوط قنّع رأسها | و وشّح متينها به شر غاشم |
أما نابت الكرار منها نوائب | نوائب لكن عن سموم الاراقم |
أما قيدوه في حمائل سيفه | لأخبث ضلّيلِ وأخبث ظالم |
أما أوقفوه لا رعى الله قومه | على رأس عجل القوم وقفة آثم |
ألم يعد الزاكي ابنه وهو ملجأ | إلى سلم حرب وهو غير مسالم |
أما هجموا فسطاطه وتناهبوا | به رحله نهب الغزات الغنائم |
أما دست الأعداة له السم غيلة | فألفى به في الطشت قلب المكارم |
أما رشقوه النبل وهو جنازة | على النعش لا بل فوق هام التعائم |
وإن أنسى لا أنسى الحسين وقد غدا | على رغم أنف الدين نهب الصوارم(1) |
إلى آخر القصيدة.
____________
1- رياض المدح والرثاء للشيخ حسين البلادي: 336.
الشيخ
محمد حسن آل سميسم
اذا كانت بعض الوجودات قد اعتادت أن توكل مهمة الشعر إلى طبقتها الفكرية المترفة، فان الحوزة العلمية النجفية قد أوكلت القصيدة الشعرية إلى علمائها الأدباء من أهل النظر والتحقيق، وإذا كان الشاعر قد اعتاد أن يمارس الغرض الشعري كواحد من الفنون التي يولدها العصر وتُرعرعها مترفات المجالس، فان الأديب الشيعي قد أخذ فضلا عن مهمته العلمية التحقيقية، مهمة التعبير عن اطروحة المذهب وتوجهاته، وإذا إعتاد الشاعر
هكذا كان الشيخ محمد حسن آل سميسم، فقد عبّر عن مرحلة وعي أدبي، وأدرك واقعاً أدبياً ملتزماً أخذ على نفسه تقديم الاطروحة على أساس الواقع والموضوعية.
حقق الشيخ محمد حسن آل سميسم تقدماً رائعاً في مجال التعبير عن مظلومية السيدة الزهراء (عليها السلام)، واختزل في قصائده تاريخاً طويلا من المصائب والمحن التي حلّت في ماضي الأمة وحاضرها، وكأن قصائده الفاطمية جاءت قراءة ناضجة لمستقبل بعيد يشهد عليه ماض مرير.
حظيت قصائده الفاطمية شهرة منبرية واسعة، فأنشدها الخطباء في المحافل، واستطاعت في الوقت نفسه أن تخترق القلوب لتسجل حضورها في الميدان الأدبي الابداعي.
إن المستمعن في القصيدة البائية الأولى سيجد التفاتة تحقيقية رائعة، حيث سجّل في قصيدته لوناً رثائياً جديداً أكد فيه أن المحسن بن علي كان أول شهيد بعد رسول الله (صلى الله عليه وآله)، فهو شهيد على آله المظلومين، وشهيد على
[29] واليك قصيدته البائية الرائعة:
مَنْ مُبلغٌ عنّي الزمانَ عِتاباً | ومُقرِّعٌ مِنّي له أبوابا |
ومُذكّرٌ ما راح من عهد الصِّبا | لو عاد رائقُ صفوه أوآبا |
أيامَ أَفترشُ النّعيمَ أرائكاً | وأعبّ بالثغر الأنيق رضابا |
وأداعبُ الظبياتِ حتى خِلْتَني | مِن فَرْط مِا آتي به تلعابا |
يا ويحَ دَهْري راحَ ينزعُ للأسى | مِنْ بعدِ ما ذقتُ النعّيمَ شرابا |
دهرٌ تعامى عن هُداهُ كانَّهُ | أصحابُ أحمدَ أشركوا مُذ غَابا |
نكصوا على الأعقاب بعد مماتهِ | سَيرون في هذا النكوص عِقابا |
سَلْ عَنْهُمُ القرآن يشهدُ فيهمُ | إنْ كنت لم تَفقهْ لذاك خِطابا |
فكأنّهُمْ لم يشهدو اخّماولا | أُحُداً ولا بدراً ولا الأحزابا |
وبخيبَر مَن راح يَرْفِلُ باللّوا | مَنْ قَدَّ مَرْحبَ مَنْ أزال البابا |
ومَن اشترى لله نفسَ محمد | في نفسه لما دُعُيْ فأجابا |
مَن في الصلاة يرى الصِّلات فريضةً | مَن نالَ خاَتُمهُ الشريف جوابا |
مَن بابُ حِطّةَ غيرُ حيدرة ومَنْ | لمدينةِ المختار كان البابا |
أَعِجبتَ ممن أَخّروا مقدامهم | بعد النّبي وقَدَّموا الأذنابا |
قد أضمروها للوصي ضغائناً | مُذْ دحرجتها للنّبي دبابا |
لِيُنْفّروا العَضْباءَ في قُطُب الهدى | حتى يعودَ الدينُ بَعْدُ يَبابا |
نَسبوا له هجراً لخوف كِتابة | فكأنهمْ لا يسمعون كتابا |
ما كان ينطق عن هَواهُ وإنّما | وحيٌ يُحيّى له النّبي خطابا |
يا بابَ فاطِمَ لا طُرقتِ بخيفَة | ويدُ الهدى سَدَلت عليه حجابا |
أَوَلست أَنت بكلِّ آن مَهْبَطَ | الأملاكِ فيك تُقَبّلُ الأعتابا |
أَوْهاً عليك فما استطعتَ تصدَّهمْ | لما أتوك بنو الضلالِ غِضابا |
نفسي فداك أما علمتَ بفاطِم | وقفتْ وراك توبّخُ الأصحابا |
أوَما رَقَقْتَ لضلعها لما انحنى | كسراً وعنه تزجر الخطابا |
أَوَ ما درى المسمار حين أَصَابها | مِن قلبها قلبَ النّبيِّ أصَابا |
عَتَبي على الأعتاب فيها محسنٌ | مُلقىً وما انهالت عليه تُرابا |
حتى تواريه لأِن لا تسحق الـ | ـأقدام منه أَضْلُعاً واِهابا |
هو أولُ الشهداءِ بعد محمد | ويرى المصابَ على الصواب صِوابا |
ما اسطاعَ يدفعَ عن أبيهِ وأُمّهِ | فَمَضى لأِحمدَ يشتكي الأصحابا |
لما عَدوا للبيتِ عَدْوةَ آمِن | مِن ليث غِاب حين داسوا الغابا |
لو ينظرون ذُبابَ صارم حِيَدْر | لرأيتهم يتطايرون ذُبابا |
لكنّهم عَلِموا الوصيةَ أنّها | صارت لصارمه الصقيل قِرابا |
فهناك قد جعلوا النّجادَ بِعُنْق مَنْ | مَدّوا له يومَ "الغدير"رِقابا |
سَحبوه والزهراء تعدو خلفَهُ | والدمعُ أَجْرتْهُ عليه سحابا |
فدعتهُمُ خَلوا ابن عمي حيدر | أو أَكشِفنَّ إلى الدعاءِ نِقابا |
حاربتُمُ الباري وآلَ نبيّهِ | وعصيتُمُ الأعوادَ والمحرابا |
ونكثتُمُ كثمودَ، هذا صالحٌ | لِمْ تسحبونَ الصالح الأوابا |
رجعوا إليها بالسياط لِيُخمِدوا | نورَ النّبي الساطع الثقّابا |
فتهافَتوا مثلُ الفراش ونورُهُ | قد صارَ دونَهُمُ لها جلبابا |
[30] وله قصيدة اخترنا منها قوله:
أيقتلون ابن وحي بين عبشهم | ولا نرى أموياً مات بين نبي |
وليت شعري بمن سيقت نسائكمو | حسرى على كل مهزول المطي نِقَبِ |
وزينب مذ رأت أشلاء أخوتها | ما بين دام ومنحور ومستلب |
قامت تخاطبهم والعِيس قد حُديت | بمدح آل أبي سفيان بالغلب |
يا أخوتي هل رأيتم قبل ذا رحلت | أخت واخوتها صرعى على الكُثُبِ |
فليتهم وقفوا حتى أو ودعكم | حتى أغسلكم في أدمعي السُكُبِ |
فليتهم وقفوا حتى أكفنكم في الصبر | في جَلَدي في العين في الهُدُب |
فليتهم وقفوا حتى أورايكم | بين الترائب لا في الترب والرَحَب |
وليت شعري بمن قادوا عليكموا | مقيّداً يشتكي من نهسة القتَبِ |
وليت شعري بمن أضحى رضيعكم | بسهمِهِ راضعاً عن ثدي محتلب |
وليت شعري بمن داسوا جسومكمو | بكل برِ ذونة معدومة النسبِ |
لكنّ ذا الأُمر من ماض تأسُّسُهُ | يوم السقيفةِ مبنىٌّ على الخشبِ |
ولم يكن من بني حمّالة الحطب | وانّما اصله من حامل الحطبِ |
من أضرم النار في باب الوصي ولا | بابٌ سواهُ أتى وحيٌ به لنبي |
ليقلب الناس طُرّاً عن هدايتهم | لانه عاد مقلوباً على العَقَبِ |
من ثدي فاطمةَ المسمارَ أرضعه | واسقط الحمل منها غير مُرتَقب |
وقاد حيدرَ قوداً في حمائله | لله من حِكَم لله من إرَبِ |
لا يُنقص الليث وطأ الكلب غابته | من يأمن البطش ابدى سؤة الأدبِ |
أتعجب الكفرُ أضحى فاتكاً بهدىً | فلم تزل تحدث الايام من عجب |
سمعاً بني حيدر منظومة بكم | من ثغر من حارب التبسيم مكتئبِ |
اعدّها سببا للعفو عندكمو | وعفوكم عن مواليكم بلا سببِ |
يـا أيهـا الـرسول بلّغ بعلي | مـا فيه أنزلت من النص الجلي |
قل يا عبادي خير بشرى لكم | اليوم أكملت لكم دينكم |
اليوم أتممت عليكم نعمتي | فلا تخافوا بعد ذاك نقمتي |
وقد رضيت لكم الاسلاما | وقد جعلت المرتضى اماما |
فقام قائماً نبي الرحمة | يخب في محضر جل الأمة |
يقول من كنت أنا مولاه | فالمرتضى مولى له يرعاه |
من لا يواليه فما والاني | ومن يعاديه فقد عاداني |
فجسمه جسمي ولحمي لحمه | وعظمه عظمي ومني دمه |
هذا الذي رب السماء قد عينه | ولي كل مؤمن ومؤمنه |
هذا هو التوراة والانجيل | هذا فتى يخدمه جبريل |
هذا هو الزبور والفرقان | هذا هو الازمان والاكوان |
هذا الذي آدم لما أن غوى | بجاهه دعا و الاّ لهوى |
وهو الذي قد سيّر السفينا | ويونس به رأى اليقطينا |
وفيه ناجى ربه الخليل | وفيه عوفي ذلك العليل |
لولاه ما جاز ببحر موسى | كلا ولا كلم موتاً عيسى |
كلا ولا كانت نجوم تسري | كلا ولا كانت بحار تجري |
هذا علي علة الايجاد | هذا هو الحاكم في الميعاد |
اليه في محشركم مصيركم | وقد قرأتم انما وليكم |
هذا الذي شيّد ركن الدين | بسيفه القاطع للوتين |
يقول كل من اليه يصل | ان أخاك مكرها لابطل |
له مزايا قط لا تُضاها | لم يحصها سوى الذي سواها |
أليس أبلغت بما أرسلت به | فاحتفظوا فالأمر غير مشتبه |
فقام قوم منهم وسلّموا | عليه بالأمر الذي قد أُلزموا |
لكنهم سرعان ما قد غدروا | والنص في غدير خم أنكروا |
وللذي قد باعيوه قهروا | وضلع بضعة الهدى قد كسروا |
وغلّقوا من دونها الابوابا | ونبذوا الميثاق والكتابا |
يالهف نفسي لابنة النبي | اذ خرجت تعدو مع الوصيّ |
تقول خلوا والد السبطين | ياقوم هذا سيد الكونين |
تبغون أن تيتموا أولادي | أليس رب العرش بالمرصاد |
فقال... يا غلام ارجعها | وان أبت فبالعصا أوجعها |
ولست أقوى أن أقول ما جرى | وأنت عالم وتدري الخبرا(1) |
____________
1- سحر البيان وسمر الجنان ديوان الشيخ محمد حسن آل سميسم تحقيق حسام الدين آل سميسم: 145 دار البيان العربي بيروت 1993.
الشيخ سليمان البلادي البحراني
أضحت القصيدة العربية بعد واقعة الطف محاولات مبرمجة من قبل الأديب الشيعي لاستنطاق التاريخ، واستخدمت القصيدة الشعرية على انها وقفات تأمل يوقف الشاعر أمته في محطات قد اضطربت عندها الرؤية التاريخية وغابت عنها مسؤلية المؤرخ وهو يترنح في مشاريعه التاريخية بين الحقيقة الناصعة التي اخترقت وجدانياته وبين انتماءاته السياسية التي فرضت عليه أن يقف عند حدود التوجيه المبرّمج للحدث.
ولم تكن واقعة الطف هي الاساس في استنهاض القصيدة العربية من
إذن كانت واقعة الطف تحفيز للرجوع الى الاسباب التي أحدثت هذه المأساة واستدراج للظروف المبيّتة من قبل أولئك الذين قدّموا الأمة طُعمة سائغة لمشتهيات المطامع الأموية في الحكم والتسلط.
وإذا كانت واقعة الطف بداية للبحث عن الحقيقة المضيّعة، فان القصيدة الكربلائية ترجمت للحدث الفاطمي حيثياته وتفاصيله، فكانت المأساة الفاطمية ديباجة يفتتح بها مرثية كربلاء، أو خاتمة استنتاجية للقضية الكربلائية المفجعة.
ففي مقطوعات الشيخ سليمان البلادي البحراني الشعرية أكد هذا المعنى:
هو الدهر بالاعجال تسرى ركائبه | كما كان بالآجال تسعى نوائبه |
تولع بالسادات في كل كريبة | فما سيد الا رحته صوائبه |
فيالك دهرا لا ينيم ولا ينم | تنم على الاعمار دابا رقائبه |
فلم تمتنع منه حصون منيعة | ولا ملك قد حصنته مقانبه |
وحسبك موت المصطفى خير سيد | ومن عمت الاكوان طرا مواهبه |
قضى فقضى من بعده الحق واختفت | باستار ليل الجور منه كواكبه |
وجلل ثوب الدين ثوب كسوفها | كما خسفت بدر الوجود غياهبه |
واذرت عيون الكائنات دموعها | كما وكفت منه عليها صحائبه |
لقد أظهرت فيه السقيفة مضمرا | لاطفاء نور الله كانت مناصبه |
كما أضمرت نيرانها مستطيرة | فذا حرها للدين عمت لواهبه |
بها صمموا أن يحرقوا دار فاطم | ومن نوره قد نوّر الكون ثاقبه |
بها البضعة الزهراء القت جنينها | بضغط رقت أوج السما نوادبه |
فيالك ناراً طبق الكون نشرها | فذبت على آل النبي عقاربه |
بها الحيدر الكرار قيد ملببا | وشنت عليه في الحياة حرائبه |
وعمم منه الراس سيف ابن ملجم | فغودر في المحراب والدم خاضبه |
بها الحسن الزاكي تقطع قلبه | بسم فمنه الدين قطع جانبه |
كما جده المختار قطع قلبه | بسم فمنه الدين هدت شناخبه |
ومنها طمت في كربلا لجة البلا | على فلك نوح وامتطى الكرب راكبه |
فمن صعدة الباغين منبر أحمد | على صعدة راس ابنه البغي ناصبه |
واصعد شمراً فوق صدر ابن احمد | ويا طالما صدر النبي يلاعبه |
وسيف له تلك السقيفة جردت | لقد جردت راس الحسين ضرائبه |
وجزل أداروه على دار حيدر | به أحرقت في كربلاء مضاربه |
وقود الوصي المرتضى بنجاده | يقاد به سجاده ونجائبه |
وجيش علي الكرار حمت سيوله | لقتل ابنه في الطف جرت كتائبه |
واسقاط بنت المصطفى الطهر محسناً | به لحسين اسقط الطفل ناشبه |
وخطبتها في مجلس عند حبتر | به زينب لاقت يزيد تخاطبه |
ومن مشيها ترجو لتخليص حيدر | مشت زينب نحو العليل تجانبه |
ولم انس مهما انس فاطم اذ دعت | اباها بدمع اقرح الطرف ساكبه |
لقد كنت ياخير الخلائق معقلا | تحل عقال النائبات جوانبه |
بنورك كانت تستضيء اولو الحجا | فبعدك نور الحق أظلم لا حبه |
وقد اثكلت ام المعالي وايمت | وخابت بنو الآمال مما تطالبه |
تهضمنا القوم اللئام ببغضهم | وادرك منا الوتر من هو طالبه |
فها نحن لما غبت عنا بذلة | يجاذبنا صرف البلا ونجاذبه |
يحن حنين الهيم مسجدك الذي | بنور محياك استنارت محاربه |
ومخطبك السامي أقام خطوبه | غداة خلا من اوج مرقاه خاطبه |
وناديك مذ غاض الندى عنه صوحت | رباه كأن لم يغن بالامس جانبه |
لقد تربت كف العفاف ولم تنل | بلال ندى الا سرابا يناوبه |
اتحيي رفاة والحياة قد تقشعت | بعاصفة الارجاء عنه سجائبه |
فوا ضيعة الاسلام بعد كفيلها | وخيبة من اخنت عليه مآربه |
ومن اين تعلو للمحامد راية | وأحمدها في الترب رضت ترائبه |
وانى بنو الحاجات تجري سفينها | وزاخر مجراها بفقدك ناضبه |
ابى فتحت عين الضلال لظلمنا | باغماض طرف كنت فينا تراقبه |
فذا صنوك الكرار أصبح صاغراً | ونازعه حق الخلافة غاصبه |
وسبطاك ما راعوا حقوقك فيهما | كأنك في اجر المودة كاذبه |
فها مدمعي ينهل كالسحب وبله | وعمرى منه زاده ومشاربه |
وهون خطبي ان عمرى منقض | وان بعيد الملتقى متقاربه |
وكيف بقاء الجسم من غير روحه | وفي القلب ما يذكى لظى الوجد لا هبه |
فهذا هوالرزؤالعظيم الذى به | عظيم البلا ينسى وتسلى مصائبه |
ايا سيد الرسل الشفيع لمن عصى | اغث آبقا قد اوبقته معايبه |
اذا خف ميزاني بما كسبت يدى | فثقله كي لا تستخف مكاسبه |
فحبك يا مولاى أحمد صالح | سما اسمى بدا فلتعل منه مراتبه |
عليكم من الله السلام سلامه | تروح وتغدو كل آن ركائبه |
[33] وله "قدس سره" (في رثاء البتول الزهراء (عليها السلام))
الى كم ولوع القلب بالغادة الحسنا | وذكرى ليالي وصل ثلته أونى |
تهيم بتيهاء الضلال كأنما | امنت الفنا لو قد ضمنت الهنا ضمنا |
فجاف جنوب الحزن عن مضجع الهوى | وعن حق تقوى الله لا تغمض الجفنا |
فهذا بلال الشيب حيعل بالسرى | وصرح ما الدنيا لمستوطن سكنا |
كفاك من الدنيا الغرور غرورها | قرونا أبادتها ولم تأتلف قرنا |
تعوضهم بعد القصور قبورهم | وبعد هناهم حسرة لم تكن تفنى |
فكم عانقوا بعد الغواني جوامعا | وكم توحش الأباء بالخلس للابنا |
ولوانها ساوت جناح بعوضة | لما اتخذتها الاولياء لهم سجنا |
وفي غدرها بالمصطفى وبآله | سلاطينها برهان مقدارها الأدنا |
لهم سددت من اقوس البغي أسهما | أصمت واصمت للهدى القلب والأذنا |
فكم كابد المختار من قومه أذى | يهيج أسى يستغرق السهل والحزنا |