قضى نحبه بالسم وهو معالج | على رغم أنف الدين سقماله أضنى |
وقد قلبت ظهر المجن لحيدر | فكم زفرة ابدى وكم غصة جنا |
يسب على الاعواد وهو عميدها | ورب الورى فرض الولاء له سنّا |
كساهُ نسيج الدم سيف ابن ملجم | وكم البس الابطال من دمها الاقنى |
ومخدومة الاملاك سيدة النسا | سليلة خير الخلق والدرة الحسنى |
اتاحت لها كهف العدى غصص الردى | وذاقت لها سماً من الحقد والشحنا |
بضرب وضغط واغتصاب وذلة | وكان حماها العز والامن والحصنا |
على دارها داروا بجزل لحرقها | وكانت بها الاملاك تلتمس الأذنا |
وفي بعلها الهادي استحلوا محرما | كما حرموها نحلة المصطفى ضغنا |
تعاوت لشبليها كلاب تهر في | وجارها فاستشعر الهون والوهنا |
وما برحت من بعد حامي ذمارها | معصبة رأساً ومنهدة ركنا |
عليلة جسم للنحول ملازم | لفرط الضنا حتى حكى قلبها المضنا |
اذا ذكرت حالاتها في حيوته | تؤجج نار الفقد في قلبها حزنا |
فتبكيه والحيطان تبكي لصوتها | فما بقعة الا وعبرتها سخنا |
الى ان ارادت روحها العالم الذي | بدت منه واشتاقت لموردها الاسنى |
ففارقت الدنيا كراهة لبثها | ورافقت الأخرى ولغمتها الحصنى |
فناح لها المحراب اذ غاب نوره | بفقدانها واستبدل الطخية الدجنا |
وعين الليالي أقرح الدمع جفنها | على أنها تحيى باذكارها وهنا |
وبشر النهار انهار طود ضيائه | وعاد سراراً وجهه النير الأسنى |
وزهرة ذي الدنيا ذوي غصن دوحها | لفقدانها الذي يزهر الغصنا |
وشمس النهار اسود بالكسف وجهها | وجلل بدر التم خسف به اكتنا |
فيا غبنة الدنيا لغيبة فاطم | فصفقتها من بعد صفقتها غبنا |
ليبكي عليها بالعفاف صلاتها | وحسن صلوة بالظلام اذا جنا |
لتبكي المعالي الزهر اذ غاب نورها | بغيبة زهر الكون عن ذلك المعنى |
فمن ذا يعزى المصطفى فهو واجد | لبضعته وجداً به يقرع السنا |
ومن ذا يعزى المرتضى بقرينه | لقد كسرت من رأس شوكته قرنا |
ومن ذا يعزى الأحسنين بفادح | نفى عن حسان المكرمات أسى حسنا |
ومن ذا يعزى ربة الحزن زينبا | فما برحت من بعدها ثاكلا حزنا |
فيا غيرة الله اغضبي من مصيبة | أصابت لداني قاب قوسين أو أدنا |
ببضعته الزهرا التي لم يزل بها | يشيد ثناء طبق الانس والجنا |
اتقضي برغم الدين مظلومة ولم | تنل في سوى الليل البهيم لها دفنا |
ويسر من خوف العدى جدث لها | وقبر عداها ظاهر شاهر يعنى |
فاين رسول الله ينظر جسمها | كسى السوط منها الظهر والبطن والمتنا |
وأين رسول الله ينظر ضلعها | يكسره باغ قد استوجب اللعنا |
وأين رسول الله ينظر صنوه | يقاد بأمر ابن المزنمة اللخنا |
وأين رسول الله ينظر محسناً | وقد أسقطوه قبل أن يكمل السنا |
الشيخ عبدالله العوي الخطي
شهدت نهايات القرن الحادي عشر نشاطاً للحركات السلفية في بلاد نجد من الجزيرة العربية، وامتدت هذه الحركات لتكتسح الجزيرة العربية حتى احتلت أكثر بقاعها، وانحسر عند ذاك المد الإمامي لينحصر في مناطق ضيقة من الجزيرة، وبقيت بلاد القطيف علامة متميزة في ولائها المذهبي لآل البيت (عليهم السلام) من أرض جزيرة العرب التي استفحلت عليها حركات السلفيين من الوهابيين لتنشأ حكومتها في قلب هذه البلاد، فخضعت بلاد الساحل الاخضر من الجزيرة إلى هيمنة الوهابيين ادارياً واستقلت عنها
كانت جهود القطيفيين تتركز فى المحافظة على المذهب الإمامي، فلما إستمكنت من ذلك انتقلت إلى حالة التثقيف المذهبي فبثت ذلك بين أهلها واخترقت بين الحين والآخر حدود القطيف لتكتسح ما أسسه السلفيون الذين اختلفت فلسفاتهم مع جميع المذاهب الإسلامية الأخرى، فالحوزات العلمية القطيفية أنشأت بعد شوط طويل قطعه علمائها من الجهاد والدعوة، والمعاهد العلمية احتضنت الكثير من أبنائها، والعلماء كل أدى دوره من أجل الدفاع عن مسلّمات المذهب وضروراته، فكانت المدارس الأدبية جنباً إلى جنب مع مدارس التحقيق العلمي، وتصدى العلماء لبث علوم آل البيت (عليهم السلام) كما تعهد الشعراء لاثبات حقوقهم المهضومة، فحظيت بلاد القطيف الطيبة بعلماء شعراء، جمعوا بين العلم وأضافوا له الابداع الشعري فجاءت طروحاتهم الأدبية متوجة بتحقيق علمي رائع.
كان في طلائع العلماء الشعراء الشيخ عبدالله العوي الخطي المتوفي سنة 1201 هـ، فهو من نوابغ العلم ومن رجال الصلاح والتقى، اسندت اليه سائر المهمات الشرعية فكان أحد أعلام زمانه.
أنشد في رثاء آل البيت (عليهم السلام) قصائد عدة، وكانت مظلومية السيدة الزهراء (عليها السلام)التي تحدّث فيها عن اسقاط المحسن أثراً واضحاً في قصائده، واليك بعضها:
عجباً لنفس هلَّ شهر محرم | وتذكرت أرزاءه لم تحرم |
فلتنزعن ثوب المسرة والهنا | ولتلبسن ثوب السواد وتندم |
تباً لها ما عذرها إذ أخبرت | بمصائب السادات آل الأكرم |
قوم هداة للانام وقادة | والدين لولا هديهم لم يعلم |
قوم لهم من أصل كل منبأ | سر به نال النبوة فاعلم |
هم فلك نوح في النجاة وآدم | هم فلك موسى والمسيح ومريم |
هم فلك كل خليفة وإليهم | أعطى الإله ولاية المستعصم |
جمعوا الفضائل والفوائد كلها | فاليهم سلّم أمورك تسلم |
تعساً لقوم ما وقوا لمحمد | في آله القربى بعهد أقدم |
غالوا الوصي وللزكية أسقطوا | وقضى الزكي بسقي سم مؤلم |
غدروا الحسين بما جرى من حقدهم | ونفاقهم بابن النبي الأعظم |
لله يوم سار فيه لكربلاء | وعليه ترمى حادثات الاسهم(1) |
إلى آخر القصيدة.
____________
1- شعراء القطيف قديماً وحديثاً. الشيخ علي المرهون 43 مطبعة النجف 1385.
الشاعر حافظ ابراهيم
لعل أهم المشتركات بين المدارس الإسلامية المختلفة، تلك الثوابت التاريخية التي سبق تدوينها في مشاريع التاريخ الإسلامي، وأقرّتها من قبل الكتابات المهتمة بقراءة الحدث الإسلامي المجرد، والتي أرّخت أيّام الإسلام وأهلها، ومجريات الأحداث ووقائعها.
إلاّ أن محور الاختلاف بين هذه المدارس، هي المبتنيات العقائدية التي جرّت على الحدث الإسلامي لقراءته بما يخدم هذه المدرسة أو تلك، أي أن ثوابت التاريخ إذا تجردت عن مبتنيات الرؤى العقائدية والسياسية،
فالقضية التي يدوّنها مؤرخ، تختلف في نتائجها عن القضية التي يؤرخها آخر، والرؤية التي يقررها الناقد، تفترق عن تلك التي يقررها غيرهُ، وهكذا تدور الاحداث حول محور الفلسفة الخاصة للمدرسة التي ينتمي اليها القارىء أو المؤرخ أو الناقد أو غير ذلك من هؤلاء.
وهكذا مأساة الزهراء (عليها السلام)، تتضارب فيها الفلسفات، وتُهزم من خلالها الرؤى فلا تكاد تقوى على الاقرار، ولا تصمد أمام الثوابت المسلّمة من قبل الجميع، وتنسحب هذه المحنة على القصيدة العربية كذلك، فترتكز في دواخل الشاعر رؤيته التقليدية التي ورثها من أسلافه الأقدمين.
وهي ما أظهرته مقطوعة شاعر النيل حافظ ابراهيم، حيث سلّم بحادثة الدار، وأكّدها على أنها ثابتةَ من ثوابت تراثه الذي اعتاد سماعه من قبل، إلا أن الرؤية التقليدية للاحداث تُزاحم هذه الثوابت فيقرأها من وجهة نظره، ويدوّن حادثة الاحراق على أنها مفخرة من مفاخر الخليقة، أثبت فيها جرأته أمام فارس المسلمين.
هكذا تصرّف بالحادثة هذا الشاعر، ولعل الاقرار الذي أخذه على نفسه هي الحالة الخجلة التي تعاني منها المشاريع التنظيرية، فتختفي هذه الحادثة أحياناً وتظهر أخرى على أنها من، أروع المفاخر، وتعتاد هذه المشاريع على توجيه العثرات التاريخية فتحيلها إلى مكرمات لتنسحق بها حقائق
ان مقطوعة الشاعر حافظ ابراهيم جاءت شهادة لتاريخ المأساة، وشهادة للتسويف الذي يُحدِثه المشروع التنظيري من أجل قراءة التاريخ، وليقدّم عينةً مهمة من عينات صياغة المشاريع الحاكمية التي قرضت نفسها على الحقيقة التاريخية، مستهينة بمشاعر الأمة وأحاسيسها.
[35] قال في مقطوعته التي يمدح بها الخليفة الثاني.
وقولةِ "لعلي" قالها "عمر" | اكرم بسامعها أعظم بملقيها |
حرّقتُ دارك لا أُبقي عليك بها | ان لم تبايع وبنتُ المصطفى فيها |
ما كان غيرُ "أبي حفص" يفوه بها | أمام فارس "عدنان" وحاميها(1) |
____________
1- ديوان حافظ ابراهيم 1: 82 دار العودة بيروت.
الشيخ سلمان البحراني التاجر
يحق للباحث القول أن الثقافة الأدبية البحرانية قد تعدّت الحواجز الطبيعية لتتصل بثقافة الحوزة النجفية يوم كانت هذه الثقافة تمتد لتشمل فضلا عن الثقافة الأدبية الحلية، المنتديات الشامية ومحافل الاحساء الأدبية، ولعل الذي يؤكد ذلك، أن الثقافة الأدبية الملتزمة التي شهدتها حاضرة البلاد البحرانية قد قدّمت رؤية واضحة للتوجه الذي يحمله الاديب البحراني وهو في مخاضاته الصعبة التي يحاول فيها التأكيد على هويته الإسلامية المنتمية الى مدرسة آل البيت الاطهار (عليهم السلام)، فالربى
فالقصائد التي قدّمها الشاعر سلمان البحراني ترجمة للحركة الادبية البحرانية الناضجة، وهي تحمل في طياتها عمق الانتماء للمدرسة المقدسة، وتؤكد في دلالتها أصالة الانتماء البحريني الى الأئمة الاطهار (عليهم السلام).
قف على قبر فاطم بالبقيع | بعد مرق الحش وسكب الدموع |
والثم الترب من حواليه وانشق | من شذاه نسيم زهر الربيع |
وأبلغنها السلام عني فاني | لمروع فيها يخطب مريع |
وتذكر أذية القوم فيها | وابك حزناً وعج بقبر الشفيع |
قف به موقف الحزين ولكن | لابساً بردتي تقى وخشوع |
واشك ما قال بنته من كروب | مفجعات تشيب رأس الرضيع |
قل له أيها النبي شكاة | لك عندي مشفوعة بدموعي |
فأعرني منك المسامع فيها | فصداها يصم اذن السميع |
إن تلك التي على بابها الام | لاك تبدي الخشوع بعد الخضوع |
قد أحاطوا بالنار منزلها السا | مي بتطهيره بشأن رفيع |
اسقطوها بالباب محسن عصراً | بعد تأليمها بكسر الضلوع |
دخلوا بيتها عليها وقادوا | بعلها المرتضى بحال فظيع |
عجباً كيف في نجاد له قيد | وقد كان قائداً للجموع |
فعدت خلفه تجر من الصو | ن ذيولا جيوبها من دموع |
ودعت فيهم ارجعوا لي ابن عمي | أو لأشكو إلى المجيب السميع |
فتلاقوا من البتولة ما لو | اغفلوه لزلزلوا عن سريع |
غصبوها حقوقها منك ظلماً | وبعين الآله غصب الجميع |
طلعت تصحب الشهود من البيت | كشمس النهار عند الطلوع |
وبدت تفرغ البراهين من | فيها بأسماعهم بأي سطوع |
فأجيبت لكن برد شهود | بعد تكذيب صوتها المسموع |
منعوها من البكاء على | رزؤك يا خير فاجع مفجوع |
قل لدار الاحزان ما زلت لا زا | لت ضلوعي تحوي قبور البقيع |
ما هو السرحين تدفن سراً | وجهاراً أتوا إلى التشييع |
يالها من مصائب قد دهتها | رمت الشم من شجى بصدوع |
ولعمري لحزن زينب أشجى | لأجل مسمومها وندب الصريع(1) |
[37] وله قصيدة أخرى في رثاء الرسول (صلى الله عليه وآله) وما جرى على آل بيته بعده:
اتبكي على رسم بدارة ثهمد | عفته الليالي فهو كالوشم في اليد |
وتصبو إلى تذكار مسرح لذة | وملعب أفراح لشاد وأغيد |
لك الويل فاعزب عن خلالك واتخذ | من الوجد سربالا لحزن مجدد |
____________
1- رياض المدح والرثاء: 316.
فلست ترى والله ما عشت فادحاً | بأفجع من رزؤ النبي محمد |
نعته إلى علياه علياء نفسه | وعزا به التوحيد كل موحد |
وهم بأن يوصي بثقليه قومه | وبالعكس هم فيما يريد بمرصد |
وقال أناس ظل يهجر أحمد | ونجم هوى ما ضل بل وحي مرشد |
وكم غصص قد جرعوه أقلها | ليشعل ناراً في حشى كل جلمد |
إلى أن قضى فانقضت الشهب للثرى | لتشبيعه في بنت نعش وفرقد |
وقام يعزيه إلى عالم السماء | أخو الوحي في نوح الحمام المغرد |
ومزقت الدنيا عليه فؤادها | وشق عليه الدهر جيب التجلد |
وأظلم وجه الكون والشمس ألبست | بثوب من الاحزان بالكسف سود |
وعين الهدى لم ترق دمعتها أسى | عليه ولا زالت بجفن مسهد |
قضى نحبه فلننتحب لافتقاده | أرامل كانت منه في خير مسند |
قضى فقضت ما تشتهيه بآله | عدي وتيم وهو غير ملحّد |
زووا صنوه عن حقه ورقوا على | منابره يهذون هذّيَ المعربد |
خلا منبر منه بناه بسيفه | ولم يخل متن الطرف منه بمشهد |
وحاطوا بنار الجزل للوحي منزلا | وقادوا علياً في نجاد المهند |
وفاطمة بالباب اسقط حملها | بعصر شديد مؤلم عن تعمد |
وكسرن منها أضلع ليت أضلعي | فدتها وان لم تكف بالنفس أفتدي |
ولفعها ذاك الزنيم بلطمة | على وجنة الخد إلا سيل المورد |
ومن حقها ابتزوا تراثاً ونحلة | وردوا شهوداً صوتها صوت أحمد |
وكم سيئات سودت أوجهاً لهم | جنوها على أهل الكساء الممجد |
فناشد بهم شورى السقيفة كم بها | بنوا من أساس بالضلال مشيد |
هم عمموا بالسيف هامة حيدر | وهم قطعوا بالسم كبد المسدد |
وهم حشّدوا تلك الجنود وحاربوا | بها ذلك الممنوع عن عذب مورد |
وهم كسّروا أضلاعه لا أمية | بجرد عليه كم تروح وتغتدي |
وهم أحرقوا تلك الخيام بنارهم | وهم نهبوا ما في الخباء الموطِد |
وهم رفعوا تلك الرؤوس كأنها | مصاحف من فوق القنا المتقصد |
وهم قيّدوا ذاك العليل وهم مشوا | بزينب حسرى تستر الوجه باليد |
وهم قنّعوها بالسياط وفي المطا | هم ركبوها بعد خُدر محمد |
وهم أدخلوها في الشام وأشمتوا | يزيد بها بل كل واش وملحدِ |
وهم لا بنو العباس شادوا بنائهم | على جثت للآل في كل معهد |
وهم شردوهم في البلاد وأسهروا | عليهم عيوناً بالبكا غير هجد |
كمثل ابن موسى قاسم مات نازحاً | بارض بكت فيه لا كرم سيد(1) |
[38] وله في رثاء الامام علي (عليه السلام) ويخلص الى رثاء الزهراء (عليه السلام) واسقاط المحسن
اي رزؤا شجى الرسول النبيا | والبتول العذرا وأبكى الزكيا |
ولزند الاحزان فيه حسين | قدح الكائنات نعياً شجيا |
يوم جبريل في الملائك نادى | في السما ناعياً اليهم عليا |
يوم فيه ابن ملجم لقطام | غال بالسيف في السجود الوصيا |
كم حباه وكم كساه وربا | ه وأدناه حيث كان قصيا |
____________
1- رياض المدح والرثاء: 320.
لم يزد في العتل الا عتواً | ونفوراً منه وكان شقيا |
لو تراه والليل داج يناجي | وسط محرابه الفخيم العليا |
قلت موسى بطور سينا له الله | تجلى فخر يدعو نجيا |
يغسل الارض بالدموع خشوعا | لو سقت ميت زرعها قام حيا |
يلبس الليل خلعة من سناه | فيحيل الظلام صبحاً مضيا |
والمرادي فيه يختلس القـ | ـيلة اذ ذاك بكرة وعشيا |
خضب الشيب منه في عشق رود | ارشفته رضابها السكريا |
فغشى الخطب أرض كوفان حتى | زلزل الحيرة الأسى والغريا |
فار تنور نوحها بزفير | فاض فيه طوفان نوح دويا |
ولأهل السماء قام عزاء | ود عرش الإله فيه الهويا |
غيل شهر الصيام في خير من صا | م وصلى به وناجى مليا |
فخلا منبر حلا فيه بالوعظ | وأضحى بالعطل يكس حليا |
ونعاه الميمون والدرع والسيف | ولدن بالبأس طال الثريا |
واستعدت للثكل عليا قصي | مذ علاها قد كان فيه قصيا |
غلب الحزن غالباً حيث فيه | فقدت حبلها المتين القويا |
جذعت فيه انف فهر بغي | قتلت هاشماً وأحيت أميا |
فغدت تلطم الوجوه لؤي | ولوت جيدها تنخ بكيا |
وأناخت على نزار شجون | لفعت بالدموع منها المحيا |
يا سماء إما طاولتها سماء | كيف طال الشقي منك الثريا |
عجباً كيف شق منك جبيناً | ولك السيف كان خلا صفيا |
كيف لم تنكفأعليه سما بأ | سك سخطاً فلم يكن بعد شيا |
جفن كعب قد كان ينجل بالدمع | فلما فقدت صار سخيا |
كادت الارض أن تميد بمن فيها | وتطوى السما لرزؤك طيا |
يابن شيخ البطحا ومن كان فبينا | الفارس الشهم والفتى العبقريا |
كنت باباً إلى مدينة علم | المصطفى والمهذب اللوذعيا |
وبك الله قد تجاوز عن آ | دم واختاره اليه صفيا |
وعلا فيك شان ادريس حتى | نال من ربه مكاناً عليا |
وابن متي لولاك بات ببطن | الحوت للحشر دائماً سرمديا |
وخليل الرحمن لولاك ما كا | نت عليه النيران برداً دفيا |
وليعقوب يوسف حزنه وفق | بكا أحمد على ابنك حيا |
وبيحيى جبريل بشّر قدماً | حيث والاك شيخه زكريا |
وبك الروح بكر مريم يدعو | فاذا الطين صار خلقاً سويا |
طبت في الساجدين حلياً ورحماً | فعليك السلام ميتاً وحيا |