الصفحة 266
خذي لك شطراً من رسيس مبرّحولي منه ياذات الجناح ذري شطرا
خلا انها تبكي وما فاض دمعهاواجريتها من مقلتي أدمعاً حمرا
فلا جمر أحشائي يخفف عبرتيولا عبرتي في صوبها تخمد الجمرا
وقائمة وهي الخلية من جوىمعرّسه اضحى الحيازم والصدرا
رويدك نهنه من غرامك واتخذشعاريك في الخطب التجلد والصبرا
فقلت وراك فاتني الصبر كلهلرزء اصيبت فيه فاطمة الزهرا
غداة تبدت مستباحا خباؤهاومهتوكة حجب الخفارة والسترا
على حين لا عين النبي أمامهالتبصر ما عانته بضعته قسرا
على حين لا سيف الرسول بمنتضىالغرار ولم تنظر لرايته نشرا


الصفحة 267
على حين لا مستأصل من يضيمهاولا كاشف عنها الحوادث والشرا
(بنحلتها) جاءت تطالب معشرابدا كفرهم من بعدما اضمروا الكفرا
عموا عن هواها ثم صموا كثيرهمكأن بسمع القوم من قولها وقرا
لقد ارعشت بالوعظ صل ضغونهمفثاروا لها والصل ان يرتعش يضرا
فلو انهم اوصى النبي بظلمهملها ما استطاعوا غير ما ارتكبوا أمرا
وانى وهم طوراً عليها تراثهاابوا وابوا منها البكا تارة اخرى
وهم وشموها تارة بسياطهموآونة قد اوسعوا ضلعها كسرا
وخلي حديث "الباب" ناحية فماتمثلته الاجرت مقلتي نهرا
بنفسي التي ليلا توارت بلحدهاوكان بعين الله أن دفنت سرا


الصفحة 268
بنفسي التي اوصت باخفاء قبرهاولولاهم كانت بأظهاره أحرى
بنفسي التي ماتت وملء برودهامن الوجد مالم تحوه معه الغبرا
رموها بسهم عن قسي حقودهمفاصبح فيما بينهم دمها هدرا
عليها سلام الله لا زال واصلالها فصلاة الله ما برحت تترى

[45] وله رحمه الله في مدحها
خذ في مديحك للبتولحظين من طول وطول
قل للقريحة في مهذب مدحة فيضي وسيلي:
ولفيك قل فه في حديثك غير محسود كليل
قل للبتول عظيم فضــل لم يدنس بالفضول
هي قبل كل مكوّنقنديل عرش للجليل
هي صفوة للخلق سيــدة لنسوة كل جيل
هي للقبيل عقيلةومليكة هي للعقول
هي للنبي وللوصيوللزكي وللقتيل
مقرونة في عصمةعن كل مذموم وبيل


الصفحة 269
هي لبوة نبويةمحجوبة في خير غيل
سكن لحيدرة وحيـدرة هزبر للرسول
من ذين قرت عينهفي مشبلين وفي شبول
كفوين من نسب قصيرمستنير مستطيل
بحرين ملتقيين ليسلكل بحر من عديل
كل يفيض معينهبعذوبة من سلسبيل
جلت حليلة حيدرلو لم يكنه عن حليل
سبقت بحلبة كل فضلكل ذي فضل نبيل
صعدت محلقة فصوب كل عقل للنزول
وصلت لحد لم يصلهكل ذي شرف جليل
هي رحمة للمسلمينورحمة للمستنيل
وشفيعة مرضيةلله في يوم مهول
شخصت به مقل وفربه خليل عن خليل
هل غير بنت محمد:للخلق من ظل ظليل


الصفحة 270

الصفحة 271

الشيخ صالح الكواز

إحتضنت الحلة السيفية أو المزيدية الفيحاء، مدرستين كان لهما الأثر البالغ في ترسيم معالم النهضة الفكرية للمدرسة الإمامية إبّان القرن الخامس الهجري حين تأسيسها أنذاك، على عهد نوابغها المتعاقبين عليها كالمقدسين الطاوسيين، أو المحققين الحليين، وغيرهم من رواد المدرسة الفقهية الحلّية التي كانت رائدة تقديم الفقه الإسلامي بطروحاته الإمامية المباركة في بلاد الرافدين العراقية، يوم كانت الخلافة العباسية في النزع الأخير نتيجة الاضطراب الفكري والابداع العلمي المشلول الذي أثقل كاهله الاختراقات

الصفحة 272
الفكرية الأخرى القادمة من خلف حدود الوطن الإسلامي.. كانت النهضة الفقهية الحلّية إلى جانب مدرسة الحلبّيين الممتدة من المدرسة العاملية يوم كان جبل عامل حاضرة الاستنباط الفقهي وقاعدة الاجتهاد الإمامي، وما أن أفِلت مدرسة الفقه الحلي حتى توهجت حاضرة النجف الفقهية فأشرقت حين ذاك المدرسة الأدبية الحلية على أيدي الفقهاء الشعراء، وكأنها امتدادات لتلك المدرسة الفقهية العلمية، فكانت بحق صحوة أدبية ترعاها نوابغ الفقهاء يتزعمون مسيرتها إلى حيث الابواب "الأدبية الإمامية" المتنوعة، كالأراجيز الفقهية، والحديثية، أو التاريخية الأخرى.

كانت المدرسة الأدبية الحلية تُمثّل الوجدانيات الصادقة التي تجيش بها قريحة الشاعر ليصيغها مقطوعة شعرية نابعة من غليان النفسية الشيعية الموتورة من أهم حدث سجّلته الذاكرة الشيعية في أرشيف ظلاماتها الممتدة عبر قرون، ولعل المدرسة "الحميرية" أو "الكميتية" وحتى "الخزاعية" التي تفنن في صياغتها السيد الحميري المتمرد على مجتمع أخفى على نفسه الحقيقة، أو الثانية التي أنجبها الكميت المتأمل في عطاء آل البيت (عليهم السلام)، أو تلك الثالثة التي تزعمها دعبل الخزاعي الثائر يسيّر قافلة الشعر إلى جحافل جهاد تطالب الأمة بالرجوع إلى صياغة ذاتها من خلال اعادة قراءة الحقيقة، فان "المدرسة الشعرية الحلّية" قد فاقت هذه المدارس في تصوير الواقعة الكربلائية، وكان التصاقها بالحدث الكربلائي هو الذي أحدث لها تلك "المدرسة الشعرية الحسينية" المتميزة.

تكفّلت المدرسة الشعرية الحلية بصياغة "الحدث الحسيني" على أنه الحدث الذي ألهم الأمة معرفة معاناتها الممتدة عبر قرون، وأنشدته على أنه

الصفحة 273
الحدث الأهم الذي عبّر عن معاناة الانسانية المعذّبة والتي استنفرت كل شيء للتمرد والثورة على الظلم والطغيان، فكان الشعور الشيعي الحافل بمعاناة الحقب الجائرة خصوصاً على الذات الشيعية، قد ترّجمها الشاعر الحلي إلى مقطوعات تفنن في صياغتها وأجاد في ابراز مدرسة شعرية حسينية.

لم يكتفِ الشاعر الحلي بالصياغة التقليدية للقصيدة أو الفن الشعري الرتيب، بل توّج عطاءه بابداعات أدبية كانت نابعة عن شدة شوقه في التعبير عن التحرّق الذي أصابه من فاجعة الطف الدامية، فنمت في أحاسيسه ووجدانياته اللاشعورية فنون العطاء المعبّر عن معاناته هذه حتى أضحى يقدّم العطاء تلو العطاء والفن إثر الفن.

تزعّم هذه المدرسة الحلية أواسط القرن الثالث عشر نوابغ شعراء، كان شيخهم يوم ذاك الشيخ صالح الكواز، فأسس مدرسته الخاصة التي تقابل مدرسة عبد الغفار الاخرس البغدادية، ومدرسة عبد الباقي العمري الموصلية، أخضع الشيخ صالح الكواز القضية التاريخية لقصيدته، وقادها إلى حيث يتنقل في أغراضه الشعرية، وجعل من الحدث الكربلائي وحدة التعامل الغالبة في مقطوعاته الأدبية، وكانت قضية الزهراء (عليها السلام) بكل مأساتها هي ديباجةُ كربلائياته، ولعله يختتم قصيدته بها ليُرجع واقعة الطف إلى تلك المأساة.

شكّلت فاجعة كربلاء ومأساة السيدة الزهراء (عليها السلام) وحدة موضوع في أدبيات الكواز، واستطاع أن يدمج الغرضين في غرض واحد متكامل، واستفاد من سرد الواقعتين التلازم التاريخي لمجريات الحدث الفاطمي

الصفحة 274
ليربطه بالحدث الحسيني، لذا فان قصائده الحسينية المطعّمة بالمأساة الفاطمية جاءت من أروع ترنيماته الكربلائية وإلى ذلك أشارت شهادة الشاعر السيد حيدر الحلي الذي ملأالخافقين في شعره الحسيني قوله: أطول الشعراء باعاً في الشعر، وأثقبهم فكراً في انتقاء لآلى النظم والنثر، خطيب مجمعة الأدباء والمشار اليه بالتفضيل على سائر الشعراء(1).

سجّل الكواز في ملاحمه الفاطمية قضية إسقاط المحسن لتكون فاتحة عهد لمجريات الاحداث القادمة التي قدّمتها الظروف السياسية المرتجلة والتي أقحمت الأمة في صراعات فكرية تشرّذمت من خلالها إلى توجهات عقائدية وتحزبات سياسية أرهقت الفكر الإسلامي إلى إنشطارات مقيتة.

ولد الشيخ صالح الكواز سنة 1233 هـ وتوفي في شوال سنة 1290، كان من أبرز الشعراء الحليين، فقد تصدى لاقامة العزاء له ثلاثة أيام العلامة الكبير السيد مهدي القزويني، ورثاه السيد حيدر الحلي بقصيدته:

كل يوم يسومني الدهر ثكلاويريني الخطوب شكلا فشكلا

ومنها:

ثكلُ أم القريض فيك عظيمولأم الصلاح أعظم ثكلا
قد لعمري أفنيت عمرك نسكاوشحنت الزمان فرضاً ونفلا
وطويت الأيام صبراً عليهافتساوت عليك حزناً وسهلا
طالما وجهك الكريم علىالله قوبل الحيا مستهلا

____________

1- البابليات للشيخ اليعقوبي عن كتاب دمية القصر المخطوط للسيد حيدر الحلي.


الصفحة 275
[46] واليك بعض "فاطميات" الكواز:

يا قلب ما هذا شعار متيمولعل حال بني الغرام فنون
خفض فخطبك غير طارقة الهوىان الهوى عما لقيت يهون
ما برحت بك غير ذكرى كربلافاذا قضيت بها فذاك يقين
ورد ابن فاطمة المنون على ظماًان كنت تأسف فلتردك منون
ودع الحنين فانها العظمى فلاتأتى عليها حسرة وحنين
ظهرت لها في كل شيء آيةكبرى فكاد بها الفناء يحين
بكت السماء دماً ولم تبرد بهكبد ولو ان النجوم عيون
ندبت لها الرسل الكرام وندبهاعن ذي المعارج فيهم مسنون
فبعين نوح سال ما اربى علىما سار فيه فلكه المشحون
وبقلب ابراهيم ما بردت لهما سجر النمرود وهو كمين
ولقد هوى صعقاً لذكر حديثهاموسى وهون ما لقى هارون
واختار يحيى أن يطاف برأسهوله التأسي بالحسين يكون
وأشد مما ناب كل مكونمن قال قلب محمد محزون
فحراك تيم بالضلالة بعدهللحشر لا يأتى عليه سكون


الصفحة 276
عقدت بيثرب بيعة قضيت بهاللشرك منه بعد ذاك ديون
يرقى منبره رقى في كربلاصدر وضرج بالدماء جبين
لولا سقوط جنين فاطمة لماأوذى لها في كربلا جنين
وبكسر ذاك الضلع رضت أضلعفي طيها سر الآله مصون
وكذا على قوده بنجادهفله علي بالوثاق قرين
وكما لفاطم رنة من خلفهلبناتها خلف العليل رنين
وبزجرها بسياط قنفذ وشحتبالطف من زجر لهن متون
وبقطعهم تلك الاراكة دونهاقطعت يد في كربلا ووتين
لكنما حمل الرؤس على القناأدهى وان سبقت به صفين
كل كتاب الله لكن صامتهذا وهذا ناطق ومبين

[47] وله رضي الله عنه:

قلبي يقل من الهموم جبالهاوتسيخ عن حمل الرداء متوني
وانا الذي لم أجزعن لرزيةلو لا رزاياكم بني ياسين
تلك الرزايا الباعثات لمهجتيما ليس يبعثه لظى سجين
كيف العزاء لها وكل عشيةدمكم بحمرتها السماء تريني
والبرق يذكرني وميض صوارمأردتكم في كف كل لعين
والرعد يعرب عن حنين نسائكمفي كل لحن للشجون مبين


الصفحة 277
يندبن قوماً ما هتفن بذكرهمالا تضعضع كل ليث عرين
السالبين النفس أول ضربةوالملبسين الموت كل طعين
لا عيب فيهم غير قبضهم اللوىعند اشتباك السمر قبض ضنين
سلكوا بحاراً من دماء أميةبظهور خيل لا بطون سفين
لو كل طعنة فارس باكفهملم يخلق المسبار للمطعون
حتى اذا التقتهم حوت القضاوهي الاماني دون كل أمين
نبذتهم الهيجاء فوق تلاعهاكالنون ينبذ بالعرى ذا النون
فتخال كلا ثم يونس فوقهشجر القنا بدلا عن اليقطين
خذ في ثنائهم التجميل معرضاًفالقوم قد جلوا عن التبيين
هم أفضل الشهداء والقتلى الاولىمدحوا بوحي في الكتاب مبين
ليت المواكب والوصي زعيمهاوقفوا كموقفهم على صفين
بالطف كي يروا الأولى فوق القنارفعت مصاحفها اتقاء منون
جعلت رؤس بني النبي مكانهاوشفت قديم لواعج وضغون
وتتبعت أشقى ثمود وتبعونبت على تأسيس كل لعين
الواثبين لظلم آل محمدومحمد ملقى بلا تكفين
والقائلين لفاطم آذيتنافي طول نوح دائم وحنين
والقاطعين اراكة كيما تقلفي ظل أوراق لها وغصون


الصفحة 278
ومجمعي حطب على البيت الذيلم يجتمع لولاه شمل الدين
والداخلين على البتولة بيتهاوالمسقطين لها أعز جنين
والقائدين إمامهم بنجادهوالطهر تدعو خلفهم برنين
خلوا ابن عمي أولاكشف بالدعارأسى وأشكو للآله شجوني
ما كان ناقة صالح وفصيلهابالفضل عند الله الا دوني
ورنت الى القبر الشريف بمقلةعبرى وقلب مكمد محزون
نادت واظفار المصاب بقلبهاأبتاه عز على العداة معيني
أبتاه هذا السامري وعجلهتبعا ومال الناس عن هرون
أي الرزايا أتقى بتجلدهو في النوائب ما حييت قرينى
فقدى أبى أم غصب بعلي حقهأم كسر ضلعي أم سقوط جنيني
أم أخذهم حقي وفاضل نحلتيأم جهلهم قدري وقد عرفوني
قهروا يتيميك الحسين وصنوهوسئلتهم أرثي وقد نهروني(1)

____________

1- رياض المدح والرثاء من ص 106 ـ 108.


الصفحة 279

الشيخ عبد الحسين شُكر

بداية المدرسة النجفية الأدبية المنفتحة على ثقافات المدارس الأدبية الأخرى، ففي منتصف القرن الثاني عشر الهجري نشطت المدرسة الفقهية النجفية وأبدعت المدرسة الاصولية إبّان عهد زعيمها الشيخ الانصاري قدس سره، وفي هذا المضمار العلمي المتسارع، انفتحت المدرسة النجفية على المدارس الأدبية الأخرى، فأخذت من مدارس حواضر الأدب الشيعي ما أعاد لها شخصيتها الأدبية، ولعل أحسن ما أخذته من هذه المدارس، تخصصها في الاغراض الأدبية الخاصة التي ميّز مدرسة عن مدرسة أخرى،

الصفحة 280
فالمدرسة الحلية ارتسمت ملامح شخصيتها الأدبية من الرثاء الحسيني الذي ما فتأت هذه المدرسة تتعهده وتبدع فيه، فاشتهر الحلييون بالمراثي الحسينية وتفننوا في نقل المأساة، وقدّموا المشاهد التاريخية لتفاصيل هذه الفاجعة على شكل وحدة أدبية تشكّلت من الأخبار التاريخية واحساسات الشاعر وخلجاته الخاصة، لذا فانك تجد رثاءً يتميز عن رثاء، واحساسات تختلف في هواجسها الخاصة عن احساس، فما أبدعه السيد حيدر الحلي تميز عن روائع الشيخ صالح الكواز، وما قدّمه السيد جعفر الحلي مثلا غير الذي خلّفهُ الشيخ مجيد العطار، وما أسسه الشيخ حمادي نوح غير الذي أرسى دعائمه السيد محمد القزويني وهكذا تشكلت المدرسة الحلية، وتبعتها مدرسة النجفيين الأدبية فقد تخصصت بالرثاء الفاطمي وابتكرت اسلوب المزاوجة بين الفاجعة الفاطمية وبين الفجائع الأخرى، وأكدت في مرثياتها ان أساس المحنة التي حلت في التاريخ الإسلامي هي محنة الزهراء (عليها السلام)والتي انطلقت منها سلسلة من المحن والفجائع التي توزعت على آلها المعصومين.

التزم شاعر المرثية الفاطمية اسلوب التحقيق والاستدلال وربط بين فاجعة الحسين (عليه السلام) وفاجعة الزهراء (عليها السلام) ليستنتج أخيراً أن ما حل بأهل هذا البيت الطاهر كانت بدايته تلك المأساة الفاطمية.

فالشاعر عبد الحسين شكر كان نموذجاً جيداً لهذه المدرسة، والتزم مبدأ التحقيق في مرثياته الفاطمية فابتدأها بمرثيات حسينية ثم أخلص إلى رثاء السيدة الزهراء (عليها السلام) وذكر فاجعة الاسقاط.


الصفحة 281
توفي الشيخ عبد الحسين شكر سنة 1285 هـ(1) في النجف، ونقل صاحب شعراء الغري عن الحصون المنيعة قوله: كان أدبياً شاعراً من أفاضل الشعراء وأحاسن الأدباء، وذوي البديهة والاكثار في الشعر.

له في رثاء الحسين (عليه السلام) ثم يخلص الى رثاء السيدة الزهراء (عليها السلام)مقطوعات أدبية منها:

* * *

[48] قوله:

أنخ الطلاح ففي الطفوف مرامهاواعقل فقد بانت لنا أعلامها
واحرم وطف سبعاً فما في بكةما في الطفوف وان ترفع هامها
واروي بدمعك تربها فكم ارتوىبدما نحور بني النبي رغامها
شمخت على السبع الشداد بأنجمبزغت غداة ابن النبي أمامها
حتى إذا الدنيا تنفس صبحهابالرشد عسعس بالضلال ظلامها
طافت أمية بالطفوف سيوفهالرحى المنية حتفها وحمامها
حسبت سفاها أن ستضرع هاشمويسود اساد العرين سوامها
فتسنمت قتب البطون ضياغملجج الوغى غاباتها واجامها

____________

1- شعراء الغري 5: 157.


الصفحة 282
أسد كأن الهام عند هياجهاأقداح قبر والدماء مدامها
فترى اللهاذم تلتوي بأكفهمكأراقم سدَّ الفضاء سمامها
والبيض مهما أبرقت بسحائبللنقع فوق البيض أمطر هامها
حتى إذا شاء المهيمن أن يرىشمس العوالم نكست أعلامها
سالت على البيض الصفاح نفوسهموجرت بمحتوم القضاء أقلامها
صبغت بحمر الدم بيض وجوههمفاسود من بيض الضبا أيامها
فهناك جرد شبل حيدر صارماذابت لومض فرنده أجسامها
فأصم أسماع العراق برنةكادت بأصداها تسيخ شآمها
سئم الحياة غداة أبصر صحبهحلوّا الثرى وعليه هان مقامها
فهنالك الباري تجلى في ذرىطور الجلالة داعياً علامها
فترى الملائك معولين لقتلهوالانبياء له تطأطأ هامها
ويحق للرسل الكرام عويلهامن بعده فاليوم مات امامها
اليوم مات المصطفى و وصيهاليوم صغّر للبتول مقامها
اليوم بالنيران أضرم بابهافذكت بقارعة الطفوف خيامها
اليوم أسقط محسن فلذا غدتأطفالها جرع السهام فطامها
اليوم دقت بالجدار فهشمتبالطف من مهج النبي عظامها
اليوم قادوا المرتضى بنجادهوأستأمنت بطش الحليم لئامها
فلذا سرى زين العباد مقيداًيبكيه من عجف النياق بغامها


الصفحة 283
اليوم ابرزت الضغون فأبرزتبعد الخدور حواسراً أيتامها(1)

[49] وله في رثاء الإمام الحسين (عليه السلام):

أمن ذكر وادى لنقا فاللوىبدافي المحاجر ما في الجوى
أم القلب في أدمع لعين سالغداة تذكرت يوم النوى

إلى أن يقول:

فمن مبلغن بني هاشمبرزء لوى عضبهم فالتوى
قد ألبس الرسل ثوب الحدادوأبكى ملائكها في الهوى
بني الوحي هل تغمضون الجفونوغصن المكارم منكم ذوى
الستم بيوم الوغى معشريخوضون نزعته للشوى
أطلت رزايا على مجدكمطوين رواق العلى فانطوى
حرائركم في السبا ثكلاأضرَّ نهن الظما والطوى
متى شمن فوق الصعاد الرؤوسبأدمعهن الصعيد ارتوى
فتلك بنو الوحي أجسامهمتضيء بها أم بوادي طوى
وطالت شهبها مذ حوتمليكاً على المكرمات احتوى
فقوموا غضاباً بني هاشملتجزون كل امرىء ما نوى
دهيتم بدهماء من معشرأشادوا من الغي بيتاً غوى
فما آل سفيان لولا الأُلىولولا السقيفة ما نينوى

____________

1- شعراء الغري 5: 150.


الصفحة 284
هم ابتدعوا غصب ميراثهموقام بها ليزيد اللوا
وما جرأة القوم لولم يقاللأحمد قدظل أو قد غوى
زووا حق فاطمة والوصيلذا عن حسين يزيد زوى
لأن أمنوا اليوم من مكرهمفلا يأمنوا من شديد القوى(1)

[50] وله في رثاء الحسين (عليه السلام)
من شلَّ ساعد هاشم فيمينهامن جزّ بالبيض الضبا عرنينها
من خط في أقلام عرصة كربلابالضيم مفرق صيدها وجبينها

إلى أن يقول:

فأثرن نقعاً كن فيه ثمانياًسبع الطباق وستة أرضونها
فتذكرت حرب وقايع حيدرونست بوقعة كربلاء صفينها
بضبا نزار إليه لولا القضاما أرخصت منها أميُ ثمينها
ولما أحلت قتلها أو حرّمتيوماً على آل النبي معينها
فمن المعزي من لوي أسرةهزَّت على قبِّ البطون جنينها
قلعت أعاديها أراكة مجدهاورمت بأسهام الذبول غصونها(2)

____________

1- شعراء الغري 5: 157.

2- نفس المصدر.