الشيخ حبيب شعبان
إذا كانت المدرسة الحلية قد أبدعت في الرثاء الحسيني، فان مدرسة الأدب النجفية قد أبدعت في الأدب الفاطمي، ولعل الموقع الجغرافي لكلا المدرستين قد أسهمَ في تخصصات هذين الاتجاهين، فالحلة الفيحاء المتاخمة لحدود كربلاء، وتماس الحليين لهذه المدينة المقدسة فضلا عن قوافل الزائرين الوافدين إلى كربلاء والمارين على أطراف الحلة أو المخترقين لوسط مدينتها، كما أن فرات الحلة الممتد من الفرات الكربلائي الذي حدثت على شواطئه الفاجعة الحسينية، عوامل تعيد ذكريات الفاجعة وتفاصيل
كان الشيخ حبيب شعبان ممن مثّل هذه النزعة، وترجم تطلعات المدرسة الادبية النجفية في اظهار مظلومية السيدة الزهراء (عليها السلام) بقصائد أبدع فيها وتُليت على منابر الخطباء ومحافل الأدباء، كما أنه أظهر مأساة المحسن بروعة أدبية، ومحاولة فنية قيّمة.
ولد الشيخ حبيب شعبان في النجف في حدود 1290 هـ(1)، ونشأ على أبيه، وعُني بتربيته وقرأ القرآن وتعلم الكتابة، ثم وجهه حسب رغبته إلى طلب العلم فقرأالنحو والصرف والمعاني والبيان والمنطق والفقه والاصول.
قال صاحب الحصون: فاضل ذكي، شاعر معاصر، وأديب حسن
____________
1- راجع في ترجمته شعراء الغري 3: 3.
وذكر صاحب أعيان الشيعة انه انتقل إلى الهند فحاز على منزلة سامية عند أهلها وكان من مراجع الدين.
وذكره الشيخ جعفر النقدي: فقال: فاضل بديع الاسلوب حسن النظم، جميل المحاورة.
[51] قال في رثائه للسيدة الزهراء (عليها السلام):
سقاك الحيا الهطال يا معهد الالف | ويا جنة الفردوس دانية القطف |
فكم مر لي عيش حلا فيك طعمه | ليالي أصفي الود فيها لمن يصفي |
بسطنا أحاديث الهوى وانطوت لنا | قلوب على ما في المودة والعطف |
فشتتنا صرف الزمان وإنه | لمنتقد شمل الأحبة بالصرف |
كأن لم تدر ما بيننا أكؤس الهوى | ونحن نشاوى لا نمل من الرشف |
ولم نقض أيام الصبا وبها الصبا | تمر علينا وهي طيبة العرف |
أيا منزل الاحباب مالك موحشاً | بزهرته الارياح أودت بما تسفي |
تعفيت يا ربع الأحبة بعدهم | فذكرتني قبر البتولة إذ عفي |
رمتها سهام الدهر وهي صوائب | بشجو إلى أن جرعت غصص الحتف |
شجاها فراق المصطفى واحتقارها | لدى كل رجس من صحابته جلف |
وما ورثوها من أبيها وأثبتوا | حديثا نفاه الله في محكم الصحف |
فآبت وزند الغيظ يقدح في الحشا | تعثر بالأذيال مثنية العطف |
وجاءت إلى الكرار تشكو اهتضامها | ومدت اليه الطرف خاشعة الطرف |
أبا حسن يا راسخ الحلم والحجى | إذا فرت الأبطال رعباً من الزحف |
ويا واحداً أفنى الجموع ولم يزل | بصيحته في الروع يغني عن الألف |
أراك تراني وابن تيم وصحبه | يسومونني مالا أطيق من الخسف |
ويلطم خدي نصب عينيك ناصب الـ | ـعداوة لي بالضرب مني يستشف |
فتفضي ولا تنضي حسامك آخذا | بحقي ومنه اليوم قد صفرت كفي |
لمن اشتكي إلاّ اليك ومن به | ألوذ وهل لي بعد بيتك من كهف |
وقد أضرموا النيران فيه وأسقطوا | جنيني فوا ويلاه منهم ويالهف |
وما برحت مظلومة ذات علة | تؤرقها البلوى وظالمها مغف |
إلى أن قضت مكسورة الضلع مسقطاً | جنين لها بالضرب مسودة الكتف |
كسا جسمها ثوب الضنا وبناتها | عناداً لها قد سلبوهن بالطف |
وطافوا بها الشامات أسرى حواسراً | هواتف يذهلن الحمام عن الحتف |
ويخمشن بالأيدي وجوهاً تقشرت | عن الشمس إذ ما في ظلال ولا سجف |
لقد شمتت أرجاس آل أمية | بها فلفرط الانس تضرب بالدف(1) |
[52] وله في رثاء السيدة الزهراء (عليها السلام) قوله:
هي الغير تسقي من لواحظها خمرا | لذلك لا تنفك عشاقها سكرى |
ضعايف لا تقوى قلوب ذوي الهوى | على هجرها حتى تموت به صبرا |
وما أنا ممن يستلين فؤادهُ | وينفثن بالألحاظ في عقله سحرا |
ولا بالذي يشجيه دارس مربع | فيسقيه من أجفانه أدمعاً حمرا |
____________
1- شعراء الغري 3: 6.
أأبكي لرسم دارس حكم البلى | عليه ودار بعد سكانها قفرا |
وأصفي ودادي للديار وأهلها | فيسلو فؤادي ودّ فاطمة الزهرا |
وقد فرض الرحمن في الذكر ودها | وللمصطفى كانت مودتها أجرا |
وزوجها فوق السما من أمينه | علي فزادت فوق مفخرها فخرا |
وكان شهود العقد سكان عرشه | وكانت جنان الخلد منه لها مهرا |
فلم ترض إلاّ أن يشفعها بمن | تحب فأعطاها الشفاعة في الأخرى |
حبيبة خير الرسل ما بين أهله | يقبلها شوقاً ويوسعها بشرا |
ومهما لريح الجنة اشتاق شمها | فينشق منهاذلك العطر والنشرا |
إذا هي في المحراب قامت فنورها | بزهرته يحكي لأهل السما الزهرا |
وانسية حوراء فالحور كلها | وصائفها يعددن خدمتها فخرا |
وإن نساء العالمين إماؤها | بها شرفت منهن من شرفت قدرا |
فلم يكُ لولاها نصيب من العلى | لأنثى ولا كانت خديجة الكبرى |
لقد خصها الباري بغرِ مناقب | تجلت وجلت أن يطيق لها حصرا |
وكيف تحيط اللسن وصفا بكنه من | أحاطت بما يأتي وما قد مضى خبرا |
وما خفيت فضلا على كل مسلم | فيا ليت شعري كيف قد خفيت قبرا |
وما شيع الاصحاب سامي نعشها | وما ضرهم ان يغنموا الفضل والأجرا |
بلى جحد القوم النبي وأضمروا | له حين يقضي في بقيته المكرا |
له دحرجوا مذ كان حياً دبابهم | وقد نسبوا عند الوفات له الهجرا |
فلما قضى ارتدوا وصدوا عن الهدى | وهدوا على علم شريعته الغرا |
وحادوا عن النهج القويم ضلالة | وقادوا علياً في حمايله قهرا |
وحيداً من الانصار لا حمزة له | ولا جعفر الطيار فادرع الصبرا |
وطأطأ لا جبناً ولو شاء لانتضى | الحسام الذي من قبل فيه محا الكفرا |
ولكن حكم الله جار وانه | لأصبر من في الله يسيعذب الصبرا |
فكابد ما لو بالجبال لهدّها | وشاهد بين القوم فاطمة حسرا |
ومنها:
ستصرخ للعدل الحكيم بعولة | وتشكوك يوم الحشر لا تعرف الحشرا |
لها الله من مظلومة كظلامة | لديك لها لا تستطيع لها حصرا |
وأفجع ما قاسته منك وكلها | فجايع أن أرقيت صدر ابنها شمرا |
فعلىّ على الخطاب عالي كريمة | خضيبا ورضت صدره الخيل والظهرا |
فكابد حر السيف وهو على ظما | وظل بحر الصيف ملقى على الغبرا |
خضيباً بقان من دماه بكت له | السماء دما والارض والأفق إحمرا |
عليك أبا السجاد ما أحسن البكا | وما أقبح الدنيا بفقدك والصبرا |
أتقضي ولم تشرب من الماء قطرة | تريبا وفيك الناس تستنزل القطرا |
وتعدوا عليك العاديات مجردا | ترض لك الصدر الذي استودع السرا(1) |
____________
1- شعراء الغري 3: 4.
السيد عيسى الكاظمي
لم تكن مدرسة بغداد قد أنجبت ما أنجبته مدارس النجف الأدبية أو الحلة أو كربلاء، ذلك لأن المدرسة البغدادية قد جمعت في حوزتها شعراء يوحدهم الفن الأدبي، وتفرّقهم الاغراض الشعرية ذات الفلسفات المتباينة، فالشعراء من ذوي المذاهب الإسلامية المختلفة قد إنتموا إلى هذه المدرسة البغدادية، وحاول كل منهم التعبير عن مبتنياته الفقهية أو توجهاته السياسية، أو رؤيته التاريخية، أو مشاهداته الاجتماعية في غرض القصيدة الذي بات بعد ذلك توثيقاً لمبتنيات هذه الفئة أو تلك، وحاز الشاعر الشيعي
لم يُحِدْ الأدب الشيعي البغدادي عن أدب مدارس الأم، فمدرسة الأدب الحلية التي تميزت بالرثاء الحسيني، ومدرسة الأدب النجفية التي أبدعت في الرثاء الفاطمي، ومدرسة الادب البحرانية التي عُرفت بمدرسة أدب المأساة، ومدرسة الأدب القطيفية التي التزمت الدفاع عن عقائد الامامية، ومدرسة الادب العاملية التي انفتحت على مدارس الحواضر الإسلامية الأخرى لتقدّم الرؤية الصحيحة عن مذهب أهل البيت (عليهم السلام)، كل هذه المدارس شاركت في تأسيس مبتنيات المدرسة البغدادية الشيعية، وحاولت ارساء دعائمها كونها اكثر المدارس تعرضاً للمحاججة والاستجواب من قبل المدارس الإسلامية الأخرى، إذن، كانت مدرسة بغداد حصيلة هذه المدارس الأدبية، ولا نعني الغاء شخصية هذه المدرسة وخصوصياتها، بل اننا نحتفظ برؤيتنا عن هذه المدرسة ذات الاختصاص الشيعي الصرف والمنفتح على ثقافات المدارس الأخرى.
هو السيد عيسى بن السيد جعفرابن السيد محمد آل سيد محسن الاعرجي الكاظمي، وهو عالم كامل وأديب جليل من رجال أسرته الافاضل، وأعلام المعرفة الأماثل قرأ على علماء عصره وبدع في الأدب ولا سيما الشعر(1).
ترك أثاره العلمية التي منها:
شرح مقدمات الحدائق. كتاب المحصول. كتاب الوافي. كتاب العدة في الرجال.
قدّم السيد عيسى الكاظمي مدرسته الأدبية كونها المدرسة المتصدية لاظهار مظلومية آل البيت (عليهم السلام)، وكان عنوان هذه المظلومية مأساة السيدة الزهراء (عليها السلام)، فأرّخ محنتها أحسن تأريخ وقدّمها برؤيتها التاريخية الأمينة.
____________
1- نقباء البشر في القرن الرابع عشر 4: 1637.
[53] قال:
خطبٌ يُذيبُ من الصخور صلابها | ويزيلُ من شم الجبالِ هضابها |
فلو أنّ ما قاسيت منه صادفت | صم الصفا معشارُه لأذا بها |
خطبٌ لهُ أمسيتُ أصفقُ راحتي | وذو المعالي منهُ تقرعُ نابها |
عطفت على القبر الشريفِ برنّة | تشكو إليه من اللئام مصابها |
والله ما أدري لأي مصيبة | تشكو فقد هدّالقوى ما نابها |
العِصرها بالباب حتى أسقطت؟! | أم حرقها ياللبريّه بابها؟! |
ام لطمها حتى تناثر قِرطها؟! | وبه تقصّدُ عينها فأصابها |
أم ضربها حتى تكسّر ضلعها؟! | ضرباً يروم به الزنيم أيابها |
أم غصبهم من بعد ذلك نحلة؟! | ام أنّهم خرّقوا لذاك كتابها |
أم قودهم لإمامهم بنجاده؟! | كيما يُبايع جهرةً أذنابها |
والطهرُ تهتفُ خلفهم في رنّة | ملأت من البيد القفار رحابها |
ما عندهم لنبيهم فيها إذا | ما قد تولاّ في المعاد حسابها |
يوم به الزهراء تحملُ محسناً | سقطاً فتذهل للورى ألبابها |
العلامة
السيد باقر الهندي
إذا كان حوار الحضارات يتوقف على آلية التفاهم، فان القصيدة الامامية قد صيغت على انها آليه الحوار والتفاهم، وإذا كانت القصيدة العربية منبعثة من هموم الشاعر ولواعج نفسه، فان القصيدة الامامية منبعثة من طرفي معادلة واقعية ثابتة وهي الحاجة الذاتية للشاعر ليُعبّر عن مكنون ألمه العميق بما حل بآل الله الطيبين، ومن الحاجة إلى طرح قضيته العقائدية لحضارة قادمة يتحاور معها على أساس الثوابت المتسالمة تاريخياً،
في قراءة لقصيدة العلامة الثبت السيد باقر الهندي تنكشف لك حقيقة هذا الحوار الحضاري، فالقصيدة استقصاءات لمحنة تاريخية، وتساءلات أثارها الشاعر عن ثوابت لا يمكن انكارها، وكأن تساؤلاته مسلّمات ارتكزت في نفس الشاعر وفي ذهنية المخاطب، ثم يقدّم الشاعر اجاباته على أساس الرؤية التاريخية المتسالم عليها، وتتمحور اجاباته على أسس الثوابت والمسلمات العقائدية.
كل غدر وقول افك وزور | هو فرع عن جحد نص الغدير |
فتبّصر تبُصر هداك إلى الحق | فليس الاعمى به كالبصير |
ليس تعمى العيون لكنما تعمى | القلوب التي انطوت في الصدور |
يوم اوحى الجليل يأمر طه | وهو سار ان مر بترك المسير |
حط رحل السرى على غير ماء | وكلا في الفلا وحر الهجير |
ثم بلغهم والا فما بلغت | وحياً عن اللطيف الخبير |
اقم المرتضى اماماً على الخلق | ونوراً يجلو دجى الديجور |
فرقى آخذاً بكف علي | منبراً كان من حدوج وكور |
ودعا والملا حضور جميعاً | غيب الله رشدهم من حضور |
ان هذا اميركم وولي | الامر بعدي ووارثي ووزيري |
هو مولى لكل من كنت مولا | ه من الله في جميع الامور |
فأجابوا بألسن تظهر الطا | عة والغدر مضمر في الصدور |
بايعوه وبعدها طلبوا البيعة | منه لله ريب الدهور |
اسرعوا حين غاب احمد للغدر | وخافوا عواقب التأخير |
نبذوا العهد والكتاب وما | جاء به والوصي خلف الظهور |
خالفوا كلما به جاء طه | وهو إذ ذاك ليس بالمقبور |
عدلوا عن ابي الهداة الميامين | إلى بيعة الاثيم الكفور |
قدّموا الرجس بالولاية للامر | على أهل آية التطهير |
لست تدري لم احرقوا الباب | بالنار ارادوا اطفاء ذاك النور |
لست تدري ما صدر فاطم ما | المسمار ما حال ضلعها المكسور |
ما سقوط الجنين ما حمرة العين | وما بال قرطها المنثور |
دخلوا الدار وهي حسرى بمرأى | من علي ذاك الابى الغيور |
واستداروا بغياً على اسد الله | فاضحى يقاد قود البعير |
والبتول الزهراء في اثرهم تعثر | في ذيل بردها المجرور |
بأنين أورى القلوب ضراماً | وحنين اذاب صم الصخور |
ودعتهم خلوا ابن عمي عليا | اولا شكو إلى السميع البصير |
ما رعوها بل روعوها ومروا | بعلي ملبباً كالاسير |
بعض هذا يريك ممن تولى | بارز الكفر ليس بالمستور |
كيف حق البتول ضاع عناداً | مثل ما ضاع قبرها في القبور |
قابلوا حقها المبين بتزوير | وهل عندهم سوى التزوير |
ورووا عن محمد خبراً لم | يك فيه محمد بخبير |
وعلي يرى ويسمع والسيف | رهيف والباع غير قصير |
قيدته وصية من اخيه | حملته ما ليس بالمقدور |
افصبراً يا صاحب الامر والخطب | جليل يذيب قلب الصبور |
كم مصاب يطول فيه بياني | قد عرى الطهر في الزمان القصير |
كيف من بعد حمرة العين منها | يا ابن طه تهنى بطرف قرير |
فابك وازفر لها فان عداها | منعوها من البكا والزفير |
وكأني به يقول ويبكي | بسلو نزر ودمع غزير |
لا تراني اتخذت لا وعلاها | بعد بيت الاحزان بيت السرور |
فمتى يا ابن فاطم تنشر الطا | غوت والجبت قبل يوم النشور |
فتدارك منا بقايا نفوس | قد اذيبت بنار غيظ الصدور |
الشيخ محمد الملا
لم يكن الرثاء الفاطمي غرضاً أدبياً يقدّمه الشاعر، بقدر ما هو ضرورة تاريخية إستلهمها الأديب من استقرائه التاريخي، والرثاء الفاطمي بات غرضاً ينبعث من التركيبة النفسية الشيعية ذات المعاناة الأزلية على امتداد التاريخ الإسلامي، ولما كان الشاعر احدى العينات الناضجة لهذا المجتمع الممتحن، فان مأساة هذه الشريحة من الأمة الإسلامية ترجمها الشاعر إلى احساسات وهواجس ناضجة تترفع عن أغراض العاطفة ومطبات الغرض الشخصي، إلى مراقي البرهان والاستدلال، بل ان المأساة الفاطمية لافتة
إن معاناة الأديب الشيعي تتوزع بين مصائب السيدة الزهراء إلى شهادة الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام) حتى قتل الحسن وفاجعة الحسين مروراً بالفجائع المتلاحقة المتوزعة بين آل البيت (عليهم السلام)، إلاّ أن مأساة السيدة الزهراء (عليها السلام) قد هيمنت على مشاعر الشاعر واحساساته فينطلق منها إلى تسجيل الحادثة على أنها شاهد حى انطلقت منها المحنة الشيعية على مرور التاريخ.
كان الشيخ محمد الملا أحد الشعراء المجيدين في هذا المجال، فقد قدّم مرثيته الفاطمية على انها أساس الفجائع والمحن، وأوضح في ديباجه مقطوعته الأدبية أن آلامه وهمومه منطلقةً من تلك المصائب التي عاناها آل النبي الاطهار وكانت في مقدمتها مأساة السيدة الزهراء (عليها السلام).
ولد الشيخ محمد الملا في الحلة الفيحاء سنة 1243 هـ وتوفي سنة 1322 وحمل الى النجف الاشرف حيث دفن هناك.
قال عنه البحاثة الشيخ علي الخاقاني(1): أديب كبير، وخطيب مقوّه طرق كافة النواحي بمحاضراته ومساجلاته، وحصل على شهرة واسعة في الاوساط الأدبية عندما نظم رائعته في مدح الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله) وقد أجاد بها، إذ جارى بها بديعية الصفي الحلي والسيد علي خان الشيرازي.
وأرخه اليعقوبي في بابلياته بقوله: من مشاهير أدباء الفيحاء وصدور شعرائها الأقدمين ومن شيوخ صناعة الأدب فيها، سريع البديهة، ذكي
____________
1- راجع في ترجمته أدب الطف 8: 175.
وقد نقل الشيخ اليعقوبي ما أرخهُ الشيخ حمادي نوح عن الشاعر قوله حين صدّر فيها قصيدته في رثاء المترجم واليك نصها: وقال يرثي الشيخ الأجل والحائز عند أهل البيت أرفع محل اللوذ عن الماهر، والالمعي الباهر الشيخ أبالقاسم محمد بن حمزة بن الحسين بن نور علي التستري الاهوازي وتوفي صبيحة الخميس في الثالث عشر من جمادي الثانية سنة 1322 وانصدع الناس له في الحلة انصداعاً عظيماً في أيام وباء تلك السنة وخرج نعشه من الحلة في بهاء عظيم وتشريف له من الله وتكريم وحمل إلى النجف الاشرف ودفن في وادي السلام(1).
____________
1- البابليات 3: 63 دارالبيان.