[55] له في رثاء الحسين (عليه السلام) ثم يخلص إلى رثاء السيدة الزهراء (عليها السلام)واسقاط المحسن قوله:
حتام قلبي يلقى في الهوى نصبا | ولم ينل بلقى أحبابه إربا |
ظنوا فياليت لا ظنوا بقربهم | لما سرت لا سرى أجمالها خببا |
لم تنبعث سحب عيني في مدامعها | إلا وقلبي في نار الأسى التهبا |
قد كان غصن شبابي يانعاً فذوى | والانس بعد شروق بدره غربا |
يا جيرة الحيِّ حيا الغيث معهدكم | فليس ينفك فيه واكفا سربا |
ان تسألوا الحب لا تلفوه منتسباً | إلاّ اليَّ إذا حققتم النسبا |
قلبتموني على جمر العباد وما | رأيت قلبي إلى السلوان منقلبا |
في كل آن اليَّ الدهر مقحماً | من الخطوب يقود الجحفل اللجبا |
فكيف اوليه حمداً في اسائته | لأحمد وبنيه السادة النجبا |
رماهم بسهام الحتف عن حنق | وكلهن بقلب الدين قد نشبا |
قاسى محمد من أعدائه كربا | معشارهن شجاه ينسف الهضبا |
فبالوصية للكرار بلّغ في | خم وأسمع كل الناس مذ خطبا |
فارتاب فيه الذي في قلبه مرض | وفيه آمن مَن لا يعرف الريبا |
حتى إذا صادف الهادي منيته | ونحو أكرم دار مسرعاً ذهبا |
صدت بنو قيلة عن نهجه حسدا | والكل منهم لغصب الآل قد وثبا |
أضحت تقود عليا وهو سيدها | كرهاً لبيعة من غير الضلال أبى |
ماذا الذي استسهلوا مما جنوه على | مَن بالمناقب ساد العجم والعربا |
إسقاطهم لجنين الطهر فاطمة | أم وضعهم حول باب المنزل الحطبا |
أم ضرب رأس علي بالحسام ومن | دمائه شيبه قد راح مختضبا |
أم شربة السم إذ دست إلى حسن | منها ومن شربها كأس الردى شربا |
قد جل رزء الزكي المجتبى حسن | لكن رزء حسين قد سمى رتبا |
إن قطع السم منه في حرارته | أحشاه والقلب منه كابد الوصبا(1) |
____________
1- أدب الطف أو شعراء الحسين للسيد جواد شبر 8: 180.
آية الله العظمى العلامة
السيد محمد القزويني
انفتحت القصيدة العربية في الأدب الشيعي على أغراض لم تكن تألفها من قبل، فالقصيدة كانت تتقوقع على الاغراض التقليدية من شعر العرب الجاهليين، حق اتخذت من المديح والتزلف لآل البلاط في العهد الأدبي الأموي ما جعل القصيدة العربية تنحرف عن مساراتها الوجدانية، وراجت بضاعة الغزل والعبث في المحافل الأدبية المترفة من العهد العباسي، وانحدرت إلى الاغراض المتدنية من التشبيب والوصف الساذج في عهود أدبية تالية،
فمثلا ابتكر الأديب الشيعي فناً شعرياً رائعاً وهو أن يضمّن قصيدته الشعرية وقائع خبر ورد عن أئمته المعصومين (عليهم السلام)، وأدخله في نطاقه الأدبي ليُسّهل على البعض حفظه مثلا أو يثير انتباه الأخرين إلى أهمية الحديث وموضوعيته.
لذا عمد الحجة السيد محمد القزويني إلى اتباع هذا الاسلوب العلمي، فأدخل حديث الكساء في مشروعه الأدبي وتسلسل في روايته حتى خلص إلى فاجعة السيدة الزهراء (عليها السلام)، وكأن حديث الكساء أتاح للسيد القزويني أن ينفتح على مأساة آل الله الذين أتحفهم بمودته وحباهم بكرامته وأنزل فيهم من الآي ما أكد علو منزلتهم عنده وخاصتهم لديه، إلاّ أن الظرف السياسي المرتجل يغيّر هذه المعادلات ويقلب موازناتها الإلهية.
ولد السيد محمد القزويني في الحلة الفيحاء عام 1262 هـ وفيها نشأ وحين راهق البلوغ هاجر ألى النجف الأشرف واغترف من معينها حتى أصبح معقد الأمل ونال رتبة الاجتهاد بشهادة المجتهدين وزعماء الدين.
توفي رحمه الله سنة 1335 هـ واختتم حياته الكريمة بعطاءاته الفذة.
[56] واليك حديث الكساء برواية الحجة القزويني الشعرية:
روت لنا فاطمة خير النسا | حديث أهل الفضل أصحاب الكسا |
تقول أن سيد الانام | قد جائني يوماً من الايام |
فقال لي اني أرى في بدني | ضعفاً أراه اليوم قد أنحلني |
قومي علي بالكسا اليماني | وفيه غطيني بلا تواني |
قالت فجئته وقد لبيته | مسرعة وبالكسا غطيته |
وكنت أرنو وجهه كالبدر | في أربع بعد ليال عشر |
فما مضى الا يسير من زمن | حتى أتى أبو محمدالحسن |
فقال يا أماه أني أجد | رائحة طيبة أعتقد |
بانها رائحة النبي | أخي الوصي المرتضى علي |
قلت نعم ها هو ذا تحت الكسا | مدثر به تغطى واكتسى |
فجاء نحوه ابنه مسلما | مستأذناً قال له ادخل مكرما |
فما مضى إلاّ القليل إلاّ | جاء الحسين السبط مستقلا |
فقال يا أم أشم عندك | رائحة كأنها المسك الذكي |
وحق من أولاك منه شرفا | أظنها ريح النبي المصطفى |
قلت نعم تحت الكساء هذا | بجنبه أخوك فيه لاذا |
فاقبل السبط له مستأذنا | مسلما قال له ادخل معنا |
وما مضى من ساعة الا وقد | جاء أبوهما، الغضنفر الأسد |
أبو الأئمة الهداة النجبا | المرتضى رابع أصحاب الكسا |
فقال يا سيدة النساء | ومن بها زوجت في السماء |
أني أشم في حماك رائحة | كأنها الورد الندي فايحه |
يحكي شذاها عرف سيد البشر | وخير من لبى وطاف واعتمر |
فقلت نعم تحت الكساء التحفا | وضم شبليك وفيه اكتنفا |
فجاء يستأذن منه سائلا | منه الدخول قال فادخل عاجلا |
قالت فجئت نحوهم مسلمه | قال ادخلي محبوة مكرمه |
فعندما بهم أضاء الموضع | وكلهم تحت الكساء اجتمعوا |
نادى إله الخلق جل وعلا | يسمع أملاك السموات العلى |
أقسم بالعزة والجلال | وبارتفاعي فوق كل عالي |
ما من سما رفعتها مبنية | وليس أرض في الثرى مدحيه |
ولا خلقت قمراً منيرا | كلا ولا شمسا أضائت نورا |
وليس بحر في المياه يجري | كلا ولا فلك البحار تسرى |
إلاّ لأجل من هم تحت الكسا | من لم يكن أمرهم ملتبسا |
قال الأمين قلت يا رب ومن | تحت الكسا بحقهم لنا أبن |
فقال لي هم معدن الرساله | ومهبط التنزيل والجلاله |
وقال هم فاطمة وبعلها | والمصطفى والحسنان نسلها |
فقلت يا رباه هل تأذن لي | أن أهبط الارض لذاك المنزل |
فاغتدى تحت الكساء سادسا | كما جعلت خادما وحارسا |
قال نعم فجائهم مسلما | مسلما يتلو عليهم انما |
يقول ان الله خصكم بها | معجزة لمن غدا منتبها |
أقراكم رب العُلا سلامه | وخصكم بغاية الكرامه |
وهو يقول معلنا ومفهما | إملاكه الغر بما تقدما |
قال علي قلت يا حبيبي | ما لجلوسنا من النصيب |
قال النبي والذي اصطفاني | وخصني بالوحي واجتباني |
ما أن جرى ذكر هذا الخبر | في محفل الاشياع خير معشر |
إلاّ وأنزل الإله الرحمه | وفيهم حفت جنود جمه |
من الملائك الذين صدقوا | تحرسهم في الدهر ما تفرقوا |
كلا وليس فيهم مغموم | الا وعنه كشفت هموم |
كلا ولا طالب حاجة يرى | قضائها عليه قد تعسرا |
الا قضى الله الكريم حاجته | وأنزل الرضوان فضلا ساحته |
قال علي نحن والاحباب | أشياعنا الذين قُدما طابوا |
فزنا بما نلنا ورب الكعبه | فليشكرن كل فرد ربه |
يا عجبا يستأذن الأمين | عليهم ويهجم الخئون |
قال سليم قلت يا سلمان | هل دخلوا ولم يكن استئذان |
فقال اي وعزة الجبار | ليس على الزهراء من خمار |
لكنها لاذت وراء الباب | رعاية للستر والحجاب |
فمذ رأوها عصروها عصره | كادت بروحي أن تموت حسره |
تصيح يا فضة أسنديني | فقد وربي قتلوا جنيني |
فاسقطت بنت الهدى واحزنا | جنينها ذاك المسمى محسنا(1) |
____________
1- رياض المدح والرثاء للشيخ حسين البلادي: 6.
السيد مهدي الحلي
من رموز النهضة الأدبية الحلية التي اجتاحت الوسط العراقي إبّان القرن الثالث عشر فاستقرت في الحلة الفيحاء، فكانت العاصمة الأدبية لمدرستي النجف وكربلاء العلميتين. والتجديد العلمي لهاتين المدرستين كان في أوج حركته، والنهضة الأدبية تعهدتها المدرسة الحلية، فبرع فيها فحول الشعراء كما نبغ في المدرستين السابقتين أساطين العلماء.
كان العهد العلمي الجواهري الذي يتزعمه الشيخ محمد حسن النجفي
كانت المدرسة الحلية تتخذ من واقعة الطف غرضاً أدبياً مستقلا، وقضية تُبرر استمرارية الاعلان عن مظلومية آل البيت (عليهم السلام) وأتباعهم، وكانت المدرسة الحلية تبث قضيتها هذه إلى أنحاء الحاضرة الإسلامية بالقصيدة الشعرية أو المقطوعة النثرية مما أدى إلى كسب ود المدارس الأدبية الإسلامية الأخرى التي شاركت هذه المدرسة تفجعها للإمام الحسين (عليه السلام) فنظم شراء غير شيعة في رثاء الإمام، واستطاعت المدرسة الحلية بعد ذلك استدراج القضية التاريخية لتقطع شوطاً أكبر في عرض مظلومية آل البيت (عليهم السلام)، وكانت المأساة الفاطمية قد تصدرت هذه المحاولات الأدبية، فنجحت في فتح ملف هذه المأساة وقدّمتها للامة الإسلامية، قضية مأساة لا تقل عن فاجعة الطف، بل هي المقدمة التي استطاع الأمويون من خلالها قتل الحسين بن علي (عليه السلام) وسبي نسائه، وإذا كانت مأساة كربلاء قد تفردت في قضية قتل طفل لعدة أشهر، فان السيدة الزهراء (عليها السلام) قد سبقت
ولد في الحلة سنة 1222(1) ونشأ فيها ودرس العلوم العربية وأدابها على أخيه السيد سليمان الصغير، ودرس الفقه على العلامة الشيخ حسن صاحب "أنوار الفقاهة" ابن الشيخ جعفر كاشف الغطاء ـ يوم كان مقيماً في الحله ـ ثم هاجر إلى النجف فحضر في الدروس الفقهية حوزة العلامة الشهير صاحب الجواهر محمد حسن ابن الشيخ باقر (ره).
له مصنفات في الأدب واللغة والتاريخ منها:
1 ـ مصباح الأدب الزاهر: وهو كتاب في الأدب وفيه فوائد تاريخية وأحوال بعض العلماء المعاصرين.
2 ـ مختارات شعرية.
3 ـ ديوان شعره.
لما توفي (ره) أوصى ابن أخيه السيد حيدر أن يدفن معه في كفنه مدائحه ومراثيه للنبي ولأهل بيته (عليهم السلام) ومن شعره في رثاء آل البيت (عليهم السلام).
____________
1- راجع في ترجمته البابليات للشيخ محمد علي اليعقوبي 2: 67. كذلك أعيان الشيعة للسيد محسن الأمين 10: 148.
سلب الردى من رأس قهر تاجها | قسراً وأطفأ في الطفوف سراجها |
وذكرا علاها في الصعيد تكورت | والله صير عرشه أبراجها |
بأبي كراماً من قريش للعلى | سلكت بقارعة الردى منهاجها |
شخصت إلى المرمى البعيد من العلى | ومن المنايا فاجأت أفواجها |
[57] وفي رثائه للامام الحسين (عليه السلام) يخلص فيه إلى رثاء السيدة الزهراء (عليها السلام)واسقاط المحسن قوله:
خطب دها الإسلام كان فظيعا | من أجله بكت السماء نجيعا |
آهآله من حادث ذهب الأسى | فيه عداة مضى الحسين صريعاً |
وتظن أنك منه لم تهجع أسى | يكفيك انك لا تقر هجوعا |
وتبكي بكاء الناس في ارزائهم | من ترتجيه العالمون شفيعاً |
بل لو طحنت أسى بارحية الفنا | جسمي وفارقت الحياة مطيعا |
وصككت رأسي باليدين ترحقاً | حتى يكون العظم منه صليعا |
ولدمت وجهي حيث انثر لحمه | حتى يكون من الشوى منزوعا |
أو أن نارا في الفؤاد حقيقة | وجوانحي فيها احترقن جميعاً |
لم أقضِ حق رزية حطمت من | الزهراء بواعية الحسين ضلوعا |
الله هذا ابن النبي لعظمه | جبريل هز المهد فيه رضيعا |
يقضي بضاحية الهجير بكربلاء | ظام ومطوي الحشاشة جوعا |
فيكون مائدة لساغبة الظبى | والسمر تكرع من حشاه نجيعا |
ما للمواضي وزعت من جسمه | لحم النبوة في الوغى توزيعا |
ولطالما أعطى حدود شفوره | من كان عن شفراتهن شسوعا |
والسمر تفرس في مشاه ويغتدي | بدم الامامة عرسهن مريعا |
عجباً لمن قد كان نوراً محدقاً | بالعرش يغدو من التراب صريعا |
ومن ارتبى طفلا بحجر محمد | حتى اغتذى وحي الإله رضيعاً |
يغدو غذاء المرهفات وبعد ذا | منه ترض الصافنات ضلوعا |
فتعج أملاك السماء لموته | اليوم مات الانبياء جميعا |
اليوم حق محمد في آله | ما بين ناكثة العهود أضيعا |
اليوم قد قتلوا النبي وغادروا الـ | إسلام يبكي ثاكلا مفجوعا |
اليوم منه أمية في كربلا | كالت له في صاع بدر صاعا |
اليوم دحرجت الدباب وأظهرت | بالطف كامن خطبهن شنيعا |
اليوم من هي عن أسامة خلفت | قادت إلى حرب الحسين جموعا |
اليوم من اسقاط فاطم محسنا | سقط الحسين عن الجواد صريعا |
اليوم جردت... سيفها | فغدا به رأس الحسين قطيعا |
عجباً يموت ظما وكم قد فجرت | كفاه من صلد الصفا ينبوعا(1) |
____________
1- الدر النضيد في مراثي السبط الشهيد للسيد محسن الأمين 209 مطبعة الاتقان دمشق 1365 هـ ـ 1946 م.
الشيخ أحمد آل طعان
تقلبت بلاد البحرين بين حكومات مختلفة الاهواء، وخضعت لظروف سياسية متقلبة الأطوار، فمن حكومات أموية إلى عباسية حتى عثمانية تخللتها دويلات شيعية لم تصمد أمام التنافس السياسي على هذه البلاد الطيبة في الخيرات.
تركت هذه التشكيلات السياسية مسحة ثقافية على أهل هذه البلاد تنزع إلى الخوض في ممارسات فكرية مقارنة تنتهي أكثر الاحيان لصالح مذهب آل البيت (عليهم السلام)، وهكذا صار أهلها، تعتركهم الظروف السياسية
لذا فان أهل البحرين قد تركوا أثارهم على الخارطة الفكرية الإسلامية لتشخّص بعد ذلك بلاد البحرين من حواضر العالم الإسلامي ومعاقل التشيع والولاء.
شهدت البحرين حركة فكرية علمية كانت نتاج الصراع الفكري السياي الذي أحدثته التقلبات السياسية، وشكّل الشيعة التركيبة الجدلية المهمة التي أمسكتْ بيدها زمام الغلبة في مجال النشاط المذهبي التبلغيي، فان حاضرة البحرين الإسلامية احتضنت تشكيلات اسلامية علمية من مختلف المذاهب، وكان للشيعة الدور الأهم في بناء حاضرة البحرين الثقافية، فبرز علماء أفذاذ وازدهرت معاهد البحرين الثقافية وشاعت منتدياتها الأدبية، تُعقد في ربوعها المحافل، لتُخرج بمدارس متميزة خاصة.
كانت هذه المدارس الأدبية نشطةً جداً في مجال الدفاع عن مسلّمات المذهب الامامي، وأحس الشاعر البحراني أن مهمته هو التصدي لكل ما ألقي من شبهات فكرية عقائدية، وجعل غرض القصيدة هو الدفاع عن حقوق آل البيت، ومظلوميتهم، بأي لون من ألوان الأدب سواء كان بالرثاء
ولعل الشيخ أحمد آل طعان شكّل تراثاً بحرانياً رائعاً في هذا المجال، فكانت القصيدة العربية قد أرفدت بابداعات الشيخ آل طعان، وتعهدت القصيدة البحرانية التي قدّمها آل طعان بقضية آل البيت (عليهم السلام) وكانت مأساة السيدة الزهراء (عليها السلام) قد شكّلت تركيبة هذه القضية في قصيدته.
كان الشيخ(1) أحمد ابن العالم العامل الزاهد الشيخ صالح بن طعان بن ناصر بن علي الستري البحراني "رحمه الله" خلاصة علماء البحرين الأخيار وبقية فقهائها الابرار، جامعاً لكمالات، ومحاسن الصفات والحالات، في مكان مكين من الورع والتقوى والتمسك بالعروة الوثقى.. لم أر في العلماء ممن رأيناهم على كثرتهم في الجامعية للكمالات مثله.
حضر عند الشيخ الاعظم الانصاري، والفقيه الشيخ راضي النجفي، والفقيه الشيخ محمد حسين والزاهد العابد الشيخ ملا علي ابن الميرزا خليل الطهراني النجفي
له مصنفات كثيرة منها: زاد المجتهدين في شرح بلغة المحدثين، ورسالة: قرة العين في حكم الجهر بالبسملة والتسبيح في الأخيرتين، وله كتاب: سلّم
____________
1- راجع في ترجمته أنوار البدرين: 252.
[58] فمن أشعاره في مدح أمير المؤمنين (عليه السلام):
قالوا: امدحنَّ أمير النحل قلت لهم | مدحي له موجب نقصاً لمعناه |
لأن مدحي له فرع بمعرفتي | بذاته وهي سر صانه الله |
فان أصفه باوصاف الاناس أكن | مقصراً إذ جميع الخلق أشباه |
وإن أزد فوق هذا الوصف خفت بأن | آتيه مثل غلاة فيه قد تاهوا |
فدع مديحي ومدح الناس كلهم | والزم مديحاً له الرحمن أولاه |
فكل من رام مدحاً فيه منحصر | لسانه عن يسير من مزاياه |
[59] ومن قصيدة له في رثاء السيدة الزهراء (عليها السلام) واسقاط محسنها، قوله:
فانهض امام العصر قد عظم البلا | وعظيم بعدك قلبنا قد أمرضا |
وتلافنا قبل التلاف وثر على | أهل الخلاف بمثل ما منهم مضى |
ذبحوا الحسين على ظما رفعوا الكريم | على قناً والصدر منه رضضا |
ذبحوا الرضيع وللحرائر قد سبوا | سبّوكم فعلوا الذي لا يرتضى |
قادوا الإمام أبا الأئمة صاغراً | وجنين فاطم أمكم قد أجهضا |
يا سيدي ضاق الخناق متى أرى | لجياد خيلك في دماهم مركضا |
صلى الإله عليكم ما ذكركم | قد طيق الاكوان أو أرضا أضا(1) |
[60] وله هذه القصيدة في رثاء آل البيت (عليهم السلام)
يا حبذا عترة بدؤا الوجود بهم | وهكذا بهم ينها ويختتم |
من مثلهم ورسول الله فاتحهم | وسبطه العقد والمهدي حتمهم |
فمن تولى سواهم انهم ندموا | إذ في الممات على ما قدموا قدِموا |
فما لتيمهم تمت شقاوتها | أهل لها قدم في المجد أو قدموا |
وهل عدي عدتها كل منجية | تعد من خلفاء الله ويحكم |
أمسقط البضعة الزهراء وغاصبها | يدعى خليف أبيها بئسما حكموا |
وهل أمية لا أمت بمغفرة | ولا نحت سومها من رحمة ربهم |
تنوش عذب ذيول للهدى سدلت | من الإله لها الاملاك تحترم |
فيا لها امرة رام الطغاة بها | ما ليس تبلغها حقاً سهامهم |
حتى امتطا واسع الأعضاج كاهلها | فأصبح الحق فيهم وهو مهتضم |
وسن سب امام الحق معتدياً | وشب حرباً له شابت به اللمم |
____________
1- انوار البدرين في تراجم علماء القطيف والاحساء والبحرين للشيخ علي البلادي البحراني: 259 مطبعة النعمان النجف 1377 هـ.
ونصها وهو لص في يزيد فلم | يزد بها منه غير النقص والعدم |
فجل الكون من تل الحسين بما | لم يقضِ من حقه العالم الجمم |
فكم بطيبة فضَ المحصنات وكم | أريق للمصطفى في كربلاء دم |
وكم قصيرة خدر للرسول غدت | قصيرة الحزن لم تقصر لهانهم |
أزفها ترقب الانضاء خدمتها | والشمس لاحدم عنها ولا خيم |
وسامها الخسف أهنى شربها نغص | على الشهيد وأدنى سيرها رسم |
وألبس السيد السجاد ثوب أسى | تبلى الجبال ولا تبلى له لحم |
إلى أن أغتصبت بالسم مهجته | من الوليد عليه اللعن يرتكم |
وباقر العلم من سم ابنه كسفت | ذكى بكاه الذي تحي به الأمم |
وهكذا لم تزل آل النبي لهم | أغراض جور بها أعراضهم هدموا |
كم أوحشوا مسجد منهم وكم أنست | بهم سجون بها الإسلام ينرغم |
ولا كمثل بني العباس لا رقبوا | إلاّ ولا ذمة بل رحمهم جذموا |
ولا حمية إسلام ولا عرب | رعوا ولا من رسول الله قربهم |
بل يكفهم غصبهم حقاً به شهدت | به ثقات لهم عن جورهم كرموا |
جنوا بمثل الذي تجني أمية بل | على طنابيرهم زادت لهم نغم |
سم الرشيد لموسى في السجون كما | سم الرضا غيلة مأمونه الأثم(1) |
____________
1- وفاة الإمام الرضا (عليه السلام) الشيخ أحمد آل طعان القديحي القطيفي المطبعة الحيدرية النجف.