يشكو له من قد دعوه لبيعته | وتهددوه ان أبى وتوعدوا |
قد أنقذته فاطم من مأزق | فيه أحاط ولا نصير يوجد |
ودعتهم خلوا ابن عمي انه | أولاكم بمكان أحمد يقعد |
قد قال بعضهم دعوه فانها | لم ترجعن عنه وبعض ترددوا |
حتى يبايع أو تحز غلاصم | منه وانَّ حسامنا لا يغمدُ |
صاح ابن أم ألم تشاهد انهم | يبغون قتلي والحسام مجرد |
وأبيك لو لم تأت فاطمة لما | كفوا عن الكرار وهو مؤكد |
ياليت أحمد قد رآهم بعده | في ذلة والعيش عيش أنكد |
تركوهم حلس البيوت بقوة | قد ساء عيشهم وساء المورد |
والبضعة الزهراء ماتت بعده | ولها بجنح الليل سراً ألحدوا |
وبكى عليٌ بعدها والحزن قد | أوهاه طول الليل وهو مسهّدُ |
فعليك ياخدن النبي تحية | منى ونار حشاي دوماً توقدُ(1) |
[71] وله في تاريخ وفاة الزهراء (عليها السلام):
فاطمة بعد أبيها روّعت | وخانها الصبر كما خان الجلدْ |
حتى قضت مجهودة مظلومة | والدين قد أصابه أرخ إوَدْ(2) |
____________
1- ديوان آل نوح: 110.
2- ديوان آل نوح: 267.
آية الله
السيد صدر الدين الصدر
اذا كان المرء ينتسب إلى ثقافة معينة، فان السيد الصدر تنتسب إليه ثقافات عصره، وإذا كان الأديب يُعرّفُ بمدرسته أدبية خاصة، فان السيد الصدر العالم والأديب عُرّفت به مدرسة أدبية خاصة، فهو امتداد للثقافة النجفية الممزوجة بالحسِ العاملي الممتدة إلى ثقافة قم التحقيقية، فهو مزيج ثقافي اذن، أخذ من النجف مولده، وجدد لعاملة منشأهُ، وأبدع في قم حيث محط رحاله العلمي كما هي محط مثواه الأبدي.
حرصت النهضة الأدبية الامامية بقيادة مراجعها العظام إلى ترويض فورة التجديد الذي تلتزمه أجيالا ثقافية تستقبل نغماته من خارج حدود الوطن الإسلامي، وتحاول الحوزة العلمية أن تتعامل مع هذا الاندفاع التجديدي الحاد باسلوب هادىء رصين، وإذا كانت حركات الاصلاح تدعو إلى التجديد فان الحوزة العلمية تقدّم الجديد مع الاحتفاظ على البديهيهات والثوابت، لذا فان التجديد الأدبي الذي عمّ المحافل الأدبية قدّمت له الحوزة العلمية اطروحتها الاصلاحية، فكانت تتعامل مع القصيدة العربية على أنها آلية الحوار مع لأجيال تعالج قضية تحرّجت منها بعض المشاريع الثقافية أن تقدّمها بوعي وتقرأها بموضوعية، و "القصيدة الحوزوية" اخترقت هذه التقليدية لتعطي للحدث التاريخي موضوعيته، وللقصيدة العربية مصداقيتها.
كانت قصيدة آية الله السيد صدر الدين الصدر اطروحة اصلاحية تعاملت مع الحدث الإسلامي على أنه الرؤية الحقيقية للواقع والمستقبل،
[72] واليك أطروحته الأدبية الشعرية:
يا خليليّ احبسا الجرد المهارا | وابكيا داراً عليا الدهر جارا |
وربوعاً أقفرت من أهلها | وغدت بعدهم قفراً برارا |
حكم الدهر على تلك الرُّبى | فانمحت والدهر لا يرعى ذمارا |
كيف يرجى السلم من دهر على | أهل بيت الوحي قد شنَّ المغارا |
لم يخلّف أحمد إلاّ ابنةً | ولكَم أوصى إلى القوم مرارا |
كابدت بعد أبيها المصطفى | غصصاً لو مسّت الطود لمارا |
هل تريهم أدركوا من أحمد | بعده في آله الأطهار ثارا |
غصبوها حقَّها جهراً ومن | عجب أن تغصب الزهرا جهارا |
من لحاها إذ بكت والدها | قائلا فلتبكِ ليلا أو نهارا |
ويلهم ما ضرَّهم لو بكيت | بضعة المختار أيّاماً قصارا |
من سعى في ظلمها؟ من راعها؟ | من على فاطمة الزهراء جارا؟ |
من غدا ظلماً على الدار الّتي | تّخذتها الإنس والجنّ مزارا |
طالما الأملاك فيها أصبحت | تلثم الأعتاب فيها والجدارا |
ومِن النار بها ينجو الورى | من على أعتابها أضرم نارا |
والنبيُّ المصطفى كم جاءَها | يطلب الإذن من الزهرا مرارا |
وعليها هجم القوم ولم | تك لاثت لا وعلياها الخمارا |
لست أنساها ويا لهفي لها | إذ وراء الباب لاذت كي توارا |
فتك الرجس على الباب ولا | تسألنْ عمّا جرى ثَمّ وصارا |
لا تسلني كيف رضُّوا ضلعها | واسألنَّ الباب عنها والجدارا |
واسألنْ أعتابها عن محسن | كيف فيها دمه راح جبارا |
واسأنْ لؤلؤ قرطيها لِما | انتشرت والعين لِمْ تشكو احمرارا |
وهل المسمار موتور لها | فغدى في صدرها يدرك ثارا |
السيد مهدي الاعرجي
قدّم الأدب الشيعي للقصيدة العربية غرضاً رثائياً ملتزماً، وحرص الأديب الشيعي أن يقدّم الرثاء على انه اطروحته الفكرية التي من خلالها يستطيع أن يعبّر عن نظرته فضلا عن وجدانياته، وقد سجّل الرثاء الشيعي قفزة نوعية على المستوى الفني فضلا عن الغرض الملتزم المطروح، فعلى المستوى الفني انطلق الرثاء من نفس الشاعر المتحرقة لمصائب آل البيت (عليهم السلام) وقد دخلت فاجعة الطف في الدائرة الرثائية لتوسع في الشكل والمضمون من القصيدة العربية ولتتقدم القصيدة الرثائية الشيعية على
كانت فاجعة الطف قد خلقت احساساً وجدانياً خاصاً ترتسم من خلالها في مخيلة الشاعر صوراً رثائيةً رائعةً تحاول الوصول إلى حجم الفاجعة وارتسام المأساة،ولما كانت فاجعة الطف متشعبة المآسي تفوق في مواقفها التراتيجيدية كل تصور، فان الشاعر يصل إلى حالة عجز بيّن في احتواء كل المواقف المفجعة، لذا فهو يحاول أن يبذل وسعه الفني في تصوير مشهد واحد على الأقل فتشاركه هواجس نفسية تنبعث من آلامه فضلا عن دوافعه الايمانية في اثبات مظلومية آل الرسول (صلى الله عليه وآله)، لذا تجد أن القصيدة الرثائية الشيعية قادمة من عدة عوامل موضوعية تؤكد في مصداقيتها ما يعنيه الشاعر وما يقصده، وإذا كانت فاجعة الطف هي المأساة التي شاركت في تقديم اطروحة الرثاء المبدع، فان مأساة الزهراء (عليها السلام) قد حققت الانطلاقة الرثائية الأولى في نفس الشاعر الشيعي وهي الفاجعة الاولى التي حرّكت أحاسيسه وجذّرت هواجسه في الشعور بالمظلومية التي ورثتها أمةً كاملة
والرثاء الذي قدّمه السيد مهدي الأعرجي هو نموذج من الدائرة الرثائية الشيعية الكبيرة التي ضمّت معاني متعددة من اغراض الرثاء، وقد أكد في مرثياته الفاطمية هذا الاحساس الذي يحمله أي شاعر شيعي في وجدانياته.
ولد الشاعر عام 1322 هـ في النجف وترعرع فيها فدرس النحو والصرف والمنطق والمعاني على فضيلة الشيخ محمد صادق الايرواني ثم اتجه للخطابه متتلمذاً على الخطيب الشيخ جاسم الملا الحلي.
نظم الشعر عند بلوغه الثانية عشر من العمر، خلّف ديوان مخطوط عند أخيه الخطيب السيد حبيب الاعرجي.
يا أيها الربع الذي قد درسا | باكرك الغيث صباحاً ومسا |
كم زمن فيك قضيت لا أرى | الا حبيباً أو نديما مؤنسا |
حيث ترى وجهه الثرى من نسيج | كف الغيث ثوباً سندسياً لبسا |
والراح يجلوها الرشا في اكؤس | قد طاب ساقيا وطابت أكؤسا |
أردتني الأوزار لكني تخلصت | بمدح فاطم خير النسا |
من شرّف الله تعالى قدرها | وأذهب الرحمن عنها الدنسا |
بنت النبي الطهر بل بضعته | خامسة الاطهار أصحاب الكسا |
فكم بها كان يقول أحمد | للمسلمين مجلساً فمجلساً |
فاطمة مني فمن أغضبها | أغضب جبار السماء وأسا |
يا ويح من أغضبها في فيئها | وما رعاها بل تجافى وقسى |
إذ قال يا قوم احفظوني في ابنتي | مفاد قوله لهم منعكسا |
اصبح من بعد النبي ضلعها | منكسراً وفيئها مختلسا |
وأقبلوا بجمعهم لدراها | واضرموا بالباب منها القبسا |
وفي نجاد السيف قادوا بعلها | علياً الندب الهزبر الاشوسا |
تالله لولا أنه موص لما | القوا قياده لديهم سلسا |
وفاطم خلفهم ودمعها | ينهلّ من اجفانها منبجساً |
تصيح خلوا عن عليّ وهي في | أذيالها تعثر من فرط الاسى |
ولم تزل تجرع منهم غصصاً | يدك (رضوى) وقعها وان رسا |
حتى قضت غضبى عليهم وبها | لقبرها ليلا علي همسا(1) |
[74] وله في الزهراء (عليها السلام) أيضاً:
نصبوا السقيفة بعد وتوازروا | ظلماً على غصب الامام الانزع |
الله يا يوم النبي فاننا | منه أتينا بالبلاء إلاّ شنع |
هجموا على ابنته ورضوا ضلعها | نفسي الفداء لرض تلك الاضلع |
وعدوا على الكرار وهو ببيته | قادوه وهو الصعب قود الاطيع |
[75] وله أيضاً:
أشجاك ظعن العامرية اذا سرى | فجرى عليك من التفجع ما جرى |
أم هل تذكرت (العقيق)فأسبلت | عيناك ادمعها عقيقاً أحمرا |
أم هل أرقت (لحاجر) وظبائه | فطفقت تدمى بالمدامع محجرا |
ما بال جفنك لا يذوق وقاده | طول الدجى هل كان قد نسى الكرى |
حتام تندب رسم ربع دارس | وإلى متى تبكى فناء مقفرا |
هلا بكيت على البتولة فاطم | حزناً فواسيت النبي وحيدرا |
لم أنسها من بعد والدها وقد | جرَّعنها الايام كأساً ممقرا |
____________
1- شعراء الحسين محمد باقر الايرواني 155 نقلا عن ديوان الشاعر الخطي.
هجموا عليها وهي حسرى فانزوت | عنهم وراء الباب كي تتسترا |
وعلى الوصي تجمَّعوا حشداً إلى | أن أخرجوه وهو يندب جعفرا |
عصرت بمرآه ولولا أنه | موصى لما كانت هناك لتعصرا |
فعدت تناديهم ألا | خلّوه أو أشكو إلى رب الورى |
رجعوا اليها وهي تصرخ بينهم | أين النبي فليت عينيه ترى |
أبتاه عزّ عليك أن ترنو إلى | ضلعي بعصرهم العنيف تكسَّرا |
غصبوا مقام أخيك حيدر منك | وابتزوا المصلى منه والمنبرا |
يا بئس ما صنعوا وقد عدلوا به | من لم يساوِ شسع نعلي قنبرا |
قادوه وهو ملبّب بثيابه | قسراً باموات البلى مستنصرا |
والطهر فاطم خلفه ودموعها | لجوى المصاب تبل عاطشة الثرى |
خرجت وراه كما خرجت بناتها | خلف العليل تنوح لكن حسّرا |
ترنوا الخيام خوالياً وبنو الخنا | قد أضرموا فيها الحريق المسعرا |
وترى الحمى مجدّلا فوق الثرى | ثاو ومنه الشمر حز المنحرا |
ذبحوه ظام والفرات بحنبه | وأبوه يوم الحشر يسقى الكوثرا |
وسروا على سمر القنا بكريمه | كالبدر يزهر في الدياجي مسفرا(1) |
____________
1- نفس المصدر.
حتى متى اجفاننا عبرى | وإلى متى اكبادنا حرّى |
قد حل فينا يابن بنت محمد | مالم نطق في حملها صبرا |
نهضاً فقد كادت شريعة أحمد | تمحى وتنشأ شرعة أخرى |
طال احتجابك سيدى ما آن أن | نحضى بتلك الطلعة الغرا |
ترضى جفون الغاصبين لارثكم | ريّاً كرى وجفوننا سهرا |
أنسيت يوم عدوا على دار الهدى | ظلماً وما اغتصبوا من الزهرا |
ام كنت لا تدري وكيف يكون ذا | والدار صاحبها بها ادرى |
غصبوا نحيلتها علانية وقد | دفنت لعمرك في الدجى سرا |
ام ما جرى منهم على الكرار مذ | أردوه في محرابه غدرا(1) |
إلى آخر القصيدة.
[77] وله أيضاً في استنهاض الامام الحجة (عجل الله فرجه الشريف):
اثرها تملأ البيدا صهيلا | رعيلا للوغى يقفو الرعيلا |
وقدها للطراد مسوّمات | وجيف السير انساها الذميلا |
عليها من سراة (لوىّ) اسد | قد اتخذوا اشتباك السمر غيلا |
____________
1- نفس المصر.
بكل مدرب في الحرب يسطو | على اعدائه أسداً مديلا |
إذا حمي الوطيس عليه يوماً | تقيّأ رمحه ظلا ظليلا |
وان غنت له الاسياف راحت | تعل دم الفوارس سلسبيلا |
فقد ساد الضلال على البرايا | وأمسى الحق (لا يغني فتيلا) |
وقد ملأت بلاد الله جوراً | فلم يجد المحق له سبيلا |
الى مَ عيوننا بجفاك سهرا | وخصمك يهجع الليل الطويلا |
تؤمّل أن تراك بكل يوم | ومن طول انتظارك عدن حولا |
اتنسى الطهر امّك اسقطوها | جنيناً حين راعوها دخولا |
وجدك في صلاة الفجر غدراً | لدى المحراب اردوه قتيلا |
وعمّك قد سقوه السم ظلماً | وشكّوا نعشه السامي نصولا |
وخل عن الحسين فلا تهجني | فأنّ له باحشائي غليلا(1) |
إلى آخر القصيدة.
[78] وله مخمساً والاصل للشاعر جواد بدقت وقد اثبتنا هذا المقطع.
عن فاطم قتل ابنها متفرع | وبطفلها بالطف أودت رضّع |
"وبكسر ذاك الضلع رضت أضلع | في طيها سر الإله مصون" |
____________
1- نفس المصدر.
أهوت على قبر النبي محمد | شوقاً تشم تراب اشرف مرقد |
"ماذا على من شم تربة أحمد | أن لا يشم مدى الزمان غواليا" |
أبدت لي الايام بغياً ضغنها | وعليّ تابعت المصائب حزنها |
"صبت عليَّ مصائب لو انها | صبت على الايام صرن لياليا" |
السيد خضر القزويني
يمكن القول أن الأدب الشيعي قدّم للقصيدة العربية أغراضاً شعرية جديدة لم يكن الشاعر العربي قد مارسها، واستطاعت مأساة آل البيت (عليهم السلام)أن تلهم الأديب الشيعي فنون الابداع كي يقدّم المأساة على انها قضيته المصيرية التي من خلاها تتحرك كثير من المصطلحات التي كانت في مرحلتها التنظيرية لتدخل في دائرة الواقع والممارسة، فمصطلح "الانتظار" مثلا حين مارسه البعض على أنه مسألة تشريفية تمليها تقليديات اسلامية، فان مذهب آل البيت (عليهم السلام) قد ترجمها إلى واقع ملموس استطاع أتباعه أن
لذا أُدخل في الدائرة الأدبية الشعرية غرضاً جديداً وهو غرض الاستنهاض الذي من خلاله يستطيع الشاعر أن يتعامل مع الامام (عليه السلام) على أنه المرجع الوحيد في تحقيق الهدف الذي يصبو إليه الجميع من تحقيق العدل والسلام، مستخدماً مادة المأساة التي حلّت بآبائه الميامين على أنها المبرر الرئيسي في عملية الظهور والأخذ بالثأر لجميع المحرومين في العالم واكتساح بؤر الظلم والطغيان الحاكمية.
هكذا استطاع السيد خضر القزويني أن يترجم الغرض في قصيدته الفاطمية، فهو بقدر حرصه على بيان الحاجة من ظهور الامام (عليه السلام)، فانه
ولد السيد خضر القزويني في النجف عام 1323 هـ، وترعرع في بيئة علمية أخذت بيده إلى مراقي الكمال حتى اذا بلغ شوطاً من شبابه قرّظ الشعر ونظم القصائد، فجمع إلى موهبة الشعر فن الخطابة والتبيلغ فصار خطيباً بارزاً وأديباً مبدعاً حتى لبى نداء ربه وهو في ريعان شبابه عام 1357 هـ.
[80] له قصيدة يستنهض فيها الإمام الحجة (عجل الله فرجه الشريف) ويذكّره بمصائب أبائه المعصومين (عليهم السلام) ويؤكدعلى مصائب الزهراء (عليها السلام)خصوصاً اسقاط المحسن:
الى مَ التواني صاحب الطلعة الغرا | أما آن من اعداك أن تطلب الوترا |
فديناك لم أغضيت عما جرى على | بني المصطفى منها وقد صدّع الصخرا |
أتغضي وتنسى أمك الطهر فاطماً | غداة عيها القوم قد هجموا جهرا |
أتغضي وشبّوا النار في باب دارها | وقد أوسعوا في عصرهم ضلعها كسرا |
أتغضي ومنها أسقطوا الطهر محسناً | وقادوا علي المرتضى بعلها قسرا |
أتغضى وسوط العبد وشّح متنها | ومن لطمة الطاغي غدت عينها حمرا |
أتغضي وقد ماتت وملؤ فؤادها | شجاً وعلي بعد شيعها سرّا |
أتغضي وقد أردى حسام ابن ملجم | علياً وطرف الشرك حين قضى قرا |
أتغضى وقد ألوى لوياً مصابه | وغادر حتى الحشر اكباده حرى |
أتغضي وقد دس السمام اخو الشقا | إلى المجتبى كيما به يفجع الزهرا |
أتغض وقد أودى به فتقطعت | غداة به أودى قلوب الورى طرا |
أتغضي ويوم الطف آل أمية | بقتل سليل الطهر ادركت الوترا |
أتغضى وفيه مثّلت بعد قتله | ومن دمه قد روّت البيض والسمرا |
أتغضي وقد طافت برأس فخاره | على ذابل أمسى يباهي به البدرا |
أتغضي وقد سارت بربات خدره | سبايا وسوط الشمر أوسعها زجرا |
أتغضي وقد طاقت بها كل بلدة | على هزّل تنعى واعينها عبرا |
(و أعظم ما يشجي الغيور دخولها | إلى مجلس ما بارح اللهو والخمرا) |
فحتتى متى تغضي ولم تلف ثائرا | بوتر بني الهادي الذين قضوا صبراً |
فهبَّ لها واسقي حسامك من دما | عداك وغادر مخظم هاماتها نثراً(1) |
____________
1- شعراء الحسين ـ محمد باقر الايرواني ـ عن الديوان المخطوط.