ءأمنتم لمَّا صبرتُ ورُمتم | ضِلةً تقتلون خيرَ أميرِ |
لكم الويل كيف يُحمد صبري | عن علي نفسِ النبي البشيرِ |
ضُيَّعتْ بعده وديعةُ طه | يا بنفسي ولم تَجدْ مِنْ نصيرِ |
فقدتْ احمداً واضحت تقاسي | مِحَناً قد اذبنَ صَمَّ الصخورِ |
اُوذيت صغّرت مقاماً أُريعتْ | ضربتْ جهرةً ولا من مجيرِ |
لا تسلني عن الجنين لماذا | اسقطته او ضِلعِها المكسورِ |
قل الى الضلعِ بعد كسرك قلبي | ماله جابرٌ ليوم النشورِ |
قد جفوها وليتهم تركوها | في فِناها تبكي لفقد النذيرِ |
لستُ انسى اراكةً قطعوها | إذ تَفيَّتْ بها بوقتِ الهجيرِ |
مُنعت نحلةً وارثاً بقول | زَوروهُ ورميها بالزورِ |
كيف تأتي كَذِباً وتجهلُ حقاً | وَهِي من اهل آية التطهيرِ(1) |
وَلمَّا نالها من الذُلِ أَمستْ | تتمنّى حلولَها في القبورِ |
ربِّ نشكو اليك فقدانَ طه | واختفاءَ المُغيَّبِ المستورِ |
يابن شُمِّ الانوف يا مدرك الثار | ومُروي الضُبا بفيض النحورِ(2) |
____________
1- آية التطهير من سورة الأحزاب رقم 33.
2- شم الأنوف: اي المستوي قصبة أنفه مع ارتفاعها وهو كناية عن الاباء.
أَوَ تُغضي وفيئكم عادَ نهباً | بين... وكل وَغد حقيرِ(1) |
أو تغضي وفاطم قد عراها | ما عراها وانت خيرُ نصيرِ |
قد دهاها ما نغصَّ العيشَ حتى | لم تجد بهجةً ويومَ سرورِ |
انت ادرى بما دهاها ولكن | ضاق صدري عن كتمه في الضميرِ |
لستُ ادري ماذا أَبثُكَ ممّا | قد عراها من كلِّ خطب كبيرِ |
غُصبتْ جهرةً وأُخفِي قبرٌ | ضمها خوف كل رجس كفورِ |
ما اكتفتْ بالأذى حياةً فهموا | حين ماتت بنبشها في القبورِ |
أَمِنَ العدلِ أَنْ بضعةُ طه | قبرها لم تجد به من خبيرِ |
ليس يَدري بقبرها زائروها | فتراهم في حسرة وزفيرِ |
لا تلمها في نوحها إنَّ اشجى | ما على الزائرين فقدَ المزورِ |
لو تراهم عند الاياب حيارى | دأبُها بثُّ نفثةِ المصدورِ |
[84] وله هذه القصيدة الرائعة أيضاً:
يومُ البتولة في الوجود مَهولُها | ومصيبةٌ اشجى الرشادَ حلولُها |
يومٌ به ابنا الهدى قد أُيتمتْ | فكأنما قد ماتَ فيه رَسولها |
لولا تحمُّلها المشقةَ والعنا | لرشادها ضلَّ السبيلَ نبيلُها |
بابي وبي الصديقةُ الكبرى التي | بركاتُها عمَّتْ ودامَ جميلُها |
____________
1- الوغد كما مر ويأتي اللئيم.
لم تعدُ عن سنِّ الشباب ولم يَطُل | من جورهم بين الأنام حلولُها |
لم تشرقِ الدنيا بنور جبينها | إلاَّ تعجّلَ بالحمام أُفولُها |
ما طال في الدنيا بقاها انما | الخيرُ الذي قد اعقبته طويلُها |
فأئمةُ الاسلام والحججُ الأُلى | لهمُ ارتضى باري الانامِ شبولُها |
وإذ الورى انقلبتْ على اعقابها | بعدَ الرسول وسادَها ضلِّيلُها |
قضتِ المشيئةُ ان يكفَّ المرتضى | وبفاطم يبقى الهدى وخليلُها |
فتحمَّلتْ نُوباً لوِ انصبَّتْ على | الايامِ كانت لِلّيالِ تُحيلها |
عادتْ عزيزةُ احمد وعدوّها | ماشاء يفعل والعدوّ جَهولها |
اللهُ كيفَ تَتبّعوها بالأذى | حتى بمثوى كان فيه حلولها |
ليست كفاطمةَ الرضيةِ مريمٌ | أنَّى يُقاس بعلة مَعلولُها |
فلئن تكنْ سادتْ نساءَ زمانها | فَبسرِ فاطمة غدا تفضيلُها |
أَوْ اعقبت عيسى المباركَ فهو من | أَتباعِ محيي الحق وهو سليلُها(1) |
أَوْ أَنها أُبتليتْ ببعض مصائب | فعنِ القضا المحتوم كانَ نزولها |
والطهرُ ما ابتلِيتْ وقد عَظمَ البلا | لولا رِضاها بالبلا وقبولُها |
____________
1- حيث دلت النصوص على نزول عيسى المسيح (عليه السلام) لنصرة الإمام المهدي (عليه السلام) وانه يصلي خلفه وهذا من ادلة تفضيلهم (عليهم السلام) على الانبياء والرسل لقبح تقديم المفضول على الفاضل.
ولئن تكن وضعت بعيسى وحدها | في القفر لم تر ما هناك يهولها(1) |
والطهرُ في بيت النبوة وضعُها | وبها احاط عدوها وعَذُولها(2) |
ووليدها قرت به عيناً على | رغم العداة ولم يَخِب مأمولها |
وجنين احشا فاطم في قتله | سُرَّ الأعادي والبتولُ ثَكُولها |
وَلأن تكن صديقةً ولغسلها | وليَ ابنُها إذ ليس ثَمَّ مثيلُها |
فالمرتضى قد غسَّل الزهراء إذ | هو كفُوها في عصمة وعديلُها |
لكنَّ روحَ الله غَسَّلها وما | اشجاه إلا بُعدُها ورحيلُها |
والمرتضى أَلَمُ الفراقِ هناك قد | انساه ما منه تطيشُ عقولها |
امغسلُ الزهراء عزَّعليك ما | قد نالَها مَنْ ذا سِواك كفيلُها |
اتراك تعلم ما بجسم قمتَ في | تغسيلهِ ممَّا جنى ضَليلُها |
انسيةٌ حوراءُ حلَّ بِجسمها | ما لو يحل على الجبال يهيلها |
عذراً بايصائي اليكَ وأنتَ من | كلِّ الورى اولى وانتَ حَليلها |
فارفق لدى التغسيلِ بالجسدِ الذي | لو لامستهُ يدٌ أَضرّ حُلولُها |
لم يبقَ عضوٌ سالماً فتمسهُ | بل كل عضو عَادَ وهو عليلها |
والضلع مكسور وجرح مؤلم | بالثدي والجسم اعتراه نحولها |
والهفتا للمرتضى لمَّا على | قبر البتولة قام وهو ثكولها |
____________
1- القفر: المكان الخالي.
2- العذول: اللائم.
يدعو بخير الرسل إذ غلب الأسى | في زفرة والدمع منه همولها |
قلَّ اصطباري عن صفيتك التي | ما فِي نساء العالمين مثيلها |
وبعين ربِّ العرش تُدفن فاطمٌ | سِراً ويجهلُ قبرها ومقيلُها |
فلتحِفْ فاطمةَ السُّؤالُ فحقَ ان | تستخبرَ الأحوالَ ما تفصيلُها |
وبأيِّ شيء تَخبُر الهادي وما | لاقتْ مِنَ الأعداء الجبالَ تُزيلها |
اتقولُ اضرِمَ بَابُ دارِي جهرةً | إذ هِنتُ عندهم وعزَّ ذليلها |
اتقول داري حيثُ لا إذنٌ ولا | ليَ مِنْ خِمار قد اُبيحَ دخولُها |
اتقول من حَنق جنيني اسقطوا | وعداوةً لَطمَ الجبينَ جَهولُها |
مولايَ عزَّ عليكَ خيرُ وديعة | مِنْ أَحمدَ ضاعتْ وأنْتَ كفيلُها |
أَترِدُ بَضعةُ احمد في حالة | منها يُساءُ عدوُّها وخليلُها |
وَعداكَ لومٌ سيدي لكنه | صَعب على النَدبِ الغيورِ ثقيلُها(1) |
لولا الوصيةُ ضاقَ من قتلى العدى | من قبل ذاك حزونُها وسهولُها |
فاليكِ سيدةَ النساء قصيدةٌ | هي قَدرُ جُهدي والرجاءُ قَبولُها |
[85] وله ايضاً في رثائها مخاطباً لأمير المؤمنين (عليه السلام).
أمغسلَ الزهراء اني لا أَرى | اولى وأَرأفَ منكَ بالزهراءِ |
لكنما قلبي لِمَا قد نابها | لم يعطني صبراً عن الايصاءِ |
____________
1- الندْب: النجيب.
رفقاً بها إن ما تشاء تقليبَها | مولاي للتغسيل عن إيذاءِ |
رفقاً بها اني عليها أَختشي | ايذائها حتى بصب الماءِ |
في الثدي بالمسمار جُرحٌ مؤلم | وتورمُّ بالسوط في الاعضاءِ |
وبضلعِها بالعصر كسرٌ مبهضٌ | والجسم منتحلٌ من الارزاءِ |
[86] وله في رثائها (عليها السلام):
يحق لأشياع البتولة انهم | يقيمون حزناً في عزاها مدى العمرِ |
يعزون فيها حيدراً حيث لم يجد | سوى شامت في موتها مشتفى الصدرِ |
لقد جبروا كسراًعراه بفقدها | فهموا بنبش الطهر من باطن القبر |
فما صنعوا او حاولوا كان مَصدراً | لِمَا كابدتْ ابناؤها من ذوي الغدرِ |
فان ابتزازَ الأمرِ قد كان مَصدراً | لغصب يزيد نجلِها بادِّعا الأمرِ |
وعن همِّهم بالنبش بغياً لقبرها | تفرَّعَ نبشُ القوم قبر فتى الطُهرِ |
[87] وله أيضاً:
كل نفس لم تَتبعْ اهواها | ادركت في المعاد اقصى مُناها |
لم يكنْ خلقهنَ إلا لَكيما | تَعبدُ اللهَ وحده لا هَواها |
والى الخلق أَرسلَ الرسلَ حتى | يَرشدوهم على سبيل هُداها |
لم تزل حجةُ على الخلق حتى | بعثَ اللهُ للورى أَتقاها |
احمداً خير من دعا لرشاد | بل بارشاده أَتتْ انبياها |
وعلى صِدقِ ما ادعاه من الار | سال ابدى معاجزاً لا تَناهى |
ثُمَّ ما زال في البرية يوصي | بالذي نُجحُها به واهتداها |
مُعلِماً باجتبا الآله علياً | وبنيه وبافتراضَ وِلاها |
قرنَ الآل في التمسك بالذكر | وما إستمسكت بغير هواها(1) |
ما لقومٌ عن حيدر قد تولوا | هل دعاها لذاكَ غيرُ عماها |
والنبي الأمين في يوم خُمٍّ | عَلماً قد أقامه لا هتداها |
وقضى المصطفى فحادت عن الآل | كأن لم يكن بها اوصاها |
نكثوا بيعةَ الوصي ووالوا | مَنْ اقامت مقامهُ اهواها |
وتولوا عن حيدر ورسولُ الله | ما حَلَّ جسمهُ غبراها |
ولقد نوَّهَ النبي بذكرى | فاطم وارتضائها واجتَباهَا |
فتولوا مستكبرين كأن لمْ | يسمعوا مَدحَها وطيب ثَناها |
صَغَّرتْ قدرها وقد شاهدت من | جُمل الفضل جُملةً لا تَناهى |
ورأوا عزةً لها لم تنلها | ذاتُ عزٍّ في العالمينَ سِواها |
وهي مخدومةُ الملائكِ كُل | فخرهُ ان ينال منها رِضاها |
كيف لا وهي بنتُ خيرِ نَبي | سادَ من في سمائِها وثَراها |
____________
1- اشارة الى حديث الثقلين المتواتر.
ضربَ الدهرُ ضربةً فاذا النار | تَلظَّى ظلماً بباب فِناها(1) |
لم يروا حَرقَهُ بِمن فيه امراً | مُنكراً فعلهُ وعنه تَناهى |
وعليها في بيتها وهي حسرى | هجموا اسقطوا جنينَ حَشاها |
لطموا الخدَّ لطمةً أورثتها | حمرةَ العين ليتَ نفسي فِداها |
كسروا الضلعَ ورموا المتنَ وا | لجنبَ بضرب السياطِ ما أَجفاها |
يا بنفسي محرومةً من تراث | من ابيها ونحلة اعطاها |
فَأَتَتْ مسجدَ النبيَّ بعين | ماؤها لم يقم بإِطفا جَواها |
ثم أَنَّتْ بأنة أجهشَ القومُ | لها بالبكا وهم أَعداها(2) |
فَتأَنتْ عِنِ المقال إلى ان | سَكنوا من نشيجهم لبكاها(3) |
ثُمَّ ألقتْ مقالةً حارَ فيها | حُكماها وأَخرست بُلغاها(4) |
وأبانت هنالكمْ حِكمةَ التكو | ين للخلقِ وافتراضِ وِلاها |
وتجلى الحقُّ الصِراحُ عياناً | ورأوه كالشمسِ رَادَ ضُحاها |
فطووا كلَّ حجة نشرَتها | بحديث مُخْلَق بِإفتراها |
واستغاثتْ بالمسلمينَ فأَغضى | الكلُّ عنها ولم يُلبُّوا نِداها |
____________
1- ضرب الدهر يعني أهله.
2- أجهش بالبكاء: تهيأ له.
3- النشيج: الغص بالبكاء بلا انتحاب.
4- المقالة هي خطبتها العظيمة وهي مذكوره في الاحتجاج وكشف الغمة وغيرهما.
أهي تشكو مِمَّنْ سواها اليها | ام اليها منها اغتدى شكواها |
لستُ أنسى عتابها لعلي | حين آبت مرغومةً بجواها |
انتَ مَن وابنُ مَن ويُغصب حقي | بأباطيلها وأنتَ تراها |
وابوك الحامي ابي مِنْ قريش | حينَ همَّتْ به بماضي شَباها(1) |
وبما ضيكَ كمْ كشفتَ كروباً | عنهُ إذ فرَّ صحبه في وَغاها |
انت سيفُ الاله ضاربُ عمرو | ضربةً فخرُها ليومِ جزاها |
كيف لم تحمني من القوم بالسّيف | وشأنُ الرجال تحمي نساها |
كنتُ في عزة على باب داري | يَطلب الإذنَ والِدي ان أتاها |
وبمرأى ومسمع منك قهراً | دخلوا حيثُ لا خِمارٌ فِناها |
وتحملتُ منهم فيكَ مالم | استطعهُ وما كففتَ اذاها |
ليتني متُ قبل ذُلي ومنْ لم | ترتضِ الذُلَّ كان فيه مناها |
لا تَخِلْ عتبها على المرتضى عن | سَخطِ فعل أَتاه لا وعلاها |
كيف لا ترتضي فعالَ علي | وهو يقفو في كلِّ فعل أباها |
هي معصومةٌ كحيدرة بل | حِكَمٌ ثَمَّ في العتاب تراها |
هي من يَسخطُ الاله ويَرضى | عندَ سَخَط منها وعند رضاها(2) |
____________
1- يعني ابو طالب المحامي عن الرسول (صلى الله عليه وآله).
2- اشاره إلى ما رواه الفريقان من حقها عن أبيها رسول الله (صلى الله عليه وآله) يا فاطمة ان الله يغصب لغضبك ويرضى لرضاك مستدرك الحاكم ح 3 ص 154 ولعمري هو واضح الدلاله على عصمتها لأنه بوجه مطلق حالا وزمانا وفيه حكمة بتقديم الغضب على الرضا.
اترى يَسخط الالهُ ويرضى | لرضاها لو كان عنْ أَهواها |
يا بنفسي عليمةٌ كانَ فيما | صنعتهُ اَحيا شريعة طه |
كشفتْ عن سرائر القومِ فيما | فعلتهُ وبانَ خبثُ انطواها |
وَلسخط منها على القوم أَوصت | لعلي بدفنها في دُجاها |
فهناك ازدادوا عُتوّاً وهموا | من عناد ان يَنبشوا مثواها |
عبدالله الخباز القطيفي
عبّرت الذات الشيعية عن رفضها لكل ممارسات الظلم من قبل الانظمة السياسية غير الشرعية المتعاقبة على حواضر الأمة الإسلامية، ذلك بما أقرّتهُ مسلّمات أصول العقيدة الامامية من مسألة الانتظار، وانتظار الفرج فلسفة الحركات المتمردة على كل واقع ظالم مارسته أنظمة الطغيان، ونزعة الثورة بدت على الثقافة الشيعية لتشكّل مَعلَمَةً من معالمها، وغدى برنامج الإصلاح ينطلق من هذه الفلسفة والانتظار لا يعني تأجيل محاولات تفعيل الأمة مع الواقع الحياتي الماش، أو عزل الانسان عن محاولات الكمال
لذا فقد بدت هذه الفلسفة على أدبيات الشيعة ومسحت أعمالهم بالثورة الدائمة المناهضة لكل ألوان الحيف، وترّجمت ذلك بمحاولات التغيير المباشر مرة، وباستنهاض الإمام الحجة (عجل الله فرجه الشريف) الذي يؤدي أخيراً إلى الثورة الباعثة للتغيير مرة أخرى، وجعل الشاعر قضية الإمام الحسين (عليه السلام)محوراً مهماً لبث الشكوى التي من خلالها يبرر ظهور الإمام (عجل الله فرجه الشريف) ونهضته الإصلاحية، لذا أحرز تقدّماً ملحوظاً في قصيدته على صعيد إظهار مظلومية آل البيت (عليهم السلام)وأتباعهم.
شكّلت مظلومية الزهراء (عليها السلام) مطلباً مهماً في اظهار ما جرى على آل البيت (عليهم السلام)، وكوّنت رؤية واضحة لقراءة التاريخ الإسلامي المقهور، فترى الشاعر عند ذاك يعنّون مظلومية آل البيت (عليهم السلام) بمأساة الزهراء (عليها السلام) ويجعل من قضية اسقاط المحسن فاتحة لهذه المأساة، وتكون حينئذ مصائب آل البيت (عليهم السلام) منطلقة من هذه الفاجعة الكبرى.
وهذا ما فعله الشاعر الخطيب الملا عبدالله ابن الحاج متروك المعروف بالخباز، فقد بدأ قصيدته باستنهاض الإمام الحجة (عجل الله فرجه الشريف)، وقدّم تبريرات النهوض على أساس استقراء تاريخي لمجريات الاحداث الدامية التي حفل بها تاريخ آل البيت (عليهم السلام)، وصاغ قصيدته من هذه الاحداث، وقراءة لبعض قصائده يظهر لك هذا المعنى بوضوح.
[88] قال في رثاء آل البيت (عليهم السلام) مستنهضاً الإمام الحجة (عجل الله فرجه الشريف).
قم يابن طاها فالبلا قد علا | ولا نرى غيرك يجلو البلا |
قد ضاقت الدنيا بأرجائها | يا فرج الله بكل الملا |
قم يا غياث الخلق وانظر لنا | من العدى فينا البلا أنزلا |
قد طمس الدين وضاع الهدى | والجهل ما بين الملا قد علا |
إلى أن يقول:
قم جرد البتار من غمده | وادع الاعادي صرعا في الفلا |
قم فادرك الأمة يا سيدي | لقد دهاها من عداها بلا |
قم يا عماد الدين عجل لنا | فالكل منا عيشه ما خلا |
____________
1- شعراء القطيف قديماً وحديثاً. علي المرهون: 247 مطبعة النجف.
إلى متى نلقاك في سابق | مجرداً للسيف تبري الطلا |
وراية الحق نراها وقد | حف بها جندك يابن العلا |
أما وعى سمعك يابن الهدى | ما حل فيكم من شرار الملا |
قد أسقطوا الزهراء ست النسا | بضعة من رب السماء فضلا |
وأضرموا النار بباب لها | والحق منها جهرة أعز لا |
وجدك الكرار من نوره | للبدر في أفق السماء أخجلا |
ومن بيوم الحرب لم يختشي | بيض الضبا والموت قد أقبلا |
ملببا سحباً غدا للعدى | عليه دين المصطفى أعولا |
حتى قضى من سيف أشقى الورى | من بعد ما قاسى ضروب البلا |
وعمك الزاكي سقته العدى | سما نقيعاً للحشا أشعلا |
وفي عراص الطف يا سيدي | جدك سبط المصطفى جدّلا(1) |
إلى آخر القصيدة
____________
1- شعراء القطيف قديماً وحديثاً علي المرهون: 247 مطبعة النجف.