الصفحة 445
كيف حسام الله قد فلّلتمنه الاعادي حد ذاك الغرار
تعدو وتدعو خلف اعدائهايا قوم خلّوا عن علي الفخار
قد اسقطوا جنينها واعترىمن لطمة الخد العيون إحمرار
فما سقوط الحمل ما صدرهامالطمها ما عصرها بالجدار
ما وكزها بالسيف في ضلعهاوما انتثار قرطها والسوار
ما ضربها بالسوط ما منعهاعن البكا ومالها من قرار
ما الغصب للعقار منهم وقدانحلها رب الورى للعقار
ما دفنها بالليل سراً ومانبش الثرى منهم عناداً جهار
تعساً لهم في ابنته ما رعوانبيهم وقد رعاهم مرار
قد ورثت من امها زينبكل الذى جرى عليها وصار
وزادت البنت على أمهامن دارها تهدى إلى شر دار
تستر باليمنى وجوهاً فانأعوزها الستر تمد اليسار
لا تبزغي يا شمس كي لا ترىزينب حسرى ما عليها خمار
صاحت بحادي العيس دعنى علىجسومهم أقيم لوث الازار
أو خّلني عندابن امي ولوتأكل من لحمي وحوش القفار
ضدان فيها اجتمعا عينهاوقلبها تجمع ماء ونار
في زفرة تحرق وجد الثرىودمعه تخجل صوب القطار


الصفحة 446
واعظم الخطب ترى حجة اللهمضاماً بينهم الايجار
يقاد في جامعة جهرةبالحبل موثوقاً يميناً يسار
يا أيها الراكب زيافةتطوى الفيا في وتجوب القفار
عرّج على البطحاء واندب بنيعمرو العلى أشياخ عليا نزار
أن أجدب العام هم السيل والاســداف أما النفع في الحرب ثار
لو حاربوا جند الورى لاغتدىمنهزماً يطلب منهم فرار
قوموا لشمس الدين قد كوّرتوجذّ عرنين الهدى والفخار
وأجلى دجى النقع ببيض الضباوسوّدى بالنقع وجه النهار
وقوّمي سمر القنا وامتطىللحرب يا هاشم قب المهار
قد سئمت مربطها خيلكموملت الاجفان بيض الشفار
قد وسمت أمية هاشماًبميسم العار وذل الصغار

[94] وله في رثاء الزهراء (عليها السلام) وهي طويلة الغزل قال فيها:

خليلي ما وجدي لفقد احبتيولكنما وجدي لسيدة النسا
هي البضعة الزهراء سليلة أحمدوخامسة الاشباح صاحبة الكسا
فليت رسول الله ينظر صهرهعلى الرغم مرؤساً وتيماً مرئَّسا
لقد كان دهري قبل يومك باسماًفدهري من بعد افتقادك عبّسا
لقد اضرموا البيت الذي فيه لم تزلملائكة الرحمن ترعاه حرّسا


الصفحة 447
قد اسوّد منها المتن واحمر خدهاواسعد ما لاقتهُ في الناس أتعسا
عجبت لمن لم ينس صولة حيدرفكيف لحاه الله من بعدُ قد نسى
وصال على ذاك الهزبر وقادهبحبل برغم الدين ينقاد مبلسا

إلى آخر القصيدة.

[95] وفي رثاء الزهراء (عليها السلام) أيضاً يقول:

لمصائب الزهراء هجرت المضجعاواذلت قلبي من جفوني أدمعا
أفكان من حكم النبي وشرعهأن تضرب الزهراء ضرباً موجعا
أوصى الإله بوصل عترة أحمدفكأنما أوصى بها أن تقطعا
الله ما فعلوا بآل نبيهمفعلا له عرش الإله تضعضعا
قادوا علياً بعده بنجادهومن البتول الطهر رضوّا الاضلعا
أبدوا عداوتهم لها وعدوا علىميراثها فابتز منها اجمعا
وإذا تعلقت الإشائة لم يكنعجباً إذا قاد الذئاب سميدعا
وضعت وراء الباب حملا لم يكنقد آن لولا عصرها أن يوضعا
ومضوا بكافلها يهرول طيعاًلولا الوصية لم يهرول طيعا
خرجت تعثر خلفهم تدعوهمخلّوا ابن عمي أو لا كشف للدعا
رجعوا اليها بالسياط فسوّدوابالضرب منها متنها كي ترجعا
كم أضمرت من علة وتجرّعتياللهدى من غصّة لن تجرعا


الصفحة 448
خطبت فما اتعظوا بخطبتها ولوخطبت بما صم الصخور تصدّعا

إلى آخر القصيدة.

[96] وله أيضاً:

دع تفاصيلا وسلني جمّلالم تطق تسمع ما قد فصّلا
قد بنت آساسها القوم الأولىوأخير القوم يقفوا الاولا
كذّب القوم النبي المرسلايوم خم والكتاب المنزلا
أغضبوا مذ أغضبوا رب العلىصنوطه وأبوْ نصر الولا
أأميراً شيخ تيم جعلاومن الله ارتضاه عزلا
شيخ تيم منبر الهادي علاوعلياً اجلسوه المنزلا
قسماً لولا القضا لم يصلامن علي الطهر ما قد وصلا
عجباً بالحبل قادوا البطلامثل ما قاد الحداة الجملا
خلفهُ فاطمة تدعو ألافاتركوه أو لادعو الكافلا
عجباً من حبله ما انفصلابيتامى كربلاء اتصلا

إلى آخر القصيدة.

[97] وله أيضاً:

ولا بد من يوم به نكشف الظلماونملئها عدلا كما ملئت ظلما
ونور دها للخيل شقراً على العدىولكن بفيض النحر نصدرها دهما


الصفحة 449
ونوردها شعوا تثير من الثرىسماء تخال البيض في افقه نجما
ولابد من يوم به نركز القنابصدر العدى والبيض نغمدها الجسما
لئن تدر الايام نستوف ما مضىونستقص من قد خص منا ومن عما

إلى أن يقول:

فمن يكشف الضر أو من يفرج الهمّاعن البضعة الزهرا إذا اشتكت الظيما
ايسقطها الحملا ويورثها الذلاوفيها أتت (قلا لا)أما خشى الاثما
ومذ صدرها أدمى شكت زادها الطماوللعبد أو ما ألا ردّها رغما
أيعصرها عصراً ويوسعها زجراًويلطمها جهراً على خدها لطما
زووا فدكاً عن أهل بيت نبيهموصارت لتيم وابن حنتمة طعما
أتت تطلب الارثا وتندب واغوثابدمع حكى الغيثا وقلب وهى سقما
وأنست رزايا الطف كل رزيةأتت بعد يوم الطف أو سلفت قدما

إلى آخر القصيدة.

[98] وله من قصيدة:

قد ألقحوها فتنة عميا إلىيوم القيامة ما استدار زمان
قبساً به باب البتولة أجّجوامنه بعرصة كربلا نيران

[99] وله أيضاً:


الصفحة 450
لو أن دمعي يطفى نار أشجانيأذلت دمعي من قلبي بأجفاني
أو أن صبري يجديني لعذت بهلكنّما ملّني صبري وسلواني
وكيف ألقى سروراً والبتول بنىلها عليّ جهاراً بيت احزان
ماتت ولم يشهدوا ليلا جنازتهاسوى علي وعمار وسلمان
وفي الصحيح رووا أن النبي بهاقد قال فاطمة روحي وجثماني
وانها قد قضت غضبى على نفرفقولهم وشنيع الفعل ضدان

إلى آخر القصيدة.

[100] وله من قصيدة:

أفي قبب القصور بنات هندوهاشم لم تذق طعم الرقاد
تنام عيونها برغيد عيشوعين نزار تكحل بالسهاد
بنى الهادي النبي لهم رشادوقد سعيا إلى هدم الرشاد
هما غصبا الوصي الحق ظلماهما قتلاه لا سيف المرادي
ومن يوم السقيفة كربلاءتمثلها بعكس واطراد
برض ظلوع فاطمة تعادتعلى أضلاعه خيل الاعادي
ومن نار على الزهراء دارتخيام الطف تضرم باتقاد
وحبلا قيّدوا فيه عليابه السجاد أصبح في قياد

[101] وله كذلك:


الصفحة 451
وبنات هند لم تزل مسرورةوبنات أحمد دمعها منثور
لو لم يكن حقداً بضغن صدورهمما حزّ نحر منه فاح عبير
لولا انكسار الضلع من أهل الشقابالطف ما ضلع له مكسور
لو لم يقاد المرتضى من دارهما قيّد السجاد وهو أسير
لولم تسير الطهر فاطم خلفهما زينب خلف العليل تسير
لولا احتراق الباب ما احترقت لهمبالغاضرية أربع وستور
قوموا بني فهر فلا تتقاعدواعن آل حرب فالحسين عفير

إلى آخر قصيدته.

[102] وله أيضاً:

إذا جفّت دموع العين فابكي ادمعاً حمراوأسعد حيدر الكرار بالنوح على الزهرا

* * *

ما بال الثرى قرّت ولم الا تقف الافلاكبرزء ناحت الانس له والجن والاملاك
برزء فيه قد قرّت عيون الكفر والاشراكوذابت مهجة الدين وامست عينه عبرى

* * *


الصفحة 452
بنفسي بضعة أوصى بها أمته أحمدفلما أن قضى لم يمهلوها ريثما يلحد
واطفوا في أذاياها جوى في صدرهم مكمدوأشفوا حقدهم منها وبزّوا ارثها جهرا

[103] وله في رثاء السيدة الزهراء (عليها السلام) أيضاً.

يحقّ لمقلتي تهمي الدموعاعلى من رضضوا منها الضلوعا

* * *

يرض ضلوع فاطمة جهاراًويدخل بيتها حطباً وناراً
عجبت لمن شهد المغارايفرّ ويحرق البيت الرفيعا

* * *

هي الزهراء فاطمة البتولومن أوصى بنحلتها الرسول
ايغصبها ولا أحد يقولأسئت ببضعة الهادي الصنيعا

* * *

لقد حكموا بليل أو نهاربكاها لا تقرّ بلا قرار
فكيف قرارها والحكم جاريعليها وهي لم تطق الهجوعا

* * *

لقد هجموا عليها وهي حسرىوقادوا بعلها بالحبل قهرا


الصفحة 453
وألقوا حملها بغضاً وكفراقضت وفؤادها أضحى مروعا

* * *

فمذ قادوا علياً بالنجادعدت من خلفهم والحزن بادى
ألا خلوا ابن عمي أو أناديوأكشف للدعا رأساً وجيعاً

* * *

دعت ما صالح هو والرسولوناقتهُ أجل ولا الفصيل
من الحسنين أو مني فقولواإلى الأوثان قد عدتم رجوعا

* * *

فمالت دونه قعدا عليهابضرب منه سوّد منكبيها
وأودع حمرة في فعلتيهاوقرطاها به انتثرا جميعا

* * *

فأخرجها عليٌ للبقيعبأوراق الاراكة والقروع
تقيم هناك ناثرة الدموععلى من أورث الدنيا صدوعا

* * *

أتى نحو البقيع بها فلمّارأى قطع الاراكة كان ظلما
بنى بيتاً إلى الاحزان ينمىلتبكي وسطه الهادي الشيفعا

* * *


الصفحة 454
[104] وله أيضاً في رثائها (عليها السلام):

بأبي من أصبحت بعد الرسولجسمها زاد سقاماً ونحول

* * *

آه واويلاه من أمتهبعد لم يدفن في حفرته
تركوا الظيغم جليس بيتهوسريعاً غصبوا ارث البتول

* * *

جحدوا من كان فيهم محسناًعصروها اسقطوها "محسناً"
ألّموها ليس فيهم محسناتركوا أجفانها تجري همول

* * *

بأبي ذاك الأبي بعد النبيعوض السيف بذل مختبي
آه من تيم وآه من عدىليت شعرى فيهما ماذا أقول

* * *

جرعاها غصصاً غصت لهالهوات الدهر إذ لا مثلها
فاطم قد أسقطوها حملهاياله رزء عظيم ومهول

* * *

هجموا لما رأوا من ضعفهلببوه في حمايل سيفه
قيد للجامع برغم أنفهوهو ذاك الهزبر الليث الصؤول


الصفحة 455

آية الله العظمى المحقق
الشيخ محمد حسين الاصفهاني

استطاع الشيخ محمد حسين الاصفهاني أن يجمع بين مدرستي التجديد الأصولي والتنظير الفلسفي من جهة، وبين الابداع الأدبي والتحقيق التاريخي من جهة أخرى، وحاول أن يزاوج بين هذه الاطراف المتناقضة ليخرج بمدرسته الأدبية التحقيقية.

قدّم المحقق الاصفهاني اطروحته في الجمع بين المتناقضات ـ على انها لم تكن متناقضات واقعية ـ فجمع بين عمق الفلسفه ورقة الأدب، وبين دقة

الصفحة 456
التحقيق وشفافية العاطفة، وصاغها في مشروعه الأدبي ليأتي بنظريته التجديدية في مجالي التحقيق الموضوعي، والتنظير الأدبي.

إن ما يميز أدب الشيخ الاصفهاني هو صياغة الحدث بمقطوعة أدبية رائعة، وحاول ادخال الأدب ضمن سياقات التاريخ المختلفة ليجعل من مقطوعته الأدبية وحدة تاريخية، تعيد للحدث موضوعيته، وتؤكد للأدب إلتزامه.

في "الأنوار القدسية" أسس الشيخ الاصفهاني مدرسته الأدبية، واستطاع من خلال شاعريته أن يعيد للقصيدة العربية مسؤليتها، وأن تكون المحاولة المعبرة عن احساس الشاعر وهواجسه، وفي الوقت نفسه يجعلها وثيقة أدبية مهمة توثّق التاريخ الإسلامي بمحاولات تحقيقية موضوعية.

إن أهمية "الانوار القدسية"، محاولة الشاعر الأدبية، تتأتى من كون المحقق الاصفهاني قد سرد تاريخ النبي وآل بيته (عليهم السلام) اعتماداً على الروايات الصحيحة، وان قصائده جاءت على أساس الاستنتاج العلمي والتحقيق التاريخي، كما انها تميزت بخلوها عن الحشو الأدبي الذي يلجأ اليه الشاعر ليعزز من فنية مقطوعته، بل التزم المحقق الاصفهاني منهج التحقيق اعتماداً على ما صح لديه من أخبار.

في مقطوعاته الأدبية الفاطمية، أسس المحقق الاصفهاني مدرسة تاريخية تحاكم التاريخ وتستنطق أحداثه، واستعان بالفلسفة ليقدم رؤيتة التاريخية بتنظير فلسفي واقعي، فالفلسفة لم تكن على حساب رقة الأدب وسحر بيانهِ، والأدب لم يكن على حساب العمق الفلسفي وبرهانه، وابتعد عما

الصفحة 457
تسوّله الفلسفة من تسويف لأثبات مطلب ما، وترفع عما يظهره الأديب من عاطفة ليضيف إلى الفن الأدبي ما يزيد جمالية النظم، بل وازن بين عمق البرهان الفلسفي وحسن البيان البلاغي، فخرجت محاولاته موفّقة الابداع الأدبي، ناجحة الاستدلال الفلسفي، فضلا عن تحقيقاته العلمية الموضوعية.

أرّخهُ في شعراء الغري بقوله:

"الشيخ محمد حسين الاصفهاني، فيلسوف كبير، وحكيم شهير، وفقيه أوحد، وأصولي مغن واهتدى بنوره وارشاده مئات الاعلام وأرباب الصناعة من المتأخرين، ارتشف من معين فريق من أرباب التأسيس والاعلمية، فقد حضر حلقة السيد محمد الاصفهاني الفشاركي، والملا كاظم الخراساني، ودرس الفقه على الفقيه الاكبر الشيخ أقا رضا الهمداني صاحب مصباح الفقيه، وحضر على الحكيم الفيلسوف ميرزا محمد باقر الاصطهباناتي خلّف كتباً قيمة منها، 1 ـ كتاب في الاصول، 2 ـ حاشية على الكفاية أسماها نهاية الدراية، 3 ـ رسالة في الصحيح والأعم، 4 ـ رسالتان في المشتق، 5 ـ رسالة في الطلب والارادة، 6 ـ علائم الحقيقة والمجاز، 7 ـ في الشرط المتأخر، 8 ـ في الحقيقة الشرعية، 9 ـ في تقسيم الوضع إلى الشخصي والنوعي، 10 ـ في أن الالفاظ موضوعة للمعاني بما هي هي أو من حيث كونها مرادة، 11 ـ تعليقه على رسالة القطع للشيخ الانصاري، 12 ـ في اشتراك الالفاظ، 13 ـ في موضوع العلم، 14 ـ في أن اطلاق الأمر هل يقتضي التعبدية أو التوصلية، 15 ـ اطلاق اللفظ وارادة نوعه وصنفه وشخصه، 16 ـ في تحقيق الحق، 17 ـ حاشية على المكاسب، 8 ـ في أخذ الاجرة على الواجبات، 19 ـ في أربع قواعد فقهية: قاعدة التجاوز. قاعدة