الصفحة 473

إلى أن يقول:

بدر تغيّب عن ابصارنا حُجباًحتى عراها القذى من طول غيبته
ان غاب عنا فما غابت رعايتهوكيف تخلو الرعايا من رعايته؟
قد اصطفاه اله الخلق رحمتهعلى البرايا فأحياهم برحمته
على الورى أوجب الرحمن طاعتهلأنّه قرن الزلفى بطاعته
أقول قول امرأ مستبصراً بهمُحيث الاشارة حلت في بصيرته
تالله ما نصبت أرض ولا رفعتذات الكواكب الا في أئمته
هم علّة لوجود الخلق من عدموالشيء ينشىء ايجاداً بعلّته
من موصل لامام العصر حجتّهشكوى محب قضى في نار زفرته
إلى مَ انت عن الابصار محتجببدراً ولم تكتحل في نور طلعته
إلى مَ منك ربوع الدين موحشةوالدين أوشك أن يقضى بوحشته
الى مَ والرشد قد تماضت مناهلهوالدين عاد ذليلا بعد عزّته
إلى مَ والغي غال الخلق ظلمتهواظلم الكون آفاقاً بظلمته
الى مَ والحق معتل حليف ضنىًشاك وأوشك أن يقضى بعلته
الى مَ والخلق مالت عن هدايتكمغياً لكل مجدٍّ في غوايته
يا نيراً ترقب الابصار طلعتهحتى تكّحل في أنوار طلعته
ويا مليكاً له الاملاك طائعةلأن طاعة باريه بطاعته


الصفحة 474
عجّل والا فما للدين منتصروأنت من وعد الباري بنصرته
يا غيرة الله فيك الدين منتدبوليس للدين غوث غير غيرته
متى تقوم بما في الشفرتين علىعادى هدى أحمد الهادي وعترته
تنسى مصاب رسول الله جدك فيوصيه المرتضى والطهر بضعته
تنسى الأولى أضرموا بالباب نارهمُوما رعوا عهد طه في وصيته
تنسى وحاشاك أن تنسى فعالهمُوما لقي أحمد من ظلم أمته
تنسى مصيبة من قادوه مغتصباًإرثاً وكاظم غيظ في مصيبته
تنساه مهتضماً حقاً ومنعزلاعن دست منصبه السامي ورتبته
تنسى مصاب آباك الكرام ومالاقوه من عاد في عداوته
تنسى مصاب الامام المجتبى حسنمكابداً قد قضى مسموم جعدته
قضى وفي قلبه تشب أسىًمما ألم به من عظم نكبته
تنسى مصائب من في كربلاء قضىمقاسياً لرزاياه وكربته(1)

الى آخر القصيدة.

____________

1- المصدر السابق.


الصفحة 475

آية الله العظمى
الشيخ محمد حسين آل كاشف الغطاء

لم تتوقف ابداعات علماءالشيعة في المجالات العلمية من الفقه والأصول، بل اتسعت مساحات الابداع هذه حتى على الأدب العربي الذي تخصص فيه أدباء مبرّزون وتركوا مسائل الابداع العلمي لذوي الاختصاص من العلماء، كما أن العلماء سعوا للاقتصار على بحوثهم العلمية تاركين الأدب لأهله ومتذوقيه، وعلماء الامامية تجاوزوا هذه التقليدية للتخطي إلى مجالات الأدب الأخرى، فقدّموا طروحاتهم الأدبية وشاركوا في تأسيس

الصفحة 476
نظريات أدب ساهمت في رفد المشروع الحضاري الإسلامي، وفتحت باب الحوار بين أجيال حاولت تغيير مسارات إسلامية أصيلة، وبين أجيال متطلعة إلى معرفة ذاتها من خلال مجريات الواقعة الإسلامية التي تسهم في ترسيم المَعْلَم الحضاري.

كانت "نظرية الأدب الفاطمية" ممن أسهمت في فتح باب هذا الحوار، وحاولت أن تجمع بين حضارات الأجيال ليقرأ اللاحق ما أسسه السابق، ويتحاكمان على أساس ثوابت إسلامية ومعطيات تاريخية تقرر افادات الحدث واعترافات الواقعة.

استطاعت هذه النظرية أن تُحاكم التاريخ وتُقدّم النتيجة وتحاول الربط بين منحنيات الواقعة الواحدة، وقد جعلتها مشاريع التشقيق المرتجل وحدات مفككة تحظر على الأمة قراءة تشكيلة تاريخية متكاملة.

اعتمد الشاعر على محاولات الرثاء الحسيني، وقدّم نظريته على أساس ابداعات الاستنتاج التي تقود الحدث التاريخي لتوقفه عند نتيجته الحتمية التي تقررها انسيابية الوقائع التاريخية، "فالنظرية الأدبية الفاطمية" تعهدت لمحاولات الربط التاريخي وقررت الأحداث على انها النتيجة التي خلّفها الحدث الفاطمي، فأي كبوة تاريخية حدثت في الماضي وستحدث مستقبلا كانت أسبابها تلك المأساة التي حلت عند باب فاطمة، فاسقاط الجنين وكسر الضلع وغير ذلك كانت ارهاصات للاحداث القادمة حتى بعد أجيال، والحدث هذا قدّم قراءة مبكرة في مجال تشذيب التاريخ بل كان الاجابة الممتازة لتساؤلات الاجيال.


الصفحة 477
كان رواد هذه النظرية علماء شعراء، جعلوا القصيدة العربية أداةً تقريرية لما يتوصل اليه العالم من تحقيق المسألة العلمية أو الحدث التاريخي، وبرز في هذا المجال الامام المصلح الشيخ محمد حسين آل كاشف الغطاء فقدّم "نظرية الأدب الفاطمي" على أنها الاستقراء الجيد لتاريخ طويل، واستطاع من خلالها اختصار الطريق لربط الاحداث، فتخرج قصيدته وحدة تاريخية مترابطة.

ولعل ما يمز قصيدة الشيخ كاشف الغطاء محاولاته التأكيدية على صحة اسقاط المحسن وشدد كثيراً على سلامة هذه الواقعة، وجعلها ثوابت التاريخ الإسلامي، بل ضرورات المذهب الأمامي، وأرجع صحة ذلك الى ما اعتمده من صحة اسناد الواقعة التي تلقاها من سلفه الصالح الاماميين فقال في بعض مقطوعته.

حديث رزء قديم الأصل أخرج إذعن الأولى صحَّ اسناداً مخرِّجه

ثم دعى إلى ضرورة التدين بهذه القضية والاحتفاظ بها على أنها معلماً امامياً يميز الطائفة الحقة في الاعتقاد والتسليم لمجرياتها، ولعل الخدش في سلامة مثل هذه الواقعة وصحة اسنادها يؤدي بالبُنى التأسيسية التي يعتمد المذهب الأمامي عليها، وستتهاوى مسلّمات تاريخية اعتمدت الامامية عليها في بيان مظلومية أئمتهم وسلّمت الطوائف الإسلامية، على اختلاف مذاهبها ومشاربها إلى حقيقة مجريات واقعة الاسقاط، ونافحت الفرقة الامامية عن مجريات الاحداث هذه وأكدت بأن القرارات المرتجلة التي ادت الى استبعاد القيادة الشرعية لآل البيت (عليهم السلام)، هي نفس القرارات التي أحدثت مأساة الزهراء (عليها السلام)، والتشكيلات التي هجمت على دار فاطمة دون

الصفحة 478
أن ترعى لها حرمة النبي فيها، هي نفس التشكيلات التي أبعدت علياً عن حقه المشروع، وهي التي دّبرت مؤمراة قتل الإمام الحسن (عليه السلام) لتُجهّز بعد حين إلى حرب الحسين بن فاطمة، وتتوالى هذه الاحداث لتجر مسلسل المأساة على آل علي المعصومين ثم لترث شيعتهم هذه المعاناة الى يوم الناس هذا.

هكذا نجح الشاعر في كشف هذه السلسلة المعقدة من المؤمرات واستطاع أن يستجلي تاريخ الأمة المعذبة في مقطوعة أدبية واحدة.

ترّجمه صاحب شعراء الغري بقوله:

هو الامام الشيخ محمد حسين بن الشيخ علي ـ صاحب الحصون ـ ابن الشيخ محمد رضا بن الشيخ موسى بن الشيخ جعفر صاحب كشف الغطاء أشهر مشاهير زعماء الدين في العالمين الشرقي والغربي.

ولد في النجف عام 1294 هـ ونشأ بها على أبيه فقرأ مقدمات العلوم.. وتوسع في طلب العلوم فقرأ كثيراً من العلوم التي ابتعد عن قرائتها كثير من أبناء العرب كالهيئة والفلك والحساب والحكمة والكلام، وتوغل في دراسة الفقه والاصول على اساتذة عصرهم كالامام اليزدي والخراساني والفقيه ملا رضا الهمداني صاحب المصابيح والسيد محمد الاصفهاني والشيخ ميرزا محمد تقي الشيرازي وفي العلوم الاخرى على الميرزا محمد باقر الاصطهباناتي والشيخ أحمد الشيرازي والشيخ محمد رضا نجف آبادي وغيرهم من مشاهير العلماء المتخصصين.

وأخذ عنه العلم المئات من الشخصيات العلمية، وتخرج على حلقته التي

الصفحة 479
استمرت زهاء أربعين عاماً الكثير من رجال العلم.

وللمترجم له اثار علمية انتشرت في اكثر بقاع الارض وهي كثيره واليك قسم المطبوع منها، في الحكمة والكلام والاخلاق:

1 ـ الدين والاسلام جزءان، 2 ـ المراجعات الريحانية جزءان، 3 ـ أصل الشيعة وأصولها، 4 ـ الآيات البينات، 5 ـ التوضيح في بيان ما هو المسيح جزءان، 6 ـ الميثاق العربي الوطني، 7 ـ الفردوس الاعلى، 8 ـ المثل العليا في الإسلام لا في يحمدون، 9 ـ المحاورة بين سفيري بريطانيا وأمريكا، 10 ـ نبذة من السياسة الحسينية، 11 ـ الارض والتربة الحسينية، 12 ـ الخطب الاربع، 13 ـ الخطبة التاريخية، 41 ـ خطبة الاتحاد والاقتصاد، 15 ـ خطبة في الباكستان.

أما في الفقه:

1 ـ حاشية على تبصرة العلامة الحلي، 2 ـ سؤال وجواب، 3 ـ وجيزة الاحكام، 4 ـ حاشية على سفينة النجاة لأخيه الشيخ أحمد، 5 ـ حاشية على عين الحياة، 6 ـ زاد المتقين، 7 ـ مناسك الحج، 8 ـ حاشية على العروة الوثقى، 9 ـ تحرير المجلة، 10 ـ حاشية على مجمع الرسائل.

في الأدب:

1 ـ تعليقات على سحر بابل ديوان السيد جعفر الحلي، 2 ـ مختارات من شعراء الاغاني فضلا عن آثاره المخطوطة في الفقه والاصول.

والامام كاشف الغطاء من أولئك العلماء القلائل الذي تفوقوا في الادب

الصفحة 480
كما سموا في علوم الدين(1).

* * *

[108] له في رثاء الامام الحسين (عليه السلام) ثم يخلص الى رثاء السيدة الزهراء (عليها السلام)واسقاط المحسن، واليك مقطوعته:

في القلب حرُّ جوى ذاك توهُّجهالدمع يطفيه والذكرى تؤجِّجه
أفدي الأُولى للعلى اسرى بهم ظعنوراء حاد من الاقدار يزعجه
ركب على جنَّة المأوى معرِّسهلكن على محن البلوى معرِّجه
مثل الحسين تضيق الارض فيه فلايدري الى أين مأواه ومولجه
ويطلب الامن بالبطحا وخوف بنيسفيان يقلقه عنها ويخرجه
وهو الذي شرف البيت الحرام بهولاح بعد العمى للناس منهجه

____________

1- شعراء الغري 8: 99.


الصفحة 481
يا حائراً لا وحاشا نور عزمتهبمن سواك الهدى قد شعَّ مسرجه
وواسع الحلم والدنيا تضيق بهسواك ان ضاق خطب من يفرِّجه
ويا مليكاً رعاياه عليه طغتوبالخلافة باريه متوِّجه
يا عارياً قد كساه النور ثوب سناًزها بصبغ الدَّم القاني مدبِّجه
ياريَّ كلِّ ظما واليوم قلبك منحرِّ الظَّما لو يمسُّ الصخر ينضجه
يا ميتاً بات والذاري يكفِّنهوالارض بالتُّرب كافوراً تؤرِّجه
ويا مسيح هدى للرأس منه علىالرماح معراج قدس راح يعرجه
ويا كليماً هوى فوق الثرى صعقاًلكن محيَّاه فوق الرمح أبلجه
ويا مغيث الهدى كم تستغيث ولامغيث نحوك يلويه تحرّجه


الصفحة 482
فأين جَدُّك والانصار عنك ألاهبَّت له أَوسه منهم وخزرجه؟
وأين فرسان عدنان وكلُّ فتىًشاكي السلاح لديالهيجا مدجَّجه
واين عنك ابوك المرتضى أفلايهيجه لك إذ تدعو مهيِّجه؟
يروك بالطَّف فرداً بين جمع عِدىالبغي يلجمه والغىُّ يسرجه
تخوض فوق سفين الخيل بر دمبالبيض والسُّمر زخَّار مموِّجه
حاشا لوجهك يا نور النبوَّة أنيمسي على الارض مغبَّراً مبلِّجه
وللجبين بأنوار الامامة قدزها وصخر بني صخر يشجِّجه
اعيذ جسمك يا روح النبيِّ بأنيبقى ثلاثاً على البوغا مضرّجه
عار يحوك له الذكر الجميل ردىأيدي صنائعه بالفخر تنسجه


الصفحة 483
والرأس بالرمح مرفوع مبلِّجهوالثغر بالعود مقروع مفلِّجه
حديث رزء قديم الاصل اخرج إذعن الأُولى صحَّ اسناداً مخرِّجه
تالله ما كربلا لولا (سقيفتهم)ومثل ذا الفرع ذاك الاصل ينتجه
وفي الطّفوف سقوط السبط منجدلامن سقط (محسن) خلف الباب منهجه
وبالخيام ضرام النار من حطببباب دار ابنة الهادي تأجِّجه
لكنْ أُميَّة جاءتكم بأخبث ماكانت على ذلك المنوال تنسجه
سرت بنسوتكم للشَّام في ظعنقبابه الكور والاقتاب هودجه
من كلِّ والهة حسرى يعنَّفهاعلى عجاف المطى بالسَّير مدلجه
كم دملج صاغه ضرب السِّياط علىزند بأيدي الجُّفاة ابتزَّ دملجه


الصفحة 484
ولا كفيل لها غير العليل سرتترثي له ألم البلوى وتنشجه
تشكو عداها وتنعى قومها فلهاحال من الشَّجو لفَّ الصبر مدرجه
فنعيها بشجى الشَّكوى تؤلِّفهودمعها بدم الاحشاء تمزجه
ويدخل الشَّجو في الصخر الاصمِّ لهاتزفُّر من شظايا القلب تخرجه
فيا لا رزائكم سدَّت على جزعيباباً من الصبر لا ينفكُّ مرتجه
يفرُّ قلبي من حرِّ الغليل الىطول العويل ولكنْ ليس يثلجه
أودُّ ان لا ازال الدهر أُنشئهامراثياً لو تمسُّ الطَّود تزعجه
ومقولي طلقٌ في القول اعهدهلكنْ عظيم رزاياكم يلجلجه
ولا يزال على طول الزمان لكمفي القلب حرُّ جوى ذاك توهُّجه


الصفحة 485

العلامة
الشيخ حسن الحلي

حرصت الحلة الأدبية أن تُبقي على علاقاتها الفكرية مع حاضرة النجف العلمية، وقد تمثّلت هذه الظاهرة بهجرة أبناءها الحليين إلى الحوزة النجفية يوم كانت ملتقى ثقافات ذلك العصر.

فالأديب الحلي لا يقنع باطروحته الأدبية مالم يضم اليها جهده العلمي التحقيقي الذي استقاه من حاضرة النجف العلمية، ولعل المزاوجة بين المشروع الأدبي الحلي وبين الاطروحة العلمية التحقيقية كانت من صفات

الصفحة 486
الأديب الحلي الذي لم ينقطع عن حاضرته الفقهية النجفية، لذا فان اطروحته الأدبية جاءت مشروعاً تحقيقياً منتزعاً من مشاهداته العلمية في قراءة التاريخ واستقصاءً لحيثيات الحدث والقضية.

ولعل الشيخ حسن الحلي الأنموذج الأمثل لهذه النزعة التحقيقية، فهجرته مع والده إلى النجف عبّأت طاقاته الأدبية إلى جهد علمي زاخر بالعطاء، وطغي هذا التوجه التحقيقي على مشاريعه الأدبية، لذا فقد جاءت قصائده الفاطمية خلاصة لقراءة تاريخية ناضجة، ومتابعات علمية رشيدة.

* * *

[109] فمن قصائده الفاطمية قوله:

سل اربعاً فطمت اكنافها السحبعن ساكنيها متى عن افقها غربوا
سرعان ما صاح طير البين بينهمفاصبحوا فرقاً عن عقرها عزبوا
سرت تجوب الفيافي فيهم النجبولي فؤاد قفا آثارهم يجب
اتبعتهم ناظراً خيل الدموع بهتسابقت فهو دامي الغرب مختضب


الصفحة 487
أضحت منازلهم للوحش معتكفاًفيهن طير الفنا ينعى وينتحب
لم يبق منها سوى رسم وذي شعثرأى اشج علت من فوقه الكثب
وذي انحناء كجسم الصب تحسبهنوناً بها عجم شين الخط قد كتبوا
أوهت قواعدها كف الضنا فعفتآثارها ومحت سيماءه النوب
وقفت فيها ودمع العين منسكبكالغيث والنار في الاحشاء تلتهب
وبي لواعج وجد لو رميت بهاصدر الفضاضاق وهو الواسع الرحب
حيران اقبض في رعش البنان حشاًحرى اناخت بها الاحزان والكرب
وقائل لي رفه عن حشاك وليوجد اذا ما نزا بالقلب يضطرب
فقلت لم يشجني نأي الخليط ولاربع محت رسمه الاعوام والحقب


الصفحة 488
لكن اذاب فؤادي حادث جللتنمى اليه الرزايا حين تنتسب
يوم قضى المصطفى في صبحه وعلىالأعقاب من بعده اصحابه انقلبوا
قادوا اخاه ورضوا ضلع بضعتهبجورهم ولها البغضاء قد نصبوا
لم انسها وهي تنعاه وتندبهوقلبها بيد الأرزاء منتهب
تقول يا والدي ضاق الفضاء بنالما مضيت وحالت دونك الترب
(قد كان بعدك انباء وهنبثةلو كنت شاهدها لم تكثر الخطب)
(انا فقدناك فقد الارض وابلهاواختل قومك فاشهدهم فقد نكبوا)
نفوا اخاك علياً عن خلافتهوشيخ تيم عناداً منهم نصبوا
كقوم موسى اطاعوا العجل واعتزلواهارون والسامري الرجس قد صحبوا


الصفحة 489
ويل لهم نبذوا القرآن خلفهم ومزقوه عناداً بئس ما ارتكبوا
ما راقبوا غضب الجبار حين إلىالمختار أحمد قول (الهجر) قد نسبوا
ألغوا وصاياه في اهليه وانتهبواميراثه والى حرمانهم وثبوا
جاروا على ابنته من بعده فغدتعبرى النواظر حزناً دمعها سرب
وجرعوها خطوباً لو وقعن علىصم الجبال لاضحت وهي تضطرب
ابضعة الطهر طه نصب اعينهمبالباب يعصرها الطاغي وما غصبوا
رضوا اضالعها اجروا مدامعهاأدموا نواظرها ميراثها غضبوا
لبيتها وهي حسرى في معاصمهاعدوا فلاذت وراء الباب تحتجب
فألموا عضديها في سياطهمواسقطوا حملها والمرتضى سحبوا
قادوه بالحبل قهراً وهي خلفهمتدعو وادمعها كالغيث ينسكب


الصفحة 490
ياقوم خلوا ابن عمي قبل ان تقعالخضراء فوق الثرى والكون ينقلب
فقنعوها بقرع الأصبحية لاعداهموا سخط الجبار والغضب
ووشحوا متنها بالسوط فانكفأتلدارها وحشاها ملؤه عطب
حرى الفؤاد يروي الارض مدمعهافكلما سال هذا ذاك يلتهب
قد حارب النوم عينيها وانحلهافرط البكاء واضنى جسمها التعب
ما بارحت قلبها الاحزان ذات حشاًحرى إلى ان اهيلت فوقها الترب
قضت وفي جنبها اثر السياط وفيفؤادها للرزايا جحفل لجب
ما شيعوا نعشها السامي علا ولقدتزاحمت خلفها الاملاك تنتحب


الصفحة 491
سلوا ضبا الظلم من اغمادها فغدافي حدها سبط طه الطهر يعتصب
ثا وبحر هجير الشمس منجدلاتظلهالسمر والهندية القضب
جالت عليه العوادي بعد ما نهبتاشلاءه البيض والعسالة السلب
يا ثاوياً بمحاني الطف قد سلبواثيابه وكست جثمانه الكثب
"تالله ما سيف شمر نال منك ولايدا سنان وان جل الذي ارتكبوا"
"لولا الأولى اغضبوا رب العلى وابوانص الولاء وحق المرتضى غصبوا"
"كف بها امك الزهراء قد ضربواهي التي اختك الحورا بها سلبوا"
فدونكم يا بني الزهراء مرثيةان تتل شجواً فقلب الصخر ينشعب
ارجو خلاصي بها في يوم لا سببيغني سواكم ولا مال ولا حسب

عليـكم صلـوات الله مـا طلـعت
في الافق شمس ولاحت انجم شهب


الصفحة 492
[110] وله في رثائها (عليها السلام):

لا رعى الله "قيلة"وعراهاسخط موسى وحل منها عراها
اغضبت أحمداً بعزل امامفيه كم آية جهاراً تلاها
واجهته بما لهارون قد ماواجهت قومه ضلالا سفاها
أخّرته وأمّرت شيخ "تيم"سر كفرانها وقطب شقاها
حالفته على الضلال وحادتعن اخي المصطفى منار هداها
احدثت الورى احاديث كذبلا نبي ولا وصي رواها
اسخطت ربها فلا رضي الرحمنعنها وخالفت نص طاها
فلكم قال وارثي ووصيي(حيدر) وهو للورى مولاها
هو مني كمثل هارون وهوالفلك للعالمين فيه نجاها
فاحفضوا لي وصيتي بابن عميانه للعلوم شمس سماها
ايها القوم ان بعدي كتاب اللهفيكم وعترتي لن تضاهى
ان من صد عنهما كبرياءفله النار في غد يصلاها
فغدا منهم يقاسي كتاب اللههجراً والآل فرط جفاها
حاربوا (فاطماً) وقد فرض اللهعلى الخلق حبها وولاها
لقيت منهم خطوباً عظامالا يطيق الطود الأشم لقاها
كسر ضلع وغصب ارث ولطماواهتظاماً منه استطال عناها


الصفحة 493
اخرجوها من المدينة قهراًمذ أطالت لفقد (طه) نعاها
وعلى هظمها تواطأت الأنصارسراً واظهرت بفضاها
عزلت بعلها عن الحل والعقدعناداً وامرت ادعياها
غصباها تراثها ولظى الوجد وفرط السقام قد اورثاها
دفعاها عنه عناداً وظلمامزقا (صكها) وما راعياها
وادعت نحلة لها من ابيهاسيد الانبياء فلم ينحلاها
فانثنت والفضاء ضاق عليهاوشواظ الزفير حشو حشاها
واتت دارها تجر رداهاوالجوى كاد ان يريها رداها
فاتوا نحو دارها واداروا الجزل كي يحرقوا عليها خباها
عصروها بالباب قسراً إلى أنكسروا ضلعها وهدوا قواها
ألجأوها إلى الجدار فالقت(محسناً) وهي تندب الطهر طاها
دخلوا الدار وهي حسرى فقادوابنجاد الحسام "حامي حماها"
برزت خلفهم تقوم وتكبواوحشاها ذابت بنار شجاها
وعلى رأسها قميص أبيهاوعلى متنها استوى فرخاها
وهي تعدو خلف الوصي وتدعوبانكسار فلم يجيبوا نداها
أيها القوم اطلقوا صفوة اللهامام الانام عقد ولاها
أو لأدعو الله العظيم بشجوفتخر الخضراعلى غبراها