الصفحة 541
فَلَها مِنْ رَبِّها خَيْرُ الشُّؤونْوعَلى عِرْفَانِها دَارَتْ قُرُونْ
وَبِها تَفْخَرُ الآبَا وَالبَنونْوَهَي لَوْلا المُرْتضى خَيْرُ البُعول

لَمْ تَزَلْ مُفْرَدةً في دَارِها

لَمْ يَكُنْ لَوْلاَهُ لِلطُّهرِ قَرِينْكَهْيَ كُفْءٌ لأميرِ المُؤمنينْ
ولَهُ مِنْها الهُدَاةُ الأنْجَبينْفَهْيَ أُمُّ الأوْصِيا بِنْتُ الرَّسُولْ

وَهْيَ شَمْسُ الدَّهْرِ في أستَارِها

أينَ مِن أدْنى عُلاَها مَرْيَمُأينَ مِنْها سَارَةٌ أوْ كَلْثَمُ
أينَ من مَخْدُومها مَن تَخْدِمُلاَ ورَبِّي مِثْل زَهْراء البَتُولْ

لَمْ تَرَ الدُّنيَا على أَدْوَارِها

فَاطِمٌ سَآدَتْ نِسَاءَ البَشَرِبِمَزايا كَسَنَاءِ القَمَرِ
وَغَدَتْ مَفزَعَ يومِ الَمحْشَرِلَيْسَ فِيَما تَرتضِيهِ مِنْ نُكُولْ

فَاسأَلِ الأخْبارَ في آثارِها

فَهَنيئاً لُِمحِبِّيها النَّجَاةْمِن عَظِيم الوِزْرِ مِن بَعدِ المَماتْ
كَيْفَ يَخْشى مِن عَظيمِ السِّيِّئاتْمَنْ تَوَلَّى فَاطِماً اُمَّ الشّبولْ

لاَ وَرَبِّي لَمْ يَذُقْ مِن نَارِها

لِعَداها الوَيْلُ إذْ عَادُوا النّبيوَغَدَوْا مِن رَبِّهِمْ في غَضَبِ
عَمَّروا بَيْتَاً لَهُم مِن لَهَبِإذْ بِنَار أَحْرَقُوا بَابَ البَتُولْ

نَارِ حِقْد بَقِيَتْ أخطارُهَا


الصفحة 542
لَمْ يَزَلْ يَغْلي لَهِيبُ الكُفرِفي قُلوب طُبعَتْ كَالحَجَرِ
فَغَدا يُحْرِقُ بَابَ الغَرَرِبَابَ فَوز خَيْرَ بَاب للسَّؤول

هُوَ بَابُ الله في أقطارها

لَهْفَ نَفْسِي لِعَزيز هُضِمَتْضُرِبَتْ طَوراً وَطَوْراً لُطِمَتْ
وَبأطْوَارِ الأَذَايا ظُلِمَتْلَهْفَ نَفْسِي لَكِ يَا بِنْتَ الرَّسُولْ

لَهْفَةً تَشْكُو الحَشَا مِنْ نَارِهَا

مَنَعُوا إرْثَ أبيَها عَلَناًوأَزَاحُوا الْفَيْءِ عَنْها أحَناً(1)
أسْقَطُوا مِنْها جَنِيناً مُحسِناًكسَرُوا أضْلُعَها يَا لَلذُّحولْ!

هَجَموا بَغياً عَلَيْها دَارَها

لَمْ تَزَلْ بَعْدَ أبيهَا فُتِنَتْوبَكَتْ شَجْواً إلى أنْ زَمِنَت
قُتِلَتْ جَهْراً وَسِرَّاً دُفِنَتفَبِعَيْنِ الله غارت في الرَّسُولْ

بِنتُ طه وَعَفى آثارَها

أنْتِ يَا اُمَّ المَلاذِ المُرْتَجىأنْتِ لِلاُمَّةِ كَهْفٌ وَرَجَا
فَإلَيْكِ العَيْنُ تَرْنُو بِالنَّجَافي صُرُوفِ الدَّهْرِ والخَطبِ المَهُولْ

وَلِعُقْبى أوْحَشَتْ أخْبَارُها

____________

1- أي ضغناً وحقداً.


الصفحة 543

الشيخ ابراهيم المبارك

سجّل الأدب الامامي اعتزازه للمدرسة الأدبية البحرانية التي كادت أن تنحصر جهود أدبائها على الرثاء الفاطمي لتفرّع على أساسه رثائياتها الأخرى، ولعل الذي دفع المدرسة البحرانية إلى انتهاج هذا الخط الأدبي المتميز أن شعرائها عاشوا مأساة السيدة الزهراء (عليها السلام) من خلال تاريخهم السياسي المقهور الذي كان مجموعة توليفات سياسية مستبدة، واقتصادية خانقة، واجتماعية مسحوقة، أسستها اطروحات سياسية حرصت أن تكون الحواضر الشيعية تحت هيمنتها المقيتة، ولما كانت البحرين بلاد الولاء

الصفحة 544
الصادق لمدرسة آل البيت (عليهم السلام) منذ الصدر الأول للإسلام حتى هذا اليوم، فان الاطروحة الحاكمية تُلقي بثقلها على هذا الوجود الولائي لتكتم أنفاسه الصارخة بمظلومية آل النبي الاطهار (عليهم السلام)، وهكذا انتهجت المدارس الحاكمية هذه النظرة الساذجة محاولة منها لاخفاء معالم الولاء الصميم، وهكذا كانت جهود المدرسة الأدبية البحرانية المقابلة لهذه المدارس الحاكمية تؤكد اصرارها على ولائها الذي لا يُساوم، داحرة كل تخرصات السياسة السلطوية الرخيصة.

قدّم الشيخ ابراهيم المبارك اطروحة الولاء الأدبية التي تحكي عن صميم الولاء البحراني، وتؤكد مبايعة هذا البلد لقادته وساداته الأئمة المعصومين (عليهم السلام)، مهما كانت التضحيات ومهما كانت الاساليب.

كان الشيخ ابراهيم المبارك من أفاضل الحوزة النجفية ولد في قرية الهُجير سنة 1326 هـ وتوفي في البحرين سنة 1399 هـ.


الصفحة 545
[120] قال في احدى مقطوعاته الفاطمية (عليها السلام):

وراءَكِ يا دُنيا فأنتِ دَنِيَّةٌوكَمْ باطل يُطْرى بخَير ويُنْعَتُ
عرَفتُكِ يا هَوْجاءُ زَوْجةَ أحمَقوما غرّني منكِ الزُّها(1) والتزَمُّتُ
فإن كانَ مَن غَرَّيْتِ بُلْهاً(2) فإنّنيأُذمِّمُ منكِ التُرَّهاتِ(3) وأمقُتُ
وسيفُك لا ينْفَكّ في النّاس مُصْلَتاً(4)ولكنّه في سادة النّاس أصلَتُ(5)
فإن كانتِ الأنذالُ تُحْبى(6) بنعمةفهاتِيكُم الأبدالُ تُزوى(7) وَتُبهَتُ
تعاظَم أهلُ الغَيّ حتّى تحكّموابآلِ رسولِ الله ظُلماً وعنَّتوا

____________

1- أي التية والتكبّر.

2- البُلْه: جمع أبْلَه، ضعيف العقل.

3- التُّرَّهات: جمع تُرَّهة، القول الخالي من نفع، والباطل.

4- أي ماض.

5- أي أمضى.

6- أي تُعطى وتُكْرَم.

7- الأبدال: الكرام الشرفاء، زواه: منعه وصرفه.


الصفحة 546
أزالوهُمُ عن حقِّهم وتَواثَبواعليهم وغَتُّوهم(1) حقوقاً وعمَّتوا(2)
ورَضُّوا من الزهراء جَنْباً وأسقَطواجَنيناً وخَطّوا مِن عُلاها وبكَّتُوا(3)
وصَبّوا على المَتْنَيْنِ منها سِياطَهموخانوا عهود الله فيها وخوّتوا(4)
وكانت من الهادي الوَديعةُ فيهِمُفيا بئسَ ما خانوه فيها وبَيَّتوا
زَوَوْا حقَّها بالغَصْبِ إرثاً ونِحْلةًسَحيتاً أدال اللهُ منهم وأُسحِتوا(5)
وقادوا عليّاً آخِذين خِناقَهيكادُ بإضغاطِ التنفُّس يخفتُ
ولمّا أهاضَتْهُم بدَفع وضجَّةأهاضَ بها سَوطٌ يَضِجُّ ويُصْمِتُ
إلى أن قضَت مقروحة الجَفنِ والحَشابقَلب يصكُّ الهمّ فيهِ وينكُتُ

____________

1- غَتّه: آذاه.

2- عَمَّته: قَهَره.

3- بكَتَه: لقيه بما يكره، وقَرَّعَهُ ووتخه، وضربه.

4- خوّت: نقض عهده، وأخلف وعده.

5- سَحَته: نقض عهده، وأخلف وعده.


الصفحة 547
وقد باتَ ابنَاها بأطول ليلةيَبيتُ بها مَضْنى الفؤاد مفتَّتُ
وهاجَ بقَلبِ المُرتَضى الحُزْنُ والأسىكأنَّ حَشاهُ بالرَّزِيَّةِ تُسلَتُ
أفاطِمُ لا أنساكِ بعد محمّدوهل كان مِثلي في فَقِيدَين يقلَتُ(1)؟
فما أنا إلاّ كالشَّكير(2)بعُشِّهورائِشُه(3) الحاني عليه مُكفّتُ(4)
وأنساكِ لا أنساكِ والحُزنُ قاتِليويومُكِ يومٌ أكدَرُ الوَجهِ أمقَتُ
إذا سَرَّ هذا البَدرُ أظْلَم ليلُهوإن صوّح(5) المَرعى مِن الناس أسنَتوا(6)
فما أقبَح الخَضْراء إن غابَ بَدرُهاوما أَكدَر الغَبْراء إن جفّ مَنْبِتُ!

____________

1- قلَت يقلَتُ: تعرّض للهلاك.

2- الشَّكير: أول ما ينبت من ريش الطائر.

3- راشه يريشه: أطعمه وسقاه وكساه.

4- كفّت الطئر: أسرعه في الطيران والعَدو وتقبّض فيه.

5- صَوَّح النَّبتُ: يَبِسَ حتّى تشقّق.

6- أسنت القومُ: أصابتهم سنة مُجدِبة.


الصفحة 548
فِداكِ الوَرى طُرّاً وقَلّ لكِ الفِداولكنَّما الآجالُ وَقتٌ مُوَقَّتُ
أُصِيبَت بكِ الدُنيا وأظلَم نورُهاوأُخرِس منها ناطِق أو مُصَوّتُ
وعَجَّت عليكِ الكائناتُ بنَوْحِهاوتلك الجِبالُ الشُّمُّ تُذْرى وتُنْحَتُ(1)

[121] وقال في رثاء النبيّ (صلى الله عليه وآله) والزهراء (عليها السلام):

ماتَ الرّسول فماتَت كلُّ كائِنةوكُدِّرَت صَفوةُ الدُنيا بأكدارِ
وأصبحَت حرَكاتُ الكونِ ساكِنةًوالأرضُ مُؤذنِة مِنه بتَسْيارِ(2)
وأظلمَت صفَحاتُ الجَوِّ وانطَبقَتدوائِرُ الاُفقِ واصطَكَّت بإعصارِ
وأظهَر النّاسُ أحقاداً مؤكّدةًضاقَتْ ضِمائرهُم منها بإسرارِ
تقَحّموا مَنزِل الزهراءِ واجْتَرمواوأضْرَموا النّارَ في باب وأستارِ

____________

1- ديوان المراثي: مخطوط.

2- التّسيار: المبالغة في السَّير.


الصفحة 549
وأخرجوا حَيْدرَ الكَرّارَ واحْتَشَدوالبُغيةِ المُلك في شيء من الثّارِ
قَادُوه سَحْباً وتَجْريراً لبَيعتِهمباءَت مَابِحُهم منها بإخسارِ
أمّا البَتُولُ فرَضّوها بحائِطهارَضّاً يُوجِّهُهُم للنّارِ والعَارِ
وأسقَطوها جَنِيناً بعد ما لَطموها لَطْمَةً بَقِيت منها بآثارِ
والسّوطُ ألَّمَ مَتْنَيْها على ألَملاقَتْهُ مِن رَضِّ أضلاع وأفْقارِ
تَشْكُو إلى النّاسِ لم تَسْمَع شِكايتهافمِن مَهاجِرة منهم وأنصارِ
وأتبَعوا فِعلَهم هذا بغَصْبِهمُ الــمِيراثَ منها بمَوضوعاتِ أخبارِ
حتّى قضت وهي حَرّى القلبِ شاكيةًمِن كُلّ باغ أثيمِ القَلبِ خَتّارِ(1)

[122] وقال في رثاء أهل البيت (عليهم السلام) وبُكاء الزهراء (عليها السلام):

____________

1- ديوان المرائي: 62 "مخطوط" والختّار: الغَدّار.


الصفحة 550
وأحمدُ إن سنّ الشريعةَ للهُدىأليس بهذا للشريعةِ يُسْتَضا؟
وأحمدُ إن يُنقِذ من الشِّرك مَن مَضىفهذا هو الهادي إلى نَهج مَن مَضى
وإن هجَر الأصنامَ أحمدُ ماقِتاًفمَن هشّم الأصنامَ كَسْراً وَرَضَّضا؟
وإن أصبَح الداعي إلى اللهِ أحمَدٌفهذا هو الغادي مُحِضّاً مُحرِّضا
متَى رَعَدت مِن أحمد أَيّ مُزْنَة(1)وأبرَق فيها سَيفُ هذا وأومَضا
هَمى صيِّبٌ(2) فيه شِفاءٌ لِمُهتَدوكان على الغاوِينَ داءً مُمَرِّضا
لحى الله قوماً(3) أبغضوه فليس مَنلَه الحَقُّ في فَرْضِ الوَلاء ليُبْغَضا
ويا قَوَّض البارِي بِناء مُزَنَّم(4)تعرّض في مَبنى الهُدى ليُقَوِّضا
توجّه للدُنيا بكلّ جُهودِهوصَدّ عن الدّين الحَنيفِ وأعرَضا

____________

1- المُزنة: السحابة تحمل المطر.

2- أي نَزل مَطَرٌ.

3- أي لعنهم وقبّحهم.

4- المزنّم: المُلحَق بقوم ليس منهم.


الصفحة 551
وخادعَ بالأطماع مَن يَستمِيلُهموأسلَف قوماً آخَرينَ وأقرَضا
مَعاشِر سوء لا يُنيب لربِّهمُنافِقُهم إلاّ إذا هو أعرَضا
أطاع الهَوى في كلِّ ما هو عاملٌوأخلَص للشَّيطانِ حتّى تَمَحَّضا(1)
فجاء لِبَيْتِ الوَحْي في مَن أطاعَهُوحَرَّشَهُم أن يُحرِقوه وحرَّضا(2)
وأغراهُمُ لا أرشَد الله أمرَهموهَدّ قُواهم أجمَعين وهيَّضا(3)
فأقْحَمهُم مِن غير إذن قد اقتَضىدُخولَهُمُ ما يعلَم الله ما اقتَضى
وأخرَج ليثاً خادِراً(4) مِن عَرينهِيُقاد بما أوحى له الصّبر للقَضا
وفاطمةُ الزهراءُ يُضرَب جَنْبُهاوتُعصَرُ ما بين الجِدار لتُجْهَضَا(5)

____________

1- أي صار مَحضاً، والَمحْضُ: الخالص الذي لم يخالطه غيره.

2- حرّشهم: أغراهُم، وحَرّض: حَثّ.

3- هيَّض: هَيَّج.

4- خَدَر الأسَدُ: لَزِم عرينه وأقام به، فهو خادِر.

5- أجهضَت الحاملُ: ألقت ولدها لغير تمام.


الصفحة 552
وما لَقِيَت منهم حَناناً ورَحمةًسِوى كَمَد(1)أدمى الفؤادَ وأمرَضا(2)

____________

1- الكَمَد: الحزن الشديد المكتوم.

2- ديوان المرائي: 105 "مخطوط".


الصفحة 553

الشيخ عبد العظيم الربيعي

إذا كانت بلاد الجنوب الخوزستانية قد فقدت الشيخ هاشم الكعبي بعد نزوحه إلى كربلاء فان مدرسته بقيت تضرب بجذورها في الجنوب العربي، ولعلها استمكنت من نفس الشاعر الجنوبي حتى صار يحاكي توجهات "المدرسة الكعبية" لوناً وغرضاً.

إن عظمة أية مدرسة تعرف من مدى التأثير الذي تحدثه في الاوساط الثقافية، وعدد ونوعية المنتسبين اليها، وإذا أردنا أن نعرف جدارة "المدرسة الكعبية الأدبية" فان تراءة لشعر الشيخ عبد العظيم الربيعي يعطينا تصوراً

الصفحة 554
مهما للكشف عن تأثير هذه المدرسة في الوسط الأدبي الجنوبي.

كان شعر الشيخ عبد العظيم الربيعي انبعاثاً جديداً لمدرسة الشيخ هاشم الكعبي، واعادة ممتازة للخط الأدبي الملتزم الذي عرف به الكعبي، فالذي يتصفح ديوان عبد العظيم الربيعي سيرجعه إلى عهود "المدرسة الكعبية الملتزمة".

ففاجعة كربلاء كانت طابعاً يميز الشعر الربيعي، ومأساة فاطمة (عليها السلام)إحتلت أولويات هذه المدرسة، فالشاعر الربيعي تقرأ معه المأساة الفاطمية على الطريقة الملحمية الأدبية، فهو يستعرض مجريات التاريخ الإسلامي ويساير القضية ليمر بك على مواقع الاحداث حدثاً بعد حدث وقضية بعد قضية فإذا نتهى من سرده التاريخي هذا، نقلكَ إلى مأساة الزهراء (عليها السلام)لتكون المسحة العامة على شعره وأدبياته، فاذا كان اسقاط المحسن هو العنوان الذي تعنون به مأساة الزهراء (عليها السلام)فليكن شعره موثّقاً لهذه الحادثة، وقد كان كذلك.

إذن فمن مختصات الشعر الربيعي هو رثاءه الفاطمي الذي توّجه بحادثة اسقاط المحسن، حتى جاء تراثاً أدبياً ملتزماً. واليك بعض قصائده.


الصفحة 555
[123] له في رثاء الزهراء (عليها السلام) واسقاط المحسن
دهرُ يحارُ به ذوو الألبابلا زال يأتينا بكل عُجابِ
أعلى رواسيه تطول وهادهوعلى الرؤوس تطاولُ الاذناب
أو مثل حيدر وهو ليث خادرٌيلجُ العدو عليه وسط الغاب
علموا بأفعى بأسه مرصودةبوصية نفذت وسبق كتاب
فتواثبوا بغياً عليه وأحدقوافي داره بالنار والاحطاب
من ذاكرٌ بنت النبي وقد رأتحرق المحل عزيمة الاصحاب
لم يقنعوا بتذكر لم يقلعوابتعطف لم يرجعوا بعتاب
فهنا لِكم فتحت لهم باباً لهقد كان جبريل من الحجاب
لم يمهلوها أن تلوث خِمارهافلذا لكم لاذت وراء الباب
من عاذري من ذكر ما صنعوا وقدهاجت هناك ضغائن الاحزاب
الله أكبر مثل بضعة أحمدتسقى كؤوس الذل والاوصاب
لم أنسها تشكوا اليه شجونهاوأمضُ شكوى المرءِ للاحباب
أبتاه أنَّ الجاهلية أظهرتما أضمرت في سالف الاحقاب
أبتاه أدركنا فقومك كلهممن بعدك انقلبوا على الاعقاب
غصبوا تراثي لببوا بعلي هوىمن عصرهم حملي على الاعتاب
كتفيَّ قد ضربوهما قُرطيَّ قدنثروهما هتكوا عليَّ حجابي


الصفحة 556
كسروا ضلوعي أثبتوا المسمار فيصدري وشقوا بعد ذاك كتابي
وكذلك انكفأت لمسجد أحمدمذْ غصَّ بالانصار والاصحاب
خطبت فأوقرت المسامع وعظهابحكيم اسلوب وفصل خطاب
بالنطق تفرغ عن لسان المصطفىولرب نور كان ذا ألقاب
أحي وديعة أحمد ما بينكميا قوم فارعوا جانبي وجنابي
المرء يحفظ في بنيه وأنتمضيعتم المختار في الأعقاب
أمن المروة أن ارثي من أبييزوى ويُلغى كلُ ما أوصى بي
أيردُ نص الذكر بالميراث منجراء كذبةِ مفتر كذاب
أرضيتم الدنيا عن الأخرى وقدغرتكم بالنظر الخلاب
بأبي التي عاشت قليلا وهي لولا الوجد قلت عديمة الاتراب
من ذاكرٌ أهل العباءِ وقد قضتخطبُ يهون لديه كل مصاب
من مسعفٌ بالنوح قلب المرتضىمذ جرد الزهراء من الأثواب
ماذا رأى في جنبها فنحيبهبتتابع والدمع في تسكاب
ألقى على المصباح بعض ضلوعهامكسورة من عصرها بالباب
ياليته ألفى حسيناً عارياًرضت قراهُ صوافنُ النصاب
وعلى القنا يتلو الكتاب كريمهُويصون نسوته على الاقتاب(1)

____________

1- ديوان عبد العظيم الربيعي: 45 مطبعة الزهراء النجف طبقة ثانية 1369.