فَلَها مِنْ رَبِّها خَيْرُ الشُّؤونْ | وعَلى عِرْفَانِها دَارَتْ قُرُونْ |
وَبِها تَفْخَرُ الآبَا وَالبَنونْ | وَهَي لَوْلا المُرْتضى خَيْرُ البُعول |
لَمْ يَكُنْ لَوْلاَهُ لِلطُّهرِ قَرِينْ | كَهْيَ كُفْءٌ لأميرِ المُؤمنينْ |
ولَهُ مِنْها الهُدَاةُ الأنْجَبينْ | فَهْيَ أُمُّ الأوْصِيا بِنْتُ الرَّسُولْ |
أينَ مِن أدْنى عُلاَها مَرْيَمُ | أينَ مِنْها سَارَةٌ أوْ كَلْثَمُ |
أينَ من مَخْدُومها مَن تَخْدِمُ | لاَ ورَبِّي مِثْل زَهْراء البَتُولْ |
فَاطِمٌ سَآدَتْ نِسَاءَ البَشَرِ | بِمَزايا كَسَنَاءِ القَمَرِ |
وَغَدَتْ مَفزَعَ يومِ الَمحْشَرِ | لَيْسَ فِيَما تَرتضِيهِ مِنْ نُكُولْ |
فَهَنيئاً لُِمحِبِّيها النَّجَاةْ | مِن عَظِيم الوِزْرِ مِن بَعدِ المَماتْ |
كَيْفَ يَخْشى مِن عَظيمِ السِّيِّئاتْ | مَنْ تَوَلَّى فَاطِماً اُمَّ الشّبولْ |
لِعَداها الوَيْلُ إذْ عَادُوا النّبي | وَغَدَوْا مِن رَبِّهِمْ في غَضَبِ |
عَمَّروا بَيْتَاً لَهُم مِن لَهَبِ | إذْ بِنَار أَحْرَقُوا بَابَ البَتُولْ |
لَمْ يَزَلْ يَغْلي لَهِيبُ الكُفرِ | في قُلوب طُبعَتْ كَالحَجَرِ |
فَغَدا يُحْرِقُ بَابَ الغَرَرِ | بَابَ فَوز خَيْرَ بَاب للسَّؤول |
لَهْفَ نَفْسِي لِعَزيز هُضِمَتْ | ضُرِبَتْ طَوراً وَطَوْراً لُطِمَتْ |
وَبأطْوَارِ الأَذَايا ظُلِمَتْ | لَهْفَ نَفْسِي لَكِ يَا بِنْتَ الرَّسُولْ |
مَنَعُوا إرْثَ أبيَها عَلَناً | وأَزَاحُوا الْفَيْءِ عَنْها أحَناً(1) |
أسْقَطُوا مِنْها جَنِيناً مُحسِناً | كسَرُوا أضْلُعَها يَا لَلذُّحولْ! |
لَمْ تَزَلْ بَعْدَ أبيهَا فُتِنَتْ | وبَكَتْ شَجْواً إلى أنْ زَمِنَت |
قُتِلَتْ جَهْراً وَسِرَّاً دُفِنَت | فَبِعَيْنِ الله غارت في الرَّسُولْ |
أنْتِ يَا اُمَّ المَلاذِ المُرْتَجى | أنْتِ لِلاُمَّةِ كَهْفٌ وَرَجَا |
فَإلَيْكِ العَيْنُ تَرْنُو بِالنَّجَا | في صُرُوفِ الدَّهْرِ والخَطبِ المَهُولْ |
____________
1- أي ضغناً وحقداً.
الشيخ ابراهيم المبارك
سجّل الأدب الامامي اعتزازه للمدرسة الأدبية البحرانية التي كادت أن تنحصر جهود أدبائها على الرثاء الفاطمي لتفرّع على أساسه رثائياتها الأخرى، ولعل الذي دفع المدرسة البحرانية إلى انتهاج هذا الخط الأدبي المتميز أن شعرائها عاشوا مأساة السيدة الزهراء (عليها السلام) من خلال تاريخهم السياسي المقهور الذي كان مجموعة توليفات سياسية مستبدة، واقتصادية خانقة، واجتماعية مسحوقة، أسستها اطروحات سياسية حرصت أن تكون الحواضر الشيعية تحت هيمنتها المقيتة، ولما كانت البحرين بلاد الولاء
قدّم الشيخ ابراهيم المبارك اطروحة الولاء الأدبية التي تحكي عن صميم الولاء البحراني، وتؤكد مبايعة هذا البلد لقادته وساداته الأئمة المعصومين (عليهم السلام)، مهما كانت التضحيات ومهما كانت الاساليب.
كان الشيخ ابراهيم المبارك من أفاضل الحوزة النجفية ولد في قرية الهُجير سنة 1326 هـ وتوفي في البحرين سنة 1399 هـ.
وراءَكِ يا دُنيا فأنتِ دَنِيَّةٌ | وكَمْ باطل يُطْرى بخَير ويُنْعَتُ |
عرَفتُكِ يا هَوْجاءُ زَوْجةَ أحمَق | وما غرّني منكِ الزُّها(1) والتزَمُّتُ |
فإن كانَ مَن غَرَّيْتِ بُلْهاً(2) فإنّني | أُذمِّمُ منكِ التُرَّهاتِ(3) وأمقُتُ |
وسيفُك لا ينْفَكّ في النّاس مُصْلَتاً(4) | ولكنّه في سادة النّاس أصلَتُ(5) |
فإن كانتِ الأنذالُ تُحْبى(6) بنعمة | فهاتِيكُم الأبدالُ تُزوى(7) وَتُبهَتُ |
تعاظَم أهلُ الغَيّ حتّى تحكّموا | بآلِ رسولِ الله ظُلماً وعنَّتوا |
____________
1- أي التية والتكبّر.
2- البُلْه: جمع أبْلَه، ضعيف العقل.
3- التُّرَّهات: جمع تُرَّهة، القول الخالي من نفع، والباطل.
4- أي ماض.
5- أي أمضى.
6- أي تُعطى وتُكْرَم.
7- الأبدال: الكرام الشرفاء، زواه: منعه وصرفه.
أزالوهُمُ عن حقِّهم وتَواثَبوا | عليهم وغَتُّوهم(1) حقوقاً وعمَّتوا(2) |
ورَضُّوا من الزهراء جَنْباً وأسقَطوا | جَنيناً وخَطّوا مِن عُلاها وبكَّتُوا(3) |
وصَبّوا على المَتْنَيْنِ منها سِياطَهم | وخانوا عهود الله فيها وخوّتوا(4) |
وكانت من الهادي الوَديعةُ فيهِمُ | فيا بئسَ ما خانوه فيها وبَيَّتوا |
زَوَوْا حقَّها بالغَصْبِ إرثاً ونِحْلةً | سَحيتاً أدال اللهُ منهم وأُسحِتوا(5) |
وقادوا عليّاً آخِذين خِناقَه | يكادُ بإضغاطِ التنفُّس يخفتُ |
ولمّا أهاضَتْهُم بدَفع وضجَّة | أهاضَ بها سَوطٌ يَضِجُّ ويُصْمِتُ |
إلى أن قضَت مقروحة الجَفنِ والحَشا | بقَلب يصكُّ الهمّ فيهِ وينكُتُ |
____________
1- غَتّه: آذاه.
2- عَمَّته: قَهَره.
3- بكَتَه: لقيه بما يكره، وقَرَّعَهُ ووتخه، وضربه.
4- خوّت: نقض عهده، وأخلف وعده.
5- سَحَته: نقض عهده، وأخلف وعده.
وقد باتَ ابنَاها بأطول ليلة | يَبيتُ بها مَضْنى الفؤاد مفتَّتُ |
وهاجَ بقَلبِ المُرتَضى الحُزْنُ والأسى | كأنَّ حَشاهُ بالرَّزِيَّةِ تُسلَتُ |
أفاطِمُ لا أنساكِ بعد محمّد | وهل كان مِثلي في فَقِيدَين يقلَتُ(1)؟ |
فما أنا إلاّ كالشَّكير(2)بعُشِّه | ورائِشُه(3) الحاني عليه مُكفّتُ(4) |
وأنساكِ لا أنساكِ والحُزنُ قاتِلي | ويومُكِ يومٌ أكدَرُ الوَجهِ أمقَتُ |
إذا سَرَّ هذا البَدرُ أظْلَم ليلُه | وإن صوّح(5) المَرعى مِن الناس أسنَتوا(6) |
فما أقبَح الخَضْراء إن غابَ بَدرُها | وما أَكدَر الغَبْراء إن جفّ مَنْبِتُ! |
____________
1- قلَت يقلَتُ: تعرّض للهلاك.
2- الشَّكير: أول ما ينبت من ريش الطائر.
3- راشه يريشه: أطعمه وسقاه وكساه.
4- كفّت الطئر: أسرعه في الطيران والعَدو وتقبّض فيه.
5- صَوَّح النَّبتُ: يَبِسَ حتّى تشقّق.
6- أسنت القومُ: أصابتهم سنة مُجدِبة.
فِداكِ الوَرى طُرّاً وقَلّ لكِ الفِدا | ولكنَّما الآجالُ وَقتٌ مُوَقَّتُ |
أُصِيبَت بكِ الدُنيا وأظلَم نورُها | وأُخرِس منها ناطِق أو مُصَوّتُ |
وعَجَّت عليكِ الكائناتُ بنَوْحِها | وتلك الجِبالُ الشُّمُّ تُذْرى وتُنْحَتُ(1) |
[121] وقال في رثاء النبيّ (صلى الله عليه وآله) والزهراء (عليها السلام):
ماتَ الرّسول فماتَت كلُّ كائِنة | وكُدِّرَت صَفوةُ الدُنيا بأكدارِ |
وأصبحَت حرَكاتُ الكونِ ساكِنةً | والأرضُ مُؤذنِة مِنه بتَسْيارِ(2) |
وأظلمَت صفَحاتُ الجَوِّ وانطَبقَت | دوائِرُ الاُفقِ واصطَكَّت بإعصارِ |
وأظهَر النّاسُ أحقاداً مؤكّدةً | ضاقَتْ ضِمائرهُم منها بإسرارِ |
تقَحّموا مَنزِل الزهراءِ واجْتَرموا | وأضْرَموا النّارَ في باب وأستارِ |
____________
1- ديوان المراثي: مخطوط.
2- التّسيار: المبالغة في السَّير.
وأخرجوا حَيْدرَ الكَرّارَ واحْتَشَدوا | لبُغيةِ المُلك في شيء من الثّارِ |
قَادُوه سَحْباً وتَجْريراً لبَيعتِهم | باءَت مَابِحُهم منها بإخسارِ |
أمّا البَتُولُ فرَضّوها بحائِطها | رَضّاً يُوجِّهُهُم للنّارِ والعَارِ |
وأسقَطوها جَنِيناً بعد ما لَطمو | ها لَطْمَةً بَقِيت منها بآثارِ |
والسّوطُ ألَّمَ مَتْنَيْها على ألَم | لاقَتْهُ مِن رَضِّ أضلاع وأفْقارِ |
تَشْكُو إلى النّاسِ لم تَسْمَع شِكايتها | فمِن مَهاجِرة منهم وأنصارِ |
وأتبَعوا فِعلَهم هذا بغَصْبِهمُ الـ | ـمِيراثَ منها بمَوضوعاتِ أخبارِ |
حتّى قضت وهي حَرّى القلبِ شاكيةً | مِن كُلّ باغ أثيمِ القَلبِ خَتّارِ(1) |
[122] وقال في رثاء أهل البيت (عليهم السلام) وبُكاء الزهراء (عليها السلام):
____________
1- ديوان المرائي: 62 "مخطوط" والختّار: الغَدّار.
وأحمدُ إن سنّ الشريعةَ للهُدى | أليس بهذا للشريعةِ يُسْتَضا؟ |
وأحمدُ إن يُنقِذ من الشِّرك مَن مَضى | فهذا هو الهادي إلى نَهج مَن مَضى |
وإن هجَر الأصنامَ أحمدُ ماقِتاً | فمَن هشّم الأصنامَ كَسْراً وَرَضَّضا؟ |
وإن أصبَح الداعي إلى اللهِ أحمَدٌ | فهذا هو الغادي مُحِضّاً مُحرِّضا |
متَى رَعَدت مِن أحمد أَيّ مُزْنَة(1) | وأبرَق فيها سَيفُ هذا وأومَضا |
هَمى صيِّبٌ(2) فيه شِفاءٌ لِمُهتَد | وكان على الغاوِينَ داءً مُمَرِّضا |
لحى الله قوماً(3) أبغضوه فليس مَن | لَه الحَقُّ في فَرْضِ الوَلاء ليُبْغَضا |
ويا قَوَّض البارِي بِناء مُزَنَّم(4) | تعرّض في مَبنى الهُدى ليُقَوِّضا |
توجّه للدُنيا بكلّ جُهودِه | وصَدّ عن الدّين الحَنيفِ وأعرَضا |
____________
1- المُزنة: السحابة تحمل المطر.
2- أي نَزل مَطَرٌ.
3- أي لعنهم وقبّحهم.
4- المزنّم: المُلحَق بقوم ليس منهم.
وخادعَ بالأطماع مَن يَستمِيلُهم | وأسلَف قوماً آخَرينَ وأقرَضا |
مَعاشِر سوء لا يُنيب لربِّه | مُنافِقُهم إلاّ إذا هو أعرَضا |
أطاع الهَوى في كلِّ ما هو عاملٌ | وأخلَص للشَّيطانِ حتّى تَمَحَّضا(1) |
فجاء لِبَيْتِ الوَحْي في مَن أطاعَهُ | وحَرَّشَهُم أن يُحرِقوه وحرَّضا(2) |
وأغراهُمُ لا أرشَد الله أمرَهم | وهَدّ قُواهم أجمَعين وهيَّضا(3) |
فأقْحَمهُم مِن غير إذن قد اقتَضى | دُخولَهُمُ ما يعلَم الله ما اقتَضى |
وأخرَج ليثاً خادِراً(4) مِن عَرينهِ | يُقاد بما أوحى له الصّبر للقَضا |
وفاطمةُ الزهراءُ يُضرَب جَنْبُها | وتُعصَرُ ما بين الجِدار لتُجْهَضَا(5) |
____________
1- أي صار مَحضاً، والَمحْضُ: الخالص الذي لم يخالطه غيره.
2- حرّشهم: أغراهُم، وحَرّض: حَثّ.
3- هيَّض: هَيَّج.
4- خَدَر الأسَدُ: لَزِم عرينه وأقام به، فهو خادِر.
5- أجهضَت الحاملُ: ألقت ولدها لغير تمام.
وما لَقِيَت منهم حَناناً ورَحمةً | سِوى كَمَد(1)أدمى الفؤادَ وأمرَضا(2) |
____________
1- الكَمَد: الحزن الشديد المكتوم.
2- ديوان المرائي: 105 "مخطوط".
الشيخ عبد العظيم الربيعي
إذا كانت بلاد الجنوب الخوزستانية قد فقدت الشيخ هاشم الكعبي بعد نزوحه إلى كربلاء فان مدرسته بقيت تضرب بجذورها في الجنوب العربي، ولعلها استمكنت من نفس الشاعر الجنوبي حتى صار يحاكي توجهات "المدرسة الكعبية" لوناً وغرضاً.
إن عظمة أية مدرسة تعرف من مدى التأثير الذي تحدثه في الاوساط الثقافية، وعدد ونوعية المنتسبين اليها، وإذا أردنا أن نعرف جدارة "المدرسة الكعبية الأدبية" فان تراءة لشعر الشيخ عبد العظيم الربيعي يعطينا تصوراً
كان شعر الشيخ عبد العظيم الربيعي انبعاثاً جديداً لمدرسة الشيخ هاشم الكعبي، واعادة ممتازة للخط الأدبي الملتزم الذي عرف به الكعبي، فالذي يتصفح ديوان عبد العظيم الربيعي سيرجعه إلى عهود "المدرسة الكعبية الملتزمة".
ففاجعة كربلاء كانت طابعاً يميز الشعر الربيعي، ومأساة فاطمة (عليها السلام)إحتلت أولويات هذه المدرسة، فالشاعر الربيعي تقرأ معه المأساة الفاطمية على الطريقة الملحمية الأدبية، فهو يستعرض مجريات التاريخ الإسلامي ويساير القضية ليمر بك على مواقع الاحداث حدثاً بعد حدث وقضية بعد قضية فإذا نتهى من سرده التاريخي هذا، نقلكَ إلى مأساة الزهراء (عليها السلام)لتكون المسحة العامة على شعره وأدبياته، فاذا كان اسقاط المحسن هو العنوان الذي تعنون به مأساة الزهراء (عليها السلام)فليكن شعره موثّقاً لهذه الحادثة، وقد كان كذلك.
إذن فمن مختصات الشعر الربيعي هو رثاءه الفاطمي الذي توّجه بحادثة اسقاط المحسن، حتى جاء تراثاً أدبياً ملتزماً. واليك بعض قصائده.
دهرُ يحارُ به ذوو الألباب | لا زال يأتينا بكل عُجابِ |
أعلى رواسيه تطول وهاده | وعلى الرؤوس تطاولُ الاذناب |
أو مثل حيدر وهو ليث خادرٌ | يلجُ العدو عليه وسط الغاب |
علموا بأفعى بأسه مرصودة | بوصية نفذت وسبق كتاب |
فتواثبوا بغياً عليه وأحدقوا | في داره بالنار والاحطاب |
من ذاكرٌ بنت النبي وقد رأت | حرق المحل عزيمة الاصحاب |
لم يقنعوا بتذكر لم يقلعوا | بتعطف لم يرجعوا بعتاب |
فهنا لِكم فتحت لهم باباً له | قد كان جبريل من الحجاب |
لم يمهلوها أن تلوث خِمارها | فلذا لكم لاذت وراء الباب |
من عاذري من ذكر ما صنعوا وقد | هاجت هناك ضغائن الاحزاب |
الله أكبر مثل بضعة أحمد | تسقى كؤوس الذل والاوصاب |
لم أنسها تشكوا اليه شجونها | وأمضُ شكوى المرءِ للاحباب |
أبتاه أنَّ الجاهلية أظهرت | ما أضمرت في سالف الاحقاب |
أبتاه أدركنا فقومك كلهم | من بعدك انقلبوا على الاعقاب |
غصبوا تراثي لببوا بعلي هوى | من عصرهم حملي على الاعتاب |
كتفيَّ قد ضربوهما قُرطيَّ قد | نثروهما هتكوا عليَّ حجابي |
كسروا ضلوعي أثبتوا المسمار في | صدري وشقوا بعد ذاك كتابي |
وكذلك انكفأت لمسجد أحمد | مذْ غصَّ بالانصار والاصحاب |
خطبت فأوقرت المسامع وعظها | بحكيم اسلوب وفصل خطاب |
بالنطق تفرغ عن لسان المصطفى | ولرب نور كان ذا ألقاب |
أحي وديعة أحمد ما بينكم | يا قوم فارعوا جانبي وجنابي |
المرء يحفظ في بنيه وأنتم | ضيعتم المختار في الأعقاب |
أمن المروة أن ارثي من أبي | يزوى ويُلغى كلُ ما أوصى بي |
أيردُ نص الذكر بالميراث من | جراء كذبةِ مفتر كذاب |
أرضيتم الدنيا عن الأخرى وقد | غرتكم بالنظر الخلاب |
بأبي التي عاشت قليلا وهي لو | لا الوجد قلت عديمة الاتراب |
من ذاكرٌ أهل العباءِ وقد قضت | خطبُ يهون لديه كل مصاب |
من مسعفٌ بالنوح قلب المرتضى | مذ جرد الزهراء من الأثواب |
ماذا رأى في جنبها فنحيبه | بتتابع والدمع في تسكاب |
ألقى على المصباح بعض ضلوعها | مكسورة من عصرها بالباب |
ياليته ألفى حسيناً عارياً | رضت قراهُ صوافنُ النصاب |
وعلى القنا يتلو الكتاب كريمهُ | ويصون نسوته على الاقتاب(1) |
____________
1- ديوان عبد العظيم الربيعي: 45 مطبعة الزهراء النجف طبقة ثانية 1369.