وروى الواحدي في أسباب النزول في قوله تعالى: (ويطعمون الطعام على حبه مسكينا)، قال: قال عطاء عن ابن عباس: وذلك أن علي بن أبي طالب، أجر نفسه يسقي نخلا بشئ من شعير ليلة، حتى أصبح، وقبض الشعير، وطحن ثلثه، فجعلوا منه شيئا ليأكلوا يقال له: (الخزيرة)، فلما تم إنضاجه، أتى مسكين فأخرجوا إليه الطعام، ثم عمل الثلث الثاني فلما تم إنضاجه أتى يتيم فسأل فأطعموه، ثم عمل الثلث الباقي، فلما تم إنضاجه أتى أسير من المشركين فأطعموه، وطووا يومهم ذلك، فأنزلت فيهم هذه الآية (2).
وروى ابن الأثير في أسد الغابة في ترجمة (فضة) النوبية - جارية فاطمة
____________
(1) تفسير الكشاف 2 / 511 - 512.
(2) أسباب النزول ص 296.
قال: مرض الحسن والحسين، فعادهما جدهما رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعادهما عامة العرب، فقالوا: يا أبا الحسن، لو نذرت على ولدك نذرا، فقال علي: إن برآ مما بهما، صمت لله عز وجل ثلاثة أيام شكرا، وقالت فاطمة كذلك، وقالت جارية يقال لها فضة نوبية: إن برأ سيداي، صمت الله عز وجل شكرا، فألبس الغلامان العافية، وليس عند آل محمد قليل ولا كثير، فانطلق علي إلى شمعون الخيبري، فاستقرض منه ثلاثة آصع من شعير، فجاء بها فوضعها، فقامت فاطمة إلى صاع فطحنته واختبزته، وصلى علي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم.
ثم أتى المنزل فوضع الطعام بين يديه، إذ أتاهم مسكين فوقف بالباب، فقال: السلام عليكم أهل بيت محمد، مسكين من أولاد المسلمين، أطعموني أطعمكم الله عز وجل، على موائد الجنة، فسمعه علي، فأمرهم فأعطوه الطعام، ومكثوا يومهم وليلتهم، لم يذوقوا، إلا الماء.
فلما كان اليوم الثاني قامت فاطمة إلى صاع وخبزته، وصلى علي مع النبي صلى الله عليه وسلم، ووضع الطعام بين يديه، إذ أتاهم يتيم فوقف بالباب، وقال: السلام عليكم أهل بيت محمد، يتيم بالباب من أولاد المهاجرين، استشهد والدي، أطعموني، فأعطوه الطعام، فمكثوا يومين لم يذوقوا، إلا الماء.
فلما كان اليوم الثالث، قامت فاطمة إلى الصاع الباقي فطحنته واختبزته، فصلى علي مع النبي صلى الله عليه وسلم، ووضع الطعام بين يديه، إذ أتاهم أسير، فوقف بالباب وقال: السلام عليكم أهل بيت النبوة، تأسروننا، وتشدوننا، ولا تطعموننا، أطعموني فإني أسير، فأعطوه الطعام، ومكثوا ثلاثة أيام ولياليها لم يذوقوا إلا الماء، فأتاهم رسول الله صلى الله عليه وسلم، فرأى ما بهم من الجوع، فأنزل الله
وروى المحب الطبري في الرياض النضرة: عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله تعالى: (ويطعمون الطعام على حبه مسكينا ويتيما وأسيرا) قال: أجر علي نفسه يسقي نخلا بشئ من شعير ليلة حتى أصبح، فلما أصبح قبض الشعير فطحن منه، فجعلوا منه شيئا ليأكلوه يقال له (الخزيرة) (دقيق بلا دهن)، فلما تم إنضاجه أتى مسكين فسأل، فأطعموه إياه، ثم صنعوا الثلث الثاني، فلما تم إنضاجه أتى يتيم فسأل فأطعموه إياه، ثم صنعوا الثلث الثالث، فلما تم إنضاجه أتى أسير من المشركين فأطعموه إياه وطووا يومهم، فنزلت (2).
ورواه المحب الطبري أيضا في ذخائر العقبى (3).
وفي نور الأبصار: أن عبد الله بن العباس قال في قول الله تعالى: (يوفون بالنذر ويخافون يوما كان شره مستطيرا) مرض الحسن والحسين رضي الله عنهما، وهما صبيان، فعادهما رسول الله صلى الله عليه وسلم في ناس معه، فقالوا: يا أبا الحسن لو نذرت على ولدك نذرا، فقال علي: إن برآ مما بهما صمت لله عز وجل ثلاثة أيام شكرا، قالت فاطمة: وأنا أيضا أصوم ثلاثة شكرا، وقال الصبيان: ونحن نصوم ثلاثة أيام، وقالت جاريتهما فضة: وأنا أصوم ثلاثة أيام شكرا، فألبسهما الله العافية، فأصبحوا صياما، وليس عندهم طعاما.
فانطلق علي إلى جار له من اليهود - يقال له شمعون - يعالج الصوف، وقال له: هل لك أن يعطيني جزة من صوف تغزلها لك بنت محمد بثلاثة آصع من شعير، فأعطاه فجاء بالصوف والشعير فأخبر فاطمة فقبلت وأطاعت، ثم
____________
(1) أسد الغابة 7 / 236 - 237.
(2) الرياض النضرة 2 / 302 - 303.
(3) ذخائر العقبى ص 102.
وصلى علي المغرب مع النبي صلى الله عليه وسلم، ثم أتى منزله فوضع الخوان فجلسوا، فأول لقمة كسرها علي رضي الله عنه، إذا مسكين واقف على الباب، فقال:
السلام عليكم يا أهل بيت محمد، أنا مسكين من مساكين المسلمين، أطعموني مما تأكلون، أطعمكم الله من موائد الجنة، فوضع علي رضي الله عن، اللقمة من يده، ثم قال:
فقالت فاطمة رضي الله عنها:
قال: فعمدت إلى ما في الخوان فدفعته إلى السكين، وباتوا جياعا، وأصبحوا صياما، لم يذوقوا إلا الماء القراح.
ثم عمدت إلى الجزء الثاني من الصوف فغزلته، ثم أخذت صاعا فطحنته وعجنته، وخبزت منه خمسة أقراص، لكل واحد قرص، وصلى علي المغرب مع النبي صلى الله عليه وسلم، ثم أتى منزله، فلما وضعت الخوان وجلس، فأول لقمة كسرها علي رضي الله عنه، إذا يتيم من يتامى المسلمين عقد وقف على الباب وقال:
السلام عليكم أهل بيت محمد، أنا يتم من يتامى المسلمين، أطعموني أطعمكم الله من موائد الجنة، فوضع علي اللقمة من يده، وقال:
فأقبلت السيدة فاطمة رضي الله عنها، وقالت:
ثم عمدت إلى جميع ما كان في الخوان، فأعطته اليتيم، وباتوا جياعا لم يذوقوا إلا الماء القراح، وأصبحوا صياما، وعمدت فاطمة إلى باقي الصوف فغزلته، وطحنت الصاع الباقي، وعجنته وخبزته خمسة أقراص لكل واحد قرص، وصلى على المغرب مع النبي صلى الله عليه وسلم، ثم أتى منزله، فقربت إليه الخوان ثم جلس، فأول لقمة كسرها، إذا أسير من أسارى المسلمين بالباب، فقال:
السلام عليكم أهل بيت محمد، إن الكفار أسرونا وقيدونا وشدونا، فلم يطعمونا، فوضع علي اللقمة من يده، قال:
فأقبلت فاطمة رضي الله عنها تقول:
ثم عمدت إلى ما كان في الخوان فأعطته إياه، فأصبحوا مفطرين، وليس عندهم شئ، وأقبل علي والحسن والحسين نحو رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهما يرتعشان كالفرخين من شدة الجوع، فلما أبصرهما رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: يا أبا الحسن، أشد ما يسوؤني ما أدرككم، انطلقوا بنا إلى ابنتي فاطمة، فانطلقوا إليها، وهي في محرابها، وقد لصق بطنها بظهرها من شدة الجوع، وغارت عيناها، فلما
(ويطعمون الطعام على حبه مسكينا ويتيما وأسيرا) - إلى قوله تعالى: (وكان سعيكم مشكورا) (1).
وروى السيوطي في تفسيره (الدر المنثور) قال: أخرج ابن مردويه عن ابن عباس في قوله تعالى: (ويطعمون الطعام على حبه مسكينا) - الآية - قال:
نزلت في علي بن أبي طالب عليه السلام، وفاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم (2).
هذا وقد جاءت القصة في تفسير القرطبي مطولة، وإن تردد في قبولها (3)، كما جاءت القصة في تفسير الطبرسي والفخر الرازي (4)، وعلي بن إبراهيم (5)، ومن عجب أن يتجاهل الإمام الطبري القصة تماما (6).
14 - آية الحج 19:
قال الله تعالى: (هذان خصمان اختصموا في ربهم) - الآية.
روى البخاري في صحيحه بسنده عن قيس بن عباد عن علي بن أبي طالب، رضي الله عنه، قال: أنا أول من يجثو بين يدي الرحمن للخصومة يوم القيامة، قال قيس: وفيهم ونزلت: هذان خصمان اختصموا في ربهم، قال:
هم الذين بارزوا يوم بدر، علي وحمزة وعبيدة، وشيبة بن ربيعة وعتبة بن ربيعة والوليد بن عتبة (7).
____________
(1) سيد الشبلنجي: نور الأبصار في مناقب آل بيت النبي المختار ص 112 - 114.
(2) فضائل الخمسة 1 / 256.
(3) تفسير القرطبي ص 6919 - 6926.
(4) مجمع البيان 5 / 404، تفسير الفخر الرازي 9 / 291.
(5) تفسير علي بن إبراهيم ص 707.
(6) تفسير الطبري 29 / 113.
(7) صحيح البخاري 6 / 123 - 124.
وروى البخاري في صحيحه بسنده عن أبي هاشم عن أبي مجلز عن قيس بن عباد عن أبي ذر، رضي الله عنه، قال: نزلت هذان خصمان اختصموا في ربهم، في ستة من قريش، علي وحمزة وعبيدة بن الحارث، وشيبة بن ربيعة وعتبة بن ربيعة والوليد بن عتبة (2).
وروى البخاري في صحيحه بسنده عن أبي مجلز عن قيس بن عباد قال:
قال علي رضي الله عنه، فينا نزلت هذه الآية: (هذان خصمان اختصموا في ربهم) (3).
وروى البخاري في صحيحه بسنده عن أبي هاشم عن أبي مجلز عن قيس بن عباد: سمعت أبا ذر، رضي الله عنه، يقسم لنزلت هذه الآية في هؤلاء الرهط الستة يوم بدر (4).
وروى البخاري في صحيحه بسنده عن أبي مجلز عن قيس قال: سمعت أبا ذر يقسم قسما، إن هذه الآية (هذان خصمان اختصموا في ربهم)، نزلت في الذين برزوا يوم بدر، حمزة وعلي وعبيدة بن الحارث، وعتبة وشيبة ابني ربيعة والوليد بن عتبة (5).
____________
(1) صحيح البخاري 5 / 95.
(2) صحيح البخاري 5 / 95.
(3) صحيح البخاري 5 / 95 - 96.
(4) صحيح البخاري 5 / 96.
(5) صحيح البخاري 5 / 96.
وفي تفسير ابن كثير: عن قيس بن عباد عن علي بن أبي طالب أنه قال:
أنا أول من يجثو بين الرحمن للخصومة يوم القيامة، قال قيس: وفيهم نزلت: (هذان خصمان اختصموا في ربهم) قال: هم الذين بارزوا يوم بدر، علي وحمزة وعبيدة، وشيبة بن ربيعة وعتبة بن ربيعة والوليد بن عتبة - انفرد به البخاري (2).
وفي تفسير القرطبي في قوله تعالى: (هذان خصمان اختصموا في ربهم)، أخرج مسلم عن قيس بن عباد، قال: سمعت أبا ذر يقسم قسما إن (هذان خصمان اختصموا في ربهم)، إنها نزلت في الذين بارزوا يوم بدر، حمزة وعلي وعبيدة بن الحارث، رضي الله عنهم، وعتبة وشيبة ابنا ربيعة، والوليد بن عتبة.
وقال ابن عباس: نزلت هذه الآيات الثلاث (19 - 21) على النبي صلى الله عليه وسلم، في ثلاثة نفر من المؤمنين، وثالثة نفر كافرين، وسماهم كما ذكر أبو ذر.
وقال علي بن أبي طالب رضي الله عنه: إني لأول من يجثو للخصومة بين يدي الله يوم القيامة، يريد قصته في مبارزته - هو وصاحباه - ذكره البخاري، وإلى هذا القول ذهب هلال بن يساف، وعطاء بن يسار وغيرهما (3).
وروى الواحدي في أسباب النزول في قول الله تعالى: (هذان خصمان
____________
(1) صحيح مسلم 8 / 166.
(2) تفسير ابن كثير 3 / 340، وانظر: الصواعق المحرقة ص 195.
(3) تفسير القرطبي ص 4417.
وعن أبي مجلز عن قيس بن عباد عن علي قال: فينا نزلت هذه الآية، وفي مبارزتنا يوم بدر - (هذان اختصموا في ربهم) (1).
وفي مغازي الواقدي: قال عتبة لابنه: قم يا وليد، وقام إليه علي، وكان أصغر النفر، فقتله علي عليه السلام، ثم قام عتبة، وقام إليه حمزة، فاختلفا ضربتين، فقتله حمزة، رضي الله عنه، ثم قام شيبة، وقام إليه عبيدة بن عبد المطلب - وهو يومئذ أسن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم - فضرب شيبة رجل عبيدة بذباب السيف، فأصاب عضلة ساقه فقطعها، وكر حمزة وعلي على شيبة فقتلاه، واحتملا عبيدة فحازاه إلى الصف، ومخ ساقه يسيل، فقال عبيدة: يا رسول الله، ألست شهيدا؟ قال: بلى، قال: أما والله، لو كان أبو طالب حيا، لعلم أنا أحق بما قال منه، حين يقول:
ونزلت هذه الآية (هذان خصمان اختصموا في ربهم) (2).
وفي السيرة الحلبية: قيل: وهذه المبارزة، أول مبارزة وقعت في الإسلام، وفي الصحيحين عن أبي ذر، أنه كان يقسم قسما، إن هذه الآية (هذان خصمان اختصموا في ربهم)، نزلت في حمزة وصاحبه (علي بن أبي طالب)، وعتبة وصاحبه (شيبة) يوم بدر.
____________
(3) أسباب النزول ص 207، نور الأبصار ص 86.
(1) الواقدي: كتاب المغازي 1 / 69 - 70 (تحقيق مارسدن جونسي - عالم الكتب - بيروت 1984).
وفي زاد المعاد: وكان علي يقسم بالله: لنزلت هذه الآية فيهم (هذان خصمان اختصموا في ربهم) (2).
15 - آية مريم 96:
قال الله تعالى: (إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات سيجعل لهم الرحمن ودا).
روى السيوطي في تفسيره: أخرج ابن مردويه والديلمي، عن البراء قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، لعلي: يا علي قل: اللهم اجعل لي عندك عهدا، واجعل لي في صدور المؤمنين مودة، فأنزل الله: (إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات سيجعل لهم الرحمن ودا)، قال: نزلت في علي (3).
وأخرج الحافظ السلفي عن محمد بن الحنفية، رضي الله عنه، قال في تفسير الآية: لا يبقى مؤمن، إلا وفي قلبه ود لعلي وأهل بيته.
وأخرج البيهقي وأبو الشيخ والديلمي، أنه صلى الله عليه وسلم قال: لا يؤمن عبد حتى أكون أحب إليه من نفسه، وتكون عترتي أحب إليه من نفسه، ويكون أهلي أحب إليه من أهله، وتكون ذاتي أحب إليه من ذاته وأخرج الديلمي أنه صلى الله عليه وسلم قال: أدبوا أولادكم على ثلاث خصال: حب نبيكم وحب أهل بيته، وعلى قراءة القرآن (4).
____________
(1) السيرة الحلبية 2 / 402 (القاهرة 1964).
(2) ابن قيم الجوزية: زاد المعاد في هدى خير العباد 3 / 180 (مؤسسة الرسالة - بيروت 1985).
(3) فضائل الخمسة 1 / 276 (مؤسسة الأعلى - بيروت 1973).
(4) الصواعق المحرقة ص 261 - 262.
وعن ابن عباس رضي الله عنهما: يعني يحبهم الله ويحببهم إلى خلقه (1).
وفي تفسير القرطبي: واختلف فيمن نزلت، فقيل في علي بن أبي طالب رضي الله عنه، روى البراء بن عازب قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، لعلي بن أبي طالب: (قل يا علي، اللهم اجعل لي عندك عهدا، واجعل لي في قلوب المؤمنين مودة)، فنزلت الآية، ذكره الثعلبي (2).
16 - آية الشورى 23:
قال الله تعالى: (قل لا أسألكم عليه أجرا * إلا المودة في القربى * ومن يقترف حسنة نزد له فيها حسنا * إن الله غفور شكور).
روى الحاكم في المستدرك بسنده عن الإمام علي زين العابدين بن الإمام الحسين عليهما السلام، قال: خطب الحسن بن علي، عليهما السلام، على الناس، حين قتل علي عليه السلام، فحمد الله وأثنى عليه - فساق الحديث إلى أن قال - (أيها الناس من عرفني فقد عرفني، ومن لم يعرفني فأنا الحسن بن علي، وأنا ابن النبي صلى الله عليه وسلم، وأنا ابن الوصي، وأنا ابن البشير، وأنا ابن النذير، وأنا ابن الداعي إلى الله بإذنه، وأنا ابن السراج المنير، وأنا من أهل البيت الذي كان جبريل ينزل إلينا، ويصعد من عندنا، وأنا من أهل البيت الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا، وأنا من أهل البيت الذين افترض الله مودتهم على كل مسلم، فقال تبارك وتعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم (قل لا أسألكم عليه أجرا * إلا
____________
(1) تفسير الكشاف 2 / 18.
(2) تفسير القرطبي ص 4200.
وذكره المحب الطبري في الذخائر (2)، والهيثمي في مجمع الزوائد (3)، وابن حجر الهيثمي في صواعقه (4).
وأخرج الدارقطني: أن عمر بن الخطاب سأل عن علي، فقيل له: ذهب إلى أرضه، فقال: اذهبوا بنا إليه، فوجدوه يعمل، فعملوا معه ساعة، ثم جلسوا يتحدثون، فقاله له علي: يا أمير المؤمنين، أرأيت لو جاءك قوم من بني إسرائيل، فقال لك أحدهم: أنا ابن عم موسى عليه السلام، أكانت له عندك أثرة على أصحابه، قال: نعم، قال: فأنا والله، أخو رسول الله صلى الله عليه وسلم، وابن عمه، قال:
فنزع عمر رداءه، فبسطه فقال: لا والله لا يكون لك مجلس غيره حتى نفترق، فلم يزل جالسا عليه حتى تفرقوا.
وذكر علي له ذلك إعلاما بأن ما فعله معه من مجيئه إليه، وعمله معه في أرضه، وهو أمير المؤمنين، إنما هو لقرابته من رسول الله صلى الله عليه وسلم، فزاد عمر في إكرامه، وأجلسه على ردائه (5).
وروى ابن الأثير في أسد الغابة بسنده عن حبيب بن أبي ثابت: قال:
كنت أجالس أشياخنا، إذ مر علينا علي بن الحسين عليه السلام، وقد كان بينه وبين أناس من قريش منازعة في امرأة تزوجها منهم، لا يرض منكحها، فقال أشياخ الأنصار: ألا دعوتنا أمس، لما كان بينك وبين بني فلان، إن أشياخنا حدثونا أنهم أتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا: يا محمد، ألا نخرج لك من ديارنا،
____________
(1) المستدرك للحاكم 3 / 172.
(2) ذخائر العقبى ص 138.
(3) مجمع الزوائد 9 / 146.
(4) الصواعق المحرقة ص 259.
(5) الصواعق المحرقة ص 272.
(قل لا أسألكم عليه أجرا * إلا المودة في القربى)، ونحن ندلكم على الناس - قال: أخرجه ابن منده (1).
وروى المحب الطبري في ذخائر العقبى بسنده عن ابن عباس قال:
قال الله تعالى: (قل لا أسألكم عليه أجرا * إلا المودة في القربى)، قالوا: يا رسول الله، من قرابتك هؤلاء الذين وجبت علينا مودتهم؟ قال: علي وفاطمة وابناهما (2).
قال: أخرجه أحمد في المناقب - ما ذكره الهيثمي في مجمعه في موضعين، وقال فيهما: رواه الطبراني وابن حجر في صواعقه، وقال: أخرجه أحمد والطبراني وابن أبي حاتم والحاكم عن ابن عباس وذكره الشبلنجي في نور الأبصار - نقلا عن البغوي في تفسيره (3) -.
وروى ابن حجر في صواعقه: أخرج أحمد والطبراني وابن أبي حاتم والحاكم عن ابن عباس: أن هذه الآية لما نزلت قالوا: يا رسول الله من قرابتك هؤلاء الذين وجبت علينا مودتهم، قال: علي وفاطمة وابناهما.
وأخرج الطبراني عن الإمام علي زين العابدين، أنه لما جئ به أسيرا، عقب مقتل أبيه مولانا الإمام الحسين رضي الله عليهما، وأقيم على درج دمشق، قال بعض جفاة أهل الشام: الحمد لله الذي قتلكم واستأصلكم، وقطع قرن الفتنة، فقال له: ما قرأت (قل لا أسألكم عليه أجرا * إلا المودة في القربى)، قال: وأنتم هم؟ قال: نعم.
وقال الشيخ شمس الدين بن العربي - رحمه الله -:
____________
(1) ابن الأثير: أسد الغابة 5 / 367.
(2) ذخائر العقبى ص 25.
(3) مجمع الزوائد 7 / 103، 9 / 168، الصواعق المحرقة ص 258، نور الأبصار ص 112.
وأخرج الإمام أحمد عن ابن عباس في (ومن يقترف حسنة نزد له فيها حسنا)، قال: المودة لآل محمد صلى الله عليه وسلم.
وروى أبو الشيخ وغيره عن علي - كرم الله وجهه - (فينا آل حم آية، لا يحفظ مودتنا، إلا كل مؤمن، ثم قرأ (قل لا أسألكم عليه أجرا * إلا المودة في القربى (1).
ونقل الثعلبي والبغوي عن ابن عباس: أنه لما نزل قول الله تعالى: (قل لا أسألكم عليه أجرا * إلا المودة في القربى) (2). قال قوم في نفوسهم: ما يريد إلا أن يحثنا على قرابته من بعده، فأخبر جبريل النبي صلى الله عليه وسلم، أنهم اتهموه، فأنزل: (أم يقولون افترى على الله كذبا)، فقال القوم: يا رسول الله، إنك لصادق، فنزل: (وهو الذي يقبل التوبة عن عباده) (4).
وروى الإمام أحمد في الفضائل بسنده عن الأعمش عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: لما نزلت (قل لا أسألكم عليه أجرا * إلا المودة في القربى)، قالوا: يا رسول الله، من قرابتنا هؤلاء الذين وجبت علينا مودتهم؟ قال: علي وفاطمة وابناهما، عليهم السلام (5).
وذكره الهيثمي في مجمعه، والسيوطي في تفسيره (6).
وروى الحافظ أبو نعيم في الحلية بسنده عن الإمام جعفر الصادق عن أبيه
____________
(1) الصواعق المحرقة ص 258 - 259.
(2) سورة الشورى: آية 23.
(3) سورة الشورى: آية 24.
(4) سورة الشورى: آية 25.
(5) فضائل الصحابة 2 / 669.