إهــداء ودعــاء
إلى محمد رسول الله وخاتم النبيين صلى الله عليه وآله.
وإلى علي أمير المؤمنين وسيد الوصيين.
وإلى بضعة المصطفى سيدة نساء العالمين.
وإلى سيدي شباب أهل الجنة الحسن والحسين.
وإلى التسعة المعصومين من ذرية الحسين.
سيما بقية الله في الأرضين.
ووارث علوم الأنبياء والمرسلين.
المعد لقطع دابر الظالمين.
والمدخر لإحياء معالم الدين.
فيا معز الأولياء،
ويا مذل الأعداء،
والسبب المتصل بين الأرض والسماء،
قد:
" مسنا وأهلنا الضر - في غيبتك -
وجئنا ببضاعة مزجية - بولايتك -
فأوف لنا الكيل - من فضلك -
وتصدق علينا " - بدعائك -
إنا نراك من المحسنين.
تقدمة للتحقيق
الحمد لله الذي فطر الخلائق وبرأ النسمات، وأقام على وجوده البراهين والدلالات، ومن لطفه لم يترك الخلق عبثا حائرين، بل أرسل إليهم مبشرين و منذرين، ليستأدوهم ميثاق فطرته ويذكروهم منسي نعمته، وأيدهم بالمعجزات والآيات البينات.
وصلى الله على خيرة خلقه محمد صلى الله عليه وآله، الذي ختم الله به الرسالات والنبوات، وعلى آله الأوصياء المصطفين، والحجج المنتجبين، واللعنة الدائمة على أعدائهم أجمعين.
أما بعد: فمما اتفق عليه علماء الطائفة الحقة أجمعون، وأيده الوجدان بالأدلة والبراهين أن الأرض لا تخلو من حجة أو إمام، ظاهر معلوم أو باطن مستور، من باب لطفه على العباد و (لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل)، (1) ولله الحجة البالغة، والأعلام الواضحة على الخلق أجمعين، ولو خليت الأرض لساخت بأهلها، ولغارت غدرانها، ودرست أعلامها، ولأصبح أعاليها أسافلها.
فصلاحها - من الله - بالإمام، ولو لم يبق في الأرض إلا اثنان لكان أحدهما الحجة كما في الأخبار.
ولذلك انتجب الجليل بحكمته أنبياءه ورسله، واختارهم أمناء على وحيه، وقواما على خلقه، وشهداء يوم حشره (لتكونوا شهداء على الناس، ويكون الرسول
____________
1 - النساء: 165.
فتعاهدهم من لدن آدم بالحجج والآيات، حتى خاتمهم محمد صلى الله عليه وآله سيد الكائنات، (إنما أنت منذر ولكل قوم هاد) (2).
ولما كانت نبوات الأنبياء السابقين مختصة بأزمانهم وأجيالهم، اقتضت الحكمة أن تكون معاجزهم مقصورة الأمد، محدودة الأجل، لتكون حجة على من رآها، و حجة على من سمع بها بالتواتر، ولكن حيثما تبتعد المعجزة يصعب حصول العلم بصدقها، لانقطاع أخبارها، ويكون التكليف بالإيمان بها عسيرا، وربما يكون ممتنعا على العباد، وحاش لله أن يكلف نفسا إلا وسعها.
أما الرسالة الدائمة فلا بد لها من معجزة خالدة، كخلود القرآن الكريم، ليكون حجة على الخلف كما كان حجة على السلف، وما زال يسمع الأجيال، ويحتج على القرون، إلى أن يقوم الناس لرب العالمين.
ولا بد للرسالة الخالدة أيضا من رسول خالد إلى يوم يبعثون، ليسير الثقلان جنبا لجنب، ولكن كيف يتحقق ذلك مع أن أمد الرسول صلى الله عليه وآله منقض مهما طال، وأجله معلوم مهما امتد.
هذا، والنقطة الأخرى علمنا أن القرآن العظيم حمال ذو وجوه، وبه الغوامض والدقائق، وفيه (آيات محكمات هن أم الكتاب، وأخر متشابهات، فأما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله) (3)، فنشأت الخلافات، وكثرت الأشياع والأتباع للفرق، وبرزت قرون الشقاق، فاستغلها أهل الفسوق والنفاق، وأبدت عن نواجذها شقائق الشياطين، في فتن داستهم بأخفافها، ووطأتهم بأظلافها، فهم فيها تائهون حائرون، وكلهم يدعون أنهم بالقرآن يعملون، وبه يستدلون، وعليه يعولون.
فما يكون حال الأمة المرحومة في هذا الوقت العصيب، الذي ادلهمت به الفواجع والخطوب، وبفقدها محمد صلى الله عليه وآله سيد الكائنات، وأعز نجيب وحبيب، فيا لهول المصاب، الذي أورثهم الحيرة والذهول، وأفقد ذوي الألباب منهم الصواب،
____________
1 - البقرة: 143.
2 - الرعد: 7.
3 - آل عمران: 7.
فيا أيتها الأمة المتحيرة، التي ما زالت تتخبط تخبط الغريق، وتتعثر تعثر من يعشو عن الطريق.
ويا أيتها الأمة الخائضة في بحر المتاهات، وتسربلت بجلابيب الشبهات.
ويا أيتها الأمة المرحومة التي أوجفت بها مطايا الأهواء والآمال، فبضعت أوصالها، وابتعدت عن دار الوصال.
ويا أيتها الأمة التي نأت وتنكبت عن قصد السبيل، فأصبحت تئن بالجراح، تحت حراب الجلادين والرماح.
إليكم جميعا يا من ترغبون في الحق وإحقاقه، وتجانبون الباطل لإزهاقه،
ألا فمن المفزع إذا من شفا جرف الهلكات؟
ألا من المنقذ من الضلالات إلى جميع الخيرات؟
ألا من المفرق بعد وفاة الرسول بين المحكمات والمتشابهات؟
ألا من الذين اصطفاهم الله من العباد؟
غير (آل محمد صلى الله عليه وآله الذين خصهم الله سبحانه بقوله (ثم أورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا فمنهم ظالم لنفسه ومنهم مقتصد ومنهم سابق بالخيرات) (1)،
ألا من يعلم الكتاب بالاصطفاء والإيراث الإلهي؟
غير (آل البيت (ع)) الذين خصهم الجليل في محكم التأويل، بقوله: (وما يعلم تأويله إلا الله، والراسخون في العلم (2)...) الذين عندهم علم الكتاب (3)، وفصل الخطاب، والذين ينفون عنه تحريف الغالين، وانتحال المبطلين، وتأويل الجاهلين، إلى قيام يوم الدين.
وهم الذين قرنهم الرسول صلى الله عليه وآله بالكتاب، في قوله المتواتر المشهور: (إني تارك
____________
1 - فاطر: 32.
2 - آل عمران: 7.
3 - إشارة إلى قوله سبحانه: (قل كفى بالله شهيدا بيني وبينكم ومن عنده علم الكتاب) الرعد: 43.
فمن غير علي (ع) - سيد أهل البيت - كان من النبي صلى الله عليه وآله بمنزلة هارون من موسى، إلا أنه لا نبي من بعده، فاستجاب له ربه سبحانه بقوله: (قد أوتيت سؤلك يا موسى) (2).
ومن غير علي - أمير المؤمنين - بعثه الرسول صلى الله عليه وآله في فتح حصن خيبر فلم يخزه الله أبدا، وفتح على يديه الحصون الأوابيا، وقلده الرسول صلى الله عليه وآله وساما إلهيا خالدا بقوله: يحب الله ورسوله، ويحبه الله ورسوله، فاستشرف لها من استشرف (3)؟
ومن غيره بعث في سورة التوبة فأخذها من الأول لقول الرسول صلى الله عليه وآله:
لا يذهب بها إلا رجل هو مني وأنا منه (4)؟
ومن غيره نزلت فيه وأهل البيت: (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا) (5)؟
ومن غيره شرى نفسه فدى للرسول، فنام في فراشه يقيه حد السيوف (6)؟
ومن غيره أسكن في المسجد يوم سد النبي جميع الأبواب إلا بابه، وقد قام الرسول خطيبا فقال: والله ما أخرجتهم وأسكنته، بل الله أخرجهم وأسكنه (7)؟
ومن غيره كان باب مدينة علم الرسول صلى الله عليه وآله، ومن قصد غير الباب عد سارقا (8)؟
____________
1 - مسند الإمام أحمد ج 3 ص 17، وأيضا في ص 14، ص 26، ص 59 باختلاف يسير، الفخر الرازي في ذيل تفسير الآية: واعتصموا بحبل الله - آل عمران -، المتقي في كنز العمال ج 1 ص 47 وفي أربعة مواضع أخرى، الهيثمي في مجمعه ج 9 ص 163 وغيرهم.
2 - إشارة للآية (واجعل لي وزيرا من أهلي، هارون أخي، اشدد به أزري، وأشركه في أمري) طه: 29 - 32.
3 - 6 - مضامين هذه الروايات ذكرت في عشرات المصادر منها: مسند أحمد ج 1 ص 330، الحاكم في مستدركه ج 3 ص 123، النسائي في خصائصه ص 6.
7 - ينابيع المودة باب 17.
8 - أخرجه الطبراني في الكبير كما في الجامع الصغير للسيوطي ص 107، المستدرك للحاكم ج 3 ص 226.
وهل في غيره قد أتت " هل أتى " (2)؟
ومن غيره - بعد رسول الله صلى الله عليه وآله - أول المؤمنين بالله، وأوفاهم بعهد الله، و أقومهم بأمر الله، وأرأفهم بالرعية، وأعلمهم بالقضية، وأعظمهم مزية (3)؟ إلى مئات ومئات من الأحاديث والروايات.
ومن غير أهل البيت الذين ذكرهم الرسول صلى الله عليه وآله في حديثه كما ورد في كتب الفريقين: (لا يزال الدين قائما حتى تقوم الساعة، أو يكون عليكم اثنا عشر خليفة كلهم من قريش) (4)؟
وفي أخبار أخرى كثيرة جاءت في الحجج الأئمة الاثني عشر وورد فيها:
(... آخرهم المهدي) (5). أو (... آخرهم القائم المهدي) (6)، كما في مصادر أهل السنة.
فبالله عليك أيها المنصف الحصيف: هل تجد غير مصابيح الهدى وسفن النجاة، الأئمة الاثني عشر الهداة، تنطبق عليهم الأحاديث والأخبار، وتطبق عليهم السنن والآثار، وتجتمع بهم الصفات والخصال؟ فهل يوافق العدد الاثنا عشر غيرهم من الخلفاء، ولو قلبت الخافقين؟
ثم أين الطلقاء وأبناء الطلقاء من عترة الأنبياء النجباء، الذين هم حبل الله المتين وصراطه المستقيم، ونور الله في السماوات والأرضين؟ وهل عصوا الله رمشة عين، في علن أو خفاء؟ فحاش لله أن يجعل الحجة ناقصا وهناك من هو أفضل منه في
____________
1 - أخرجه الحاكم من حديث جابر في المستدرك ج 3 ص 129، كنز العمال ج 6 ص 153، و أخرجه الثعالبي في تفسير آية الولاية: إنما وليكم الله.
2 - أسد الغابة ج 5 ص 530، الواحدي في أسباب النزول ص 296، السيوطي في الدر المنثور في (و يطعمون)، نور الأبصار ص 124 وغيرهم.
3 - حلية الأولياء ج 1 ص 66، كنز العمال ج 6 ص 156.
4 - صحيح مسلم: كتاب الإمارة، باب: الناس تبع لقريش، أحمد بن حنبل في مسنده ج 5 ص 89، صحيح الترمذي ج 2 ص 35، ويقاربه في البخاري في كتاب الأحكام.
5 - ينابيع المودة ص 447.
6 - ينابيع المودة ص 485.
" ولا ينال عهدي الظالمين " وحينئذ يجب أن يكون عليه إمام، يقيه المزالق والمرديات، فينتج تسلسل وهذا محال.
أما الطلقاء، فهل فارقت شفاههم الطلا كل صباح ومساء، وخلت دورهم من مزامير وأوتار، ورنة خلخال؟
فأين الثريا وأين الثرى؟
وأين الحصا من نجوم السما؟
فأين هؤلاء في بديعة أبي فراس الحمداني حيث أجاد:
ليس الرشيد كموسى في القياس ولا | مأمونكم كالرضا إن أنصف الحكم |
يا بـاعة الخمر كفوا عن مفاخركم | لمـعشر بـيعهم يـوم الهياج دم |
تـنشى التلاوة فـي أبياتهم سحرا | وفي بـيوتـكم الأوتـار والـنغم |
مـنـكم عـلية أم منهم؟ وكان لكم | شـيخ المغنين إبراهيم (1) أم لهم |
إذا تـلوا سـورة غـنى إمـامكم | قـف بالطلول التي لم يعفها القدم |
مـا فـي بـيوتهم للخمر مـعتصر | ولا بـيـوتكم للسـوء مـعتصم |
ولا تـبيت لـهم خنثى (2) تنادمهم | ولا يـرى لـهـم قرد ولا حشم |
الـركـن والبيت والأستار منزلهم | وزمزم والصفا والحجر والحرم(3) |
ثم أين مهديهم وقائمهم - كما مر في الحديثين الشريفين - من هؤلاء الخلفاء؟
وأين الإمام - من هؤلاء - الذي يشعب به الله الصدع، ويرتق الفتق، وبه يموت الجور، ويظهر العدل، الذي تجب معرفته وطاعته، ويحرم جهله وعصيانه، وكانت ميتة الجاهل به ميتة جاهلية، كما ورد في الحديث الشريف: (من مات ولم يعرف إمام زمانه، مات ميتة جاهلية) (4).
____________
1 - علية: أخت الرشيد، بنت المهدي بن المنصور كانت عوادة، وإبراهيم أخوها كان مغنيا وعوادا، وقد عين خليفة عندما عين المأمون الرضا (ع) وليا للعهد.
2 - الخنثى: هو عبادة نديم المتوكل، والقرد كان لزبيدة، وقد اشتهر لخلفاء بني أمية أيضا كثرة الكلاب والقردة. راجع تاريخ الطبري.
3 - الغدير ج 3 ص 399
4 - الجواهر المضيئة لابن أبي الوفاء محيي الدين ج 2 ص 457، ط حيدر آباد الدكن نقلا عن صحيح مسلم.
ثم أين النهضة العملاقة للإسلام من جديد، وتأسيس الدولة العالمية، والحكومة المهدية، وتطبيق قوانين السماء على الأرض، وإخراج الأرض خيراتها، وإنزال السماء بركاتها؟
أين من يملأ المعمورة كلها قسطا وعدلا كما ملئت ظلما وجورا؟ كما في الحديث المتواتر المشهور: (لو لم يبق من الدنيا إلا يوم لطول الله ذلك اليوم، حتى يبعث رجلا من ولدي اسمه اسمي) (1)، (ويملأها قسطا وعدلا كما ملئت ظلما وجورا) (2).
وأين وعد الله - والله لا يخلف الميعاد - في قوله سبحانه: " ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون "؟
وهل بقي من الاثني عشر غير الحجة ابن الحسن وهو قائمهم ومهديهم؟
فأنى يزحزحوها عن موضعها، موطن الرسالة، وشجرة النبوة، ومختلف الملائكة، ومهبط الروح الأمين، وكيف بغيره يعدلون، وعن مقامه السامي يصرفون، وهل تنطبق جميع الروايات على غيره؟ الذي يرضى به سكان السماوات والأرضين، ولولا وجوده الشريف، لما بقيت الأرض رمشة عين، لأنه الحجة على الخلائق من الإنس والجن أجمعين.
وهذا كتاب الإمامة والتبصرة من الحيرة الذي بين يديك، لشيخ القميين، و ثقة المحدثين، والد الشيخ الصدوق - رضوان الله عليهما - قد تكفل إماطة اللثام عن هذا الموضوع الخطير، لأنه يتوقف عليه قبول الأعمال، وانحطاط الأوزار الثقال، وبه تجمع الكلمة للعباد، وتعمر البلاد، وتصان الحرمات، وتقضى الحاجات.
فكشف - أعلى الله مقامه - الغطاء، بأجلى بيان، عن الحجج الذين لولاهم لما خلق الله الأكوان، وأحسن اختيار الأخبار، عن الهداة الأطهار، وأبان الحجة، و أوضح المحجة، وجعل إمامة آل بيت الرسول صلى الله عليه وآله أوضح من الشمس في رائعة النهار، ووجود الحجة الدائمة حق مثلما أنكم تنطقون، بالأدلة الناصعات، والبراهين الساطعات، بطرقه وأسانيده عن المعصومين (ع)، ولم يدع عذرا لذوي الأهواء، و
____________
1 - 2 - ينابيع المودة ص 490، ص 493.
فما أحرى الجميع أن يتلقفوه، ويمعنوا النظر في حقائقه، ويقتنصوا درره ولآليه، فيزيد المؤمن إيمانا واطمئنانا، ويهدي إلى الحق من كان حيرانا، فنرجع كما كنا بالإسلام إخوانا، ونعمر الأرض بالإيمان، ونزرعها بالإحسان والإسلام، ونرد مناهل (آل محمد) الروية، بقلوب راضية مرضية، ونفوس صافية ندية، عسى أن يكون الفرج قريبا، وينخذل من كان مريبا.
فيا إله العالمين:
يا من قرب من خواطر الظنون، وبعد عن ملاحظة العيون، وعلم بما كان قبل أن يكون:
أرنا الطلعة الرشيدة، والغرة الحميدة، واكحل نواظرنا بنظرة منا إليه، و عجل فرجه، وسهل مخرجه.
واجعله اللهم مفزعا لمظلوم عبادك، وناصرا لمن لا يجد له ناصرا غيرك، و مجددا لما عطل من أحكام كتابك، ومشيدا لما ورد من أعلام دينك وسنن نبيك صلى الله عليه وآله.
وكن اللهم لوليك الحجة ابن الحسن - صلواتك عليه وعلى آبائه - في هذه الساعة، وفي كل ساعة، وليا وحافظا، وقائدا وناصرا، ودليلا وعينا، حتى تسكنه أرضك طوعا، وتمتعه فيها طويلا، (إنهم يرونه بعيدا، ونراه قريبا).
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
قالوا في الكتاب
1 - النجاشي في رجاله ص 198: علي بن الحسين بن موسى بن بابويه القمي... له كتاب منها... كتاب الإمامة والتبصرة من الحيرة.
2 - الطوسي في فهرسته ص 93: علي بن الحسين... له كتب كثيرة، منها كتاب الإمامة والبصيرة من الحيرة.
3 - ابن شهرآشوب في معالمه ص 65: علي بن الحسين... من كتبه الإمامة والتبصرة.
4 - المجلسي في مقدمة بحاره ج 1 ص 7: كتاب الإمامة والتبصرة من الحيرة للشيخ الأجل أبي الحسن علي بن الحسين بن موسى بن بابويه، والد الصدوق، (طيب الله تربتهما).
" وأصل آخر " منه أو من غيره من القدماء المعاصرين له، ويظهر من بعض القرائن أنه تأليف الثقة الجليل هارون بن موسى التلعكبري رحمه الله.
وقال أيضا في ج 1 ص 26: وكتاب الإمامة، مؤلفه من أعاظم المحدثين والفقهاء، وعلماؤنا يعدون فتاواه من جملة الأخبار، ووصل إلينا منه نسخة قديمة مصححة،
والأصل الآخر مشتمل على أخبار شريفة متينة، معتبرة الأسانيد، ويظهر منه جلالة مؤلفه.
6 - النوري في مستدركه على الوسائل ج 3 ص 529 س 5: نعم قال في أول البحار في جملة ما كان عنده من المؤلفات: " كتاب الإمامة والتبصرة... " ثم أورد نص البحار وعقب عليه بقوله: ونحن لم نعثر على هذا الكتاب، ونقلنا منه جملة الأخبار بتوسط البحار ونسبناه إلى أبي الحسن علي، تبعا للعلامة المجلسي، ولكن في النفس منه شئ.
فإنه وإن عد النجاشي والشيخ وابن شهرآشوب من مؤلفاته، كتاب الإمامة والتبصرة من الحيرة، إلا أن في كون ما كان عنده هو الذي عد من مؤلفاته نظرا، فإنه يروي في هذا الكتاب عن أبي محمد هارون بن موسى التلعكبري الذي هو من مشايخ المفيد والسيدين، وعن الحسن بن حمزة العلوي الذي هو أيضا من مشايخ المفيد والغضائري وابن عبدون، وعن أحمد بن علي، عن محمد بن الحسن، والظاهر أنه ابن الوليد، عن محمد بن الحسن الصفار، وعن سهل بن أحمد الديباجي عن محمد بن محمد الأشعث إلى غير ذلك مما ينافي طبقته وإن أمكن التكلف في بعضها إلا أن ملاحظة الجميع تورث الظن القوي بعدم كونه منه، والله أعلم.
7 - الطهراني في ذريعته ج 2 ص 341: الإمامة والتبصرة من الحيرة للصدوق الأول ... وأما الإمامة فلم نعثر عليه، وهو غير ما ينقل عنه في البحار كما يأتي،
" الإمامة والتبصرة من الحيرة " لبعض قدماء الأصحاب المعاصرين للشيخ الصدوق، كانت نسخة منه عند العلامة المجلسي، وهو من مآخذ البحار، ينقل عنه فيه، ولم يكن عند شيخنا العلامة النوري، ولذا صرح في أول خاتمة المستدرك (1) بأنه
____________
1 - مستدرك الوسائل ج 3 ص 529.
وأكثر العلامة المجلسي من النقل عنه في مجلدي السادس عشر - السابع عشر (ج 74 - 78 الطبعة الحديثة) من البحار، ناسبا له إلى أبي الحسن علي بن الحسين والد الصدوق، الذي مر أنه نسب النجاشي كتاب الإمامة والتبصرة إليه.
ولكن بالرجوع إلى سند روايات هذا الكتاب التي نقلها العلامة المجلسي عنه في البحار يحصل الجزم بأنه ليس هذا الكتاب لوالد الصدوق، لأنه يروي مؤلفه فيه:
عن أبي محمد هارون بن موسى التلعكبري المتوفى سنة 385.
وعن أبي الفضل محمد بن عبد الله الشيباني المتوفى سنة 387.
وعن الحسن بن حمزة العلوي.
وعن سهل بن أحمد الديباجي المتوفى سنة 370.
وعن أحمد بن علي الراوي عن محمد بن الحسن بن الوليد الذي توفي سنة 243.
فكيف يكون من يروي عن هؤلاء المشايخ المتأخرين هو والد الصدوق الذي توفي سنة 329، فإن رواية المتقدم عصرا عن المتأخر وإن وقعت في أحاديثنا، لكن المقام ليس منها، بشهادة أن الشيخ الصدوق مع إكثاره في الرواية عن أبيه في جميع تصانيفه بل جل رواياته في تلك التصانيف الكثيرة عن والده، لم يذكر ولا رواية واحدة لأبيه عن أحد من هؤلاء المشايخ الذين مر ذكرهم ممن يروي مؤلف الإمامة والتبصرة عنهم غالبا فيه.
8 - مقالات الحنفاء ص 405 - 415 ط 2، ضمن مقالة فيما أفيد باسم الفقيه المحقق آية الله الحجة الكوهكمره إي جوابا لسؤال عن حياة المجلسيين وعن كتاب بحار الأنوار ومنها هذا: (وأعجب من ذلك أن كتاب الإمامة والتبصرة قد نسب فيه إلى والد الصدوق، مع أنه لا يساعد سند الكتاب - ولعله يشير إلى ما ذكره في الذريعة -، ثم قال: بل هو كتاب جامع الأحاديث لمؤلف كتاب العروس.)
ونقول:
إن من نعم الله على (مدرسة الإمام المهدي - عج - بقم المشرفة) أن حصلت على نسختين مصورتين من كتاب الإمامة والتبصرة وإليك بعض صورتيهما (ص 33 -).
الأولى: نسخة العلامة شيخ الإسلام المجلسي (ره) وهي أول ما اطلعنا عليها والموجودة في مكتبة العلامة المحقق ثقة الإسلام والمسلمين السيد محمد علي الروضاتي
الثانية: ما وجدناه في كتاب عوالم العلوم - مخطوط - للمتبحر العلامة، المعاصر للمولى المجلسي، وتلميذه، الشيخ عبد الله بن نور الله البحراني، باسم كتاب الإمامة والتبصرة لعلي بن الحسين بن بابويه.
والنسخة الأولى تشتمل على قسمين:
1 - كتاب الإمامة والتبصرة: وقد كتب في أول الكتاب ما نصه: " كتاب الإمامة والتبصرة من الحيرة تأليف الفقيه أبي الحسن علي بن الحسين بن موسى بن بابويه ".
وفي ذيل هذا العنوان على هذه الصفحة مكتوب: " للحقير محمد باقر بن محمد تقي " أي المجلسي،
وفي آخره: " تم كتاب الإمامة بحمد الله وحسن توفيقه ".
2 - بعض كتاب " جامع الأحاديث ": تأليف الشيخ الأقدم جعفر بن أحمد بن علي القمي - قدس سره - الذي ألفه على ترتيب: ألف، باء،... إلى الياء، وقد طبع بطهران سنة 1369 هـ ق في المطبعة الإسلامية بتحقيق العلامة المتتبع أبي الحسن الشعراني.
توضيحات هامة
حول (جامع الأحاديث) وهو القسم الثاني من النسخة الأولى
1 - كانت هذه النسخة المخطوطة ناقصة من حرف الألف حتى أوائل حرف الراء، وأول ما يشاهد فيها: " الأشعث عن موسى بن إسماعيل " وتجد هذا في ص 11 من الكتاب المطبوع، فلاحظ النسخة أو صورتها في الكتاب.
2 - إن الأخبار المودعة فيها لا تناسب عنوان " الإمامة والتبصرة " بل هي تشتمل على معارف ومعان مختلفة: أخلاقية، وفقهية، وغيرهما.
3 - إنا قد استقصينا جميع الأخبار التي رواها المجلسي في كتابه " بحار الأنوار " وما رواها المحقق النوري في المستدرك نقلا عن البحار باسم " الإمامة والتبصرة " فكانت جميعها موجودة في القسمين الأول والثاني من النسخة الأولى
4 - إن أسانيد الروايات التي استخرجت في البحار باسم الإمامة والتبصرة على نوعين، فقسم منها يمكن أن يصدر عن والد الصدوق وقسم لا يمكن أن يصدر عنه قدس سره.
ولهذا لاحظنا ما يلي:
أ - إن سبب تسمية المجلسي طائفة من الأخبار التي استخرجها من نسخة الكتاب الناقص باسم (الإمامة والتبصرة) وسبب الترديد منه قدس سره، هو أن كتاب " جامع الأحاديث " قد ألحق بكتاب (الإمامة والتبصرة) وأودعا في مجلد واحد وضياع الصفحات الأولى من نسخة جامع الأحاديث وعدم اطلاعه على هذا الكتاب.
وكان الأولى للمجلسي في باب الروايات أن لا يسند الرواية إلى كتاب إلا بما جزم بأنها منه دون ظنه، فلا يدرج جميع أحاديثه باسم الإمامة والتبصرة، بل يقول:
(في أصل من أصول القدماء) حتى لا يوقع الآخرين في اللبس والحيرة، فيحكم جهابذة التحقيق المنقبون والباحثون بعدم مساعدة الرواة في الأسانيد في نسبة الكتاب لوالد الصدوق، أمثال خاتمة المحدثين الشيخ النوري في مستدركه، والشيخ المتبحر النحرير الكبير الطهراني في ذريعته، والعلامة المحقق - آية الله الحجة - في مقالات الحنفاء كما مر.
ب - ثم إن السبب في اشتباه الآخرين هو عدم وقوفهم على كيفية النسخة التي كانت عند العلامة المجلسي أولا، وإسناده - قدس سره - جميع روايات النسخة إلى الإمامة والتبصرة - كما أسلفنا - ثانيا، وعدم تطبيقهم روايات النسخة مع روايات جامع الأحاديث ثالثا.
فكان السبب الوحيد في نفي نسبة كتاب الإمامة والتبصرة لوالد الصدوق، النظر للقسم الثاني (جامع الأحاديث) مع اعتقادهم أن الكتاب كتاب واحد لظاهر نسبة المجلسي الكتابين إلى الإمامة والتبصرة عند ذكر رواياتهما.
ج - والعجب من شيخ الإسلام المجلسي - رضوان الله عليه - كيف ذهب عنه النظر في خاتمة القسم الأول من كتاب الإمامة والتبصرة وقد سجل عليه (تم كتاب الإمامة بحمد الله وحسن توفيقه)، وأعجب من ذلك أنه قال في مقدمة كتابه - قدس سره - عنه: وأصل آخر، إما منه، أو من غيره.
د - فالكتاب لوالد الصدوق دون أدنى شبهة، علما بأن التخريجات التي أوردناها وأثبتناها في كتابنا تحت كل حديث من أحاديث الإمامة والتبصرة، و اتحادها مع إكمال الدين وغيره من كتب ابنه الصدوق عن أبيه، أو مع كتاب جامع الأحاديث يوجب اليقين بصحة النسبة للكتاب، وإن الأخبار الأخرى المروية باسمه في البحار هي من جامع الأحاديث لأننا فصلنا وميزنا أخبار الإمامة عن أخبار جامع الأحاديث.
هـ - أضف إلى ذلك أن المؤلف لم يكمل كتابه للإمام الثاني عشر بل ينتهي الكتاب عند الإمام الرضا - سلام الله عليه - ثم أكمل الكتاب - بأيدي رجال الفضل والتحقيق في هذه المدرسة - بمستدرك ألحق فيه، وبروايات عن كتب الصدوق عن أبيه.
فشكرا لله على إلهامنا الصواب ووصولنا للحق واللباب، وذلك لأن الأساس الوحيد في أسلوب تحقيقنا في المدرسة (الاتحاد بين الروايات في كل موضوع من جميع المصادر) فأورثنا القطع بنسبة الكتاب لمؤلفه والد الصدوق، وأن الروايات الأخرى المستخرجة في البحار باسم الإمامة والتبصرة هي لجامع الأحاديث للقمي.
ولو أن النسختين كانتا حاضرتين عند المحققين الأعاظم الأجلاء ونظروا فيها لما صدر منهم ما لا يناسب من دونهم.
وختاما أرجو من الله أن يوفقنا لما يحب ويرضى في نشر سائر تراث آل محمد (عليهم السلام) وعلومهم، وإحياء أمرهم، والتمسك بهديهم، إنه نعم المولى ونعم النصير.