الصفحة 228
ثم أهديتموه إلى قتيلا، فأهلا بها من هدية، غير قالية ولا مقلية (1).

إن بني أمية سجلوا السطور الأولى في قانون الاضطهاد الذي يحمل غلاف الدين، فمن هنا كانت خطورتهم. ولأجل ذلك حذرت الدعوة منهم، ولقد ميزهم الله بعلامات على امتداد تاريخهم في الجاهلية حتى لا تجهلهم قريش.

فبينما كان لبني عبد شمس أنهار كان لبني هاشم أنهار أخرى، وجاءت الدعوة الخاتمة على هذا الأساس من المعرفة، جاءت الدعوة لتنهي الأحقاد وتعلن: لا فضل لعربي على أعجمي إلا بالتقوى، وتحذر من أصحاب مستنقعات الحقد لأنهم لو بلغوا أربعون رجلا على آرائك السلطة فسيكون قانونهم: السواد بستان لقريش، وأن أبا سفيان لو ولد الناس فلن يلد إلا حازما.

إن الدعوة أرشدت الجيل الأول إلى الطريق الذي إذا أخذوا به فلن يضلوا أبدا. وقتل حجر، وقطع رأس عمرو بن الحمق، ومن قبلهما عمار بن ياسر، وزيد بن صوحان، وغيرهم ما وقع إلا على طريق ينتهي بتمزيق الأمة.

ومن فضل الله تعالى ورحمته، أنه غرس على امتداد طريق الأمة الخاتمة مبشرات وعلامات، تنير الطريق قبل وقوع الحدث كي يحذر الناس. فعمار كان علامة لأحداث محددة، وأبو ذر كان علامة لوقت محدد، وحجر بن عدي وأصحابه علامات إرشادية لها مهمة ما، وعند ثقافة ما، في زمن ما. ومعنى أن جبريل عليه السلام يخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن عمارا تقتله الفئة الباغية، وأن الله يغضب لقتل أهل عذراء، معنى هذا أن من أراد طريق العصمة من الفتن فلا يقف ضد المبشرات والعلامات، بل يجب عليه أن يدور معهم ويسلك طريقهم. وهذه العلامات باختصار شديد. دعوة للدخول في رحاب الرحمة، والخروج من باب الضنك والعذاب الذي نشأ من اختلافهم وارتفاع أصواتهم وخذلانهم للحق، فالله سبحانه يبين للناس ما يتقون ويكشف لهم طريق المحن. فإذا آمن أهل القرى فتح عليهم سبحانه أبواب البركات، وإذا اختلفوا

____________

(1) البداية والنهاية 48 / 8.

الصفحة 229
أنار الطريق بالمبشرات والعلامات ليرفع عنهم ما جلبوه لأنفسهم، وهذا من رحمته الواسعة. يقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: " ذهبت النبوات وبقيت المبشرات " (1). فإغلاق الطريق أمام المبشرات وعلاماتها يعني أن الذي أغلق الطريق يسير في عالم الفتن، وعالم الفتن لا يدري القاتل فيه في أي شئ قتل، ولا يدري المقتول في أي شئ قتل. وفي عالم الفتن الراضي بفعل قوم كالداخل فيه معهم. وعلى كل داخل في الباطل إثمان: إثم العمل به وإثم الرضا به.

وليس معنى أن الفتن في الخارج أن يغلق رجال الجيل الأول على أنفسهم الأبواب، لأن الفتن على أيامهم كان عليها علامات وعلامات، وكان إمام الهدى لا يجهله أحد. إن إغلاق الباب عند المقدمة سيكون إغلاقا للحقيقة عند النتيجة. والله تعالى يجري الأحداث لينظر كيف يعمل عباده. كما أن لكل فتنة فقه. فهناك فتنة يدور فقهها على رحى " لو أن الناس اعتزلوهم " فالاعتزال هنا المقصود منه تجريد جهات الاستعلاء على عباد الله من المال، والجنود والفقهاء، فالاعتزال سيجعلهم بلا سيف وبلا سجن. وهناك فتن يجب أن يبحث المسلم فيها عن سيف من خشب، وذلك عندما يجد أن الذين من حوله يقتتلون على المال، أو على شبر من الأرض. قال النبي صلى الله عليه وسلم: " إذا رأيت رجلين من أمتي يقتتلان على المال، فاعدد عند ذلك سيفا من خشب " (2).

وقال: " إذا رأيت الأخوين المسلمين يختصمان في شبر من الأرض فاخرج من تلك الأرض " (3).

وفي الجيل الأول لم يكن الإمام علي، ومن بعده الإمام الحسن، يقاتلان من أجل المال. ولم يخرج أبو ذر، أو عمار، وأويس، أو حجر من أجل المال. فاعتزال هذا الخط يكون اعتزال في غير محله. ولقد رأينا في حركة التاريخ أن الغالب الأعم لم يعتزل الذين أمروا باعتزالهم واعتزلوا الذين نهوا عن

____________

(1) رواه ابن ماجة وابن حبان في صحيحه (الإصابة 272 / 8).

(2) رواه الطبراني (كنز العمال 148 / 11).

(3) رواه الطبراني (كنز العمال 149 / 11).

الصفحة 230
اعتزالهم. ونتيجة لذلك، ركبوا الطريق الذي يؤدي إلى عذراء فقتل حجر.

وغضب الله وأهل السماء. وفي الفتن يقول الإمام علي: " لا يقولن أحدكم:

اللهم إني أعوذ بك من الفتن، لأنه ليس أحد إلا وهو مشتمل على فتنة. ولكن من استعاذ فليستعذ من مضلات الفتن، فإن الله سبحانه يقول: " واعلموا إنما أموالكم وأولادكم فتنة "، ومعنى ذلك أنه سبحانه يختبر عباده بالأموال والأولاد، ليتبين الساخط لرزقه والراضي بقسمه. وإن كان الله سبحانه أعلم بهم من أنفسهم. ولكن لتظهر الأفعال التي بها يستحق الثواب والعقاب، لأن بعضهم يحب الذكور ويكره الإناث. وبعضهم يحب تثمير المال. ويكره انثلام الحال " (1).

فمن هذا نعلم أن الأحداث عندما تجري لا بد للأفعال أن تظهر. فإذا أغلقت الأبواب في موضع، فليس معنى هذا أنها تغلق في كل موضع بالنسبة للجيل الأول. وإلا لو كان الاغلاق قاعدة، ما كنا قد علمنا حركة الأحداث.

ولكننا علمنا عندما شاهدنا حركة أبو ذر وعمار وحجر وغيرهم. ومن الدليل أيضا على عدم جدية إغلاق الأبواب في وجه الإمام علي والإمام الحسن، أن من الصحابة من واجه حركة الاستكبار الأموي وهي في عنفوانها، آخذا بالأسباب في اتجاه رحمة الله الواسعة. ولتكون بصماته شاهدة على الأحداث. روي أن قيس بن خرشه وفد على النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله، أبايعك على ما جاءك من الله، وعلى أن أقول بالحق. فقال له النبي: عسى أن يكون عليك من لا تقدر على أن تقوم معه بالحق - (وفي رواية: يا قيس عسى إن مد بك الدهر أن يليك بعدي ولاة لا تستطيع أن تقول بحق معهم) (2)، فقال قيس: والله لا أبايعك على شئ إلا وفيت لك به. فقال له النبي: إذا لا يضرك شئ. فكان قيس يعيب زياد بن أبيه، وابنه عبيد الله، وكان يقول قال لي النبي:

لا يضرك شئ. فأرسل إليه عبيد الله بن زياد وقال له: أأنت الذي تزعم أنه لن

____________

(1) ابن أبي الحديد 370 / 5.

(2) رواه الطبراني (كنز العمال 190 / 11).

الصفحة 231
يضرك شئ. فقال: نعم، قال: كذبت أنت تفتري على الله ورسوله. فقال: لا والله. ولكن إن شئت أخبرتك بمن يفتري. قال ابن زياد: وما هو؟ فقال: من ترك العمل بكتاب الله وسنة رسوله. قال: ومن ذاك، فقال: أنت وأبوك ومن أمركما. قال ابن زياد: لتعلمن اليوم أنك قد كذبت. وصاح قائلا: ائتوني بصاحب العذاب. فمال قيس عند ذلك فمات (1).

لقد خذل كثير من الناس علامات البشرى. إن نزول جبريل عليه السلام، وإخباره بأن الله يغضب لمن يقتل في عذراء، كان دعوة ليقف الجيل الأول بعد قتل حجر وقفة رجل واحد حول الإمام الحسن. بعد أن خذلوه وكشفوا خنادقه أمام خيل معاوية. كان دعوة ليأخذوا بالأسباب التي ترضي الله بعد غضبه، والله واسع المغفرة. ولكن حركة التاريخ سارت على خلاف ذلك. وإذا كان الستار قد نزل هنا على قطع رأس عمرو بن الحمق، والطواف بها في الأمصار، ثم إرسالها إلى زوجته في السجن، فإن الستار سيفتح هناك على رأس أبي عبد الله الحسين بن علي عليهما السلام ليطوف بها جند الباطل. في عالم دق فيه الخذلان أوتاده، ونصب خيامه، وفتح فيه بنو أمية أبواب الفتن التي ليس فيها على يرى على مصارعها.

4 - مقتل أبي عبد الله الحسين:

أولا - وجاء وفد أغيلمة قريش:

عندما قتلت الدولة حجر ورفاقه في عام 51 ه‍ تحت شعار حفظ الأمن الداخلي، كان الجهاز السري لنظام حكم بني أمية يدبر الخطط لاغتيال بعض الشخصيات الذين لا يمكن قتلهم على طريقة حجر وغيره، وذلك لإفساح المجال أمام النظام الوراثي الذي عزم عليه معاوية. ولقد ظهرت رغبة معاوية في تنصيب ابنه يزيد خليفة على المسلمين عندما قدم له المغيرة بن شعبة مفتاح هذا الأمر. روي أن المغيرة خشي أن يستغني عنه معاوية بعد أن كبر سنه ورق

____________

(1) قال السيوطي أخرجه الطبراني والبيهقي (الخصائص الكبرى 254 / 2) وأخرجه الحسن بن سفيان في مسنده وقال ابن حجر رجاله ثقات (الإصابة 250 / 5).

الصفحة 232
عظمه. فأتى معاوية وقال له: يا أمير المؤمنين إن الأنفس ليغدى عليها ويراح، ولست في زمن أبي بكر ولا عمر، فلو نصبت لنا علما بعدك نصير إليه، فإني قد كنت دعوت أهل العراق إلى بيعة يزيد. فقال له معاوية: يا أبا محمد انصرف إلى عملك ورم هذا الأمر لابن أخيك (1).

وهكذا من أجل أن يضمن المغيرة إفناء عمره في ولاية الكوفة، فتح على أمة محمد صلى الله عليه وسلم بابا يأت بخير، حتى أن المغيرة نفسه قال لاتباعه عقب خروجه من عند معاوية: والله لقد وضعت رجله في ركاب طويل ألقي عليه أمة محمد (2).

وروي أن معاوية بعد لقائه مع المغيرة خطب أهل الشام فقال: يا أهل الشام. كبرت سني، وقرب أجلي، وقد أردت أن أعقد لرجل يكون نظاما لكم، وإنما أنا رجل منكم (3). لقد أراد معاوية من هذا البيان أن يدخل إليهم بلافتة الشورى، ويترك الأمر إليهم في اختيارهم، ثم يتصرف مع هذا الاختيار حسب ما يحب. وروي أن أهل الشام أجمعوا واتفقوا على عبد الرحمن بن خالد بن الوليد، فشق ذلك على معاوية وأسرها في نفسه (4)، وروى أن عبد الرحمن بن خالد كان مريضا، فدخل عليه ابن أثال النصراني فسقاه سما (5)، وروى الطبري وغيره: أمر معاوية ابن أثال أن يحتال في قتله، وضمن له أن هو فعل ذلك أن يضع عنه خراجه ما عاش، وأن يوليه جباية خراج حمص، فلما قدم عبد الرحمن بن خالد حمص، دس إليه ابن أثال شربة مسمومة، فشربها فمات، وولاه معاوية خراج حمص، ووضع عنه خراجه (6). وكان ذلك عام 46 ه‍ أي بعد صلحه مع الحسن بخمس سنين تقريبا.

____________

(1) العقد الفريد 98 / 1، الطبري 169 / 6، البداية والنهاية 79 / 8.

(2) العقد الفريد 98 / 1.

(3) أسد الغابة 440 / 3.

(4) أسد الغابة 440 / 3.

(5) أسد الغابة 440 / 3.

(6) الطبري 128 / 6.

الصفحة 233
ومعاوية كان قد تصالح مع الحسن رضي الله عنه بشروط، ولكنه مزق صحيفة الشروط بعد أن علم أن الموقف العسكري في صالحه، ونظرا لأن تركيبته النفسية لا تقوى على الوفاء بالشروط. وكان من ضمن هذه الشروط رأي يكون للحسن الأمر من بعده، وكان الحسن يريد من وراء هذا أن تتذوق الأمة نظام معاوية الذي لن يكون بحال نظاما يحمل روح الإسلام وأسمى معانيه. فيكون هذا دعوة للفظه جماهيريا، أو دعوة للالتفات حول الحسن فيما بعد. وهذا كله من باب الأخذ بالأسباب، وفقا لحركة الدعوة وحركة الناس.

ولم يكن معاوية يفكر بعيدا عن هذا التصور الذي يسير عليه الحسن، لذا بادر من أجل تصفية الحسن عليه السلام. روي أن جعدة بنت الأشعث بن قيس امرأة الحسن سقته السم، وقد كان معاوية دس إليها: إنك إن احتلت في قتل الحسن، وجهت إليك بمائة ألف درهم، وزوجتك من يزيد، فكان ذلك الذي بعثها على سمه. فلما مات، وفى لها معاوية بالمال، وأرسل إليها: إنا نحب حباة (1) يزيد، ولولا ذلك لوفينا لك بتزويجه (2).

وروي أن الحسن رضي الله عنه قام فدخل المخرج ثم خرج فقال: لقد لفظت طائفة من كبدي، أقلبها بهذا العود، ولقد سقيت السم مرارا، وما سقيت مرة هي أشر من هذه. ثم قال لرجل دخل عليه: سلني قبل أن لا تسألني فقال:

ما أسألك شيئا يعافيك الله (3). وروي أن الطبيب قال عندما جاؤوا به: هذا رجل قطع السم أمعاءه (4).

وروى أبو الفرج الأصفهاني: أن الحسن أرسل إلى عائشة أن تأذن له أن يدفن مع النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: نعم. فلما سمعت بنو أمية بذلك استلاموا في السلاح. وتنادوا هم وبنو هاشم في القتال. فبلغ ذلك

____________

(1) حباة / من حبابي بمعنى نصر ومال واختفى.

(2) مروج الذهب 476 / 2، الحاكم (المستدرك 176 / 3)، ابن أبي الحديد 708 / 4.

(3) البداية والنهاية 42 / 8، الحاكم (المستدرك 176 / 3)، ابن أبي الحديد 708 / 4.

(4) البداية 43 / 8.

الصفحة 234
الحسن. فأرسل إلى بني هاشم، أما إذا كان هذا فلا حاجة لي فيه، ادفنوني إلى جنب أمي. ودفن إلى جنب فاطمة عليها السلام (1).

لقد كان الجهاز السري يعمل بكل قواه من أجل إفساح الطريق لعهود تتربع فيه الأغيلمة السفهاء الذين حذر منهم النبي صلى الله عليه وسلم. حتى سعد بن أبي وقاص لم ينج من ضربات هذا الجهاز، فروي أن معاوية حين أراد أن يعهد إلى يزيد دس لسعد السم فمات (2). وبعد أن فرغت الساحة من الذين يخشى معاوية أن يقتلهم على مسمع ومرأى من قريش، ولم يتبق إلا نفر يمكن أن يقوم العسكر بتصفيتهم، بدأ معاوية يبايع لابنه يزيد. وروي أن سعيد بن عثمان بن عفان عندما سمع بمبايعة معاوية لابنه قال لمعاوية: لقد اصطنعك أبي ورفاك حتى بلغت باصطناعه المدى الذي لا يجاري إليه ولا يسامي، فما شكرت بلاءه، ولا جازيته بآلائه، وقدمت علي هذا - يعني يزيد - وبايعت له، ووالله لأنا خير منه أبا وأما. فقال معاوية: أما بلاء أبيك فقد يحق علي الجزاء به، وقد كان من شكري لذلك أني طلبت بدمه، حتى تكشفت الأمور، ولست بلائم نفسي في التشمير. وأما فضل أبيك على أبيه، فأبوك والله خير مني، وأقرب برسول الله صلى الله عليه وسلم. وأما فضل أمك على أمه، فما ينكر امرأة من قريش خير من امرأة من كلب. وأما فضلك عليه فوالله ما أحب أن الغوطة دحست ليزيد رجالا مثلك. فقال له يزيد وكان حاضر المجلس: يا أمير المؤمنين ابن عمك!

وأنت أحق من نظر في أمره، وقد عتب عليك لي فأعتبه، فعندئذ ولاه معاوية حرب خرسان (3). وروي أن عمرو بن حزم وفد على معاوية وقال له: أذكرك الله في أمة محمد بمن تستخلف عليها. فقال: نصحت وقلت برأيك، وإنه لم يبق إلا ابني وأبناؤهم، وابني أحق (4).

____________

(1) ابن أبي الحديد 708 / 4.

(2) مقاتل الطالبين 60 / 1.

(3) الطبري 171 / 6، البداية والنهاية 80 / 8.

(4) تاريخ الخلفاء 192 / 1.

الصفحة 235
ومن الطريف أن يقول ابن كثير في هذه الكارثة: لما مات الحسن، قوي أمر يزيد عن معاوية، ورأى أنه لذلك أهلا، وذلك من شدة محبة الوالد لولده.

ولما كان يتوسم فيه من النجابة الدنيوية، وسيما أولاد الملوك ومعرفته بالحروب، وترتيب الملك، والقيام بأبهته (1).. وروى ابن كثير أن معاوية قال:

إني خفت أن أذر الرعية من بعدي كالغنم المطيرة ليس لها راع. ونحن نعجب:

أخاف معاوية على الرعية من بعده فنصب لهم يزيد، ولم يخف النبي صلى الله عليه وسلم على أمته فلم ينصب لهم أحدا؟! أكان معاوية حريصا على الإسلام فأتى بأولاد الملوك للقيام بأبهة الحكم، ولم يكن النبي صلى الله عليه وسلم حريصا عليه ولذلك لم يأت بأصحاب الطهر والعفاف؟! لا والله. لقد كان النبي يخاف على أمته، وكان حريصا على استمرار الدعوة.

وروي أن معاوية وهو يعد المسرح لابنه أمر بإحضار رؤوس القبائل، وعندما حضروا قام رجل من الأزد فأشار إلى معاوية وقال: أنت أمير المؤمنين، فإذا مت فأمير المؤمنين يزيد، فمن أبى هذا فهذا. وأخذ بقائم سيفه فسله. فقال له معاوية: اقعد فأنت من أخطب الناس (2). وفي سنة ست وخمسين هجرية دعا معاوية الناس إلى بيعة ابنه يزيد من بعده وجعله ولي العهد (3). وروى ابن كثير أن معاوية قال ليزيد: كيف تراك فاعلا إن وليت. قال: كنت والله يا أبه عاملا فيهم عمل عمر بن الخطاب. فقال معاوية: سبحان الله يا بني، والله لقد جهدت على سيرة عثمان، فما أطقتها فكيف بك وسيرة عمر (4). وقال ابن كثير وهو يصف يزيد: كان فيه خصال محمودة في الكرم والحلم والفصاحة والشعر والشجاعة وحسن الرأي في الملك، وكان فيه أيضا إقبال على الشهوات، وترك بعض الصلوات في بعض الأوقات، وإماتتها في غالب

____________

(1) البداية والنهاية 80 / 8.

(2) البداية والنهاية 80 / 8.

(3) مروج الذهب 37 / 3.

(4) الطبري 168 / 6.

الصفحة 236
الأوقات (1). ولقد وصفه غير واحد وسيأتي في موضعه:

ثانيا: أبناؤنا خير من أبنائهم:

بينما كان الإعلام الأموي يشيد بأبناء بني أمية ويردد قول معاوية: " إنه لم يبق إلا ابني وأبناؤهم وابني أحق " كان النبي صلى الله عليه وسلم قد أقام.

الحجة على هذا القول ومثله، وأودع هذه الحجة في ذاكرة الجيل الأول، وقوله تعالى: (فقل تعالوا ندع أبناءنا وأبناءكم) (2) وقوله النبي صلى الله عليه وسلم للحسن والحسين: " هذان ابناي وابن ابنتي اللهم إني أحبهما... " (3).

وقوله: " إن الله تعالى جعل ذرية كل نبي في صلبه. وإن الله تعالى جعل ذريتي في صلب علي بن أبي طالب (4)، وقوله: " إن لكل نبي أب عصبة ينتمون إليها إلا ولد فاطمة فأنا وليهم وأنا عصبتهم.. " (5) وقوله: " نحن خير من أبنائنا، وبنونا خير من أبنائهم، وأبناء بنينا خير من أبناء أبنائهم " (6). إلى آخر الأحاديث التي ذكرت علاقتهم بالنبي صلى الله عليه وسلم. فجميع هذا يطيح بادعاءات معاوية وغيره. لأن محبة الوالد لوالده، وتوسم الوالد في ولده النجابة الدنيوية، والقيام بأبهة الملك شئ، ومحبة النبي لأبنائه وتعليمهم للقيام بأمر الله شئ آخر، وهذا لا يلتقي مع هذا من أول الخط وحتى حوض النبي صلى الله عليه وسلم، لأن لكل مقدمة نتيجتها وفقا لما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم.

فهذا كله كان في دائرة الذهن لدى الجيل الأول، ولأن النبي صلى الله عليه.

____________

(1) البداية والنهاية 230 / 8.

(2) سورة آل عمران: الآية 61.

(3) رواه الترمذي وحسنه وصححه الحاكم وابن حبان (تحفة الأحوازي 274 / 10)، (الجامع 656 / 5).

(4) رواه الطبراني عن جابر والخطيب عن ابن عباس (كنز العمال 600 / 11).

(5) رواه الحاكم وابن عساكر عن جابر (كنز العمال 98 / 12).

(6) رواه الطبراني عن معاذ (كنز العمال 104 / 12).

الصفحة 237
وسلم يحبهم، فلقد حصنهم وحذر من اقتحامهم بسوء، لأن حربهم حربه (1)، ومن آذى أهله فقد آذى الله (2). ومن أبغض الحسن والحسين فقد أبغض رسول الله (3). ومعنى تحصين النبي لهم أن النبي رفعهم إلى مكانه لا يضرهم فيها من خذلهم. وهذه المكانة هي نفسها مكانة الدعوة والدعوة هي الحق. والحق حق ولو قل اتباعه، والباطل باطل ولو كثر اتباعه. وبهذا التحصين يكون الاعتداء عليهم هو اعتداء على الدعوة، ومن اعتدى على الدعوة فقد اعتدى على رسول الله صلى الله عليه وسلم. فهذا ما صرحت به الأحاديث ونرى أنه لا داعي لتكرارها هنا.

إن السيدة فاطمة كانت لها مهمة في حدث محدد، قد نراه صغيرا، ولكنه تحت المجهر يكون كبيرا، والإمام علي كانت له مهمة محددة، وكذلك الإمام الحسن، والإمام الحسين جاء دوره في الوقت المناسب. فهو حجة على عصر يتم فيه ترجيح الأبناء، فابن عثمان، وابن خالد، وابن سعد، وابن معاوية، وابن الزبير، وابن أبي بكر كل منهم يريد الملك. فشاء الله أن تبدأ حركة الحسين في هذا الوقت، علما بأن في ذاكرة الجيل الأول الأحاديث التي تضع أبناء أمية وأبناء الحكم في دائرة التحذير منهم. فهم الذين رآهم النبي على منبره ينزون نزو القردة، وهم الذين سيتخذون مال الله دولا، ودين الله دخلا، وعباد الله خولا.

وفي نفس الوقت تحتوي الذاكرة على أبناء دائرة الطهر، أبناء الكساء والمباهلة.

ولقد علم الجميع أنهم أهل البيت ولا أحد غيرهم. فالنبي كان يمر ببيت فاطمة لمدة سبعة أشهر ويقول في وقت الصلاة والناس في المسجد: " الصلاة يا أهل

____________

(1) رواه أحمد والترمذي والحاكم والطبراني وابن ماجة وابن أبي شيبة وابن حبان في صحيحه والضياء (جامع الترمذي 699 / 5)، (الفتح الرباني 106 / 22)، (المستدرك 149 / 3)، (كنز العمال 96 / 97 / 12 /، 149، 640 / 13)، (البداية والنهاية 38 / 5).

(2) أبو نعيم عن علي (كنز العمال 103 / 12).

(3) أحمد (الفتح الرباني 7 / 23) والحاكم وصححه (المستدرك 166 / 3)، وابن ماجة وصححه البوصيري (كنز العمال 116 / 12).

الصفحة 238
البيت... " (1). وعلى هذا فدائرة الاختيار لا إجبار فيها، والله تعالى ينظر إلى عباده كيف يعملون. فإن ركبوا طريق الدعوة أنزل عليهم بركات، وإن لم يركبوا، فإن الدعوة سائرة في عالميتها، ولن توقف حركتها قبيلة من القبائل، حتى ولو قامت بتجنيد عصر بالكامل للنيل من هذه الدعوة، ولمن صد عقوبة عند الله والله يطارده ولا بقاء لشئ يطارده الله. إن الحسين بن علي جاء في الوقت المناسب كي يسوق الناس إلى الطريق المستقيم، فهو في هذا الوقت عنوان لدائرة المبشرات، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: " ذهبت النبوات وبقيت المبشرات " (2). فالحسين يقف عند مرحلة من مراحل الإخبار بالغيب، يقف كعلامة بارزة، فإذا بعث إليه الناس أو جاؤوه، فليس عليه إلا أن يلبي.

وكذلك كان الإمام علي. لقد عهد إليه النبي أن لا ينازع، فإذا بايعه الناس فعليه أن يلبي. فإن تركوه فعليه أن يأخذ بالأسباب ويدعوهم وفقا لحركة الدعوة، ووفقا لحركة الناس بحيث أن لا يكون هناك إكراه بأي صورة من الصور.

فالإسلام لا يكره أحدا، والإسلام لا يقيم وزنا إلا للذين يفكرون بمفهوم الحلال والحرام، ويؤمنون بأن غدا حساب وما الدنيا إلا قنطرة للآخرة. فالإمام علي شق الطريق معهم، وقاتل على التأويل آخذا بكل سبب من الأسباب. وعند ما وقفوا بالغ في نصحهم، وهو يعلم أنه على طريق هو مقتول فيه لا محالة.

وسنة الأخذ الأسباب سنة إلهية، فالله سبحانه يقول: " ولقد سبقت كلمتنا لعبادنا المرسلين * أنهم لهم المنصورون " (3) أي: أنا قضينا قضاء محتوما فيهم أنهم لهم المنصورون. فالرسل عليهم السلام منصورون في الحجة لأنهم على الحق، والحق غير مغلوب، وهم منصورون على أعدائهم، إما بإظهارهم عليهم، وإما بالانتقام منهم. وهم منصورون في الآخرة، وقال تعالى:

" كتب الله لأغلبن أنا ورسلي " (4) فالنصر هنا واقع لا محالة ولكن طريقه هو

____________

(1) رواه الترمذي (البداية والنهاية 205 / 8).

(2) ابن ماجة وابن حبان في صحيحه (الإصابة 272 / 8).

(3) سورة الصافات: الآية 171 - 172.

(4) سورة المجادلة: الآية 21.

الصفحة 239
طريق الأخذ بالأسباب، يقول تعالى: " أم حسبتم أن تدخلوا الجنة ولم يأتكم مثل الذين خلو من قبلكم مستهم البأساء والضراء وزلزلوا حتى يقول الرسول والذين آمنوا معه متى نصر الله ألا إن نصر الله قريب) (1)، فهذه الآية تدل على دوام أمر الابتلاء والامتحان وجريانه على امتداد التاريخ الإنساني. والابتلاء والامتحان لا بد أن يكون له حركة، لينظر الله ماذا يفعل عباده وهو أعلم بحركاتهم وسكناتهم من أنفسهم. وأيضا في قوله تعالى: (وإن جندنا لهم الغالبون) (2)، فالمؤمنين الذين يعملون بأمر الله ويجاهدون في سبيله، ما داموا على هذا الطريق وهذه الصفة، فهم متصورون غالبون. ولكن لا بد لهم من الأخذ بالأسباب التي تحكمها الدعوة، وفي عالم الأسباب يكون الابتلاء والامتحان. يقول تعالى وهو يخاطب المؤمنين: (ولا تهنوا ولا تحزنوا وأنتم الأعلون إن كنتم مؤمنين) (3)، إنه ضوء على الحركة لتستقيم المقدمات مع النتائج.

والإمام الحسين ادخره الله سبحانه لوقت سارت فيه الأمة في أعماق الفتن والابتلاء، وكان عليه السلام يعلم بأنه مقتول في نهاية الطريق، والذين من حوله يعرفون هذا جيدا. ولكنه لم يجئ ليقتل، وإنما جاء ليخرج أهل عصره من كهف مظلم، وأهل عصره أحرار في الاختيار، فمن أجابه ونصره يكون قد عبر قنطرة الدنيا بأمان - وركب معهم الذين جاؤوا من بعدهم، وفي الحديث: " المرء مع من أحب " (4)، ومن قاتله وسفك دمه فله عند الله عقوبة، وركب معه من أحبه، حتى يصير الناس إلى فسطاطين، إيمان لا نفاق فيه، ونفاق لا إيمان فيه.

حتى يأتي الله بأمره. فيركب المهدي فسطاط الأيمان. ويركب الدجال فسطاط النفاق. " وما صنعت فتنة منذ كانت الدنيا صغيرة ولا كبيرة إلا لفتنة

____________

(1) سورة البقرة: الآية 214.

(2) سورة الصافات: الآية 173.

(3) سورة آل عمران: الآية 139.

(4) البخاري (الصحيح 77 / 4).

الصفحة 240
الدجال " (1).

ولدقة مهمة الحسين عليه السلام أحيط بدائرة تحذيرية من أخطر ما يكون فقال النبي صلى الله عليه وسلم: " حسين مني وأنا من حسين، أحب الله من أحب حسينا، حسين سبط من الأسباط " (2). قال في تحفة الأحواذي: علم الرسول ما سيحدث له، فخصه بالذكر، وبين أنهما كالشئ الواحد في وجوب المحبة، وحرمة التعرض والمحاربة. وأكد ذلك بقوله: " أحب الله من أحب حسينا "، فإن محبته محبة الرسول، ومحبة الرسول محبة الله، وقوله: " حسين سبط من الأسباط " أي: أمة من الأمم في الخير، والأسباط في أولاد إسحاق بن إبراهيم الخليل بمنزلة القبائل في ولد إسماعيل. وأحدهم سبط، فهو واقع على الأمة والأمة واقعة عليه (3). وقال في لسان العرب: إن الأسباط في ولد إسحاق من إبراهيم بمنزلة القبائل في ولد إسماعيل عليهم السلام، فولد كل ولد من ولد إسماعيل قبيلة، وولد كل ولد من ولد إسحاق سبط. وإنما سمي هؤلاء بالأسباط وهؤلاء بالقبائل، ليفصل بين ولد إسماعيل وولد إسحاق. وسبط رسول الله صلى الله عليه وسلم معناه أي: طائفة وقطعة منه. ومن هذا الحديث يمكن القول. بأن الذي يقاتل الحسين فإنه سيدخل في دائرة الذي يريد أن يقضي على نسل الرسول حتى قيام الساعة، أي سيكون بمثابة الذي يريد أن يقضي على نسل الرسول حتى قيام الساعة، أي سيكون بمثابة الذي يريد أن يخلع الشجرة بجذورها، وهذا قمة الفساد في الأرض.

فأي مكان لأولادهم هنا؟ وكيف يتم وضعهم على رقبة الأمة؟ أن لفظ سبط جاء ليكون مميزا عن لفظ القبيلة، فهم قبائل. وحتى لا تختلط عليهم الأمور، ويدخلون دهاليز الرأي والتأويل، جاءت الكلمة التي يعرفون أنهم ليسوا

____________

(1) رواه أحمد والبزار وقال الهيثمي رجاله رجال الصحيح (الزوائد 335 / 7).

(2) رواه الترمذي وحسنه وقال رواه غير واحد (الجامع 658 / 5) وقال في تحفة الأحوازي رواه البخاري في الأدب المفرد وابن ماجة والحاكم (تحفة الأحوازي 280 / 11)، ورواه أحمد (الفتح الرباني 179 / 23).

(3) تحفة الأحواذي 280 / 10.

الصفحة 241
من نسيجها. وبنفس الكلمة أقام النبي صلى الله عليه وسلم عليهم الحجة فقال: إن بني إسرائيل كانت تسوسهم الأنبياء كلما هلك نبي خلف نبي، وإنه لا نبي بعدي. إنه سيكون خلفاء فنكثر، قالوا: فما تأمرنا؟ قال: فوا ببيعة الأول فالأول، وأعطوهم حقهم الذي جعل الله لهم، فإن الله سائلهم عما استرعاهم " (1).

إنه طريق الحسن والحسين، ومن معالمه: " وأعطوهم حقهم الذي جعل الله لهم " ومن معالمه أن الله هو الذي استرعاهم. بمعنى أن معاوية، والمغيرة، وزياد، ومروان، وغيرهم ليس لهم يد في عملية التنصيب وهذا باب كبير لا مجال لبحثه هنا. وكان الحسين يعلم أنه سبط من الأسباط، وأنه سيعتدى عليه كما اعتدت اليهود على أعلامها. فكان يقول: " والله لتعدن كما اعتدت بنو إسرائيل في السبت " (2). والذي يتدبر أحاديث الإخبار بالغيب، يجد أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يحذر من اتباع طريق الذين ضلوا وانحرفوا من بني إسرائيل. وفي هذا إشارة إلى أن بعد الحسين الذي وصفه الحديث بسبط من الأسباط سيكون اختلاف وفرقة، قال النبي صلى الله عليه وسلم: " لتهوكن كما تهوكت اليهود والنصارى " (3)، فالنبي حذر، وعلم من ربه أن هناك من لن يأخذ بالتحذير - فأخبر بما سيكونوا عليه في بطن الغيب.

إن الحسين لم يأت ليقتل، وإنما جاء لينظر الله عمل الأمة فيه، وهو سبحانه العليم المطلق، والأمة ستقتل الحسين، وهي في هذا العمل مختارة، ولو شاء الله ما فعلوه. فهو سبحانه العزيز وغيره ذليل، فقول معاوية: " إنه لم يبق إلا ابني وأبناءهم وابن أحق " قول يصلح للتجارة، وزينة يتزين بها الذين لا يشبعون حتى ولو جلسوا على آرائك الملك. إن أبناء النبي في دائرة الطهر وعلى قمة الحجة. أما غيرهم فهم مبتلون بهم، قال النبي صلى الله عليه وسلم: " إن

____________

(1) رواه عبد الله بن أحمد وقال في الفتح إسناد صحيح (الفتح 52 / 23).

(2) البداية والنهاية 169 / 8، الطبري 217 / 6.

(3) رواه ابن حبان في صحيحه (كنز العمال 201 / 1).

الصفحة 242
أهل بيتي سيلقون بعدي من أمتي قتلا وتشريدا، وإن أشد قومنا لنا بغضا بنو أمية وبنو المغيرة وبنو مخزوم " (1). فإذا رفع واحد من أولادهم سيفا على أبي عبد الله الحسين فسيكون بمثابة الذي رفع سيفه على طائفة هي من الرسول والرسول منها. عن ابن عباس قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فرج ما بين فخذي الحسين وقبل زيبته " (2).

ثالثا - النبي صلى الله عليه وسلم يبكي:

كان النبي صلى الله عليه وسلم يرى الرؤيا في منامه، فإذا استيقظ حدث الناس بحقيقة جاءت في صورة رؤيا. وكان الله تعالى في أحيان أخرى يريه بعينه رؤية فيراها رأي العين، أي يقع بصره عليها من دون خلق الله، فيحدث بها على أنها حقيقة. فكان عليه الصلاة والسلام يجلس في المسجد وأمامه الناس.

فيقول: " من أحب أن يسأل عن شئ فليسأل عنه، فوالله لا تسألون عن شئ إلا أخبرتكم به ما دمت في مقامي هذا، والذي نفسي بيده لقد عرضت علي الجنة والنار آنفا في عرض هذا الحائط وأنا أصلي... " (3)، وروي أن أحد أصحابه قال له: " أين مدخلي يا رسول الله. قال: النار (4). وروي أنه خطب فقال: أيها الناس إن فيكم منافقين، فمن سميت فليقم، قم يا فلان، قم يا فلان، حتى عد، ستا وثلاثين " (5).

فالنبي صلى الله عليه وسلم كان يرى فردا ما أمامه، ثم يرى حركة هذا الفرد في التاريخ، ثم يرى مدخل هذا الفرد هل في الجنة أم في النار. ووفقا لهذا كان يخبر عن بني أمية ويقول: " أريت في منامي بني الحكم " (6)، " رأيت

____________

(1) رواه نعيم ابن حماد والحاكم (كنز العمال 169 / 11).

(2) رواه الطبراني وقال الهيثمي إسناده حسن (الزوائد 186 / 9).

(3) رواه أحمد والشيخان (كنز العمال 421 / 11).

(4) البخاري ك الاعتصام (الصحيح 259 / 4).

(5) رواه البيهقي بسند صحيح (الخصائص الكبرى 174 / 2).

(6) رواه الحاكم والبيهقي وابن عساكر وأبو يعلى ويعقوب بن سفيان (كنز العمال 117،

الصفحة 243
بني أمية.. " (1)، ويخبر عن أحداث أخرى فيقول: " إني أرى مواقع الفتن خلال بيوتكم " (2)، " رأيت الدجال أعور العين اليمنى... " (3). ويخبر عن أحداث أخرى فيقول: " ليدخلن عليكم رجل لعين " (4). إلى غير ذلك من أحاديث الإخبار بالغيب. وكلما تكرر الحدث أكثر من مرة، كان أمره عظيما.

كحديث الكساء نزلت آيته في بيت أم سلمة، ثم تكرر دعاء الرسول لأهل الكساء في أكثر من موضع فسمعت به عائشة، وواثلة، وعمر بن أبي سلمة، وشداد بن أبي عمار، وزينب بنت أبي سلمة، وإسماعيل بن عبد الله. وكذلك مروره صلى الله عليه وسلم على بيت فاطمة ستة أشهر، وفي رواية سبعة أشهر، ونداؤه الصلاة يا أهل البيت، وأيضا حديث من كنت مولاه فعلي مولاه، سمعته جموع غفيرة ورواه غير واحد. وأيضا حديث الارتداد. وذلك عندما يقول النبي:

" يا رب أصحابي فيقال إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك "، فلقد تكرر في أكثر من موضع، ورواه أكثر من واحد. وهكذا فالأمور العظيمة والأحداث المصيرية تتكرر مشاهدتها أكثر من مرة ويخبر عنها الرسول في أكثر من موضع ويرويها أكثر من واحد.

وأحداث أبو عبد الله الحسين عليه السلام من هذا النوع، فلقد نزل بها جبريل عليه السلام، ونزل بها ملك لم يكن ينزل على النبي صلى الله عليه وسلم من قبل، ونزل بها ملك المطر. وأخبر النبي صلى الله عليه وسلم بأحداثها: علي وعائشة وأبو بكر وعمر وأم سلمة وابن عباس وغيرهم، ووصف المكان الذي سيدور فيه القتال وسماه، بل وأحضر له جبريل من تربتها... حتى

____________

= 358 / 11)، (الزوائد 244 / 5).

(1) رواه الحاكم وأقره الذهبي (المستدرك 171 / 3) والترمذي وابن جرير والبيهقي (البداية والنهاية 243 / 6).

(2) مسلم (الصحيح 7 / 18) ك الفتن.

(3) مسلم (الصحيح 60 / 18) ك الفتن.

(4) رواه أحمد والبزار إلا أنه قال دخل الحكم بن أبي العاص والطبراني في الأوسط (الزوائد 241 / 5).

الصفحة 244
أن الطبري وغيره رووا: إن أهل ذلك الزمان يقولون ذلك الأمر وينتظرونه في كل يوم وليلة (1). وروى الحاكم عن ابن عباس قال: ما كنا نشك، وأهل البيت متوافرون، أن الحسين يقتل بالطف (2)، وذكر ابن كثير عن عمرة بنت عبد الرحمن أنها قالت: أشهد لقد سمعت عائشة تقول: إنها سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: يقتل الحسين بأرض بابل (3).

وروي عن علي أنه قال: ليقتلن الحسين قتلا، وإني لأعرف تربة الأرض التي بها يقتل. قريبا من النهرين (4). وروي أنه مر أيام صفين بكربلاء فنادى:

اصبر أبا عبد الله، اصبر أبا عبد الله بشط الفرات... " (5)، ثم أخبر بقتل الحسين. وروي أنه جاء على الموضع الذي سيقتل فيه الحسين وقال: ههنا مناخ ركابهم، وموضع رحالهم، ومهراق دمائهم، فتية من آل محمد يقتلون بهذه العرصة، تبكي عليهم السماء والأرض " (6)، وفي رواية قال: ها هنا، هاهنا، ثقل لآل محمد ينزل ها هنا فويل لهم منكم، وويل لكم منهم، فقال له رجل: ما معنى هذا الكلام يا أمير المؤمنين؟ قال: ويل لهم منكم تقتلونهم، وويل لكم منهم يدخلكم الله بقتلهم النار " (7)، والحسين كان يعرف كل ما يتعلق بتحركاته، كان يعرف أن جند الباطل سيقطع رأسه، وأنهم سيسرقون متاعه بعد ذلك، بل والأكثر من ذلك أن أمير القتلة عمر بن سعد بن أبي وقاص، كان يعرف موقفه من الحسين قبل أن يتحرك الحسين، روي أن علي بن أبي طالب عليه السلام قال لعمر بن سعد: كيف أنت إذا قمت مقاما خير فيه بين الجنة والنار فتختار

____________

(1) الطبري 219 / 6.

(2) رواه الحاكم وقال السيوطي سنده صحيح (الخصائص الكبرى 213 / 2).

(3) البداية والنهاية 177 / 8.

(4) رواه ابن أبي شيبة (كنز العمال 673 / 13).

(5) رواه أحمد وأبو يعلى والبزار ورجاله ثقات (الزوائد 187 / 9)، (الفتح الرباني 175 / 23).

(6) رواه أبو نعيم (الخصائص الكبرى 214 / 2) ابن أبي الحديد 620 / 1.

(7) ابن أبي الحديد 620 / 1.

الصفحة 245
النار (1)؟ تماما كما أخبر القرآن بأن أبا لهب لن يؤمن، في الوقت الذي يدعو فيه القرآن الجميع إلى الإيمان، إن هناك أنماطا بشرية علم الله أن الرسول لو جاءهم بكل آية فسيكون لهم تفسيرهم الخاص. بل إن هناك أنماطا سيطلبون العودة إلى الدنيا يوم القيامة ليعملوا صالحا، والله يعلم أنهم لو عادوا فلن يفعلوا إلا ما كانوا يفعلون على الرغم من أنهم شاهدوا النار بأعينهم. يقول تعالى: " ولو ترى إذ وقفوا على النار، فقالوا: يا ليتنا نرد ولا نكذب بآيات ربنا ونكون من المؤمنين * بل بدا لهم ما كانوا يخفون من قبل ولو ردوا لعادوا لما نهوا عنه وإنهم لكاذبون) (2).

فهؤلاء منهم من عاصر الأنبياء ومنهم من أخذ بذيول الآباء، وعلى رؤوسهم جميعا حجة من الله، لأن الله تعالى لا يكذب أحدا، إلا بعد أن يقيم عليه الحجة، فإن أعرض عنها ولم يحدث نفسه بتوبة، كانت له عند ربه الأعلى عقوبة.

وبعد أن بينا أن الناس كانوا يعرفون حقيقة الأحداث قبل وقوعها، كي يأخذوا بالأسباب التي تجعلهم يحققون سعادة الدنيا والآخرة، ولا يدفعون الأحداث دفعا حتى يسفك الدم الحرام. نقدم الآن بعض الأحاديث التي رويت عن النبي صلى الله عليه وسلم عن منزلة الحسن والحسين، ولقد قدمنا بعضا على امتداد هذا البحث. ومن ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم: " الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة ". وهذا الحديث محفوظ ورواه ستة عشر صحابيا (3). وقول النبي صلى الله عليه وسلم: " هما ريحانتاي من الدنيا " (4)، وقوله: " من أحبهما فقد

____________

(1) رواه ابن عساكر (كنز العمال 674 / 13).

(2) سورة الأنعام: الآية 27 - 28.

(3) قال في نظم المتناثر في الحديث المتواتر نقل عن السيوطي أنه متواتر رواه ستة عشر صحابيا (نظم المتناثر 196 / 1).

(4) رواه البخاري (الصحيح 306 / 2) وأحمد والترمذي وابن عدي وابن عساكر والنسائي والبزار (كنز العمال 113، 114 / 12)، (الزوائد 181 / 9)، (البداية والنهاية 205 / 8).

الصفحة 246
أحبني " (1). فمنزلتهما في الجنة لا خلاف عليها، وموقعهما في الدنيا واضح، وروي أن ابن عباس كان يأخذ الركاب للحسن والحسين إذ ركبا ويرى هذا من النعم عليه (2).

وما ورد في أبي عبد الله كثير، ومنه عن أبي هريرة قال: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم وهو حامل الحسين وهو يقول: " اللهم إني أحبه فأحبه " (3). وعن جابر قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:

من سره أن ينظر إلى رجل من أهل الجنة فلينظر إلى الحسين بن علي (4) والأحداث الكبرى على امتداد الجيل الأول كان النبي صلى الله عليه وسلم يحدد فيها المثل الأعلى المرتفع، والمثل الأعلى المنخفض، ويبين أن طريق المثل الأعلى المرتفع غايته الله ومكانه في الجنة. أما المثل الأعلى المنخفض، فإن على طريقه تكون الفتن التي يغيب فيها العقل، وترقع فيه الحقائق، وتلتبس فيه الأمور، ولا ينجو إلا العالم بما يجري. وبداية طريق المثل الأعلى والمرتدع أن يتذكر الإنسان أنه سيموت وسيبعث وسيعرض على الله الملك الحق، وأن هذه الدنيا صغيرة، وهي دار للامتحان عند دائرة فيها نقص في الأنفس، ونقص في الثمرات، وشئ من الخوف، وشئ من الجوع. ودار للامتحان عند دائرة زينها الشيطان وزخرفها رغبة منه في الاغواء والاحتناك. وعلى امتداد طريق المثل الأعلى المرتفع، يواجه الإنسان المحن بزاد الصبر. أما طريق المثل الأعلى المنخفض، فدائما ما يشق خطاه في ساحات الزينة والافتخار بالأموال والأولاد.

وأصحابه يعز عليهم أن يغادروا الدنيا وليس لهم أعلام تأكل وتحلد وتسجن باسمهم. فطريق المثل الأعلى المنخفض هو نفسه الطريق الذي يتكالب فيه

____________

(1) رواه أحمد (البداية والنهاية 205 / 8).

(2) ابن كثير (البداية والنهاية 40 / 8).

(3) رواه الحاكم وقال الذهبي صحيح (المستدرك 177 / 3).

(4) رواه أبو يعلى ورجاله ثقات (الزوائد 187 / 9)، ورواه ابن كثير في البداية بلفظ: من أحب أن ينظر إلى سيد شباب أهل الجنة فلينظر إلى هذا، وقال تفرد به أحمد (البداية والنهاية 206 / 8).

الصفحة 247
أصحاب الأنياب على المستضعفين من أبناء هذه الأمة الجريحة ولقد كان أبو عبد الله الحسين علما من أعلام طريق المثل الأعلى المرتفع الذي غايته الله وحده. كان أبو عبد الله دعوة لرفض الظلم والاستكبار على عباد الله المساكين. فالسلطة الأموية تسير بالقافلة نحو طريق لا يورث الأمة إلا الذل والعار. ألم يقتل حجر بن عدي ويدعي معاوية زياد وتسير الصلاة في طريق الضياع؟ ألم تنفق أموال المسلمين على تدبير المؤامرات وقتل من ترى الدولة أنهم معارضين لسياستها؟ ألم تتخذ الدولة بطانة لها من النصارى وعلى رأسهم سرجون الرومي موضع سر معاوية؟ ثم ألم يكن هذا كله مقدمة أو خطوة داخل مربع اتخاذ مال الله دولا ودين الله دخلا وعباد الله خولا؟ وعلاوة على هذا، ألم تكن الساحة قد طفحت تحت ثقافة السب بأجيال سيكون لهم الأثر البالغ على مسيرة الأمة بعد عام ستين، ذلك العام الذي أخبر النبي صلى الله عليه وسلم بأنه سيكون مقدمة للفجار والمنافقين الذين يتاجرون بالقرآن. وفوق هذا الطوفان يبحث المحترفين من أبناء الصحابة عن طريق لكي يصلوا به إلى سدة الحكم.

إن هذا الطفح كان لا بد له من مثل أعلى مرتفع، فمن تذكر الموت وعلم أن لكل ذرة في هذا الكون رسالة، وأن رسالته هي الوقوف في خنادق الدعوة والسير على طريقها وفي اتجاه أهدافها. فمن علم ذلك فلن يجد مشقة في الوقوف تحت مظلة المثل الأعلى المرتفع. ويكفيه عنوان " من أحب أن ينظر إلى سيد شباب أهل الجنة فلينظر إلى هذا - يعني الحسين (1)، ويكفيه أيضا العنوان التحذيري القاطع الباتر: " إن ابني هذا يقتل بأرض من أرض العراق يقال لها:

كربلاء، فمن شهد ذلك فلينصره " - وفي رواية: " فمن شهده فلينصره " - وفي رواية: " فمن شهد منكم ذلك فلينصره " (2).

____________

(1) رواه الإمام أحمد (البداية والنهاية 206 / 8).

(2) رواه البغوي وابن السكن والبارودي وابن مندة وابن عساكر وأبو نعيم (البداية والنهاية 199 / 8)، (كنز العمال 126 / 12)، (الخصائص الكبرى 213 / 2)، (أسد الغابة 349 / 1)، (الإصابة 68 / 1).

الصفحة 248
ولأن النبي صلى الله عليه وسلم علم من ربه ماذا ستكون عليه الأمور، كان يبكي بكاءا شديدا، كلما جاء إليه نعى أبي عبد الله الحسين. وكما ذكرنا فلقد جاء إليه النعي في أكثر من موضع، وحمله أكثر من واحد. عن أم سلمة قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم جالسا ذات يوم في بيتي.

فقال: لا يدخل علي أحد، فانتظرت، فدخل الحسين، فسمعت نشيج (أي:

صوت معه توجع وبكاء) رسول الله يبكي، فاطلعت فإذا حسين في حجره، والنبي صلى الله عليه وسلم يمسح جبينه وهو يبكي. فقلت: والله ما علمت حين دخلت. فقال: إن جبريل كان معنا في البيت. قال: أفتحبه؟ قلت: أما من الدنيا فنعم. فقال: إن أمتك ستقتل هذا بأرض يقال لها: كربلاء. فتناول جبريل من تربتها وأراها النبي... " (1)، وفي رواية: فقلت لجبريل: أريني تربة الأرض التي يقتل فيها - فجاءني فهذه تربتها (2)..

وروى الإمام أحمد عن أم سلمة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:

لقد دخل على البيت ملك لم يدخل على قبلها. فقال لي: إن ابنك هذا حسين مقتول. وإن شئت أريتك من تربة الأرض التي يقتل بها، قال: فأخرج تربة حمراء (3).

وروى الإمام أحمد عن أنس قال: استأذن ملك القطر أن يأتي النبي صلى الله عليه وسلم، فأذن له. فقال لأم سلمة: احفظي علينا الباب لا يدخل علينا أحد، فجاء الحسين بن علي، فوثب حتى دخل، فجعل يصعد على منكب النبي صلى الله عليه وسلم. فقال الملك: أتحبه؟ قال: نعم، فقال:

____________

(1) قال الهيثمي رواه الطبراني بأسانيد ورجال أحدهما ثقات (الزوائد 189 / 9).

(2) ابن سعد عن أم سلمة (كنز العمال 126 / 12).

(3) رواه عبد الله بن أحمد بن حنبل (176 / 27 الفتح الرباني) وقال في الفتح: قال الهيثمي رجاله رجال الصحيح (187 / 9)، وأورده ابن كثير في البداية (البداية 199 / 8)، وقال:

روى هذا الحديث من غير وجه عن أم سلمة ورواه الطبراني عن أبي إمامة وفيه قصة أم سلمة. ورواه ابن سعد عن عائشة بنحو رواية أم سلمة وروى ذلك من حديث زينب بنت جحش ولبابة وأم الفضل امرأة العباس. وأرسله غير واحد من المتابعين.

الصفحة 249
إن أمتك تقتله، وإن شئت أريتك المكان الذي يقتل فيه. قال: فضرب بيده فأراه ترابا أحمر. فأخذت أم سلمة ذلك التراب فصرته في طرف ثوبها، قال أنس:

فكنا نسمع أنه يقتل بكربلاء (1).

فماذا كان يفعل النبي صلى الله عليه وسلم عقب كل إخبار من ملك من الملائكة؟ لقد كان النبي يبلغ ويحذر، روى الطبراني: فلما ذهب حبريل من عند رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج والحسين في يده يبكي، فقال: يا عائشة إن جبريل أخبرني أن ابني حسين مقتول في أرض الطف، وإن أمتي ستفتن من بعدي، ثم خرج النبي صلى الله عليه وسلم إلى أصحابه منهم: علي، وأبو بكر، وعمر، وحذيفة، وعمار، وأبو ذر رضي الله عنهم وهو يبكي، فقالوا:

ما يبكيك يا رسول الله. فقال: أخبرني جبريل أن ابني الحسين يقتل بعدي بأرض الطف، وجاءني بهذه التربة، وأخبرني أن فيها مضجعه (2).

وأخرج ابن سعد في الطبقات عن عائشة قالت: بينما رسول الله صلى الله عليه وسلم راقد. إذ جاء الحسين يحبوا إليه، فنحيته عنه، ثم قمت لبعض أمري، فدنا منه فاستيقظ يبكي، فقلت: ما يبكيك قال: إن جبريل أراني التربة التي يقتل عليها الحسين، فاشتد غضب الله على من يسفك دمه. وبسط يده فإذا فيها قبضة من بطحاء، فقال: يا عائشة والذي نفسي بيده إنه ليحزنني، فمن هذا من أمتي يقتل حسينا بعدي؟ (3).

أما عندما نزل الملك على النبي وأخبره بمقتل الحسين. فلقد روى الطبراني عن عائشة: أن الحسين بن علي دخل على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: يا عائشة ألا أعجبك؟! لقد دخل.

____________

(1) أورده ابن كثير في البداية 199 / 8، وأخرجه أبو يعلى في مسنده وأبو نعيم في الدلائل (202 / 3)، ورجالهما ثقات. وأخرجه الطبراني في الكبير ورجاله ثقات.

(2) أخرجه الطبراني في الكبير والأوسط باختصار (الزوائد 188 / 9)، وأخرجه الماوردي في أعلام النبوة ص 83، ورجاله ثقات.

(3) رواه ابن سعد في الطبقات وابن عساكر عن أم سلمة باختصار (كنز العمال 127 / 12).