الصفحة 23

ذكروا أنه كان أديبا ً حسن المعرفة بالأخبار و علوم العرب. و لكنهم اختلفوا في توثيقه. إذ وثـقه الطوسي في رجاله و البرقي. بينما قال النجاشي أنه كان ضعيفا ً في الحديث. و قال آخرون أنه ثـقة و لكنه يروي عن الضعفاء كثيرا ً و يعتمد المراسيل، فحديثه يعرف و ينكر.

و الرأي الأخير على ما يبدو هو الأصح و هو ما وصل إليه السيد الخوئي بعد مناقشة اختلاف علماء الرجال فيه.

ذكر صائب عبد الحميد أن له " كتاب الجمل "(85) معتبرا ً إياه من كتب التاريخ. و قد انفرد أبو الفرج النديم بذكر " كتاب الجمل " ضمن قائمة كتب محمد بن خالد البرقي، أما النجاشي و الطوسي (في الفهرست) فلم يذكرا له مثل هذا الكتاب. و يلاحظ أن أبا الفرج النديم ذكر بعد كتاب الجمل مباشرة " كتاب جدول الحكمة و كتاب الأشكال ". فكأن الكتاب في الحقيقة هو كتاب " الجُمَـل " و ليس كتاب " الجَمَـل "، و لعل موضوعه في الفلسفة أو العلوم و لا يهتم بوقعة الجمل المشهورة قرب البصرة. و الله أعلم.

14) محمد بن عائذ بن سعيد القرشي (مولاهم)(86)

كنيته أبو عبد الله أو أبو أحمد.

ولد في دمشق سنة 150 هـ.

تولى خراج غوطة دمشق، في ديوان الخراج في الشام في أيام المأمون. و كان قدريا ً. و كان من أهل الفتوى في دمشق. و كان متواضعا ً، فقد كان من تلاميذه أبو داود، صاحب السنن، و كان يكتب عنه يوما ً فقال له محمد بن عائذ: إيش تكتب عني؟ أنا أتعلم منك.

توفي في بيهق سنة 232 أو 233 أو 234 هـ.

لم يهتم علماء الرجال بتوليه الخراج، و لا بكونه قدريا ً، بل وثـّـقوه و وصفوه بأنه صدوق، ثقة، موضع للأخذ عنه، و هو كما شاء الله، و ليس به بأس.

له " كتاب الجمل و صفين " رواه عنه أحمد بن إبراهيم القرشي(87).

15) إسماعيل بن عيسى العطار(88)

كنيته أبو إسحاق.

و هو من أهل بغداد و عداده في البغداديين.

توفي سنة 232 هـ.

اعتبروه ثقة و كتبوا عنه، و لم يضعفه إلا الأزدي.

له " كتاب الجمل ".

و الملاحظ على ترجمته في كتب الرجال أنه اشتهر بروايته " كتاب المبتدأ و الفتوح " لأبي حذيفة إسحاق بن بشر، المذكور آنفا ً تحت رقم (8). و لا ندري هل أن " كتاب الجمل " هو من مروياته عن إسحاق بن بشر، أم أنه من مؤلفاته الخاصة.

____________

85 - صائب عبد الحميد ، معجم مؤرخي الشيعة ، مجلة " تراثنا " ، عدد 61 ، ص88 .

86 - مصادر ترجمته : الربعي ، مولد العلماء و وفياتهم ، ج2 ص512 ** ابن أبي حاتم الرازي ، الجرح و التعديل ، ج8 ص52 ** الذهبي ، سير أعلام النبلاء ، ج11 ص104 - 105 ** الذهبي ، ميزان الاعتدال ، ج6 ص195 ** الذهبي ، الكاشف ، ج2 ص183 ** السيوطي ، طبقات الحفاظ ، ج1 ص209 ** ابن حبان ، الثقاة ، ج9 ص75 ** الواعظ ، تاريخ أسماء الثقاة ، ص208 ** ابن حجر العسقلاني ، لسان الميزان ، ج7 ص363 ** ابن حجر العسقلاني ، تقريب التهذيب ، ص486 ** أبو الحجاج المزي ، تهذيب الكمال ، ج25 ص427 .

87 - الكتاني ، ذيل مولد العلماء ، ص84 .

88 - مصادر ترجمته : ابن أبي حاتم الرازي ، الجرح و التعديل ، ج2 ص191 ** الذهبي ، سير أعلام النبلاء ، ج10 ص638 ** الذهبي ، ميزان الاعتدال ، ج1 ص405 ** ابن حبان ، الثقاة ، ج8 ص99 ** ابن حجر العسقلاني ، لسان الميزان ، ج1 ص426 ** الخطيب البغدادي ، تاريخ بغداد ، ج6 ص262 ** أبو الفرج النديم ، الفهرست ، ص159 .

الصفحة 24

16) أبو بكر بن أبي شيبة(89)

اسمه عبد الله بن محمد بن إبراهيم بن عثمان بن خواستي. و هو عبسي بالولاء.

كنيته التي اشتهر بها أبو بكر، و أبو شيبة هي كنية جده إبراهيم.

ولد في الكوفة سنة 159 هـ.

طلب العلم و هو صبي، و كان هو و أخوته يزاحمون الآخرين عند كل محدث. و هو أبرز أخوته و أجلـّهم.

و كانت له مكانة في الكوفة، و كان مجلس درسه في مسجد الكوفة عند الأسطوانة التي كان يجلس إليها عبد الله بن مسعود، و التي جلس عندها بعده علقمة، و بعده إبراهيم، و بعده منصور، و بعده سفيان الثوري، و بعده وكيع، و بعده أبو بكر بن أبي شيبة. و كل واحد من هؤلاء كان من كبار علماء الكوفة في زمانه.

و في سنة 234 هـ انقلب المتوكل العباسي على المعتزلة، الذين قربهم الخلفاء العباسيون من قبله، فاستدعى الفقهاء و المحدثين، و منهم أبو بكر بن أبي شيبة، فوزع عليهم الجوائز و الأموال، و أمرهم أن يحدثوا بالأحاديث التي فيها الرد على أفكار المعتزلة و الجهمية.

و هكذا قدم أبو بكر بن أبي شيبة إلى بغداد، التي ضجت لمقدمه، و نصب له المنبر في مسجد الرصافة، فجلس عليه، و اجتمع له نحو من ثلاثين ألفا ً يسمعون ما يقول. فذكر في أول المجلس حديثا ً مسندا ً أن رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم قال: " احفظوني في العباس فإنه بقية آبائي، و إن عم الرجل صنو أبيه ". و العبارة الأخيرة زيادة منه على الحديث، فانتبه إلى نفسه، فقال: هي بغداد و أخاف أن تزل قدم بعد ثبوتها، و طلب من ابنه أن يعطيه الكتاب ليحدث منه. فصار بعد ذلك يحدث من الكتاب و ليس من حفظه. و في المجلس الثاني أملى الحديث نفسه و ليس فيه تلك الزيادة.

مات أبو بكر بن أبس شيبة سنة 235 هـ.

مدحه علماء الرجال كثيرا ً و وصفوه بأنه الحافظ، عديم النظير، الثبت النحرير، أحد الأربعة الذين انتهى إليهم علم الحديث، فهو أسردهم للحديث، و أحفظهم عند المذاكرة، و أحسنهم وضعا ً للكتب، و كان متقنا ً حافظا ً، بحرا ً من بحور العلم، و به يضرب المثل في قوة الحفظ.

ذكر أبو الفرج النديم أن له كتابا ً اسمه " كتاب الجمل "(90).

و المعروف أن لابن أبي شيبة كتابا ً كبيرا ً اسمه " المصنف " أو " مصنف ابن أبي شيبة "، فيه عشرات الآلاف من الروايات و الأحاديث في مختلف أبواب الفقه و غيره، و فيه فصل اسمه " كتاب الجمل في مسيرة عائشة و علي و طلحة و الزبير "(91). و لا ندري هل أن ابن النديم اعتبر هذا الفصل كتابا ً مستقلا ً أم أن لابن أبي شيبة حقا ً كتابا ً مستقلا ً اسمه " كتاب الجمل ".

____________

89 - مصادر ترجمته : مسلم بن الحجاج ، الكنى و الأسماء ، ج1 ص129 ** ابن القيسراني ، تذكرة الحفاظ ، ج2 ص432 ** الذهبي ، سير أعلام النبلاء ، ج11 ص122 ** الخطيب البغدادي ، تاريخ بغداد ، ج10 ص66 .

90 - أبو الفرج النديم ، الفهرست ، ص32 .

91 - أبو بكر بن أبي شيبة ، المصنف ، ج7 ص532 - 546 .

الصفحة 25

17) خليفة بن خياط بن خليفة بن خياط(92)

كنيته أبو عمرو، أو أبو بكر.

و هو من أهل البصرة، تميمي عصفري، و يلقـّب بشبّـابة.

ولد حوالي سنة 160 هـ، و توفي سنة 240 هـ. و لا نكاد نعرف عن سيرته شيئا ً.

وصفه علماء الرجال بأنه حافظ إمام محدث نسابة أخباري علامة صدوق متقن من متيقظي الرواة مستقيم الحديث عالم بالنسب و السير و أيام الناس. و ذمه بعضهم، غير أن أغلب العلماء لم يقبلوا بالطعن عليه.

اشتهر بكتابه في التاريخ، و هو المسمى " تاريخ خليفة بن خياط "، و له كتاب آخر مشهور اسمه " كتاب الطبقات " أو " طبقات خليفة بن خياط ". و الكتابان مطبوعان و منشوران.

ذكر محمد رضا الحسيني، نقلا ً عن ترجمة الإمام الحسين (ع) في " تاريخ دمشق الكبير " لابن عساكر، أن لخليفة بن خياط كتابا ً اسمه " تسمية الأمراء يوم الجمل "(93).

18) عمر بن شبة بن عبيدة بن زيد بن رائطة النميري(94)

كنيته أبو زيد.

ولد في البصرة سنة 173 هـ.

طلب العلم منذ حداثته، و هو يقول عن نفسه: قدم وكيع بن الجراح عبادان، فمُـنعت من الخروج إليه لحداثتي، فرأيته في النوم يتوضأ على شاطيء دجلة من كوز، فقلت: يا أبا سفيان حدثني بحديث. فقال: حدثنا إسماعيل، عن قيس قال: قال عبد الله: كان خير المشركين إسلاما ً للمسلمين عمر. فحفظته في النوم.

و تدل هذه الرواية على شدة انشغاله بطلب العلم، حتى أنه كان يحلم في نومه بمقابلة الشيوخ الذين لم يتمكن من مقابلتهم في اليقظة لصغر سنه.

انتقل إلى السكن في بغداد بعد خراب البصرة. و لعل المقصود بذلك خرابها على أيدي الزنج، و الله أعلم.

و في آخر عمره انتقل إلى سامراء. و فيها تعرض للامتحان، و قد كان من رأيه أن القرآن كلام الله ليس بمخلوق. فطلبوا منه أن يكفر من توقف في الأمر، فأبى أن يكفر أحدا ً، فكفـّروه و مزقوا كتبه. فلزم بيته و حلف أن لا يحدث شهرا ً. و له قصيدة يشرح فيها ما جرى له في ذلك يقول فيها:

لما رأيت العلم ولـّى و دثر و قام بالجهل خطيب فهمر
لزمت ُ بيتي معلنا ً و مستتر مخاطبا ً خير الورى لمن غبر

____________

92 - مصادر الترجمة : البخاري ، التاريخ الكبير ، ج3 ص191 ** ابن أبي حاتم ، الجرح و التعديل ، ج3 ص378 ** ابن القيسراني ، تذكرة الحفاظ ، ج2 ص436 ** الذهبي ، سير أعلام النبلاء ، ج11 ص472 ** الذهبي ، ميزان الاعتدال ، ج2 ص457 ** الذهبي ، المغني في الضعفاء ، ص213 ** الذهبي ، الكاشف ، ج1 ص375 ** السيوطي ، طبقات الحفاظ ، ص193 ** ابن حبان ، الثقاة ، ج8 ص233 ** ابن عدي ، الكامل في ضعفاء الرجال ، ج3 ص66 ** ابن عدي ، من روى عنهم البخاري في الصحيح ، ص223 ** العقيلي ، الضعفاء ، ج2 ص22 ** ابن حجر العسقلاني ، تهذيب التهذيب ، ج3 ص138 ** ابن حجر العسقلاني ، تقريب التهذيب ، ص195 ** الباجي ، التعديل و التجريح ، ج2 ص557 ** الكلاباذي ، رجال صحيح البخاري ، ج1 ص232 .

93 - السيد محمد رضا الحسيني ، التسميات طليعة المؤلفات في الحضارة الإسلامية : موضوعها و منهج تأليفها و فهرست أسمائها ، مجلة " تراثنا " ، العدد 15 ص54 .

94 - مصادر الترجمة : الخطيب البغدادي ، تاريخ بغداد ، ج11 ص208 ** الذهبي ، سير أعلام النبلاء ، ج12 ص369 ** الذهبي ، الكاشف ، ج2 ص63 ** ابن أبي حاتم الرازي ، الجرح و التعديل ، ج6 ص116 ** ابن القيسراني ، تذكرة الحفاظ ، ج2 ص516 ** السيوطي ، طبقات الحفاظ ، ص229 ** ابن حبان ، الثقاة ، ج8 ص446 ** ابن حجر العسقلاني ، تهذيب التهذيب ، ج7 ص404 ** أبو الحجاج المزي ، تهذيب الكمال ، ج21 ص386 ** الحاكم ، تسمية من أخرجهم البخاري و مسلم ، ص181 ** الرومي الحنفي ، كشف الظنون ، ج2 ص1274 ** أبو الفرج النديم ، الفهرست ص163 ** الكتاني ، الرسالة المستطرفة ، ص59 .

الصفحة 26
أعني النبي المصطفى على البشر و الثاني الصديق و التالي عمر
و من أردت من مصابيح زهر مثل النجوم قد أطافت بالقمر
فأنا فيهم في رياض و غُدُر و في عظات جمة و في عبر
فإن أردت عالمين بالخبر رواة أشعار قديمات غرر
و من أحاديث الملوك و السمر فهم حواليّ كنوز في الزبر
آخذ من هذا و هذا و أذر أحوي الذي يصفو و أرمي ما كدر
فذاك أولى من مقامات الحُمُر من الطغام و الرعاع و النشر
أهواؤهم شتى المجال و الصدر مختلفين في القران و القدر
إن خولفوا قالوا تروى و كفر و كان أصحاب الحديث و الأثر
أحجم قوم عن سباب و هتر فأصبحوا فوضى الشهادات الكبر
بالكفر سحّـا ً مثل تسكاب المطر فالحمد لله العلي المقتدر
حمد مقرّ لا بشيء يعتذر لا بل بتقصير و تفريط مقر

و تبين القصيدة الظروف السيئة التي كان يعيش فيها المثقفون في تلك الأيام، حيث كانوا مجبرين على تكفير الآخرين و إلا كانوا عرضة للتكفير و العقاب.

و توفي عمر بن شبة في سامراء سنة 262 هـ.

و كان صاحب نحو و أدب و شعر، بصيرا ً بالسير و المغازي و أيام الناس، له تصانيف كثيرة. و اتفق علماء الرجال على توثيقه، و وصفوه بأنه صدوق، ثقة، حافظ، علامة مستقيم الحديث، أديب، فقيه، واسع الرواية، و كان أكثر الناس حديثا ً و خبرا ً، و كان صدوقا ً ذكيا ً، صادق اللهجة، غير مدخول الرواية.

قال ابن حجر العسقلاني: " و روى هذه القصة عمر بن شبة في (كتاب الجمل) له، من طريق داود بن أبي هند قال: كان على محمد بن طلحة بن عبيد الله يوم الجمل عمامة سوداء. فقال علي: لا تقتلوا صاحب العمامة السوداء فإنما أخرجه بره بأبيه. فلقيه شريح بن أبي أوفى، فأهوى له بالرمح، فتلا (حم) و قتله "(95).

و منه نفهم أن عمر بن شبة له كتاب اسمه " كتاب الجمل " و أن الخبر السابق منقول من ذلك الكتاب. و لكن هذا شيء انفرد به ابن حجر العسقلاني وحده، و لم يذكر الآخرون أن له " كتاب الجمل ". بل إن العسقلاني نفسه يقول في موضع آخر: " و أخرج عمر بن شبة في (أخبار البصرة) في (ذكر وقعة الجمل) هذا الخبر من طريق عبد الله بن عون، عن أبي رجاء "، ثم يورد خبرا ً عن اشتراك أبي رجاء في القتال ضد علي (ع) إذ لم يتمالك نفسه عندما رأى عائشة في الجيش(96).

أي أن " كتاب الجمل "، أو " ذكر وقعة الجمل "، ليس كتابا ً مستقلا ً لعمر بن شبة، بل هو أحد فصول كتابه " أخبار البصرة ". و هذا هو الأرجح.

و " أخبار البصرة " كتاب مشهور جدا ً ذكره الجميع. و قد أحصينا في " تاريخ الطبري " 36 خبرا ً من أخبار وقعة الجمل منقولة عن عمر بن شبة(97). و الطبري من تلاميذ عمر بن شبة، أخذ منه مباشرة دون واسطة. و معظم أخباره منقولة عن المدائني عن أبي مخنف.

و هناك خبر آخر أورده ابن حجر العسقلاني في ترجمة ضرار بن حنظلة، إذ قال: " ذكر الدولابي أنه قتل يوم الجمل و له مائة سنة، و كذا ذكره عمر بن شبة عن المدائني، قال: قالت عائشة: ما زال جملي معتدلا ً حتى فقدت ُ صوت حنظلة "(98).

____________

95 - ابن حجر العسقلاني ، فتح الباري ، ج8 ص554 .

96 - المصدر السابق ، ج8 ص91 .

97 - الطبري ، التاريخ ، ج3 ص7 - 10 و 18 و 21 - 24 و 35 - 37 و 39 و 42 - 44 و 46 - 49 و 61 .

98 - ابن حجر العسقلاني ، الإصابة في تمييز الصحابة ، ج2 ص182 .

الصفحة 27

19) المنذر بن محمد القابوسي(99)

اسمه الكامل منذر بن محمد بن المنذر بن المنذر بن سعيد بن أبي الجهم القابوسي اللخمي. و هو من أحفاد قابوس بن النعمان بن المنذر، الذي كان هو و آباؤه أمراء الحيرة في أيام الساسانيين. أي أنه يتحدر من سلالة رفيعة و بيت جليل.

و يبدو أن أسرته كانت أسرة علم. فهو يروي عن أبيه، فكأن أباه كان من رواة العلم. و كذلك جده سعيد بن أبي الجهم القابوسي، فهو من أصحاب الإمامين جعفر الصادق و موسى الكاظم (ع)(100).

و لا نعرف شيئا ً من سيرته سوى أنه كوفي من بيت كبير جليل، و أنه شيعي.

كما إننا لا نعرف تاريخ ولادته و لا وفاته، و لكنه من علماء القرن الثالث الهجري، و يدل على ذلك أمران.

أولهما أنهم ذكروا من بين تلاميذه ابن عقدة، و هو أحمد بن محمد بن سعيد الكوفي المولود سنة 249 هـ(101). فالأرجح أن القابوسي لم يتوفَ قبل سنة 270 هـ.

و ثانيهما أن الكشي، و هو من علماء القرن الرابع الهجري، روى عنه بواسطتين(102).

وثقه علماء الرجال الشيعة، و له روايات عديدة في أمهات الكتب الشيعية.

أما علماء الرجال السنة فقد اتبعوا فيه رأي الدارقطني، الذي تحدث عن رجلين، أحدهما سماه منذر بن محمد بن المنذر و قال إنه ليس بالقوي، و الآخر سماه منذر بن محمد القابوسي و قال إنه مجهول. و انتبه ابن حجر العسقلاني إلى أن هذين الرجليم هما في الحقيقة رجل واحد. مما يدل على أن الدارقطني لم يكن يعرفه معرفة جيدة.

ذكروا له كتبا ً عديدة من بينها كتاب اسمه " كتاب الجمل ".

20) أحمد بن محمد بن خالد البرقي(103)

كنيته أبو جعفر.

والده محمد بن خالد من كبار وجوه الشيعة و من مشايخ الرواية عندهم، و هو المذكور آنفا ً تحت الرقم (13).

و يعتبر أحمد من ثقاة الرواة الشيعة في مدينة قم، غير أنه أكثر من الرواية عن الضعفاء و اعتمد المراسيل و خالف طريقة أهل الأخبار، فلم يكن يبالي عمن أخذ. من أجل ذلك استاء منه علماء الشيعة في قم، و تصدى له زعيمهم أحمد بن محمد بن عيسى، فطرده من قم. ثم جرت بين الطرفين وساطة، و وافقوا على إعادته إلى المدينة.

و في سنة 274 (أو 280) هـ توفي أحمد بن محمد بن خالد البرقي في قم، فمشى أحمد بن محمد بن عيسى في جنازته حافيا ً حاسرا ً ليبرّئ نفسه مما كان قد قذفه به. و اعتبر هذا الفعل بحد ذاته دليلا ً قويا ً على توثيق أحمد بن محمد بن خالد البرقي.

____________

99 - مصادر الترجمة : العلامة الحلي ، الرجال ، ص172 ** النجاشي ، الرجال ، ص418 ** ابن داود ، الرجال ، ص354 ** الذهبي ، ميزان الاعتدال ، ج6 ص515 ** الذهبي ، المغني في الضعفاء ، ج2 ص676 ** ابن حجر العسقلاني ، لسان الميزان ، ج6 ص90 ** الدارقطني ، سؤالات الحاكم ، ص157 ** الخوئي ، معجم رجال الحديث ، ج19 ص364 ** صائب عبد الحميد ، معجم مؤرخي الشيعة ، مجلة " تراثنا " عدد 62 ص107 .

100 - الطوسي ، الرجال ، ص215 ** العلامة الحلي ، الرجال ، ص79 - 80 ** النجاشي ، الرجال ، ص179 - 180 .

101 - د. محمد طاهر الجوابي ، الجرح و التعديل ، ص197 ، هامش رقم 93 .

102 - الكشي ، الرجال ، ص566 . و قد سماه منذر بن قابوس ، و ذكر أنه كان ثقة .

103 - مصادر الترجمة : ابن داود ، الرجال ، ص40 ** العلامة الحلي ، الرجال ، ص14 ** النجاشي ، الرجال ، ص76 ** الطوسي ، الفهرست ، ص20 ** أحمد بن محمد بن خالد ، المحاسن ، المقدمة التعريفية للكتاب ** المجلسي ، بحار الأنوار ، ج1 ص8 ** ابن حجر العسقلاني ، لسان الميزان ، ج1 ص262 صائب عبد الحميد ، معجم مؤرخي الشيعة ، مجلة " تراثنا " ، العددان 55 و 56 ص251 .