وروى الشيخ أبو الفتوح الرازي في تفسيره انّه جاء عن الصادقَيْن عليهما السلام: (إنّ تابوت وعصى موسى في بحيرة طبرية، وإنَّ الامام صاحب الزمان عليه السلام يخرجهما في عهده من هناك)(3).
ومروي في غيبة النعماني عن الامام الصادق عليه السلام انّه قال: " عصى موسى قضيب آس مِنْ غرس الجنّة أتاه بها جبرئيل عليه السلام لمّا توجّه تلقاء مَدْين، وهي وتابوت آدم في بحيرة طبرية، ولن يَبْلَيا ولن يتغيرا حتى يخرجهما القائم عليه السلام اذا قام "(4).
وجاء في عدة اخبار انّ الكتب السماوية الأصلية في غار في انطاكية وانّه عليه السلام سوف يخرجها من هناك.
ومروي في غيبة الفضل بن شاذان عن الامام الباقر عليه السلام انّه قال: " اوّل ما يبدأ القائم عليه السلام بانطاكية(5) فيستخرج منها التوراة من غار فيه عصى موسى، وخاتم سليمان "(6).
____________
1- هكذا في الترجمة والمختصر: ص 190، واما في المصدر (انجيل) بدل (رحل).
2- المختصر (الحسن بن سليمان الحلي): ص 189 - 190 ـ الهداية الكبرى (الحسين بن حمدان الخصيبي): ص 404.
3- نظراً الى انّ الرواية الموجودة بالفارسية لذلك فقد ترجمناها عن النص الفارسي ولعلّها جزء من الرواية التي بعدها التي رواها عن غيبة النعماني.
4- الغيبة: ص 238، الباب 13، ح 27.
5- هكذا في نسخة البحار، واما في الترجمة فالعبارة تكون هكذا: (فيرسل الى انطاكية من يستخرج منها... الخ).
6- لم نجد الرواية في كفاية المهتدي الذي ينقل عنه المؤلف رحمه الله ما في غيبة الفضل بن شاذان، ولعلّها سقطت من نسختنا لاختلاف النسخ ; وقد نقلها العلامة المجلسي رحمه الله في البحار: ج 52، ص 390، عن الأنوار المضيئة ولم نجدها في المطبوع والله العالم.
وروي هناك وفي الكافي انّه قال عليه السلام: "... وخرج صاحب هذا الأمر من المدينة الى مكة بتراث رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم.
فقلت(4): ما تراث رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم؟ قال: سيف رسول الله، ودرعه، وعمامته، [ وبرده ](5) وقضيبه [ ورايته ](6) ولامته وسرجه(7).
المائة والثامن والسبعون: " الهادي ".
في تاريخ الجهضمي في باب ألقاب الائمة عليهم السلام: " لقب القائم عليه السلام الهادي، المهدي "(8).
____________
1- القمطر بكسر القاف وسكون الميم وفتح الطاء المهملة: ما يصان فيه الكتب.
2- الرباعية بفتح الراء وتخفيف الياء: السن الذي يكون بين الثنية والناب.
3- الغيبة (النعماني): ص 243.
4- في الترجمة: (فسأل الراوي).
5- سقطت من الترجمة واثبتت في المصدرين.
6- سقطت من الترجمة، واثبتت في المصدرين، وهي هكذا في الكافي، وامّا في غيبة النعماني فقد قدمت على (وقضيبه).
7- الكافي (الروضة): ج 8، ص 225 ـ الغيبة (النعماني): ص 270.
8- تاريخ الجهضمي: ص 133 ـ وفي الترجمة بزيادة (و) بين (الهادي) و (المهدي).
ولم يجعل الله تعالى احداً هادياً للعالم كافة، ولم يرسله اليهم، بل لم يعده باتمام عمله ; الّا بعد أن يحصل هو حقيقة الهداية، وبعد أن تفتح له جميع الطرق الى الحق والحقيقة، وبعد أن يصل الى جميع مقاصدها، ويكون قادراً على القيام بالهداية، فبعد ذلك يجعله الله تعالى هادياً، ويشرفه بهذا اللقب، فلابدّ ان يكون مهدياً، ولا يلقب حضرته بالمهدي الّا بعد ان يكون عنده هذا المقام من الهداية ليتمكن على القيام بواسطة جنابه المقدس في مقام هداية الخلق، ويعلم كل واحد طريقاً ويقدر على ان يوصله الى غايته بحسب قابلياته.
وطبق هذه الملاحظة فيمكن تفسير كل واحد منها بالآخر كما تقدّم في لقب (المهدي) عندما سئل الامام الصادق عليه السلام عن معنى المهدي، فانّه قال عليه السلام: " لانّه يهدي الناس.. الخ " يعني انّ ذلك المهدي سمّاه الله تعالى مهدياً لأنّه منح مقام الهداية بحيث يقدر ان يقوم بمقام الهداية عن وجوده الأقدس.
ونظير اشكال تفسير المهدي بالهادي يوجد اشكال في لقب أمير المؤمنين عليه السلام المبارك كما روي في معاني الأخبار والعلل عن الامام الباقر عليه السلام انّه سئل: لم سمّي امير المؤمنين عليه السلام امير المؤمنين؟
قال: لأنّه يميرهم العلم، اما سمعت كتاب الله عزّ وجلّ: { ونمير أهلنا }(1).
ووجه الاشكال: انّ الميرة بمعنى جلب الطعام من مار، يمير، ميراً.
وأمير من أمَرَ يأمر.
وقال بعض: انّه على وجه القلب.
وقال بعض: امير فعل مضارع على صيغة المتكلم، ويكون عليه السلام قد قال
____________
1- من الآية 65 من سورة يوسف.
والوجه الثالث ; قالوا انّ امراء الدنيا انما يسمّون بالأمير لكونهم متكلّفين لجلب الطعام للخلق وما يحتاجون اليه في أمور معاشهم بزعمهم.
وأمّا أمير المؤمنين عليه السلام فان امارته لأمر أعظم من ذلك حيث انّه عليه السلام يجلب اليهم الطعام الروحاني الذي هو سبب حياتهم الأبدية وقوّتهم الروحانية، وان شارك الأمراء في الميرة الجسمانية.
وقد ارتضى العلامة المجلسي (رحمه الله) هذا الوجه(2).
والأحسن هو ما قلناه في تفسير (المهدي) وهو انّ الامارة لا تجعل من الله تعالى الّا بعد الكمال والتأهّل والوصول الى مراتب العلوم بحيث يمكنه أن يعلم كل أحد جميع ما يحتاج اليه، فما لم يكن هو نفسه ذا علم راسخ فانّه لا يستطيع ان يجلس على وسادة الامارة الالهية.
فكل من يخبر عن مقامه العلمي هذا فيمكن القول انّه قد وصل الى مقام الامارة.
____________
1- معاني الأخبار: ص 63 ـ علل الشرايع (الصدوق): ج 1، ص 161.
2- قال العلامة المجلسي في بحار الأنوار: ج 37، ص 293:
(بيان: الميرة ـ بالكسر ـ: جلب الطعام، يقال: مار عياله ميراً وأمارهم وامتار لهم ; ويرد عليه أنّ الأمير فعيل من الأمر لا من الأجوف، ويمكن التقصّي عنه بوجوه:
الأوّل: أن يكون على القلب وفيه بعد من وجوه لا يخفى.
الثاني: أن يكون " أمير " فعلا مضارعاً على صيغة المتكلّم، ويكون عليه السلام قد قال ذلك ثمّ اشتهر به، كما في تأبّط شرّاً.
الثالث: أن يكون المعنى أنّ اُمراء الدنيا انّما يسمّون بالأمير لكونهم متكفّلين لميرة الخلق وما يحتاجون اليه في معاشهم بزعمهم، وامّا امير المؤمنين عليه السلام فامارته لأمر أعظم من ذلك، لانّه يميرهم بما هو سبب لحياتهم الأبديّة وقوّتهم الروحانية، وإن شارك سائر الأمراء في الميرة الجسمانية، وهذا أظهر الوجوه).
ولعلّ الوجه الثالث يرجع الى هذا المعنى والله العالم.
المائة والتاسع والسبعون: " اليد الباسطة ".
عدّه في الهداية من الألقاب الخاصة به.
يعني يد قدرة الله ونعمته التي بها يوسع رحمته ورأفته ولطفه على العباد، ويبسط رزقه عليهم، وبها يدفع البلاء عنهم.
روى الشيخ الصدوق في الأمالي عن عبد الله بن عباس، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم: " لما عرج بي الى السماء السابعة ومنها الى سدرة المنتهى، ومن السدرة الى حجب النور ناداني ربي جلّ جلاله:
يا محمد انت عبدي وأنا ربّك فلي فاخضع وإياي فاعبد وعليّ فتوكّل وبي فثق فاني قد رضيت بك عبداً وحبيباً ورسولا ونبياً، وبأخيك علي خليفة وباباً فهو حجتي على عبادي وامام لخلقي، به يُعرف أوليائي من أعدائي وبه يميز حزب الشيطان من حزبي وبه يقام ديني وتحفظ حدودي وتنفذ أحكامي، وبك وبه وبالأئمة من ولده أرحم عبادي وامائي، وبالقائم منكم أعمر أرضي بتسبيحي وتهليلي وتقديسي وتكبيري وتمجيدي، وبه اُطهّر الأرض من أعدائي وأورثها أوليائي، وبه أجعل كلمة الذين كفروا بي السفلى وكلمتي العليا، وبه احيي عبادي وبلادي بعلمي وله (به) اظهر الكنوز والذخائر بمشيتي، وإياه أظهر على الأسرار والضمائر بارادتي، وامدّه بملائكتي لتؤيده على إنفاذ أمري وإعلان ديني، ذلك وليّي حقاً ومهدي عبادي صدقاً "(1).
____________
1- الأمالي (الصدوق): ص 504 - 505.
المائة والثمانون: " اليمين ".
عدّه في الهداية من القابه، وهو مثل (اليد الباسطة).
المائة والواحد والثمانون: " وهوهل ".
روى الشيخ احمد بن محمد بن عياش في الجزء الثاني من (مقتضب الأثر) باسناده عن حاجب بن سليمان أبي موزج الصيدوى(1) قال: " لقيت ببيت المقدس عمران بن خاقان الوافد الى المنصور المنصوب على يهود الجزيرة وغيرها، اسلم على يد أبي جعفر المنصور ; وكان قد حج اليهود ببيانه وكانوا لا يستطيعون جحده لما في التورية من علامات رسول الله صلى الله عليه وآله والخلفاء من بعده ; فقال لي يوماً: يا أبا موزج إنّا نجد في التوراة ثلاثة عشر اسماً منها محمد صلى الله عليه وآله واثني عشر من بعده من أهل بيته ; هم أوصياؤه وخلفاؤه مذكورون في التورية ليس فيهم القائمون بعده ; من تيم ولا عدي ولا بني اُمية ; واني لأظن ما يقوله هذه الشيعة حقاً؟ قلت: فأخبرني به، قال لتعطيني عهد الله وميثاقه أن لا تخبر الشيعة بشيء من ذلك فيظهروه عليّ؟ قلت: وما تخاف من ذلك؟ والقوم(2) من بني هاشم قال: ليست أسماؤهم أسماء هؤلاء بل هم من ولد الأول منهم ; وهو محمد صلى الله عليه وآله ومن بقيته في الأرض(3)من بعده، فأعطيته ما أراد من المواثيق، وقال لي: حدث به بعدي ان تقدمتك والّا فلا، عليك أن لا تخبر به أحداً ; قال: نجدهم في التوراة شموعل شماعيسحوا(4)، وهي
____________
1- في الترجمة (حاجب بن سليمان بن صورح السدوي) وما في المتن كما في المصدر المطبوع.
2- في الترجمة زيادة (يعني بني العباس).
3- في الترجمة زيادة (يعني الصديقة الطاهرة عليها السلام).
4- في المصدر المطبوع: (عسحوا) بلا (ياء).
وقد وجدت النسخة هكذا، وصحتها وسقمها ليس على عهدتي، ولا يخفى ان المراد بالتوراة احياناً هو الكتاب السماوي المنزل على موسى عليه السلام وهو مشتمل على خمسة اسفار.
وتطلق احياناً على جميع الكتب السماوية النازلة من عهده الى قبل عيسى عليه السلام من الأنبياء حيث كانوا في تلك الأزمنة، ويقال لها ايضاً (العهد القديم).
المائة والثاني والثمانون: " يعسوب الدين ".
روى الشيخ الطوسي في (الغيبة) عن الامام الصادق عليه السلام أن أمير المؤمنين عليه السلام كان يقول: لا يزال الناس ينقصون حتى لا يقال (الله) فاذا كان ذلك ضرب يعسوب الدين بذنبه فيبعث الله قوماً من أطرافها(8) يجيئون قزعاً كقزع الخريف، والله انّي لأعرفهم وأعرف أسماءهم وقبائلهم واسم أميرهم، وهم قوم يحملهم الله كيف شاء من القبيلة الرجل والرجلين حتى بلغ تسعة فيتوافون من الآفاق ثلاثمائة وثلاثة
____________
1- في المصدر المطبوع: (وهي بير).
2- في المصدر المطبوع: (ختى ايثوا).
3- في المصدر المطبوع: (بما يذيثم عوشود).
4- في المصدر المطبوع: (قوم).
5- في المصدر المطبوع: (لامذبور).
6- في المصدر المطبوع: (وهومل).
7- مقتضب الأثر: ص 39 ـ 40.
8- في الترجمة زيادة (من أطراف الأرض).
وقد نقل السيد (رحمه الله تعالى) في كتابه الشريف (نهج البلاغة) الجزء الأول من هذا الخبر، وهذا نصّه: " فاذا كان ذلك ضرب يعسوب الدين بذنبه فيجتمعون اليه كما يجتمع قزع الخريف "(2).
قال السيد (رحمه الله تعالى): اليعسوب: السيد العظيم المالك لأمور الناس يومئذ، والقزع: قِطَعُ الغيم التي لا ماء فيها(3).
وقد نقل عن الجزري في النهاية والزمخشري وآخرين انهم شرحوا هذه الفقرة بأنّها كناية عن ظهور الامام المهدي صلوات الله عليه.
واليعسوب في الأصل أمير النحل، والذنب كناية عن أنصاره عليه السلام، وما ذكر في الترجمة يطابق التفسير الذي فسّره الزمخشري.
ولا يخفى انّ اكثر هذه الأسماء والألقاب والكنى التي ذكرت انّما هي من الذات المقدسة للباري تعالى، والأنبياء والأوصياء عليهم السلام، وإنَّ جعلَ اللهِ تعالى وخلفائه اسماً لأحد ليس هو كالجعل للأسماء المتعارف بين الخلائق حيث لم يراعوا معنى ذلك الاسم ولم يلاحظوا وجوده وعدم وجوده في ذلك الشخص، وكثيراً ما يُسمّى وضيعوا المنزلة والفطرة ومذمومو الخلقة والخصال بأسماء شريفة.
ولكن الله تعالى وأولياءه لا يضعون اسماً ما لم يصدق معنى ذلك الاسم على مسمّاه، وتُلاحَظ معان وصفات متعددة في اسم شريف واحد، ولذلك يمنح له ذلك الاسم، ولهذا السبب قد بيّنوا، في الأخبار المكررة في مقام جواب السائل علةَ الأسماء
____________
1- الغيبة (الطوسي): ص 284 ـ 285.
2- نهج البلاغة: ج 4، ص 57، محمد عبدة.
3- نهج البلاغة: ج 4، ص 57، محمد عبدة.
____________
1- الرواية ترجمها المؤلف رحمه الله تعالى مقطعة وأضاف اليها بعض الزيادات مثل هذه الكلمة، وقد وضعنا النص بين قوسين.
2- في الترجمة: (وأمير المؤمنين رئيس الأمة).
3- هذه الزيادة في الترجمة.
4- في الترجمة زيادة (يعني أبو أمير المؤمنين).
5- الرواية رواها الصدوق في العلل والعيون والمعاني، واليك الرواية الكاملة عن المعاني: ص 52:
" عليّ بن الحسن بن عليّ بن فضّال عن أبيه، قال: سألت الرضا أبا الحسن عليه السلام فقلت له: لِمَ كنّي النّبي صلى الله عليه وآله وسلّم بأبي القاسم فقال: لأنّه كان له ابن يقال له: (قاسم) فكنّي به. قال: فقلت له: ياابن رسول الله فهل تراني أهلا للزيادة؟ فقال: نعم، أما علمت أنّ رسول الله صلى الله عليه وآله قال: أنا وعلي أبوا هذه الأمة؟ قلت: بلى. قال: أما علمت أنّ عليّاً قاسم الجنّة والنار؟ قلت: بلى. قال: فقيل له: أبو القاسم لأنّه أبو قاسم الجنة والنار. فقلت له: وما معنى ذلك؟ فقال: إنّ شفقة النبي صلى الله عليه وآله وسلّم على امّته شفقة الآباء على الأولاد، وأفضل أمّته عليّ بن أبي طالب عليه السلام، ومن بعده شفقة عليّ عليه السلام عليهم كشفقته صلى الله
=>
ومن هنا يعلم انّ كثرة الأسماء والألقاب الالهية كاشفة عن كثرة الصفات والمقامات العالية، حيث يدل كلّ واحد منها على خلق وصفة وفضل ومقام، بل انّ بعضها تدل على جملة (مجموعة) منها.
ومنها يترقى الى تلك المقامات بمقدار ما يتحمله اللفظ ويوسعه الفهم، وقد ظهر ايضاً انّ ادراك أدنى مقام من مقامات الامام صاحب الزمان عليه السلام خارج عن قوة البشر.
____________
<=
عليه وآله وسلّم لأنّه وصيّه وخليفته والامام بعده، فقال: فلذلك قال صلى الله عليه وآله: أنا وعليّ أبوا هذه الأمة. وصعد النبي صلى الله عليه وآله وسلّم المنبر فقال: من ترك ديناً أو ضياعاً فعليَّ وإليَّ ومن ترك مالا فلورثته، فصار بذلك أولى بهم من آبائهم وأمّهاتهم، وصار أولى بهم منهم بأنفسهم، وكذلك أمير المؤمنين عليه السلام بعده جرى ذلك له مثل ما جرى لرسول الله صلى الله عليه وآله ".
1- لم نجد هذه الرواية بهذا المعنى، نعم هناك رواية رواها الصدوق في الأمالي والعيون والمعاني وننقلها عن المعاني: ص 51 ـ 52 باسناده عن معاوية بن عمار، عن الحسن بن عبد الله، عن آبائه، عن جدّه الحسن بن علي بن ابي طالب عليهم السلام، قال: جاء نفر من اليهود الى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم، فسأله أعلمهم، وكان فيما سأله، ان قال له: لأي شيء سمّيت محمداً، وأحمد، وأبا القاسم، وبشيراً، ونذيراً، وداعياً؟ فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلّم: " أمّا محمد فانّي محمود في الأرض، وأمّا أحمد فاني محمود في السماء، وامّا أبو القاسم فانّ الله عزّوجلّ يقسّم يوم القيامة قسمة النار فمن كفر بي من الأوّلين والآخرين ففي النار، ويقسّم قسمة الجنة فمن آمن بي وأقرّ بنبوّتي ففي الجنّة، وأمّا الداعي فانّي أدعو الناس الى دين ربّي عزّ وجلّ، وامّا النذير فانّي اُنذر بالنار من عصاني، وامّا البشير فانّي أبشّر بالجنة من أطاعني ".
الباب الثّالث
في شمّة من أوصاف وشمائل الامام المهدي
صلوات الله عليه وبعض خصائصه
الباب الثّالث
في شمّة من أوصاف وشمائل الامام المهدي صلوات الله عليه، وبعض خصائصه في نهاية الاختصار والايجاز، وهو في فصلين:
الفصل الأول
في شمائله عليه السلام
لا يخفى ان شمائله عليه السلام مذكورة في الاخبار المفرقة بعبارات مختلفة ومتقاربة من طرق الخاصة والعامة، وان ذكر جميع تلك الأخبار مع مصادرها يسبب الأطناب، ولذا نكتفي بذكر محل الحاجة من نصّ أيّ منهما (مع ترجمته)، وترجيح بعضها على البعض الآخر وفي صورة الاختلاف وعدم امكان الجمع خارج عن موضوع الكتاب.
روى الشيخ الصدوق في كمال الدين عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم قال:
وفي رواية قال: وشمائله شمائلي(2)، وروى الخراز في كفاية الأثر عنه صلى الله عليه وآله وسلّم قال: " بأبي وأمّي سميي وشبيهي وشبيه موسى بن عمران "(3).
وفي غيبة (الفضل بن شاذان) مروي بسند معتبر(4) عنه صلى الله عليه وآله وسلّم انّه قال: "... وجعل من صلب الحسين ائمة يقومون بأمري ويحفظون وصيّتي، التاسع منهم قائم أهل بيتي، ومهدي امّتي، أشبه الناس بي في شمائله، وأقواله، وأفعاله.."(5).
وفي غيبة النعماني مروي عن كعب الأحبار انّه قال: "... انّ القائم المهدي من نسل عليّ أشبه الناس بعيسى بن مريم خَلْقاً وخُلُقاً وسَمْتاً وهيبة... الخ "(6).
وروى العامة انّه عليه السلام أشبه الناس خلقاً بعيسى(7).
وفي العلوي(8) في شمائله عليه السلام: " أبيض مشرب حمرة "(9).
وفي الصادقي(10): " اسمر يعتوره مع سمرته صفرة من سهر الليل "(11).
____________
1- كمال الدين (الصدوق): ج 1، ص 286، ح 1.
2- كمال الدين (الصدوق): ج 2، ص 411، ح 6.
3- عنه في بحار الأنوار: ج 51، ص 109.
4- السند هو (الفضل بن شاذان عن الحسن بن سالم عن ابيه عن ابي حمزة الثمالي عن سعيد بن جبير عن عبد الله بن عباس عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم).
5- نقلناها من (اربعين الخاتون آبادي): ص 108.
6- الغيبة (النعماني): ص 146.
7- منها الرواية المتقدّمة عن كعب الأحبار. وقد عقد السيد محمد تقي الاصفهاني رحمه الله في كتابه (مكيال المكارم): ج 1، ص 221 باباً لشباهته بعيسى عليه السلام ـ الى ص 226.
8- أي المروي عن عليّ عليه السلام، وهكذا بالنسبة الى الصادقي وهو الحديث المروي عن الامام الصادق عليه السلام، وهكذا بالنسبة الى الباقري فهو الحديث المروي عن الامام الباقر عليه السلام وهكذا بالنسبة الى الرضوي فهو الحديث المروي عن الامام الرضا عليه السلام.
9- بحار الأنوار: ج 51، ص 35 ـ وفي كمال الدين: ج 2، ص 453 وفيه (ابيض اللون).
10- وهو الحديث المروي عن الامام الصادق عليه السلام.
11- فلاح السائل (السيد ابن طاووس): ص 200 وفيه: (اسمر اللون يعتوره... الخ) ـ وعنه البحار: ج 86، ص 81.
وفي العلوي: " شاب مربوع "(2).
وفي النبوي: " اجلى الجبينين "(3).
وفي الصادقي: " مقرون الحاجبين(4) أقنى الأنف "(5).
وفي العلوي: " حسن الوجه، ونور وجهه يعلو سواد لحيته ورأسه "(6).
وفي النبوي: " وجهه كالدينار(7) على خدّه الأيمن خال كأنّه كوكب درّي "(8).
وفي العلوي: " افلج الثنايا(9) حسن الشعر يسيل شعره على منكبيه "(10).
وفي خبر سعد بن عبد الله: "... وعلى رأسه فرق بين وفرتين كأنّه الف بين
____________
1- رواه في كشف الغمة: ج 2، ص 469، عن الحافظ أبي نعيم.
2- الغيبة (الطوسي): ص 281، ح 487.
3- هكذا في المتن، ولكن في مجموعة من النصوص عن النبي الأكرم صلى الله عليه وآله وسلّم (اجلى الجبين) منها ; عقدد الدرر: ص 38 ـ الغيبة للنعماني: ص 215.
4- نور الأبصار (المازندراني): ص 374 ـ فلاح السائل: ص 200 ـ عنه بحار الأنوار: ج 86، ص 81.
5- نور الأبصار (المازندراني): ص 374.
6- الغيبة (الطوسي): ص 281 (حسن الوجه، حسن الشعر يسيل شعره على منكبيه ونور وجهه.. الخ) عن الامام الباقر عليه السلام عن امير المؤمنين عليه السلام.
7- الغيبة (النعماني): ص 247، ح 1 ـ وعنه في البحار: ج 51، ص 77.
8- الغيبة للنعماني: ص 215.
9- كمال الدين (الصدوق): ج 2، ص 457 (وعلى فخذه غلام يناسب المشتري في الخلقة والمنظر، على رأسه... الخ).
10- الغيبة (النعماني): ص 215، باسناده عن حمران عن أبي جعفر عليه السلام فقال: (.. ذاك المشرب حمرة، الغائر العينين، المشرف الحاجبين، العريض ما بين المنكبين، برأسه حزاز، وبوجهه أثر...).
وفي الباقري: " مشرف الحاجبين غائر العينين بوجهه أثر "(2).
وفي الصادقي: " شامة في رأسه "(3).
وفي العلوي: " مبدح البطن "(4).
وفي العلوي: " ضخيم البطن "(5).
وفي الصادقي: " منتدح البطن "(6).
ومعنى هذه الفقرات متقاربة.
وفي الباقري: " واسع الصدر مترسل المنكبين(7) عريض ما بينهما "(8).
وفي خبر آخر: " العريض ما بين المنكبين "(9).
____________
1- نور الأبصار (المازندراني): ص 374 ـ البحار: ج 52، ص 80 ـ كمال الدين (الصدوق): ج 2، ص 457.
2- نور الأبصار (المازندراني): ص 374 ـ الزام الناصب: ج 1، ص 475.
3- نور الأبصار (المازندراني): ص 374.
4- الغيبة (النعماني): ص 229، وفيه (المبدح بطنه) ـ وفي كمال الدين: ج 2، ص 653 (مبدح البطن).
5- البحار: ج 51، ص 131 وفيه (ضخم البطن) ـ الغيبة للنعماني: ص 215 ـ وفي الزام الناصب: ج 1، ص 475 كما ذكره المؤلف رحمه الله.
6- لعلّه نسخة بدل، والا ففي جميع المصادر (المبدح) ـ وفي الزام الناصب: ج 1، ص 475 كما ذكره المؤلف رحمه الله ـ وفي البحار: ج 86، ص 81 عن فلاح السائل للسيد بن طاووس (بابي المنتدح) ـ ولكن في (فلاح السائل) المطبوع (المنبدح، خ، ل المتفدح).
7- نور الأبصار (المازندراني): ص 374 ـ البحار: ج 52، ص 319 عن البصائر للصفار عن الصادق.
8- منتهى الآمال (القمي): ج 2، ص 481 ـ البحار: ج 52، ص 319 عن البصائر للصفار عن الصادق.
9- الغيبة (النعماني): ص 215، ح 3 عن الامام الباقر عليه السلام.
وفي العلوي: " عظيم مشاش المنكبين بظهره شامتان شامة على لون جلده، وشامة على شبه شامة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) "(2).
وفي العلوي الآخر: " كث اللحية أكحل العينين براق الثنايا في وجهه خال في كتفه علائم نبوة النبي صلى الله عليه وآله وسلّم "(3).
أي في كتفه علائم نبوة النبي صلى الله عليه وآله وسلّم المعروفة بخاتم النبوّة، وفي لونه وشكله ونقشه اختلاف كثير.
" عريض الفخذين "(4).
وفي العلوي الآخر: " اذيل الفخذين في الفخذة اليمنى شامة "(5).
____________
1- الزام الناصب (الحائري اليزدي): ج 1، ص 475 ـ رواه السيد بن طاووس في (فلاح السائل): ص 200 ـ ورواه عنه المجلسي في (البحار): ج 86، ص 81.
2- كمال الدين: ج 2، ص 653.
3- في (المهدي الموعود المنتظر): ج 1، ص 269، للشيخ نجم الدين العسكري (رحمه الله تعالى) ـ وفي البيان في اخبار صاحب الزمان (الگنجي الشافعي): ص 516، وفيه زيادة بعد:
(... في وجهه خال، أقنى، أجلى، في كتفه علامة النبي صلى الله عليه وآله وسلّم... الخ)، المطبوع مع كفاية الطالب.
وفي (عقد الدرر): ص 37 كذلك، وفي نسخة بدل (علامة) (في كتفه علائم نبوة النبي صلى الله عليه وآله وسلّم) فتوافق هذه النسخة نسخة المؤلف رحمه الله.
4- كمال الدين: ج 2، ص 653 ـ اعلام الورى (الطبرسي): ص 465.
5- الغيبة (النعماني): ص 215 ـ وفيه (ازيل) بالزاي بدل (اذيل) بالذال المعجمة، وفيه ايضاً (بفخذه) بدل (في فخذه)، ورواه عنه المجلسي (ره) في البحار: ج 51، ص 40 وفيه (ازيل) كما في المصدر، و(لفخذه) باللام.
وقال المجلسي رحمه الله تعالى (ازيل الفخذين: من المزيّل كناية عن كونهما عريضتين... وفي بعض النسخ بالباء الموحدة من الزبول، فينافي ما سبق ظاهراً، وفي بعضها أربل بالراء المهملة والباء الموحدة من قولهم رجل ربل كثير اللحم وهذا أظهر...).