وفي الصادقي: " احمش الساقين "(2).
وفي البطن والساق كجدّه أمير المؤمنين عليه السلام.
وفي الصادقي أو الباقري: " شامة بين كتفيه من جانبه الأيسر تحت كتفيه ورقة مثل ورقة الآس "(3).
وفي النبوي: " اسنانه كالمنشار وسيفه كحريق النار "(4).
واسنانه كالمنشار في الحدّة أو في انفراج بعضها عن البعض الآخر.
وفي النبوي الآخر: " كأن وجهه كوكب دري في خدّه الأيمن خال أسود(5)افرق الثنايا "(6).
وفي النبوي الآخر: " المهدي طاووس أهل الجنة وجهه كالقمر الدرّي عليه جلابيب النور "(7).
____________
1- قال المؤلف رحمه الله: (يعني فخذه كثير اللحم كناية عن عرضها).
2- نور الأبصار (المازندراني): ص374 ـ فلاح السائل: ص200 ـ وعنه البحار: ج86، ص81.
3- الغيبة (النعماني): ص 216، ح 5 باسناده عن محمد بن عصام، قال: " حدّثني وهيب بن حفص عن أبي بصير قال: قال أبو جعفر عليه السلام أو أبو عبد الله عليه السلام ; الشك من ابن عصام: يا أبا محمد! بالقائم علامتان: شامة في رأسه ودعاء الخراز برأسه، وشامة بين كتفيه... الخ ".
4- الغيبة (النعماني): ص 247.
5- عقد الدرر (يوسف بن يحيى الشافعي): ص 36 ـ وفي البيان (الكنجي): ص 514 ـ كشف الغمة: ج 2، ص 470.
6- عقدد الدرر (يوسف ين يحيى الشافعي: ص 34 ـ وفي البيان (الگنجي): ص 515 ـ كشف الغمة: ج 2، ص 470.
7- كشف الغمة: ج 2، ص 481 ـ نور الأبصار (الشبلنجي): ص 187 وغيرها كثير وفي جميعها المقطع الأول، نعم في يوم الخلاص: ص 66 (المهدي طاووس أهل الجنة عليه جلابيب النور) ـ وفي (منتهى الآمال) للشيخ عباس القمي: ج 2، ص 481 عني ما ذكره المؤلف رحمه الله.
وهكذا في نور الأبصار (المازندراني): ص 374.
وحاصل مضمونه على بعض الاحتمالات: انّ عليه (عليه السلام) ثياب قدسية وخلع نورانية ربانية متلألئة بشعاع أنوار فيض وفضل الحضرة الأحدية جلت عظمته.
وفي خبر علي بن ابراهيم بن مهزيار برواية الشيخ: " كأقحوانة ارجوان قد تكاتف عليها الندى، وأصابها ألم الهوى "(2).
واحتمل المجلسي ان يكون في اصل النسخة اقحوانة وارجوان، أو يكون الثاني بدل الأول فجمعهما النسّاخ(3)، وفي اللطافة واللون مثل ورد البابونج والأرجوان الذي تكاثف عليه الندى وقد كسر الهواء شدة حمرته.
ولعله كان لبيان حنطية لونه عليه السلام فانّ بياض وحمرة ذلكما النوعين من الورود مخلوطة بالسمرة(4).
" كغصن بان، أو كقضيب ريحان، ليس بالطويل الشامخ، ولا بالقصير اللازق، بل مربوع القامة مدور الهامة، صلت الجبين، ازج الحاجبين، أقنى الأنف، سهل الخدين، على خدّه الأيمن خال كأنّه فتات مسك على رضراضة عنبر "(5).
وفي الخبر المذكور برواية الصدوق (رحمه الله تعالى): " رأيت وجهه مثل فلقة قمر لا بالخرق ولا بالنزق... أدعج العينين "(6).
____________
1- الغيبة (النعماني): ص 180 ـ 181 وفيه (تتوقد من شعاع ضياء... الخ).
2- الغيبة (الطوسي): ص 260.
3- قال المؤلف رحمه الله في الحاشية: أو اقحوانة وهو ما كان ابيضاً.
4- راجع البحار: ج 52، ص 12.
5- الغيبة (الطوسي): ص 160 - 161، وقد اختصر المؤلف الشيخ النوري (رحمه الله تعالى) بعض فقراته.
6- كمال الدين (الصدوق): ج 2، ص 468.
وفي لفظ (شثن الكفين) كلام سوف يأتي في الباب السابع في ذيل الحكاية السابعة.
وفي خبر ابراهيم بن مهزيار: " ناصع اللون، واضح الجبين، ابلج الحاجب، مسنون الخد(3)، اشمّ "(4).
أشمّ: الشمم ارتفاع في قصبة الأنف مع استواء أعلاه، وهو لا يجتمع مع كونه (أقنى الأنف) كما تقدّم الّا انّه هكذا ظهر في نظره وفي الواقع انّه كان فيه احديداب.
كما في شمائل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم حيث (يحسبه من لم يتأمّله أشمّ)، وذلك لقلّة الانحداب فلا يحس به بلا تأمّل.
(اروع) يعجب مَنْ رآه من الحُسن والجمال والنور والبهاء.
" كأن صفحة غرته كوكب درّي بخدّه الأيمن خال كأنّه فتات مسك على بياض الفضة واذا برأسه وفرة(5) سحماء(6) سبطة(7) تطالع شحمة أذنه، له سمت(8) ما رأت العيون اقصد منه "(9).
____________
1- في المصدر: (واضح الجبين).
2- كمال الدين: ج 2، ص 437.
3- في المصدر: (مسنون الخدين) ـ و في تبصرة الولي: (مسنون الخد)، وفيه زيادة (اقنى الأنف).
4- كمال الدين (الصدوق): ج 2، ص 446.
5- الوفرة: الشعرة الى شحمة الأذن.
6- السحماء: السوداء.
7- وشعر سبط، بكسر الباء وفتحها أي مترسل غير جعد.
8- السمت: هيئة أهل الخير.
9- كمال الدين (الصدوق): ج 2، ص 446 ـ وعنه بحار الأنوار: ج 52، ص 34 ـ ومعاني الألفاظ المتقدمة من البحار: ج 52، ص 38.
ونكتفي في هذا المقام بهذا المقدار.
الفصل الثاني
في ذكر جملة من خصائصه عليه السلام بالنسبة الى جميع الأنبياء والأوصياء الماضين صلوات الله عليهم، أو بالنسبة الى تلك السلسلة العلية الاّ بعض أجداده الطاهرين عليهم السلام.
ولو أن تفصيل ذلك خارج عن قوّة أمثالنا لأنّ من أخبر عنه الله تعالى جميع الأنبياء من آدم الى الخاتم (صلى الله عليه وآله وسلم) وبشرهم به وانّه سيظهر هذا الرجل العظيم المخزون في خزانة قدرته في آخر الدهر بعدما يتم جميع الأنبياء والأوصياء تبليغهم وهديهم ويغلب الكفر والشقاق وجنود الشياطين في كل عصر ولا يهتدي الّا قليل في بعض البلاد.
وقد هيأ له أسباب السلطنة والرئاسة فيفتح جميع العالم ويهتدي به، ولا تبقى قرية ولا قصبةٌ الّا ويعلوها نداء لا اله الّا الله(1)[ وفي عصره ] تظهر نتيجة جهود جميع حجج الله تعالى.
وبالطبع فانّه لابد لمثل هذه الرئاسة الكبرى من التمهيد وتهيئة الأسباب
____________
1- أقول: روى يوسف بن يحيى الشافعي في عقد الدرر: ص 31 و32 باسناده عن حذيفة عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم انّه قال:
" لو لم يبق من الدنيا الّا يوم واحد، لبعث الله فيه رجلا اسمه اسمي، وخلقه خلقي، يكنّى أبا عبد الله، يبايع له الناس بين الركن والمقام، يَرُدُّ الله به الدين، ويفتح له فتوح، فلا يبقى على وجه الأرض الّا من يقول لا اله الّا الله... الحديث ".
وعليه فجميع تلك المقدمات تكون من خصائصه، ولا يعلم عددها ولا كيفيتها ولا قدرها ولا منزلتها احد الّا الله عزّ وجلّ، ولا يوجد طريق الى إدراكها واحصائها.
وفي دعاء الندبة: " بنفسي أنت من عقيد عزّ لا يسامى ".
والمروي في غيبة النعماني عن كعب الأحبار انّه قال: " يعطيه الله جلّ وعزّ ما أعطى الأنبياء، ويزيده ويفضّله "(1).
ولكنّا نقول ـ لمحض التبرّك ـ مزينين هذه الأوراق بذكر بعض ما وصل عن أهل العصمة عليهم السلام بما يظهر فيه انّه مختص به عليه السلام:
الأول:
امتياز نور ظله وشبحه عليه السلام في عالم الأظلة بين أنوار الأئمة عليهم السلام وانّه كان متميّزاً عن أنوار الأنبياء والمرسلين والملائكة المقرّبين كما تقدّم في اللقب (المائة والخمسون) و (المائة والثامن والستون).
وفي (الغيبة) للشيخ الجليل الفضل بن شاذان مروي بسندين(2) عن عبد الله بن عباس:
قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: " لما عرج بي الى السماء بلغت سدرة المنتهى، ناداني ربي جلّ جلاله، فقال: يا محمد: فقلت: لبيك لبيك يا رب.
____________
1- الغيبة (النعماني): ص 146 - 147.
2- هكذا في الترجمة، ولكن في المصدر (كفاية المهتدي) / المخطوط: ص 62، السند واحد وهو: قال الشيخ الصدوق الجليل الفضل بن شاذان بن الخليل قدس الله روحه، قال: حدّثنا عبد الرحمن بن ابي نجران قال: حدّثنا عاصم بن حميد، قال: حدّثنا ابي حمزة الثمالي، قال: حدّثنا سعيد بن جبير، قال: حدّثنا عبد الله بن عباس، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله.
يا محمد! ارفع رأسك.
فرفعت رأسي فاذا بأنوار علي والحسن والحسين وتسعة أولاد الحسين، والحجة وسطهم يتلألأ كأنّه كوكب درّي.
فقال الله تعالى: يا محمد! هؤلاء خلفائي وحججي في الأرض، وخلفاؤك وأوصياؤك من بعدك، فطوبى لمن أحبّهم، والويل لمن أبغضهم "(2).
وروى الشيخ الجليل أبو الحسين بن محمد بن احمد بن شاذان في (ايضاح دفائن النواصب) وأحمد بن محمد بن عياش في (مقتضب الأثر) عن أبي سليمان راعي رسول الله صلى الله عليه وآله قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم يقول: ليلة أسري بي الى السماء قال العزيز جلّ ثناؤه: " آمن الرسول بما أنزل اليه من ربّه ". قلت: والمؤمنون ; قال: صدقت يا محمد، من خلفت لأمتك؟ قلت: خيرها، قال: عليّ بن أبي طالب؟ قلت: نعم(3).
____________
1- في النسخة المخطوطة للمصدر زيادة (الرضا) وهي واضحة زيادة من النساخ.
2- النسخة المخطوطة لكفاية المهتدي: ص 63 وقد ذكرت أوصافها في المصادر والمراجع للترجمة. ويبدو واضحاً انّ العلامة النوري رحمه الله قد نقل الترجمة من ترجمة المصدر (كفاية المهتدي) ولذلك لم نعتنِ باختلاف بعض الكلمات فانّ مؤلف كتاب (كفاية المهتدي) بعد أن نقل الرواية بالنصّ العربي ترجمها بما نقله العلامة النوري رحمه الله فالاختلاف ناشئ ليس من تعدد الرواية وانّما من الترجمة نفسها فيكون من الطبيعي عدم الاعتناء بالاختلاف.
3- في الترجمة زيادة (يا ربي).
الى أن يقول: يا محمد! تحب أن تراهم؟ قلت: نعم، ياربّ.
فقال لي: التفت عن يمين العرش، واذا بعلي وفاطمة(2) والحسن والحسين وعلي بن الحسين ومحمد بن علي وجعفر بن محمد وموسى بن جعفر وعليّ بن موسى ومحمد بن عليّ وعليّ بن محمد والحسن بن عليّ والمهدي في ضحضاح من نور قياماً يصلّون وهو في وسطهم ـ يعني المهدي ـ كأنّه كوكب درّي(3).
وليس خفيّاً انّ اختلاف مضامين اخبار المعراج ليس بسبب اختلاف مضمون الخبر الواحد، وليس بسبب تعدد الراوي، وحفظ بعضهم، ونسيان الآخر، واسقاط الثالث، وغير ذلك من أسباب الاختلاف... بل هو محمول على تعدد المعراج، وقد أكّد في جميعها على الولاية، كما هو مروي في خصال الصدوق: " عرج بالنبي صلى الله عليه وآله مائة وعشرين مرّة، وما من مرّة الّا وقد أوصى الله عزّ وجلّ فيها النبي صلى الله عليه وآله بالولاية لعلي والأئمة عليهم السلام اكثر ممّا أوصاه بالفرائض "(4).
وروي ايضاً في (مقتضب الأثر) عن الامام الباقر عليه السلام في ذكر الأئمة عليهم السلام في ليلة المعراج ورؤية أنوارهم.. الى أن يقول رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم: "...(5) فاذا علي... " وعدّهم الى (الحسن بن علي) عليهم السلام: " والحجة القائم كأنّه كوكب درّي في وسطهم، فقلت: يا ربّ مَنْ هؤلاء؟
____________
1- في الترجمة زيادة (والأئمة من ذريته).
2- في الترجمة قال: (وعدّهم الى الحسن بن عليّ والمهدي في ضحضاح...) ونقلنا ما في المصدر.
3- مقتضب الأثر: ص 11 ـ وعنه في البحار: ج 36، ص 216.
4- الخصال (الصدوق): ص 600 ـ 601.
5- في الرواية: " فتقدّمت امامي فاذا عليّ بن أبي طالب، والحسن، والحسين، وعلي بن الحسين، ومحمد بن علي، وجعفر بن محمد، وموسى بن جعفر، وعلي بن موسى، ومحمد بن علي، وعلي بن محمد، والحسن بن علي... الخ ".
الثاني:
شرف النسب ; فانّ له عليه السلام شرف نسب جميع آبائه الطاهرين عليهم السلام وإن شرف نسبهم أشرف الأنساب.
واختص عليه السلام باتّصال نسبه من جهة الأم الى قياصرة الروم وينتهي الى (شمعون الصفا) وصي عيسى عليه السلام، فتدخل في ذلك مجموعة كثيرة من الأنبياء والأوصياء عليهم السلام الذي يتّصل بهم شمعون.
الثالث:
حَمله عليه السلام يوم ولادته الى سرادق العرش وقد خاطبه الله تبارك وتعالى: مرحباً بك عبدي لنصرة ديني واظهار امري ومهديّ عبادي، آليت انّي بك آخذ وبك اعطي، وبك اغفر، وبك اعذّب(2)... إلى آخر ما تقدّم في الباب الاول.
الرابع:
(بيت الحمد) ; كما روى النعماني والمسعودي وغيرهما عن الامام الباقر عليه السلام: " انّ لصاحب هذا الامر بيتاً يقال له (بيت الحمد) فيه سراج يزهر منذ يوم ولد إلى يوم يقوم بالسيف لا يطفيء "(3).
الخامس:
جمعه لكنية رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم واسمه المبارك. وروي في المناقب ما معناه أنه قال: دعوا اسمي ولا تدعوا كنيتي(4).
____________
1- مقتضب الأثر: ص 23 - 24 ـ وعنه في البحار: ج 36، ص 323.
2- بحار الانوار: ج 51، ص 27، عن الهداية.
3- الغيبة (النعماني): ص 239، ح 31، باب 13، وفيه (يظهر) بدل (يزهر) ـ الغيبة (الطوسي): ص 280 وليس فيه (لا يطفيء) ـ اثبات الوصية (المسعودي): ص 226 كما في غيبة الطوسي ـ اعلام الورى: ص 431 ـ اثبات الهداة (الحر العاملي): ج 3، ص 515، ح 362.
4- ترجمنا النص لعدم وجود المناقب القديمة. وقد ورد في مجموعة نصوص النهي عن الجمع بين كنية النبي صلى الله عليه وآله وسلّم واسمه الّا للمهدي عجل الله تعالى فرجه.
منها: عن الجعفريات باسناده عن علي بن أبي طالب عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم: انّي لا احلّ لأحد أن يتسمّى باسمي، ولا يتكنّى بكنيتي الّا مولود لعليّ... ".
ومنها: وفي الدعائم عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم أنه نهى عن أربع كنى... وابي القاسم إذا كان الاسم محمداً نهى عن ذلك سائر الناس ورخص لعلي عليه السلام وقال:
" المهدي من ولدي، يضاهي اسمه اسمي، وكنيته كنيتي "، ج 2، ص 188، ط 2، دار المعارف بمصر.
وفي الكافي عن الصادق عليه السلام: أن النبي صلى الله عليه وآله وسلّم نهى عن اربع كنى... وعن ابي القاسم إذا كان الاسم محمداً. ج 6، ص 21.
وعلى فرض عدم ثبوت نصوص التخصيص لما قد يقال في الاولى انها وردت في غير المهدي، وقد يشم منها رائحة الوضع من الكيسانية ـ والله اعلم ـ ومن الثانية أن المقطع الثاني رواية ثانية بقوله (وقال: المهدي... الخ) وتحمل رواية (ورخص لعلي) على الاولى.
فانّه يقال: أن النهي العام ثابت لموثقة السكوني التي رواها الكليني في الكافي كما تقدّم ورواها الصدوق في الخصال، ص 250، والتخصيص المنفصل ثابت بالخبر المتواتر عند جميع المسلمين (اسمه اسمي وكنيته كنيتي).
السادس:
حرمة التصريح باسمه عليه السلام، كما تقدّم.
السابع:
انّ به ختم وصاية الحجة على وجه الأرض عليه السلام.
الثامن:
الغيبة من حين ولادته واستيداعه روح القدس وتربيته في عالم النور وفضاء القدس بحيث لم يتلوث أي جزء من اجزائه بلوث الرجس والنجس ومعاصي بني آدم والشياطين.
والاستئناس بالملأ الاعلى ومجالسة الارواح القدسية.
التاسع:
عدم معاشرته ومصاحبته الكفار والمنافقين والفساق أو مجاملتهم للخوف والتقية، وتجنبهم وعدم مساكنتهم في منازلهم، كما كان عليه جميع الحجج
وقد حفظ الله تعالى حجته العزيز هذا من جميع ذلك من يوم ولادته وحتى الآن فلم تصل إلى اذياله يد ظالم، ولم يرافق كافراً أو منافقاً، وقد اجتنب عن مساكنهم، ولم يرفع يده من حق خوفاً أو مداراةً ومهادنةً.
كان أنيسه ومواليه وخدمه الخاصة دائماً من أمثال الخضر.
وبالجملة: لم يستقر من غبار عمل وسلوك الاغيار على مرآة وجوده الحق شيء، ولم تغرز شوكة من شوك الاجانب اذيال جلاله وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء.
العاشر:
ليس لأحد من الجبارين في عنقه بيعة كما هو المروي في (اعلام الورى) عن الامام الحسن عليه السلام أنه قال: "... ما منّا أحدٌ الّا ويقع في عنقه بيعة لطاغية زمانة الّا القائم الذي يصلّي روح الله عيسى بن مريم خلفه... "(1).
والمروي في (كمال الدين) عن الامام الصادق عليه السلام أنه قال: " صاحب هذا الامر تغيب ولادته عن هذا الخلق كيلا يكون لأحد في عنقه بيعة إذا خرج، ويصلح الله عزوجل أمره في ليلة [ واحدة ] "(2).
وروي ايضاً عن الحسن بن فضال عن الامام الرضا عليه السلام أنه قال: " كأنّي
____________
1- اعلام الورى (الطبرسي): ص 427، وتكملة الخبر بما يناسب المقام: " فان الله عزوجل يخفي ولادته، ويغيب شخصه لئلاّ يكون لأحد في عنقه بيعة إذا خرج... ".
2- كمال الدين (الصدوق): ج 2، ص 480، ح 5.
قلت له: ولِمَ ذاك يا ابن رسول الله؟
قال: لأنّ امامهم يغيب عنهم.
فقلت له: ولِمَ؟
قال: لئلاّ يكون لأحد في عنقه بيعة إذا قام بالسيف "(2).
الحادي عشر:
له علامة في ظهره كالعلامة التي في ظهر النبي صلى الله عليه وآله وسلّم المبارك التي تسمّى بـ (ختم النبوة) كما تقدّم، ولعلّ الذي فيه اشارة إلى كونه (ختم الوصاية).
الثاني عشر:
خصّه الله عزوجل في الكتب السماوية وأخبار المعراج بذكره عليه السلام باللقب من سائر الاوصياء عليهم السلام، بل بألقاب متعددة ولم يذكر اسمه، كما تقدّم في اماكن متعددة.
الثالث عشر:
ظهور الآيات الغريبة والبيّنات السماوية والارضية لظهوره السعيد عليه السلام ولم تظهر لولادة وظهور أي حجة غيره، بل روي في الكافي عن الامام الصادق عليه السلام أن الآيات التي في الآية الشريفة: { سنريهم آياتنا في الآفاق وفي انفسهم حتى يتبيّن لهم انّه الحق }(3) فسرها بالآيات التي قبل ظهوره عليه السلام، وفسّر تبيّن الحق بخروج القائم عليه السلام، وقال: " وهو الحق من الله عزوجل يراه هذا الخلق لابدّ منه "(4).
____________
1- وفي بعض النسخ (الثالث).
2- كمال الدين (الصدوق): ج 2، ص 480، ح 4.
3- الآية 53 من سورة حم السجدة.
4- ليست الرواية في الكافي المطبوع وانما في غيبة النعماني.
ففي الكافي (الروضة): ج8، ص166: "... عن ابي عبد الله عليه السلام في قول الله عزوجل: " سنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم حتى يتبيّن لهم انّه الحق " قال: خسف ومسخ وقذف.
قال: قلت: حتى يبيّن لهم؟
قال: دع ذا، ذاك قيام القائم ".
وفي الغيبة (النعماني): ص 269، الباب 14، ح 40 عن أبي بصير قال: سئل أبو جعفر الباقر عليه السلام عن تفسير قول الله عزوجل: " سنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم حتى يتبيّن لهم انّه الحق " فقال: يريهم في انفسهم المسخ، ويريهم في الآفاق انتقاص الآفاق عليهم، فيرون قدرة الله في أنفسهم وفي الآفاق.
وقوله: " حتى يتبيّن لهم انّه الحق " يعني بذلك خروج القائم هو الحق من الله عزوجل يراه هذا الخلق لابدّ منه ".
وفي المحجة فيما نزل في القائم الحجة: ص 188، (وهو) بزيادة الواو.
وبرواية النعماني عن أمير المؤمنين (عليه السلام): " وتلك دموع حملة العرش على أهل الأرض "(1).
الرابع عشر:
النداء السماوي باسمه حين الظهور كما رواه علي بن ابراهيم في تفسير الآية الشريفة: { واستمع يوم يناد المناد من مكان قريب }(2) عن الامام الصادق عليه السلام ينادي المنادي باسم القائم عليه السلام واسم أبيه عليه السلام، قوله: { يوم يسمعون الصيحة بالحق ذلك يوم الخروج }(3) قال: صيحة القائم "(4).
____________
1- الغيبة (النعماني): ص 147.
2- الآية 41 ـ 42 من سورة (ق).
3- الآية 41 ـ 42 من سورة (ق).
4- تفسير القمي: ج 2، ص 327، وفيه (صيحة القائم من السماء... الخ).
وروي هناك ايضاً عن زرارة عن الامام الصادق عليه السلام انّه قال: " ينادي مناد باسم القائم عليه السلام.
قلت: خاصٌّ أو عامٌّ؟
قال: عام، يسمع كلّ قوم بلسانهم "(2).
والمروي في غيبة النعماني عن أمير المؤمنين عليه السلام: "... فينادي مناد من السماء: ايّها الناس! انّ اميركم (فلان) وذلك هو المهدي الذي يملأ الأرض قسطاً وعدلا كما مُلئت ظلماً وجوراً "(3).
والمروي في تفسير العياشي عن الامام الباقر عليه السلام في حديث طويل أنه قال لجابر بعد أن ذكر بعضاً من تلك العلائم: "... فإنْ أشكل عليكم هذا فلا يشكل عليكم الصوت من السماء باسمه وأمره "(4).
والمروي في غيبة النعماني عنه عليه السلام في خبر أنه قال:
"... ينادي مناد من السماء باسم القائم عليه السلام فيسمعه مَنْ بالمشرق ومن
____________
1- كمال الدين (الصدوق): ج 2، ص 650، ح 4.
2- كمال الدين (الصدوق): ج 2، ص 650، ح 8.
3- لم نجد الرواية في غيبة النعماني. وانما هي في غيبة الشيخ الطوسي (رحمه الله): ص 278، ح 479، وفي ص 463 من الطبعة المحققة، والسند عن (عمار بن ياسر انّه قال... الخ) ـ ورواها عنه في البحار: ج 52، ص 207، ح 45 ـ وفي الملاحم والفتن عن عمار ايضاً (ينادي مناد من السماء اميركم فلان وذلك المهدي الذي يملأ الأرض حقاً وعدلا): ص 61، ط 5 سنة 1398 هـ (ب 120) ـ وفي غيبة النعماني، وكمال الدين، وغيبة الطوسي وغيرها روايات كثيرة في الصيحة والنداء ولكنّها بألفاظ اُخرى غير ما هو مذكور هنا فلم نذكرها.
4- تفسير العياشي: ج 1، ص 65 ـ ورواه عنه المجلسي (رحمه الله) في البحار: ج 52، ص 223 و224.
وقال:(2) " هو صوت جبرئيل.... في شهر رمضان في ليلة جمعة ليلة ثلاث وعشرين... "(3).
والأخبار في هذا المضمون كثيرة بل انها متجاوزة حدّ التواتر.
وعدت في جملة منها انّها من الحتميات، وسوف يأتي في ذيل الحكاية السابعة والثلاثين قصة المدينة العجيبة التي في مفازة الاندلس والتي بنيت قبل الاسكندر وقد عثر عليها في عهد عبد الملك، وقد كتب على سورها ابيات من جملتها:
حتى يقوم بأمر الله قائمهم | من السماء إذا ما باسمه نودي |
فسأل عبد الملك الزهري عن أمر هذا النداء والمنادي فقال: اخبرني علي بن الحسين عليهما السلام أن هذا المهدي من ولد فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم.
فقال: كذبتما... الخ(4).
وروى الشيخ الطوسي في غيبته عن سيف بن عميرة أنه قال: كنت عند أبي جعفر المنصور، فسمعته يقول ابتداءاً من نفسه: يا سيف بن عميرة لابدّ من مناد ينادي باسم رجل من ولد أبي طالب من السماء.
____________
1- الغيبة (النعماني): ص 254، باب 14، ح 13.
2- في المطبوع من غيبة النعماني زيادة ويظهر انّ نسخة المؤلف (رحمه الله) كانت ناقصة، والزيادة هي (فرحم الله من اعتبر بذلك الصوت فأجاب، فان الصوت الاول هو صوت جبرئيل الروح الامين عليه السلام.
ثم قال عليه السلام: يكون الصوت في شهر رمضان في ليلة جمعة ليلة ثلاث وعشرين، فلا تشكّوا في ذلك، واسمعوا وأطيعوا...).
3- الغيبة (النعماني): ص 254، باب 14، ح 13.
4- مقتضب الاثر (احمد بن محمد بن عياش): ص 44 ـ 45.