الصفحة 318
وبهذا المضمون اخبار عدة.

وقال العلامة المجلسي في سابع البحار: " ويظهر من الأخبار أن عندهم عليهم السلام(1) درعين: احدهما علامة الامامة تستوي على كل امام ; والاخرى علامة القائم عليه السلام لا تستوي الّا عليه صلوات الله عليه "(2).

الثاني والثلاثون:

خصه الله تعالى بسحاب ذخره له فيه رعد وبرق.

كما روى الصفار في البصائر والشيخ المفيد في الاختصاص بأسانيد متعددة عن الامام الباقر عليه السلام أنه قال: أما إنّ ذا القرنين قد خُيّر السحابتين فاختار الذلول، وذخر لصاحبكم الصعب.

قال(3): قلت: وما الصعب؟

فقال: ما كان من سحاب فيه رعد أو صاعقة أو برق فصاحبكم يركبه ; أما أنه سيركب السحاب، ويرقى في الأسباب، اسباب السماوات السبع، والأرضين السبع ; خمس عوامر واثنان خرابان(4).

وروي ايضاً عن الامام الصادق أنه قال: إنَّ الله خيّر ذا القرنين السحابين الذلول والصعب فاختار الذلول، وهو ما ليس فيه برق ولا رعد، ولو اختار الصعب لم يكن له ذلك، لأنَّ الله ادَّخره للقائم عليه السلام(5).

الثالث والثلاثون:

ارتفاع التقية والخوف من الكفار والمشركين والمنافقين والتمكن من عبادة الله تعالى والسلوك في امور الدنيا والدين حسب القوانين الالهيّة

____________

1- في الترجمة بدل (ان عندهم) (ان عند الائمة).

2- بحار الانوار (المجلسي): ج 26، ص 203.

3- في الترجمة (وسأل الراوي).

4- الاختصاص (المفيد): ص 199 ـ بصائر الدرجات (الصفار): ص 409، ح 3.

5- البصائر (الصفار): ص 409، ح 4.


الصفحة 319
والأوامر السماوية بدون حاجة إلى رفع اليد عن بعضها خوفاً من المخالفين وارتكاب اعمال غير صحيحة تطابق سلوك الظالمين كما وعد الله تعالى في كلامه: { وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنَّهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم وليمكننَّ لهم دينهم الذي ارتضى لهم وليبدلنَّهم من بعد خوفهم أمناً يعبدونني لا يشركون بي شيئاً }(1).

ولا يخفى على أيّ منصف أن وعد هذهِ الخلافة ـ الذي وعد به الله تعالى بأنّه سيعطيه لبعض مَن لهم مراتب الايمان ودرجات العمل الصالح في الدنيا بعد نبيّه صلى الله عليه وآله وسلّم وان في عهد خلافته سيتمكن من اقامة كل الدين الذي ارتضاه الله لهم ويؤمنهم من بعد خوف اصيبوا به من الخلق وتكون عبادته أو سائر خلق الله تعالى بدون تقية. ولو أن ذلك بحسب العمل نوع من الشرك ولكنه يجب مع اجتماع شروطه، فمع طمأنينة وسكينة القلب بحقيقة الايمان لا يؤاخذ على شرك وكفر الجوارح واللسان إذا توقف عليه حفظ النفس، لم يتحقق لحدّ الآن مثل هذا الخليفة والخلافة ومثل هذهِ الطمأنينة والأمان ومثل هذا التمكن للمذهب والأمة ; ولم يخبر أحدٌ عن هذا العصر ولن يخبر عنه الّا ما أخبر به جميع المسلمين بما وعد به النبي الاكرم أنه سيأتي عصر ذلة وحقارة الظالمين والمنافقين والملحدين ويوم عزة ورفعة وعبادة وعبودية المؤمنين وهو يوم ظهور الامام المهدي عليه السلام حيث لا يبقى شيء من جميع مراتب الدين غير معروفة أو معروفة ولم يؤمر بها أو اُمر بها ولم يتمكن من الاتيان بها أحد، كما هو معلوم ومبيّن في أخبار الفريقين ; وقد قال بعض المخالفين إنَّ مصداق الآية الشريفة هو عصر الخلفاء الأربعة.

وكلام الواسطي بأنه مخصوص بعصر الثلاثة شبيهُ بالسفسطة وانكار البديهي كما هو مشروح في كتب الامامية.

____________

1- من الآية 55 من سورة النور.


الصفحة 320
ولا يخفى على أي خبير بأحوال السلف انّه لم يمض مثل هذا اليوم على المسلمين تحققت فيه هذه الشروط الثلاثة فضلا عن مرور شهر أو سنة ولهذا فلقد جاء في جملة من أخبار الامامية أن سبب نزول هذه الآية في شأن القائم عليه السلام.

وقال الشيخ الطبرسي في مجمع البيان: " والمروي عن أهل البيت عليهم السلام انها في المهدي من آل محمد صلى الله عليه وآله وسلّم، وروى العياشي باسناده عن علي بن الحسين عليه السلام أنه قرأ الآية وقال: " هم والله شيعتنا أهل البيت يفعل الله ذلك بهم على يدي رجل منّا وهو مهدي هذهِ الأمة "(1).

وروي في كمال الدين للصدوق عن الامام الصادق عليه السلام أنه قال بعد أن ذكر نوحاً عليه السلام وانتظار المؤمنين الفرج حتى اعطاهم الله تعالى الاستخلاف والتمكين: " وكذلك القائم عليه السلام فانه تمتد ايام غيبته ليصرح الحق عن محضه، ويصفو الايمان من الكدر بارتداد كل من كانت طينته خبيثة من الشيعة الذين يخشى عليهم النفاق إذا أحسوا بالاستخلاف والتمكين والأمن(2) المنتشر في عهد القائم عليه السلام ".

قال الراوي:(3) (فقلت: يا ابن رسول الله فان هذه النواصب تزعم)(4) انّ هذه الآية نزلت في (أبي بكر وعمر وعثمان)(5) وعلي عليه السلام؟

فقال: لا يهدي الله قلوب الناصبة(6)، متى كان الدين الذي ارتضاه الله ورسوله متمكناً بانتشار الأمن(7) في الأمة وذهاب الخوف من قلوبها وارتفاع الشك من

____________

1- مجمع البيان (الطبرسي): ج 4، ص 152.

2- في الترجمة بدل (الأمن) (الأمر) وقد اثبتناه كما في المصدر المطبوع.

3- هكذا في الترجمة، وفي المصدر (قال المفضل).

4- في الترجمة بدل هذه العبارة (هناك من يزعم) ويبدو أن المؤلف (رحمه الله) عدل عن النص إلى ترجمته بما ذكر مراعاةً للتقية.

5- في الترجمة عدل عن اسمائهم أن قال (فلان وفلان وفلان) للسبب المتقدم في الحاشية السابقة.

6- في الترجمة (قلوب اولئك) للسبب المتقدم في الحاشية السابقة ايضاً.

7- في الترجمة بدل (الأمن) (الأمر) واثبتناه كما في المصدر المطبوع.


الصفحة 321
صدورها في عهد واحد من هؤلاء، وفي عهد علي عليه السلام مع ارتداد المسلمين والفتن التي تثور في ايامهم والحروب التي كانت تنشب بين الكفار وبينهم(1).

وروي عن الامام الرضا عليه السلام أنه قال: " لا دين لمن لا ورع له، ولا ايمان لمن لا تقية له، انّ اكرمكم عند الله اعملكم بالتقية (قبل خروج قائمنا)(2)، فمن ترك (التقية)(3) قبل خروج قائمنا فليس منّا "(4).

الرابع والثلاثون:

انبساط ملكه عليه السلام على جميع الأرض من المشرق إلى المغرب، برّاً وبحراً، معمورةً وخراباً، والجبل والسهل، ولا يبقى مكان لا يكون فيه ملكه ولا ينفذ امره. والأخبار في هذا المعنى متواترة.

روى الشيخ الصدوق في العلل والعيون وكمال الدين عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم في خبر طويل انّه قال: فنظرت (ليلة المعراج)(5) الى ساق العرش فرأيت اثني عشر نوراً، في كل نور سطر اخضر مكتوب عليه اسم كل وصي من اوصيائي ; أولهم علي بن أبي طالب، وآخرهم مهدي امتي.

فقلت: يا ربّ! أهؤلاء اوصيائي من بعدي؟

فنوديت: يا محمد! هؤلاء أوليائي وأحبائي وأصفيائي، وحججي بعدك على

____________

1- كمال الدين (الصدوق): ج 2، ص 356، ح 53.

2- لا توجد هذه العبارة في النص المطبوع في المصدر وانما العبارة هكذا:

" انّ اكرمكم عند الله اعملكم بالتقية.

فقيل له: يا ابن رسول الله إلى متى؟

قال: إلى يوم الوقت المعلوم، وهو يوم خروج قائمنا اهل البيت فمن ترك التقية... الخ ".

3- هكذا في المصدر المطبوع، ولكن في الترجمة (فمن تركها).

4- كمال الدين (الصدوق): ج 2، ص 371، ح 5.

5- ليست هذه العبارة من النص، وانما هي زيادة من المؤلف (رحمه الله) للتوضيح. وبدلها في النص زيادة سقطت وهي (فنظرت، وأنا بين يدي ربي).


الصفحة 322
بريتي وهم اوصياؤك وخلفاؤك، وخير خلقي بعدك.

وعزتي وجلالي لأظهرنَّ بهم ديني، ولأعلينَّ بهم كلمتي، ولأطهرنَّ الأرض بآخرهم من اعدائي، ولأملكنَّهُ مشارق الأرض ومغاربها، ولأسخرنَّ له الرياح، ولأذللنَّ له الرقاب الصعاب، ولأرقينَّه في الاسباب(1)، ولأنصرنّه بجندي، ولأمدنّه بملائكتي حتى يعلن دعوتي، ويجمع الخلق على توحيدي، ثمّ لأديمنَّ ملكه، ولأداولنَّ الأيام بين أوليائي إلى يوم القيامة... "(2).

وروي عنه عليه السلام في كمال الدين أنه قال بعد أن ذكر ملك ذي القرنين: " وان الله تبارك وتعالى سيجري سنته في القائم من ولدي فيبلغه شرق الأرض وغربها حتى لا يبقى منهلا ولا موضعاً من سهل ولا جبل وطئهُ ذو القرنين الّا وطئه "(3).

وقد تقدّم عن الامام الباقر عليه السلام أنه قال: " كأنّي باصحاب القائم وقد أحاطوا بما بين الخافقين "(4).

وروي في تفسير العياشي عن الامام الصادق عليه السلام أنه قال في تفسير الآية الشريفة: { وله أسلم من في السماوات والأرض طوعاً وكرهاً }(5) قال: " إذا قام القائم عليه السلام لا يبقى ارض الّا نودي فيها بشهادة أنْ لا إلـه الّا الله وأنَّ محمداً رسول الله "(6).

____________

1- قال المؤلف (رحمه الله) (يعني طرق السماء).

2- كمال الدين (الصدوق): ج 1، ص 256، ح 4 ـ عيون اخبار الرضا (الصدوق): ج 1، ص 262 ـ علل الشرائع (الصدوق): ج 1، ص 5.

3- كمال الدين (الصدوق): ج 2، ص 394، ح 4.

4- كمال الدين (الصدوق): ج 2، ص 673، ح 25.

5- من الآية 83 من سورة آل عمران.

6- تفسير العياشي: ج 1، ص 183.


الصفحة 323
وروي عن الامام الكاظم عليه السلام في تفسير الآية المذكورة قال: "انزلت في القائم عليه السلام إذا خرج باليهود والنصارى والصابئين والزنادقة وأهل الردة والكفار في شرق الأرض وغربها، فعرض عليهم الاسلام فمن أسلم طوعاً أمره بالصلاة والزكاة وما يؤمر به المسلم ويجب لله عليه ; ومن لم يسلم ضرب عنقه حتى لا يبقى في المشارق والمغارب الّا وحّد الله.

قلت له: جعلت فداك إن الخلق اكثر من ذلك؟

فقال: إنَّ لله إذا أراد أمراً قلّل الكثير وكثّر القليل "(1).

وقد ذكر يوسف بن يحيى السلمي في الباب التاسع من كتاب عقد الدرر اخباراً كثيرة في كيفية فتوحاته عليه السلام وفتح القسطنطينية والروم وبني الاصفر والصين وكابل والجزائر وغيرها مما ليس هنا محل ذكرها.

الخامس والثلاثون:

يملأ الأرض قسطاً وعدلا وقلما ترد الاخبار الالهية أو النبوية الخاصة أو العامة التي ذكرت المهدي عليه السلام ولم يذكر له عليه السلام فيها هذه البشارة وهذه الفضيلة.

وروي في العيون عن الامام الرضا عليه السلام أنه قال: " فاذا خرج أشرقت الأرض بنور ربِّها(2) ووضع ميزان العدل بين الناس فلا يظلمُ أحدٌ أحداً "(3).

وروي في كمال الدين عن الامام الصادق عليه السلام أنه قال في تفسير الآية الشريفة: { سيروا فيها ليالي وايّاماً آمنين }(4) فقال: مع قائمنا أهل البيت "(5).

____________

1- تفسير العياشي: ج 1، ص 183 ـ 184، ح 82.

2- وفي نسخة (بنوره).

3- كمال الدين (الصدوق): ج 2، ص 372، ح 25 ولم نجده في عيون اخبار الرضا، ولعله من سهو قلمه الشريف.

4- من الآية 18 من سورة سبأ.

5- علل الشرائع (الصدوق): ص 91، باب 81، ح 5 ـ وليس في كمال الدين، ولعله من سهو قلمه الشريف.


الصفحة 324
يعني: في عصره عليه السلام كل من يسير ليلا ونهاراً والى أي مكان فهو في أمان ومحفوظ.

وروي في تفسير العياشي عن الامام الباقر عليه السلام أنه قال: " يقاتلون(1) والله حتى يوحّد الله ولا يشرك به شيئاً، وحتى تخرج العجوز الضعيفة من المشرق تريد المغرب ولا ينهاها احدٌ "(2).

وروى الشيخ المفيد عن الامام الصادق عليه السلام أنه قال: إذا قام القائم عليه السلام حكم بالعدل، وارتفع في ايامه الجور، وأمنت به السبل، واخرجت الأرض بركاتها، ورُدَّ كلُّ حق إلى أهله، ولم يبق أهل دين حتى يظهروا الاسلام ويعترفوا بالايمان "(3).

وروي في كمال الدين، عن الريان بن الصلت(4) قال: قلت للرضا عليه السلام: انت صاحب هذا الأمر؟

فقال: انا صاحب هذا الأمر، ولكنّي لست بالذي أملأها عدلا كما ملئت جوراً "(5).

السادس والثلاثون:

يحكم بين الناس بعلمه كامام، ولا يطلب بينه وشاهداً من أحد.

كما روى الصفار في بصائر الدرجات عن الامام الصادق عليه السلام أنه قال:

____________

1- في الترجمة (يقاتل عليه السلام واصحابه والله حتى يوحد الخلق الله...) واثبتناها في المصدر المطبوع.

2- تفسير العياشي: ج 2، ص 61، ح 49.

3- الارشاد (المفيد): ج 2، ص 384.

4- في الترجمة (سأل الريان بن الصلت الامام الرضا...).

5- كمال الدين (الصدوق): ج 2، ص 376، ح 7.


الصفحة 325
" لن تذهب الدنيا حتى يخرج رجل منّا اهل البيت يحكم بحكم داود ولا يسئل الناس بيّنة "(1).

وفي رواية أخرى قال عليه السلام: " يعطي كل نفس حكمها "(2).

وروي ايضاً عنه عليه السلام أنه قال:

" اذا قام قائم آل محمد حكم بحكم داود وسليمان لا يسئل الناس بيّنة "(3).

وروي في دعوات السيد فضل الله الراوندي عن الامام العسكري عليه السلام أنه كتب في جواب مَنْ سأله عن القائم إذا قام بم يقضي بين الناس؟: " سألت عن الامام فاذا قام يقضي بين الناس بعلمه كقضاء داود عليه السلام لا يسأل بيّنة "(4).

وروي في الخرائج للراوندي عن الامام الصادق عليه السلام أنه قال: " كأنّي بطائر ابيض فوق الحجر، فيخرج من تحته رجل يحكم بين الناس بحكم آل داود وسليمان لا يبتغي بيّنة "(5).

وروي في ارشاد الشيخ المفيد، وغيبة الفضل عنه عليه السلام أنه قال: إذا قام قائم آل محمد عليه وعليهم السلام حكم بين الناس بحكم داود. لا يحتاج إلى بيّنة، يلهمه الله تعالى فيحكم بعلمه، ويُخبِرُ كلَّ قوم بما استبطنوه "(6).

وروي في تفسير العياشي أن يوم خروجه عليه السلام: " وجبرئيل على الميزاب في صورة طائر ابيض "(7).

____________

1- بصائر الدرجات (الصفار): ج 5، باب 15، ح 4، ص 259.

2- بصائر الدرجات (الصفار): ج 5، باب 15، ح 1، ص 258.

3- بصائر الدرجات (الصفار): ج 5، باب 15، ح 3، ص 259.

4- الدعوات (الراوندي): ص 209 ـ وعنه في البحار: ج 52، ص 320.

5- الخرائج والجرائح (الراوندي): ج 2، ص 860، ح 75 ـ وعنه في البحار: ج 52، ص 336، ح 74.

6- الارشاد (المفيد): ج 2، ص 386.

7- تفسير العياشي: ج 2، ص 57، ح 49 ـ وعنه في البحار: ج 52، ص 341، ح 91.


الصفحة 326
وروي في غيبة النعماني عن الامام الصادق عليه السلام أنه قال: " ثم يأمر منادياً ينادي(1): هذا المهدي يقضي بقضاء داود وسليمان لا يسأل على ذلك(2) بيّنة "(3).

وروي في كمال الدين للصدوق عن الامام الصادق عليه السلام أنه قال: " فيبعث الله تبارك وتعالى ريحاً فتنادي بكل واد: هذا المهدي، يقضي بقضاء داود وسليمان عليهما السلام لا يريد عليه بيّنة "(4).

وروي في غيبة الفضل بن شاذان عن الامام الباقر عليه السلام أنه قال: إنَّ القائم يملك ثلاثمائة وتسع سنين كما لبث اهل الكهف في كهفهم يملأ الأرض عدلا وقسطاً كما ملئت ظلماً وجوراً، ويفتح الله له شرق الأرض وغربها، ويقتل الناس حتى لا يبقى الّا دين محمد صلى الله عليه وآله وسلّم يسير بسيرة سليمان بن داود (عليهما السلام)(5).

يدعو الشمس والقمر فيجيبانه، ويطوى له الأرض فيوحي الله اليه فيعمل بأمر الله "(6).

السابع والثلاثون:

أنه يأتي بأحكام خاصة لم تظهر ولم يعمل بها احد إلى حين ظهوره عليه السلام.

روي في الكافي وكمال الدين عن الامام الصادق عليه السلام أنه قال: " دمان في

____________

1- في الترجمة (فينادي مناديه عليه السلام).

2- في الترجمة (لا يسأل من الناس) بدل (لا يسأل على ذلك).

3- الغيبة (النعماني): ص 313 و314، ح 5.

4- كمال الدين (الصدوق): ج 2، ص 671، ح 19.

5- كفاية المهتدي: ص 229 - 230، المخطوط. وليس في النسخة التي بأيدينا التكملة وانقطعت الرواية إلى هذا المقدار، نعم فيه: (ثم قال الفضل: الحديث طويل اخذناه (كذا) موضع الحاجة).

6- دلائل الامامة (الطبري): ص 242 ـ وعنه حلية الابرار (السيد هاشم البحراني): ج 2، ص 600.


الصفحة 327
الاسلام حلالٌ من الله [ عزوجل ](1) لا يقضي فيهما احد [ بحكم الله ](2) حتى يبعث الله [ عزوجل ](3) القائم(4) من أهل البيت عليهم السلام، [ فاذا بعث الله عزوجل قائمنا أهل البيت ](5) فيحكم(6) فيهما بحكم [ الله عزوجل ](7) لا يريد [ الله على ذلك ](8)بيّنة: الزاني المحصن يرجمه، ومانع الزكاة يضرب رقبته(9) "(10).

وروي في الخصال عن الامام الصادق والامام الكاظم عليهما السلام انهما قالا: لو قد قام القائم(11) لحكم بثلاث لم يحكم بها احدٌ قبله: يقتل الشيخ الزاني، ويقتل مانع الزكاة، ويورث الأخ أخاه في الاظلة "(12).

يعني: الأخوين الذي عقد بينهما عقد الاخوة هناك فانّه يورث أحدهما الآخر.

وروي في غيبة النعماني عن الامام الصادق عليه السلام أنه قال: " انّ علياً عليه السلام قال: كان لي أن أقتل المولِّي، وأجهز على الجريح، ولكنّي تركت ذلك للعاقبة من أصحابي إنْ جرحوا لم يُقْتَلوا، والقائم له أن يقتل المولّي ويجهر على الجريح "(13).

وروى الشيخ الجليل الفضل بن شاذان عن الامام الباقر عليه السلام أنه قال: يقضي القائم بقضايا ينكرها بعض أصحابه ممّن قد ضرب قدّامه بالسّيف وهو قضاء آدم عليه السلام فيقدّمهم فيضرب أعناقهم، ثمّ يقضي الثانية فينكرها قوم آخرون ممّن

____________

1 و 2 و 3- سقطت من الكافي.

4- في الكافي بدل (القائم من أهل البيت عليهم السلام) (قائمنا أهل البيت).

5- سقطت من كمال الدين.

6- في الكافي بدل (فيحكم) (حكم).

7 و 8- سقطت من الكافي.

9- بدل (رقبته) (عنقه).

10- كمال الدين (الصدوق): ج 2، ص 671، ح 21 ـ الكافي: ج 3، (الفروع)، ص 503، ح 5.

11- في نسخة (اذا قام القائم عليه السلام)، وفي الترجمة (اذا قام قائمنا).

12- الخصال: ص 169، ح 223 ـ باسناده عن علي بن أبي حمزة عن أبي عبد الله وأبي الحسن عليهما السلام.

13- الغيبة (النعماني): ص 231 - 232، ح 15.


الصفحة 328
قد ضرب قدّامه بالسّيف وهو قضاء داود عليه السلام فيقدّمهم فيضرب أعناقهم، ثمّ يقضي الثالثة فينكرها قوم آخرون ممّن قد ضرب قدّامه بالسّيف وهو قضاء ابراهيم عليه السلام فيقدّمهم فيضرب أعناقهم ثمّ يقضي الرابعة وهو قضاء محمد صلى الله عليه وآله وسلّم فلا ينكرها أحد عليه(1).

وقد جاء في مجموعة من الاخبار أنه عليه السلام لا يقبل الجزية(2)، ويكسر الصليب، ويقتل الخنزير.

وروى الشيخ الطبرسي في أعلام الورى أنه عليه السلام: " يقتل من بلغ العشرين ولم يتفقّه في الدين "(3).

وروي في مزار محمد بن المشهدي عن أبي بصير سأل الامام الصادق عليه السلام عن حكم من نصب العداوة لهم، فقال: لا، يا أبا محمد، ما لمن خالفنا في دولتنا من نصيب، انّ الله قد احلّ لنا دمائهم عند قيام قائمنا، فاليوم محرّم علينا وعليكم ذلك فلا يغرّنك احدٌ، إذا قام قائمنا انتقم لله ولرسوله ولنا أجمعين "(4).

الثامن والثلاثون:

يخرج كل مراتب العلوم.

كما روى القطب الراوندي في الخرائج عن الامام الصادق عليه السلام أنه قال:

____________

1- اثبات الهداة (الحر العاملي): ج 7، ص 171 - 172 (الطبعة المترجمة) ـ البحار (المجلسي): ج 52، ص 389، ح 207.

ولم نجده في نسخة كفاية المهتدي المخطوط.

2- اعلام الورى (الطبرسي): ص 477.

وفي سنن الترمذي: ج 3، ص 344، ابواب الفتن، باب 45، ح 2334 (ان النبي صلى الله عليه وآله وسلّم قال: والذي نفسي بيده ليوشكنّ ان ينزل فيكم ابن مريم حكماً مقسطاً فيكسر الصليب ويقتل الخنزير ويضع الجزية...).

3- اعلام الورى (الطبرسي): ص 477.

وفي الترجمة (يقتل من بلغ العشرين ولم يتعلم علم الدين واحكامه ومسائله).

4- البحار: ج 52، ص 376.


الصفحة 329
" العلمُ سبعةٌ وعشرون حرفاً فجميع ما جاءت به الرسل حرفان فلم يعرف الناس حتى اليوم غير الحرفين، فاذا قام قائمنا أخرج الخمسة والعشرين حرفاً فبثها في الناس، وضم اليها الحرفين، حتى يبثها سبعة وعشرين حرفاً "(1).

وروى الشيخ الصفار في البصائر عنه عليه السلام أنه قال: كان في ذوابة سيف عليّ عليه السلام(2)صحيفة صغيرة وانّ عليّاً عليه السلام دعا ابنه الحسن عليه السلام فدفعها اليه ودفع اليه سكّيناً وقال له افتحها فلم يستطع أن يفتحها ففتحها له ثمّ قال له اقرأ فقرأ الحسن الألف والباء والسين واللام وحرفاً بعد حرف، ثمّ طواها فدفعها إلى ابنه الحسين فلم يقدر على أن يفتحها ففتحها له ثمّ قال له: اقرأ يا بني، فقرأها كما قرأ الحسن، ثمّ طواها فدفعها إلى ابنه ابن الحنفيّة فلم يقدر على أن يفتحها ففتحها له فقال له اقرأ فلم يستخرج منها شيئاً، فاخذها علي عليه السلام وطواها ثمّ علّقها من ذوابة السيف(3). قال: قلت لأبي عبد الله(4): وأي شيء كان في تلك الصحيفة، قال: هي الأحرف التي يفتح كلّ حرف الف حرف. قال أبو بصير: قال أبو عبد الله فما خرج منها الّا حرفان الى الساعة "(5).

وروي بسند آخر عن أبي بصير أنه سأله عليه السلام ما كان في ذؤابة سيف رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) على نحو ما جاء في الخبر السابق(6). والظاهر أن هذين

____________

1- الخرائج والجرائح (الراوندي): ج 2، ص 841، ح 59.

وفي نسخة بدل (الحرف) (الجزء) في كل الموارد.

2- هكذا في المصدر المطبوع، ولكن في الترجمة: (سيف رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم) بدل (سيف علي عليه السلام).

3- في الترجمة (سيف رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم).

4- في الترجمة (سأل الراوي).

5- بصائر الدرجات: ص 307، ح 1.

6- بصائر الدرجات (الصفار): ج 6، باب 17، ح 4 باسناده عن أبي بصير عن أبي عبد الله عليه السلام قال: كان في ذؤابة سيف رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم صحيفة صغيرة.

قال: قلت لابي عبد الله عليه السلام: أي شيء كان في تلك الصحيفة؟ قال: هي الاحرف التي يفتح كل حرف الف حرف. قال أبو بصير: قال أبو عبد الله عليه السلام: فما خرج منها الّا حرفان حتى الساعة.


الصفحة 330
الخبرين من الشيخ انما هما خبر الراوندي.

وان نشر بقية حروف هذه الصحيفة النبوية انما هو من خصائص الدولة المهدوية، والله العالم.

التاسع والثلاثون:

نزول السيوف السماوية لانصاره واصحابه عليه السلام.

كما روى النعماني في غيبته عن الامام الصادق عليه السلام أنه قال: " إذا قام القائم نزلت سيوف القتال على كل سيف اسم الرجل واسم أبيه "(1).

وروى الشيخ المفيد في الاختصاص عنه عليه السلام أنه قال: " إذا قام القائم أتى رحبة الكوفة فقال(2) برجله هكذا وأومأ بيده إلى موضع.

ثم قال: إحفروا ههنا ; فيحفرون، فيستخرجون اثني عشر الف درع، واثني عشر الف سيف، واثني عشر الف بيضة لكل بيضة وجهين ; ثم يدعو اثني عشر الف رجل من الموالي من العرب والعجم فيلبسهم ذلك ; ثم يقول: من لم يكن عليه مثل ما عليكم فاقتلوه "(3).

الأربعون:

اطاعة الحيوانات لأنصاره عليه السلام كما تقدم عن أمير المؤمنين عليه السلام.

الحادي والأربعون:

ظهور نهرين من الماء واللبن دائماً في ظهر الكوفة التي هي مقر حكومته عليه السلام من حجر موسى عليه السلام الذي معه عليه السلام.

____________

1- الغيبة (النعماني): باب 13، ح 45، ص 244.

2- قال برجله: أي أشار برجله.

3- الاختصاص (المفيد): ص 334.


الصفحة 331
كما روي في الخرائج عن الامام الباقر عليه السلام أنه قال:

اذا قام القائم بمكّة وأراد أن يتوجّه إلى الكوفة نادى مناديه: ألا لا يحمل أحد منكم طعاماً ولا شراباً، ويحمل حجر موسى الذي انبجست منه اثنتي عشرة عيناً فلا ينزل منزلا الاّ نصبه، فانبجست منه العيون، فمن كان جائعاً شبع، ومن كان ظمآن روي، فيكون زادهم حتّى ينزلوا النّجف من ظاهر الكوفة، فاذا نزلوا ظاهرها انبعث منه الماء واللبن دائماً، فمن كان جائعاً شبع، ومن كان عطشاناً روي(1).

الثاني والأربعون:

تمييزه عليه السلام من قبل الله تبارك وتعالى في ليلة معراج نبيّه صلى الله عليه وآله وسلّم بعد ظهور الاشباح النورانية للأئمة عليهم السلام له صلى الله عليه وآله وسلّم من أمير المؤمنين عليه السلام وحتى حجة العصر عليه السلام ; إلى أن قال برواية ابن عباس: " هذا القائم يحل حلالي ويحرم حرامي وينتقم(2) من أعدائي ; يا محمد أحببهُ (فإنّي أحبّه)(3) وأحبب(4) من يحبّه "(5).

الثالث والأربعون:

نزول روح الله عيسى بن مريم عليه السلام لنصرة المهدي صلوات الله عليه والصلاة خلفه عليه السلام.

لا يخفى بل لا يبعد دعوى استقرار المذهب في هذه العصور على أفضلية الائمة الأطهار عليهم السلام على جميع الأنبياء والمرسلين حتى أولي العزم والذين منهم عيسى ; ولكن:

____________

1- الخرائج والجرائح (الراوندي): ج 2، ص 690، ح 1.

2- في الترجمة زيادة (يا محمد) (وينتقم يا محمد من اعدائي).

3- سقطت هذه العبارة من الترجمة.

4- في العوالم بدل (وأحبب) (وأحبّ).

5- مقتضب الاثر (ابن عياش): ص 26، برواية سالم بن عبد الله بن عمر ابن الخطاب ـ العوالم، النصوص على الائمة الاثنى عشر عليهم السلام: ص 44.


الصفحة 332

أولا:

ان هذه المسألة كانت في العصور السابقة من المسائل النظرية، وكانت هناك جماعة من علمائنا تخالف ذلك، فضلا عن أهل السنة، حيث أن قسماً منهم يحكم بتكفير من يرجّح أحداً من غير الأنبياء عليهم.

وقال الشيخ المفيد في كتاب المقالات: " قد قطع قوم من أهل الامامة(1) بفضل الائمة عليهم السلام من آل محمد صلى الله عليه وآله وسلّم على سائر من تقدم من الرسل والانبياء سوى نبيّنا محمد صلى الله عليه وآله وسلّم، وأوجب فريق منهم لهم الفضل على جميع الانبياء سوى أولي العزم منهم عليهم السلام، وأبى القولين فريق منهم آخر وقطعوا بفضل الأنبياء كلّهم على سائر الائمة عليهم السلام، وهذا باب ليس للعقول في ايجابه والمنع منه مجال، ولا على أحد الاقوال فيه اجماع ; وقد جاءت آثار عن النبي صلى الله عليه وآله وسلّم في أمير المؤمنين عليه السلام وذريّته من الائمة، والاخبار عن الائمة الصادقين ايضاً من بعد، وفي القرآن مواضع تقوّي العزم على ما قاله الفريق الأول في هذا المعنى "(2).

ثانياً:

دور الأفضلية من حيث الأدلة والبراهين ; وهو مختص بأهل الانصاف وأرباب المعرفة والنظر، وعوام أهل الحق مع انهم لا يستفيدون منها الّا الاعتقاد بها من دون دليل وعلى وجه التقليد.

وأما غير اولئك ; فامّا انهم ليس لديهم علم أو ليس لديهم انصاف أو ليس لديهم معرفة ; فان افضلية الائمة عليهم السلام على الرسل لكل الامة فضلا عن غيرهم لم تصل إلى الدرجة الاُولى من الثبوت فضلا على أن تكون ضرورية ووجدانية (بديهية) الّا لطائفة منهم قد وصلت إلى حدّ الضروري في بعض العصور.

____________

1- في الترجمة (يعني الامامية).

2- اوائل المقالات (المفيد): ص 81 - 82.