الصفحة 385
وأربعمائة...(1) وكانت وفاته...(2) سنة سبع وستين وخمسمائة "(3).

واثنى عليه السيوطي في (طبقات النحاة) ثناءاً بليغاً.

السادس: محيي الدين [ بن ](4) محمد بن علي بن محمد العربي(5) الحاتمي(6) الطائي الاندلسي الحنبلي ; قال في الباب السادس والستين والثلاثمائة من كتابه الفتوحات(7)طبق ما نقله الشعراني في اليواقيت:

" واعلموا انّه لابدّ من خروج المهدي عليه السلام لكن لا يخرج حتى تمتلئ الأرض جوراً وظلماً فيملؤها قسطاً وعدلا، ولو لم يبق من الدنيا الّا يوم واحد طوّل الله تعالى ذلك اليوم حتى يلي ذلك الخليفة، وهو من عترة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم من ولد فاطمة رضي الله عنها، جدّه الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام، ووالده

____________

1 و 2- اختصر المؤلف رحمه الله ترجمته وبدل النقاط التي وضعناها كلام طويل في سنة ولادته ووفاته.

3- وفيات الأعيان (ابن خلگان): ج 3، ص 103 ـ 104.

4- اثبتها المؤلف في الكتاب، ولعلها من اشتباه النساخ فهي زائدة فان اسمه محمد ولقبه (محيي الدين).

5- الأصح (عربي) بدون الألف واللام.

6- اثبتها المؤلف (الحاتم) بدون ياء النسبة ولعلها من اشتباه النساخ.

7- هناك حديث حول نسخ الفتوحات من حيث الزيادة والنقيصة بسبب القضايا المذهبية فيتّهم بعضهم ان ما في المفتوحات من العقائد السنية انما هي من زيادة اتباع تلك المذاهب، ويتّهم في المقابل اولئك ان الزيادة في ما يؤيد المذهب الشيعي انما هي من النسّاخ الشيعة.

ومهما كان فان النسخة المطبوعة في أربعة مجلدات من الفتوحات المكية ناقصة المقطع من هذا النص الذي يذكر فيه نسب الامام المهدي عليه السلام، ولكنّ الشعراني نقل النص عن الفتوحات في يواقيت الجواهر، ثمّ نقله المؤلف رحمه الله عن كتاب يواقيت الجواهر.

وقد نقل هذا المقطع المؤلف رحمه الله في كتابه كشف الأستار، وقد اعتمدنا ترجمة لمقطع الذي نقله في كشف الأستار على ما فيه وان خالف النسخة المطبوعة، ولكن بما انّه نقل قسماً من المقطع فلزمنا ان نراجع المصدر المطبوع وننقل منه الباقي ونشير في الحاشية إلى وجه الاختلاف مهما امكن وقد نترك البعض لكثرة الحواشي التي تملل القاريء الكريم.


الصفحة 386
الحسن العسكري ابن الامام علي النقي ـ بالنون ـ ابن الامام محمد التقي ـ بالتاء ـ ابن الامام علي الرضا ابن الامام موسى الكاظم ابن الامام جعفر الصادق ابن الامام محمد الباقر ابن الامام زين العابدين علي بن الامام الحسين ابن الامام علي بن أبي طالب رضي الله عنه يواطئ اسمه اسم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم، يبايعه المسلمون ما بين الركن والمقام، يشبه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم في الخَلْق (بفتح الخاء) وينزل عنه في الخُلُق ـ بضمّها ـ إذ لا يكون أحد مثل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم في أخلاقه والله تعالى يقول: { وانّك لعلى خُلُق عظيم }.

هو أجلى الجبهة أقنى الأنف أسعد الناس به أهل الكوفة، يقسم المال بالسويّة ويعدل في الرعية، يأتيه الرجل فيقول: يا مهدي أعطني وبين يديه المال فيحثى له في ثوبه ما استطاع أن يحمله، يخرج على فترة من الدين يزع الله به ما لا يزع بالقرآن، يمسي الرجل جاهلا وجباناً وبخيلا فيصبح عالماً شجاعاً كريماً، يمشي النصر بين يديه، يعيش خمساً أو سبعاً وتسعاً يقفو أثر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم لا يخطئ له ملك يسدده من حيث لا يراه، يحمل الكل ويعين الضعيف ويساعد على نوائب الحق، يفعل ما يقول ويقول ما يفعل ويعلم ما يشهد.

يصلحه الله في ليلة يفتح المدينة الرومية بالتكبير مع سبعين ألف من المسلمين من ولد اسحاق، يشهد الملحمة العظمى مأدبة الله بمرج عكا(1)، يبيد الظلم وأهله ويقيم الدين وأهله وينفخ الروح في الاسلام، يعزّ الله الاسلام بعد ذلّه ويحييه بعد موته، يضع الجزية ويدعو إلى الله بالسيف، فمن أبى قُتل ومن نازعه خُذل.

يظهر من الدين ما هو عليه في نفسه، حتى لو كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم حياً لحكم به، فلا يبقى في زمانه الّا الدين الخالص عن الرأي يخالف في غالب أحكامه مذاهب العلماء فينقبضون منه لذلك لظنّهم أن الله تعالى لا يحدث بعد أئمتهم

____________

1- قال المؤلف رحمه الله: " يعني يقتل كثير فيأكل منهم الطيور والسباع ".


الصفحة 387
مجتهداً ".

وقال بعد كلمات في ذكر وقائعه مع العلماء:

" يفرح به عامة المسلمين اكثر من خواصهم(1)....(2) من أهل الحقائق عن شهود وكشف بتعريف الهي له رجال الهيون يقيمون دعوته وينصرونه هم الوزراء يحملون أثقال المملكة ويعينونه على ما قلّده الله، ينزل عليه عيسى ابن مريم بالمنارة البيضاء بشرقي دمشق بين مهر ودتين متكئ على ملكين ملك عن يمينه وملك عن يساره [يقطر رأسه ماءً مثل الجمان يتحدر كأنما خرج من ديماس ](3) والناس في صلاة العصر فيتنحى له الامام من مقامه فيتقدّم فيصلي بالناس، يؤم الناس بسنة محمد صلى الله عليه وآله وسلّم يكسر الصليب ويقتل الخنزير، ويقبض الله المهدي إليه طاهراً مطهراً، وفي زمانه يقتل السفياني عند شجرة بغوطة دمشق ويخسف بجيشه في البيداء [ بين المدينة ومكة حتى لا يبقى من الجيش الّا رجل واحد من جهينة يستبيح هذا الجيش مدينة الرسول صلى الله عليه وآله وسلّم ثلاثة أيام ثم يرحل يطلب مكة فيخسف الله به في البيداء ](4) فمن كان مجبوراً من ذلك الجيش مكرها يحشر على نيّته...

وقد جاءكم زمانه وأظلكم أوانه وظهر في القرن الرابع اللاحق بالقرون الثلاثة الماضية قرن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم وهو قرن الصحابة ثم الذي يليه ثم الذي يلي الثاني ثم جاء بينهما فترات وحدثت أمور وانتشرت أهواء وسفكت دماء [ وعاءَت الذئاب في البلاد وكثر الفساد إلى أن طم الجور وطمى سيله وأدبر نهار العدل بالظلم

____________

1- في الترجمة: " يفرح به كل المسلمين خاصة وعامة " واثبتنا ما في المصدر لأنه يطابق النصوص المرويّة.

2- هنا مقطع حذفه المؤلف رحمه الله وسوف يحذف مقاطعاً اخرى فلم نجد فائدة من التنبيه، فلذلك تابعنا المؤلف رحمه الله في الحذف مع عدم الاشارة، وقد نترك الكلمة وما شاكلها لما قد تخل بالسياق وغيره.

3- هكذا في المصدر المطبوع.

4- هذا المقطع مثبت في المطبوع.


الصفحة 388
حين أقبل ليله ](1) فشهداؤه خير الشهداء وأمناؤه أفضل الأمناء، وان الله يستوزر له طائفة خبأهم له في مكنون غيبه أطلعهم كشفاً وشهوداً على الحقائق وما هو أمر الله عليه في عباده فمبشاورتهم يفصل ما يفصل... وهم على أقدام رجال من الصحابة صدقوا ما عاهدوا الله عليه وهم من الأعاجم ما فيهم عربي لكن لا يتكلّمون الّا بالعربيّة لهم حافظ ليس من جنسهم ما عصى الله قط هو أخص الوزراء وأفضل الأمناء(2).

وشرح كيفية حكم المهدي عليه السلام وعصمته وحرمة القياس عليه وتسديده بملك، وغير ذلك مما يوجب التطويل.

وعلو مقام وجلالة قدر ابن عربي عند أهل السنة فوق ما يسعه الوصف، وغالباً ما يعبّرون عنه بالشيخ الأكبر.

قال الشيخ عبد الوهاب الشعراني في لواقح الأخبار في طبقات الأخيار:

" أجمع المحقّقون من أهل الله عزوجل على رفعته في جميع العلوم، ووصفه صفي الدين بن منصور وغيره بالولاية الكبرى والصلاح والعلم والعرفان(3).

وقال: هو الشيخ الامام المحقق رأس اجلاء العارفين والمقرّبين، صاحب الاشارات الملكوتيّة، والنفحات القدسيّة، والأنفاس الروحانيّة، والفتح المونق، والكشف المشرق، والبصائر الخارقة، والحقائق الزاهرة، له المحل الأرفع من مقام القرب في منازل الأنس، والمورد العذب من مناهل الوصل، والطول الأعلى من مدارج الدنو، والقدم الراسخ في التمكين من أحوال النهاية، والبارع الطويل بالتصرّف في احكام الولاية، وهو احد أركان هذه الطائفة ".

____________

1- هذا المقطع مثبت في المطبوع.

2- الفتوحات المكيّة: ج 3، ص 326 ـ 327.

3- لعدم وجود المصدر بين أيدينا قمنا بترجمة النص.


الصفحة 389
وقال الصفدي في الوافي بالوفيات: " وكأن المنقول والمعقول ممثلان بين عينيه في صورة محصورة يشاهدها متى أراد "(1).

وذكر ايضاً: " فرأيتها(2) من أولها إلى آخرها عقيدة الشيخ أبي الحسن الأشعري ليس فيها يخالف رأيه "(3) ونقل الميبدي عن شرح الفصوص للجندي انه جلس في اوّل المحرم في اشبيلية من بلاد الاندلس إلى الخلوة لا يأكل طعاماً تسعة أشهر وأمر في أول العيد أن يخرج وبُشر بختم الولاية المحمدّية وقال: من دلائله الحتمية كانت بين كتفيه علامة في الموضع التي كانت للنبي صلى الله عليه وآله وسلّم مثل تلك العلامة ولكن في عمق العضو، وليس كما في المقدمات الظاهرة اشارة إلى علامة ختمية النبوة الظاهريّة الفعلية، وختمية الولاية الباطنية الانفعالية.

وغير ذلك من الكلمات والعبارات، ولأن عناده وتعصبه ضد الطائفة الامامية اكثر فلذلك كان مدحه بين تلك الطائفة اكثر من غيره.

وقد صرح في كتاب (سامِره)(4) ان الرافضة بصورة الخنزير، وان عمر معصوم.

بل قال في الفتوحات ذلك، واكثر ما ظهر من الضلالة بحسب الأصل الصحيح عند الشيعة لا سيما الامامية منهم فأدخل فيهم الشياطين حبّ أهل البيت واستفرغ المحبة منهم، واعتقدوا انها من أحسن القربات إلى الله تعالى والرسول، وهكذا إذا

____________

1- الوافي بالوفيات (صلاح الدين الصفدي): ج 4، ص 174.

2- هكذا في المصدر المطبوع، والهاء يعود على العقيدة حيث قال قبل هذه الجملة (وقد ذكر فيه " يشير إلى كتاب الفتوحات المكية " في المجلدة الأولى عقيدته... الخ) وفي الترجمة: " فرأيت عقيدته توافق عقيدة الشيخ أبي الحسن... الخ ".

3- الوافي بالوفيات (صلاح الدين الصفدي): ج 4، ص 174.

4- هكذا ذكر هذا الكتاب المؤلف رحمه الله.


الصفحة 390
وقفت عند محبة أهل البيت ولا تتعدى إلى بغض الصحابة وسبّهم(1).

وقال في مقام حالات الأقطاب: " ومنهم من يكون ظاهر الحكم، ويجوز الخلافة الظاهرة كما جاز الخلافة الباطنة من جهة المقام لأبي بكر وعمر وعثمان وعلي والحسن ومعاوية بن يزيد وعمر بن عبد العزيز والمتوكّل ".

____________

1- لا يمكن الاستدلال بما في الفتوحات المطبوع على مذهب (ابن عربي) لأن الزيادات المذهبية في الكتاب متهمة من قبل الطرفين فالعرفاء الشيعة يدّعون ان ما فيه مما يخالف المذهب الحق انما هو موضوع من قبل متصوّفة اهل السنة، ويشهد لذلك ما في كشف الظنون حيث قال الشعراني عند اختصاره الفتوحات: " وقد توقفت حال الاختصار في مواضع كثيرة منها لم يظهر لي موافقتها لما عليه أهل السنة والجماعة، فخذ منها من هذا المختصر وربما سهوت فتتبعت ما في الكتاب كما وقع للبيضاوي مع الزمخشري... الخ " كشف الظنون: ج 2، ص 1238.

وعند تتبّع كلمات ابن عربي في فتوحاته التي سها المتصوّفة من الزيادة والنقيصة فيها كما تقدّم عن الشعراني ـ نجد انّه يقول بعصمة المعصومين الأربعة عشر وبالولاية العظمى لأمير المؤمنين عليه السلام وبعقيدته بالمهدي عليه السلام وغير ذلك من عقائد الامامية، مع انّه كتبه في جو التقيّة والبعد عن جوامع الشيعة أعلى الله تعالى كلمتهم.

ولكن للأسف الشديد ان موقف مشرب بين علمائنا يرفض المشرب الذي سلكه العرفاء فلذلك لم يتبعوا صحة النسبة إليه، بل تحاملوا عليه روماً لاخراجه عن ربقة التشيّع ونسبته إلى الغير ليسهل ردّ مشربه والطعن فيه.

وهذا ما وجدته في كلمات شيخنا المؤلف قدّس الله تعالى سرّه بالتحامل عليه ونسبة حبّ أهل البيت عليهم السلام إلى قلب ابن عربي من القاء الشياطين ـ اعوذ بالله تعالى ـ لأنه وجد في نسخ الفتوحات ما منطوقه تبجيل اعدائهم. مع ان المؤلف رحمه الله يقول بعد قليل بأنَّ نسخ الكتاب غير سليمة من التحريف ثم ينقل كلام الشعراني في ذلك.

والبحث العلمي يوصلنا إلى حقيقة عدم الاحتجاج بما في الفتوحات على مذهب صاحبه، اولا: لوجود التعارض والاجماع من الطرفين على الزيادة والنقيصة فيه. ولو ان تهمة التحريف قد أقرت بلسان الطرف الآخر حيث صرّح بأنَّه قام بهذا العمل فيكون ذلك مرجحاً لدعوى الطرف الأول، وعليه فلا يمكن نسبة ابن عربي إلى غيرنا مع وجود قرائن الترجيح، فاذا لم يقطع الباحث بتشيعه فلا مناحي من التوقف وعدم نسبته الى غيرهم كما دلّ عليه الدليل، فضلا عن رميه بالفضائل كنسبة الخلافة الباطنة إلى اولئك ما عدا أصحابها.


الصفحة 391
وهذا المتوكل الذي يدّعي انه الخليفة الظاهر وقطب العالم هو الذي ذكره السيوطي في (تاريخ الخلفاء) وقال:

" وفي سنة ست وثلاثين(1) أمر بهدم قبر الحسين، وهدم ما حوله من الدور، وان يعمل مزارع، ومنع الناس من زيارته، وخُرِّب وبقي صحراء، وكان المتوكّل معروفاً بالتعصّب(2)... وهجاه الشعراء، فمما قيل في ذلك:


بالله ان كانت أمية قد أتتقبل ابن بنت نبيّها مظلوماً
فلقد أتاه بنو أبيه بمثلههذا لعمري قبره مهدوماً
اسفوا على أن لا يكونوا شاركوافي قتله فتتبعوه رميماً "(3)

وقال ايضاً في محلّ آخر ما ملخّصه: ان شخصين من الشافعية كانا ظاهري الصلاح ; قال أحد الأولياء انه رآهما في صورة خنزير، وقد تعجبت لذلك ثم علمت انهما كانا رافضيين في الباطن.

وليس هنا مقام الزيادة.

" ولا يخفى ان عبارة الفتوحات التي ذكرها في هذا المقام مختلفة، وذلك لاختلاف نسخ الفتوحات كما صرّح الشعراني في لواقح الأنوار القدسيّة المنتقات من الفتوحات المكية.

____________

1- وهي سنة مائتين وست وثلاثين حيث بويع للمتوكل في ذي الحجة سنة اثنتين وثلاثين ومائتين ولكن في الترجمة بدل (سنة مائتين وست وثلاثين) (سنة ثلاثمائة وست).

2- في الترجمة بدل بالتعصّب، (بالنصب) ثم قال المؤلف رحمه الله: " يعني بالعداوة إلى علي وأولاده عليه السلام ".

ثم قال المؤلف رحمه الله: " وكم هو جميل قول بعض الشعراء " ثم نقل أبيات الشعر. بينما في المصدر: ".. معروفاً بالتعصّب، فتألم المسلمون من ذلك، وكتب أهل بغداد شتمه على الحيطان والمساجد وهجاه الشعراء، فمما قيل في ذلك... ثم نقل أبيات الشعر ".

3- تاريخ الخلفاء (السيوطي): ص 347.


الصفحة 392
ونقل في كشف الظنون في باب الفاء عنه انّه قال هناك: انه اختصر الفتوحات وحذف بعضاً منها:

" حتى قدم علينا الأخ العالم الشريف شمس الدين السيد محمد بن السيد ابي الطيب المدني المتوفى سنة 955 خمس وخمسين وتسعمائة، فذاكرته في ذلك فأخرج الي نسخة من الفتوحات التي قابلها على النسخة التي عليها خط الشيخ محيي الدين نفسه بقونية فلم أرَ فيها شيئاً مما توقّفت فيه وحذفته، فعلمت أنَّ النسخ التي في مصر الآن كلّها كتبت من النسخة التي دسّوا على الشيخ فيها... إلى ما قاله هناك... "(1).

السابع: الشيخ عبد الوهاب بن احمد بن علي الشعراني العارف المشهور صاحب التصانيف المنثورة ; له كتاب اليواقيت والجواهر في عقائد الأكابر في المبحث السادس والستين، قال:

في بيان ان جميع اشراط الساعة التي أخبرنا بها الشارع حق لابد أن تقع كلّها قبل قيام الساعة، وذلك كخروج المهدي ثم الدجال ثم نزول عيسى وخروج الدابة وطلوع الشمس من مغربها ورفع القرآن وفتح سد يأجوج ومأجوج حتى لو لم يبقَ من الدنيا الّا مقدار يوم واحد لوقع ذلك كلّه.

قال الشيخ تقي الدين بن أبي منصور في عقيدته: وكل هذه الآيات تقع في المائة الأخيرة من اليوم الذي وعد به رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم أمته بقوله: إنْ صلحت أمتي فلها يوم، وإنْ فسدت فلها نصف يوم. يعني من ايام الرب المشار اليها بقوله تعالى: { وإنَّ يوماً عند ربّك كألفِ سنة مما تعدون }. قال بعض العارفين: وأول ألف محسوب من وفاة علي بن أبي طالب رضي الله عنه آخر الخلفاء، فان تلك المدّة كانت من جملة ايام نبوة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم ورسالته فمهد الله تعالى بالخلفاء الأربعة البلاد، ومراده صلى الله عليه وآله وسلّم ان شاء الله بالألف قوة سلطان شريعته إلى انتهاء

____________

1- كشف الظنون: ج 2، ص 1238 ـ 1239.


الصفحة 393
الألف، ثم تأخذ في ابتداء الاضمحلال إلى أن يصير الدين غريباً كما بدأ وذلك الاضمحلال يكون بدايته من مضي ثلاثين سنة من القرن الحادي عشر فهناك يترقّب خروج المهدي عليه السلام وهو من أولاد الامام الحسن العسكري عليه السلام ومولده عليه السلام ليلة النصف من شعبان سنة خمس وخمسين ومائتين وهو باق إلى أن يجتمع بعيسى بن مريم عليه السلام فيكون عمره إلى وقتنا هذا وهي سنة ثمان وخمسين وتسعمائة، ست وسبعمائة سنة. هكذا أخبرني الشيخ حسن العراقي المدفون فوق كوم الريش المطل على بركة رطلي بمصر المحروسة عن الامام المهدي عليه السلام حين اجتمع به، ووافقه على ذلك شيخنا سيدي علي الخواص رحمهما الله تعالى(1).

ونحن قد نقلنا قصة لقاء الشيخ حسن العراقي به عليه السلام عن كتاب لواقح الأنوار للشعراني المذكور في أواخر الباب السابع في ذيل احوال المعمّرين، مع نقل ثناء جماعة من علماء اهل السنة لكتاب اليواقيت حتى قال شهاب الدين الرملي الشافعي لا يختلف اثنان بأنه ما صُنف مثله "(2).

وقال آخر: " لا يقدح في معاني هذا الكتاب الّا معاند مرتاب، أو جاحد كذّاب "(3).

الثامن: الشيخ حسن العراقي.

وقد وصفه الشعراني المذكور في كتاب اللواقح: " الشيخ الصالح العابد الزاهد ذو الكشف الصحيح والحال العظيم "(4) وبعد ذلك نقل قصة لقائه تلك بالامام المهدي عليه السلام كما سيأتي.

____________

1- كشف الأستار (الشيخ النوري): ص 48 ـ 49.

2- كشف الأستار (الشيخ النوري): ص 47.

3- كشف الأستار: ص 47، عن شيخ الاسلام الفتوحي الحنبلي.

4- كشف الأستار: ص 51.


الصفحة 394
التاسع: السيد علي الخواص: استاذ وملاذ عبد الوهاب الشعراني كما صرّح في اللواقح واليواقيت انّه صدق دعوى الشيخ حسن العراقي في لقائه الامام المهدي عليه السلام، ومقدار عمره عليه السلام إلى ذلك التاريخ.

وقال في لواقح الأنوار القدسيّة في مدح العلماء والصوفيّة: " ومنهم شيخي واستاذي (الكامل الراسخ الأمي المحمدي)(1) سيدي على الخواص البراسي (صاحب الكشوف التي لا تخطأ)(2) وكان اميّاً لا يكتب ولا يقرأ (الّا من لوح قلبه)(3)، يتكلّم على معاني القرآن العظيم والسنّة المشرفة كلاماً نفيساً (تحيّر فيه العلماء)(4) وكان محل كشفه اللوح المحفوظ عن المحو (والاثبات)(5) كما حدّثنا بذلك الشيخ محمد بن داوُد الذي كان قد صاحبه عشرين عاماً(6) ; وكان مطّلعاً على خواطر الناس وكنت اُرسل له (الأخوة غالباً)(7) يشاورونه في احوالهم، (فما كان قط يحوجهم إلى كلام بل كان يخبر الشخص بواقعته التي أتى لأجلها قبل أن يتكلّم)(8) فيقول: سافر... تزوج، أو لا تفعل... إلى آخر ما قال من الفضائل والكرامات(9).

وقال في آخر كلامه: توفّي في جمادى الأخرى 939 ودفن في زاوية الشيخ بركات خارج باب النصر مقابل حوض الطيّار في مصر.

العاشر: نور الدين عبد الرحمن بن احمد بن قوام الدين محمد الدشتي الجامي

____________

1 و 2 و 3- هكذا في الترجمة، ولا توجد هذه الزيادة في الكشف.

4- هذه الزيادة في الكشف ولا توجد في الترجمة.

5- زيادة في الكشف.

6- هذه الزيادة في الترجمة، ولا توجد في الكشف.

7- هكذا في الترجمة.

8- هكذا في الكشف، وأما في الترجمة (ففي أوّل لقاء له بأحدهم يقول... الخ).

9- لعدم وجود المصدر لدينا، ولعدم تطابق ما في كشف الأسرار مع ما هو مترجم في الكتاب فقد قمنا بالتلفيق بينهما.


الصفحة 395
الحنفي المعروف بالملاّ جامي، والذي ينتهي نسبه إلى محمد بن الحسن الشيباني تلميذ ابي حنيفة والسابق بعناده وتعصّبه ضدّ الاماميّة حتى انه يعتبر جرح أمير المؤمنين عليه السلام بسيف اللسان مثل جرح عبد الرحمن بن ملجم له عليه السلام بالسيف القاطع، ومع ذلك ففي كتاب (شواهد النبوّة) عدّه عليه السلام الامام الثاني عشر ـ واعتبر العالم المشهور القاضي حسين بن محمد بن حسن الديار بكري المالكي في أول كتاب (تاريخ الخميس في أحوال أنفس النفيس) ذلك الكتاب من الكتب المعتبرة ـ ونقل مفصلا غرائب ولادته عليه السلام مطابقاً لأخبار الاماميّة مع جملة من الأخبار المصرّحة لخلافته ومهدويّته عليه السلام كما يأتي بعضها.

وقال محمود بن سليمان الكفوي في (أعلام الأخيار من فقهاء مذهب النعمان المختار): الشيخ العارف بالله، والمتوجه بالكليّة إلى الله، دليل الطريقة، ترجمان الحقيقة، والمنسلخ عن الهياكل الناسوتيّة، والمتوسّل إلى السبحات اللاهوتيّة، شمس سماء التحقيق، بدر فلك التدقيق، معدن عوارف المعارف، مستجمع الفضائل، جامع اللطائف، المولى جامي نور الدين... إلى آخره، ولا حاجة لنقله ونقل غيره بعد وضوح جلالة قدره عند تلك الجماعة.

الحادي عشر: محمد بن محمد بن محمود الحافظ البخاري المعروف بخواجه پارسا الذي صرّح في كتاب (فصل الخطاب) كما سوف تأتي عبارته في آخر الباب السابع، وفي حاشية ذلك الكتاب نقل ذلك سماحة المولى مير حامد حسين (دام تأييده) من نسخة معتبرة بعد أن ذكر خبراً معتبراً حكاية المعتضد بالله العباسي على النحو الذي سوف ننقله في الباب القادم عن كتاب (شواهد النبوّة)، قال: والأخبار في ذلك أكثر من أن تحصى، ومناقب المهدي رضي الله عنه صاحب الزمان الغائب عن الأعيان الموجود في كل زمان كثيرة، وقد تظافرت الأخبار على ظهوره وإشراق نوره، يجدد الشريعة المحمدية، ويجاهد في الله حقّ جهاده، ويطهّر من الأدناس أقطار البلاد، زمانه زمان

الصفحة 396
المتّقين، وأصحاب خلصوا من الريب، وسلموا من العيب، وأخذوا بهديه، وطريقه، واهتدوا من الحق إلى تحقيقه، به ختمت الخلافة والامامة، وهو الامام من لدن مات أبوه إلى يوم القيامة، وعيسى عليه السلام يصلّي خلفه، ويصدّقه على دعواه ويدعو إلى ملّته التي هو عليها (وهي ملّة النبي صلى الله عليه وآله وسلّم)(1).

وقال الكفوي السابق الذكر في (أعلام الأخيار من فقهاء مذهب النعمان المختار): محمد بن محمد بن محمود الحافظ البخاري المعروف بخواجه محمد پارسا أعز خلفاء الشيخ الكبير الخواجه بهاء الدين النقشبندي، من نسل حافظ الدين الكبير تلميذ شمس الائمة الكرّودي، ولد سنة 756، وقرأ العلوم على علماء عصره، وفاق على أقرانه في دهره، وحصل الفروع والأصول، وبرع في المعقول والمنقول... الخ.

ومن مؤلفات ملا عبد الرحمن الجامي شرح كلمات الخواجه پارسا(2).

الثاني عشر: الشيخ عبد الحق الدهلوي صاحب المؤلفات المعتبرة والمشهورة بين أهل السنة في فن الرجال والحديث وغيره، ومؤلف كتاب (جذب القلوب إلى ديار المحبوب) وهو في تاريخ المدينة الطيّبة وقد طبع مراراً حتى الآن.

قال في رسالة (مناقب وأحوال الائمة الأطهار عليهم السلام): " وأبو محمد الحسن العسكري ولده (محم د) رضي الله عنهما معلوم عند خواص اصحابه وثقات أهله.

ويروي ان حكيمة بنت أبي جعفر محمد الجواد رضي الله عنه عمة أبي محمد الحسن العسكري كانت تحبّه وتدعو له وتتضرّع أن ترى له ولداً وكان أبو محمد الحسن العسكري اصطفى جارية يقال لها نرجس، فلما كان ليلة النصف من شعبان سنة خمس وخمسين ومائتين دخلت حكيمة فدعت لأبي محمد الحسن العسكري عليه السلام

____________

1- كشف الأستار: ص 59، وفي آخره (ويدعو إلى ملّته التي هو عليها، والنبي (ص) صاحب الملّة).

2- راجع كشف الأستار: ص 57.


الصفحة 397
فقال لها: يا عمّة كوني الليلة عندنا لأمر فأقامت كما رسم، فلما كان وقت الفجر اضطربت نرجس فقامت اليها حكيمة، فلمّا رأت المولود أتت به أبا محمد الحسن العسكري رضي الله عنه وهو مختون مفروغ منه فأخذه وأمرّ يده على ظهره وعينيه وأدخل لسانه في فمه وأذَّن في أذنه اليمنى وأقام في الأخرى. ثم قال: يا عمّة اذهبي به إلى أمّه، فذهبت به ورددته إلى أمه.

قالت حكيمة: فجئت إلى أبي محمد الحسن العسكري رضي الله عنه فاذا المولود بين يديه في ثياب صفر وعليه من البهاء والنور ما أخذ بمجامع قلبي، فقلت: سيدي! هل عندك من علم في هذا المولود المبارك فتلقيه إليّ. فقال أي عمّة هذا المنتظر، هذا الذي بشرنا به. فقالت حكيمة: فخررت لله تعالى ساجدة شكراً على ذلك. قالت: ثم كنت أتردّد إلى أبي محمد الحسن العسكري رضي الله عنه فلما لم أره فقلت له يوماً: يا مولاي ما فعلت بسيدّنا ومنتظرنا؟ قال: استودعناه الذي استودعته أم موسى ابنها(1).

وعبد الحق المذكور هو من معتبري أهل السنة ودائماً يستشهد علماء الهند بكتب احاديثه ورجاله ويعتمدون عليه، وان شرح حاله موجود في (سبحة المرجان في آثار هندوستان) وقيل هناك ان مؤلفاته وصلت إلى مائة مجلّد، وتوفي في سنة 1052.

الثالث عشر: السيد جمال الدين الحسيني المحدّث مؤلف كتاب (روضة الأحباب) الذي هو من الكتب المعروفة المشهورة عند أهل السنة، وعدّه القاضي حسين الدياربكري في أول تاريخ الخميس من الكتب المعتمدة.

ونقل في الاستقصاء: ان الملاّ علي القاري في المرقاة شرح المشكاة، وعبد الحق الدهلوي في (مدارج النبوة) و (شرح رجال المشكاة)، وشاه ولي الله الدهلوي والد

____________

1- كشف الأستار: ص 58.


الصفحة 398
شاه صاحب عبد العزيز المعروف في (إزالة الخفاء) قد نقلوا مكرراً من هذا الكتاب، واستدلّوا به واحتجّوا به ; وقد كتب في ذلك الكتاب:

" كلام في بيان الامام الثاني عشر المؤتمن محمد بن الحسن (عليهما السلام) كانت ولادته المباركة في درج الولاية، وجوهر معدن الهداية بقول اكثر الروايات في منتصف شعبان سنة ثمان وخمسين ومائتين، وكانت امّه الجليلة ام ولد وتسمّى بصيقل، أو سوسن، وقيل نرجس، وقيل حكيمة.

وهذا الامام ذو الاكرام يواطئ في كنيته واسمه خير الأنام عليه وآله تحف الصلاة والسلام، وقد انتظم في ألقابه: المهدي المنتظر، والخلف الصالح، وصاحب الزمان (عليه السلام).

وكان له في حياة أبيه عليه السلام بالرواية الأولى وهي أقرب إلى الصحة خمس سنوات. وبالقول الثاني سنتان، وقد كرّم واهب العطايا ذلك النور الأبهج مثل يحيى وزكريّا سلام الله عليهما في حالة الطفولة، وقد وصل في وقت الصبا إلى مرتبة الامامة الرفيعة. وقد غاب صاحب الزمان ـ يعني المهدي ـ في عصر المعتمد الخليفة في سنة خمس أو ست وستين ومائتين على اختلاف القولين في السرداب في سرّ من رأى عن خرق البرايا ".

وذكر عدّة كلمات في الاختلاف في حقه عليه السلام وبعض الروايات الصريحة في ان المهدي عليه السلام هو الحجة بن الحسن العسكري عليهما السلام.

قال: يقول كاتب هذه الحروف: وعندما وصل الكلام إلى هنا أوجب جواد حسن الدلال طي قماش بساط الانبساط برجاء الواثق ووثوق الصادق، حيث وصلت ليالي هجرة محبي البيت المصطفوي وأيام صبر مخلصي الآل المرتضوي إلى النهاية ; وتشرق شمس طلعة صاحب الزمان البهيّة بأسرع وقت من مطلع النصر والتأييد، حتى تأتي راية الهداية التي هي مظهر أنوار الفضل والاحسان بالاُمنية من المشرق ; يجلي سحب الحجاب عن وجه عالم النور، فترتفع وتمتد بيمن همة ذلك

الصفحة 399
السيّد عظيم الشأن أسس أبنية الأمة البيضاء كاستواء ايوان الفلك الأخضر، وتنخفض وتنعدم بحسن جهد واجتهاد ذلك السيّد ذو الجلال قواعد ابنية الظلم والظلام واثره في وسيع الغبراء، وأهل الاسلام في ظلال أعلام الظفر، اعلامهم من ضياء الشمس حوادث الأمان.

والخوارج أشقياء العاقبة تلقوها باصابة حسام سفكهم جزاء أعمالهم يُهوى بهم إلى قعر جهنم.

والله درّ من قال الأبيات:


أقدم أيها الامام يا من شعارك الهدايةفقد وصل إلى حدّه غم الانتظار
واكشف النقاب عن وجه السعادةواجعل الطلعة مكشوفة للعيان كالشمس
اظهر من منزل الاختفاءوأظهر آثار المحبّة والوفاء(1)

وهذه الكلمات صريحة في ان عقيدته مثل عقيدة الاماميّة بوجوده عليه السلام وغيبته واختفائه عليه السلام، وانه منتظر ومترقّب ظهوره عليه السلام.

ونقل في حواشي كتاب (الاستقصاء) انه ينقل عبارات علماء أهل السنة من الكتاب المذكور على نحو الاعتماد عليه، وذكره موجب للاطناب.

ويظهر من رسالة الأصول لعبد العزيز الدهلوي صاحب (تحفة الاثني عشرية)

____________

1- الأبيات ترجمناها عن الفارسيّة وهي:


بيا اى امام هدايت شعاركه بگذشت حد از غم انتظار
ز روى همايون بيفكن نقابعيان ساز رخسار چون آفتاب
برون آى از منزل اختفانمايان كن آثار مهر و وفا


الصفحة 400
ان جمال الدين المذكور من مشايخ الاجازة، وهو السيد جمال الدين عطاء الله بن السيد غياث الدين فضل الله بن السيد عبد الرحمن.

الرابع عشر: عبد الرحمن الصوفي الذي يقول في (مرآة الأسرار):

ذِكْرُ شمس الدين ودولته الهادية لجميع الأمم، وأمته القائمة مقام الطهارة الأحمديّة، الامام على الحق أبو القاسم محمد بن الحسن المهدي رضي الله عنه. وهو الامام الثاني عشر من ائمة أهل البيت. أمّه أمّ ولد اسمها نرجس، وكانت ولادته ليلة الجمعة الخامس عشر من شهر شعبان سنة خمس وخمسين ومائتين ; وبرواية (الشواهد النبويّة) بتاريخ الثالث والعشرين من شهر رمضان سنة ثمان وخمسين ومائتين، في سرّ منْ رأى، وتعرف بسامراء.

والامام الثاني عشر يواطئ في كنيته واسمه خاتم الرسل صلى الله عليه وآله وسلّم. وألقابه الشريفة: المهدي، والحجة، والقائم، والمنتظر، وصاحب الزمان، وخاتم الاثني عشر.

وكان لصاحب الزمان حين وفاة أبيه الامام الحسن العسكري عليه السلام خمس سنين، فجلس على مسند الامامة، كما أكرم الحق تعالى يحيى بن زكريا الحكمة في الطفولة، وأوصل عيسى بن مريم حين صباه إلى المرتبة الرفيعة ; وهكذا جعله اماماً في صغر سنّه، وان كمالاته ومعاجزه الخارقة للعادة لا يمكن احصاؤها في هذا المختصر، وروى الملاّ عبد الرحمن الجامي في (شواهد النبوّة) عن حليمة أخت الامام علي النقي عمّة الامام الحسن العسكري... الخ.

واعتمد الشاه ولي الله الدهلوي في كتاب (الانتباه في سلاسل أولياء الله) على كتاب (مرآة الأسرار) المذكور، ونقل منه.

وننقل ايضاً عن عبد الرحمن المذكور حكاية عجيبة في أواخر الباب السابع في كتاب (الرسالة المدارية) يقول:


الصفحة 401
" يقول الشيخ محيي الدين بن عربي في الباب الثامن والستين وثلاثمائة من كتاب الفتوحات المكية: واعلموا ايها المسلمون انّه لابدّ من خروج المهدي الذي والده الحسن العسكري ابن الامام علي النقي بن الامام محمد التقي... إلى آخره.

اسعد الناس به أهل الكوفة.

ويدعو إلى الله بالسيف فمن أبى قتل، ومن نازعه خذل... ".

كما بيّن مفصلا في الكتاب المذكور في هذا المكان جميع احوال الامام المهدي عليه السلام فمن اراده فليراجعه هناك.

وروى مولانا عبد الرحمن الجامي وهو رجل صوفي الطريقة وشافعي المذهب جميع أحوال وكمالات وحقيقة ولادة واختفاء الامام محمد بن الحسن العسكري عليه السلام مفصلا في كتاب (شواهد النبوّة) ألّفه على أحسن وجه عن ائمة أهل بيت العترة وأرباب السيرة.

وكتب صاحب كتاب (المقصد الأقصى) ان الشيخ سعد الدين الحموي خليفة الشيخ نجم الدين صنّف كتاباً في حق الامام المهدي.

وتكون معه اشياء اُخرى كثيرة. ولا يمكن أن تكون لمخلوق آخر تلك الأقوال والأفعال التي تكون له عندما يظهر، وتظهر الولاية المطلقة عياناً، ويرتفع اختلاف المذاهب والظلم، والجور، كما وردت اوصافه الحميدة في الأحاديث النبويّة ; ان المهدي يظهر في آخر الزمان ويطهّر جميع الربع المسكون من الجور والظلم، ويأتي بمذهب واحد.

فبالجملة: " إذا كان الدجال الظالم موجوداً وحياً ومختفياً، وان عيسى عليه السلام قد وجد واختفى عن الخلق، فليس بعجيب ان يختفي ابن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم الامام محمد المهدي ابن الحسن العسكري عليهما السلام ايضاً عن نظر العامة، ويظهر بوقته مثل عيسى عليه السلام والدجال بما يتّفق والتقدير الالهي. وان انكار ما في أقوال

الصفحة 402
عدّة من الأجلّة وأقوال ائمة أهل بيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم انما هو بسبب التعصّب، وليس ضرورياً ".

الخامس عشر: علي اكبر بن أسد الله المودودي(1) من متأخري علماء أهل السنة، قال في كتاب (المكاشفات) الذي جعله كالحواشي على كتاب (نفحات الانس) للملاّ عبد الرحمن الجامي، في ترجمة علي بن سهل بن الأزهر الاصفهاني، وقد صرّح بوجود المهدي الموعود عليه السلام وقطبيته بعد ابيه الامام الحسن العسكري عليه السلام الذي كان قطباً ايضاً.

وسوف ننقل مقدار الحاجة من عبارته في آخر الباب السابع، وجميعها موجودة في (الاستقصاء) وقد صدق هناك الشعراني وحكاية الشيخ حسن العراقي وملاقاته معه عليه السلام وعمره عليه السلام.

السادس عشر: احمد بن محمد بن هاشم البلاذري، وهو من أجلّة وأكابر علماء أهل السنة ومحدّثيهم، وقد نقل عن امام العصر عليه السلام حديثاً مسلسلا، وقد صرّح فيه بامامته وغيبته عليه السلام.

وقد نقل هذا الخبر الشريف شاه ولي الله الدهلوي الذي وصفه صاحب (التحفة الاثنا عشرية) بـ (خاتم العارفين وقاصم المخالفين وسيد المحدّثين وسند المتكلّمين وحجة الله على العالمين) ; قال في كتاب (المسلسلات) المشهور بـ (الفضل المبين):

قلت: شافهني ابن عقلة باجازة جميع ما يكون له روايته، ووجدت في مسلسلاته حديثاً مسلسلا بانفراد كل راو من رواته بصفة عظيمة تفرد بها.

____________

1- قال في كشف الأستار: ص 79 (المؤودي) بدل (المودودي).


الصفحة 403
قال: اخبرني فريد عصره الشيخ حسن بن علي العجمي(1)، اخبرنا حافظ عصره جمال الدين الباهلي(2)، اخبرنا مسند وقته محمد الحجازي الواعظ، اخبرنا صوفي زمانه الشيخ عبد الوهاب الشعراني(3)، اخبرنا مجتهد عصره جلال الدين(4)السيوطي، اخبرنا حافظ عصره ابو نعيم رضوان العقبى، اخبرنا مقرئ زمانه الشمس محمد ابن الجزري، اخبرنا الامام جمال الدين محمد بن محمد الجمّال زاهد عصره..

اخبرنا الامام محمد ابن مسعود محدّث بلاد فارس في زمانه..

اخبرنا شيخنا اسماعيل بن مظفر الشيرازي عالم وقته..

اخبرنا عبد السلام بن أبي الربيع الحنفي محدّث زمانه..

اخبرنا أبو بكر عبد الله بن محمد بن شابور القلانسي شيخ عصره..

اخبرنا عبد العزيز ; حدّثنا محمد الآدمي امام أوانه..

اخبرنا سليمان بن ابراهيم بن محمد بن سليمان نادرة عصره..

حدّثنا أحمد بن محمد بن هاشم البلاذري حافظ زمانه..

حدّثنا محمد بن الحسن بن علي المحجوب امام عصره(5).. حدّثنا الحسن بن علي، عن أبيه، عن جدّه، عن أبي جدّه علي بن موسى الرضا عليهم السلام..

حدّثنا موسى الكاظم، قال: حدّثنا ابي جعفر الصادق، حدّثنا أبي محمد الباقر بن علي.. حدّثنا أبي علي بن الحسين زين العابدين السجاد.. حدّثنا ابي الحسين سيد الشهداء.. حدّثنا أبي علي بن أبي طالب عليهم السلام سيد الأولياء..

____________

1- في الترجمة (العجيمي) بدل (العجمي) واثبتنا ما في كشف الأستار.

2- في الترجمة (البابلي) بدل (الباهلي) واثبتا ما في كشف الأستار.

3- في الترجمة (الشعراوي) بدل (الشعراني) واثبتنا ما في كشف الأستار.

4- في الكشف (الجلال السيوطي) واثبتا ما في الترجمة.

5- يقصد به الامام المنتظر المحجوب عن الأبصار عجل الله تعالى فرجه الشريف.