ولي لهذا الدعاء اجازات كثيرة اقتصرت عليها، فالمرجو منه دام تأييده أن لا ينساني في مظان اجابة الدعوات ; والتمست منه أن لا يقرأ هذا الدعاء الّا لله تعالى ولا يقرأ بقصد اهلاك عدوّه إذا كان مؤمناً، وان كان فاسقاً أو ظالماً، وأن لا يقرأ بجمع الدنيا الدنيّة، بل ينبغي أن يكون قرائته للتقرّب إلى الله ولدفع ضرر شياطين الجن والانس عنه وعن جميع المؤمنين إذا أمكنه نيّة القربة في هذا المطلب، والّا فالأولى ترك جميع المطالب غير القرب منه تعالى شأنه، نمقه بيمناه الدائرة أحوج المربوبين إلى
ونقل هذه الحكاية خاتمة العلماء المحدّثين الشيخ أبو الحسن الشريف تلميذ العلامة المجلسي في أواخر مجلّد (ضياء العالمين) عن استاذه عن والده، إلى مجيء السيد إلى مكة ثم قال: فقال لي والد شيخي فأخذت نسخة الدعاء منه بتصحيح الامام عليه السلام وأجاز لي أن أرويه عن الامام عليه السلام، وقد أجاز هو لولده الذي هو شيخي المذكور طاب ثراه، وذلك الدعاء من جملة اجازات شيخي لي، ولي أربعون سنة أقرؤه وقد رأيت منه خيراً كثيراً.
ثم نقل قصة رؤيا السيد حيث قال في المنام عجّل بالذهاب إلى كربلاء فقد صار موتك قريباً.
وهذا الدعاء موجود على النحو المذكور في بحار الأنوار المجلّد الثاني عشر.
الحكاية الثلاثون:
نقل السيد رضي الدين علي بن طاووس في كتاب فرج المهموم والعلامة المجلسي في البحار عن كتاب الدلائل للشيخ أبي جعفر محمد بن جرير الطبري انّه قال:
حدّثنا أبو جعفر محمد بن هارون بن موسى التلعكبري قال: حدّثني أبو الحسين بن أبي البغل الكاتب قال: تقلّدت عملا من أبي منصور الصالحان وجرى بيني وبينه ما أوجب استتاري عنه، فطلبني وأخافني فمكثت مستتراً خائفاً ثم قصدت مقابر قريش(2) ليلة الجمعة واعتمدت المبيت هناك للدعاء والمسألة، وكانت ليلة ريح
____________
1- راجع دار السلام (النوري): ج 2، ص 12.
2- قال المؤلف رحمه الله: " يعني المرقد المنوّر للامام الكاظم عليه السلام ".
____________
1- سقطت من الترجمة.
2 و 3- هذه الزيادة في الترجمة.
4- سقطت من الترجمة.
يقول المؤلف:
هناك عدّة أدعية تسمّى بدعاء الفرج:
الأول: الدعاء المذكور في هذه الحكاية.
____________
1- هذه الزيادة في الترجمة.
2- فرج المهموم (السيد ابن طاووس): ص 245 - 247 ـ ودلائل الامامة (الطبري): ص 304 - 306 ـ وعنه في البحار: ج 95، ص 200 - 201.
" يا عماد مَنْ لا عماد له، ويا سند مَن لا سند له، ويا ذخر من لا ذخر له، ويا حرز من لا حرز له، ويا فخر من لا فخر له، ويا ركن مَن لا ركن له، يا عظيم الرجاء، يا عزّ الضعفاء، يا منقذ الغرقى، يا منجي الهلكى، [ يا محسن ](2) يا مجمل [ يا منعم ](3) يا مفضل أسأل الله الذي لا إلـه الّا أنت الذي سجد لك سواد الليل وضوء النهار، وشعاع الشمس، ونور القمر، ودوي الماء، وحفيف [ الشجر ](4).
يا الله! يا رحمن! يا ذا الجلال والاكرام ".
وكان علي بن أبي طالب عليه السلام يسمي هذا دعاء الفرج(5).
الثالث: روى الشيخ ابراهيم الكفعمي في (الجنّة الوافية): انّ رجلا جاء إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلّم وقال: يا رسول الله! انّي كنت غنيّاً فافتقرت، وصحيحاً فمرضت، وكنت مقبولا عند الناس فصرت مبغوضاً، وخفيفاً على قلوبهم فصرت ثقيلا،
____________
1- في المصدر (وثلاثة وثلاثون) وهي واضحة من سهو النسّاخ أو زياداتهم، فانّ مجموع الحروف هي سبعة عشر.
2 و 3 و 4- سقطت من المصدر المطبوع.
5- الجعفريات: ص 248، الطبعة الحجرية ـ وقريب منه رواه الصدوق في الخصال: ص 510 ـ وتجده في بحار الأنوار: ج 95، ص 155 و156.
فقال له النبي صلى الله عليه وآله وسلّم: يا هذا! لعلّك تستعمل ميراث الهموم؟
فقال: وما ميراث الهموم؟
قال: لعلك تتعمم من قعود، أو تتسرول من قيام، أو تقلّم اظفارك بسنّك، أو تمسح وجهك بذيلك، أو تبول في ماء راكد، أو تنام منبطحاً على وجهك؟
فقال: لم أفعل من ذلك شيئاً.
فقال له النبي صلى الله عليه وآله وسلّم: اتّق الله واخلص ضميرك، وادعُ بهذا الدعاء، وهو دعاء الفرج.
" إلهي طموح الآمال قد خابت الّا لديك، ومعاكف الهمم قد تقطعت الّا عليك، ومذاهب العقول قد سَمَتْ الّا اليك، فإليك الرجاء، واليك الملتجأ، يا أكرم مقصود، ويا أجود مسؤول، هربت اليك بنفسي يا ملجأ الهاربين بأثقال الذنوب أحملها على ظهري، وما(1) أجد لي اليك شافعاً سوى معرفتي بأنّك أقرب من رجاه الطالبون، ولجأ إليه المضطرّون، وأمَّل ما لديه الراغبون.
يا مَنْ فَتَقَ العقول بمعرفته، وأطلق الألسن بحمده، وجعل ما امتنّ على عباده كفاءاً لتأدية حقّه، صلّ على محمد وآله، ولا تجعل للهموم على عقلي سبيلا، ولا للباطل على عملي دليلا، وافتح لي بخير الدنيا [ والآخرة ](2) يا ولي الخير(3) "(4).
____________
1- في البحار (ولا) بدل (وما).
2- سقطت من الترجمة.
3- في البحار تكلمة الخبر: " فلمّا دعا به الرجل وأخلص نيّته عاد إلى أحسن حالاته ".
4- البحار: ج 95، ص 203 ـ 204.
" اللهم يا ودود يا ودود(1) يا ذا العرش المجيد، يا فعالا لما يريد، اسئلك بنور وجهك الذي ملأ أركان عرشك، وبقدرتك التي قدرت بها على جميع خلقك، وبرحمتك التي وسعت كلّ شيء لا إلـه الّا أنت يا مبدئ يا معيد، لا إلـه الّا أنت يا إلـه البشر، يا عظيم الخطر، منك الطلب، واليك الهرب وَقَعَ بالفرج يا مغيث أغثني [ يا مغيث أغثني يا مغيث أغثني ](2) ".
الخامس: دعاء الفرج المروي في كتاب مفاتيح النجاة للمحقّق السبزواري وأوله:
" اللهمّ اني اسئلك يا الله يا الله يا الله يا مَنْ علا فقهر يا من بطن فخبر... الخ ".
الحكاية الحادية والثلاثون:
قضية الصالح الصفي التقي الحاج علي البغدادي الموجود حالياً في وقت تأليف هذا الكتاب وفّقه الله، وهي تناسب الحكاية السابقة، ولو لم يكن في هذا الكتاب الشريف الّا هذه الحكاية المتقنة الصحيحة التي فيها فوائد كثيرة، وقد حدثت في وقت قريب، لكفت في شرفه ونفاسته.
وتفصيلها كما يلي:
في شهر رجب السنة الماضية كنت مشغولا بتأليف رسالة جنّة المأوى فعزمت
____________
1- في الكلم الطيّب: (يا ودود) كررت ثلاث مرّات.
2- قال في الترجمة (يا مغيث أغثني) ثلاث مرّات.
وقال السيد عليخان رحمه الله في الكلم الطيّب بعد يا مغيث اغثني الثالثة: " انتهى ما نقلته من خط جدّنا المذكور قدّس الله سرّه، وكان وفاته سنة خمس عشر بعد الألف رحمه الله تعالى ".
فسألته إذا كان رأى أو سمع حكاية صحيحة في هذا الباب أن ينقلها، فنقل هذه القضية، وكنت قد سبقتها سابقاً ولكنّي لم أضبط أصلها وسندها فطلبت منه أن يكتبها بخطّ يده.
فقال: سمعتها من مدّة وأخاف أن أزيد فيها أو أنقص، فعليَّ أن ألتقي به واسئله ومن ثمّ اكتبها، ولكن اللقاء به والأخذ منه صعب فانّه من حين وقوع هذه القضية قلّ اُنسه بالناس وسكناه في بغداد وعندما يأتي للتشرّف بالزيارة فانّه لا يذهب إلى مكان ويرجع بعد أن يقضي وطراً من الزيارة، فيتفق أن لا أراه في السنة الّا مرّة أو مرّتين في الطريق، وعلى ذلك فانّ مبناه على الكتمان الّا على بعض الخواص ممن يأمن منه الافشاء والاذاعة خوف استهزاء المخالفين المجاورين المنكرين ولادة المهدي عليه السلام وغيبته، وخوفاً من أن ينسبه العوام إلى الفخر وتنزيه النفس.
قلت: انّي أطلب منك أن تراه مهما كان وتسأله عن هذه القضية إلى حين رجوعي من النجف، فالحاجة كبيرة والوقت ضيق.
ففارقته لساعتين أو ثلاث ثمّ رجع اليّ وقال: من أعجب القضايا انّي عندما ذهبت إلى منزلي جائني شخص مباشرة وقال جاؤوا بجنازة من بغداد ووضعوها في الصحن الشريف وينتظرونك للصلاة عليها.
وقد تشرّفت بعد مدّة مع جماعة من العلماء الكرام والسادات العظام بزيارة الكاظمين عليهما السلام وذهبت من هناك إلى بغداد لزيارة النوّاب الأربعة رضوان الله عليهم فبعد أداء الزيارة وصلت بخدمة جناب العالم العامل والسيد الفاضل الآقا سيد حسين الكاظميني، وهو أخ جناب الآقا السيد محمد المذكور، وكان يسكن في بغداد وعليه مدار الأمور الشرعية لشيعة بغداد أيدهم الله، وطلبت منه أن يحضر الحاج علي المذكور، وبعد أن حضر، طلبت منه أن ينقل القضية في ذلك المجلس، فأبى، وبعد الاصرار رضي أن ينقلها ولكن في غير ذلك المجلس، وذلك بسبب حضور جماعة من أهل بغداد، فذهبنا إلى مكان خال ونقل القضية، وكان الاختلاف في الجملة في موضعين أو ثلاثة وقد اعتذر عن ذلك بسبب طول المدّة.
وكانت تظهر من سيمائه آثار الصدق والصلاح بنحو واضح، بحيث ظهر لجميع الحاضرين مع كثرة تدقيقهم في الأمور الدينية والدنيوية القطع بصدق الواقعة.
نقل الحاج المذكور أيده الله: اجتمع في ذمّتي ثمانون توماناً من مال الامام عليه السلام فذهبت إلى النجف الأشرف فأعطيت عشرين توماناً منه لجناب علم الهدى والتقى الشيخ مرتضى أعلى الله مقامه وعشرين توماناً إلى جناب الشيخ محمد حسين المجتهد الكاظميني وعشرين توماناً لجناب الشيخ محمد حسن الشروقي وبقي في ذمّتي عشرون توماناً، كان في قصدي أن أعطيها إلى جناب الشيخ محمد حسن الكاظميني آل ياسيني أيده الله عند رجوعي. فعندما رجعت إلى بغداد كنت راغباً في التعجيل بأداء ما بقي في ذمّتي، فتشرّفت في يوم الخميس بزيارة الامامين الهمامين الكاظمين عليهما السلام وبعد ذلك ذهبت إلى خدمة جناب الشيخ سلّمه الله وأعطيته مقداراً من العشرين توماناً وواعدته بأني سوف أعطي الباقي بعد ما أبيع بعض الأشياء تدريجياً، وأن
قلت: زرت الكاظمين عليهما السلام وأرجع إلى بغداد.
قال: هذه الليلة ليلة الجمعة فارجع.
قلت: يا سيدي لا أتمكّن.
فقال: في وسعك ذلك، فارجع حتى أشهد لك بأنّك من موالي جدّي أمير المؤمنين عليه السلام ومن موالينا، ويشهد لك الشيخ كذلك، فقد قال تعالى: { واستشهدوا شهيدين }(1).
وكان ذلك منه اشارة إلى مطلب كان في ذهني أن ألتمس من جناب الشيخ أن يكتب لي شهادة بأنّي من موالي أهل البيت عليه السلام لأضعها في كفني.
فقلت: أي شيء تعرفه، وكيف تشهد لي؟
قال: من يوصل حقّه إليه، كيف لا يعرف من أوصله؟
قلت: أيُّ حق؟
قال: ذلك الذي أوصلته إلى وكيلي.
قلت: من هو وكيلك.
____________
1- الآية 282 من سورة البقرة.
قلت: وكيلك؟
قال: وكيلي.
وكان قد قال لجناب الآقا السيد محمد، وكان قد خطر في ذهني ان هذا السيد الجليل يدعوني باسمي مع أنّي لا أعرفه، فقلت في نفسي لعلّه يعرفني وأنا نسيته. ثمّ قلت في نفسي ايضاً: انّ هذا السيد يريد منّي شيئاً من حقّ السادة، وأحببت أن اُوصل إليه شيئاً من مال الامام عليه السلام الذي عندي.
فقلت: يا سيد بقي عندي شيءٌ من حقّكم فرجعت في أمره إلى جناب الشيخ محمد حسن لأؤدّي حقّكم يعني السادات بأذنه.
فتبسّم في وجهي وقال: نعم قد أوصلت بعضاً من حقّنا إلى وكلائنا في النجف الأشرف.
فقلت: هل قبل ذلك الذي أدّيته؟
فقال: نعم.
خطر في ذهني أن هذا السيد يقول بالنسبة إلى العلماء الأعلام (وكلائنا) فاستعظمت ذلك، فقلت: العلماء وكلاء في قبض حقوق السادات وغفلت. (انتهى)(1).
ثم قال: ارجع زُر جدّي.
فرجعت وكانت يده اليمنى بيدي اليسرى فعندما سرنا رأيت في جانبنا الأيمن نهراً ماؤه أبيض صاف جار، وأشجار الليمون والنارنج والرمان والعنب وغيرها كلّها مثمرة في وقت واحد مع انّه لم يكن موسمها، وقد تدلت فوق رؤوسنا.
____________
1- إلى هنا ينتهي ما نقله المؤلف رحمه الله عن السيد محمد المذكور عن الحاج علي البغدادي، والذي لم يسمعه من الحاج علي مباشرة، بل كان قد نسيه كما أشار إليه المؤلف رحمه الله في اثناء القصة.
قال: انها تكون مع كل من يزورنا ويزور جدّنا من موالينا.
فقلت: أريد أن أسئلك؟
قال: اسأل.
قلت: كان الشيخ المرحوم عبد الرزاق رجلا مدرساً فذهبت عنده يوماً فسمعته يقول: لو أن أحداً كان عمره كلّه صائماً نهاره قائماً ليله وحج أربعين حجة وأربعين عمرة ومات بين الصفا والمروة ولم يكن من موالي أمير المؤمنين عليه السلام، فليس له شيء؟
قال: نعم، والله ليس له شيء.
فسألته عن بعض أقربائي هل هو من موالي أمير المؤمنين عليه السلام؟
قال: نعم، هو وكلّ من يرتبط بك.
فقلت: سيدنا! لي مسئلة.
قال: اسأل.
قلت: يقرأ قرّاء تعزية الحسين عليه السلام ان سليمان الأعمش جاء عند شخص وسأله عن زيارة سيد الشهداء عليه السلام فقال: بدعة. فرأى في المنام هودجاً بين الأرض والسماء، فسأل مَنْ في الهودج؟ فقيل له: فاطمة الزهراء وخديجة الكبرى عليهما السلام. فقال: إلى أين تذهبان؟ فقيل: إلى زيارة الحسين عليه السلام في هذه الليلة فهي ليلة الجمعة، ورأى رقاعاً تتساقط من الهودج مكتوب فيها: " أمان من النار لزوّار الحسين عليه السلام في ليلة الجمعة أمان من النار يوم القيامة ".
فهل هذا الحديث صحيح؟
قال: نعم، صحيح وتام.
قلت: سيدنا يقولون: من زار الحسين عليه السلام ليلة الجمعة فهي له أمان.
قلت: سيدنا مسألة.
قال: اسأل.
قلت: زرنا الامام الرضا عليه السلام سنة تسع وستين ومائتين وألف والتقينا بأحد الأعراب الشروقيين من سكّان البادية في الجهة الشرقية من النجف الأشرف في درود، واستضفناه وسألناه كيف هي ولاية الرضا عليه السلام؟
قال: الجنة. ولي خمسة عشر يوماً آكل من مال مولاي الامام الرضا عليه السلام فكيف يجرؤ منكر ونكير أن يدنيا منّي في قبري وقد نبت لحمي ودمي من طعامه عليه السلام في مضيفه؟!
فهل هذا صحيح انّ علي بن موسى الرضا عليه السلام يأتي ويخلّصه من منكر ونكير؟
فقال: نعم والله، انّ جدّي هو الضامن.
قلت: سيدنا أريد أن أسألك مسألة صغيرة؟
قال: اسأل.
قلت: وهل زيارتي للامام الرضا عليه السلام مقبولة؟
قال: مقبولة إن شاء الله.
قلت: سيدنا مسألة؟
قال: بسم الله.
قلت: انّ الحاج محمد حسين القزاز (بزاز باشي) ابن المرحوم الحاج احمد القزاز (بزاز باشي) هل زيارته مقبولة أم لا (وقد كان رفيقنا في السفر وشريكنا في الصرف في طريق مشهد الرضا عليه السلام)؟
قال: العبد الصالح زيارته مقبولة.
قال: بسم الله.
قلت: انّ فلاناً من أهل بغداد ـ وكان رفيقنا في السفر ـ هل زيارته مقبولة؟
فسكت.
قلت: سيدنا مسألة؟
قال: بسم الله.
قلت: هل سمعت هذه الكلمة أم لا؟ فهل انّ زيارته مقبولة أم لا؟ فلم يجبني.
ونقل الحاج المذكور انّه كان ذلك الشخص وعدّة نفر من أهل بغداد المترفين قد انشغلوا في السفر باللهو واللعب، وكان ذلك الشخص قد قتل أمه.
فوصلنا في الطريق إلى مكان واسع على طرفيه بساتين مقابل بلدة الكاظمين الشريفة، وكان موضع من ذلك الطريق متصلا ببساتين من جهته اليمنى لمن يأتي من بغداد وهو ملك لبعض الأيتام السادة وقد أدخلته الحكومة ظلماً في الطريق، وكان أهل التقوى والورع من سكنة هاتين البلدتين يجتنبون دائماً المرور من تلك القطعة من الأرض.
ورأيته عليه السلام يمشي في تلك القطعة فقلت: يا سيدي هذا الموضع ملك لبعض الأيتام السادة ولا ينبغي التصرّف فيه.
قال: هذا الموضع ملك جدّنا أمير المؤمنين عليه السلام وذرّيته وأولادنا ويحلّ لموالينا التصرّف فيه.
وكان في القرب من ذلك المكان على الجهة اليسرى بستان ملك لشخص يقال له الحاج الميرزا هادي، وهو من أغنياء العجم المعروفين، وكان يسكن في بغداد ; قلت: سيدنا هل صحيح ما يقال بأن أرض بستان الحاج ميرزا هادي ملك الامام موسى بن جعفر عليه السلام؟
فوصلنا إلى ساقية ماء فُرِّعت من شط دجلة للمزارع والبساتين في تلك المنطقة، وهي تمرّ في ذلك الطريق، وعندها يتشعّب الطريق إلى فرعين باتّجاه البلدة ; أحد الطريقين سلطاني(1)، والآخر طريق السادة، فاختار عليه السلام طريق السادة.
فقلت: تعال نذهب من هذا الطريق، يعني الطريق السلطاني.
قال: لا، نذهب من طريقنا.
فما خطونا الّا عدّة خطوات فوجدنا أنفسنا في الصحن المقدّس عند موضع خلع الأحذية (كفش دارى) من دون أن نمر بزقاق ولا سوق.
فدخلنا الايوان من جهة باب المراد التي هي الجهة الشرقية مما يلي الرجل.
ولم يمكث عليه السلام في الرواق المطهر، ولم يقرأ اذن الدخول، ودخل، ووقف على باب الحرم، فقال: زُر.
قلت: إنّي لا أعرف القراءة.
قال: أقرأ لك؟
قلت: نعم.
فقال: أأدخل يا الله، السلام عليك يا رسول الله، السلام عليك يا أمير المؤمنين، وهكذا سلّم على كلّ امام من الائمة عليهم السلام حتى بلغ في السلام إلى الامام العسكري عليه السلام وقال: السلام عليك يا أبا محمد الحسن العسكري، ثم قال: تعرف امام زمانك؟
قلت: وكيف لا أعرفه؟
قال: سلّم على امام زمانك.
____________
1- الظاهر انّ المقصود منه انّه حكومي.