فتبسّم وقال: عليك السلام ورحمة الله وبركاته، فدخلنا في الحرم المطهّر وأنكببنا على الضريح المقدّس، وقبّلناه، فقال لي: زُر.
قلت: لا أعرف القراءة.
قال: أقرأ لك الزيارة؟
قلت: نعم.
قال: أي زيارة تريد؟
قلت: زورني بأفضل الزيارات.
قال: زيارة أمين الله هي الأفضل.
ثم أخذ بالقراءة وقال: السلام عليكما يا أميني الله في أرضه وحجتيه على عباده... الخ.
وأضيئت في هذه الأثناء مصابيح الحرم فرأيت الشموع مضاءة ولكن الحرم مضاء ومنوّر بنور آخر مثل نور الشمس والشموع تضيء مثل المصباح في النهار في الشمس.
وكنت قد أخذتني الغفلة بحيث لم انتبه إلى هذه الآيات.
فعندما انتهى من الزيارة جاء إلى الجهة التي تلي الرجل فوقف في الجانب الشرقي خلف الرأس، وقال: هل تزور جدّي الحسين عليه السلام؟
قلت: نعم أزوره فهذه ليلة الجمعة.
فقرأ زيارة وارث، وقد فرغ المؤذنون من اذان المغرب، فقال لي: صلِّ والتحق بالجماعة، فجاء إلى المسجد الذي يقع خلف الحرم المطهّر وكانت الجماعة قد انعقدت هناك، ووقف هو منفرداً في الجانب الأيمن لإمام الجماعة محاذياً له، ودخلت أنا في الصفّ الأول حيث وجدت مكاناً لي هناك.
فجئت عند حافظ الأحذية وسألت عنه، فقال: خرج.. وسألني: هل كان هذا السيد رفيقك؟
قلت: نعم.
فجئت إلى بيت مضيفي وقضيت الليلة، فعندما صار الصباح، ذهبت إلى جناب الشيخ محمد حسن ونقلت له كلّما رأيت.
فوضع يده على فمي ونهاني عن اظهار هذه القصة وافشاء هذا السر، وقال: وفقك الله تعالى.
فأخفيت ذلك ولم أظهره لأحد إلى أن مضى شهر من هذه القضية، فكنت يوماً في الحرم المطهر، فرأيت سيداً جليلا قد اقترب منّي وسألني ماذا رأيت؟ وأشار إلى قصة ذلك اليوم!
قلت: لم أَرَ شيئاً.
فأعاد عليّ ذلك الكلام. وانكرت بشدّة.
فاختفى عن نظري ولم أَرَهُ بعد ذلك.
ولم نَرَهُ بعد ذلك، حتى وصلنا المشهد بعد اسبوع وكان يوم الخميس فرأينا ان ذلك الميّت قد غُسّل وكُفّن ووُضع في الايوان المطهّر، وعند رأسه جميع ملابسه ولم نَرَ أحداً، وبعد فحصنا علمنا أنّ الجنازة وصلت إلى المشهد المقدّس في ذلك اليوم الذي أعطيناها له، ولم يظهر منه بعد ذلك أثر.
يقول المؤلف:
إنّ الحاج علي المذكور هو ابن الحاج قاسم الكرادي البغدادي من التجّار والعوام.
وكل مَنْ سألته من العلماء وسادات الكاظمين وبغداد المعظّمين عن حاله، مدحوه بالخير والصلاح والصدق والأمانة واجتناب عادات أهل زمانه السيئة.
وقد شاهدت آثار هذه الأوصاف فيه عند رؤيتي له وتكلّمي معه.
وكان يتأسّف أثناء كلامه على عدم معرفته له عليه السلام بشكل تظهر فيه آثار الصدق والاخلاص والحبّ. فهنيئاً له.
قال: فأتيته وقرعت عليه الباب فاذا أنا بصوت من وراء الباب: انّه قد قصد الزيارة في أوّل الليل، فخرجت مسرعاً فأتيت الحير فاذا أنا بالشيخ ساجد لا يملّ من السجود والركوع، فقلت له: بالأمس تقول لي: بدعة، وكلّ بدعة ضلالة، وكلّ ضلالة في النار، واليوم تزوره؟! فقال لي: يا سليمان لا تلمني، فانّي ما كنت أثبت لأهل هذا البيت إمامة حتى كانت ليلتي هذه، فرأيت رؤيا أرعبتني.
فقلت: ما رأيت ايها الشيخ؟ قال: رأيت رجلا لا بالطويل الشّاهق ولا بالقصير اللاّصق، لا اُحسن أصفه من حسنه وبهائه، معه أقوام يحفّون به حفيفاً ويزفّونه زفّاً، بين يديه فارس على فرس له ذَنوب، على رأسه تاج، للتاج أربعة أركان، في كلّ ركن جوهرة تضيء مسيرة ثلاثة أيام.
فقلت: من هذا؟ فقالوا: محمد بن عبد الله بن عبد المطلب عليه السلام، فقلت: والآخر؟ فقالوا: وصيّه علي بن أبي طالب عليه السلام ثمّ مددت عيني فاذا أنا بناقة من نور عليها هودج من نور تطير بين السماء والأرض.
فقلت: لمن الناقة؟ قالوا: لخديجة بنت خويلد وفاطمة بنت محمد. قلت: والغلام؟ قالوا: الحسن بن علي. قلت: فأين يريدون؟ قالوا: يمضون بأجمعهم إلى زيارة المقتول ظلماً الشهيد بكربلاء الحسين بن علي، ثمّ قصدت الهودج وإذا أنا برقاع تَساقط من السماء أماناً من الله جلّ ذكره لزوّار الحسين بن علي ليلة الجمعة، ثمّ هتف بنا هاتف أَلاَ إنّا وشيعتنا في الدّرجة العليا من الجنة، والله يا سليمان لا أفارق
ونقل الشيخ الطريحي آخر الخبر هكذا:
" وإذا أنا برقاع مكتوبة تَساقط من السماء، فسألت: ما هذه الرقاع؟ فقال: فيها أمان من النار لزوّار الحسين عليه السلام في ليلة الجمعة. فطلبت منه رقعة، فقال لي: انّك تقول زيارته بدعة، فانّك لا تنالها حتى تزور الحسين وتعتقد فضله وشرفه، فانتبهت من نومي فزعاً مرعوباً، وقصدت من وقتي وساعتي إلى زيارة سيدي الحسين عليه السلام "(2).
الحكاية الثانية والثلاثون:
وأخبرني كذلك السيد المؤيد المذكور أيده الله تعالى مشافهةً وكتابةً، قال: لمّا كنت مجاوراً في النجف الأشرف لأجل تحصيل العلوم الدينية، وذلك في حدود السنة الخامسة والسّبعين بعد المائتين والألف من الهجرة النبويّة، كنت أسمع جماعة من أهل العلم وغيرهم من أهل الديانة يصفون رجلا يبيع البقل وشبهه انّه رأى مولانا الامام المنتظر سلام الله عليه، فطلبتُ معرفة شخصه حتى عرفته، فوجدته رجلا صالحاً متديّناً وكنت أحبّ الاجتماع معه في مكان خال لأستفهم منه كيفية رؤيته مولانا الحجة روحي فداه، فصرت كثيراً ما اسلّم عليه وأشتري منه ممّا يتعاطى ببيعه، حتى صار بيني وبينه نوع مودّة، كلّ ذلك مقدّمة لتعرّف خبره المرغوب في سماعه عندي، حتى اتّفق لي انّي توجّهت إلى مسجد السهلة للاستجارة فيه، والصلاة والدّعاء في مقاماته الشريفة ليلة الأربعاء.
فلمّا وصلت إلى باب المسجد رأيت الرجل المذكور عند الباب، فاغتنمت
____________
1- راجع المزار الكبير: ص 107 ـ وعنه في البحار: ج 101، ص 58.
2- المنتخب (للطريحي): ج 1، ص 196.
فلمّا وصلنا إلى المسجد الشريف، واستقرّ بنا المقام، وعملنا بعض الأعمال الموظّفة فيه، سألته عن خبره والتمست منه أن يحدّثني بالقصّة تفصيلا، فقال ما معناه:
" إنّي كنت كثيراً ما أسمع من أهل المعرفة والدّيانة انَّ مَنْ لاَزَمَ عمل الاستجارة في مسجد السهلة أربعين ليلة أربعاء متوالية بنيّة رؤية الامام المنتظر عليه السلام وُفّق لرؤيته، وانّ ذلك قد جرِّب مراراً، فاشتاقت نفسي إلى ذلك، ونويت ملازمة عمل الاستجارة في كلّ ليلة اربعاء، ولم يمنعني من ذلك شدّة حرّ ولا برد، ولامطر ولا غير ذلك، حتى مضى لي ما يقرب من مدّة سنة، وأنا ملازم لعمل الاستجارة، وأبات في مسجد الكوفة على القاعدة المتعارفة.
ثمّ انّي خرجت عشيّة يوم الثلاثاء ماشياً على عادتي وكان الزّمان شتاء، وكانت تلك العشية مظلمة جدّاً لتراكم الغيوم مع قليل مطر، فتوجّهت إلى المسجد وأنا مطمئن بمجيء الناس على العادة المستمرّة، حتى وصلت إلى المسجد، وقد اشتدّ الظلام وكثر الرعد والبرق، فاشتدّ بي الخوف وأخذني الرّعب من الوحدة لأنّي لم اُصادف في المسجد الشريف أحداً أصلا حتى ان الخادم المقرّر للمجيء ليلة الأربعاء لم يجيء تلك الليلة.
فاستوحشت لذلك للغاية، ثمّ قلت في نفسي: ينبغي أن اُصلّي المغرب وأعمل عمل الاستجارة عجالة، وأمضي إلى مسجد الكوفة فصبّرت نفسي، وقمت إلى صلاة المغرب فصلّيتها، ثمّ توجّهت لعمل الاستجارة، وصلاتها ودعائها، وكنت أحفظه.
فبينما أنا في صلاة الاستجارة إذ حانت منّي التفاتة إلى المقام الشريف المعروف
ثمّ توجّهت نحو المقام الشريف ودخلته، فرأيت فيه ضياءً عظيماً لكنّي لم أَرَ بعيني سراجاً ولكنّي في غفلة عن التفكّر في ذلك، ورأيت فيه سيّداً جليلا مُهاباً بصورة أهل العلم، وهو قائم يصلّي فارتاحت نفسي إليه، وأنا أظنّ انّه من الزوّار الغرباء لأنّي تأمّلته في الجملة فعلمت انّه [ ليس ](2) من سكنة النجف الأشرف.
فشرعت في زيارة مولانا الحجة سلام الله عليه عملا بوظيفة المقام، وصلّيت صلاة الزيارة، فلمّا فرغت أردت اُكلّمه في المضيّ إلى مسجد الكوفة، فهبته وأكبرته، وأنا انظر إلى خارج المقام، فأرى شدّة الظلام، وأسمع صوت الرّعد والمطر، فالتفت اليّ بوجهه الكريم برأفة وابتسام، وقال لي: تحبّ أن تمضي إلى مسجد الكوفة؟ فقلت: نعم يا سيدنا! عادتنا أهل النجف إذا تشرّفنا بعمل هذا المسجد نمضي إلى مسجد الكوفة، ونبات فيه، لأنّ فيه سكاناً وخدّاماً وماءً.
فقام، وقال: قم بنا نمضِ إلى مسجد الكوفة، فخرجت معه وأنا مسرور به وبحسن صحبته، فمشينا في ضياء وحسن هواء وأرض يابسة لا تعلّق بالرجل وأنا غافل عن حال المطر والظلام الذي كنت أراه، حتّى وصلنا إلى باب المسجد وهو ـ روحي فداه ـ معي وأنا في غاية السّرور والأمن بصحبته، ولم أَرَ ظلاماً ولا مطراً.
فطرقت الباب الخارجة عن المسجد، وكانت مغلقة فأجابني الخادم: من الطارق؟
____________
1- قال في الترجمة ما معناه: " مكان المصلّين ".
2- سقطت من الجنّة.
فدخلت المسجد وانتبهت من غفلتي، وكأنّي كنت نائماً فاستيقظت، وجعلت ألوم نفسي على عدم التنبّه لما كنت أرى من الآيات الباهرة، واتذكّر ما شاهدته وأنا غافل من كراماته: من الضياء العظيم في المقام الشريف مع انّي لم أَرَ سراجاً ولو كان في ذلك المقام عشرون سراجاً لما وفى بذلك الضياء، وذكرت انّ ذلك السيد الجليل سمّاني باسمي مع انّي لم أعرفه ولم أرَه قبل ذلك.
وتذكّرت انّي لما كنت في المقام كنت أنظر إلى فضاء المسجد، فأرى الظلام الشديد، وأسمع صوت المطر والرّعد، وانّي لما خرجت من المقام مصاحباً له سلام الله عليه، كنت أمشي في ضياء بحيث أرى موضع قدمي، والأرض يابسة والهواء عذب، حتّى وصلنا إلى باب المسجد، ومنذ فارقني شاهدت الظلمة والمطر وصعوبة الهواء، إلى غير ذلك من الأمور العجيبة، التي أفادتني اليقين بأنّه الحجة صاحب الزمان عليه السلام الذي كنت أتمنّى من فضل الله التشرّف برؤيته، وتحمّلت مشاقّ عمل الاستجارة عند قوّة الحرّ والبرد لمطالعة حضرته سلام الله عليه [ فشكرت الله تعالى شأنه، والحمد لله ](1) "(2) و (ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء)(3).
____________
1- سقطت هذه الجملة من الترجمة.
2- بما انّ أصل الحكاية باللغة العربية فقد اعتمدنا على أصلها العربي الذي ذكره المؤلف رحمه الله في كتابه جنّة المأوى: ص 309 ـ 312.
3- الظاهر انّ هذه الزيادة للمؤلف رحمه الله.
الحكاية الثالثة والثلاثون:
قال الشيخ الجليل والأمير الزاهد ورّام بن أبي فراس في آخر المجلّد الثاني من كتاب تنبيه الخاطر:
حدّثني السيد الأجلّ الشريف أبو الحسن علي بن ابراهيم العريضي العلوي الحسيني قال: حدّثني علي بن علي بن نما، قال: حدّثني أبو محمد الحسن بن علي بن حمزة الاقساسي في دار الشريف علي بن جعفر بن علي المدائني العلوي، قال:
كان بالكوفة شيخ قصار وكان موسوماً بالزّهد منخرطاً في سلك السياحة متبتّلا للعبادة مقتفياً للآثار الصالحة، فاتّفق يوماً انّني كنت بمجلس والدي وكان هذا الشيخ يحدّثه وهو مقبل عليه، قال: كنت ذات ليلة بمسجد جعفي وهو مسجد قديم وقد انتصف الليل وأنا بمفردي فيه للخلوة والعبادة فاذا أقبل عليّ ثلاثة أشخاص فدخلوا المسجد فلمّا توسّطوا صرحته(1) جلس أحدهم، ثمّ مسح الأرض بيده يمنة ويسرة فحصحص الماء ونبع فأسبغ الوضوء منه! ثمّ أشار إلى الشخصين الآخرين بإسباغ الوضوء فتوضّآ، ثمّ تقدّم فصلّى بهما اماماً، فصلّيت معهم مؤتماً به، فلمّا سلّم وقضى صلاته بهرني حاله(2) واستعظمت فعله من إنباع الماء، فسألت الشخص الذي كان منهما إلى يميني عن الرجل فقلت له: من هذا؟ فقال لي: هذا صاحب الأمر ولد الحسن عليه السلام، فدنوت منه وقبّلت يديه، وقلت له: يابن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم ما تقول في الشريف عمر بن حمزة، هل هو على الحقّ؟ فقال: لا، وربّما اهتدى الّا انّه ما يموت حتى يراني، فاستطرفنا هذا الحديث، فمضت برهة طويلة فتوفّي الشريف عمر ولم يشع انّه لقيه، فلمّا اجتمعت بالشيخ الزاهد ابن نادية(3) أذكرته
____________
1- صرحة الدار: عرصتها وساحتها.
2- بهرني حاله: أي غلبني التعجّب منه.
3- في بعض النسخ (من بادية).
فعدنا إليه فأخبرناه بحاله، وانّا لم نجده.
ثمّ إنّا سألناه عنه، فقال: هذا صاحب الأمر.
ثمّ عاد إلى ثقله في المرض، واُغمي عليه(1).
يقول المؤلف:
أبو محمد الحسن بن حمزة الاقساسي من أجلّة السادات والشرفاء ومن علماء وأدباء الكوفة وكان شاعراً ماهراً، وقد قلّده الناصر بالله العباسي نقابة العلويين، وقد خرج يوماً مع المستنصر العباسي إلى زيارة قبر سلمان، فقال له المستنصر: ان من الأكاذيب ما يرويه غلاة الشيعة من مجيء علي بن أبي طالب عليه السلام من المدينة إلى المدائن لما توفّي سلمان، وتغسيله إياه ورجوعه في ليلته إلى المدينة، فأجابه منشداً هذه الأبيات:
أنكرتَ ليلة إذ صار الوصي الى | أرض المداين لمّا أن لها طلبا |
____________
1- مجموعة ورّام (تنبيه الخواطر ونزهة النواظر): ج 2، ص 303 ـ 305.
وغسّل الطّهر سلماناً وعاد الى | عراص يثرب والاصباح ما وجبا |
وقلت: ذلك من قول الغلاة، وما | ذنب الغلاة إذا لم يوردوا كذبا؟ |
فآصف قبل ردِّ الطرف من سبأ | بعرش بلقيس وافى يخرق الحجبا |
فأنت في آصف لم تغل فيه، بلى، | في (حيدر) أنا غال انَّ ذا عجبا |
إن كان أحمد خير المرسلين؟ فذا | خير الوصّيين، أو كلّ الحديث هبا(1) |
ومسجد جعفى من مساجد الكوفة المباركة المعروفة، وقد صلّى فيه أمير المؤمنين عليه السلام أربع ركعات وسبّح تسبيح الزهراء عليها السلام وناجى مناجاة طويلة بعدها، موجودة في كتب المزار، وذكرناها في الصحيفة العلوية الثانية، ولا يوجد حاليّاً أثر لهذا المسجد.
الحكاية الرابعة والثلاثون:
قال الشيخ المحدّث الجليل منتجب الدين علي بن عبيد الله بن الحسن بن الحسين بن الحسن بن الحسين أخو الصدوق صاحب (الأربعين) المعروف ; في كتاب المنتجب في ذكر العلماء المتأخرين عن عصر الشيخ الطوسي وحتى عصره:
" الثائر بالله ابن المهدي ابن الثائر بالله الحسني الجيلي:
كان زيديّاً، وادّعى امامة الزيدية، وخرج بجيلان، ثم استبصر فصار اماميّاً، وله رواية الأحاديث، وادّعى انّه شاهد صاحب الأمر عليه السلام وكان يروي عنه أشياء "(2).
____________
1- راجع الغدير (الأميني): ج 5، ص 15.
2- فهرست اسماء علماء الشيعة ومصنّفيهم (الشيخ منتجب الدين ابن بابويه الرازي): ص 34، رقم الترجمة 64.
الحكاية الخامسة والثلاثون:
وقال هناك ايضاً:
" الشيخ الثقة ابو المظفر، وفي بعض النسخ أبو الفرج(1) علي بن الحسين الحمداني:
ثقة، عين، وهو من سفراء الامام صاحب الزمان عليه السلام، أدرك الشيخ المفيد أبا عبد الله محمد بن محمد بن نعمان الحارثي البغدادي رحمه الله وجلس مجلس درس السيد المرتضى والشيخ الموفق أبي جعفر الطوسي، وقرأ على المفيد ولم يقرأ عليهما.
أخبرنا الوالد عن والده عنه رحمهم الله.
مؤلفاته منها كتاب الغيبة، كتاب السنة، كتاب الزاهر(2) في الأخبار، كتاب المنهاج، كتاب الفرائض "(3).
والظاهر انّ المراد من جلوس الشيخ المذكور مجلس درس السيد والشيخ هو نيابته عنهما في التدريس والتعليم، وليس المقصود منه الاستفادة، كما يظهر ذلك من الكلام الأخير(4) والله العالم.
____________
1- هكذا في الترجمة، ولكن في المصدر المطبوع (الشيخ الثقة أبو الفرج المظفّر بن علي بن الحسين الحمداني).
وهكذا ثبت اسمه وكنيته كما في المصدر المطبوع كذلك في أمل الآمل: ج 2، ص 323، رقم الترجمة 997 ـ وكذلك في جامع الرواة (الأردبيلي): ج 2، ص 234، رقم الترجمة 1712 ـ وهكذا ثبّت في كتاب الاجازات من بحار الأنوار: ج 105، ص 266.
2- في اجازات البحار (الظاهر) ـ وفي نسخة بدل لفهرست المنتجب (الزاهد).
3- المنتجب: ص 156، رقم الترجمة 359 ـ اجازات البحار (فهرست الشيخ منتجب الدين): ص 266 ـ جامع الرواة (الأردبيلي الغروي الحائري): ج 2، ص 234، رقم الترجمة 1711.
4- ويقصد به رحمه الله تعالى: " ولم يقرأ عليهما ".
الحكاية السادسة والثلاثون:
قال الشيخ العظيم الشأن زين الدين علي بن يونس العاملي البياضي في كتاب الصراط المستقيم إلى مستحقي التقديم:
" خرجت مع جماعة نزيد على أربعين رجلا إلى زيارة القاسم بن موسى الكاظم، فكنّا عن حضرته نحو ميل من الأرض، فرأينا فارساً معترضاً فظننّاه يريد أخذ ما معنا، فخبيّنا ما خفنا عليه.
فلمّا وصلنا رأينا آثار فرسه، ولم نَرَه فنظرنا ما حول القبّة فلم نَرَ أحداً فتعجّبنا من ذلك مع استواء الأرض، وحضور الشمس، وعدم المانع.
فلا يمتنع أن يكون هو الامام، أو أحد الأبدال "(1).
يقول المؤلف:
سوف يأتي الكلام في دلالة أمثال هذه الحكاية على وجود امام العصر المبارك سلام الله عليه، وكذلك يجيء بيان ما هو المراد من الأبدال.
والقاسم المذكور مدفون في ثمانية فراسخ عن الحلّة، وعلى الدوام يذهب العلماء والأخيار لزيارته.
وهناك حديث متداول على الألسنة مشهور انّه قال بهذا المضمون: " من لم يقدر على زيارتي فليزر أخي القاسم " ولم نعثر على هذا الخبر.
____________
1- الصراط المستقيم في مستحقي التقديم: ج 2، ص 264، الباب الحادي عشر، الفصل 14 ـ ونقله عنه في جنة المأوى: ص 256.
وفي المصدر زيادة:
" فلا ينكر حضور شخص لا يرى لسرّ أودعه الله فيه.
فإن قيل: فهذا يبطل أصل وجوب الرؤية عند حصول شرائطها!
قلنا: فإنّ من شرائطها عدم المانع، والمانع هو السرّ المذكور... الخ ".
روى ثقة الاسلام في باب الاشارة والنص على الامام علي بن موسى الرضا عليه السلام، في خبر طويل رواه عن يزيد بن سليط عن الامام الكاظم عليه السلام في طريق مكة، وفيه انّه عليه السلام قال له: " اخبرك يا أبا عمارة انّي خرجت من منزلي فأوصيت الى ابني فلان (يعني الامام الرضا عليه السلام)(1) وأشركت معه بَنِىَّ في الظاهر.
وأوصيته في الباطن، فأفردته وحده.
ولو كان الأمر اليّ لجعلته في القاسم ابني، لحبّي إيّاه، ورأفتي عليه، ولكن ذلك إلى الله عزوجل يجعله حيث يشاء(2)... الخ والحمد لله.
الحكاية السابعة والثلاثون:
قصّة الجزيرة الخضراء والبحر الأبيض كما ثبتت في رسالة مخصوصة وجدت في خزانة أمير المؤمنين عليه السلام بخطّ العامل الفاضل الفضل بن يحيى بن علي مؤلف تلك الرسالة.
ونحن نذكر الحكاية أولا كما نقلها العلامة المجلسي وغيره عن تلك الرسالة، وبعدها نبيّن تلك الشواهد والقرائن على صدقها وتصريحات العلماء الأعلام على اعتبارها(3).
____________
1- هذا الشرح زيادة من المؤلف رحمه الله.
2- راجع الكافي ـ الأصول ـ (الكليني): ج 1، ص 314، كتاب الحجة، باب الاشارة والنصّ على أبي الحسن الرضا عليه السلام، ح 14.
3- اُختلف في صحة هذه الحكاية بين النافين لأصلها والمثبتين لها على مرّ العصور، ولم نجد نصّاً لأحد من علمائنا السابقين قد أنكرها الّا ما نسب إلى الشيخ جعفر الكبير قدّس سرّه صاحب
=>