الصفحة 278
وقال والده الماجد في شرح مَن لا يحضره الفقيه:

" انّ هذه الزيارة... وانها أكمل الزيارات وأحسنها... وفي العتبات العاليات ما زرتهم الّا بهذه الزيارة "(1).

ولا يخفى انّ لهذه الزيارة ثلاث نسخ:

أوّلها: النسخة المعروفة المرويّة في الفقيه وتهذيب الشيخ الطوسي عن الامام الهادي عليه السلام.

الثانية: النسخة التي رواها الشيخ الكفعمي في كتاب (البلد الأمين) عنه عليه السلام، وفي كلّ فصل من فصولها فقرات زائدة غير موجودة في الجامعة المعروفة.

ولعل المجموع اكثر من خمسها، ولم يلتفت المجلسي في البحار إليها لينقلها مع الزيارات التي رواها.

الثالثة: النسخة التي نقلها في البحار عن بعض الكتب القديمة بدون اسنادها إلى المعصوم وهي طويلة جداً، بل هي ضعفا الزيارة الموجودة، وقد جعلها الزيارة الجامعة الثالثة.

وأما زيارة عاشوراء: فيكفي في فضلها ومقامها انّها لاتسانخها سائر الزيارات التي هي بحسب الظاهر من انشاء المعصوم واملائه، ولو انّه لا يظهر من قلوبهم المطهّرة شيء الّا ما وصل إلى ذلك العالم الأرفع ; بل هي من سنخ الأحاديث القدسية، نزلت بهذا الترتيب من الزيارة واللعن والسلام والدعاء من الحضرة الأحدية جلت عظمته إلى جبرئيل الأمين ومنه إلى خاتم النبيين صلى الله عليه وآله وسلّم.

وبحسب التجربة فانّ المداومة عليها أربعين يوماً أو أقل لا نظير لها في قضاء الحاجات، ونيل المقاصد، ودفع الأعداء.

____________

1- نقل المؤلف رحمه الله هذا القول للمجلسي الأول رحمه الله ملخصاً عن روضة المتقين: ج 5، ص 452.


الصفحة 279
ولكن أحسن فائدة استفيد منها بالمواظبة عليها ما ذكرته في كتاب دار السلام، ومجمله انّه نقل الثقة الصالح المتقي الحاج الملاّ حسن اليزدي وهو من أحسن مجاوري النجف الأشرف وكان مشغولا دائماً بالعبادة والزيارة، عن الثقة الأمين الحاج محمد علي اليزدي.

قال: كان رجل صالح فاضل في يزد مشتغلا في نفسه، ومواظباً لعمارة رمسه، يبيت في الليالي في مقبرة خارج بلدة يزد تعرف بالمزار، وفيها جملة من الصلحاء، وكان له جار نشأ معه منذ صغر سنّه عند المعلم وغيره إلى أن صار عشاراً في أول عمله وبقي كذلك إلى أن مات ودفن في تلك المقبرة قريباً من المحل الذي كان يبيت فيه المولى المذكور ; فرآه بعد موته بأقل من شهر في زيّ حسن وعليه نظرة النعيم، فتقدّم إليه وقال له: انّي أعلم بمبدئك ومنتهاك، وباطنك وظاهرك، ولم تكن ممن يحتمل في حقّه حسن في الباطن ليحمل فعله القبيح على بعض الوجوه الحسنة كالتقية أو الضرورة أو اعانة المظلوم وغيرها!

ولم يكن عملك مقتضياً الّا للعذاب والنكال، فبمَ نلتَ هذا المقام؟!

قال: نعم! الأمر كما قلت، كنت مقيماً في أشدّ العذاب من يوم وفاتي إلى أمس، وقد توفيت فيه زوجة الاستاد أشرف الحداد، ودفنت في هذا المكان، وأشار إلى طرف بينه وبينه، قريب من مائة ذراع، وفي ليلة دفنها زارها أبو عبد الله عليه السلام ثلاث مرّات، وفي المرّة الثالثة أمر برفع العذاب من هذه المقبرة، فصرت في نعمة وسعة، وخفض عيش ودعة.

فانتبه متحيّراً، ولم تكن له معرفة باسم الحداد ومحلّه، فطلبه في سوق الحدادين، ووجده، فقال له: ألك زوجة؟ قال: نعم، توفيت بالأمس ودفنتها في المكان الفلاني.. وذكر الموضع الذي أشار إليه.

قال: فهل زارت أبا عبد الله عليه السلام؟ قال: لا، قال: فهل كانت تذكر مصائبه؟ قال: لا، قال: فهل كان لها مجلس تُذكر فيه مصائبه؟ قال: لا، فقال

الصفحة 280
الرجل: وما تريد من السؤال؟ فقصّ عليه رؤياه، وقال: أريد أن استكشف العلاقة بينها وبين الامام عليه السلام.

قال: كانت مواظبة على زيارة عاشوراء(1).

ولا يخفى انّ السيد احمد صاحب القضية من الصلحاء والأتقياء مواظباً على الطاعات والعبادات والزيارات وأداء الحقوق وطهارة اللباس والبدن من النجاسات المشبوهة، ومعروفاً بالورع والسداد عند أهل البلد وغيره، ويأتيه نوادر الألطاف في كل زيارة ليس هنا مقام ذكرها.

الحكاية الحادية والسبعون:

حدّثني العالم الجليل، والحبر النبيل، مجمع الفضائل والفواضل [ الصفيّ الوفيّ ]المولى الشيخ علي الرشتي طاب ثراه وكان عالماً برّاً تقياً زاهداً حاوياً لأنواع العلم بصيراً ناقداً من تلامذة خاتم المحققين الشيخ المرتضى أعلى الله مقامه والسيد السند الاُستاذ الأعظم دام ظلّه، ولمّا طال شكوى أهل الأرض، حدود فارس ومن والاه إليه من عدم وجود عالم عامل كامل نافذ الحكم فيهم أرسله اليهم [ عاش فيهم سعيداً ومات هناك حميداً رحمه الله ] وقد صاحبته مدّة سفراً وحضراً ولم أجد في خلقه وفضله نظيراً الّا يسيراً.

قال: رجعت مرّة من زيارة أبي عبد الله عليه السلام عازماً للنجف الأشرف من طريق الفرات، فلمّا ركبنا في بعض السفن الصغار التي كانت بين كربلا وطويرج، رأيت أهلها من أهل الحلّة، ومن طويرج تفترق طريق الحلّة والنجف، واشتغل الجماعة باللهو واللّعب والمزاح، رأيت واحداً منهم لا يدخل في عملهم، عليه آثار السكينة والوقار لا يمازح ولا يضاحك، وكانوا يعيبون على مذهبه ويقدحون فيه،

____________

1- راجع دار السلام: ج 2، ص 279 و280، مع تصرّف يسير.


الصفحة 281
ومع ذلك كان شريكاً في أكلهم وشربهم، فتعجّبت منه إلى أن وصلنا إلى محلّ كان الماء قليلا فأخرجنا صاحب السفينة فكنّا نمشي على شاطئ النهر.

فاتّفق اجتماعي مع هذا الرجل في الطريق، فسألته عن سبب مجانبته عن أصحابه، وذمّهم ايّاه، وقدحهم فيه، فقال: هؤلاء من أقاربي من أهل السنّة، وأبي منهم وأمّي من أهل الايمان، وكنت أيضاً منهم، ولكنّ الله منّ عليّ بالتشيّع ببركة الحجة صاحب الزمان عليه السلام، فسألت عن كيفيّة ايمانه، فقال: اسمي ياقوت وأنا أبيع الدّهن عند جسر الحلّة، فخرجت في بعض السنين لجلب الدهن من أهل البراري خارج الحلّة، فبعدت عنها بمراحل، إلى أن قضيت وطري من شراء ما كنت أريده منه، وحملته على حماري ورجعت مع جماعة من أهل الحلّة، ونزلنا في بعض المنازل ونمنا وانتبهت فما رأيت أحداً منهم وقد ذهبوا جميعاً وكان طريقنا في بريّة قفر، ذات سباع كثيرة، ليس في أطرافها معمورة الّا بعد فراسخ كثيرة.

فقمت وجعلت الحمل على الحمار، ومشيت خلفهم فضلّ عنّي الطريق، وبقيت متحيّراً خائفاً من السّباع والعطش في يومه، فأخذت أستغيث بالخلفاء والمشايخ وأسألهم الاعانة وجعلتهم شفعاء عند الله تعالى وتضرّعت كثيراً فلم يظهر منهم شيء، فقلت في نفسي: انّي سمعت من أمّي انّها كانت تقول: انّ لنا اماماً حيّاً يكنّى أبا صالح يرشد الضّال، ويغيث الملهوف، ويعين الضّعيف، فعاهدت الله تعالى ان استغثت به فأغاثني، أن أدخل في دين أمي.

فناديته واستغثت به، فاذا بشخص في جنبي، وهو يمشي معي وعليه عمامة خضراء، قال رحمه الله: وأشار حينئذ إلى نبات حافة النهر، وقال: كانت خضرتها مثال خضرة هذا النبات.

ثمّ دلّني على الطريق وأمرني بالدّخول في دين أمّي، وذكر كلمات نسيتها(1)،

____________

1- قال المؤلف رحمه الله: " يعني مؤلف الكتاب ".


الصفحة 282
وقال: ستصل عن قريب إلى قرية أهلها جميعاً من الشيعة، قال: فقلت: يا سيدي أنت لا تجيء معي إلى هذه القرية؟ فقال ما معناه: لا، لأنّه استغاث بي ألف نفس في أطراف البلاد أريد أن أغيثهم، ثمّ غاب عنّي، فما مشيت الّا قليلا حتى وصلت إلى القرية، وكان في مسافة بعيدة، ووصل الجماعة اليها بعدي بيوم، فلمّا دخلت الحلّة ذهبت إلى سيّد الفقهاء السيّد مهدي القزويني طاب ثراه، وذكرت له القصّة، فعلّمني معالم ديني، فسألت منه عملا أتوصّل به إلى لقائه عليه السلام مرّة اُخرى، فقال: زر أبا عبد الله عليه السلام أربعين ليلة جمعة، قال: فكنت أزوره من الحلّة في ليالي الجُمع إلى أن بقي واحدة فذهبت من الحلّة في يوم الخميس، فلمّا وصلت إلى باب البلد، فاذا جماعة من أعوان الظّلمة يطالبون الواردين التذكرة، وما كان عندي تذكرة ولا قيمتها، فبقيت متحيّراً والناس متزاحمون على الباب فأردت مراراً أن أتخفّى وأجوز عنهم، فما تيسّر لي، وإذا بصاحبي صاحب الأمر عليه السلام في زيّ لباس طلبة الأعاجم عليه عمامة بيضاء في داخل البلد، فلما رأيته استغثت به فخرج وأخذني معه، وأدخلني من الباب فما رآني أحد فلمّا دخلت البلد افتقدته من بين الناس، وبقيت متحيّراً على فراقه عليه السلام [ وقد ذهب عن خاطري بعض ما كان في تلك الحكاية ](1)(2).

الحكاية الثانية والسبعون:

حدّثني العالم العامل، والمهذّب الكامل، العدل الثقة، الرضي، الميرزا اسماعيل السلماسي وهو من أهل العلم والكمال والتقوى والصلاح وكان لسنين امام الجماعة في الروضة الكاظمية المقدسة، ومقبول عند الخواص والعوام، والعلماء الأعلام، قال: حدّثني أبي العالم العليم صاحب الكرامات الباهرة والمقامات الظاهرة الآقا الآخوند

____________

1- سقطت من الترجمة.

2- جنّة المأوى: ص 92 ـ 94.


الصفحة 283
الملاّ زين العابدين السلماسي وكان من خواص وصاحب اسرار العلاّمة الطباطبائي بحر العلوم ومتولي بناء قلعة سامراء.

أو عن أخيه الثقة الصالح الأكبر منه في السن الآميرزا محمد باقر رحمه الله قال سلّمه الله: والترديد لتطاول الزّمان لأنّ سماعي لهذه الحكاية يقرب من خمسين سنة قال: قال والدي: ممّا ذكر من الكرامات للائمة الطاهرين عليهم السلام في سرّ من رأى في المائة الثانية، والظاهر انّه أواخر المائة أو في أوائل المائة الثالثة بعد الألف من الهجرة انّه جاء رجل من الأعاجم إلى زيارة العسكريّين عليهما السلام وذلك في زمن الصّيف وشدّة الحرّ، وقد قصد الزيارة في وقت كان الكليددار في الرّواق ومغلقاً أبواب الحرم، ومتهيّأً للنوم، عند الشباك الغربي.

فلمّا أحسّ بمجيء الزوّار فتح الباب وأراد أن يزوّره فقال له الزائر: خذ هذا الدينار واتركني حتى أزور بتوجّه وحضور فامتنع المزوّر وقال: لا أخرم القاعدة، فدفع إليه الدينار الثاني والثالث، فلمّا رأى المزوّر كثرة الدنانير ازداد امتناعاً ومنع الزائر من الدّخول إلى الحرم الشريف وردّ إليه الدنانير.

فتوجّه الزائر إلى الحرم وقال بانكسار: بأبي أنتما وأمي أردت زيارتكما بخضوع وخشوع، وقد اطّلعتما على منعه ايّاي، فأخرجه المزوّر، وغلّق الأبواب ظنّاً منه انّه يرجع إليه ويعطيه بكلّ ما يقدر عليه، وتوجّه إلى الطرف الشرقي قاصداً السلوك الى الشباك الذي في الطرف الغربي.

فلمّا وصل إلى الركن وأراد الانحراف إلى طرف الشّباك، رأى ثلاثة أشخاص مقبلين صافّين الّا انّ أحدهم متقدّم على الذي في جنبه بيسير وكذا الثاني ممّن يليه، وكان الثالث هو أصغرهم وفي يده قطعة رمح وفي رأسه سنان فبهت المزوّر عند رؤيتهم، فتوجّه صاحب الرّمح إليه وقد امتلأ غيظاً واحمرّت عيناه من الغضب، وحرّك الرمح مريداً طعنه قائلا: يا ملعون بن الملعون كأنّه جاء الى دارك أو إلى زيارتك فمنعته؟


الصفحة 284
فعند ذلك توجّه إليه أكبرهم مشيراً بكفّه مانعاً له قائلا: جارك ارفق بجارك فأمسك صاحب الرمح، ثمّ هاج غضبه ثانياً محرّكاً للرّمح قائلا ما قاله أوّلا فأشار إليه الأكبر أيضاً كما فعل، فأمسك صاحب الرّمح.

وفي المرّة الثالثة لم يشعر المزوّر أن سقط مغشيّاً عليه، ولم يفق الّا في اليوم الثاني أو الثالث وهو في داره أتوا به أقاربه، بعد أن فتحوا الباب عند المساء لمّا رأوه مغلقاً، فوجدوه كذلك وهم حوله باكون فقصّ عليهم ما جرى بينه وبين الزائر والأشخاص وصاح ادركوني بالماء فقد احترقت وهلكت، فأخذوا يصبّون عليه الماء، وهو يستغيث إلى أن كشفوا عن جنبه فرأوا مقدار درهم منه قد اسودّ وهو يقول قد طعنني صاحب القطعة.

فعند ذلك أشخصوه إلى بغداد، وعرضوه على الأطبّاء، فعجز الأطبّاء من علاجه فذهبوا به إلى البصرة وعرضوه على الطبيب الافرنجي فتحيّر في علاجه لأنّه جسّ يده فما أحسّ بما يدلّ على سوء المزاج وما رأى ورماً ومادّة في الموضع المذكور، فقال مبتدئاً: انّي أظنّ انّ هذا الشخص قد أساء الأدب مع بعض الأولياء فاشتدّ بهذا البلاء، فلمّا يئسوا من العلاج رجعوا به إلى بغداد فمات في الرّجوع امّا في الطريق أو في بغداد، والظاهر انّ اسم هذا الخبيث كان حسّاناً(1).

الحكاية الثالثة والسبعون:

حدّثني العالم الكامل والزاهد العامل والعارف البصير، الأخ الايماني، والصديق الروحاني، الآقا علي رضا طيّب الله ثراه خلَف العالم الجليل الحاج الملاّ محمد النائيني، وابن اخت فخر العلماء الزاهدين الحاج محمد ابراهيم الكلباسي رحمه الله الذي لم يكن له نظير في الصفات النفسانيّة والكمالات الانسانيّة من الخوف والمحبّة،

____________

1- جنّة المأوى: ص 94 ـ 96.


الصفحة 285
والصبر، والرضا، والشوق، والاعراض عن الدنيا.

قال: حدّثني العالم الجليل الآقا الآخوند الملاّ زين العابدين السلماسي السابق الذكر، قال:

كنت حاضراً في مجلس درس آية الله السيد السند والعالم المسدد فخر الشيعة العلامة الطباطبائي بحر العلوم قدّس سرّه في المشهد الغرويّ إذ دخل عليه لزيارته المحقّق القمي صاحب القوانين في السنة التي رجع من العجم إلى العراق زائراً لقبور الائمة عليهم السلام وحاجّاً لبيت الله الحرام، فتفرّق من كان في المجلس وحضر للاستفادة منه، وكانوا أزيد من مائة وبقي ثلاثة من أصحابه أرباب الورع والسداد البالغين إلى رتبة الاجتهاد.

فتوجّه المحقّق الأيد إلى جناب السيّد وقال: انّكم فُزتم وحُزتم مرتبة الولادة الرّوحانية والجسمانية، وقرب المكان الظاهريّ والباطني، فتصدّقوا علينا بذكر مائدة من موائد تلك الخوان، وثمرة من الثمار التي جنيتم من هذه الجنان، كي ينشرح به الصدور، ويطمئنّ به القلوب.

فأجاب السيد من غير تأمّل، وقال: انّي كنت في الليلة الماضية قبل ليلتين أو أقلّ ـ والترديد من الراوي ـ في المسجد الأعظم بالكوفة، لأداء نافلة الليل عازماً على الرّجوع إلى النجف في أوّل الصبح، لئلاّ يتعطّل أمر البحث والمذاكرة ـ وهكذا كان دأبه في سنين عديدة ـ فلمّا خرجت من المسجد اُلقي في روعي الشوق إلى مسجد السهلة، فصرفت خيالي عنه، خوفاً من عدم الوصول إلى البلد قبل الصبح، فيفوت البحث في اليوم ولكن كان الشوق يزيد في كلِّ آن، ويميل القلب إلى ذلك المكان، فبينا اُقدّم رجلا واُؤخّر اُخرى، إذا بريح فيها غبار كثير، فهاجت بي وأمالتني عن الطريق فكأنّها التوفيق الذي هو خير رفيق، إلى أن ألقتني إلى باب المسجد.

فدخلت فاذا به خالياً عن العبّاد والزوّار، الّا شخصاً جليلا مشغولا بالمناجاة مع الجبّار، بكلمات ترقّ القلوب القاسية، وتسحّ الدموع من العيون الجامدة، فطار

الصفحة 286
بالي، وتغيّرت حالي، ورجفت ركبتي، وهملت دمعتي من استماع تلك الكلمات التي لم تسمعها اُذني، ولم تَرَها عيني، ممّا وصلت إليه من الأدعية المأثورة، وعرفت انّ الناجي ينشئها في الحال، لا انّه ينشد ما أودعه في البال.

فوقفت في مكاني مستعماً متلذّذاً إلى أن فرغ من مناجاته، فالتفت اليّ وصاح بلسان العجم: " مهدى بيا " أي: هلمّ يا مهدي، فتقدّمت إليه بخطوات فوقفت، فأمرني بالتقدّم فمشيت قليلا ثم وقفت، فأمرني بالتقدّم وقال: انّ الأدب في الامتثال، فتقدّمت اليه بحيث تصل يدي إليه ويده الشريفة اليَّ، وتكلّم بكلمة.

قال المولى السلماسي رحمه الله: ولمّا بلغ كلام السيّد السند إلى هنا أضرب عنه صفحاً، وطوى عنه كشحاً، وشرح في الجواب عمّا سأله المحقّق المذكور قبل ذلك. عن سرّ قلّة تصانيفه، مع طول باعه في العلوم، فذكر له وجوهاً فعاد المحقّق القمي فسأل هذا الكلام الخفيّ فأشار بيده شبه المنكر بأنّ هذا سرّ لا يذكر(1)(2).

الحكاية الرابعة والسبعون:

ونقل ايضاً المولى السلماسي رحمه الله تعالى، قال: كنت حاضراً في محفل إفادته، فسأله رجل عن امكان رؤية الطلعة الغرّاء في الغيبة الكبرى، وكان بيده الآلة المعروفة لشرب الدّخان المسمّى عند العجم بغليان، فسكت عن جوابه وطأطأ رأسه، وخاطب نفسه بكلام خفيّ أسمعه، فقال ما معناه: " ما أقول في جوابه؟ وقد ضمّني صلوات الله عليه إلى صدره، وورد ايضاً في الخبر تكذيب مدّعى الرّؤية في أيام الغيبة " فكرّر هذا الكلام.

ثمّ قال في جواب السائل: انّه قد ورد في أخبار أهل العصمة تكذيب من ادّعى

____________

1- في الترجمة (بأن هذا من الأسرار المكتومة).

2- راج جنّة المأوى: ص 234 - 236 ـ وراجع دار السلام: ج 2، ص 207 و208.


الصفحة 287
رؤية الحجة عجّل الله تعالى فرجه، واقتصر في جوابه عليه من غير إشارة إلى ما أشار إليه(1).

الحكاية الخامسة والسبعون:

وبهذا السند عن العالم المذكور قال: صلّينا مع جنابه في داخل حرم العسكريّين عليهما السلام فلمّا أراد النهوض من التشهّد الى الركعة الثالثة، عرضته حالة فوقف هنيئة ثمّ قام.

ولمّا فرغنا تعجّبنا كلّنا، ولم نفهم ما كان وجهه، ولم يجترء أحدٌ منّا على السؤال عنه إلى أن أتينا المنزل، واُحضرت المائدة، فأشار إليّ بعض السادة من أصحابنا أن أسأله منه، فقلت: لا وأنت أقرب منّا، فالتفت رحمه الله إليّ وقال: فيمَ تقاولون؟ قلت: وكنت أجسر الناس عليه: انّهم يريدون الكشف عمّا عرض لكم في حال الصلاة، فقال: انّ الحجة عجّل الله تعالى فرجه، دخل الروضة للسلام على أبيه عليه السلام فعرضني ما رأيتم من مشاهدة جماله الأنور إلى أن خرج منها(2).

الحكاية السادسة والسبعون:

ونقل جناب المولى السلماسي طاب ثراه عن ناظر أموره في أيّام مجاورته بمكّة قال: كان رحمه الله مع كونه في بلد الغربة منقطعاًعن الأهل والأخوة، قويّ القلب في البذل والعطاء، غير مكترث بكثرة المصارف، فاتّفق في بعض الأيام أن لم نجد إلى درهم سبيلا فعرّفته الحال، وكثرة المؤنة، وانعدام المال، فلم يقل شيئاً وكان دأبه أن يطوف بالبيت بعد الصبح ويأتي إلى الدار، فيجلس في القبّة المختصّة به، ونأتي إليه

____________

1- جنة المأوى: ص 236.

2- راجع جنّة المأوى: ص 237.


الصفحة 288
بغليان فيشربه، ثمّ يخرج إلى قبّة اُخرى تجتمع فيها تلامذته، من كلّ المذاهب فيدرس لكلّ على مذهبه.

فلمّا رجع من الطواف في اليوم الذي شكوته في أمسه نفوذ النفقة، وأحضرت الغليان على العادة، فاذا بالباب يدقّه أحد فاضطرب أشدّ الاضطراب، وقال لي: خذ الغليان وأخرجه من هذا المكان، وقام مسرعاً خارجاً عن الوقار والسكينة والآداب، ففتح الباب ودخل شخص جليل في هيئة الأعراب، وجلس في تلك القبّة وقعد السيّد عند بابها، في نهاية الذلّة والمسكنة، وأشار اليّ أن لا أقرب إليه الغليان.

فقعدا ساعة يتحدّثان، ثمّ قام، فقام السيد مسرعاً وفتح الباب، وقبّل يده وأركبه على جمله الذي أناخه عنده، ومضى لشأنه، ورجع السيد متغيّر اللون وناولني براة، وقال: هذه حوالة على رجل صرّاف، قاعد في جبل الصفا، فاذهب إليه وخذ منه ما اُحيل عليه.

قال: فأخذتها وأتيت بها إلى الرّجل الموصوف، فلمّا نظر إليها قبّلها وقال: عليّ بالحماميل فذهبت وأتيت بأربعة حماميل فجاء بالدراهم من الصنف الذي يقال له: ريال فرانسة، يزيد كلّ واحد على خمسة قرانات العجم وما كانوا يقدرون على حمله، فحملوها على أكتافهم، وأتينا بها إلى الدار.

ولمّا كان في بعض الأيام، ذهبت إلى الصرّاف لأسأل منه حاله، وممّن كانت تلك الحوالة فلم أرَ صرّافاً ولا دكّاناً، فسألت من بعض من حضر في ذلك المكان عن الصرّاف، فقال: ما عهدنا في هذا المكان صرّافاً أبداً وانّما يقعد فيه فلان، فعرفت انّه من أسرار الملك المنّان، وألطاف وليّ الرحمان.

وحدّثني بهذه الحكاية الشيخ العالم الفقيه النحرير المحقّق الوجيه، صاحب التصانيف الرائقة، والمناقب الفائقة، الشيخ محمد حسين الكاظمي المجاور بالغريّ أطال

الصفحة 289
الله بقاه، عمّن حدّثه من الثقات عن الشخص المذكور(1).

الحكاية السابعة والسبعون:

حدّثني السيد السند، والعالم المعتمد، المحقّق الخبير [ والمضطلع البصير السيد ]علي سبط السيد بحر العلوم أعلى الله مقامه، وكان عالماً مبرّزاً له البرهان القاطع في عدّة مجلّدات شرح النافع [ حسن نافع جداً ] وغيره عن الورع التقيّ النقيّ الوفيّ الصفيّ السيد مرتضى صهر السيد أعلى الله مقامه على بنت اُخته وكان مصاحباً له في السفر والحضر، مواظباً لخدماته في السرّ والعلانية، قال: كنت معه في سرّ من رأى في بعض أسفار زيارته، وكان السيّد ينام في حجرة وحده، وكان لي حجرة بجنب حجرته، وكنت في نهاية المواظبة في أوقات خدماته بالليل والنهار، وكان يجتمع إليه الناس في أوّل الليل إلى أن يذهب شطر منه في أكثر الليالي.

فاتّفق انّه في بعض الليالي قعد على عادته، والناس مجتمعون حوله، فرأيته كأنّه يكره الاجتماع، ويحبّ الخلوة، ويتكلّم مع كلّ واحد بكلام فيه اشارة إلى تعجيله بالخروج من عنده، فتفرّق الناس ولم يبقَ غيري، فأمرني بالخروج، فخرجت إلى حجرتي متفكّراً في حالته في تلك الليلة، فمنعني الرّقاد، فصبرت زماناً فخرجت متخفيّاً لأتفقّد حاله فرأيت باب حجرته مغلقاً، فنظرت من شقّ الباب وإذا السراج بحاله وليس فيه أحد، فدخلت الحجرة، فعرفت من وضعها انّه ما نام في تلك الليلة.

فخرجت حافياً متخفيّاً أطلب خبره، وأقفو أثره، فدخلت الصحن الشريف فرأيت أبواب قبّة العسكريّين مغلقة، فتفقّدت أطراف خارجها فلم أجد منه أثراً فدخلت الصحن الأخير الذي فيه السرداب، فرأيته مفتّح الأبواب.

فنزلت من الدرج حافياً متخفياً متأنياً بحيث لا يسمع منّي حسّ ولا حركة

____________

1- راجع جنّة المأوى: ص 237 ـ 238.


الصفحة 290
فسمعت همهمة من صفّة السرداب، كأنّ أحداً يتكلّم مع الآخر، ولم أميّز الكلمات إلى أن بقيت ثلاثة أو أربعة منها، وكان دبيبي أخفى من دبيب النملة في الليلة الظلماء على الصخرة الصمـّاء، فاذا بالسيد قد نادى في مكانه هناك: يا سيّد مرتضى ما تصنع؟ ولم خرجت من المنزل؟

فبقيت متحيّراً ساكتاً كالخشب المسنّدة، فعزمت على الرّجوع قبل الجواب، ثمّ قلت في نفسي كيف تخفي حالك على من عرفك من غير طريق الحواسّ؟! فأجبته معتذراً نادماً، ونزلت في خلال الاعتذار إلى حيث شاهدت الصفّة فرأيته وحده واقفاً تجاه القبلة، ليس لغيره هناك أثر فعرفت انّه يناجي الغائب عن أبصار البشر عليه سلام الله الملك الأكبر [فرجعت حريّاً لكلّ ملامة، غريقاً في بحار الندامة إلى يوم القيامة ](1).

الحكاية الثامنة والسبعون:

حدّث الشيخ الصالح الصفيّ الشيخ أحمد الصدتوماني وكان ثقة تقيّاً ورعاً قال: قد استفاض عن جدّنا المولى محمد سعيد الصّدتوماني وكان من تلامذة السيد رحمه الله انّه جرى في مجلسه ذكر قضايا مصادفة رؤية المهدي عليه السلام حتى تكلّم هو في جملة من تكلّم في ذلك فقال: أحببت ذات يوم أن أصل إلى مسجد السهلة في وقت ظننته فيه فارغاً من الناس، فلمّا انتهيت إليه، وجدته غاصّاً بالناس، ولهم دويٌّ ولا أعهد أن يكون في ذلك الوقت فيه أحد.

فدخلت فوجدت صفوفاً صافّين للصلاة جامعة، فوقفت إلى جنب الحائط على موضع فيه رمل، فعلوته لأنظر هل أجد خللا في الصفوف فأسدّه فرأيت موضع رجل واحد في صفّ من تلك الصفوف، فذهبت إليه ووقفت فيه.

____________

1- راجع جنّة المأوى: ص 238 ـ 239.


الصفحة 291
فقال رجل من الحاضرين: هل رأيت المهدي عليه السلام فعند ذلك سكت السيّد وكأنّه كان نائماً ثمّ انتبه فكلّما طلب منه اتمام المطلب لم يتمّه(1).

الحكاية التاسعة والسبعون:

حدّثني العالم الصالح المتديّن التقي جناب الميرزا حسين اللاهيجي الرشتي المجاور بالنجف الأشرف وهو من أعزّة الصلحاء والأفاضل الأتقياء والثقة الثبت عند العلماء قال:

حدّثني العالم الرباني والمؤيد من السماء المولى زين العابدين السلماسي المتقدّم ذكره: انّ السيد الجليل بحر العلوم طاب ثراه ورد يوماً في حرم أمير المؤمنين عليه آلاف التحية والسلام، فجعل يترنم بهذا المصرع:


چه خوش است صوت قرآنزتو دل ربا شنيدن(2)

فسئل رحمه الله عن سبب قرائته هذا المصرع، فقال: لما وردت في الحرم المطهر رأيت الحجة عليه السلام جالساً عند الرأس يقرأ القرآن بصوت عال، فلمّا سمعت صوته قرأت المصرع المزبور، ولما وردت الحرم ترك قراءة القرآن، وخرج من الحرم الشريف(3).

الحكاية الثمانون:

حدّثني الثقة العدل الأمين آغا محمد المجاور لمشهد العسكريّين عليهما السلام المتولّي لأمر الشموعات لتلك البقعة العالية فيما ينيف على أربعين سنة، وهو أمين السيد

____________

1- راجع جنة المأوى: ص 240.

2- وترجمته: كم هو جميل صوت القرآن منك فانّ سماعه منك يخطف القلب.

3- جنة المأوى: ص 302.


الصفحة 292
الأجل الأستاذ دام عزّه(1)، عن امّه وهي من الصالحات قالت: كنت يوماً في السرداب الشريف، مع أهل بيت العالم الرّباني والمؤيّد السبحاني المولى زين العابدين السلماسي المتقدّم ذكره رحمه الله وكان حين مجاورته في هذه البلدة الشريفة لبناء سورها.

قالت: وكان يوم الجمعة، والمولى المذكور يقرأ دعاء الندبة، وكنّا نقرؤه بقراءته، وكان يبكي بكاء الواله الحزين، ويضجّ ضجيج المستصرخين، وكنّا نبكي ببكائه، ولم يكن معنا فيه غيرنا.

فبينا نحن في هذه الحالة، وإذا بشرق مسك ونفحته قد انتشر في السرداب وملأ فضاءه وأخذ هواءه واشتدّ نُفاحه، بحيث ذهبت عن جميعنا تلك الحالة فسكتنا كأنّ على رؤوسنا الطير، ولم نقدر على حركة وكلام، فبقينا متحيّرين إلى أن مضى زمان قليل، فذهب ما كنّا نشمّه من تلك الرائحة الطيّبة ورجعنا إلى ما كنّا فيه من قراءة الدعاء، فلمّا رجعنا إلى البيت سألت الآقا الآخوند الملاّ زين العابدين رحمه الله عن سبب ذلك الطيب، فقال: ما لكِ والسؤال عن هذا؟ وأعرض عن جوابي.

وحدّثني العالم العامل المتّقي الآقا علي رضا الاصفهاني طاب ثراه وكان مختصاً جداً بالمولى المذكور، قال: سألته يوماً عن لقائه الحجة عليه السلام وكنت أظنّ في حقّه ذلك كأستاذه السيد المعظم بحر العلوم رحمه الله كما تقدّم فأجابني بتلك الواقعة بدون اختلاف(2).

الحكاية الحادية والثمانون:

وحدّثني الثقة المتقدّم الآقا محمد دام توفيقه قال: كان رجل من أهل سامراء من

____________

1- يقصد به الامام المجدد المرجع الديني سماحة آية الله العظمى المغفور له السيد محمد حسن الشيرازي زعيم ثورة التنباك المشهورة.

2- راجع جنّة المأوى: ص 269 ـ 270.


الصفحة 293
أهل الخلاف يسمى مصطفى الحمود، وكان من الخدّام الذين ديدنهم أذية الزوّار، وأخذ أموالهم بطرق فيها غضب الجبار، وكان أغلب أوقاته في السرداب المقدّس على الصفّة الصغيرة، خلف الشباك الذي وضعه هناك [ الناصر العباسي وكان يحفظ أغلب الزيارات المأثورة ]ومن جاء من الزوّار ويشتغل بالزيارة يحول الخبيث بينه وبين مولاه فينبهه على الأغلاط المتعارفة التي لا يخلو أغلب العوام منها بحيث لا يبقي لهم حالة حضور وتوجّه اصلا، فرأى ليلة في المنام الحجة عليه السلام فقال له: إلى متى تؤذي زواري ولا تدعهم يزورون؟ ما لك والدخول في ذلك؟ خلّي بينهم وبين ما يقولون.

فانتبه وقد أصمّ الله تعالى أذنيه، فكان لا يسمع بعده شيئاً، واستراح منه الزوّار، وكان كذلك إلى أن ألحقه الله بأسلافه في النار(1).

الحكاية الثانية والثمانون:

ورد الكاظمين في شهر جمادى الأولى من سنة ألف ومائتين وتسعة وتسعين آقا محمد مهدي التاجر، الشيرازي الأصل، وكان مولده ومنشؤه في ميناء (ملومين) من ممالك (ماچين)، بقصد الاستشفاء بزيارة ائمة العراق عليهم السلام، على بعض التجار المعروفين من اقربائه وبقي هناك عشرين يوماً، فعندما كان وقت حركة مركب الدخان إلى سرّ من رأى جاء به اقرباؤه إلى المركب، وسلّموه إلى راكبيه من أهل بغداد وكربلاء لصممه وعجزه عن التفهيم لما يريده وما يحتاجه، وكتبوا إلى بعض المجاورين في سرّ من رأى رسائل في ذلك.

وبعد أن وصل هناك في يوم الجمعة العاشر من جمادى الآخرة ذهب إلى السرداب المقدّس في جماعة من الثقات وخادم ليقرأ له الزيارة، إلى أن أتى إلى الصفّة

____________

1- راجع جنّة المأوى: ص 274 ـ 275.


الصفحة 294
التي في السرداب، فوقف فوق البئر مدّة يبكي ويتضرّع ويكتب بالقلم على حائط السرداب يطلب من الحاضرين الدعاء لشفائه. فما تمّ ابتهاله وتضرّعه حتى فتح الله تعالى لسانه، وخرج من الناحية المقدّسة بلسان فصيح، وبيان مليح!

وقد أحضره مرافقوه يوم السبت إلى مجلس تدريس جناب سيد الفقهاء العظام الأستاذ الأكبر حجة الاسلام الميرزا محمد حسن الشيرازي متّعنا الله ببقائه، وبعد الحديث المناسب لذلك المقام قرأ عنده تبركاً سورة الحمد المباركة، وكانت القراءة جيّدة جداً بنحو أذعن الحاضرون بصحّتها وحسنها.

وفي ليلتي الأحد والاثنين أضيئت المصابيح ونشرت الزينة في الصحن المطهر ونظم شعراء العرب والعجم مضمون تلك القضية، اثبتنا بعضها في رسالة (جنّة المأوى)(1) والحمد لله وصلى الله على محمد وآله الطاهرين.

____________

1- قال المؤلف رحمه الله في جنّة المأوى، ص 266 ـ 269:

وفي ليلة الأحد والاثنين اجتمع العلماء والفضلاء في الصحن الشريف فرحين مسرورين، وأضاؤوا فضاءه بالمصابيح والقناديل، ونظموا القصّة ونشروها في البلاد، وكان معه من المركب مادح أهل البيت عليهم السلام الفاضل اللبيب الحاج ملاّ عباس الصفّار الزنوزي البغدادي فقال ـ وهو من قصيدة طويلة ورآه مريضاً وصحيحاً ـ:


وفي عامها جئت والزائرينإلى بلدة سرّ من قد رآها
رأيت من الصين فيها فتىًوكان سميّ امام هداها
يشير إذا ما أراد الكلاموللنفس منه... كذا براها
وقد قيّد السقم منه الكلاموأطلق من مقلتيه دماها
فوافا إلى باب سرداب منبه الناس طرّاً ينال مناها
يروم بغير لسان يزوروللنفس منه دهت بعناها
وقد صار يكتب فوق الجدارما فيه للرّوح منه شفاها
أروم الزّيارة بعد الدّعاءممّن رأى أسطري وتلاها
لعلّ لساني يعود الفصيحوعلّي أزور وأدعو الإلها
إذا هو في رجل مقبلتراه ورى البعض من أتقياها

=>