الصفحة 343
الذاتي ولإشارة جدّه الأكبر حضرة المرتضى علي لـ (قطب المدار)، فجعله كاملا مكمّلا، وجاء به إلى أسد الله الغالب وعرضه عليه عندما تمّ الحال من الارشاد بأمل الخلافة ".

وروى الفاضل العارف عبد الرحمن بن احمد الدشتي الجامي المعروف بالملاّ الجامي في (شواهد النبوّة) تفصيل ولادته عليه السلام من حين ظهور أثر الحمل في والدته وسجوده بعد الولادة ونطقه بالآية الشريفة: { وَنُرِيدُ اَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا... الآية } في ذلك الحال، ونزول جبرئيل وملائكة الرحمة وأخذهم ذلك الامام عليه السلام، وكان حين ولادته مقطوع السرة، مختوناً، مكتوباً على ذراعه الأيمن (جاء الحق وزهق الباطل... الآية) وانّه الخليفة بعد الامام الحسن العسكري، وبعث خليفة ذلك الزمان عدّة أشخاص بعد وفاة الامام الحسن العسكري ليتصرّفوا بالبيت وقتل مَنْ فيه، وظهور معجزة صاحب الأمر عليه السلام بغرق اثنين منهما في الماء، ورؤيته في أحسن صورة واقفاً على الماء يصلّي.

ونقل أيضاً خبر السيّدة حكيمة في ولادته وصرّح بأنّه عليه السلام الخليفة والامام الثاني عشر.

ونقل هناك ايضاً حكاية وصول اسماعيل الهرقلي بخدمة الامام عليه السلام بسرّ من رأى في المائة السابعة وشفاء رجله، وهي الحكاية الخامسة، ونقل أيضاً الحكاية التاسعة، وكلّ منهما تصديق لدعوانا.

وروى هناك أيضاً عن آخر قال: بعثني المعتضد مع رجلين، وقال: إنّ الحسن بن علي توفي في سرّ من رأى، فأسرعوا في المسير واهجموا على داره وائتوني برأس كلّ من رأيتموه في بيته.

فذهبنا، ودخلنا داره فرأينا داراً نضرة طيبة كأن البنّاء فرغ من عمارتها الساعة، ورأينا ستراً فيها، فرفعناه، فرأينا سرداباً فنزلنا فيه فرأينا بحراً في أقصاه حصيراً مفروشاً على وجه الماء ورجلا في أحسن صورة واقفاً على ذلك الحصير

الصفحة 344
يصلّي، ولم يلتفت الينا أبداً، فسبقني أحد الرجلين وأراد أن يذهب إليه فغرق في الماء واضطرب فأخذت بيده وخلّصته، وبعده أراد الرجل الآخر أن يذهب إليه أيضاً فغرق وخلّصته، فوقفت حيراناً، وقلت: يا صاحب الدار أطلب المعذرة من الله تعالى ومنك، والله ما عرفت الحال، وإلى أين جئنا، وأتوب إلى الله تعالى مما فعلت، فلم يلتفت إلى ما قلته، فرجعنا وذهبنا إلى المعتضد ونقلنا القصة له، فقال: اكتموا هذا السرّ والّا أمرت بضرب أعناقكم(1).

وقال محمد بن محمد بن محمود الحافظي البخاري المعروف بخواجة محمد پارسا وقد اثنى عليه ثناءاً بليغاً الملاّ الجامي في (نفحات الانساب) في كتاب فصل الخطاب:

" ولمّا زعم أبو عبد الله جعفر بن أبي الحسن علي الهادي رضي الله عنه انّه لا ولد لأخيه أبي محمد الحسن العسكري رضي الله عنه وادّعى انّ أخاه الحسن العسكري رضي الله عنه جعل الامامة فيه سمّي الكذاب، وهو معروف بذلك.

والعقب من ولد جعفر بن علي هذا في علي بن جعفر، وعقب علي هذا في ثلاثة عبد الله وجعفر واسماعيل.

وأبو محمد الحسن العسكري (عليه السلام) ولده م ح م د رضي الله عنهما معلوم عند خاصة أصحابه وثقات أهله "(2).

ثم نقل مختصراً من حديث السيدة حكيمة، وقال في آخره:

" ثمّ قال:(3) يا عمّة اذهبي به إلى امّه، فرددته إلى امّه.

قالت حكيمة: ثم جئت [ من بيتي ](4) إلى أبي محمد الحسن العسكري رضي الله

____________

1- راجع كشف الأستار: ص 55 ـ 56.

2- راجع كشف الأستار: ص 57 و58 ـ وراجع كذلك ينابيع المودّة: ص 386 و387 باختلاف يسير عن الخواجه پارسا.

3- في الترجمة (ثم قال الامام العسكري عليه السلام).

4- سقطت من الترجمة، واثبتت في الينابيع.


الصفحة 345
عنه، فاذا المولود بين يديه في ثياب صفر، وعليه من البهاء والنور ما أخذ بمجامع قلبي، فقلت: يا سيدي هل عندك من علم في هذا المولود المبارك فتلقيه إليّ؟

فقال: يا عمّة هذا المنتظر الذي بشرنا به، فخررت لله تعالى ساجدة شكراً على ذلك.

ثمّ كنت أتردّد إلى أبي محمد الحسن العسكري رضي الله عنه، فلم أره، فقلت له يوماً: يا مولاي ما فعلت(1) بسيّدنا ومنتظرنا؟

قال: استودعناه(2) الذي استودعته أم موسى [ عليهما السلام ] ابنها "(3).

و (ابن عربي) المالكي مع كل ما لديه من نصب وعداوة ضد الاماميّة حتى انّه يقول في مسامرته(4) الرجبيون جمع من أهل الرياضة اكثر كشفهم في شهر رجب يرون الرفضة بصورة الخنزير(5)، فانّه يقول في الباب السادس والستين وثلاثمائة: " واعلموا انّه لابدّ من خروج المهدي عليه السلام، لكن لا يخرج حتى تمتلئ الأرض جوراً وظلماً فيملأها قسطاً وعدلا، ولو لم يبق من ا لدنيا الّا يوم واحد طوّل الله تعالى ذلك اليوم حتى يلي ذلك الخليفة، وهو من عترة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم من ولد فاطمة رضي الله عنها، جدّه الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام ; ووالده الحسن العسكري ابن الامام علي النقي بالنون، ابن الامام محمد التقي بالتاء ابن الامام علي الرضا ابن الامام موسى الكاظم ابن الامام جعفر الصادق ابن الامام محمد الباقر ابن الامام زين العابدين علي بن الامام الحسين ابن الامام علي بن أبي طالب رضي الله عنه... "(6)

____________

1- في الينابيع (ما فعل سيّدنا المنتظر).

2- في الينابيع (استودعناه الله الذي... الخ).

3- راجع كشف الأستار: ص 58 ـ وينابيع المودّة: ص 387 ـ ملحقات احقاق الحق (للسيد المرعشي): ج 13، ص 96 و97.

4- الظاهر من مسامرته كتاب (محاضرة الأبرار ومسامرة الأخيار) المنسوب إلى ابن عربي.

5- راجع تعليقنا المتقدّم حول هذا الموضوع.

6- راجع كشف الأستار: ص 49 - 50 ـ وكتاب اليواقيت والجواهر: ج 2، ص 145.


الصفحة 346
إلى آخر الكلام وهو مفصل في أوصافه وأحواله وخروجه عليه السلام وقد تقدّم في الباب الرابع مع ذكر جماعة آخرين من أهل السنّة يتفقون في هذا الرأي والطريقة مع معاشر الاماميّة.

وأما رابعاً:

فما قاله ابن حجر: " تغيّب شخص هذه المدّة المديدة من خوارق العادات فلو كان هو لكان وصفه صلى الله عليه [ وآله ]وسلّم بذلك أظهر من وصفه بغير ذلك مما مرّ "(1).

فهو واضح البطلان، فالسكوت عن ذكر وصف لحكمة وان كان اولى لا يضرّ بسائر الصفات التي ذكرها وهي تنطبق عليه عليه السلام.

ومن أين يعلم بأن النبي صلى الله عليه وآله وسلّم لم يخبر عن هذه الصفة، فبمجرّد عدم عثوره لا يصح دليلا، فلعلّه صلى الله عليه وآله وسلّم قال ولم ينقل عنه، ومثله كثير من الأشياء التي نتيقّن بأنه صلى الله عليه وآله وسلّم قالها ولم تصل الينا، أو نقلت عنه صلى الله عليه وآله وسلّم ولم تصل إليه. فليس هناك من وقف على كلّ ما نقل عنه صلى الله عليه وآله وسلّم وذلك لكثرة الناقلين، وتفرّق البلاد، واختلاف الميول، أو انّها نقلت عنه صلى الله عليه وآله وسلّم واُخفيت من قبل نفس الأشخاص الذين وضعوا الأخبار عليه صلى الله عليه وآله وسلّم، فكان هدفهم من وضع الأخبار هو حبّهم لشخص، أو بغضهم لآخر، أو لكسب دنيا، أو عداوة دين، أو غير ذلك ممّا يحصل من الأمرين(2).

والحق في الجواب:

انّه أخبر صراحة عن غيبته وقال في ضمن صفات المهدي عليه السلام:

" فغاب عنهم زماناً حتى قيل مات أو هلك... "(3).

____________

1- راجع الصواعق المحرقة (ابن حجر): ص 168.

2- وهما وضع ; واخفاء الأخبار وسترها وعدم اظهارها.

3- راج كمال الدين (الصدوق): ج 2، ص 394، باب 38، ح 4.


الصفحة 347
وقد صرّح في بعض الأخبار انّ له غيبتين احداهما أطول من الأخرى.

وقد أخبر تضمّناً في جملة أخبار متواترة انّ المهدي عليه السلام هو التاسع من ولد الامام الحسين عليه السلام ; فمع ملاحظة ما ورد في كتب الفريقين من انّه عليه السلام يخرج في آخر الزمان ; اضافة إلى انّه لا يراه أحد في الظاهر ; فبعد تعيين النسب والخروج في آخر الزمان يكون قد بيّن بشكل واف عن غيبته.

وأمّا ما قاله هو(1) وغيره، انّ غيبته عليه السلام في هذه المدّة المديدة تعدّ من خوارق العادات، فقد وضح الجواب عنه.

وأمّا ما وعدنا به بذكر بعض أسماء المعمّرين بلا اطالة لرفع استبعاد عوام العامّة، فايفاءاً نقول:

لا يشك احدٌ من أهل الاسلام في وجود الخضر النبي عليه السلام وبقائه من قبل عدّة آلاف من السنين إلى الآن، وقد تكرّر نقله في كتب أهل السنة في أحوال مشايخهم وعرفائهم، انّ فلان التقى بالخضر عليه السلام في المكان الفلاني وأخذ وتعلّم منه، كما قال محيي الدين في الباب الخامس والستين من الفتوحات: " انّ شيخنا أبا العباس العريبي(2) جرت بيني وبينه مسألة... ولم آخذ بالقبول، أعني قوله... فانصرفت عنه... فلقيني شخص... قال لي:... صدق الشيخ أبو العباس فيما ذكره لك عن فلان... ورجعت من حيني إلى الشيخ... قال:... إذا ذكرت لك مسألة يقف خاطرك عن قبولها إلى الخضر يتعرّض اليك... "(3).

____________

1- يقصد به ابن حجر.

2- هكذا في المصدر المطبوع بالطبعة الحديثة... ولكن في الترجمة (العريني) بالنون بدل (العريبي) بالباء.

3- يظهر انّ المؤلف رحمه الله اختصر هذا المقطع اختصاراً شديداً فلزمنا أن ننبه عليه بوضع النقاط لأن ظاهر عبارته انّه ينقل نصّاً، راجع النص بكامله في الفتوحات المكيّة: ط 1، ج 1، ص 186 ـ والفتوحات المكية: ط المجلس الأعلى للثقافة، الهيئة المصرية العامة للكتاب، تحقيق وتقديم د. عثمان يحيى، السفر الثالث، ص 180، رقم الفقرة (149).


الصفحة 348
ونظير هذا كثير في كتب أهل السنة، وأمّا ما نقله الميبدي عن عبد الرزاق الكاشاني انّه قال في الاصطلاحات:

" الخضر: كناية عن البسط.

وإلياس: كناية عن القبض.

وإما كون الخضر عليه السلام شخصاً انسانياً باقياً من زمان موسى عليه السلام إلى هذا العهد، أو روحانياً يتمثل بصورته لمن يرشده فغير محقق عندي "(1).

فهو خلاف الضرورة عند المسلمين.

وروى الشيخ الصدوق بسند معتبر عن الامام الصادق عليه السلام في خبر طويل انّه قال في آخره:

" وأما العبد الصالح ـ أعني الخضر عليه السلام ـ فانّ الله تبارك وتعالى ما طوّل عمره لنبوّة قدرها له، ولا لكتاب ينزله عليه، ولا لشريعة ينسخ بها شريعة مَنْ كان قبله من الأنبياء، ولا لإمامة يلزم عبادة الاقتداء بها، ولا لطاعة يفرضها له ; بل انّ الله تبارك وتعالى لمّا كان في سابق علمه ان يقدّر من عمر القائم عليه السلام في أيام غيبته ما يقدّر، وعلم ما يكون من انكار عباده بمقدار ذلك العمر في الطول، طوّل عمر العبد الصالح في غير سبب (يوجب ذلك الّا لعلّة الاستدلال به على عمر القائم عليه السلام)(2)وليقطع بذلك حجة المعاندين... "(3).

وروى عن الامام الرضا عليه السلام انّه قال: " انّ الخضر عليه السلام شرب من ماء الحياة فهو حيّ لا يموت حتى ينفخ في الصور.

____________

1- راجع كمال الدين عبد الرزاق الكاشاني في (اصطلاحات الصوفية): تحقيق وتعليق د. محمد كمال ابراهيم جعفر، ط مركز تحقيق التراث، ص 160.

2- سقط هذا المقطع من الترجمة.

3- كمال الدين (الصدوق): ج 2، ص 356، ح 53.


الصفحة 349
وانّه ليأتينا(1) فيسلّم فنسمع صوته ولا نرى شخصه.

وانّه ليحضر حيث ما ذكر، فمن ذكره منكم فليسلّم عليه.

وانّه ليحضر الموسم كلّ سنة، فيقضي جميع المناسك، ويقف بعرفة، فيؤمن على دعاء المؤمنين.

وسيؤنس الله به وحشة قائمنا في غيبته، ويصل به وحدته "(2).

فصل: في ذكر جملة من المعمرين


ولا يخفى انّه طبق جملة من الأخبار وكلام المفسّرين والمؤرخين انّه كان سبب طول عمره عليه السلام انّه شرب ماء الحياة، ولكن العلامة الكراچكي قال في كنز الفوائد في مقام ذكر المعمّرين:

الخضر عليه السلام:

" ومن المعمّرين الخضر المتصّل بقاؤه إلى آخر الزمان وما جاء من حديثه: انّ آدم عليه السلام لما حضره الموت جمع بنيه فقال: يا بني انّ الله تبارك وتعالى منزل على أهل الأرض عذاباً فليكن جسدي معكم في المغارة حتى إذا هبطتم فابعثوا بي فادفنوني بأرض الشام فكان جسده معهم فلمّا بعث الله نوحاً ضمّ ذلك الجسد وأرسل الله الطوفان على الأرض فغرقت الأرض زماناً فجاء نوح عليه السلام حتى نزل ببابل وأوصى بنيه الثلاثة وهم سام ويافث وحام أن يذهبوا بجسده إلى المكان الذي أمرهم أن يدفنوه فيه، فقالوا الأرض وحشة لا أنيس بها ولا يهتدي الطريق، ولكن تكف متى يأمن الناس ويكثروا وتأنس البلاد وتجف، فقال لهم: ان آدم قد دعا لله أن يطيل عمر الذي يدفنه إلى يوم القيامة فظل جسد آدم حتى كان الخضر وهو الذي تولى دفنه فأنجز الله تعالى وعده إلى ما شاء الله أن يحيى. وهذا حديث قد رواه مشايخ الدين وثقات المسلمين "(3).

____________

1- في نسخة بدل (ليلقانا).

2- راجع الصدوق (كمال الدين): ج 2، ص 39، ح 4.

3- راجع كنز الفوائد (الكراچكي): ص 248، الطبعة الحجرية.


الصفحة 350

عيسى عليه السلام:

المشهور بين علماء الخاصة والعامة بقاؤه عليه السلام في السماء حيّاً بحياة الأرض، وقد رفع حيّاً إلى السماء، ولم يمت ولا يموت الى آخر الزمان فينزل ويصلّي خلف المهدي صلوات الله عليه، ويكون وزيره.

والأخبار في ذلك كثيرة، وذكرها يوجب الإطناب، وتقدمت بعضها في الباب الثالث في ذكر خصائص الامام المهدي عليه السلام.

اللعين الكافر الدجال:

المشهور بين علماء أهل السنة انّه ابن صياد الذي رآه النبي صلى الله عليه وآله وسلّم وحلف عمر، وقال: والله انّك الدجال، كما صرّح بذلك صاحب الكشف المخفي في مناقب المهدي(1).

ولكن المحدّث المعروف الگنجي الشافعي عدّه من أغلاط المحدّثين في الباب الخامس والعشرين من كتاب البيان في اخبار صاحب الزمان عليه السلام ; وان الذي اختاره هو ما يطابق الحديث الذي ادّعى اتفاق العلماء على صحته، وهو الخبر المسند الذي رواه هناك عن عامر بن شراحيل الشعبي ـ شعب همدان ـ انّه سأل فاطمة بنت قيس اخت الضحاك بن قيس، وكانت من المهاجرات الأول، فقال: حدثيني حديثاً سمعتِهِ من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم لا لسند إلى أحد غيره، فقالت: لئن شئت لأفعلن. فقال لها: أجل حدثيني، فقالت: نكحت ابن المغيرة وهو من خيار شباب

____________

1- الحديث موجود في البيان للگنجي: ص 526، قال: " وأمّا صاحب الكشف المخفي في مناقب المهدي فقد استدلّ على وجود الدجال بحديث ابن الصياد وانّه رآه الرسول صلى الله عليه وآله وسلّم ثمّ نقل تمام الخبر وناقشه، وأمّا الكتاب ومؤلفه فغير معروف حالياً، ولكنّه كان معروفاً عند السيد ابن طاووس ; راجع الذريعة: ج 18، ص 59.


الصفحة 351
قريش يومئذ فأصيب في أول الجهاد مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم فلمّا تأيمت خطبني عبد الرحمن بن عوف في نفر من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم وخطبني رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم على وليه اسامة بن زيد، وكنت قد حدّثتُ انّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم قال: من أحبّني فليحب اسامة فلمّا كلمني رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم فقلت: أمري بيدك فأنكحني من شئت، فقال: انتقلي إلى أم شريك ـ وأم شريك امرأة غنيّة من الأنصار عظيمة النفقة في سبيل الله تنزل عليها الضيفان ـ فقلت: سأفعل، قال: لا تفعلي، ان أم شريك كثيرة الضيفان، فانّي أكره أن يسقط عنك خمارك وينكشف الثوب عن ساقيك فيرى القوم منك بعض ما تكرهين، ولكن انتقلي إلى ابن عمك عبد الله بن عمرو بن أم مكتوم ـ وهورجل من بني فهر من قريش وهو من البطن الذي هي منه ـ فانتقلت إليه فلمّا انقضت عدّتي سمعت نداء المنادي ـ منادي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم ـ ينادي الصلاة جامعة، فخرجت إلى المسجد فصلّيت مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم فلمّا فرغ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم من صلاته جلس على المنبر وهو يضحك، فقال: ليلزم كل انسان مصلاه، ثمّ قال: هل تدرون لِمَ جمعتكم؟ فقالوا: الله ورسوله أعلم، قال: انّي والله ما جمعتكم لرغبة ولا لرهبة ولكن جمعتكم لأن تميماً الداري كان رجلا نصرانياً فجاء فبايع وأسلم وحدّثني حديثاً وافق الذي كنت أحدّثكم عن المسيح الدجال، حدّثني انّه ركب في سفينة بحرية مع ثلاثين رجلا من لخم وجذام فلعب بهم الموج شهراً في البحر ثمّ أرفؤوا إلى جزيرة في البحر حين مغرب الشمس فجلسوا في أقرب السفينة فدخلوا الجزيرة فلقيتهم دابة أهلب كثيرة الشعر لا يدرون ما قُبله من دبره من كثرة الشعر، فقالوا: ويلك ما أنت؟ قالت: أنا الجساسة، قالوا: وما الجساسة؟ قالت: أيها القوم انطلقوا إلى هذا الرجل في الدير فانّه إلى خبركم بالأشواق قال: لما سمت لنا رجلا فرقنا منها أن تكون شيطانة، قال: انطلقنا سراعاً حتى دخلنا الدير، فاذا فيه أعظم انسان رأيناه خلقاً وأشدّه وثاقاً مجموعة يداه إلى عنقه ما بين ركبتيه إلى كعبيه

الصفحة 352
بالحديد، قلنا: ويلك ما أنت؟ قال: قد قدرتم على خبري فأخبروني ما أنتم؟ قلنا: نحن أناس من العرب ركبنا في سفينة بحرية فصادفنا البحر حين اغتلم(1) فلعب بنا الموج شهراً، ثمّ أرفينا إلى جزيرتك هذه فجلسنا في أقربها فدخلنا الجزيرة فلقينا دابة أهلب كثيرة الشعر لا يدرى ما قبله من دبره من كثرة الشعر، فقلنا: ويلك ما أنت؟ فقالت: أنا الجساسة، قلنا: ما الجساسة؟ قالت: اعمدوا إلى هذا الرجل في الدير فانّه إلى خبركم بالأشواق. فأقبلنا اليك سراعاً وفزعنا منها ولم نأمن أن تكون شيطانة، فقال: اخبروني عن نخل ببستان، قلنا: عن أي شأنها تستخبر؟ قال: أسألكم عن نخلها هل يثمر؟ فقلنا له: نعم، قال: أما انّه يوشك أن لا يثمر، قال: اخبروني عن بحيرة الطبرية؟ قلنا: عن أي شأنها تستخبر؟ قال: هل فيها ماء؟ قالوا: هي كثيرة الماء، قال: أما ان ماءها يوشك أن يذهب، قال: اخبروني عن عين زغر(2) قالوا: عن أي شأنها تستخبر؟ قال: هل في العين ماء؟ هل يزرع أهلها بماء العين؟ قلنا له: نعم هي كثيرة الماء وأهلها يزرعون من مائها، قال: أخبروني عن نبي الأميين ما فعل؟ قالوا: هاجر من مكة ونزل يثرب، قال: أقاتله العرب؟ قلنا: نعم، قال: كيف صنع بهم؟ فأخبرناه انّه ظهر على من يليه من العرب فأطاعوه، قال لهم: قد كان ذلك؟ قلنا: نعم، قال: اما ان ذاك خير لهم أن يطيعوه وانّي مخبركم عنّي أنا المسيح الدجال، وانّي أوشك أن يؤذن لي في الخروج فأخرج فأسير في الأرض فلا أدع قرية إلّا هبطتها في أربعين ليلة غير مكة وطيبة هما محرّمتان عليّ كلتاهما، كلما أردت أن أدخل واحداً منهما استقبلني ملك بيده السيف صلتاً يصدّني عنها وانّ على كلّ نقب(3) منها ملائكة يحرسونها، قال:(4) قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم:

____________

1- الغلمة: شهوة الضراب، وغلم البعير: هاج من شدة ذلك واستعماله في البحر من باب الاستعارة أي هاج وجاوز حدّه المعتاد.

2- عين زغر: بزاي وغين وراء معجمتين مهملة، بلدة معروفة في الجانب القبلي من الشام.

3- النقب: الطريق.

4- في الترجمة (قال الراوي).


الصفحة 353
وطعن بمخصرته في المنبر هذه طيبة هذه طيبة هذه طيبة يعني المدينة ألا هل كنت احدّثكم ذلك؟

فقال الناس: نعم، قال: فانّه أعجبني حديث تميم انّه وافق الذي كنت أحدّثكم عنه وعن المدينة ومكة، ألا انّه في بحر الشام أو بحر اليمن لا بل من قبل المشرق ما هو من قبل المشرق ما هو من قبل المشرق ما هو، وأومى بيده إلى المشرق، قال: فحفظت هذا من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم(1).

ونقل البغوي في مصباحه هذا الخبر عن فاطمة بحذف أوّل الخبر وعدّه في الصحاح(2).

ورواه عن فاطمة في اخبار الحسان(3) في حديث تميم الداري، قال: فاذا بامرأة تجرّ شعرها، قال: ما أنت؟ قالت: أنا الجساسة، اذهب إلى ذلك القصر، فأتيته، فاذا رجل يجرّ شعره مسلسل في الأغلال ينزو فيما بين السماء والأرض، فقلت: مَنْ أنت؟ قال: أنا الدجال.

ولا يخفى انّ بقاء الدجال من ذلك التاريخ وحتى ظهور الامام المهدي عليه السلام فانّه أغرب من بقائه عليه السلام من عدّة جهات.

الأولى: انّ حياة شخص مغلول وبتلك الصعوبة في جزيرة لا يعرفها أحد، ولم يطّلع على حاله أحد، بالاضافة إلى انّه لا يتمكّن من أن ينفع أو يضرّ، فهو أعجب من بقاء شخص مختار يسير في الأمصار قادر على ما يريده من أسباب الحياة، وقادر

____________

1- راجع الگنجي الشافعي في (البيان المطبوع مع كفاية الطالب): ص 523 ـ 526.

2- مصابيح السنة (البغوي): ج 3، ص 504، ح 4238 ـ ورواه مسلم في صحيحه: ج 4، ص 2261، ح 2942.

3- مصابيح السنة (البغوي): ج 3، ص 507، ح 4240 ـ ورواه أبو داود في (السنن): ج 4، ص 118، ح 4325.


الصفحة 354
على دفع كلّ ضرر.

الثانية: انّ عمره بحسب هذا الخبر وباقي الأخبار هو أزيد من عمره عليه السلام، بل ان ظاهر الخبر يدل على انّه كان قبل مدّة من بعثة النبي الخاتم صلى الله عليه وآله وسلّم.

الثالثة: انّ الدجال كافر مشرك بل يدعي الربوبية ويضلّ العباد، بل انّه جاء في كثير من أخبار الفريقين انّه ما بعث نبي الّا خوّف أمّته من فتنة الدجال، فبقاء مثل هذا الشخص وانّه يرزق بطرق غير عادية أغرب بكثير من بقاء شخص بشّر بوجوده جميع الأنبياء، وكانوا ينتظرون ظهوره ليملأ الدنيا قسطاً وعدلا، ويقلع جذور وأساس الكفر والشرك والنفاق، ويدعوا الخلق للاقرار بوحدانية الله عزوجل وهو ما لم يتهيّأ لكلّ نبي ووصي... فهو أولى بالتغذية من خزانة الغيب ـ على فرض صحة نسبة أهل السنة إلى الاماميّة بأنه عليه السلام مستقر في السرداب في سرّ من رأى، كما صرّح بذلك الگنجي الشافعي فهو مع انصافه قد خدع بخدع سلفه لعدم اطلاعه على كتب الاماميّة ـ.

انّه ثبت انّ بقاء عيسى عليه السلام والدجال انما هو تبعاً لبقائه عليه السلام، وبقاء الاثنين فرع لوجوده المبارك، فانّ الحكمة من بقاء عيسى لايمان أهل الكتاب بخاتم النبيين صلى الله عليه وآله وسلّم والتصديق به كما اُشير إليه في الآية الشريفة: { وَاِنْ مِنْ اَهْلِ الْكِتَابِ اِلاَّ لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ }(1)، وللتصديق بدعوى الحجة عليه السلام، وتبيانه للطاغين باتباعه، والصلاة خلفه ; فمن غير الجائز وجود عيسى وبقائه بدون أن ينصر الاسلام ويصدق الامام ويتّبعه، والّا فسوف يكون مستقلا بنفسه إلى الدعوة والدولة، وهذا ما ينافي دعوة الاسلام، فلزم أن لا يكون لعيسى إلّا النصرة والاعانة والتصديق ولا أثر من بقائه إلّا ذلك، وهذا عين فرعية وجوده وتبعيّته للامام المهدي عليه السلام.

____________

1- الآية 159 من سورة النساء.


الصفحة 355
وكيف يصح بقاء الفرع بدون بقاء الأصل، والتابع بدون المتبوع؟!

والحكمة من بقاء الدجال ـ الذي ليس في وجوده إلّا الفتنة والفساد ـ ابتلاء وامتحان الله عزّوجلّ الخلائق ليميز مطيعهم من عاصيهم، ومحسنهم من مسيئهم، ومصلحهم من مفسدهم، وهذا هو فرع وجود مَنْ تتعلّق الطاعة والعصيان والصلاح بأمره ونهيه وفعله وتركه، وليس هو إلّا المهدي عليه السلام الذي لا يكون أحد غيره آية لنبوّة جدّه صلى الله عليه وآله وسلّم.

فكيف يمكن بقاء هذين الفرعين والتصديق بهما، ويستبعد بقاء الأصل الذي تمام وجوده رحمة ولطف وخير وبركة؟!

الياس النبي (عليه السلام):

روى الثعالبي في عرائس التيجان(1) باسناده عن رجل من أهل عسقلان: انّه كان يمشي بالأردن عند نصف النهار فرأى رجلا، فقال: يا عبد الله من أنت؟ فقال: أنا الياس، قال: فوقعت عليّ رعدة شديدة، فقلت له: ادع الله أن يرفع عنّي ما أجد حتى أفهم حديثك وأعقل عنك.

قال: فدعا لي بثمان دعوات وهنّ: يا برّ يا رحيم، يا حنان يا منان، يا حيّ يا قيوم، ودعوتين بالسريانيّة لم أفهمهما، وقيل هما: باهيا شراهيا، فرفع الله عني ما كنت أجد، ووضع كفّه بين كتفي، فوجدت بردها بين يديّ، وقلت له: أيوحى اليك اليوم؟ فقال: منذُ بعث محمد صلى الله عليه وآله وسلّم رسولا فانه لا يوحى إليّ. قال: فقلت له: فكم من الأنبياء اليوم أحياء؟ قال: أربعة: اثنان في الأرض واثنان في السماء، أما اللذان في السماء فعيسى وادريس عليهما السلام. وأما اللذان في الأرض فالياس والخضر عليهما السلام، قلت: كم الأبدال؟ قال: ستون رجلا: خمسون منهم من

____________

1- المطبوع تحت عنوان (عرائس المجالس).


الصفحة 356
لدن عريش مصر إلى شاطئ الفرات، ورجلان بالصيصة ورجل بعسقلان وسبعة في سائر البلدان، كلما أذهب الله واحداً منهم جاء بآخر مكانه، وبهم يدفع الله عن الناس البلاء وبهم يُمطرون، قلت: فالخضر أين يكون؟ قال في جزائر البحر. فقلت: هل تلقاه؟ قال: نعم، قلت: أين؟ قال: بالموسم، قلت: فما يكون حديثكما؟ قال: يأخذ من شَعْري وآخذ من شعره. قال: وكان ذلك حين جرى بين مروان بن الحكم وبين أهل الشام القتال، قلت: فما تقول في مروان بن الحكم؟ قال: رجل جبار عات على الله تعالى، والقاتل والمقتول والشاهد في النار. قلت: فانّي قد شهدت ولم أطعن برمح ولا رميت بسهم ولم أضرب بسيف وأنا أستغفر الله من ذلك المقام أن أعود إلى مثله أبداً، قال: أحسنت فهكذا فكن. قال: فبينما أنا وإياه قاعدان إذ وضع بين يديه رغيفان أشد بياضاً من الثلج، فأكلت أنا وهو رغيفاً وبعض الآخر، ثم رفعت رأسي وقد رُفع باقي الرغيف الآخر، فما رأيت أحداً وضعه ولا رأيت أحداً رفعه، قال: وله ناقة ترعَى في وادي الاُردن فرفع رأسه إليها، فلمّا دعاها جاءت وبركت بين يديه فركبها، فقلت له: انّي أريد أن أصحبك، قال: انّك لا تقدر على صحبتي، قال: فقلت له: انّي خلو لا زوجة لي ولا عيال، قال: تزوّج، وإياك والنساء الأربع، الناشزة، والمختلعة، والملاعنة، والبَرْزة، وتزوج ما بدا لك من النساء، قال: فقلت: انّي أحبّ أن ألقاك، قال: فاذا رأيتني فقد لقيتني انّي اعتكف في بيت المقدّس في شهر رمضان، ثم حالت بيني وبينه شجرة، فو الله ما أدري كيف ذهب(1).

وقد نقلنا هذا الخبر مع عدم اطمئناننا بصدقه ليظهر عدم انصاف اهل السنة حيث ينقلون هذا النوع من الأخبار، ولا يستبعدونه ولا يطعنون في راويه، مع انّ ما ندّعيه نحن في حقّ امام العصر عليه السلام من بقائه واختفائه واغاثته وسيره في البراري والبحار وغير ذلك مما يقولونه هم في حق الخضر وإلياس، ولكنّهم يستبعدونه

____________

1- عرائس المجالس (الثعلبي): ص 260 ـ 261.


الصفحة 357
ويستغربونه وينفون الحكمة فيه، وقد يعبرون عنه احياناً بالامام المعدوم، نعوذ بالله من الخذلان والشقاء.

سلمان الفارسي المحمدي رضي الله تعالى عنه:

قال السيد المرتضى في الشافي: وروى اصحاب الأخبار انّ سلمان الفارسي عاش ثلاثمائة وخمسين سنة.

وقال بعضهم: بل عاش اكثر من اربعمائة سنة.

وقيل: انّه أدرك عيسى عليه السلام(1).

وقال الشيخ الطوسي في كتاب الغيبة:

" وروى اصحاب الأخبار انّ سلمان رضي الله عنه لقي عيسى بن مريم عليه السلام، وبقي إلى زمان نبيّنا صلى الله عليه وآله وسلّم و (وهو) خبر مشهور "(2).

وعليه يكون قد تجاوز الخمسمائة.

وروى الحضيني انّه عندما أسلم سلمان أقبل المسلمون يهنّون النبي صلى الله عليه وآله وسلّم، فقال صلى الله عليه وآله وسلّم: أتهنّون سلماناً بالاسلام وهو يدعو بني اسرائيل بالله منذ اربعمائة سنة وخمسين سنة...(3) وفي خبر آخر انّه قال صلى الله عليه وآله وسلّم لزوجاته: سلمان عيني الناظرة، ولا تظنّون انّه كمن ترون من الرجال، انّ سلمان كان يدعو إلى الله تعالى وإليّ قبل مبعثي بأربعمائة وخمسين سنة...(4)

____________

1- راجع نفس الرحمن (للمؤلف رحمه الله) ص 164، الطبعة الحجرية.

2- راجع الطوسي (الغيبة): ص 113، الطبعة المحققة.

3- راجع نفس الرحمن (المؤلف رحمه الله): ص 22، الطبعة الحجرية.

4- نفس الرحمن (المؤلف رحمه الله): ص 164، الطبعة الحجرية ـ وذكره في نفس الرحمن: ص 142، الطبعة الحجرية.


الصفحة 358

الشيخ صاحب حديث القلاقل:

وروى العالم الجليل السيد علي ابن عبد الحميد النيلي في (الأنوار المضيئة) عن جدّه باسناده(1) إلى الرئيس ابي الحسن الكاتب البصري وكان من الأدباء قال: في سنة اثنتين وتسعين وثلاثمائة أسنت البر سنين عدّة، وبعثت السماء درّها، وخص الحيا أكناف البصرة وتسامع العرب بذلك فوردوها من الأقطار البعيدة والبلاد الشاسعة(2) على اختلاف لغاتهم وتبائن فطرهم، فخرجت مع جماعة من الكتّاب ووجوه التجار نتصفّح أحوالهم ولغاتهم ونلتمس فائدة ربما وجدناها عند أحدهم، فارتفع لنا بيت عال فقصدناه فوجدنا في كسره شيخاً جالساً قد سقط حاجباه على عينيه [ كبراً وحوله جماعة من عبيده وأصحابه ]وسلّمنا عليه فردّ التحيّة وأحسن التلقية، فقال له رجل منّا: هذا السيد ـ وأشار إلي ـ هو الناظر في معاملة الدرب وهو من الفصحاء وأولاد العرب، وكذلك الجماعة ما منهم الّا من ينسب إلى قبيلة ويختص بسداد وفصاحة، وقد خرج وخرجنا معه حتى(3) وردتم ملتمس الفائدة المستطرفة من أحدكم، وحين شاهدنا رجونا ما نبغيه عندك لعلوّ سنك.

فقال الشيخ: والله يا بني أخي حياكم الله انّ الدنيا شغلتنا عمّا تبتغونه منّي، فان أردتم الفائدة فاطلبوها عند أبي وها بيته وأشار إلى خباء كبير بازائه.

[ فقلنا النظر إلى مثل والد هذا الشيخ الهم(4) فائدة نتعجل ] فقصدنا ذلك البيت فوجدنا في كسره شيخاً متضجعاً وحوله من الخدم والأمر أوفى مما شاهدناه أولا

____________

1- ولكن في المصدر المطبوع (روى الجد السعيد عبد الحميد يرفعه إلى الرئيس أبي الحسن الكاتب المصري).

2- الشاسعة: البعيدة.

3- في (ب) والبحار: حين وردتم نلتمس. وحين شاهدناك. في البحار: تبغونه.

4- الهم بكسر الهاء: الشيخ الفاني والانثى همة، وما بين القوسين ليس في البحار.